فصل: تفسير الآيات (44- 46):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (44- 46):

{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {سيهزم الجمع ويولون الدبر} قال: كان ذلك يوم بدر قالوا {نحن جميع منتصر} فنزلت هذه الآية.
وأخرج البخاري والنسائي وابن المنذر والطبراني وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر: «أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبداً، فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك، فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يثب في الدرع يوم بدر ويقول:هزم الجمع وولوا الدبر».
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وأنا بمكة وإني لجارية ألعب {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنزل الله على نبيه بمكة قبل يوم بدر {سيهزم الجمع ويولون الدبر} فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله أي جمع سيهزم؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف وهو يقول {سيهزم الجمع ويولون الدبر} وكانت ليوم بدر فأنزل الله فيهم {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب} [ المؤمنون: 64] الآية وأنزل الله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً} [ إبراهيم: 28] الآية ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوسعتهم الرمية وملأت أعينهم وأفواههم، حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه، فأنزل الله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [ الأنفال: 17].
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما نزلت {سيهزم الجمع ويولون الدبر} قال عمر رضي الله عنه: جعلت أقول: أي جمع سيهزم؟ حتى كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول {سيهزم الجمع ويولون الدبر} فعرفت تأويلها يومئذ.
وأخرجه ابن جرير ومن وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما موصولاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية رضي الله عنه {سيهزم الجمع ويولون الدبر} قال: يوم بدر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: «هزموا وولوا الدبر».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله: {والساعة أدهى وأمر} قال: ذكر الله قوم نوح وما أصابهم من العذاب، وذكر عاداً وما أصابهم من الريح، وذكر ثمود وما أصابهم من الصيحة، وذكر قوم لوط وما أصابهم من الحجارة، وذكر آل فرعون وما أصابهم من الغرق، فقال: {أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر} إلى قوله: {والساعة أدهى وأمر} يعني أدهى مما أصاب أولئك وأمرّ.
وأخرج ابن المبارك في الزهد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال سبعاً ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغياً أو فقراً منسياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال، والدجال شر غائب ينتظر أو الساعة {والساعة أدهى وأمر}».
وأخرج ابن مردويه عن معقل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله جعل عقوبة هذه الأمة السيف وجعل موعدهم الساعة {والساعة أدهى وأمر}».

.تفسير الآيات (47- 53):

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)}
أخرج أحمد ومسلم وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
وأخرج البزار وابن المنذر بسند جيد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: ما أنزلت هذه الآية {إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر} إلا في أهل القدر.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن شاهين وابن منده والباوردي في الصحابة والخطيب في تالي التلخيص وابن عساكر عن زرارة رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية {ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر} قال: في أناس من أمتي في آخر الزمان يكذبون بقدر الله».
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذه الآية نزلت في القدرية {إن المجرمين في ضلال وسعر}».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر عن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، وكانت أمه لبابة بنت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالت: كنت أزور جدي ابن عباس رضي الله عنهما في كل يوم جمعة قبل أن يكف بصره، فسمعته يقرأ في المصحف فلما أتى على هذه الآية {إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم} قال: يا بنية ما أعرف أصحاب هذه الآية ما كانوا بعد وليكونن.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له: قد تكلم في القدر، فقال: أو فعلوها؟ والله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم {ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر} أولئك شرار هذه الأمة، لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم إن أريتني واحداً منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين.
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية في القدرية {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما {إنا كل شيء خلقناه بقدر} قال: خلق الله الخلق كلهم بقدر، وخلق لهم الخير والشر بقدر.
وأخرج مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس».
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال: كل شيء بقضاء وقدر حتى وضعك يدك على خدك.
وأخرج أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لكل أمة مجوس، ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».
وأخرج ابن شاهين في السنة عن محمد بن كعب القرظي قال: طلبت هذا القدر فيما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم فوجدته في {اقتربت الساعة}، {وكل شيء فعلوه في الزبر}، {وكل صغير وكبير مستطر}.
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن محمد بن كعب القرظي قال: إنما نزلت هذه {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر} تعيير الأهل القدر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {وكل شيء فعلوه في الزبر} قال: في الكتاب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى {وكل صغير وكبير مستطر} قال: مسطور في الكتاب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وكل صغير وكبير مستطر} قال: محفوظ مكتوب.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {وكل صغير وكبير مستطر} قال: مكتوب.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {مستطر} مكتوب في سطر.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {ولقد أهلكنا أشياعكم} قال: أشياعهم من أهل الكفر من الأمم السالفة {فهل من مدكر} يقول: هل من أحد يتذكر؟.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ما طنَّ ذباب إلا بقدر، ثم قرأ {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر}.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال: المكذبون بالقدر مجرمو هذه الأمة، وفيهم أنزلت هذه الآية {إن المجرمين في ضلال وسعر} إلى قوله: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} قال: يقول خلق كل شيء فقدره، فقدر الدرع للمرأة، والقميص للرجل، والقتب للبعير، والسرج للفرس، ونحو هذا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: جاء العاقب والسيد وكانا رأسي النصارى بنجران فتكلما بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بكلام شديد في القدر، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت ما يجيبهما بشيء حتى انصرفا، فأنزل الله: {أكفاركم خير من أولئكم} الذين كفروا وكذبوا بالله قبلكم {أم لكم براءة في الزبر} في الكتاب الأول إلى قوله: {ولقد أهلكنا أشياعكم} الذين كفروا وكذبوا بالقدر قبلكم {وكل شيء فعلوه في الزبر} في أم الكتاب {وكل صغير وكبير مستطر} يعني مكتوب إلى آخر السورة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن محمد بن كعب قال: كنت أقرأ هذه الآية فما أدري من عني بها حتى سقطت عليها {إن المجرمين في ضلال وسعر} إلى قوله: {كلمح بالبصر} فإذا هم المكذبون بالقدر.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في أهل التكذيب إلى آخر الآية، قال مجاهد: قلت لابن عباس: ما تقول فيمن يكذب بالقدر؟ قال: اجمع بيني وبينه، قلت: ما تصنع به؟ قال: أخنقه حتى أقتله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أمتي ليس لهما في الإِسلام نصيب المرجئة والقدرية، أنزلت فيهم آية من كتاب الله {إن المجرمين في ضلال وسعر} إلى آخر الآية».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إني لأجد في كتاب الله قوماً يسحبون في النار على وجوههم يقال لهم {ذوقوا مسَّ سقر} لأنهم كانوا يكذبون بالقدر وإني لا أراهم فلا أدري أشيء كان قبلنا أم شيء فيما بقي.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: ما نزلت هذه الآية إلا تعييراً لأهل القدر {ذوقوا مسَّ سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل أمة مجوساً وإن مجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر، فمن مرض فلا تعودوه وإن مات فلا تشهدوه، وهم من شيعة الدجال حق على الله أن يلحقهم به».
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت بأذني هاتين رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما خلق الله القلم قيل: اكتب لا بد قال: وما لا بد قال: القدر، قال: وما القدر؟ قال: تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك إن مت على غير ذلك دخلت النار».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي أين خصماء الله؟ فيقومون مسودة وجوههم مزرقة عيونهم مائلاً شفاههم يسيل لعابهم، يقذرهم من رآهم، فيقولون: والله يا ربنا ما عبدنا من دونك شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً» قال ابن عباس رضي الله عنهما: لقد أتاهم الشرك من حيث لا يعلمون، ثم تلا ابن عباس {يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون} [ المجادلة: 18]، هم والله القدريون ثلاث مرات.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: ذكر لابن عباس أن قوماً يقولون في القدر فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنهم يكذبون بكتاب الله فلآخذن بشعر أحدهم فَلأَنصينَّهُ، ان الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئاً، وأول شيء خلق القلم، وأمره أن يكتب ما هو كائن، فإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي يحيى الأعرج قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وذكر القدرية، فقال: لو أدركت بعضهم لفعلت به كذا وكذا ثم قال: الزنا بقدر، والسرقة بقدر، وشرب الخمر بقدر.
وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {إنا كل شيء خلقناه بقدر} قال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ أفي شيء نستأنفه أم في شيء قد فرغ منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكل ميسر سنيسره لليسرى وسنيسره للعسرى».