فصل: تفسير الآيات (105- 108):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (105- 108):

{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)}
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} القرآن {أن الأرض} قال: أرض الجنة.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} قال: يعني بالذكر، كتبنا في القرآن من بعد التوراة، و {الأرض} أرض الجنة.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} يعني بالذكر، التوراة، ويعني بالزبور، الكتب من بعد التوراة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ولقد كتبنا في الزبور} قال: الكتب. {من بعد الذكر} قال: التوراة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه، عن ابن عباس في الآية قال: الزبور، التوراة والإنجيل والقرآن، والذكر الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب الذي في السماء والأرض، أرض الجنة.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير، عن سعيد بن جبير في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور} قال: الزبور، التوراة والإنجيل والقرآن {من بعد الذكر} قال: الذكر الذي في السماء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال: الزبور، الكتب. والذكر، أم الكتاب عند الله، والأرض الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: الزبور، الكتب التي أنزلت على الأنبياء، والذكر، أم الكتاب الذي يكتب فيه الأشياء قبل ذلك.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال: أرض الجنة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور} الآية. قال: أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض، أن يورث أمة محمد الأرض ويدخلهم الجنة، وهم {الصالحون} وفي قوله: {لبلاغاً لقوم عابدين} قال: عالمين.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال: أرض الجنة، يرثها الذين يصلون الصلوات الخمس في الجماعات.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم، عن الشعبي في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر} قال: في زبور داود {من بعد} ذكر موسى التوراة {أن الأرض يرثها} قال: الجنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: كتب الله في زبور داود بعد التوراة.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {أن الأرض يرثها} قال: الجنة.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال: الجنة وقرأ {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنة حيث نشاء} [ الزمر: 74] قال: فالجنة مبتدؤها في الأرض ثم تذهب درجاً علوّا.
والنار مبتدؤها في الأرض، وبينهما حجاب، سور ما يدري أحد ما ذاك السور. وقرأ {باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} [ الحديد: 13] قال: ودرجها تذهب سفالاً في الأرض، ودرج الجنة تذهب علوّاً في السماء.
وأخرج ابن جرير، عن صفوان قال: سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان، هل لأنفس المؤمنين مجتمع؟ فقال: يقول الله: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} قال: هي الأرض التي تجمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث.
وأخرج البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} فنحن الصالحون».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جرير في قوله: {إن في هذا لبلاغاً} قال: كل ذلك يقال: إن في هذه السورة، وفي هذا القرآن لبلاغاً.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد في قوله: {إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} قال: إن في هذا لمنفعة وعلماً {لقوم عابدين} ذلك البلاغ.
وأخرج ابن جرير، عن كعب الأحبار {إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} قال: لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير، عن كعب في قوله: {إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} قال: صوم شهر رمضان، والصلوات الخمس.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن أبي هريرة {إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} قال: في الصلوات الخمس شغلاً للعبادة.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية {لبلاغاً لقوم عابدين} قال: هي الصلوات الخمس في المسجد الحرام جماعة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، عن محمد بن كعب {إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين} قال: الصلوات الخمس.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه {لقوم عابدين} قال: الذين يحافظون على الصلوات الخمس في الجماعة.
وأخرج عن قتادة رضي الله عنه {لقوم عابدين} قال: عاملين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} قال: من آمن تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن عوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب؛ من المسخ والخسف والقذف.
وأخرج مسلم، «عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله، ادع على المشركين. قال: إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة».
وأخرج أبو نعيم في الدلائل، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين».
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني، عن سلمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي، أو لعنته لعنة، فإنما أنا رجل من ولد آدم أغضب كما تغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، وأجعلها عليه صلاة يوم القيامة».
وأخرج البيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا رحمة مهداة».
وأخرج عبد بن حميد، «عن عكرمة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله، ألا تلعن قريشاً بما أتوا إليك؟ فقال: لم أبعث لعاناً إنما بعثت رحمة»يقول الله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

.تفسير الآيات (109- 110):

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {على سواء} قال: على مهل.

.تفسير الآيات (111- 112):

{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: لما أسري بالنبي- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله: {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} يقول: هذا الملك.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل، عن الشعبي قال: لما سلم الحسن بن علي رضي الله عنه الأمر إلى معاوية، قال له معاوية: قم فتكلم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا الأمر تركته لمعاوية. إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم {وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين} ثم استغفر ونزل.
وأخرج البيهقي، عن الزهري قال: خطب الحسن رضي الله عنه فقال: أما بعد: أيها الناس إن الله هداكم بأوّلنا، وحقن دمائكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول، وإن الله تعالى قال لنبيه: {وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} إلى قوله: {ومتاع إلى حين} الدهر كله. وقوله: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} [ الإنسان: 1] الدهر: الدهر كله. وقوله: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} [ إبراهيم: 25] قال: هي النخلة من حين تثمر إلى أن تصرم. وقوله: {ليسجننه حتى حين} [ يوسف: 35].
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {وإن أدري لعله فتنة لكم} يقول: ما أخبركم به من العذاب والساعة، أن يؤخر عنكم لمدتكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {قل رب احكم بالحق} قال: لا يحكم الله إلا بالحق، ولكن إنما يستعجل بذلك في الدنيا، يسأل ربه على قومه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة: إن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا شهد قتالاً قال: {رب احكم بالحق}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة قال: كانت الأنبياء تقول: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [ الأعراف: 89] فأمر الله نبيه أن يقول: {رب احكم بالحق} أي اقض بالحق. وكان رسول الله- صلى عليه وسلم- يعلم أنه على الحق، وأن عدوّه على الباطل، وكان إذا لقي العدوّ قال: {رب احكم بالحق} والله أعلم.

.سورة الحج:

.تفسير الآيات (1- 2):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)}
أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه، والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق، عن الحسن وغيره، عن عمران بن حصين قال: لما نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله: {ولكن عذاب الله شديد} أنزلت عليه هذه وهو في سفر فقال: «أتدرون أي يوم ذلك»؟ قالوا الله ورسوله أعلم! قال: «ذلك يوم يقول الله لآدم: ابعث بعث النار. قال: يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحداً إلى الجنة»فانشأ المسلمون يبكون. فقال رسول الله:- صلى الله عليه وسلم- «قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوّة قط، إلا كان بين يديها جاهلية، فتؤخذ العدة من الجاهلية، فإن تمت، وإلا أكملت من المنافقين، وما مثلكم: إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة، أو كالشامة في جنب البعير ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا! ثم قال:إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا! ثم قال:إني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا! قال: فلا أدري قال الثلثين أم لا».
وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن مردويه، عن عمران بن حصين قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فتفاوت بين اصحابه في السير، فرفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صوته بهاتين الآيتين {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله: {إن عذاب الله شديد} فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطي، وعرفوا أنه عند قول يقوله، فقال: هل تدرون أي يوم ذلك؟»قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ذلك يوم ينادي الله تعالى فيه آدم عليه السلام فيقول: يا آدم ابعث بعث النار، فيقول أي رب، وما بعث النار؟ فيقول من كل ألف تسعمائه وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد في الجنة»فتعبس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة! فلما رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي بأصحابه قال: «اعملوا وابشروا، فوالذي نفس محمد بيده، أنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا أكثرتاه؛ يأجوج ومأجوج ومن مات من بني آدم ومن بني إبليس فسري عن القوم بعض الذي يجدون قال اعملوا وابشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة».
وأخرج ابن جرير «عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل عن غزوة العسرة ومعه أصحابه بعد ما شارف المدينة، قرأ {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} فذكر نحوه، إلا أنه زاد فيه: لم يكن رسولان إلا أن كان بينهما فترة من الجاهلية فهم أهل النار، وإنكم بين ظهراني خليقتين لا يعادهما أحد من أهل الأرض إلا كثرتاه، وهم يأجوج ومأجوج وهم أهل النار، وتكمل العدة من المنافقين».
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أنس قال: «نزلت {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله: {ولكن عذاب الله شديد} على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسير له، فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ هذا يوم يقول الله لآدم: يا آدم، قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فكَبُر ذلك على المسلمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا وابشروا، فوالذي نفس محمد بيده، ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير، أو كالرقمة في ذراع الدابة، وإن معكم لخليقتين ما كانتا في شيء قط إلا أكثرتاه: يأجوج ومأجوج ومن هلك من كفرة الإنس والجن».
وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية- وأصحابه عنده- {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} فقال: هل تدرون أي يوم ذاك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذاك يوم يقول الله يا آدم، قم فابعث بعث النار. فيقول: يا رب، من كم؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحداً إلى الجنة. فشق ذلك على القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، ثم قال: اعملوا وأبشروا، فإنكم بين خليقتين لم تكونا مع أحد إلا أكثرتاه: يأجوج ومأجوج، وإنما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة، وإنما أمتي جزء من ألف جزء».
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: «بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره في غزوة بني المصطلق، إذ أنزل الله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم} إلى قوله: {ولكن عذاب الله شديد} فلما أنزلت عليه وقف على ناقته ثم رفع بها صوته فتلاها على أصحابه، ثم قال لهم: أتدرون أي يوم ذاك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذاك يوم يقول الله لآدم: يا آدم، ابعث بعث النار من ولدك. فيقول: يا رب، من كل كم؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحداً إلى الجنة. فبكى المسلمون بكاء شديداً ودخل عليهم أمر شديد. فقال: والذي نفس محمد بيده، ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الشاة السوداء، وإني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، بل أرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة».
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له... فذكر نحوه.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «يقول الله يوم القيامة: يا آدم، ابعث بعث النار. فيقول: يا رب، وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون. فعند ذلك يشيب الوليد {وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} قال: فشق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول الله، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ويبقى الواحد! فأينا ذلك الواحد؟ فقال: من يأجوج ومأجوج ألف، ومنكم واحد... وهل أنتم في الأمم كالشعرة السوداء في الثور الأبيض؟ أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود؟».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علقمة في قوله: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} قال: الزلزلة، قبل الساعة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي، أنه قرأ {يا أيها الناس اتقوا ربكم} إلى قوله: {ولكن عذاب الله شديد} قال: هذا في الدنيا من آيات الساعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير في الآية. قال: هذه أشياء تكون في الدنيا قبل يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال: زلزلتها شرطها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} قال: هذا بدء يوم القيامة. وفي قوله: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} قال: تترك ولدها للكرب الذي نزل بها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {يوم ترونها تذهل} قال: تغفل.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله: {تذهل كل مرضعة عما أرضعت} قال: ذهلت عن أولادها لغير فطام {وتضع كل ذات حمل حملها} قال: ألقت الحوامل ما في بطونها لغير تمام {وترى الناس سكارى} قال: من الخوف {وما هم بسكارى} قال: من الشراب.
وأخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني في كتاب الحروب، عن عمران بن حصين أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}.
وأخرج ابن مردويه وأبو الحسن الحلواني والحافظ عبد الغني بن سعيد في إيضاح الأشكال، عن أبي سعيد قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى} قال الأعمش: وهي قراءتنا.
وأخرج سعيد بن منصور عن حذيفة، أنه كان يقرأ {وترى الناس سكارى وما هم بسكارى}.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه كان يقرأ كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك، أنه قرأ {وترى الناس} يعني تحسب الناس. قال: لو كانت منصوبة كانوا سكارى، ولكنها {ترى} تحسب.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الربيع {وترى الناس سكارى} قال: ذلك عند الساعة، يسكر الكبير ويشيب الصغير وتضع الحوامل ما في بطونها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج {وما هم بسكارى} قال: من الشراب. والله أعلم بالصواب.