فصل: تفسير الآيات (11- 18):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (11- 18):

{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك} يقول: منا المسلم ومنا المشرك {كنا طرائق قدداً} قال: أهواء شتى.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى: {طرائق قدداً} قال: المنقطعة في كل وجه. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الشاعر وهو يقول:
ولقد قلت وزيد حاسر ** يوم ولت خيل زيد قدداً

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {كنا طرائق قدداً} قال: أهواء مختلفة.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {كنا طرائق قدداً} قال: مسلمين وكافرين.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدي في قوله: {كنا طرائق قدداً} يعني الجن هم مثلكم قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض} الآية، قالوا: لن نمتنع منه في الأرض ولا هرباً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فلا يخاف بخساً ولا رهقاً} قال: لا يخاف نقصاً من حسناته {ولا رهقاً} ولا أن يحمل عليه ذنب غيره.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ومنا القاسطون} قال: العادلون عن الحق.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ومنا القاسطون} قال: هم الظالمون.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {ومنا القاسطون} قال: هم الجائرون، وفي قوله: {وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً} قال: لو آمنوا كلهم {لأسقيناهم} لأوسعنا لهم من الدنيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة} قال: أقاموا ما أمروا به {لأسقيناهم ماء غدقاً} قال: معيناً.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: {وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم} الآية، قال: يقول لو استقاموا على طاعة الله وما أمروا به لأكثر الله لهم من الأموال حتى يغتنوا بها، ثم يقول الحسن: والله إن كان أصحاب محمد لكذلك، كانوا سامعين لله مطيعين له، فتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر، فتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة} قال: طريقة الإِسلام {لأسقيناهم ماء غدقاً} قال: لأعطيناهم مالاً كثيراً.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {ماء غدقاً} قال: كثيراً جارياً. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت الشاعر يقول:
تدني كراديس ملتفاً حدائقها ** كالنبت جادت به أنهارها غدقاً

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السري قال: قال عمر {وأَلَّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً} قال: لأعطيناهم مالاً كثيراً.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك {لأسقيناهم ماء غدقاً} قال: كثيراً، والماء المال.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله: {ماء غدقاً} قال: عيشاً رغداً.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم به. وفي قوله: {ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعداً} قال: مشقة العذاب يصعد فيها.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم حتى يرجعوا إلى ما كتب عليهم وفي قوله: {عذاباً صعداً} قال: مشقة من العذاب.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {يسلكه عذاباً صعداً} قال: جبلاً في جهنم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {عذاباً صعداً} قال: صعوداً من عذاب الله لا راحة فيه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {عذاباً صعداً} قال: صعوداً من عذاب الله لا راحة فيه.
وأخرج هناد عن مجاهد وعكرمة في قوله: {عذاباً صعداً} قال: مشقة من العذاب.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {يسلكه} بالياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وأن المساجد لله} قال: لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام ومسجد إيليا بيت المقدس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش قال: قالت الجن: يا رسول الله ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك، فأنزل الله: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} يقول: صلوا لا تخالطوا الناس.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: قالت الجن للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤون عنك؟ أو كيف نشهد الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت {وأن المساجد لله} الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وأن المساجد لله} الآية، قال: إن اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بربهم، فأمرهم أن يوحدوه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} قال: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بالله، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخلص الدعوة لله إذا دخل المسجد.

.تفسير الآيات (19- 28):

{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)}
أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخط لي خطاً وقال: لا تحدثن شيئاً حتى آتيك»، ثم قال: «لا يهولنك شيء تراه». فتقدم شيئاً ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزطّ، وكانوا كما قال الله تعالى: {كادوا يكونون عليه لبداً}.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وأنه لما قدم عبد الله كادوا يكونون عليه لبداً} قال: لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلوا القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه {قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الزبير بن العوام مثله.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً} قال: لما أتى الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه له، فقالوا لقومهم: {لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه} أي يدعو إليه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً} قال: لما قام نبي الله صلى الله عليه وسلم تلبدت الإِنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله إلا أن ينصره ويظهره على من ناوأه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن {وأنه لما قام عبد الله يدعوه} قال: لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا إله إلا الله، ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كادوا يكونون عليه لبداً} قال: أعواناً.
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي بكر عن أبي عاصم أنه قرأ {يكونون عليه لبداً} بكسر اللام ونصب الباء وفي {لا أقسم بهذا البلد} {مالاً لبداً} [ البلد: 6] برفع اللام ونصب الباء، وفسرها أبو بكر فقال: {لبداً}كثيراً و {لبداً}بعضها على بعض.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {قل إنما أدعو ربي} بغير ألف.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي. قال: ذكر لنا أن جنياً من الجن من أشرافهم ذا تبع قال: إنما يريد محمد أن نجيره وأنا أجيره فأنزل الله: {قل إني لن يجيرني من الله أحد} الآية.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال: انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط علي خطاً ثم تقدم إليهم فازدحموا عليه فقال سيدهم، يقال له وردان: الا أرجلهم عنك يا رسول الله؟ قال: {إني لن يجيرني من الله أحد}.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله: {ولن أجد من دونه ملتحداً} قال: ملجأ.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ولن أجد من دونه ملتحداً} قال: ملجأ ولا نصيراً إلا بلاغاً من الله ورسالاته. قال: هذا الذي يملك بلاغاً من الله ورسالاته، وفي قوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} قال: فإنه إذا ارتضى الرسول اصطفاه، وأطلعه على ما شاء من غيبه وانتخبه.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} قال: أعلم الله الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم عليه فيما أوحي إليهم من غيبه وما يحكم الله فإنه لا يعلم ذلك غيره.
وأخرج ابن حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً} قال: هي معقبات من الملائكة يحفظونه من الشيطان حتى يبين الذي أرسل إليهم به، وذلك حين يقول أهل الشرك قد أبلغوا رسالات ربهم.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله: {إلا من ارتضى من رسول} قال: جبريل.
وأخرج ابن مردويه عن عباس قال: ما أنزل الله على نبيه آية من القرآن إلا ومعها أربعة من الأملاك يحفظونها حتى يؤدوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً} يعني الملائكة الأربعة ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {إلا من ارتضى من رسول} قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يلقى الشيطان في أمنيته يدنون منه فلما ألقى الشيطان في أمنيته أمرهم أن يتنحوا عنه قليلاً ليعلم أن الوحي إذا نزل من عند الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله: {فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً} قال: أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل ليعلم محمد {أن قد أبلغوا رسالات ربهم} قال: وما جاء جبريل إلا ومعه أربعة من الملائكة حفظة.
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله: {فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً} قال: الملائكة يحفظونه من الجن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك بن مزاحم في قوله: {إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً} قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث إليه الملك بالوحي بعث معه نفراً من الملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه أن يتشبه الشيطان على صورة الملك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {إلا من ارتضى من رسول} قال: يظهره من الغيب على ما شاء إذا ارتضاه وفي قوله: {فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً} قال: من الملائكة وفي قوله: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم} قال: ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله وأن الله حفظها ودفع عنها.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {ليعلم} قال: ليعلم ذلك من كذب الرسل {أن قد أبلغوا رسالات ربهم}.