فصل: تفسير الآيات (83- 86):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (83- 86):

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)}
أخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال: كان أيوب بن أموص نبي الله الصابر طويلاً جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق، وكان على جبينه مكتوب: المبتلى الصابر، وكان قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين، كان يعطي الأرامل ويكسوهم جاهداً ناصحاً لله.
وأخرج الحاكم عن وهب قال: أيوب بن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال: أول نبي بعث إدريس، ثم نوح ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق، ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود، ثم صالح ثم شعيب ثم موسى وهارون، ثم إلياس ثم اليسع ثم يونس ثم أيوب.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: كان أيوب أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالاً، فكان لا يشبع حتى يشبع الجائع، وكان لا يكتسي حتى يكسي العاري، وكان إبليس قد أعياه أمر أيوب لقوته فلا يقدر عليه، وكان عبداً معصوماً.
وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر، عن وهب أنه سئل: ما كانت شريعة قوم أيوب؟ قال: التوحيد وإصلاح ذات البين. وإذا كانت لأحد منهم حاجة خر لله ساجداً ثم طلب حاجته. قيل: فما كان ماله؟ قال: كان له ثلاثة آلاف فدان، مع كل فدان عبد، مع كل عبد وليدة ومع كل وليدة أتان وأربعة عشرة ألف شاة، ولم يبت ليلة له إلا وضيف وراء بابه، ولم يأكل طعامه إلا ومعه مسكين.
وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان الثوري قال: ما أصاب إبليس من أيوب في مرضه إلا الأنين.
وأخرج ابن عساكر عن عقبة بن عامر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم.
«قال الله لأيوب: تدري ما جرمك إليّ حتى ابتليتك؟ فقال: لا يا رب. قال: لأنك دخلت على فرعون فداهنت عنده في كلمتين».
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس قال: إنما كان ذنب أيوب، أنه استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه فلم يعنه، ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلم المسكين فابتلاه الله.
وأخرج ابن عساكر عن الليث بن سعد قال: كان السبب الذي ابتلي فيه أيوب، أنه دخل أهل قريته على ملكهم- وهو جبار من الجبابرة- وذكر بعض ما كان ظلمه الناس، فكلموه فأبلغوا في كلامه ورفق أيوب في كلامه له مخافة منه لزرعه، فقال الله: «اتقيت عبداً من عبادي من أجل زرعك؟» فأنزل الله به ما أنزل من البلاء.
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني، قال: أجدب الشام، فكتب فرعون إلى أيوب: أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة.
فأقبل بخيله وماشيته وبنيه فأقطعهم، فدخل شعيب فقال فرعون: أما تخاف أن يغضب غضبة فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار؟ فسكت أيوب، فلما خرجا من عنده أوحى الله إلى أيوب: أوسكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه؟ استعد للبلاء. قال: فديني؟ قال: أسلمه لك. قال: لا أبالي.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن عساكر، عن يزيد بن ميسرة قال: لما ابتلى الله أيوب بذهاب المال والأهل والولد، فلم يبق له شيء، أحسن الذكر والحمد لله رب العالمين. ثم قال: أحمدك رب الذي أحسنت إليّ.... قد أعطيتني المال والولد لم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخلها ذلك، فأخذت ذلك كله مني وفزعت قلبي، فليس يحول بيني وبينك شيء لا يعلم عدوي إبليس الذي وصفت إلا حسدني، فلقي إبليس من ذها شيئاً منكراً.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية، عن عبدالله بن عبيد بن عمير قال: كان لأيوب أخوان فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه فقاما من بعيد، فقال أحدهما للآخر: لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا، فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء قط مثله، قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعاً، وأنا أعلم مكان جائع فصدقني. فصدّق من في السماء وهما يسمعان، ثم خر ساجداً وقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي حتى تكشف عني. فما رفع رأسه حتى كشف الله عنه.
وأخرح ابن عساكر عن الحسن قال: ضرب أيوب بالبلاء، ثم بالبلاء بعد البلاء بذهاب الأهل والمال، ثم ابتلي في بدنه، ثم ابتلي حتى قذف في بعض مزابل بني إسرائيل، فما يعلم أيوب دعا الله يوماً أن يكشف ما به ليس إلا صبراً وإحتساباً، حتى مر به رجلان فقال أحدهما لصاحبه: لو كان الله في هذا حاجة ما بلغ به هذا كله. فسمع أيوب فشق عليه فقال: رب {مسني الضر} ثم رد ذلك إلى ربه فقال: {وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: {وآتيناه أهله} في الدنيا {ومثلهم معهم} في الآخرة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: قيل له: يا أيوب، إن أهلك لك في الجنة، فإن شئت آتيناك بهم، وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوّضناك مثلهم. قال: لا، بل اتركهم لي في الجنة، فتركوا له في الجنة وعوّض مثلهم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن نوف البكالي في قوله: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: إني أدخرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا.
فحدث بذلك مطرف فقال: ما عرفت وجهها قبل اليوم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني، عن الضحاك قال: بلغ ابن مسعود أن مروان قال في هذه الآية: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: أوتي بأهل غير أهله، فقال ابن مسعود: بل أوتي بأعيانهم ومثلهم معهم.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: لم يكونوا ماتوا ولكنهم غيبوا عنه، فأتاه أهله {ومثلهم معهم} في الآخرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: أحياهم بأعيانهم وزاد إليهم مثلهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن وقتادة في قوله: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} قال: أحيا الله له أهله بأعيانهم وزاده الله مثلهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {ومثلهم معهم} قال: من نسلهم.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال: ما كان بقي من أيوب عليه السلام إلا عيناه وقلبه ولسانه، فكانت الدواب تختلف في جسده؛ ومكث في الكناسة سبع سنين وأياماً.
وأخرج أحمد عن نوف البكالي قال: مر نفر من بني إسرائيل بأيوب فقالوا: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه. فسمعها أيوب فعند ذلك قال: {مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} وكان قبل ذلك لا يدعو.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: لقد مكث أيوب مطروحاً على كناسة سبع سنين وأشهراً ما يسأل الله أن يكشف ما به وما على وجه الأرض، خلق أكرم من أيوب، فيزعمون أن بعض الناس قال: لو كان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا. فعند ذلك دعا.
وأخرج ابن جريرعن وهب بن منبه قال: لم يكن بأيوب الأكلة، إنما يخرج منه مثل ثدي النساء ثم يتفقأ.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} قال: إنه لما مسه الضر أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضر، غير أنه كان يذكر الله كثيراً ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيقان، فلما انتهى الأجل وقضى الله أنه كاشف ما به من ضر أذن له في الدعاء ويسرّه له، كان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى: «لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا أستجيب له» فلما دعا استجاب له وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين، رد أهله ومثلهم معهم، وأثنى عليه فقال: {إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أوّاب}.
وأخرج ابن جرير عن ليث قال: أرسل مجاهد رجلاً يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن قول الله لأيوب {وآتيناه أهله ومثلهم معهم} فقال: قيل له: إن أهلك لك في الآخرة، فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا؛ وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا.
فقال: يكونون في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا. فرجع إلى مجاهد فقال: أصاب.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} وقوله: {رحمة منا وذكرى لأولي الألباب} [ ص: 43] قال: إنما هو من أصابه بلاء فذكر ما أصاب أيوب فليقل: إنه قد أصاب من هو خير مني نبي من الأنبياء.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: بقي أيوب على كناسةٍ لبني إسرائيل سبع سنين وأشهراً تختلف فيه الدواب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: «إن أيوب آتاه الله تعالى مالاً وولداً وأوسع عليه، فله من الشياه والبقر والغنم والإبل. وإن عدو الله إبليس قيل له: هل تقدر أن تفتن أيوب؟ قال: رب، إن أيوب أصبح في دنيا من مال وولد فلا يستطيع إلا شكرك، فسلطني على ماله وولده فسترى كيف يطيعني ويعصيك. فسلط على ماله وولده فكان يأتي الماشية من ماله من الغنم فيحرقها بالنيران، ثم يأتي أيوب وهو يصلي متشبهاً براعي الغنم فيقول: يا أيوب، تصلي لرب؟ ما ترك الله لك من ماشيتك شيئاً من الغنم إلا أحرقها بالنيران. وكنت ناحية فجئت لأخبرك. فيقول أيوب: اللهم أنت أعطيت وأنت أخذت، مهما يبق شيء أحمدك على حسن بلائك. فلا يقدر منه على شيء مما يريد، ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها بالنيران. ثم يأتي أيوب فيقول له ذلك، ويرد عليه أيوب مثل ذلك. وكذلك فعل بالإبل حتى ما ترك له ماشية حتى هدم البيت على ولده، فقال: يا أيوب، أرسل الله على ولدك من هدم عليهم البيوت حتى يهلكوا! فيقول أيوب مثل ذلك. وقال: رب هذا حين أحسنت إلي الإحسان كله قد كنت قبل اليوم يشغلني حب المال بالنهار ويشغلني حب الولد بالليل شفقة عليهم، فالآن أفرغ سمعي لك وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد والتقديس والتهليل. فينصرف عدو الله من عنده ولم يصب منه شيئاً مما يريد. ثم إن الله تعالى قال: كيف رأيت أيوب؟ قال إبليس: إن أيوب قد علم أنك سترد عليه ماله وولده، ولكن سلطني على جسده فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك. فسلط على جسده، فأتاه فنفخ فيه نفخة أقرح من لدن قرنه إلى قدمه، فأصابه البلاء بعد البلاء حتى حمل فوضع على مزبلة كناسة لبني إسرائيل، فلم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت عليه، تصدق عليه وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا حمده، وأيوب على ذلك لا يفر من ذكر الله والتحميد والثناء على الله والصبر على ما ابتلاه الله، فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطاء الأرضين جزعاً من صبر أيوب، فاجتمعوا إليه وقالوا له: اجتمعنا إليك، ما أحزنك؟! ما أعياك؟ قال: أعياني هذا العبد الذي سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده، فلم أدع له مالاً ولا ولداً فلم يزدد بذلك إلا صبراً وثناء على الله تعالى وتحميداً له، ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل لا تقربه إلا امرأته، فقد افتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه.
فقالوا له: أين مكرك؟ أين علمك الذي أهلكت به من مضى؟ قال: بطل ذلك كله في أيوب، فأشيروا علي. قالوا: نشير عليك، أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة؟ من أين أتيته؟ قال: من قبل امرأته. قالوا: فشأنك بأيوب من قبل امرأته، فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها. قال: أصبتم. فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق، فتمثل لها في صورة رجل فقال: أين بعلك يا أمة الله؟ قالت: ها هو ذاك يحك قروحه ويتردد الدود في جسده. فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع، فوضع في صدرها فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من النعم والمال والدواب، وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر، وإن ذلك لا ينقطع عنهم أبداً فصرخت، فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاها بسخلة فقال: ليذبح هذا إلى أيوب ويبرأ. فجاءت تصرخ: يا أيوب، يا أيوب.... حتى متى يعذبك ربك؟ ألا يرحمك؟ أين المال؟ أين الشباب؟ أين الولد؟ أين الصديق؟ أين لونك الحسن الذي بلي وتلدد فيه الدواب..؟ اذبح هذه السخلة واسترح. قال: أيوب: أتاكِ عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقاً فأجبِتِه، ويلكِ أرأيتِ ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من المال والولد والصحة والشباب من أعطانيه؟ قالت: الله.. قال: فكم متعنا؟ قالت: ثمانين سنة. قال: فمذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به؟ قالت: سبع سنين وأشهراً. قال: ويلكِ... والله ما عدلت ولا أنصفت ربك، إلا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة! والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة حيت أمرتني أن أذبح لغير الله. طعامك وشرابك الذي أتيتني به عليّ حرام أن أذوق شيئاً مما تأتي به بعد إذ قلتِ لي هذا، فاعزبي عني فلا أراكِ. فطردت فذهبت، فقال الشيطان: هذا قد وطّن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه، فباء بالغلبة ورفضه. ونظر إلى أيوب قد طرد امرأته وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق، ومرّ به رجلان وهو على تلك الحال ولا والله، ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله من أيوب فقال أحد الرجلين لصاحبه: لو كان الله في هذا حاجة ما بلغ به هذا.
فلم يسمع أيوب شيئاً كان أشد عليه من هذه الكلمة فقال: رب، {مسني الضر} ثم رد ذلك إلى الله فقال: {وأنت أرحم الراحمين} فقيل له: {اركض برجلك هذا مغتسل بارد} [ ص: 42] فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها فلم يبق من دائه شيء ظاهر إلا سقط، فأذهب الله عنه كل ألم وكل سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان، ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى، فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج. فقام صحيحاً وكسي حلة فجعل يلتفت فلا يرى شيئاً مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله له، حتى ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل به تطاير على صدره جراد من ذهب، فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه: يا أيوب، ألم أغنك عن هذا؟ قال: بلى، ولكنها بركتك فمن يشبع منها؟ فخرج حتى جلس على مكان مشرف، ثم إن امرأته قالت: أرأيت إن كان طردني، إلى من أكله؟ أدعه يموت جوعاً أو يضيع فتأكله السباع؟ لأرجعن إليه. فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت، وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث الكناسة وتبكي، وذلك بعين أيوب، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأل عنه. فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال: ما تريدين يا أمة الله؟ فبكت وقالت: أريد ذلك المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة، لا أدري أضاع أم ما فعل! قال لها أيوب: ما كان منكِ؟ فبكت وقال: بعلي، فهل رأيته؟ فقال: وهل تعرفيته إذا رأيته؟ قالت: وهل يخفى على أحد رآه؟ ثم جعلت تنظر إليه ويعرّفها به، ثم قالت: أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحاً. قال: فإني أيوب الذي أمرتني أن أذبح للشيطان، وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله فرّد علي ما ترين.
ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء فأمره تخفيفاً عنها أن يأخذ جماعة من الشجر فيضربها ضربة واحدة تخفيفاً عنها بصبرها معه»
.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر، عن وهب قال: لم يكن الذي أصاب أيوب الجذام ولكنه أصابه أشد من ذلك، كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقأ.
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن الحسن قال: إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب فيأخذها إلى مكانها ويقول: كلي من رزق الله.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب وابن عساكر، عن ابن عباس أن امرأة أيوب قالت له: والله قد نزل بي من الجهد والفاقة ما إن بعت قرني برغيف فأطعمتك، وإنك رجل مجاب الدعوة فادع الله أن يشفيك. فقال: ويحك... كنا في النعماء سبعين عاماً فنحن في البلاء سبع سنين.
وأخرج ابن أبي الدنيا وعبدالله بن أحمد في زوائد الزهد وابن عساكر، عن طلحة بن مطرف قال: قال إبليس: ما أصبت من أيوب شيئاً قط أفرح به، إلا أني كنت إذا سمعت أنينه علمت أني أوجعته.
وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر، عن مجاهد قال: أن أول من أصابه الجدري أيوب عليه السلام.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه، كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد. قال: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف عنه ما به. فلما جاء إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك، فقال أيوب: لا أدري ما تقول، غير أن الله يعلم أني كنت أمر بالرجلين يتباعدان يذكران الله فأرجع إلى بيتي فاؤلف بينهما كراهة أن يذكر الله لا في حق. وكان يخرج لحاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} [ ص: 42] فاستبطأته فأتته فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان، فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك، هل رأيت نبي الله المبتلى؟ والله على ذاك ما رأيت رجلاً أشبه به منك إذ كان صحيحاً. قال: فإني أنا هو. قال: وكان له اندران، اندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح، أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض».
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم} قال: رد الله امرأته وزاد في شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكراً، وأهبط الله إليه ملكاً فقال: يا أيوب، ربك يقرئك السلام بصبرك على البلاء، فاخرج إلى اندرك. فبعث الله سحابة حمراء فهبطت عليه بجراد الذهب والملك قائم يجمعه، فكانت الجراد تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره. قال الملك: يا أيوب، أو ما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج؟ فقال: إن هذه بركة من بركات ربي ولست أشبع منها.
وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أيوب يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك».
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما عافى الله أيوب أمطر عليه جراداً من ذهب، فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه، فقيل له: يا أيوب، أما تشبع؟ قال: ومن يشبع من فضلك ورحمتك؟».
وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس أن أيوب عاش بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنفية، وعلى ذلك مات، وتغيروا بعد ذلك وغيروا دين إبراهيم كما غيره من كان قبلهم.
وأخرج الحاكم عن وهب قال: عاش أيوب ثلاثاً وتسعين سنة وأوصى عند موته إلى ابنه حرمل، وقد بعث الله بعده بشر بن أيوب نبياً وسماه ذا الكفل، وكان مقيماً بالشام عمره حتى مات ابن خمس وسبعين سنة، وأن بشراً أوصى إلى ابنه عبدان ثم بعث الله بعدهم شعيباً.
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبدالله الجدلي قال: كان أيوب عليه السلام يقول: «اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني، إن رأى حسنة أطفأها وإن رأى سيئة أذاعها».
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال: يؤتى بثلاثة يوم القيامة: بالغني، والمريض، والعبد المملوك، فيقال للغني: ما منعك من عبادتي؟ فيقول: يا رب، أكثرت لي من المال فطغيت. فيؤتى بسليمان عليه السلام في ملكه فيقول: أنت كنت أشد شغلاً من هذا؟ فيقول: لا، بل هذا. قال: فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني.
ثم يؤتى بالمريض فيقول: ما منعك من عبادتي؟ فيقول: شغلت على جسدي، فيؤتى بأيوب في ضره فيقول: أنت كنت أشد ضراً من هذا؟ قال: لا، بل هذا. قال: فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني.
ثم يؤتى بالمملوك فيقول: ما منعك من عبادتي؟ فيقول: يا رب، جعلت علي أرباباً يملكونني. فيؤتى بيوسف في عبوديته فيقول: أنت كنت أشد عبودية أم هذا؟ قال: لا بل هذا قال: فإن هذا لم يمنعه أن عبدني. والله أعلم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وذا الكفل} قال: رجل صالح غير نبي، تكفل لنبي قومه أن يكفيه أمر قومه ويقيمهم له ويقضي بينهم بالعدل، ففعل ذلك فسمي {ذا الكفل}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لما كبر اليسع قال: لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي، حتى أنظر كيف يعمل فجمع الناس فقال: من يتكفل لي بثلاث: أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب؟ قال: فقام رجل تزدريه العين فقال: أنا.
فقال: أنت تصوم النهار وتقوم الليل ولا تغضب؟ قال: نعم. قال: فردّه من ذلك اليوم وقال مثلها في اليوم الآخر، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال: أنا. فاستخلفه. قال: فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك فقال: دعوني وإياه... فأتاه في صورة شيخ كبير فقير فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة- وكان لا ينام من الليل والنهار إلا تلك النومة- فدق الباب فقال: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم. قال: فقام ففتح الباب، فجعل يكثر عليه فقال: إن بيني وبين قومي خصومة وإنهم ظلموني وفعلوا بي وفعلوا... وجعل يطول عليه حتى حضره وقت الرواح وذهبت القائلة، وقال: إذا رحت فائتني آخذ لك بحقك. فانطلق وراح وكان في مجلسه، فجعل ينظر هل يرى الشيخ الكبير المظلوم، فلم يره فقام يبغيه، فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس فينتظره فلا يراه، فلما راح إلى بيته جاء فدق عليه الباب فقال: من هذا؟ قال: الشيخ الكبير المظلوم، ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فائتني؟ قال: إنهم أخبث قوم. قال: إذا رحت فائتني، ففاتته القائلة فراح فجعل ينظر ولا يراه، وشق عليه النعاس فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل: ما وراءك؟ قال: إني قد أتيته أمس فذكرت له أمري. فقال: لا والله لقد أمرنا أن لا يدع أحداً يقربه. فلما أعياه نظر فرأى كوّة في البيت فتسوّر منها فإذا هو في البيت، فإذا هو يدق الباب من داخل فاستيقظ الرجل فقال: يا فلان، ألم آمرك؟ قال: من قبلي والله لم تؤت، فانظر من أين أتيت. فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا برجل معه في البيت فعرفه فقال له: عدو الله؟! قال: نعم، أعييتني في كل شيء ففعلت ما ترى لأغضبك. فسماه الله {ذا الكفل} لأنه تكفل بأمر فوفى به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان قاض في بني إسرائيل فحضره الموت فقال: من يقوم مقامي على أن لا يغضب؟ فقال رجل: أنا فسمي {ذا الكفل} فكان ليله جميعاً يصلي ثم يصبح صائماً فيقضي بين الناس، وله ساعة يقيلها فكان بذلك فأتاه الشيطان عند نومته فقال له أصحابه: ما لك؟ قال: إنسان مسكين له على رجل حق قد غلبني عليه. فقالوا: كما أنت حتى يستيقظ. قال وهو فوق نائم: فجعل يصيح عمداً حتى يغضبه. فسمع فقال: ما لك؟ قال: إنسان مسكين لي على رجل حق. قال: اذهب فقل له يعطيك. قال: قد أبى. قال: اذهب أنت إليه. فذهب ثم جاء من الغد فقال: ما لك؟ قال: ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأساً.
قال: اذهب إليه أنت. فذهب ثم جاء من الغد حين قال فقال له أصحابه: أخرج فعل الله بك تجيء كل يوم حين ينام لا تدعه ينام؟ فجعل يصيح: من أجل أني إنسان مسكين؟ لو كنت غنياً... فسمع أيضاً قال: ما لك؟ قال: ذهبت إليه فضربني. قال: امش حتى أجيء معك، فهو ممسك بيده فلما رآه ذهب معه نثر يده منه فذهب ففر.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عبد الله بن الحارث قال: قال نبي من الأنبياء لمن معه: أيكم يكفل لي أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب، ويكون معي في درجتي ويكون بعدي في مقامي؟ قال شاب من القوم: أنا. ثم أعاد فقال الشاب: أنا، ثم أعاد فقال الشاب أنا، ثم أعاد فقال الشاب أنا، فلما مات قام بعده في مقامه فأتاه إبليس بعدما قال ليغضبه يستعديه فقال لرجل: اذهب معه. فجاء فأخبره أنه لم ير شيئاً، ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاءه فأخبره أنه لم ير شيئاً، ثم أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه، فسمي {ذا الكفل} لأنه كفل أن لا يغضب.
وأخرج ابن سعيد النقاش في كتاب القضاة، عن ابن عباس قال: كان نبي جمع أمته فقال: أيكم يتكفل لي بالقضاء بين أمتي، على أن لا يغضب؟ فقام فتى فقال: أنا يا رسول الله، ثم عاد فقال الفتى أنا، ثم قال لهم الثالثة أيكم يتكفل لي بالقضاء بين الناس على أن لا يغضب؟ فقال الفتى أنا فاستخلفه، فأتاه الشيطان بعد حين وكان يقضي حتى إذا انتصف النهار، ثم رجع ثم راح فأتاه الشيطان نصف النهار وهو نائم، فناداه حتى أيقظه فاستعداه فقال: إن كتابك رده ولم يرفع به رأساً ثنتين وثلاثاً، فأخذ الرجل بيده ثم مشى معه ساعة، فلما رأى الشيطان ذلك نزع يده من يده ثم فر فسمي {ذا الكفل}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حجيرة الأكبر، أنه بلغه أنه كان ملك من ملوك بني إسرائيل عتى في ملكه، فلما حضرته الوفاة أتاه رؤوسهم فقالوا: استخلف علينا ملكاً نفزع إليه. فجمع إليه رؤوسهم فقال: من رجل تكفل لي بثلاث وأوليه ملكي؟ فلم يتكلم إلا فتى من القوم قال أنا. قال: اجلس. ثم قالها ثانية فلم يتكلم أحد إلا الفتى، قال: تكفل لي بثلاث وأوليك ملكي؟ قال: نعم. قال: تقوم الليل فلا ترقد، وتصوم النهار فلا تفطر، وتحكم فلا تغضب. قال: نعم. قال: قد وليتك ملكي، فلما أن كان مكانه قام الليل وصام النهار وحكم فلا يعجل ولا يغضب، يغدو فيجلس لهم فتمثل له الشيطان في صورة رجل، فأتاه وقد تحين مقيله فقال: أعدني على رجل ظلمني.
فأرسل معه رسولاً فجعل يطوف به وذو الكفل ينظره حتى فاتته رقدته، ثم انسل من وسط الناس فأتاه رسول فأخبره، فراح للناس فجلس لهم فقال الشيطان: لعله يرقد الليل ولم يصم النهار، فلما أمسى صلى صلاته التي كان يصلي، ثم أتاه الغد وقد تحين مقيله فقال: أعدني على صاحبي. فأرسل معه وانتظره وتبطأ حتى فات ذو الكفل رقدته، ثم أتاه الرسول فأخبره فراح ولم ينم فقال الشيطان: الليلة يرقد. فأمسى يصلي صلاته كما كان يصلي. ثم أتاه فقال: قد صنعت به ما صنعت لعله يغضب. قال: أعدني على صاحبي. فقال: ألم أرسل معك رسولاً؟ قال: بلى... ولكن لم أجده. فقال له ذو الكفل: انطلق فأنا ذاهب معك. فانطلق فطاف به ثم قال له: أتدري من أنا؟ قال: لا. قال: أنا الشيطان، كنت تكفلت لصاحبك بأمر فأردت أن تدع بعضه، وإن الله قد عصمك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ما كان ذو الكفل بنبي، ولكن كان في بني إسرائيل رجل صالح يصلي كل يوم مائة صلاة. فتوفي فتكفل له ذو الكفل من بعده. فكان يصلي كل يوم مائة صلاة فسمي ذا الكفل.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق سعيد مولى طلحة، عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت. فقال: ما يبكيك؟ أكرهتك؟... قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه إلا الحاجة. فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته، اذهبي فهي لك. وقال: والله لا أعصي الله بعدها أبداً. فمات من ليلته فأصبح مكتوباً على بابه: إن الله قد غفر لذي الكفل».
وأخرجه ابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمرو: قال فيه ذو الكفل.