فصل: تفسير الآيات (38- 43):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (38- 43):

{رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ربنا إنك تعلم ما نخفي} من حب إسماعيل وأمه {وما نعلن} قال: وما نظهر من الجفاء لهما.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق} قال: هذا بعد ذاك بحين.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} قال: فلن يزال من ذرية إبراهيم عليه السلام ناس على الفطرة يعبدون الله تعالى حتى تقوم الساعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال: ما يسرني بنصيبي من دعوة نوح وإبراهيم للمؤمنين والمؤمنات حمر النعم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق، عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله: {ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون} قال: هي تعزية للمظلوم ووعيد للظالم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم لا يولد له ولد، فكان يخرج... فإذا رأى غلاماً من غلمان بني إسرائيل عليه حلى، يخدعه حتى يدخله فيقتله ويلقيه في مطمورة له. فبينما هو كذلك، إذ لقي غلامين أخوين عليهما حلى لهما فأدخلهما فقتلهما وطرحهما في مطمورة له، وكانت له امرأة مسلمة تنهاه عن ذلك فتقول له: إني أحذرك النقمة من الله تعالى. وكان يقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا. فتقول إن صاعك لم يمتلئ بعد، ولو قد امتلأ صاعك أُخِذْت. فلما قتل الغلامين الأخوين، خرج أبوهما يطلبهما فلم يجد أحداً يخبره عنهما، فأتى نبياً من أنبياء بني إسرائيل فذكر ذلك له، فقال له النبي عليه السلام: هل كانت لهما لعبة يلعبان بها؟ قال: نعم... كان لهما جرْوٌ، فأتى بالجرو فوضع النبي عليه السلام خاتمه بين عينيه، ثم خلى سبيله وقال له: أول دار يدخلها من بني إسرائيل فيها تبيان، فأقبل الجرو يتخلل الدور به حتى دخل داراً، فدخلوا خلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مع غلام قد قتله وطرحهم في المطمورة، فانطلقوا به إلى النبي عليه السلام فأمر به أن يصلب. فلما وضع على خشبته أتته امرأته فقالت: يا فلان، قد كنت أحذرك هذا اليوم وأخبرك أن الله تعالى غير تاركك، وأنت تقول: لو أن الله آخذني على شيء آخذني يوم فعلت كذا وكذا، فأخبرتك أن صاعك بعد لم يمتلئ.
.. ألا وإن صاعك هذا... ألا وأن امتلأ.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} قال: شخصت فيه والله أبصارهم، فلا ترتد إليهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مهطعين} قال: يعني بالاهطاع النظر من غير أن تطرف {مقنعي رؤوسهم} قال: الاقناع رفع رؤوسهم {لا يرتد إليهم طرفهم} قال: شاخصة أبصارهم {وأفئدتهم هواء} ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه {مهطعين} قال: مديمي النظر.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة {مُهْطِعِين} قال: مسرعين.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {مُهْطِعِين} ما المهطع؟ قال: الناظر. قال فيه الشاعر:
إذا دعانا فأهطعنا لدعوته ** داع سميع فلفونا وساقونا

قال: فأخبرني عن قوله: {مقنعي رؤوسهم} ما المقنع؟ قال: الرافع رأسه. قال فيه كعب بن زهير:
هجان وحمر مقنعات رؤوسها ** وأصفر مشمول من الزهر فاقع

وأخرج ابن الأنباري عن تميم بن حذام رضي الله عنه في قوله: {مهطعين} قال: هو التجميح، والعرب تقول للرجل إذا قبض ما بين عينيه: لقد جمح.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {مقنعي رؤوسهم} قال: رافعي رؤوسهم، يجيئون وهم ينظرون {لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} تمور في أجوافهم إلى حلوقهم، ليس لها مكان تستقر فيه.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأفئدتهم هواء} قال: ليس فيها شيء، خرجت من صدورهم فشبت في حلوقهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مرة رضي الله عنه {وأفئدتهم هواء} قال: متخرقة لا تعي شيئاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال: يحشر الناس هكذا، ووضع رأسه وأمسك بيمينه على شماله عند صدره.

.تفسير الآيات (44- 49):

{وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} يقول: أنذرهم في الدنيا من قبل أن يأتيهم العذاب.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب} قال: يوم القيامة {فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب} قال: مدة يعملون فيها من الدنيا {أو لم تكونوا أقسمتم من قبل} لقوله: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [ النحل: 38] {ما لكم من زوال} قال: الانتقال من الدنيا إلى الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: بلغني أن أهل النار ينادون {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل} فرد عليهم {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} إلى قوله: {لتزول منه الجبال}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {ما لكم من زوال} عما أنتم فيه إلى ما تقولون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ما لكم من زوال} قال: بعث بعد الموت.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال: سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود. وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم {وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال} قال: قد والله بعث الله رسله وأنزل كتبه وضرب لكم الأمثال فلا يصم فيها إلا الأصمّ ولا يخيب فيها إلا الخائب، فاعقلوا عن الله أمره.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} قال: عملتم بمثل أعمالهم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وضربنا لكم الأمثال} قال: الأشباه.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وإن كان مكرهم} يقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال.
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف، عن الحسن رضي الله عنه قال: أربعة أحرف في القرآن {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ما مكرهم وقوله: {لتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين} [ الأنبياء: 17] ما كنا فاعلين. وقوله: {إن كان للرحمن ولد} ما كان للرحمن من ولد وقوله: {ولقد مكناهم في ما إن مكناهم فيه} ما مكناكم فيه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإن كان مكرهم} يقول شركهم. كقوله: {تكاد السموات يتفطرن منه} [ مريم: 90].
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: هو كقوله: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً. لقد جئتم شيئاً إذًّا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا} [ مريم: 88-90].
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه، أن الحسن كان يقول: كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال، يصفهم بذلك. قال قتادة رضي الله عنه: وفي مصحف عبد الله بن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكان قتادة رضي الله عنه يقول عند ذلك {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا} أي لكلامهم ذلك.
وأخرج ابن حميد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر: كان يقرأ {وإن كان مكرهم} بالنون {لتزول} برفع اللام الثانية وفتح الأولى.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف، عن عمر بن الخطاب أنه قرأ {وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال} يعني بالدال.
وأخرج ابن المنذر وابن الأنباري، عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ {وإن كان مكرهم}
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب، أنه قرأ {وإن كان مكرهم}.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس، أنه قرأ {وإن كاد مكرهم}. قال: وتفسيره عنده {تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال} هذا {أن دعوا للرحمن ولداً} [ مريم: 91].
وأخرج ابن جرير عن مجاهد، أنه كان يقرأ {لتزول} بفتح اللام الأولى، ورفع الثانية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} ثم فسرها فقال: إن جباراً من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى ما في السماء، فأمر بفراخ النسور تعلف اللحم حتى شبت وغلظت، وأمر بتابوت فنجر يسع رجلين، ثم جعل في وسطه خشبة، ثم ربط أرجلهن بأوتاد، ثم جوَّعهن، ثم جعل على رأس الخشبة لحماً ثم دخل هو وصاحبه في التابوت، ثم ربطهن إلى قوائم التابوت، ثم خلى عنهن يردهن اللحم، فذهبن به ما شاء الله تعالى. ثم قال لصاحبه: افتح فانظر ماذا ترى. ففتح فقال: أنظر إلى الجبال.... كأنها الذباب.. ! قال: أغلق. فأغلق، فطرن به ما شاء الله، ثم قال: افتح... ففتح. فقال: انظر ماذا ترى. فقال: ما أرى إلا السماء، وما أراها تزداد إلا بعداً. قال: صوّب الخشبة. فصوّبها فانقضت تريد اللحم، فسمع الجبال هدتها فكادت تزول عن مراتبها.
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أخذ الذي حاجَّ إبراهيم عليه السلام في ربه نسرين صغيرين، فربّاهما حتى استغلظا واستعلجا وشبّا، فأوثق رجل كل واحد منهما بوتر إلى تابوت. وجوّعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت، ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم فطارا وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى كذا وكذا.
حتى قال: أرى الدنيا كأنها ذباب. قال: صوّب العصا. فَصَوَّبَها فهبطا. قال: فهو قول الله تعالى {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وكذلك هي في قراءة ابن مسعود {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه، أن بخت نصر جوّع نسوراً، ثم جعل عليهن تابوتاً، ثم دخله وجعل رماحاً في أطرافها واللحم فوقها، فَعَلَتْ تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها، فنودي: أيها الطاغية، أين تريد؟ ففرق، ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح فقوضت النسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول من حسّ ذلك. فذلك قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} كذا قرأها مجاهد.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال: إن نمرود صاحب النسور لعنه الله، أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلاً، ثم أمر بالنسور فاحتمل، فلما صعد قال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: أرى الماء وجزيرة- يعني الدنيا- ثم صعد فقال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: ما نزداد من السماء إلا بعداً. قال: اهبط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة، أن جبّاراً من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أنظر إلى من في السماء. فسلط عليه أضعف خلقه، فدخلت بعوضة في أنفه فأخذه الموت، فقال: اضربوا رأسي. فضربوه حتى نثروا دماغه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم، عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} قال: انطلق ناس وأخذوا هذه النسور، فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء، فرأتها الجبال فظنت أنه شيء نزل من المساء، فتحركت لذلك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: أمر الذي حاجّ إبراهيم في ربه بإبراهيم، فأخرج من مدينته فلقي لوطاً على باب المدينة وهو ابن أخيه، فدعاه فآمن به وقال: إني مهاجر إلى ربي. وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم، فأخذ أربعة فراخ من فراخ النسور، فربّاهن بالخبز واللحم... حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن، قرنهنّ بتابوت وقعد في ذلك التابوت، ثم رفع رجلاً من لحم لهن، فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض وإلى الجبال تدب كدبيب النمل، ثم رفع لهن اللحم ثم نظر، فرأى الأرض محيطاً بها بحر كأنها فلكة في ماء، ثم رفع طويلاً فوقع في ظلمة، فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته، فألقى اللحم فأتبعته منقضات، فلما نظرت الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعت حفيفهن، فزعت الجبال وكادت أن تزول من أمكنتها، ولم يفعلن.
فذلك قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وهي في قراءة عبد الله بن مسعود {وإن كاد مكرهم} فكان طيورهن به من بيت المقدس، ووقوعهن في جبال الدخان. فلما رأى أنه لا يطيق شيئاً، أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء، ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم، فأحدث ولم يكن يحدث، وأخذ الله بنيانه من القواعد {فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} [ النحل: 26] يقول: من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح، فانتقض بهم.... وسقط فتبلبلت ألسنة الناس يومئذ من الفزع، فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً، فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن الله عزيز ذو انتقام} قال: عزيز والله في أمره يملي وكيده متين، ثم إذا انتقم انتقم بقدره.
وأخرج مسلم وابن جرير والحاكم والبيهقي في الدلائل، عن ثوبان رضي الله عنه قال: جاء حبر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم في الظلمة دون الجسر».
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قلت: أين الناس يومئذ؟ قال على الصراط».
وأخرج البزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: «أرض بيضاء كأنها فضة، لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة، والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: تبدل الأرض أرضاً بيضاء، كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة. قال البيهقي: الموقوف أصح.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن زيد بن ثابت قال: أتى اليهود النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه فقال: «جاؤوني... سأخبرهم قبل أن يسألوني {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: أرض بيضاء كالفضة، فسألهم فقالوا: أرض بيضاء كالنقي».
وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال: «أرض بيضاء، لم يعمل عليها خطيئة ولم يسفك عليها دم».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن أنس بن مالك أنه تلا هذه الآية {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} قال: يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة، لم يعمل عليها الخطايا، ثم ينزل الجبار عز وجل عليها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علي بن أبي طالب في الآية قال: تبدل الأرض من فضة والسماء من ذهب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} زعم أنها تكون فضة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال: أرض كأنها فضة والسماوات كذلك.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال: يزاد فيها وينقص منها، وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وما فيها، وتمد مدّ الأديم العكاظي، أرض بيضاء مثل الفضة، لم يسفك فيها دم ولم يعمل عليها خطيئة، والسموات تذهب شمسها وقمرها ونجومها.
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه، عن سهل بن سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة نقي ليس فيها معلم لأحد».
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفرة، نزلاً لأهل الجنة. قال: فأتاه رجل من اليهود فقال: بارك الله عليك أبا القاسم... ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: تكون الأرض خبزة واحدة يوم القيامة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: بلى. قال: إدامهم ثور. قالوا: ما هذا؟ قال هذا ثور بالأم، يأكل من زيادة كبدها سبعون ألفاً».
وأخرج ابن مردويه عن أفلح مولى أبي أيوب رضي الله عنه، «أن رجلاً من يهود سأل النبي صلى الله عليه وسلم {يوم تبدل الأرض غير الأرض} ما الذي تبدل به؟ فقال: خبزة. فقال اليهودي: درمكة بأبي أنت. قال: فضحك ثم قال: قاتل الله يهود، هل تدرون ما الدرمكة؟ لباب الخبز».
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: تبدل الأرض خبزة بيضاء، يأكل المؤمن ومن تحت قدميه.
وأخرج البيهقي في البعث عن عكرمة رضي الله عنه قال: تبدل الأرض بيضاء مثل الخبزة، يأكل منها أهل الإسلام حتى يفرغوا من الحساب.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: خبز يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل، عن أبي أيوب الأنصاري قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود وقال: أرأيت إذ يقول الله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} فأين الخلق عند ذلك؟ قال: أضياف الله، لن يعجزهم ما لديه».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية. قال: بلغنا أن هذه الأرض تطوى وإلى جنبها أخرى، يحشر الناس منها إليها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن أبي بن كعب في الآية قال: تغير السموات جناناً ويصير مكان البحر ناراً، وتبدل الأرض غيرها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: الأرض كلها نار يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} الآية. قال: هذا يوم القيامة، خلق سوى الخلق الأوّل.
وأخرج البخاري في تاريخه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: «أين الأرض يوم القيامة؟ قال: هي رخام من الجنة».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {مقرنين في الأصفاد} قال: الكبول.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {مقرنين في الأصفاد} قال: في القيود والاغلال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {في الأصفاد} قال: في السلاسل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {في الأصفاد} يقول: في وثاق.