فصل: تفسير الآيات (58- 59):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (58- 59):

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)}
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن سلمان الفارسي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من مات مرابطاً أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر، وأجرى عليه الرزق، وأمن الفتانين، وأقرأوا إن شئتم {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا} إلى قوله: {حليم}».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي:- إنه كان برودس- فمروا بجنازتين: أحدهما قتيل، والآخر متوفى. فمال الناس على القتيل، فقال فضالة: ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا؟ فقالوا: هذا لقتيل في سبيل الله، فقال: والله، ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت. اسمعوا كتاب الله {والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله: {مدخلاً يرضونه} قال: الجنة.

.تفسير الآيات (60- 64):

{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل في قوله: {ذلك ومن عاقب} الآية. قال: إن النبي- صلى الله عليه وسلم- بعث سرية في ليلتين بقيتا من المحرم، فلقوا المشركين، فقال المشركون بعضهم لبعض: قاتلوا أصحاب محمد، فإنهم يحرمون القتال في الشهر الحرام. وإن أصحاب محمد: ناشدوهم وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم؛ فإنهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا من بادأهم، وإن المشركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك، فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ذلك ومن عاقب}. قال: تعاون المشركون على النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فأخرجوه، فوعد الله ان ينصره وهو في القصاص أيضاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وإن ما يدعون من دونه هو الباطل} قال: الشيطان.

.تفسير الآيات (65- 66):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66)}
أخرج الطبراني، عن ابن عباس قال: إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو بك فقل: الله أكبر الله أكبر من خلقه جميعاً، الله أعز ممن أخاف وأحذر، أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه، من شر عبدك فلان وجنوده وأشياعه، من الجن والإنس إلهي كن لي جاراً من شرهم، جل شأنك وعز جارك وتبارك إسمك ولا إله غيرك، ثلاث مرات.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {إن الإنسان لكفور} قال: يعد المصيبات، وينسى النعم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد قال: كل شيء في القرآن {إن الإنسان لكفور} يعني به الكفار، والله أعلم!

.تفسير الآيات (67- 69):

{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن أبي المليح قال: الأمة ما بين الأربعين إلى المائة فصاعداً.
وأخرج أحمد والحاكم، وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن علي بن الحسين {لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه} قال: ذبحاً هم ذابحوه.
حدثني أبو رافع «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان إذا ضحى: اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين، فإذا خطب وصلى ذبح احدهما، ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعاً من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ، ثم أتى بالآخر فذبحه وقال: اللهم هذا عن محمد وآل محمد»ثم يطعمهما المساكين، ويأكل هو وأهله منهما. فمكثنا سنتين قد كفانا الله الغرم والمؤنة، ليس أحد من بني هاشم يضحي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {هم ناسكوه} يعني هم ذابحوه {فلا ينازعنك في الأمر} يعني في أمر الذبائح.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة رضي الله عنه {ولكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه} قال ذبحاً هم ذابحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه {منسكاً هم ناسكوه} قال: اهراقه دم الهدي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكاً} قال: ذبحاً وحجاً.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه {فلا ينازعنك في الأمر} قول أهل الشرك. أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون، وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال: إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال: دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح.
وأخرج ابن المنذر، عن جريج {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا، ولكم أعمالكم.

.تفسير الآيات (70- 71):

{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71)}
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام، وقال: للقلم- قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش- اكتب قال: ما أكتب؟ قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة، فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي صلى الله عليه وسلم {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع {إن ذلك} العلم {في كتاب} يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل أن يخلق السموات والأرضين {إن ذلك على الله يسير} يعني هين.
وأخرج ابن مردويه، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيفتح الله على أمتي باباً من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء، ويكفيكم من ذلك أن تقولوا: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}».
وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر، عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعاً مثله مرسلاً.

.تفسير الآية رقم (72):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يكادون يسطون} قال: يبطشون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه {يكادون يسطون} قال: يبطشون. كفار قريش، والله أعلم.

.تفسير الآيات (73- 74):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)}
أخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} قال: نزلت في صنم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنه {ضعف الطالب} آلهتكم {والمطلوب} الذباب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في قوله: {لن يخلقوا ذباباً} يعني الصنم لا يخلق ذباباً {وإن يسلبهم الذباب شيئاً} يقول: يجعل للأصنام طعام، فيقع عليه الذباب، فيأكل منه، فلا يستطيع أن يستنقذه منه، ثم رجع إلى الناس وإلى الأصنام {ضعف الطالب} الذي يطلب إلى هذا الصنم، الذي لا يخلق ذباباً ولا يستطيع أن يستنقذ ما سلب منه {و} ضعف {المطلوب} إليه. الذي لا يخلق ذباباً ولا يستنقذ ما سلب منه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {إن الذين تدعون من دون الله} إلى قوله: {لا يستنقذوه منه} قال: الأصنام. ذلك الشيء من الذباب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {ما قدروا الله حق قدره} قال: حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الإيمان، عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال: قال سلمان: دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل رجل النار في ذباب. قالوا: وما الذباب؟ فرأى ذباباً على ثوب إنسان فقال: هذا الذباب. قالوا: وكيف ذلك؟ قال: مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم، لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لهما: قربا لصنمنا قرباناً. قالا: لا نشرك بالله شيئاً. قالوا: قربا ما شئتما ولو ذباباً. فقال أحدهما لصاحبه: ما ترى قال أحدهما: لا أشرك بالله شيئاً. فقتل فدخل الجنة. فقال الآخر: بيده على وجهه، فأخذ ذباباً فألقاه على الصنم، فخلوا سبيله، فدخل النار.

.تفسير الآيات (75- 77):

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)}
أخرج ابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه في الآية قال: الذي {يصطفى} من الناس هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة».
وأخرج الحاكم وصححه، عن أنس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «موسى بن عمران صفي الله».
وأخرج البغوي في معجمه والباوردي وابن قانع والطبراني وابن عساكر، عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة فجعل يقول: «أين فلان؟ أين فلان؟» فلم يزل يتفقدهم، وينصب إليهم حتى اجتمعوا عنده فقال: إني محدثكم فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم، إن الله اصطفى من خلقه خلقاً «ثم تلا هذه الآية {الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس} خلقاً يدخلهم الجنة» وإني مصطفٍ منكم من أحب أن اصطفيه، ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة، قم يا أبا بكر. فقام فجثا بين يديه. فقال: إن لك عندي يداً أن الله يجزيك بها، فلو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذتك خليلاً، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي، وحرك قميصه بيده. ثم قال: ادن يا عمر، فدنا ثم قال: ادن يا عمر، فدنا ثم قال: كنت شديد الثغب علينا أبا حفص، فدعوت الله أن يعز الدين بك، أو بأبي جهل، ففعل الله ذلك لك، وكنت أحبهما إليّ، فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة. ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: ادن يا عثمان ادن يا عثمان، فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم نظر اليه ثم نظر إلى السماء فقال: سبحان الله العظيم ثلاث مرات، ثم نظر إلى عثمان فإذا ازراره محلولة، فزرها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بيده ثم قال: اجمع عطفي ردائك على نحرك، فإن لك شأناً في أهل السماء، أنت ممن يرد عليّ الحوض، وأوداجه تشخب دماً فأقول من فعل هذا بك؟ فتقول فلان. وذلك كلام جبريل، وذلك إذا هتف من السماء: إلا أن عثمان أمير على كل خاذل. ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: ادن يا أمين الله والامين في السماء، يسلط الله على مالك بالحق، أما ان لك عندي دعوة وقد أخرتها. قال: خر لي يا رسول الله. قال: حملتني يا عبد الرحمن أمانة، أكثر الله مالك وجعل يحرك يده ثم تنحى، وآخى بينه وبين عثمان، ثم دخل طلحة والزبير فقال: ادنوا مني فدنوا منه فقال: «أنتما حواري كحواري عيسى ابن مريم» ثم آخى بينهما، ثم دعا سعد بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر فقال: يا عمار، قتلتك الفئة الباغية.
ثم آخى بينهما، ثم دعا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال: «يا سلمان أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الأول، والعلم الآخر، والكتاب الأول، والكتاب الآخر. ثم قال إلا أنشدك يا أبا الدرداء؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: إن تنقدهم ينقدوك وإن تتركهم لا يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فاقرضهم عرضك ليوم فقرك فآخى بينهما، ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: ابشروا وقروا عيناً، فأنتم أول من يرد عليّ الحوض، وأنتم في أعلى الغرف. ثم نظر إلى عبدالله بن عمر، فقال: الحمد لله الذي يهدي من الضلالة، فقال علي: يا رسول الله، ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت بأصحابك غيري! فإن كان من سخط علي، فلك العتبى والكرامة. فقال: والذي بعثني بالحق، ما أخرتك إلا لنفسي فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي. فقال: يا رسول الله، ما أرث منك؟ قال: ما ورثت الأنبياء. قال: وما ورثت الأنبياء قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة، مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي، ثم تلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هذه. الآية {اخواناً على سرر متقابلين}. الاخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا} قال إنما هي أدب وموعظة.