فصل: تفسير الآية رقم (17):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (17):

{اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {داود ذا الأيد} قال: القوة في العمل في طاعة الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ذا الأيد} قال: القوّة في العبادة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {اذكر عبدنا داود ذا الأيد} قال: أعطي قوّة في العبادة، وفقهاً في الإِسلام.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {ذا الأيد} قال: القوّة في العبادة، والبصر في الهدى.
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال: كان أعبد البشر».
وأخرج الديلمي عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود».
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام يطيل الصلاة من الليل، فيركع الركعة، ثم يرفع رأسه، فينظر إلى أديم السماء، ثم يقول: إليك رفعت رأسي يا عامر السماء، نظر العبيد إلى أربابها.
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي أي رزق أطيب؟ قال: ثمرة يدك يا داود.
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر، ثم يرسل بها إلى السوق، فيبيعها ثم يأكل بثمنها.
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول: اللهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأواب المسبح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأواب المسبح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه قال: الأواب المسبح بلغة الحبشة.
وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال: «هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إنه أوّاب} قال: منيب راجع عن الذنوب.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأواب التائب الراجع.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {إنه أوّاب} قال: كان مطيعاً لربه، كثير الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأواب الموقن.

.تفسير الآية رقم (18):

{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)}
أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن} قال: يسبحن معه إذا سبح {بالعشي والإِشراق} قال: إذا أشرقت الشمس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {بالعشي والإِشراق} قال: إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول:
لم ينم ليلة التمام لكي ** يصيح حتى إضاءة الاشراق

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية {سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق}.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلي الضحى، ويقول: أين هي في القرآن؟ حتى قال بعد هي قول الله: {يسبحن بالعشي والإِشراق} هي الإِشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية {يسبحن بالعشي والإِشراق} قال: رأيت الناس يصلون الضحى.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أمر بهذه الآية {يسبحن بالعشي والإِشراق} فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي طالب رضي الله عنها. ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى {يسبحن بالعشي والإِشراق}.
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن الحارث قال: دخلت على أم هانئ رضي الله عنها فحدثتني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى، فخرجت فلقيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: انطلق إلى أم هانئ، فدخلنا عليها فقلت: حدثني ابن عمك عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الضحى، فحدثته فقال: تأول هذه الآية صلاة الإِشراق، وهي صلاة الضحى.
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: «دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار، فأمر بقصعة، فإني أنظر إلى أثر العجين، فسكبت فيها، فأمر بثوب فيما بيني وبينه، فاستتر، فقام فأفاض عليه الماء، ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد: فحدثت ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال: هي صلاة الإِشراق».
وأخرج ابن مردويه عن عبدالله بن الحرث رضي الله عنه قال: سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، فلم أجد أحداً أثبت لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أم هانئ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها مرة واحدة، ثمان ركعات، يوم الفتح في ثوب واحد، مخالفاً بين طرفيه، لم أره صلاها قبلها ولا بعدها.
فذكرت ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني كنت لأمر على هذه الأية {يسبحن بالعشي والإِشراق} فأقول أي صلاة صلاة الإِشراق؟ فهذه صلاة الإِشراق.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبدالله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانئ، فقلنا لها: أخبري ابن عباس رضي الله عنهما بما أخبرتنا به. فقالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي، فصلى الضحى ثمان ركعات. فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما عرفت صلاة الإِشراق إلا الساعة {يسبحن بالعشي والإِشراق}.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طلبت صلاة الضحى في القرآن، فوجدتها {بالعشي والإِشراق}.
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، هي صلاة الأوابين».
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أنس صل صلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء، وهم يصلون الضحى. وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس، فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال».
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواب».
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصراً من ذهب».
وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلِ صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين».
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال، والبيهقي في شعب الإِيمان، عن الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الفجر، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه».
وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبدالله السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى الصبح في مسجد جماعة، ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى، كان له كأجر حاج أو معتمر، قام له حجته وعمرته».
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيراً غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر».
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعاً كتب من العابدين، ومن صلى ستاً كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانياً كتب من القانتين، ومن صلى إثنتي عشرة بنى الله له بيتاً في الجنة»
وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين، وإن صليتها أربعاً كنت من المحسنين، وإن صليتها ستاً كتبت من القانتين، وإن صليتها ثمانياً كتبت من الفائزين، وإن صليتها عشراً لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب، وإن صليتها إثنتي عشرة بنى الله لك بيتاً في الجنة».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر».

.تفسير الآيات (19- 20):

{وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)}
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {والطير محشورة} قال: مسخرة له {كل له أوّاب} قال: مطيع {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة} أي السنة {وفصل الخطاب} قال: البينة على الطالب، واليمين على المطلوب.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه {وشددنا ملكه} قال: كان أشد ملوك أهل الدنيا لله سلطاناً {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} قال: ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام قتل ولده فسأل الرجل على ذلك فجحده، فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام: قوما حتى أنظر في أمركما، فقاما من عنده، فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له: أقتل الرجل الذي استعدى، فقال: إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت، فأتى الليلة الثانية في منامه فقيل له: أقتل الرجل، فلم يفعل. ثم أتى الليلة الثالثة فقيل له: أقتل الرجل، أو تأتيك العقوبة من الله تعالى، فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال: إن الله أمرني أن أقتلك فقال: تقتلني بغير بينة ولا تثبت قال: نعم. والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل: لا تعجل عليَّ حتى أخبرك. إني ما أخذت بها الذنب، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته، فبذلك أخذت، فأمر به داود عليه السلام فقتل، فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه. فهو قول الله تعالى {وشددنا ملكه}.
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وشددنا ملكه} قال: كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله: {وآتيناه الحكمة} قال: النبوة {وفصل الخطاب} قال: علم القضاء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {وآتيناه الحكمة} قال: أعطي الفهم.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وآتيناه الحكمة} قال: الصواب {وفصل الخطاب} قال: الإِيمان والشهود.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فصل الخطاب} قال: إصابة القضاء وفهمه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال: فصل القضاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال: الفهم في القضاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال: الشهود والإِيمان.
وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه.
إن داود عليه السلام أمر بالقضاء، فقطع به، فأوحى الله تعالى إليه: أن استحلفهم باسمي، وسلهم البينات قال: فذلك {فصل الخطاب}.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه {وفصل الخطاب} قال: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله: {وفصل الخطاب} قال: هو قول الرجل: أما بعد.
وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أول من قال: (أما بعد) داود عليه السلام، وهو فصل الخطاب.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول {فصل الخطاب} الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد.