فصل: تفسير الآيات (31- 35):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (31- 35):

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {وأزلفت الجنة} قال: زينت الجنة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان عن التميمي قال: سألت ابن عباس عن الأواب الحفيظ قال حفظ ذنوبه حتى رجع عنها.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن سعيد بن سنان في قوله: {لكل أواب حفيظ} قال: حفظ ذنوبه فتاب منها ذنباً ذنباً.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن سعيد بن المسيب قال: الأواب الذي يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب حتى يختم الله له بالتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أنس بن خباب قال: قال لي مجاهد ألا أنبئك بالأواب الحفيظ؟ هو الرجل يذكر ذنبه إذا خلا فيستغفر له.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبيد بن عمير مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير قال: كنا نعد الأواب الحفيظ الذي يكون في المجلس، فإذا أراد أن يقوم قال: اللهم اغفر لي ما أصبت في مجلسي هذا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {لكل أواب} قال: مطيع لله {حفيظ} قال: لما استودعه الله من حقه ونعمه، وفي قوله: {وجاء بقلب منيب} قال: منيب إلى الله مقبل إليه، وفي قوله: {ادخلوها بسلام} قال: سلموا من عذاب الله وسلم الله عليهم، {ذلك يوم الخلود} قال: خلدوا والله فلا يموتون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {من خشي الرحمن بالغيب} قال: يخشى ولا يرى.
أما قوله تعالى: {لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد}.
أخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه واللالكائي في السنة والبيهقي في البعث والنشور عن أنس في قوله: {ولدينا مزيد} قال: يتجلى لهم الرب عز وجل.
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى وابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط وابن مردويه والآجري في الشريعة والبيهقي في الرؤية وأبو نصر السجزي في الإِبانة من طرق جيدة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل وفي يده مرآة بيضاء فيها نكتة سوداء، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك، فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى، ولكم فيها خير، وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له، وهو عندنا يوم المزيد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل وما يوم المزيد؟ قال: إن ربك اتخذ في الفردوس وادياً أفيح فيه كثب من مسك، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من الملائكة وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين، وتحف تلك المنابر بكراسي من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون، ثم جاء أهل الجنة فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيتجلى لهم تبارك وتعالى حتى ينظروا إلى وجهه، ويقول الله: أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم، فيقولون: ربنا نسألك رضوانك، فيقول: قد رضيت عنكم فسلوني فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، فيقول: لكم ما تمنيتم {ولديّ مزيد} فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة».
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحوّل، ثم تأتيه امرأته فتضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب، فتسلم عليه فيرد عليها السلام، ويسألها من أنتِ؟ فتقول: أنا من المزيد، وإنه ليكون عليها سبعون حلة أدناها مثل الغمان من طوبى، فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك، وإن عليها التيجان، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب».
وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال: إن الله إذا أسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار هبط إلى مرج من الجنة أفيح فمد بينه وبين خلقه حجباً من لؤلؤ وحجباً من نور، ثم وضعت منابر النور وسرر النور وكراسي النور، ثم أذن لرجل على الله، بين يديه أمثال الجبال من النور فيسمع دويّ تسبيح الملائكة معه وصفق أجنحتهم، فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل من هذا الذي قد أذن له على الله؟ فقيل: هذا المجبول بيده والمعلم الأسماء أمرت الملائكة فسجدت له، والذي أبيحت له الجنة: آدم، قد أذن له على الله، ثم يؤذن لرجل آخر بين يديه أمثال الجبال من النور يسمع دويّ تسبيح الملائكة معه وصفق أجنحتهم، فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل: من هذا الذي قد أذن له على الله؟ فقيل: هذا الذي قد اتخذه الله خليلاً، وجعلت النار عليه برداً وسلاماً إبراهيم قد أذن له على الله، ثم أذن لرجل آخر على الله بين يديه أمثال الجبال من النور يسمع معه دويّ تسبيح الملائكة وصفق أجنحتهم، فمد أهل الجنة أعناقهم، فقيل: من هذا الذي قد أذن له على الله فقيل: هذا الذي اصطفاه الله برسالته وقربه نجياً وكلمه كلاماً موسى قد أذن له على الله.
ثم يؤذن لرجل آخر معه مثل جميع مواكب النبيين قبله من بين يديه أمثال الجبال من النور يسمع دويّ تسبيح الملائكة معه وصفق أجنحتهم، فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل: من هذا الذي قد أذن له على الله؟ فقيل: هذا أول شافع وأول مشفع، وأكثر الناس واردة، وسيد ولد آدم، وأول من تنشق عن ذؤابته الأرض، وصاحب لواء الحمد، وقد أذن له على الله فجلس النبيون على منابر النور والصديقون على سرر النور والشهداء على كراسي النور وجلس سائر الناس على كثبان المسك الأذفر الأبيض، ثم ناداهم الرب تعالى من وراء الحجب: مرحباً بعبادي وزواري وجيراني ووفدي يا ملائكتي إنهضوا إلى عبادي فاطعموهم، فقربت إليهم من لحوم الطير كأنها البخت، لا ريش لها ولا عظم، فأكلوا، ثم ناداهم الربّ عز وجل من وراء الحجب: مرحباً بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا اسقوهم. فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المكنون بأباريق الذهب والفضة بأشربة مختلفة لذيذة آخرها كلذة أولها، {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} [ الواقعة: 19] ثم ناداهم الرب عز وجل من وراء الحجب: مرحباً بعبادي وزواري وجيراني ووفدي، أكلوا وشربوا، فكّهوهم، فيقرب إليهم على أطباق مكللة بالياقوت والمرجان من الرطب الذي سمى الله أشدّ بياضاً من اللبن وأشد عذوبة من العسل، فأكلوا، ثم ناداهم الرب من وراء الحجب: مرحباً بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا وشربوا وفكهوا، أكسوهم، ففتحت لهم ثمار الجنة بحلل مصقولة بنور الرحمن فأكسوها. ثم ناداهم الرب عز وجل من وراء الحجب: مرحباً بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا، طيبوهم، فهاجت عليهم ريح يقال لها المثيرة بأباريق المسك الأبيض الأذفر فنفخت على وجوههم من غير غبار ولا قتام، ثم ناداهم الرب عز وجل من وراء الحجب: مرحباً بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا وطيبوا، وعزتي لأتجلين لهم حتى ينظروا إليّ، فذلك إنتهاء العطاء وفضل المزيد فتجلى لهم الرب ثم قال: السلام عليكم عبادي أنظروا إليّ، فقد رضيت عنكم، فتداعت قصور الجنة وشجرها سبحانك أربع مرات وخر القوم سجداً، فناداهم الرب عبادي إرفعوا رؤوسكم فإنها ليست بدار عمل ولا دار نصب إنما هي دار جزاء وثواب، وعزتي ما خلقتها إلا من أجلكم وما من ساعة ذكرتموني فيها في دار الدنيا إلا ذكرتكم فوق عرشي.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «حدثني جبريل قال: يدخل الرجل على الحوراء فتستقبله بالمعانقة والمصافحة فبأي بنان تعاطيه لو أن بعض بنانها بدا لغلب ضوءه ضوء الشمس والقمر، ولو أن طاقة من شعرها بدت لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها، فبينما هو متكئ معها على أريكته إذ أشرق عليه نور من فوقه فيظن أن الله تعالى قد أشرف على خلقه، فإذا حوراء تناديه يا ولي الله أما لنا فيك من دولة، فيقول ومن أنتِ يا هذه؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله: {ولدينا مزيد} فيتحول إليها، فإذا عندها من الجمال والكمال ما ليس مع الأولى، فبينما هو متكئ على أريكته إذ أشرف عليه نور من فوقه فإذا حوراء أخرى تناديه: يا ولي الله أما لنا فيك من دولة؟ فيقول ومن أنتِ يا هذه؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [ السجدة: 17] فلا يزال يتحول من زوجة إلى زوجة».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله: {لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد} قال: لو أن أدنى أهل الجنة نزل به أهل الجنة كلهم لأوسعهم طعاماً وشراباً ومجالس وخدماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن مرة قال: من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول ماذا تريدون فأمطره لكم؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم والله تعالى أعلم.

.تفسير الآيات (36- 37):

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فنقبوا في البلاد} قال: أثروا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {فنقبوا في البلاد} قال: هربوا بلغة اليمن. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت قول عدي بن زيد:
نقبوا في البلاد من حذر الموت ** وجالوا في الأرض أيَّ مجال

وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله: {فنقبوا في البلاد} قال: ضربوا في الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله: {هل من محيص} قال: هل من مهرب يهربون من الموت.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فنقبوا في البلاد هل من محيص} قال: حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركاً.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب} قال: كان المنافقون يجلسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرجون فيقولون ماذا قال آنفاً؟ ليس معهم قلوب.
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإِيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن العقل في القلب والرحمة في الكبد والرأفة في الطحال والنفس في الرئة.
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين، والعقل خير صاحب، والأدب خير ميزان، ولا وحشة أشد من العجب.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله: {أو ألقى السمع} قال: لا يحدث نفسه بغيره {وهو شهيد} قال: شاهد بالقلب.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله: {أو ألقى السمع وهو شهيد} قال: يستمع وقلبه شاهد لا يكون قلبه مكاناً آخر.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله: {أو ألقى السمع وهو شهيد} قال: هو رجل من أهل الكتاب ألقى السمع أي استمع للقرآن وهو شهيد على ما في يديه من كتاب الله أنه يجد النبي محمداً مكتوباً.

.تفسير الآيات (38- 45):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}
أخرج ابن المنذر عن الضحاك قال: قالت اليهود ابتدأ الله الخلق يوم الأحد والإِثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة واستراح يوم السبت، فأنزل الله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: قالت اليهود: إن الله خلق الخلق في ستة أيام وفرغ من الخلق يوم الجمعة واستراح يوم السبت فأكذبهم الله في ذلك فقال: {وما مسنا من لغوب}.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {وما مسنا من لغوب} قال: من نصب.
وأخرج آدم بن أبي إياس والفريابي وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله: {وما مسنا من لغوب} قال: اللغوب النصب. تقول اليهود إنه أعيا بعد ما خلقهما.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن العوّام بن حوشب قال: سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس فيضع إحدى رجليه على الأخرى فقال لا بأس به، إنما كره ذلك اليهود زعموا أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السبت فجلس تلك الجلسة فأنزل الله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسّنا من لغوب}.
قوله تعالى: {فاصبر على ما يقولون} الآية.
أخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر عن جرير بن عبد الله «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} قال: قبل طلوع الشمس صلاة الصبح، وقبل الغروب صلاة العصر».
أما قوله تعالى: {ومن الليل فسبحه وأدبار السجود}.
أخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {ومن الليل فسبحه} قال: العتمة {وأدبار السجود} النوافل.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {ومن الليل فسبحه} قال: الليل كله.
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه «عن ابن عباس قال: بتّ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر ثم خرج إلى الصلاة، فقال يا ابن عباس ركعتان قبل صلاة الفجر أدبار النجوم وركعتان بعد المغرب أدبار السجود».
وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر وابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أدبار النجوم والسجود فقال: «أدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وأدبار النجوم الركعتان قبل الغداة».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات تطوّعاً منها أربع في كتاب الله ومن الليل فسبحه وأدبار السجود، قال: الركعتين بعد المغرب.
وأخرج ابن المنذر ومحمد بن نصر في الصلاة عن عمر بن الخطاب في قوله: {وأدبار السجود} قال: ركعتان بعد المغرب {وأدبار النجوم} قال: ركعتان قبل الفجر.
وأخرج ابن المنذر وابن نصر عن أبي تميم الجيشاني قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وأدبار السجود} هما الركعتان بعد المغرب».
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال: كان يقال أدبار السجود الركعتان بعد المغرب.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: {أدبار السجود} الركعتان بعد المغرب.
وأخرج عن قتادة والشعبي والحسن مثله.
وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي أنه سئل عن الركعتين بعد المغرب فقال هما في كتاب الله تعالى {فسبحه وأدبار السجود}.
وأخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن نصر وابن مردويه من طريق مجاهد قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: أدبار السجود التسبيح بعد الصلاة ولفظ البخاري أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {واستمع يوم يناد المناد} قال: هي الصيحة.
وأخرج ابن عساكر والواسطي في فضائل بيت المقدس عن يزيد بن جابر في قوله: {واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب} قال: يقف إسرافيل على صخرة بيت المقدس فينفخ في الصور فيقول: يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة والأشعار المتقطعة إن الله يأمرك أن تجتمعي لفصل الحساب.
وأخرج ابن جرير عن كعب في قوله: {واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب} قال: ملك قائم على صخرة بيت القدس ينادي يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
وأخرج ابن جرير عن بريدة قال: ملك قائم على صخرة بيت المقدس واضع إصبعيه في أذنيه ينادي يقول: يا أيها الناس هلموا إلى الحساب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواسطي عن قتادة في قوله: {يوم يناد المناد من مكان قريب} قال: كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة، وهي أوسط الأرض، وحدثنا أن كعباً قال: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً.
وأخرج الواسطي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم يناد المناد من مكان قريب} قال: من صخرة بيت المقدس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {يوم يسمعون الصيحة بالحق} قال: يسمع النفخة القريب والبعيد.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ذلك يوم الخروج} قال: يوم يخرجون إلى البعث من القبور.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً} قال: تمطر السماء عليهم حتى تشقق الأرض عنهم.
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكة» وتلا ابن عمر {يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً} الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما أنت عليهم بجبار} قال لا تتجبر عليهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وما أنت عليهم بجبار} قال: إن الله كره لنبيه الجبرية، ونهى عنها، وقدم فيها، فقال: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}.
وأخرج الحاكم عن جرير قال: «أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل ترعد فرائصه، فقال: هوّن عليك فإنما أنا ابن إمرأة من قريش كانت تأكل القديد في هذه البطحاء» ثم تلا جرير {وما أنت عليهم بجبار}.
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويتبع الجنائز، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، ولقد كان يوم خيبر ويوم قريظة على حمار خطامه حبل من ليف وتحته اكاف من ليف.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالوا يا رسول الله لو خوّفتنا، فنزلت {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}.