فصل: تفسير الآيات (66- 79):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (66- 79):

{وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)}
أخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ويقول الإنسان} الآية قال: قالها العاصي بن وائل.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {لسوف أخرج} برفع الألف {أولا يذكر الإنسان} خفيفة بنصب الياء ورفع الكاف.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {جثياً} قال: قعوداً. وفي قوله: {عتياً} قال: معصية.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {عتيا} قال: عصيا.
وأخرج الحاكم، عن ابن عباس قال: لا أدري كيف قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {عتياً} أو {جثياً} فإنهما جميعاً بالضم.
وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث، عن عبدالله بن باباه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين».
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {جثياً} برفع الجيم {وعتياً} برفع العين وصليا برفع الصاد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله: {حول جهنم جثياً} قال: قياماً.
وأخرج ابن المنذر. عن ابن جريج {ثم لننزعن} قال لنبدأن.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ثم لننزعن} الآية: قال: {لننزعن من كل} أهل دين قادتهم ورؤوسهم في الشر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {أيهم أشد على الرحمن عتياً} قال: في الدنيا.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي الأحوص {ثم لننزعن من كل شيعة} الآية. قال: يبدأ بالأكابر فالأكابر جرماً.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود قال: يحشر الأوّل على الآخر، حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعاً، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرماً، ثم قرأ {فوربك لنحشرنهم} إلى قوله: {عتياً}.
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن مجاهد في قوله: {لننزعن من كل شيعة} قال: من كل أمة أشد على الرحمن {عتياً} قال: كفراً.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صلياً} يقول: إنهم أولى بالخلود في جهنم.
وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن جرير بسند حسن عن ابن عباس قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزعوا إليهم فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم ويقولون: سبحان ربنا! ليس فينا وهو آت.
ثم تقاض السماء الثانية، ولأهل السماء الثانية وحدهم، أكثر من أهل السماء الدنيا، ومن جميع أهل الأرض، بضعف جنهم وإنسهم، فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربنا! ليس فينا وهو آت، ثم تقاض السموات: سماء سماء، كلما قيضت سماء عن أهلها، كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فإذا نثروا على أهل الأرض، يفزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، فيرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة، أكثر من أهل ست سموات، ومن جميع أهل الأرض بضعف، فيجيء الله فيهم، والأمم جثيّ صفوف، فينادي مناد: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال، فيقومون، فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين كانت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون} [ السجدة: 16] فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثالثة، ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم؟ أين الذين {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} [ النور: 37] فيقومون فيسرحون إلى الجنة. فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول: إني وكلت منكم بثلاثة: بكل جبار عنيد، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم تخرج ثانية فتقول: إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حَبَّ السمسم، فتحبس بهم في جهنم، ثم تخرج ثالثة فتقول: إني وكلت بأصحاب التصاوير، فتلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فتحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، ومن هؤلاء ثلاثة: نشرت الصحف، ووضعت الموازين، ودعي الخلائق للحساب.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم: يدخلونها جميعاً {ثم ينجي الله الذين اتقوا} فلقيت جابر بن عبدالله، فذكرت له فقال: وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتاً، إن لم أكن سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً، كما كانت على إبراهيم، حتى أن للنار ضجيجاً من بردهم {ثم ينجّي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً}».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن مجاهد قال: خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن عباس: الورود الدخول: وقال نافع: لا.
فقرأ ابن عباس {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} [ الأنبياء: 98] وقال: وردوا أم لا، وقرأ {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار} [ هود: 98] أوردوا أم لا، أما أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وإن منكم إلا واردها} قال: يردُهَا البَرّ والفاجر. ألم تسمع قوله: {فأوردهم النار وبئس الورد المورود} [ هود: 98] وقوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} [ مريم: 86].
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس: أن رجالاً من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- كانوا يطلبون العاص بن وائل بدين فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهباً وفضة وحريراً ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى. قال: فإن موعدكم الآخرة. والله لأوتين مالاً وولداً، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به. فقال الله: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} الآيات.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال: كان لرجل من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- دين على رجل من المشركين فأتاه يتقاضاه، فقال ألست مع هذا الرجل؟ قال: نعم. قال أليس يزعم أن لكم جنة وناراً وأموالاً وبنين؟ قال: بلى. قال: اذهب، فلست بقاضيك إلا ثمة. فأنزلت {أفرأيت الذي كفر بآياتنا} إلى قوله: {ويأتينا فرداً}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أطلع الغيب} يقول: أطلعه الله الغيب؟ يقول: ما له فيه {أم اتخذ عند الرحمن عهداً} بعمل صالح قدمه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما {أم اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: لا إله إلا الله، يرجو بها. والله أعلم.

.تفسير الآيات (80- 82):

{وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ونرثه ما يقول} قال: ماله وولده.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ونرثه ما يقول} قال: ماله وولده، وذاك الذي قال العاص بن وائل.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ونرثه ما يقول} قال: ما عنده. وهو قوله: {لأوتين مالاً وولداً} في حرف ابن مسعود {ونرثه ما عنده ويأتينا فرداً} لا مال له ولا ولد.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي نهيك أنه قرأ {كلا سيكفرون بعبادتهم} برفع الكاف. قال: يعني الآلهة كلها، إنهم {سيكفرون بعبادتهم}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ويكونون عليهم ضداً} قال: أعواناً.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {ويكونون عليهم ضداً} قال: أوثانهم يوم القيامة في النار، تكون عليهم عوناً، يعني أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يوم القيامة في النار.
وأخرج عبد بن حميد، عن ابن عباس رضي الله عنهما- في قوله: {ويكونون عليهم ضداً} قال: حسرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة مثله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {ويكونون عليهم ضداً} قال: قرناء في النار يلعن بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ويكونون عليهم ضداً} قال: أعداء.
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ويكونون عليهم ضداً} ما الضد؟ قال: قال فيه حمزة بن عبد المطلب:
وان تكونوا لهم ضداً نكن لكم ** ضدا بغلباء مثل الليل مكتوم

.تفسير الآيات (83- 87):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)}
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً} قال: تغويهم إغواء.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {تؤزهم} قال: تحرض المشركين على محمد وأصحابه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {تؤزهم أزاً} تشليهم أشلاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {تؤزهم أزاً} قال: تزعجهم إزعاجاً إلى معاصي الله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {ألم تر أنَّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً} قال: كقوله: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً} [ الزخرف: 36].
وأخرج ابن الأنباري في الوقف، عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {تؤزهم أزاً} قال: توقدهم وقوداً. قال فيه الشاعر:
حكيم أمين لا يبالي بخلبة ** إذا أزه الأقوام لم يترمرم

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {إنما نعد لهم عداً} يقول: أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا، فهي معدودة، كسنهم وآجالهم.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله: {إنما نعد لهم عداً} قال: كل شيء حتى النفس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن عباس في قوله: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: ركباناً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر، عن أبي هريرة {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: على الإبل.
وأخرج عبد بن حميد، عن أبي سعيد رضي الله عنه {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: على نجائب رواحلها من زمرد وياقوت، ومن أي لون شاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: إلى الجنة.
وأخرج عبد بن حميد، عن الربيع {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: يفدون إلى ربهم، فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين، وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا».
وأخرج ابن مردويه، عن علي، «عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في قوله: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قال: أما والله ما يحشرون على أقدامهم، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون من الجنة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها: رحالها الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيقعدون عليها، حتى يقرعوا باب الجنة».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبدالله بن أحمد وفي زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن علي رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} فقال: أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقاً، ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة، لم تنظر الخلائق إلى مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيركبون عليها، حتى يطرقوا باب الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، «عن علي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً} قلت: يا رسول الله، هل الوفد إلا الركب؟ قال النبي- صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مثل مد البصر، وينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء، على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان، فإذا شربوا من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبداً، فيضربون بالحلقة على الصفيحة، فلو سمعت طنين الحلقة يا علي، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتستخفها العجلة، فتبعث قيمها فيفتح له الباب، فإذا رآه خر له ساجداً، فيقول: ارفع رأسك فإنما أنا قيمك، وكلت بأمرك. فيتبعه ويقفو أثره، فتستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت، حتى تعتنقه، ثم تقول: أنت حبي، وأنا حبك وأنا الراضية، فلا أسخط أبداً، وأنا الناعمة فلا أبأس أبداً، وأنا الخالدة فلا أموت أبداً، وأنا المقيمة فلا أظعن أبداً، فيدخل بيتاً من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر، وطرائق خضر، وطرائق صفر، ما منها طريقة تشاكل صاحبتها. وفي البيت سبعون سريراً، على كل سرير سبعون فراشاً، عليها سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الحلل، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه، تجري من تحتهم الأنهار؛ أنهار مطردة {أنهار من ماء غير آسن} [ محمد: 15] صاف ليس فيه كدور {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} [ محمد: 15] ولم يخرج من ضروع الماشية. {وأنهار من خمر لذة للشاربين} [ محمد: 15] لما يعصرها الرجال بأقدامها. {وأنهار من عسل مصفى} [ محمد: 15] لم يخرج من بطون النحل، فيستحلي الثمار فإن شاء أكل قائماً، وإن شاء أكل قاعداً، وإن شاء أكل متكئاً، فيشتهي الطعام فيأتيه طير بيض أجنحتها فيأكل من جنوبها، أي لون شاء، ثم تطير فتذهب، فيدخل الملك فيقول: {سلام عليكم} [ الزمر: 73] {تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون} [ الأعراف: 43]».
وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق مسلم بن جعفر البجلي قال: سمعت أبا معاذ البصري: أن علياً قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق لها أجنحة عليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور تلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة، ينبع من أصلها عينان، فيشربون من احداهما، فيغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم، ولا أشعارهم بعدها أبداً، وتجري عليهم نضرة النعيم، فيأتون باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفحة، فيسمع لها طنين فيبلغ كل حوراء: أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها فيفتح له، فإذا رآه خر له ساجداً فيقول: ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفو أثره، فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول: أنت حبي وإنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أبأس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن، فيدخل بيتاً من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق: أصفر وأحمر وأخضر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، في البيت سبعون سريراً، على كل سرير سبعون حشية، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من باطن الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه، الأنهار من تحتهم تطرد: {أنهار من ماء غير آسن} [ محمد: 15] قال: صاف لا كدر فيه، {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه} [ محمد: 15] قال: لم يخرج من ضروع الماشية، {وأنهار من خمر لذة للشاربين} [ محمد: 15] قال: لم تعصرها الرجال بأقدامها، {وأنهار من عسل مصفى} [ محمد: 15] قال: لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار، فإن شاء أكل قائماً وإن شاء أكل قاعداً، وإن شاء أكل متكئاً. ثم تلا {ودانية عليهم ظلالها} [ الإنسان: 14] الآية. فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض وربما قال: أخضر، فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم يطير فيذهب فيدخل الملك فيقول: {سلام عليكم} {تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن عباس في قوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} قال: عطاشاً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله: {ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} قال: ظماء إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد: {ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} قال: متقطعة أعناقهم من العطش.
وأخرج ابن المنذر، عن أبي هريرة: {ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} قال: عطاشاً.
وأخرج هناد، عن الحسن مثله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس في قوله: {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وتبرأ من الحول والقوّة، ولا يرجو إلا الله.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مقاتل بن حيان {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: العهد الصلاح.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من أدخل على مؤمن سروراً فقد سرني، ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن عهداً، ومن اتخذ عند الرحمن عهداً فلا تمسه النار. إن الله لا يخلف الميعاد».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن مسعود أنه قرأ {إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً} قال: إن الله يقول يوم القيامة: «من كان له عندي عهد فليقم، فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا. قولوا اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا إنك أن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهداً تؤديه إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد».
وأخرج الطبراني في الأوسط، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة- قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئاً- جاء وله عند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء قد انتقص منهن شيئاً، فليس له عند الله عهد، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه».
وأخرج الحكيم الترمذي، عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال في دبر كل صلاة- بعدما سلم- هؤلاء الكلمات: كتبه ملك في رق فختم بخاتم، ثم دفعها إليّ يوم القيامة، فإذا بعث الله العبد من قبره، جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي: أين أهل العهود؟ حتى تدفع إليهم، والكلمات أن تقول: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم- إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك، فلا تكلني إلى نفسي، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل رحمتك لي عهداً عندك تؤديه إلي يوم القيامة: إنك لا تخلف الميعاد» وعن طاوس: أنه أمر بهذه الكلمات فكتبت في كفنه.