فصل: تفسير الآيات (15- 17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (15- 17):

{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة: المعتوه والأصم والأبكم والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام، ثم أرسل إليهم رسولاً أن ادخلوا النار، فيقولون كيف؟ ولم تأتنا رسل! قال: وايم الله، لو دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً، ثم يرسل إليهم، فيطيعه من كان يريد أن يطيعه. قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرأوا إن شئتم {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.
وأخرج إسحاق بن راهويه وأحمد وابن حبان وأبو نعيم في المعرفة والطبراني وابن مردويه والبيهقي في كتاب الاعتقاد، عن الأسود بن سريع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفطرة، فأما الأصم، فيقول: رب، لقد جاء الإسلام، وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق، فيقول: رب، جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفطرة فيقول: رب، ما آتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، ويرسل إليهم رسولاً أن ادخلوا النار. قال: فوالذي نفس محمد بيده، لو دخلوها كانت عليهم برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها سحب إليها».
وأخرج ابن راهويه وأحمد وابن مردويه والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه مثله، غير أنه قال في آخره: فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها سحب إليها.
وأخرج قاسم بن أصبغ والبزار وأبو يعلى وابن عبد البر في التمهيد، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى يوم القيامة بأربعة: بالمولود والمعتوه ومن مات في الفترة والشيخ الهرم الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الرب تبارك وتعالى: لعنق من جهنم أبرزي، ويقول لكم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلاً من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم. فيقول لهم: ادخلوا هذه، فيقول: من كتب عليه الشقاء يا رب؟ أندخلها ومنها كنا نفر؟! قال: وأما من كتب له السعادة فيمضي فيها، فيقول الرب: قد عاينتموني فعصيتموني، فأنتم لرسلي أشد تكذيباً ومعصية، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار».
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني وأبو نعيم، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يؤتى يوم القيامة بالممسوخ عقلاً، وبالهالك في الفترة، وبالهالك صغيراً، فيقول الممسوخ عقلاً: يا رب، لو آتيتني عقلاً ما كان من آتيته عقلاً بأسعد بعقله مني، ويقول الهالك في الفترة رب لو أتاني منك عهد ما كان من أتاه منك عهد بأسعد بعهدك مني، ويقول الهالك صغيراً: يا رب، لو آتيتني عمراً ما كان من أتيته عمراً بأسعد بعمره مني، فيقول الرب:- تبارك وتعالى- فإني آمركم بأمر أفتطيعوني؟ فيقولون: نعم وعزتك، فيقول لهم: اذهبوا فادخلوا جهنم، ولو دخلوها ما ضرتهم شيئاً، فخرج عليهم قوابص من نار يظنون أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيء، فيرجعون سراعاً ويقولون: يا ربنا، خرجنا وعزتك نريد دخولها، فخرجت علينا قوابص من نار، ظننا أن قد أهلكت ما خلق الله من شيء، ثم يأمرهم ثانية، فيرجعون كذلك ويقولون: كذلك، فيقول الرب: خلقتكم على علمي، وإلى علمي تصيرون، ضميهم، فتأخذهم النار».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي صالح رضي الله عنه قال: يحاسب يوم القيامة الذين أرسل إليهم الرسل، فيدخل الله الجنة من أطاعه، ويدخل النار من عصاه، ويبقى قوم من الولدان والذين هلكوا في الفترة، فيقول: وإني آمركم أن تدخلوا هذه النار، فيخرج لهم عنق منها، فمن دخلها كانت نجاته، ومن نكص فلم يدخلها كانت هلكته.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه: «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أتاه رجل فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغاراً؟ فوضع رأسه ساعة ثم قال: أين السائل؟ فقال: ها أنا يا رسول الله، فقال: إن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين أهل الجنة والنار لم يبق غيرهم عجّوا، فقالوا: اللهم ربنا، لم تأتنا رسلك ولم نعلم شيئاً، فأرسل إليهم ملكاً، والله أعلم بما كانوا عاملين، فقال: إني رسول ربكم إليكم، فانطلقوا فاتبعوا حتى أتوا النار، فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا فيها، فاقتحمت طائفة منهم، ثم أخرجوا من حيث لا يشعر أصحابهم، فجعلوا في السابقين المقربين، ثم جاءهم الرسول فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار، فاقتحمت طائفة أخرى، ثم خرجوا من حيث لا يشعرون، فجعلوا في أصحاب اليمين، ثم جاء الرسول فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار، فقالوا: ربنا، لا طاقة لنا بعذابك، فأمر بهم، فجمعت نواصيهم وأقدامهم ثم ألقوا في النار والله أعلم».
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أمرنا مترفيها} قال أمروا بالطاعة فعصوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول؛ في قوله: {وإذا أردنا أن نهلك قرية} الآية. قال: {أمرنا مترفيها} بحق، فخالفوه، فحق عليهم بذلك التدمير.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} قال: سلطنا شرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك، أهلكناهم بالعذاب.
وهو قوله: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها} [ الأنعام: 123].
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله وجل: {أمرنا مترفيها} قال: سلطنا عليهم الجبابرة فساموهم سوء العذاب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
إن يعطبوا يبرموا وإن أمروا ** يوماً يصيروا للهلك والفقد

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي العالية رضي الله عنه- كان يقرأ {أمرنا مترفيها} مثقلة. يقول: أمرنا عليهم أمراء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قرأ {آمرنا مترفيها} يعني بالمد. قال: أكثرنا فساقها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ {أمرنا مترفيها} قال: أكثرناهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه {أمرنا مترفيها} قال: أكثرنا.
وأخرج البخاري وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية قد أمروا بني فلان.

.تفسير الآيات (18- 21):

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {من كان يريد العاجلة} قال: من كان يريد بعمله الدنيا، {عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} ذاك به.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {من كان يريد العاجلة} قال: من كانت همه ورغبته وطلبته ونيته عجل الله له فيها ما يشاء، ثم اضطره إلى جهنم {يصلاها مذموماً} في نقمة الله {مدحوراً} في عذاب الله. وفي قوله: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك سعيهم مشكوراً} قال: شكر الله له اليسير، وتجاوز عنه الكثير وفي قوله: {كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك} أي: أن الله قسم الدنيا بين البر والفاجر، والآخرة: خصوصاً عند ربك للمتقين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {كلاً نمد} الآية. قال: كلاً نرزق في الدنيا البر والفاجر.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله: {كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء} يقول: نمد الكفار والمؤمنين {من عطاء ربك} يقول: من الرزق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {كلاً نمد} الآية قال: نرزق من أراد الدنيا، ونرزق من أراد الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء} قال: هؤلاء أصحاب الدنيا، وهؤلاء أصحاب الآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء} هؤلاء أهل الدنيا، وهؤلاء أهل الآخرة {وما كان عطاء ربك محظوراً} قال ممنوعاً.
واخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {محظوراً} قال ممنوعاً.
وأخرج ابن جرير وأبن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض} أي في الدنيا: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً} وإن للمؤمنين في الجنة منازل وإن لهم فضائل بأعمالهم. وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين أعلى أهل الجنة وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً} قال: إن أهل الجنة بعضهم فوق بعض درجات، الأعلى يرى فضله على من هو أسفل منه، والأسفل لا يرى أن فوقه أحداً.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، عن سلمان رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا درجة فارتفع، إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول» ثم قرأ {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً}.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وهناد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لا يصيب عبد من الدنيا شيئاً، إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان على الله كريماً.

.تفسير الآية رقم (22):

{لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {مذموماً} يقول ملوماً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فتقعد مذموماً} يقول: في نقمة الله {مخذولاً} في عذاب الله.

.تفسير الآيات (23- 25):

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)}
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقضى ربك أَلاَّ تعبدوا إلا إياه} قال: التزقت الواو بالصاد، وأنتم تقرؤونها {وقضى ربك}.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم- صلى الله عليه وسلم- {ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه} فالتصقت إحدى الواوين بالصاْد، فقرأ الناس {وقضى ربك} ولو نزلت على القضاء، ما أشرك به أحد.
وأخرج الطبراني، عن الأعمش قال: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ {ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه}.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه أنه قرأها {ووصى ربك} قال: إنهم ألصقوا إحدى الواوين بالصاد فصارت قافاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقضى ربك} قال: أمر.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} قال: عهد ربك ألا تعبدوا إلا إياه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وبالوالدين إحساناً} يقول: براً.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف} فيما تميط عنهما من الأذى الخلاء والبول، كما كانا لا يقولانه، فيما كانا يميطان عنك من الخلا والبول.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في الآية قال: {لا تقل لهما أف} فما سواه.
وأخرج الديلمي، عن الحسن بن علي- رضي الله عنهما- مرفوعاً، لو علم الله شيئاً من العقوق أدنى من {أف} لَحَرَّمَهُ.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عروة رضي الله عنه في قوله: {وقل لهما قولاً كريماً} قال: لا تمنعهما شيئاً أرادا.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل ما برّ الوالدين؟ قال: أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك به، إلا أن يكون معصية.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الحسن رضي الله عنه أنه قيل له: إلام ينتهي العقوق؟ قال: أن يحرمهما ويهجرهما ويحد النظر إلى وجههما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنهما في قوله: {وقل لهما قولاً كريماً} قال: يقول: يا أبت، يا أمه، ولا يسميهما بأسمائهما.
وأخرج ابن مردويه، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: «أتى رجل رسول الله- صلى الله عليه وسلم ومعه شيخ فقال:من هذا معك؟ قال: أبي. قال: لا تمشين أمامه، ولا تقعدن قبله، ولا تدعه باسمه، ولا تستب له».
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد رضي الله عنه في قوله: {وقل لهما قولاً كريماً} قال: إذا دعواك فقل لهما لبيكما وسعديكما.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقل لهما قولاً كريماً} قال: قولاً ليناً سهلاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي الهداج التجيبي قال: قلت لسعيد بن المسيب رضي الله عنه كل ما ذكر الله في القرآن من بر الوالدين فقد عرفته إلا قوله: {وقل لهما قولاً كريماً} ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عروة في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: تلين لهما حتى لا يمتنعا من شيء أحباه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} يقول اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنهما في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: لا ترفع يديك عليهما إذا كلمتهما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عروة رضي الله عنه في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: إن أغضباك، فلا تنظر إليهما شزراً، فإنه أوّل ما يعرف غضب المرء بشدة نظره إلى من غضب عليه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما برَّ أباه من حدّ إليه الطرف».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زهير بن محمد رضي الله عنه في قوله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قال: إن سباك أو لعناك، فقل رحمكما الله غفر الله لكما.
وأخرج ابن جرير، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ {واخفض لهما جناح الذل} بكسر الذال.
وأخرج، عن عاصم الجحدري رضي الله عنه مثله.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن أبي مرة مولى عقيل: أن أبا هريرة رضي الله عنه كانت أمه في بيت وهو في آخر، فكان يقف على بابها ويقول: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول: وعليك يا بني، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} ثم أنزل الله بعد هذا {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [ التوبة: 113].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وإما يبلغن عندك الكبر} إلى قوله: {كما ربياني صغيراً} قد نسختها الآية التي في براءة {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [ التوبة: 113] الآية.
وأخرج ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف، عن قتادة رضي الله عنه قال: نسخ من هذه الآية حرف واحد، لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يستغفر لوالديه إذا كانوا مشركين، ولم يقل {رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} ولكن ليخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وليقل لهما قولاً معروفاً. قال الله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم} قال: تكون البادرة من الولد إلى الوالد، فقال الله: {إن تكونوا صالحين} أي تكون النية صادقة ببرهما {فإنه كان للأوّابين غفوراً} للبادرة التي بدرت منه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {إنه كان للأوّابين غفوراً} قال: الرجاعين إلى الخير.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن أبي حاتم والبيهقس عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {إنه كان للأوّابين} قال: الرجاعين من الذنب إلى التوبة، ومن السيئات إلى الحسنات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {للأوّابين} قال: للمطيعين المحسنين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {للأوّابين} قال: للتوّابين.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه- قال: الأوّاب، التوّاب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «سألت النبي- صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدينقلت: ثم أي؟ قال:ثم الجهاد في سبيل الله».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد.
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قلت يا رسول الله، من أبر؟ قال: «أمك. قلت: من أبر؟ قال: أمك. قلت: من أبر؟ قال: أمك. قلت: من أبر؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبيهقي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه أتاه رجل فقال: إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا. قال: تب إلى الله، وتقرب إليه ما استطعت. فذهبت فسألت ابن عباس- رضي الله عنهما- لم سألت عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل نبي الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ما تأمرني؟ قال: «بر أمك، ثم عاد فقال: بر أمك، ثم عاد فقال: بر أمك، ثم عاد الرابعة فقال: بر أباك» وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما من مسلم له والدان يصبح إليهما محسناً إلا فتح الله له بابين- يعني من الجنة- وإن كان واحداً فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه، حتى يرضى عنه. قيل: وإن ظلماه؟؟ قال: وإن ظلماه.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن المنذر والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يجزي ولد والده، إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه قيعتقه».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي، عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- يبايعه على الهجرة، وترك أبويه يبكيان قال: «فارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- يريد الجهاد، فقال: «ألك والدان؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد».
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: «رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قالوا يا رسول الله من؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما فدخل النار».
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه أبصر رجلين، فقال: لأحدهما ما هذا منك؟ فقال أبي، فقال: لا تسمه. وفي لفظ لا تدعه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلس قبله حتى يجلس، ولا تستب له.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين».
وأخرج سعيد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي، عن معاوية بن جابر، عن أبيه قال: أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد، فقال: «ألك والدة؟ قال نعم. قال: اذهب فالزمها فإن الجنة عند رجليها».
وأخرج عبد الرزاق، عن طلحة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا رسول الله، إني أريد الغزو، وقد جئت إليك أستشيرك؟ فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة عند رجليها، ثم الثانية، ثم الثالثة» كمثل ذلك.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي، عن أنس رضي الله عنه «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه، فقال: هل بقي أحد من والديك؟ قال: أمي، قال: فاتق الله فيها، فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد، فإذا دعتك أمك فاتق الله وبرّها».
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «لنومك على السرير بين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بالسيف في سبيل الله».
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي، عن خداش بن سلامة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أوصي امرأ بأمه ثلاث مرار، وأوصي امرأ بأبيه مرتين، وأوصي امرأً بمولاه الذي يليه، وإن كان عليه منه أذى يؤذيه.
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الوالد وسط أبواب الجنة، فاحفظ ذلك الباب، أو ضَيِّعْهُ».
وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أراني في الجنة، فبينا أنا فيها إذ سمعت صوت رجل بالقرآن، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، كذلك البر كذلك البر».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئاً، يقرأ، فقلت من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) كذلك البر كذلك البر كذلك البر قال: وكان أبر الناس بأمه».
وأخرج البيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مر رجل له جسم- يعني خلقاً- فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله! فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- «لعله يكد على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله. لعله يكد على صبية صغار، فهو في سبيل الله. لعله يكد على نفسه ليغنيها عن الناس، فهو في سبيل الله».
وأخرج البيهقي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يمد الله في عمره، ويزيد في رزقه، فليبر والديه وليصل رحمه».
وأخرج البيهقي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة، إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة قالوا: وإن نظر كل يوم مائة مرة؟ قال: نعم. الله أكبر وأطيب».
وأخرج البيهقي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نظر الولد إلى والده- يعني- فسرّ به، كان للولد عتق نسمة قيل: يا رسول الله، وإن نظر ثلاثمائة وستين نظرة؟ قال:الله أكبر من ذلك».
وأخرج البيهقي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: النظر إلى الوالد عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى المصحف عبادة، والنظر إلى أخيك؛ حباً له في الله عبادة.
وأخرج البيهقي وضعفه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قبل بين عيني أمه كان له ستراً من النار».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألك والدان قال: لا. قال: ألك خالة؟ قال: نعم. قال: فبرها إذن».
وأخرج البيهقي عن أم أيمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أهل بيته فقال: «لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج، ولا تترك الصلاة متعمداً؛ فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله، إياك والخمر، فإنها مفتاح كل شر، وإياك والمعصية؛ فإنها تسخط الله، لا تنازِعَنَّ الأمر أهله؛ وإن رأيت أنه لك، لا تفر من الزحف؛ وإن أصاب الناس موت، وأنت فيهم فأثبت، أنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك عنهم وأخفهم في الله عز وجل».
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي، عن أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: كنا عند النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال رجل: «يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم. خصال أربع: الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وانفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما».
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والبيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه بعد أن يولي الأب».
وأخرج البخاري في الأدب، عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: والذي بعث محمداً بالحق، إنه لفي كتاب الله، لا تقطع من كان يصل أباك، فتطفئ بذلك نورك.
وأخرج الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن طلحة، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لرجل من العرب كان يصحبه- يقال له عفير- يا عفير، كيف سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الودّ؟ قال: سمعته يقول: «الودّ يتوارث، والعداوة كذلك».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والحاكم والبيهقي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة عاق، ولا ولد زنا، ولا مدمن خمر، ولا منان».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة عاق والديه، ولا منان، ولا ولد زنية، ولا مدمن خمر، ولا قاطع رحم، ولا من أتى ذات رحم».
وأخرج البيهقي وضعفه، عن طلق بن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أدركت والدي أو أحدهما وأنا في صلاة العشاء، وقد قرأت فيها بفاتحة الكتاب، فنادى يا محمد، لأجبتهما لبيك».
وأخرج البيهقي وضعفه من طريق الليث بن سعد حدثني يزيد بن حوشب الفهري، عن أبيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو كان جريج الراهب فقيهاً عالماً، لعلم أن إجابته أمه أفضل من عبادته ربه».
وأخرج البيهقي عن مكحول قال: إذا دعتك والدتك وأنت في الصلاة فأجبها، وإذا دعاك أبوك فلا تجبه حتى تفرغ من صلاتك.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعتك أمك في الصلاة فأجبها، وإذا دعاك أبوك فلا تجبه».
وأخرج أحمد والبيهقي، عن أبي مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك والديه أو أحدهما ثم دخل النار من بعد ذلك، فأبعده الله وأسحقه».
وأخرج أحمد والبيهقي، عن سهل بن معاذ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من العباد عباد لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولا يطهرهم قيل: من أولئك يا رسول الله؟ قال:المتبرئ من والديه رغبة عنهما، والمتبرئ من ولده، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم».
وأخرج البيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من قتل نبياً، أو قتله نبي، أو قتل أحد والديه، والمصوّرون، وعالم لم ينتفع بعلمه».
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي والطبراني والخرائطي في مساوئ الأخلاق من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه عن جده أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات، ومن رايا رايا الله به، ومن سمع سمع الله به».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي، عن طاوس رضي الله عنه قال: إن من السنة أن توقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد. قال: ويقال أن من الجفاء: أن يدعو الرجل والده باسمه.
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي، عن كعب رضي الله عنه أنه سئل عن العقوق ما تجدونه في كتاب الله عقوق الوالدين؟ قال: إذا أقسم عليه لم يبره، وإذا سأله لم يعطه، وإذا ائتمنه خان، فذلك العقوق.
وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات: دعاء الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن محمد بن النعمان يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب برّاً».
وأخرج البيهقي، عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو لهما من بعدهما، فيكتبه الله من البارين».
وأخرج البيهقي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد يموت والداه أو أحدهما، وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله بارّاً».
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي رضي الله عنه قال: بلغني أن من عق والديه في حياتهما ثم قضى ديناً إن كان عليهما واستغفر لهما ولم يستسب لهما كتب بارّاً، ومن بر والديه في حياتهما ثم لم يقض ديناً إذا كان عليهما ولم يستغفر لهما واستسب لهما كتب عاقاً.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح مطيعاً لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، وإن كان واحداً فواحداً، ومن أمسى عاصياً لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحداً فواحداً» قال رجل: وإن ظلماه؟ قال: «وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه».
وأخرج البيهقي، عن المنكدر بن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال: كان أبي يبيت على السطح يروح على أمه، وعمي يصلي إلى الصباح، فقال له أبي ما يسرني أن ليلتي بليلتك.
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والبيهقي، عن عبد الله بن المبارك قال: قال محمد بن المنكدر، بات عمر أخي يصلي، وبت أغمز رجل أمي، وما أحب أن ليلتي بليلته.
وأخرج ابن سعد، عن محمد بن المنكدر: أنه كان يضع خده على الأرض ثم يقول لأمه: يا أمه، قومي فضعي قدمك على خدي.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي، عن طاوس قال: كان رجل له أربعة بنين فمرض فقال أحدهم: إما أن تمرضوه، وليس لكم من ميراثه شيء، وأما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء، قالوا: بل مرضه وليس لك من ميراثه شيء، فمرضه حتى مات ولم يأخذ من ماله شيئاً، فأتي في النوم فقيل له: ائت مكان كذا وكذا، فخذ منه مائة دينار، فقال في نومه أفيها بركة؟ قالوا: لا. فأصبح فذكر ذلك لامرأته، فقالت له خذها، فإن من بركتها: أن تكتسي منها وتعيش بها، فأبى، فلما أمسى أتي في النوم فقيل له: ائت مكان كذا وكذا فخذ منه عشرة دنانير، فقال: فيها بركة؟ قالوا: لا: فأصبح فذكر ذلك لامرأته، فقالت له مثل ذلك، فأبى أن يأخذها، فأتي في النوم في الليلة الثالثة: أن ائت مكان كذا وكذا فخذ منه ديناراً، فقال: أفيه بركة؟ قالوا: نعم.
فذهب فأخذ الدينار، ثم خرج به إلى السوق، فإذا هو برجل يحمل حوتين، فقال بكم هذان، فقال بدينار، فأخذهما منه بالدينار، ثم انطلق بهما، فلما دخل بيته شق الحوتين فوجد في بطن كل واحد منهما درة لم ير الناس مثلها، فبعث الملك بدرة ليشتريها، فلم توجد إلا عنده، فباعها بوقر ثلاثين بغلاً ذهباً، فلما رآها الملك قال: ما تصلح هذه إلا بأخت، فاطلبوا مثلها وإن أضعفتم. قال: فجاؤوا فقالوا: عندك أختها نعطيك ضعف ما أعطيناك؟ قال: أو تفعلون؟ قالوا: نعم. فأعطاهم أختها بضعف ما أخذوا الأولى.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي، عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال: لما قدم أبو موسى وأبو عامر على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فبايعوه وأسلموا. قال: «ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا؟ قالوا تركناها في أهلها. قال: فإنها قد غفر لها. قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: ببرها والدتها قال: كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءهم النذير: إن العدو يريد أن يغير عليكم الليلة، فارتحلوا ليلحقوا بعظيم قومهم، ولم يكن معها ما تحتمل عليه، فعمدت إلى أمها، فجعلت تحملها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها، ثم ألصقت بطنها ببطن أمها، وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت».
وأخرج البيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما نحن مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ طلع شاب فقلنا: لو كان هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالتنا. فقال: وما في سبيل الله، إلا من قتل، ومن سعى على والديه، فهو في سبيل الله، ومن سعى على عياله، فهو في سبيل الله، ومن سعى على نفسه يغنيها فهو في سبيل الله تعالى».
وأخرج الحاكم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله، «أي الناس أعظم حقاً على المرأة. قال: زوجها. قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل. قال: أمه».
وأخرج الحاكم عن علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لعن الله من ذبح لغير الله، ثم تولى غير مولاه، ولعن الله العاق لوالديه، ولعن الله من نقض منار الأرض».
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آبائكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متنصلاً فليقبل ذلك منه محقاً كان أو مبطلاً، فإن لم يفعل لم يرد على الحوض».
وأخرج الحاكم، عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً: «بروا آباءكم».
وأخرج أحمد والحاكم وصححه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: إن رجلاً هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «قد هاجرت من الشرك- ولكنه الجهاد- هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي قال: أذنا لك؟ قال: لا. قال: فارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك مجاهد، وإلاّ، فبرّهما».
وأخرج أحمد في الزهد، عن وهب بن منبه رضي الله عنه أن موسى- عليه الصلاة والسلام- سأل ربه عز وجل فقال: يا رب، بم تأمرني؟ قال: «بأن لا تشرك بي شيئاً» قال: وبم؟ قال: «وتبر والدتك» قال: وبم؟ قال: وبوالدتك قال: وبم؟ قال: بوالدتك؟ قال وهب رضي الله عنه: إن البر بالوالدين يزيد في العمر، والبر بالوالدة ينبت الأصل.
وأخرج أحمد في الزهد، عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال: رأى موسى عليه السلام رجلاً عند العرش، فغبطه بمكانه، فسأل عنه فقالوا: نخبرك بعمله، لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يمشي بالنميمة، ولا يعق والديه. قال: «أي رب، ومن يعق والديه»؟ قال: «يستسب لهما حتى يسبا».
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن رجلاً أتاه فقال: إن امرأتي بنت عمي وإني أحبها، وإن والدتي تأمرني أن أطلقها، فقال: لا آمرك أن تطلقها، ولا آمرك أن تعصي والدتك، ولكن أحدثك حديثاً سمعته من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سمعته يقول: «إن الوالدة أوسط باب من أبواب الجنة»فإن شئت فأمسك وإن شئت فدع.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الحسن رضي الله عنه قال: للأم ثلثا البر وللأب الثلث.
وأخرج أحمد وابن ماجة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بر الوالدين يجزئ من الجهاد».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قيل له: ما حق الوالد على الولد؟ قال: لو خرجت من أهلك ومالك ما أديت حقهما.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، عن علي بن أبي طالب قال: إذا مالت الأفياء، وراحت الأرواح، فاطلبوا الحوائج إلى الله، فإنها ساعة الأوّابين، وقرأ {فإنه كان للأوّابين غفوراً}.
وأخرج هناد، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في قوله: {فإنه كان للأوّابين غفوراً} قال: الأوّاب الذي يذنب، ثم يستغفر، ثم يذنب، ثم يستغفر، ثم يذنب ثم يستغفر.
وأخرج هناد، عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله: {فإنه كان للأوّابين غفوراً} قال: الأوّاب الذي يتذكر ذنوبه في الخلاء، فيستغفر منها.