فصل: تفسير الآيات (12- 14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (12- 14):

{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)}
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن بعض الأنصار أن امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الإِفك ما قالوا: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى وذلك الكذب أكنت أنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله قال: فعائشة والله خير منك وأطيب، إنما هذا كذب وإفك باطل، فلما نزل القرآن ذكر الله من قال من الفاحشة ما قال من أهل الافك، ثم قال: {ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين} أي كما قال أبو أيوب وصاحبته.
وأخرج الواحدي وابن عساكر والحاكم عن أفلح مولى أبي أيوب أن أم أيوب قالت: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: بلى وذلك الكذب أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله قال: فعائشة والله خير منك. فلما نزل القرآن، وذكر أهل الافك قال الله: {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات}.

.تفسير الآية رقم (15):

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)}
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد أنه قرأ {إذ تلقونه بألسنتكم} قال: يرويه بعضكم عن بعض.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {إذ تلقونه بألسنتكم} قال: يرويه بعضكم عن بعض.
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن أبي مليكة قال: كانت عائشة تقرأ {إذ تلقونه بألسنتكم} وتقول: إنما هو ولق القول. والولق الكذب قال ابن أبي مليكة: هي أعلم به من غيرها لأن ذلك نزل فيها.
أما قوله تعالى: {وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم}.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض».
وأخرج الطبراني عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة».

.تفسير الآية رقم (16):

{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)}
أخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: كان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته قالت: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يتحدث الناس؟ فقال: {ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم}.
وأخرج سنيد في تفسيره عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما قيل في أمر عائشة قال: سبحانك! هذا بهتان عظيم.
وأخرج ابن أبي سمي في فوائده عن سعيد بن المسيب قال: كان رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعا شيئاً من ذلك قالا: سبحانك! هذا بهتان عظيم، زيد بن حارثة، وأبو أيوب.

.تفسير الآيات (17- 18):

{يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)}
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً} قال يحرج الله عليكم.
وأخرج الفريابي والطبراني عن مجاهد في قوله: {يعظكم الله} قال: ينهاكم.

.تفسير الآيات (19- 20):

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)}
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن مجاهد {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} قال: تظهر. يحدث عن شأن عائشة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} قال: يحبون أن يظهر الزنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال: من حدث بما أبصرت عيناه، وسمعت أذناه، فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقاً.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب قال: العامل الفاحشة، والذي يشيع بها، في الإِثم سواء.
وأخرج البخاري في الأدب عن شبل بن عون قال: كان يقال من سمع بفاحشة فأفشاها فهو فيها كالذي أبداها.
وأخرج أحمد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تؤذوا عباد الله، ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم. فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته».

.تفسير الآية رقم (21):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ما زكا منكم} قال: ما اهتدى أحد من الخلائق لشيء من الخير.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل} يقول: لا تقسموا أن لا تنفقوا على أحد.
وأخرج ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان مسطح بن اثاثة ممن تولى كبره من أهل الإِفك، وكان قريباً لأبي بكر، وكان في عياله، فحلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينيله خيراً أبداً، فأنزل الله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} قالت: فأعاده أبو بكر إلى عياله وقال: لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا تحللتها، وأتيت الذي هو خير.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم....} قال: «نزلت هذه الآية في رجل من قريش يقال له مسطح، كان بينه وبين أبي بكر قرابة، وكان يتيماً في حجره، وكان ممن أذاع على عائشة ما أذاع، فلما أنزل الله براءتها وعذرها، تألى أبو بكر لا يرزؤه خيراً، فأنزل الله هذه الآية. فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر، فتلاها عليه فقال: ألا تحب أن يغفر الله لك؟ قال: بلى قال: فاعف عنه وتجاوز فقال أبو بكر: لا جرم... والله لا أمنعه معروفاً كنت أوليه قبل اليوم».
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال: كان ذو قرابة لأبي بكر ممن كثر على عائشة، فحلف أبو بكر لا يصله بشيء وقد كان يصله قبل ذلك، فلما نزلت هذه الآية {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة...} إلى آخر الآية فصار أبو بكر يضعف له بعد ذلك بعدما نزلت هذه الآية ضعفي ما كان يعطيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: حلف أبو بكر لا ينفع مسطح بن أثاثة، ولا يصله، وكان بينه وبين أبي بكر قرابة من قبل النساء، فأقبل إلى أبي بكر يعتذر فقال مسطح: جعلني الله فداءك والله الذي أنزل على محمد ما قذفتها، وما تكلمت بشيء مما قيل لها أي خالي- وكان أبو بكر خاله- قال أبو بكر: ولكن قد ضحكت وأعجبك الذي قيل فيها قال: لعله يكون قد كان بعض ذلك، فأنزل الله في شأنه {ولا يأتل أولوا الفضل...}.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال: حلف أبو بكر في يتيمين كانا في حجره، كانا فيمن خاض في أمر عائشة؛ أحدهما مسطح بن اثاثة قد شهد بدراً، فحلف لا يصلهما ولا يصيبا منه خيراً. فنزلت هذه الآية {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة....}.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة...} قال: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رموا عائشة بالقبيح، وأفشوا ذلك، وتكلموا فيها، فأقسم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر، أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من هذا ولا يصلوه قال: لا يقسم أولوا الفضل منكم والسعة أن يصلوا أرحامهم، وأن يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون قبل ذلك، فأمر الله أن يغفر لهم وأن يعفو عنهم.
وأخرج ابن المنذر عن أبي سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة قط. تصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزا. فاعفوا يعزكم الله، ولا فتح رجل على نفسه باب مسألة يسأل الناس إلا فتح الله له باب فقر. إلا أن العفة خير».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن أبي وائل قال: رأيت عبد الله أتاه رجل برجل نشوان فأقام عليه الحد ثم قال للرجل الذي جاء به: ما أنت منه؟ قال: عمه. قال: ما أحسنت الأدب ولا سترته {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم....} ثم قال عبد الله: إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتى رجل فلما أمر به لتقطع يده كأنما سف وجهه رماداً فقيل: يا رسول الله كان هذا شق عليك قال: «لا ينبغي أن تكونوا للشيطان عوناً على أخيكم، فإنه لا ينبغي للحاكم إذا انتهى إليه حد إلا أن يقيمه، وإن الله عفو يحب العفو، ثم قرأ {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم}».

.تفسير الآية رقم (23):

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)}
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: نزلت في عائشة خاصة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن خصيف قال: قلت لسعيد بن جبير أيما أشد: الزنا أم القذف؟ قال: الزنا. قلت: إن الله يقول {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: إنما أنزل هذا في شأن عائشة خاصة.
وأخرج الطبراني عن الضحاك قال: نزلت هذه الآية في عائشة خاصة {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: إنما عني بهذا نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: هذه لأمهات المؤمنين خاصة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن نبيط {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} قال: هن نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس. أنه قرأ سورة النور ففسرها، فلما أتى على هذه الآية {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات} قال: هذه في عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة، وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم التوبة، ثم قرأ {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى قوله: {إلا الذين تابوا} ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توبة، ثم تلا هذه الآية {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} فهم بعض القوم أن يقوم إلى ابن عباس، فيقبل رأسه لحسن ما فسر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت: رميت بما رميت به وأنا غافلة، فبلغني بعد ذلك: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي جالس، إذ أوحي إليه وهو جالس، ثم استوى، فمسح على وجهه وقال: يا عائشة ابشري فقلت: بحمد الله لا بحمدك فقرأ {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات} حتى بلغ {أولئك مبرؤون مما يقولون}.