فصل: تفسير الآيات (13- 14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (13- 14):

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)}
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه، في قوله، {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً}: قال: وصاك يا محمد وأنبياءه كلهم ديناً واحداً.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً} قال: الحلال والحرام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه قال: بعث نوح عليه السلام، حين بعث بالشريعة، بتحليل الحلال وتحريم الحرام.
وأخرج ابن المنذر، عن زيد بن رفيع، بقية أهل الجزيرة، قال: بعث الله نوحاً عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة نوح عليه السلام، ما كانوا، فما أطفأها إلا الزندقة، ثم بعث الله موسى عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة من بعد موسى، ما كانوا، فما أطفأها إلا الزندقة، ثم بعث الله عيسى عليه السلام، وشرع له الدين، فكان الناس في شريعة عيسى عليه السلام، ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة، قال: ولا يخاف على هلاك هذا الدين، إلا الزندقة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، عن الحكم، قال: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً}، قال: جاء نوح عليه السلام بالشريعة، بتحريم الأمهات والأخوات والبنات.
وأخرج ابن جرير، عن السدي رضي الله عنه {أن أقيموا الدين}، قال: اعملوا به.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن قتادة: {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}. قال: تعلموا أن الفرقة هلكة، وأن الجماعة ثقة، {كَبُرَ على المشركين ما تدعوهم إليه}. قال: استكبر المشركون أن قيل لهم: لا إله إلا الله، ضانها إبليس وجنوده ليردوها، فأبى الله إلا أن يمضيها وينصرها ويظهرها على ما ناوأها، وهي كلمة من خاصم بها فلج، ومن انتصر بها نصر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه {الله يجتبي إليه من يشاء} قال: يخلص لنفسه من يشاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {بغياً بينهم} قال: كثرت أموالهم فبغى بعضهم على بعض.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {ويهدي إليه من ينيب} قال: من يقبل إلى طاعة الله، وفي قوله: {وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم}، قال: اليهود والنصارى.
وأخرج عبد بن حميد، عن كعب رضي الله عنه {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم} قال: في الدنيا.

.تفسير الآيات (15- 16):

{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة، {وأمرت لأعدل بينكم} قال: أمر نبي الله- صلى الله عليه وسلم- ان يَعْدلَ فعدل، حتى مات. والعدل، ميزان الله في الأرض، به يأخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من الشديد، وبالعدل، يصدق الله الصادق ويكذب الكاذب، وبالعدل، يرد المعتدي ويوبخه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لا حجة بيننا وبينكم} قال: لا خصومة بيننا وبينكم.
قوله تعالى: {والذين يحاجون في الله}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {والذين يُحَاجُّون في الله من بعد ما استجيب له} قال: هم أهل الكتاب، كانوا يجادلون المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله. وقال: هم قوم من أهل الضلالة، وكان استجيب على ضلالتهم، وهم يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} قال: طمع رجال بأن تعود الجاهلية.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {والذين يحاجون في الله} الآية قال: هم اليهود والنصارى، حاجوا المسلمين في ربهم، فقالوا: أنزل كتابنا قبل كتابتكم، ونبينا قبل نبيكم، فنحن أولى بالله منكم، فأنزل الله: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} [ آل عمران: 6] وأما قوله: {من بعد ما استجيب له} قال: من بعد ما استجاب المسلمون لله وصلوا لله.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} الآية قال: قال أهل الكتاب لأصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- نحن أولى بالله منكم، فأنزل الله: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم} يعني أهل الكتاب.
وأخرج ابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما نزلت {إذا جاء نصر الله والفتح} [ النصر: 1] قال المشركون بمكة: لمن بين أظهرهم من المؤمنين، قد دخل الناس في دين الله أفواجاً، فاخرجوا من بين أظهرنا، فعلام تقيمون بين أظهرنا؟ فنزلت {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له} الآية.

.تفسير الآية رقم (17):

{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} قال: العدل.
وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان واقفاً بعرفة، فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب، فبكى واشتد بكاؤه، وتلا قول الله تعالى {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} إلى {العزيز} فقيل له فقال: ذكرت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو واقف بمكاني هذا، فقال: «أيها الناس لم يبق من دنياكم هذه فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى».
وأخرج ابن مردويه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قد كان الرجل منا يدخل الخلاء، فيحمل الاداوة من الماء، فإذا خرج توضأ خشية من أن تقوم الساعة، وأن يكون عنده الفضلة من الطعام، فيقول لا آكلها حتى تقوم الساعة.
وأخرج أحمد وهناد بن السري والطبراني وابن مردويه والضياء، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين».

.تفسير الآيات (18- 19):

{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}
أخرج ابن المنذر، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا تقوم الساعة حتى يتمناها المتمنون، فقيل له {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها} قال: إنما يتمنونها خشية على إيمانهم.

.تفسير الآية رقم (20):

{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}
أخرج ابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {من كان يريد حرث الآخرة} قال: عيش الآخرة، {نزد له في حرثه} {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها} الآية قال: من يؤثر دنياه على آخرته، لم يجعل له نصيباً في الآخرة إلا النار، ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئاً، إلا رزقاً قد فرغ منه وقسم له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة {من كان يريد حرث الآخرة} قال: من كان يريد عيش الآخرة نزد له في حرثه {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} قال: من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل الله له نصيباً في الآخرة إلا النار، ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئاً، إلا رزقاً قد فرغ منه وقُسِمَ له.
وأخرج ابن مردويه من طريق قتادة، عن أنس رضي الله عنه {ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} قال: نزلت في اليهود.
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه وابن حبان، عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه} الآية. ثم قال: يقول الله: ابن آدم تفرغ لعبادتي، أملأ صدرك غنى، وأسُدُّ فقرك، وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلاً، ولم أسدّ فقرك».
وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- مرفوعاً «من جعل الهم هماً واحداً اكفاه الله هم دنياه. ومن تشعبته الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك».
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر، عن علي رضي الله عنه قال: الحرث حرثان، فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الآخرة، الباقيات الصالحات.
وأخرج ابن المبارك، عن مرة رضي الله عنه قال: ذكر عند عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قوم قتلوا في سبيل الله، فقال: إنه ليس على ما تذهبون وترون، إنه إذا التقى الزحقان، نزلت الملائكة، فكتبت الناس على منازلهم، فلان يقاتل للدنيا، وفلان يقاتل للملك، وفلان يقاتل للذكر، ونحو هذا، وفلان يقاتل يريد وجه الله، فمن قتل يريد وجه الله، فذلك في الجنة.
وأخرج ابن النجار في تاريخه، عن رزين بن حصين رضي الله عنه قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما بلغت الحواميم، قال لي: قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت اثنتين وعشرين آية من {حمعاساقا} بكى ثم قال: اللهم إني أسألك اخبات المخبتين، وخلاص الموقنين، ومرافقة الأبرار، واستحقاق حقائق الإِيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ورجوت رحمتك والفوز بالجنة والنجاة من النار، ثم قال: يا رزين، إذا ختمت فادع بهذه، فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن.

.تفسير الآيات (21- 26):

{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد في قوله: {ولولا كلمة الفصل}، قال: يوم القيامة أخروا إليه، وفي قوله: {روضات الجنة} قال: المكان الموفق.
أما قوله تعالى: {لهم ما يشاؤون}.
أخرج ابن جرير، عن أبي ظبية رضي الله عنه قال: إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة، فتقول ما أمطركم؟ قال: فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم، حتى أن القائل منهم ليقول: أمطرينا كواعب أتراباً.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طريق طاوس، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه سئل عن قوله: {إلا المودة في القربى} فقال سعيد بن جبير: رضي الله عنه قربى آل محمد، فقال ابن عباس:- رضي الله عنهما- عجلت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش، إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أسألكم عليه أجراً إلا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم، وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن الشعبي رضي الله عنه قال: أكثر الناس علينا في هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} فكتبنا إلى ابن عباس رضي الله عنه نسأله، فكتب ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان واسط النسب لي قريش، ليس بطن من بطونهم، إلا وقد ولدوه، فقال الله: {قل لا أسألكم عليه أجراً} على ما أدعوكم إليه {إلا المودة في القربى} تودوني لقرابتي منكم وتحفظوني بها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {إلا المودة في القربى} قال: «كان لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرابة من جميع قريش، فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه، قال: يا قوم،إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم ولا يكون غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي منكم».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الضحاك، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: نزلت هذه الآية بمكة. وكان المشركون يؤذون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله تعالى: {قل} لهم يا محمد، {لا أسألكم عليه} يعني على ما أدعوكم إليه {أجراً} عوضاً من الدنيا {إلا المودة في القربى} إلا الحفظ لي في قرابتي فيكم، قال: المودة إنما هي لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قرابته، فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يلحقه بإخوته من الأنبياء- عليهم السلام- فقال: {لا أسألكم عليه أجراً} فهو لكم {إن أجري إلا على الله} يعني ثوابه وكرامته في الآخرة، كما قال نوح عليه السلام: {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} [ الشعراء: 109] وكما قال هود وصالح وشعيب: لم يستثنوا أجراً، كما استثنى النبي صلى الله عليه وسلم، فرده عليهم. وهي منسوخة.
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الآية {قل لا أسألكم} على ما أتيتكم به من البينات والهدى {أجراً} إلا أن تودوا الله، وأن تتقربوا إليه بطاعته.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} قال: أن تتبعوني وتصدقوني وتصلوا رحمي.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في الآية قال: إن محمداً قال: لقريش: «لا أسألكم من أموالكم شيئاً، ولكن أسألكم أن تودوني لقرابة ما بيني وبينكم فإنكم قومي وأحق من أطاعني وأجابني».
وأخرج ابن مردويه من طريق ابن المبارك، عن ابن عباس في قوله: {إلا المودة في القربى} قال: تحفظوني في قرابتي.
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في الآية- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن في قريش بطن إلا وله فيهم أم، حتى كانت له من هذيل أم، فقال الله: {قل لا أسألكم عليه أجراً} إلا أن تحفظوني في قرابتي، إن كذبتموني فلا تؤذوني.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق مقسم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: «قالت الأنصار: فعلنا وفعلنا وكأنهم فخروا، فقال ابن عباس- رضي الله عنهما- لنا الفضل عليكم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاهم في مجالسهم، فقال يا معشر الأنصار، ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أفلا تجيبوني؟ قالوا: ما تقول يا رسول الله؟ قال: ألا تقولون ألم يخرجك قومك فآويناك؟ أو لم يكذبوك فصدقناك؟ أو لم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول: حتى جثوا على الركب، وقالوا: أموالنا وما في أيدينا لله ورسوله، فنزلت {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}».
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير، قال: قالت الأنصار فيما بينهم: لولا جمعنا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- مالاً يبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد، فقالوا: يا رسول الله، إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا، فأنزل الله: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} فخرجوا مختلفين، فقالوا: لمن ترون ما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ فقال بعضهم: إنما قال هذا، لنقاتل عن أهل بيته، وننصرهم. فأنزل الله: {أم يقولون افترى على الله كذباً} إلى قوله: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} فعرض لهم بالتوبة إلى قوله: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله} هم الذين قالوا هذا: أن يتوبوا إلى الله ويستغفرونه.
وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «{لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} أن تحفظوني في أهل بيتي وتودّوهم بي».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «لما نزلت هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداها».
وأخرج سعيد بن منصور، عن سعيد بن جبير {إلا المودة في القربى} قال: قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم، قال: لما جيء بعلي بن الحسين رضي الله عنه أسيراً، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي بن الحسين رضي الله عنه أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: أقرأت آل حم؟ قال: لا. قال: أما قرأت {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} قال: فإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس {ومن يقترف حسنة} قال: المودة لآل محمد.
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي والحاكم، عن المطلب بن ربيعة رضي الله عنه قال: «دخل العباس على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث، فإذا رأونا سكتوا، فغصب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ودر عرق بين عينيه، ثم قال: والله لا يدخل قلب امرئ مسلم إيمان، حتى يحبكم لله ولقرابتي».
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي، عن زيد بن أرقم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أذكركم الله في أهل بيتي».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في المصاحف، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما».
وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي».
وأخرج البخاري، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: ارقبوا محمداً- صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته.
وأخرج ابن عدي، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أبغضنا أهل البيت فهو منافق».
وأخرج الطبراني، عن الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد، إلا ذيد يوم القيامة بسياط من نار».
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل، إلا أدخله الله النار».
وأخرج الطبراني والخطيب من طريق أبي الضحى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء العباس إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إنك قد تركت فينا ضغائن منذ صنعت الذي صنعت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يبلغوا الخير أو الإِيمان حتى يحبوكم».
وأخرج الخطيب من طريق أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: «أتى العباس بن عبد المطلب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إنا لنعرف الضغائن في أناس من قومنا؛ من وقائع أوقعناها، فقال: أما والله إنهم لن يبلغوا خيراً حتى يحبوكم، لقرابتي، ترجو سليم شفاعتي، ولا يرجوها بنو عبد المطلب».
وأخرج ابن النجار في تاريخه، عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل شيء أساس وأساس الإِسلام حب أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحب أهل بيته».
وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى} قال: ما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يسألهم على هذا القرآن أجراً، ولكنه أمرهم أن يتقربوا إلى الله؛ بطاعته وحب كتابه.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن الحسن رضي الله عنه في الآية، قال: كل من تقرب إلى الله بطاعته وجبت عليه محبته.
وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن في قوله: {إلا المودة في القربى} قال: إلا التقرب إلى الله بالعمل الصالح.
وأخرج عبد بن حميد، عن عكرمة في الآية، قال: كن له عشر أمهات في المشركات، وكان إذا مر بهم أذوه في تنقيصهن وشتمهن، فهو قوله: {إلا المودة في القربى} يقول: لا تؤذوني في قرابتي.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن الله غفور شكور} قال: غفور للذنوب شكور للحسنات يضاعفها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة في قوله: {فإن يشإ الله يختم على قلبك} قال: إن يشإ الله أنساك ما قد آتاك، والله تعالى أعلم.
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن الزهري في قوله: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله فيه العطش».
وأخرج مسلم والترمذي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أفرح بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها».
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا اشتد عليه العطش والحر قال: ارجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فرجع، فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده عليه زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوّجها، قال: لا بأس به ثم قرأ {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن عتبة بن الوليد، حدثني بعض الرهاويين قال: سمع جبريل عليه السلام، خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، وهو يقول: يا كريم العفو، فقال: له جبريل عليه السلام، وتدري ما كريم العفو؟ قال: لا يا جبريل.
قال: «ان يعفو عن السيئة ويكتبها حسنة».
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني، عن الأخنس قال: امترينا في قراءة هذا الحرف، ويعلم ما يفعلون أو تفعلون، فأتينا ابن مسعود فقال: تفعلون.
وأخرج عبد بن حميد، عن علقمة رضي الله عنه، أنه قرأ في {حمعاساقا} {ويعلم ما تفعلون} بالتاء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، عن سلمة بن سبرة رضي الله عنه قال: خطبنا معاذ رضي الله عنه، فقال: أنتم المؤمنون وأنتم أهل الجنة والله إني لأطمع أن يكون عامة من تنصبون بفارس والروم في الجنة؛ فإن أحدهم يعمل الخير، فيقول أحسنت بارك الله فيك، أحسنت رحمك الله، والله يقول: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله}.
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة، عن أبي إبراهيم اللخمي في قوله: {ويزيدهم من فضله} قال يشفعون في إخوان اخوانهم.