فصل: تفسير الآية رقم (16):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (16):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)}
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال: الكفر بالإِيمان.
واخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {اشتروا الضلالة بالهدى} قال: أخذوا الضلالة، وتركوا الهدى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال: آمنوا ثم كفروا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} قال: استحبوا الضلال على الهدى {فما ربحت تجارتهم} قال: قد والله رأيتهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.

.تفسير الآيات (17- 20):

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والصابوني في المائتين عن ابن عباس قي قوله: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً} الآية. قال: هذا مثل ضربه الله للمنافقين، كانوا يعتزون بالإِسلام، فيناكحهم المسلمون، ويوارثونهم، ويقاسمونهم الفيء. فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه {وتركهم في ظلمات} يقول في عذاب {صم بكم عمي} لايسمعون الهدى، ولا يبصرونه، ولا يعقلونه {أو كصيب} هو المطر. ضرب مثله في القرآن {فيه ظلمات} يقول: ابتلاء {ورعد وبرق} تخويف {يكاد البرق يخطف أبصارهم} يقول: يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين {كلما أضاء لهم مشوا فيه} يقول: كلما أصاب المنافقون من الإِسلام عزاً اطمأنوا، فإن أصاب الإِسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله: {ومن الناس من يعبد الله على حرف..} [ الحج: 11] الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناسٍ من الصحابة في قوله: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً...} الآية. قال: إن ناساً دخلوا في الإِسلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ثم نافقوا، فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة، فأوقد ناراً ف {أضاءت ما حوله} من قذى أو أذى، فأبصره حتى عرف ما يتقي. فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى، فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك فأسلم، فعرف الحلال من الحرام، والخير من الشر، بينا هو كذلك إد كفر، فصار لا يعرف الحلال من الحرام، ولا الخير من الشر، فهم {صم بكم} فهم الخرس {فهم لا يرجعون} إلى الإِسلام. وفي قوله: {أو كصيب...} الآية. قال: كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله. فيه رعد شديد، وصواعق، وبرق، فجعلا كلما أصابتهما الصواعق يجعلان أصابعهما في آذانهما من الفرق، أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما، وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه، وإذا لم يلمع لم يبصرا. قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان. ليتنا قد أصبحنا، فنأتي محمداً فنضع أيدينا في يده، فأصبحا فأتياه فأسلما، ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما.
فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين، مثلاً للمنافقين الذين بالمدينة، وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقاً من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل فيهم شيء، أو يذكروا بشيء، فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما {كلما أضاء لهم مشوا فيه} فإذا كثرت أموالهم وولدهم، وأصابوا غنيمة وفتحاً {مشوا فيه} وقالوا: إن دين محمد حينئذ صدق، واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء بهما البرق {وإذا أظلم عليهم قاموا} فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم، وأصابهم البلاء، قالوا هذا من أجل دين محمد، وارتدوا كفاراً، كما كان ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي. مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {كمثل الذي استوقد ناراً} قال: ضربه الله مثلاً للمنافق. وقوله: {ذهب الله بنورهم} أما (النور) فهو إيمانهم الذي يتكلمون به، وأما (الظلمة) فهي ضلالهم وكفرهم. وفي قوله: {أو كصيب} الآية. قال (الصيب) المطر. وهو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من كتاب الله، وعمل مراءاة للناس، فإذا خلا وحده عمل بغيره، فهو في ظلمة ما أقام على ذلك، وأما (الظلمات) فالضلالة، وأما (البرق) فالإِيمان. وهم أهل الكتاب {وإذا أظلم عليهم} فهو رجل يأخذ بطرف الحق لا يستطيع أن يجاوزه.
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {مثلهم...} الآية. قال: ضرب الله مثلاً للمنافقين يبصرون الحق ويقولون به، حتى إذا خرجوا من ظلمة الكفر أطفأوه بكفرهم ونفاقهم، فتركهم في ظلمات الكفر لا يبصرون، هدى ولا يستقيمون على حق {صم بكم عمي} عن الخير {فهم لا يرجعون} إلى هدى، ولا إلى خير. وفي قوله: {أو كصيب..} الآية. يقول: هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر، والحذر من القتل، على الذي هم عليه من الخلاف والتخويف منكم، على مثل ما وصف من الذي هو في ظلمة الصيب، فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق {حذر الموت والله محيط بالكافرين} منزل ذلك بهم من النقمة {يكاد البرق يخطف أبصارهم} أي لشدة ضوء الحق {كلما أضاء لهم مشوا فيه} أي يعرفون الحق ويتكلمون به فهم من قولهم به استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر {قاموا} أي متحيرين {ولو شاء الله لذهب بسمعهم} أي لما سمعوا، تركوا من الحق بعد معرفته.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً} قال: أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى، وذهاب نورهم إقبالهم إلى الكافرين والضلالة، وإضاءة البرق وإظلامه على نحو ذلك المثل {والله محيط بالكافرين} قال: جامعهم في جهنم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً} قال: هذا مثل ضربه الله للمنافق. إن المنافق تكلم بلا إله إلا الله فناكح بها المسلمين، ووارث بها المسلمين، وغازى بها المسلمين، وحقن بها دمه وماله. فلما كان عند الموت لم يكن لها أصل في قلبه، ولا حقيقة في عمله، فسلبها المنافق عند الموت، فترك في ظلمات وعمى يتسكع فيها. كما كان أعمى في الدنيا عن حق الله وطاعته صم عن الحق فلا يبصرونه {فهم لا يرجعون} عن ضلالتهم، ولا يتوبون ولا يتذكرون {أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت} قال: هذا مثل ضربه الله للمنافق لجبنه، لا يسمع صوتاً إلا ظن أنه قد أتي، ولا يسمع صياحاً إلا ظن أنه قد أتي، ولا يسمع صياحاً إلا ظن أنه ميت.
أجبن قوم، وأخذله للحق. وقال الله في آية أخرى {يحسبون كل صيحة عليهم} [ المنافقون: 4] {يكاد البرق يخطف أبصارهم} الآية. قال: {البرق} هو الإِسلام و(الظلمة) هو البلاء والفتنة. فإذا رأى المنافق من الإِسلام طمأنينة، وعافية، ورخاء، وسلوة من عيش {قالوا: إنا معكم} ومنكم، وإذا رأى من الإِسلام شدة، وبلاء، فقحقح عند الشدة فلا يصبر لبلائها، ولم يحتسب أجرها، ولم يرج عاقبتها. إنما هو صاحب دنيا لها يغضب، ولها يرضى، وهو كما هو نعته الله.
واخرج ابن وكيع وعبد بن حميد وأبو يعلى في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة من طرق عن ابن عباس في قوله: {أو كصيب من السماء} قال: المطر.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد والربيع وعطاء. مثله.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الصيب من ههنا. وأشار بيده إلى السماء».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يكاد البرق} قال: يلتمع {يخطف أبصارهم} ولما يخطف. وكل شيء في القرآن (كاد، وأكاد، وكادوا) فإنه لا يكون أبداً.
وأخرج وكيع عن المبارك بن فضالة قال: سمعت الحسين يقرأها {يكاد البرق يخطف أبصارهم}.

.تفسير الآية رقم (21):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)}
أخرج البزار والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال: ما كان {يا أيها الذين آمنوا} أنزل بالمدينة، وما كان {يا أيها الناس} فبمكة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: قرأنا المفصل ونحن بمكة حجيجاً، ليس فيها {يا أيها الذين آمنوا}.
وأخرج أبو عبيد وابن شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن علقمة قال: كل شيء في القرآن {يا أيها الناس} فهو مكي، وكل شيء في القرآن {يا أيها الذين آمنوا} فهو مدني.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه وعبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك. مثله.
وأخرج أبو عبيد عن ميمون بن مهران قال: ما كان في القرآن {يا أيها الناس، ويا بني آدم} فإنه مكي. وما كان {يا أيها الذين آمنوا} فإنه مدني.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن عروة قال: ما كان {يا أيها الناس} بمكة، وما كان {يا أيها الذين آمنوا} بالمدينة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن عروة قال: ما كان من حج، أو فريضة، فإنه نزل بالمدينة، أو حد، أو جهاد، فإنه نزل بالمدينة. وما كان من ذكر الأمم، والقرون، وضرب الأمثال، فإنه نزل بمكة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال: كل سورة فيها {يا أيها الذين آمنوا} فهي مدنيه.
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {يا أيها الناس} فهي للفريقين جميعاً من الكفار والمؤمنين {اعبدوا} قال: وحدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {الذي خلقكم والذين من قبلكم} يقول: خلقكم، وخلق الذين من قبلكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قوله: {لعلكم} يعني كي غير آية في الشعراء {لعلكم تخلدون} [ الشعراء: 129] يعني كأنكم تخلدون.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عون بن عبدالله بن غنية قال: {لعل} من الله واجب.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {لعلكم تتقون} قال: تطيعون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {لعلكم تتقون} قال: تتقون النار.

.تفسير الآية رقم (22):

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {الذي جعل لكم الأرض فراشاً} قال: هي فراش يمشي عليها، وهي المهاد، والقرار، {والسماء بناء} قال بنى السماء على الأرض كهيئة القبة، وهي سقف على الأرض.
وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جبير بن مطعم قال: جاء اعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت المواشي. استسق لنا ربك، فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه فقال: ويحك أتدري ما الله؟ إن شأنه أعظم من ذاك، وإنه لا يستشفع به على أحد، إنه لفوق سمواته على عرشه، وعرشه على سمواته، وسمواته على أرضيه هكذا وقال بأصابعه مثل القبة وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب».
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن أياس بن معاوية قال: السماء مقببة على الأرض مثل القبة.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: شيء من أطراف السماء محدق بالأرضين، والبحار كأطراف الفسطاط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي برة قال: ليست السماء مربعة، ولكنها مقبوّة يراها الناس خضراء.
أما قوله تعالى: {وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم}.
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن. أنه سئل المطر من السماء أم من السحاب؟ قال: من السماء، إنما السحاب علم ينزل عليه الماء من السماء.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال: لا أدري المطر أنزل قطرة من السماء في السحاب، أم خلق في السحاب فأمطر؟.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال: السحاب غربال المطر، ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض، والبذر ينزل من السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال: المطر ماء يخرج من تحت العرش، فينزل من سماء إلى سماء حيث يجمع في السماء الدنيا، فيجتمع في موضع يقال له الايرم، فتجيء السحاب السود، فتدخله فتشربه مثل شرب الاسفنجة، فيسوقها الله حيث يشاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: ينزل الماء من السماء السابعة، فتقع القطرة منه على السحابة مثل البعير.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن يزيد قال: المطر منه من السماء، ومنه ماء يسقيه الغيم من البحر، فيعذبه الرعد والبرق.
فأما ما كان من البحر فلا يكون له نبات، وأما النبات فما كان من السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: ما أنزل الله من السماء قطرة إلا أنبت بها في الأرض. عشبة، أو في البحر لؤلؤة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المطر عن ابن عباس قال: إذا جاء القطر من السحاب تفتحت له الأصداف فكان لؤلؤاً.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: يخلق الله اللؤلؤ في الأصداف من المطر، تفتح الأصداف أفواهها عند المطر، فاللؤلؤة العظيمة من القطرة العظيمة، واللؤلؤة الصغيرة من القطرة الصغيرة.
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي الدنيا في كتاب المطر عن المطلب بن حنطب. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا والسماء تمطر فيها، يصرفه الله حيث يشاء».
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: ما نزل مطر من السماء إلا ومعه البذر. أما انكم لو بسطتم نطعاً لرأيتموه.
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: المطر مزاجه من الجنة، فإذا عظم المزاج عظمت البركة وإن قل المطر، وإذا قل المزاج قلت البركة وإن كثر المطر.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه حيث شاء، وينزل مع المطر كذا وكذا من الملائكة، يكتبون حيث يقع ذلك المطر، ومن يرزقه، وما يخرج منه مع كل قطرة.
أما قوله تعالى {فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون}.
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فلا تجعلوا لله أنداداً} أي لا تشركوا به غيره من الأنداد التي لا تضر ولا تنفع {وأنتم تعلمون} أنه لا رب لكم يرزقكم غيره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: {الأنداد} هو الشرك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {الأنداد} قال: أشباهاً.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {فلا تجعلوا لله أنداداً} قال: أكفاء من الرجال تطيعونهم في معصية الله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله عز وجل {أنداداً} قال: الأشباه والأمثال قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول لبيد:
أحمد الله فلا ندّ له ** بيديه الخير ما شاء فعل

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {أنداداً} قال: شركاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عوف بن عبدالله قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من المدينة فسمع منادياً ينادي للصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على الفطرة فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: خلع الأنداد».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي وابن ماجة وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت فقال: جعلتني لله نداً، ما شاء الله وحده».
وأخرج ابن سعد عن قتيلة بنت صيفي قالت «جاء حبر من الأحبار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون قال: وكيف؟ قال: يقول أحدكم: لا والكعبة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم {تجعلون لله أنداداً} قال: وكيف ذاك؟! قال: يقول أحدكم ما شاء الله وشئت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحبر: إنه قد قال فمن قال منكم فليقل ما شاء ثم شئت».
وأخرج أحمد وابن ماجة والبيهقي عن طفيل بن سخبرة «أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مرّ برهط من اليهود فقال: أنتم نعم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيراً ابن الله فقالوا: وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد. ثم مرَّ رهط من النصارى فقال: أنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا: وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبح أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فخطب فقال: إن طفيلاً رأى رؤيا، وإنكم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم، فلا تقولوها ولكن قولوا: ما شاء الله وحده لا شريك له».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان. قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان».
وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله: {فلا تجعلوا لله أنداداً} أي عدلاء {وأنتم تعلمون} قال: إن الله خلقكم وخلق السموات والأرض.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {فلا تجعلوا لله أنداداً} أي عدلاء {وأنتم تعلمون} قال تعلمون أنه إله واحد في التوراة والإِنجيل لا ند له.