فصل: تفسير الآيات (58- 59):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (58- 59):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)}
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ابن حيان قال: بلغنا أن رجلاً من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرشدة صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً فقالت أسماء: يا رسول الله ما أقبح هذا! انه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد كل منهما بغير إذن، فأنزل الله في ذلك {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} من العبيد والاماء {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: من أحراركم من الرجال والنساء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في هذه الآية قال: كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة، فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا باذن.
وأخرج ابن مردويه عن ثعلبة القرظي عن عبد الله بن سويد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العورات الثلاث فقال: «إذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة، لم يلج عليّ أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم، ولا أحد من الاجراء إلا باذن، وإذا وضعت ثيابي بعد صلاة العشاء، ومن قبل صلاة الصبح».
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، أنه ركب عبد الله بن سويد أخي بني حارثة بن الحارث يسأله عن العورات الثلاث وكان يعمل بهن فقال: ما تريد؟ قال: أريد أن أعمل بهن فقال: إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل عليّ أحد من أهلي بلغ الحلم إلا بإذني إلا أن أدعوه فذلك اذنه، ولا إذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى تصلي الصلاة، ولا إذا صليت العشاء الآخرة ووضعت ثيابي حتى أنام. قال: فتلك العورات الثلاث.
وأخرج ابن سعد عن سويد بن النعمان أنه سئل عن العورات الثلاث فقال: إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي إلا أن أدعوه فذلك اذنه، واذا طلع الفجر وتحرك الناس حتى يصلي الصبح، وإذا صليت العشاء وضعت ثيابي، فتلك العورات الثلاث.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: آية لم يؤمن بها أكثر الناس. آية الاذن وإني لآمر جاريتي هذه الجارية قصيرة قائمة على رأسه أن تستأذن علي.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: هذه الآية تهاون الناس بها {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} وما نسخت قط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال: ليست منسوخة. قيل: فإن الناس لا يعملون بها قال: الله المستعان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: يمكث الناس في الساعات الذين ملكت أيمانكم، والذين لم يبلغوا الحلم منكم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم...} والآية التي في سورة النساء {وإذا حضر القسمة} [ النساء: 8] والآية التي في الحجرات {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [ الحجرات: 13].
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم...} قال: إذا خلا الرجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا باذنه حتى يصلي الغداة، وإذا خلا بأهله عند الظهر فمثل ذلك، ورخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن. وهو قوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن} فاما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا باذن على كل حال. وهو قوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم}.
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن عباس أن رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن فقال ابن عباس: ان الله ستير يحب الستر، وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم، ولا حجال في بيوتهم، فربما فاجأ الرجل خادمه، أو ولده، أو يتيمه في حجره، وهو على أهله. فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله، ثم جاء الله بعد بالستور، وبسط الله عليهم في الرزق، فاتخذوا الستور، واتخذوا الحجال، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر في قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال هو على الذكور دون الاناث.
وأخرج الفريابي عن ابن عمر في قوله: {ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم} قال: هو للاناث دون الذكور أن يدخلوا بغير إذن.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم...} قال: نزلت في النساء أن يستأذن علينا.
وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب في قوله: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} قال: النساء فإن الرجال يستأذنون.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمي في هذه الآية قال: هي في النساء خاصة. الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار.
وأخرج الفريابي عن موسى بن أبي عائشة قال: سألت الشعبي عن هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} أمنسوخة هي؟ قال: لا.
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: أبناؤكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {طوافون عليكم} قال: يعني بالطوّافين: الدخول والخروج غدوة وعشية بغير إذن. وفي قوله: {وإذا بلغ الأطفال} يعني الصغار، {منكم الحلم} يعني من الأحرار من ولد الرجل وأقاربه {فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} يعني كما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله: {كما استأذن الذين من قبلهم} قال: كما استأذن الذين بلغوا الحلم من قبلهم، الذين أمروا بالاستئذان على كل حال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: ليستأذن الرجل على أمه فانما نزلت {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في السنن عن ابن مسعود أن رجلاً سأله استأذن على أمي؟ فقال: نعم. ما على كل أحيانها تحب أن تراها.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن جابر قال: ليستأذن الرجل على ولده وأمه- وإن كانت عجوزاً- وأخيه وأخته وأبيه.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عطاء أنه سأل ابن عباس استأذن على أختي؟ قال: نعم. قلت إنها في حجري، وإني أنفق عليها، وانها معي في البيت، استأذن عليها؟ قال: نعم. إن الله يقول {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم...} فلم يؤمر هؤلاء بالإِذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث قال: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} فالإِذن واجب على خلق الله أجمعين.
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم استأذن على أمي؟ قال: نعم. أتحب أن تراها عريانة».
وأخرج ابن جرير والبيهقي في السنن عن عطاء بن يسار «أن رجلاً قال: يا رسول الله استأذن على أمي؟ قال: نعم. قال: إني معها في البيت قال: استأذن عليها قال: إني خادمها أفاستأذن عليها كلما دخلت عليها؟ قال: أفتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا. قال: فاستأذن عليها».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب والبيهقي عن حذيفة أنه سئل أيستأذن الرجل على والدته؟ قال: نعم. إن لم تفعل رأيت منها ما تكره.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين في قوله: {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} قال: كانوا يعلمونا إذا جاء أحدنا أن نقول السلام عليكم. أيدخل فلان؟.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم قال الله تعالى {ومن بعد صلاة العشاء} وإنما العتمة عتمة الابل».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنما هي في كتاب الله العشاء، وإنما يعتم بحلاب الإِبل».
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ «ثلاث عورات» بالنصب.

.تفسير الآية رقم (60):

{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)}
أخرج أبو داود والبيهقي في السنن عن ابن عباس {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} فنسخ واستثنى من ذلك {القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً...} الآية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله: {والقواعد من النساء} قال: هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج، لما يكره الله وهو قوله: {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}.
وأخرج أبو عبيد في فضائله، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، والبيهقي في السنن عن ابن عباس أنه كان يقرأ {أن يضعن ثيابهن} ويقول: هي الجلباب.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في السنن عن ابن مسعود في قوله: {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} قال: الجلباب والرداء.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عمر في الآية قال: تضع الجلباب.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن الحسن {والقواعد من النساء} يقول: المرأة إذا قعدت عن النكاح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {والقواعد من النساء} يعني المرأة الكبيرة التي لا تحيض من الكبر {اللاتي لا يرجون نكاحاً} يعني تزويجاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {اللاتي لا يرجون نكاحاً} قال: لا يردنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: أخبرني مسلم مولى امرأة حذيفة بن اليمان أنه خضب رأس مولاته فدخلت عليها فسألتها فقالت: نعم يا بني إني من {القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً} وقد قال الله في ذلك ما سمعت.
وأخرج ابن المنذر عن ميمون بن مهران قال: في مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود {فليس عليهن جناح أن يضعن جلابيبهن غير متبرجات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود وابن عباس أنهما كانا يقرآن {فليس عليهم جناح أن يضعن جلابيبهن غير متبرجات}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة أنها سئلت: عن الخضاب، والصباغ، والقرطين، والخلخال، وخاتم الذهب، وثياب الرقاق، فقال: يا معشر النساء قصتكن كلها واحدة، أحل الله لكن الزينة غير متبرجات.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وأن يستعففن خير لهن} قال: يلبسن جلابيبهن.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في السنن عن عاصم الأحول قال: دخلت على حفصة بنت سيرين وقد ألقت عليها ثيابها فقلت أليس يقول الله: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} قال: اقرأ ما بعده {وأن يستعففن خير لهن} هو ثياب الجلباب.