فصل: الأَول وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كِتَابُ الْجَعَالَةِ:

وَهِيَ مِنَ الْجَعْلِ وَالْجَعْلُ فِي اللُّغَةِ -بِفَتْحِ الْجِيمِ- لَهُ خَمْسَةُ مَعَانٍ بِمَعْنَى صَيَّرَ نَحْوِ جَعَلْتُ الطِّينَ خَزَفًا وَسَمَّى نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عِنْد الرَّحْمَن إِناثا} أَي سَمَّوْهُمْ لأَن سُلْطَانَ الْمُشْرِكِينَ إِنما هُوَ عَلَى الأَسماء دُونَ الذَّوَاتِ وَبِمَعْنَى خَلَقَ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَجعل الظُّلُمَات والنور} أَي خَلَقَهُمَا وَبِمَعْنَى أَلقى نَحْوِ جَعَلْتَ مَتَاعَكَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ أَي أَلقيته وَبِمَعْنَى قَارَبَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ نَحْوِ جَعَلَ يَقُولُ كَذَا وَالْجَعَالَةُ مِنْ فَعَلَ أَي الْتَزَمَ مَالًا لِمَنْ يأْتي بِعَبْدِهِ الْآبِقِ أَو نَحْوِ ذَلِكَ وأَنكره جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِغُرُورِهِ وأَصله قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وأَنا بِهِ زعيم} وَلِمُسَاقَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَهل خَيْبَرَ وَهِيَ جَعَالَةٌ لأَن المساقي إِن كمّل أَخذه وإِلا فَلَا شَيْء لَهُ ثُمَّ النَّظَرُ فِي أَركانها وأَحكامها.

.النَّظَرُ الأَول فِي أَركانها:

وَهِيَ أَربعة:

.الأَول وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلا أَهلية الِاسْتِئْجَارِ وَالْعَمَلِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَجْعُولِ لَهُ تَكْمِيلًا لِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ بَلْ لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِعَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ صحَّ فإِن أَحْضَرَهُ قَبْلَ أَن يَجْعَلَ فِيهِ شَيْئًا وَعَادَتُهُ طَلَبُ الْآبِقِ وَالِاكْتِسَابُ بِذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي قَدْرِ تَعَبِهِ وَسَفَرِهِ وَإِلَّا فَلَهُ نَفَقَتُهُ فَقَطْ - قَالَهُ أَصْبَغُ وَعَبْدُ الْمَالِكِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَدَمُ النَّفَقَةِ أَيْضًا وَقَالَ (ش) الرَّادُّ لَلْآبِقِ ابْتِدَاءً مُتَبَرِّعٌ لَا شَيْءَ لَهُ - كَانَ شأْنه رَدَّ الْآبِقِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِن أَذِنَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَوْ يَأْذَنُ فُضُولِيٌّ يَقُولُ قَالَ فُلَانٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا عَلَيْهِ وَقَالَ (ح) لَهُ الْأَجْرُ فِي الْعَبْدِ دُونَ سَائِرِ الضَّوَالِّ إِذَا رَدَّهُ مِنْ دُونِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بَرَدِّ الْأُبَّاقِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا أَوْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا اسْتِحْسَانًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَقَلَّ وَقَالَ أَحْمَدُ لَهُ دِينَارٌ كَانَ مَعْرُوفًا أَمْ لَا وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَالْحَنَفِيَّةُ بِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنْ رَدَّ آبِقًا فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لِمَنْ جَاءَ بِآبِقٍ خَارِجَ الْحَرَمِ دِينَارًا وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «فِي الْآبِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا» وَهِيَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ بِدَلِيلِ النُّقُودِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَتَعَيُّنِ الْأَعْمَالِ فِي الْإِجَارَاتِ وَنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ.
قَاعِدَةٌ مَذْهَبِيَّةٌ:
مَنْ فَعَلَ لِغَيْرِهِ فِعْلًا مَا شَأْنُهُ فِعْلُهُ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ الْمَالُ وَأُجْرَةُ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ وَاجِبًا كَأَدَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا كَحَلْقِ الرَّأْسِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ هُوَ مِمَّنْ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَقَالَ (ش) لَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْءٌ لَنَا الْقَضَاءُ بِالْعَوَائِدِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَنَفَقَةُ الْآبِقِ تَجِبُ بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ وَلَا تَجِبُ قِيَاسًا عَلَى الْغَيْبَةِ وَلَيْسَ شَأْنُ النَّاسِ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْآبِقِ فَاخْتُلِفَ فِيهَا وَشَأْنُ النَّاسِ طَلَبُ الْآبِقِ فَوَجَبَتِ الْأُجْرَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّبَرُّعِ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ شَأْنُهُ ذَلِك وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ لَمْ يَسْمَعِ الْآتِي بِالْآبِقِ قَوْلَ سَيِّدِهِ مَنْ جَاءَنِي بِهِ فَلَهُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهُ الْإِتْيَانَ بِالْآبِقِ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ كَمَا لَوْ جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْقَوْلِ وَجَعَلَ لَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بَعْدَ الْقَوْلِ الْجَعْلَ سَمِعَ أَمْ لَا - كَانَ ذَلِكَ شَأْنُهُ أَمْ لَا قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ - إِذَا قَالَ لَمْ أَتَطَوَّعْ وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ جَعْلُ مِثْلِهِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ مَنْ سَمِعَ قَوْلَ سَيِّدِهِ وَقَالَ لَمْ أَعْمَلْ عَلَى قَوْلِ السَّيِّدِ لِأَنَّ لِي طَلَبَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَفَدْتُ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْعَبْدَ آبق حلف وَأَخَذَ جَعْلَ مِثْلِهِ - إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُسَمَّى فَإِنْ طَلَبَ مَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ - قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطَى بِقَدْرِ تَعَبِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ إِنْ كَانَ سَيِّدُهُ لَا يَخْرُجُ لَهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَفِّرْ عَلَى السَّيِّدِ شَيْئًا.

.الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْعَمَلُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ عَمَلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا تَحْصِيلُ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ احْتِرَازًا مِمَّنْ وَجَدَ آبِقًا أَوْ ضَالًّا بِغَيْرِ عَمَلٍ فَلَا جَعْلَ لَهُ وَمِمَّنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَدَلَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِك وَاجِب عَلَيْهِ وَيشْتَرط ان لَا تَحْصُلَ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَمْتَنِعُ فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ بِذَهَابِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ بَاطِلًا وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْمُقَدَّرِ مِنَ الْأَعْمَالِ بِزَمَنٍ فَمَتَى قَرَّرَ لَمْ يَكُنْ جَعْلًا بَلْ إِجَارَةً قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي نَظَائِرِهِ لِلْجَعَالَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا غَيْرَ مَنْقُودٍ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَلَا يُضْرَبُ لِلْعَمَلِ أَجَلٌ وَقَالَ (ش) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمَلِ الْعِلْمُ وَلَا الْجَهْلُ وَيُمْنَعُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَالِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ شَرْعًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْجَعْلُ مَعْلُومًا.
قَاعِدَةٌ:
تُعْرَفُ بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَيَّنُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ يَقْتَضِي حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ كَوَصْفِ السَّفَهِ يَقْتَضِي إِبْطَالَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ صَوْنًا لِمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَيَقْتَضِي تَنْفِيذَ وَصَايَاهُ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ لِئَلَّا يَأْخُذَهُ الْوَارِثُ فَصَارَ السَّفَهُ يَقْتَضِي التَّنْفِيذَ وَالرَّدَّ وَكَذَلِكَ كَوْنُ الْعَمَلِ غَيْرَ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْإِجَارَةُ مَجَّانًا فَهُوَ غَرَرٌ وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْجَعَالَةِ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَدَّى ذَلِكَ لِضَيَاعِ عَمَلِ الْمُجَاعَلِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ وُجُودِ الضَّالِّ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ يَزِيدُ الْمُجَاعِلُ فِي الطَّلَبِ فَيَجِدُ الضَّالُّ وَلَا يَذْهَبُ فِيهِ تَعَبُهُ بَاطِلًا فَصَارَتْ جَهَالَةُ الْعَمَلِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْبُطْلَانَ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْجِيلُ فَمَنْ قَالَ بِعْ ثَوْبِي وَلَكَ دِرْهَمٌ جَازَ حَدَّ فِي الثَّوْبِ ثَمَنًا أَمْ لَا فَإِنْ قَالَ الْيَوْمَ أَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يَتْرُكَ مَتَى شَاءَ لِئَلَّا يَذْهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ فِيهِ وَإِنْ بَاعَ فِي نِصْفِهِ أَخَذَ الْجَعْلَ كَامِلًا وَيَسْقُطُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ فَهُوَ خَطَرٌ فَلَا يَكُونُ الْجَعْلُ مُؤَجَّلًا وَاشْتَرَطَهُ (ح) قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير} وَلَمْ يُقَدِّرْ أَجَلًا وَلَا يَجُوزُ الْجَعْلُ عَلَى بَيْعِ كَثِيرِ السِّلَعِ وَالدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ كَالْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ وَلَا عَلَى مَا فِيهِ مَشَقَّةٌ فَيَبْقَى فِي الْقَلِيلِ لِاحْتِمَالِ ضَيَاعِ كَثْرَةِ الْعَمَلِ دُونَ الْمَقْصُودِ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ فِي الْبَلَدِ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ بَيْعُ ذَلِكَ عَنْ شُغْلِهِ فَإِنْ بَاعَ أَخَذَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ أَجَازَ الْجَعْلَ عَلَى الْيَسِيرِ كَالثَّوْبَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُسَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ جَعْلُهُ - كَمَا قِيلَ فِي الْآبِقِينَ وَفِيهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا فِيهِمَا وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِيمَا لَا يَبْقَى لِلْجَاعِلِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بَعْدَ تَمَامِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا يَصِحُّ فِي الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا حَتَّى يَبِيعَ جَمِيعَهَا وَأَمَّا إِنْ أَخَذَ بِقَدْرِ مَا بَاعَ فَجَائِزٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ ثَوْبٍ شَيْئًا أَوْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيَمِ أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ الْأُجْرَةُ عَلَى الْعَدَدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقِيَمِ امْتَنَعَ لِجَهَالَتِهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يُعْرَضُ لِلْبَيْعِ كَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهُ يَمْنَعُ الْجَعْلَ إِلَّا فِي الْيَسِيرِ كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ الْمُجَاعِلُ عَنْ مَصَالِحِهِ وَمَا لَا يُعْرَضُ لِلْبَيْعِ وَلَا يُنْقَلُ كَالدُّورِ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَعْلُ وَكَذَلِكَ الْجَعْلُ فِي عَمَلِ الْأَيْدِي جَائِزٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَتْ ثِيَابًا كَثِيرَةً فِي بَيْتِ صَاحِبِهَا وَيَأْتِي السِّمْسَارُ بِمَنْ يَشْتَرِيهَا وَيَأْخُذُ مِنْهَا ثَوْبًا يَعْرِضُهُ لِيَبِيعَ بِهِ جَمِيعَهَا أَوْ تُنْقَلُ إِلَى دُكَّانِ السِّمْسَارِ فَيَبِيعُهَا فِيهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُهَا مَنْ يَحْمِلُهَا لَهُ وَقْتَ الْعَرْضِ أَوْ يَقُولُ بِعْ أَيَّهَا شِئْتَ جَازَ لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِضَيَاعِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى الْمُجَاعَلِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْمَذْهَبِ مَنْعُ الْجَعْلِ فِي الْآبِقِ لِطُولِهِ وَحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْجَاعِلِ بِكَشْفِ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ وَمَنْعُ الْمُغَارَسَةِ لِأَنَّهَا تَطُولُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ أَنَّهُمْ أَجَازُوهَا وَأَجَازُوا الْجَعْلَ عَلَى السَّفَرِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْبَلَاغِ إِنْ وَصَلَ أَخَذَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهُوَ جَعْلٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا وَيَجُوزُ عِنْد مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْجَعْلُ عَلَى الشِّرَاءِ الْحَاضِرِ وَعَلَى السَّفَرِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَدْ قَالَ إِذَا قَالَ إِنِ ابْتَعْتَ لِي بِهَذِهِ الْمِائَةِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ كَذَا فَلَكَ كَذَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ إِنْ كَانَ خُرُوجه لَهُ وللمائة جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا بِأَجَلٍ مُؤَقَّتٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَهُوَ أَحْسَنُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ كُلُّ مَا جَازَتِ الْجَعَالَةُ فِيهِ جَازَتِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْجَعْلُ فِيهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ عَلَى كَثِيرِ السِّلَعِ وَالطَّعَامِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ عَلَى ثِيَابٍ يَشْتَرِيهَا لَهُ نِصْفُهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا يُشْبِهُ تِجَارَتَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَعْلُ عَلَى الْآبِقِ جَائِزٌ عَلِمَ الْمَجْعُولُ لَهُ مَوْضِعَهُ أَمْ لَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ مَا عَصَرْتَ مِنْ زَيْتُونِي فَلَكَ نِصْفُهُ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إِذَا شَرَعَ فَلَيْسَ كَالْحَصَادِ يَتْرُكُهُ مَتَى شَاءَ وَيَجُوزُ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْكَيْلِ وَيُعْلَمُ صِفَتُهُ بِالْفَرْكِ لِلسُّنْبُلِ وَتَأَخُّرِ دَرْسِهِ إِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَرِيبٍ لِلضَّرُورَةِ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ يُكره عَلَى الْخُصُومَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِإِدْرَاكِ الْحَقِّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِنْ فَعَلَ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ الْمَنْعُ إِلَّا فِيمَا قَلَّ حَتَّى إِذَا تُرِكَ قَبْلَ التَّمام لم ينْتَفع الْجَاعِل لشَيْء أَمَّا إِذَا طَالَ وَانْتَفَعَ الْجَاعِلُ بِالْحِجَاجِ فَلَا فَإِنْ وَكَّلَ آخَرَ فَأَتَمَّ الْخُصُومَةَ هَلْ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ الطَّالِبُ مِنْ عَمَلِهِ خِلَافٌ وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ الْجَعْلُ عَلَى ثُلُثِ مَا يَقْتَضِي مِنْ ذَلِكَ فَصَالَحَ الْجَاعِلُ الْمَطْلُوبَ عَلَى أَخْذِ الثُّلُثَيْنِ وَتَأْخِيرِ الثُّلُثِ وَأَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا أَخَذَ وَيَكُونُ فِي الْبَاقِي عَلَى شَرْطِهِ جَازَ وَإِذَا قَالَ الْأَجِيرُ لَا أُجِيزُ تَأْخِيرَ رَبِّ الْحَقِّ بِالثُّلُثِ حَتَّى آخُذَ ثُلُثَهُ لَزِمَ الْغَرِيمَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ رَبُّ الْحَقِّ الدَّيْنَ لَأَسْقَطَ حِصَّةَ الْأَجِيرِ قَالَ وَأرى اذا كَانَ الْجعل بعد خُصُومَة لِأَنَّهُ إِذَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ الْوَكِيلُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا رُدَّ الصُّلْحُ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَ حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْجَوَازُ إِذَا وَصَفَ لَهُ أَصْلَ الْحَقِّ وَكَيْفَ هُوَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى أَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي حُجَجِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ إِنْ وَجَدَهُ كَذَلِكَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْخُصُومَةِ أَجَلًا وَتَرَكَ الطَّلَبَ وَأَضَرَّ ذَلِكَ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا مَاتَ الْمَجْعُولُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَى مِنَ الدَّيْنِ شَيْئًا لَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ كَالْعَامِلِ يَمُوتُ قَبْلَ الشَّغْلِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَقِّ لَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِلُّ لَهُمْ مَا تَعَيَّنَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَإِنْ مَاتَ الْجَاعِلُ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْعُولِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إِلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ وَرَثَةُ الْجَاعِلِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُمْ أَوْ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلِلْمُجَاعَلِ جَعْلُهُ فِي التَّقَاضِي وَلَا يُجَاعِلُ عَلَى تَخْلِيصِ الْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا وَلَا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ الشِّقْصِ وَلَوْ أَجَزْنَاهُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَمْلِكْ وَيَجُوزُ مَا قَضَيْتَ مِنَ الدَّيْنِ فَلَكَ رُبُعُهُ إِذَا عَرِفَ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْفِقُ فِي سَفَرِهِ أَكْثَرَ مِنَ الدَّيْنِ وَيَمْتَنِعُ فِي طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ اسْتَخَفَّ مَالِكٌ أَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى أَنْ يَدُلَّهُ عَلَى مَنْ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِي أَوْ يَسْتَأْجِرُ وَدَلَالَةُ الرَّجُلِ عَلَى مَنْ يَتَزَوَّجُ أَوِ الْمَرْأَةِ مَمْنُوعٌ ولاشيء لَهُ إِنْ فَعَلَ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا كِرَاء وانما يكون الْجعل يكون ذَلِكَ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لِعُمُومِ الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا إِنْ قَالَ اسْعَ لِي فِي زَوَاجِ بِنْتِ فُلَانٍ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَفَرٌ لِئَلَّا يَضِيعَ تَعَبُهُ وَجَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَعْلَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الطَّرِيقِ وَانْتِقَادِ الْمَالِ.

.الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْجَعْلُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَقْدُورًا كَالْأُجْرَةِ وَيَمْتَنِعُ بِنِصْفِ الْآبِقِ لِلْغَرَرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يَمْتَنِعُ بِعْهُ وَلَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ كَذَا إِذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَإِنْ قَالَ إِنْ بِعْتَهُ بِعَشَرَةٍ فَلَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ سُدُسُهُ جَازَ فَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا سُدُسُ الْعَشَرَةِ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ وَلَكَ سُدُسُهَا وَلَوْ قَالَ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ فَسَدَ لِلْجَهَالَةِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ الشَّرْطُ وَإِذَا قَالَ لَكَ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ سُدُسٌ فَبَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ لَكَ الْجَعْلُ بِعْتَهُ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ جَعْلٍ فَاسِدٍ فَفِيهِ إِجَارَةُ الْمِثْلِ.
قَاعِدَةٌ:
الْعُقُودُ الْمُسْتَثْنَيَاتُ مِنْ أُصُولٍ إِذَا فَسَدَتْ هَلْ تُرَدُّ إِلَى صَحِيحِ نَفْسِهَا فِيمَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ صَحِيحِ أَصْلِهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ اسْتَثْنَى الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ إِذَا كَانَ شَرْعِيًّا وَالْفَاسِدُ لَمْ يُسْتَثْنَ فَيُرَدُّ إِلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهَذَا كفاسد الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَالْجَعَالَةُ فِيهَا قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُمْنَعُ إِذَا بِعْتَ فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِلَّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَاعَ أَمْ لَا وَقِيلَ إِنْ بَاعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْعَمَلِ وَفَسَادِ الْعَقْدِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ السُّكُوتُ عَلَى الْجَعْلِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا عَادَةً لِتَعْيِينِ النَّقْدِ بِالْعَادَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ يَشْتَرِيهَا دِينَارٌ وَلَهُ رَدُّ الْمَالِ مَتَى شَاءَ وَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ جِئْتَنِي بِالْعَبْدَيْنِ الْآبِقَيْنِ فَلَكَ دِينَارٌ يُمْنَعُ فَإِنْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ نِصْفُ دِينَارٍ نَظَرًا لِلرِّضَى بِالتَّسْمِيَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْقِيَمِ يَوْمَ الْإِبَاقِ لِأَنَّ الْجَعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْهُ يَوْمَ الْإِبَاقِ وَالْمَشْهُورُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ الْجَعْلَ عَلَى الْعَدَدِ أَوِ الْقِيَمِ وَلَوْ جَعَلَاهُ عَلَى الْقِيَمِ لَفُضَّ أَوْ عَلَى الْعَدَدِ لَقُسِّمَ نِصْفَيْنِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَهُمَا وَإِنْ قَالَا يَوْمَ الْوُجُودِ فَسَدَ اتِّفَاقًا لِلْجَهْلِ بِحَالَةِ الْوُجُودِ حِينَئِذٍ وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ عَبْدٍ جَعْلًا مُخْتَلِفًا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ وَالْمَجْعُولُ لَهُ يَعْرِفُهُ جَازَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَرَجَعَ لِلْمَنْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْبِضُ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ غَيْرَهُ فَإِنِ اسْتَوَى الْجَعْلُ وَاخْتَلَّتِ الْقِيَمُ فَلَهُ قَوْلَانِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إِنَّمَا يَجُوزُ الْجَعْلُ عَلَى الْأَعْدَادِ لَا على الْقيم فعلى هَذَا تجوز المسئلة لِأَنَّ حِصَّةَ مَنْ يَأْتِي بِهِ مَعْلُومَةٌ وَالْخِلَافُ إِنَّمَا يَجْرِي حَيْثُ أُبْهِمَ اللَّفْظُ لَوْ قَالَ إِنْ جِئْتَ بِهِمَا فَلَكَ دِينَارٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا لِئَلَّا يَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَأَجَازَ مَالِكٌ لَكَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ تَبِيعُهُ دِرْهَمٌ وَمَنَعَ فِي كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمٌ وَأَجَازَ فِي كُلِّ آبِقٍ يَأْتِي بِهِ دِينَارٌ إِذَا سَمَّى عَدَدَهُمْ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا تُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْجَعْلُ مَضْمُونًا وَيَمْتَنِعُ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ قَبْلَ وُجُودِ الْآبِقِ فَإِنْ جَعَلَا مَبْدَأَ الْأَجَلِ بَعْدَ وُجُودِهِ جَازَ فَإِنْ كَانَ الْجعل عينا مُعَيَّنَةً امْتَنَعَ وَلِلْجَاعِلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَيَغْرَمُ الْمِثْلَ إِذَا أَتَى بِالْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا يُخْشَى تَغْيِيرُهُ إِلَى وُجُودِ الْآبِقِ أَوْ ثَوْبًا جَازَ وَيُوقَفُ وَإِنْ خُشِيَ تَغْيِيرُهُ كَالْحَيَوَانِ امْتَنَعَ لِلْغَرَرِ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ حَصَادُ الزَّرْعِ وَجَدُّ النَّخْلِ وَالزَّيْتُونِ بِنِصْفِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ وَبَيْعُ نَصِفِهِ إِنْ قَالَ افْعَلْ وَلَكَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَهُوَ جَعْلٌ وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَمَنَعَ غَيْرُهُ هَذَا التَّوَهُّمَ لِجَهَالَةٍ فِي الْمَعْمُولِ وَالْمَأْخُوذِ وَيَمْتَنِعُ فَمَا حَصَدْتَ الْيَوْمَ فَلَكَ نِصْفُهُ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَيَمْتَنِعُ انْفُضِ الشَّجَرَ بِنِصْفِ مَا يُنْتَفَضُ لِلْجَهَالَةِ وَيَجُوزُ انْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَكَ نِصْفُهُ لِجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِحَصَادِ الزَّرْعِ بِنِصْفِهِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مَحْصُودًا وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْعَقْدِ لَا بِالْحَصَادِ لِأَنَّ الْهَالِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْحَصَادِ وَبَعْدَهُ مِنَ الْأَجِيرِ وَهُوَ بَاعَ مَنَافِعَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ فَهُوَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ النِّصْفُ هُوَ الْمَبِيعُ قَائِمًا لَا مَحْصُودًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَصَدَهُ أَوْ نَفَضَهُ فَاحْتَرَقَ فمنهما وَعَلِيهِ حصد مثل بَقِيَ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ الزَّرْعِ دُونَ حَصَادِ مِثْلِ نِصْفِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَخْتَلِفُ وَلَوْ قَالَ فَمَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَضَمَانُ مَا حَصَدَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَحْصُدْ مِنْ رَبِّهِ وَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا جَعَالَةٌ وَلَوْ قَالَ احْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَصَفِّهِ وَلَكَ نِصْفُهُ فَهَلَكَ بَعْدَ حَصَادِهِ فَضَمَانُهُ كُلُّهُ مِنْ رَبِّهِ وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ مُنِعَ مَا لَقَطْتَ الْيَوْمَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَإِنِ اشْتَرَطَ التَّرْكَ مَتَى شَاءَ قَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْتَنِعُ احْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَكَ نِصْفُ مَا يَخْرُجُ لِأَنَّ الْخَارِجَ مَجْهُولٌ بِخِلَافٍ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ النِّصْفَ الْآنَ عَلَى هَيْئَتِهِ وَهُوَ شَرِيكٌ يَحْصُدُ وَيَدْرُسُ لِنَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا حَمَلْتَ الدَّابَّةَ قَبْلَ عَمَلٍ فِيهَا ثُمَّ طَلَبْتَ الْجَعْلَ يَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَانَةً وَالْأَمَانَةُ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهَا جَعْلٌ.
فرع:
- فِي النَّوَادِرِ تَجُوزُ الْمُجَاعَلَةُ عَلَى بِنَاءِ طَاحُونٍ وَلَهُ نِصْفُهَا وَعَلَى إِصْلَاحِ الْقَنَاةِ سَنَةً وَعَلَى بِنَاءِ الدَّارِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ بِسُكْنَاهَا سَنَةً لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ عَادَة.