فصل: الباب الثَّامِنُ فِي مَوَانِعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعُدُولِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الثَّامِنُ فِي مَوَانِعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعُدُولِ:

وَهِيَ عَشَرَةٌ:

.الْمَانِعُ الْأَوَّلُ: تُهْمَةُ الْقَرَابَةِ وَالنِّكَاحِ:

وَفِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ وَالْأَجِيرِ وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَالْمَوْلَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ دُونَ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَبْدِ ابْنه وَالزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالْجد وَابْن الابْن وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَلَا فِي تَجْرِيحِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمُلَاطِفُ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الَّذِي يُلَاطِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَالْمُلَاطَفَةُ الْإِحْسَانُ وَالْبِرُّ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي تَسْمِيَتِهِ تَعَالَى لَطِيفًا وَلَوْ كَانَتِ الْمُلَاطَفَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَتْ مسألة الاخوين الَّذِي ينَال أَحدهمَا بر الآخر وَاشْترط مَرَّةً التَّبْرِيزَ فِي الْآخَرِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أُخْرَى وَقِيلَ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ وَالْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاء الْمُهْملَة من البارز فِي حَملَة السِّبَاقِ أَيْ تَقَدَّمَ عَلَى أَقْرَانِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الصَّدِيقِ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ إِذَا كَانَتْ تَنَالُهُ صلته والا جَازَت وَجَوَّزَهُ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْيَسِيرِ وَيَمْتَنِعُ الْمُلَاطِفُ لِلْمُلَاطِفِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَجُوزُ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِهِ مِنَ الْأُجَرَاءِ هُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرِكُ نَحْوَ الصّباغ وَمن جَمِيع عمله لَك وَيدْفَع اليه مُؤْنَته امْتنعت شَهَادَته بِشَهَادَتِهِ كَانَ فِي عِيَالِكَ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَخُ يَعْدِلُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ تَعْدِيلَ أَخِيهِ شَرَفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَجُوزُ شَهَادَتُكَ لِمَنْ هُوَ فِي عِيَالِكَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقِيلَ إِنْ كَانَ الَّذِي فِي الْعِيَالِ قَرِيبًا كَالْأَخِ وَنَحْوِهِ امْتَنَعَتْ شَهَادَتُكَ لَهُ لِأَنَّكَ تَدْفَعُ بِذَلِكَ النَّفَقَةَ عَنْكَ وَكَوْنُكَ لَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ مَعَرَّةً عَلَيْكَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ لِجَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْجَرَّ إِلَيْهِمْ جَرٌّ لَهُ وَالدَّفْعَ عَنْهُمْ دَفْعٌ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ أَصْبَغُ يَمْتَنِعُ نَقْلُ الْأَبِ عَنِ الِابْنِ وَالِابْنِ عَنِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَا مَشْهُورَيِ الْعَدَالَة وكل من لَا يعد لَهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ لِأَنَّ النَّقْلَ عَنْهُ تَقْرِيرٌ لِشَهَادَتِهِ وَعَدَالَتِهِ وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ النَّقْلَ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع بِهِ إِلَّا الْمَشْهُودُ لَهُ دُونَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ ينْتَفع الْمُعَدِّلَ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَشْهَدُ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ عَن الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا وَيَشْهَدَ فِي يَسِيرٍ وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ إِلَّا فِي وِلَايَةِ الاب أو يُزَوّج على أمه أن يكون غصب لأمه وَقَالَ سَحْنُون فِي وَالدّين مُسلمين شَهدا على غَرِيم لابنهما وَهُوَ كَافِرٌ لَهُ وَلَدٌ كَافِرٌ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا شَهَادَة لاخيهما الْكَافِر بِالْمَالِ فَلَا لِلتُّهْمَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا العَبْد جنى جِنَايَة امْتنع لاتهامهما فِي إخراجها من ذَلِك الْمَالِكِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَبِيهِمْ بِالزِّنَى لَمْ يُقْبَلُوا لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى الْمِيرَاثِ وَيُحَدُّونَ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ الْأَبُ عديما اوحده الْجَلْدُ جَازَ وَمَنَعَ أَبُو بَكْرٍ اللَّبَّادَ إِذَا كَانَ مُعْدَمًا لِأَنَّ نَفَقَتَهُ تَلْزَمُهُمْ فَتَزُولُ بِالرَّجْمِ قَالَ أَشْهَبُ وَشَهَادَتُهُمْ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا كشاهدتهم بِالزِّنَى وَهُوَ ثَيِّبٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ على وَلَده أو وَالِده الا ان يكون عَدَاوَةً إِلَّا فِي طَلَاقِ ضُرَّةِ أُمِّهِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ أَوْ مُطَلَّقَةٌ بِخِلَافِ إِنْ مَاتَتْ وَتَجُوزُ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ إِلَّا أَنْ يتهم بالاثرة والميل اليه وَيمْتَنع لِصَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ كَبِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَظَنَّةُ الشَّفَقَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ ثُمَّ رَجَعَ لِلْمَنْعِ فِي حَقِّ الِابْنِ مُطْلَقًا لِمَا جَاءَ مِنَ السُّنَةِ فِي مَنْعِ الشَّهَادَةِ لِلِابْنِ وَمَنْعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلِابْنِ زَوْجَتِهِ وَأُمِّ امْرَأَتِهِ وَوَالِدِهَا وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ هُوَ بِالْبَيِّنِ وجوزها سَحْنُون لوالدي أمراته وَولده إِلَّا أَنْ يُلْزِمَ السُّلْطَانُ وَلَدَهَا الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ زَوْجِهَا عَنْ ذَلِكَ وَجَوَّزَ شَهَادَتَهَ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَأَبِي زَوْجِهَا وَلِأُمِّهِ وَلِأَبِيهِ وَامْرَأَتِهِ الَّتِي فَارَقَهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ دُونَ تَزْكِيَتِهِ لَهَا وَعَنْهُ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَا يحْتَاج وَلَده لِأَنَّهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَكُلُّ شَهَادَةٍ تَجْلِبُ نَفْعًا لِمَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ تَمْتَنِعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ سَحْنُونٍ وَعَنْ مَالِكٍ تَمْتَنِعُ شهادتك لاخيك كَانَ فِي عِيَالك أو كَانَت عِيَالُهُ عِيَالَكَ إِذَا أَصَبْتَ شَيْئًا نَالَهُ مِنْهُ وَتَجُوزُ شَهَادَتُكَ لِعَمِّكَ وَخَالِكَ وَابْنِ أَخِيكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ أَنْتَ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِكَ جَازَتْ فِي الْحُقُوقِ إِلَّا فِي الْقصاص وَمَا فِيهِ جملَة وتتمه وَكُلُّ مَنْ جَازَتْ لَكَ شَهَادَتُهُ جَازَتْ لَكَ عَدَالَتُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَخَاهُ إِنْ كَانَ الْوَلِيّ وَالْوَارِث غَيره وَقيل يجوز لِلْأَخِ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ تَنَالَهُ صِلَتُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُمْنَعُ شَهَادَةُ الْقَرَابَةِ وَالْمَوَالِي فِي الرَّابِع الَّتِي يَتَّهِمُونَ فِيهَا بِالْجَرِّ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى بَنِيهِمْ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ مِثْلَ حُبُسٍ مَرْجِعُهُ اليهم وَإِلَى بنيهم قَالَ اللَّخْمِيّ يمْنَع لِلْأَجِيرِ إِذَا كَانَتْ نَفَقَتُكَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا أَوْ مِنَ الْأُجْرَةِ لِأَنَّكَ تَخْشَى إِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ يتركك وَكَذَلِكَ شَهَادَة الْقصار وَنَحْوه للتاجر لِأَنَّهُ يَرْجُو مِنْهُ ان يخصمه بِالْعَمَلِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الصُّنَّاعِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ التَّاجِر لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْغُوبًا فِي عَمَلِهِ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أُلْزِمَ الطَّلَاقَ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ وَاخْتِيَارِهَا أَوِ اخْتَارَتْ الْبَقَاء فَهَل يمْنَع مِنْهَا لَيْلًا يَرِقَّ وَلَدُهُ أَمْ لَا لِأَنَّ لَهُ حَقًا فِي الْإِصَابَةِ وَالتَّعَدِّي مِنَ السَّيِّدِ فِي ثَانِي حَالٍ قَالَ وَإِنَّ الْمَنْعَ إِلَّا أَنْ لَا وَيَعْزِلَ عَزْلًا بَيِّنًا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ حُرًّا يُخْتَلَفُ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا.
فرع:
قَالَ إِنْ شَهِدَ أَنَّ زَوْجَ أَمَتِهِ طَلَّقَهَا أَوْ أَنَّ عَبْدَهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رُدَّتْ لِاتِّهَامِهِ بِتَفْرِيقِهِمَا مِنَ الزَّوَاجِ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأَمَةُ السَّيِّدَ حَرُمَ عَلَيْهَا تَمْكِين الزَّوْج.
فرع:
قَالَ يمْنَع لِسَيِّدِ أَبِيهِ وَسَيِّدِ وَلَدِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ أَوْ وهبه وَكَانَ السَّيِّد مسيئا ثبتَتْ اسائته أَوِ الثَّانِي ابْنٌ وَإِلَّا جَازَتْ.
فرع:
قَالَ يخْتَلف إِذَا شَهِدَ لِأَحَدِ بَنِيهِ عَلَى الْآخَرِ وَهُمَا صَغِيرَانِ أَوْ كَبِيرَانِ أَوْ صَغِيرٌ وَسَفِيهٌ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ مَعَهُمَا لِأَنَّ الْعَادَةَ إِخْفَاءُ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَتَّى لَا يَتَغَيَّرُوا اسْتِبْقَاءً لَو دهم فَقَدْ يَكُونُ يُحِبُّ أَحَدَهُمَا وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ وَإِلَّا فَالسُّؤَالُ مُتَّجِهٌ بِسَبَبِ اسْتِوَاءِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الرِّيبَةِ فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فَلَا تُهْمَةَ وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَوْ شَهِدَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ رُدَّ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَجُوزُ عَكْسُهُ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ الَّذِينَ تَمْتَنِعُ الشَّهَادَةُ لَهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ الْأَبَوَانِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَالْوَلَدُ وَوُلَدُ الْوَلَدِ مِنَ الذُّكُورِ أَوِ الْإِنَاثِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ غَيرهم.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إِنْ كَانَت الْقَائِمَةَ بِذَلِكَ مَنَعَهَا أَشْهَبُ لِأَنَّهَا لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ إِنْكَارٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاخْتُلِفَ إِذَا شَهِدَ بِطَلَاقِ غَيْرِ أُمِّهِ وَأُمُّهُ حَيَّةٌ مُطَلَّقَةٌ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ وَهَذَا إِذَا كَانَتْ مُنْكِرَةً فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِالشَّهَادَةِ وَالْأُمُّ فِي عِصْمَةِ الْأَبِ مَنَعَهَا سَحْنُونٌ وَأَجَازَهَا أَصْبَغُ قَالَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَالْأُمُّ فِي الْعِصْمَةِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَاوَةُ الْوَلَدِ لِامْرَأَةِ أَبِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ فِي الْحُقُوقِ غَيْرِ الطَّلَاقِ فَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا أُمُّهُ وَهِيَ غَيْرُ طَالِبَةٍ الطَّلَاقَ وَالْأُخْرَى طَالِبَةٌ طُلِّقَتَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اتَّحَدَتِ الشَّهَادَةُ أو تعدّدت لاتهأمه فِي أمه بِمَا رغب وَفِي ضَرَّتهَا بِمَا يكره من رضَا أمه وان كرهتها الطَّلَاقَ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ إِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهَا تسْقط فِي الضرة التُّهْمَة وَفِي أُمِّهِ لِاتِّهَامِهِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ نَفَذَتْ فِي أُمِّهِ دُونَ الْأُخْرَى أَوْ طَالِبَتَيْنِ الطَّلَاقَ رُدَّتْ إِنِ اتَّحَدَتْ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ فِي حَقِّ أُمِّهِ لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْأُخْرَى لِاتِّهَامِهِ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَإِنِ افْتَرَقَتْ نَفَذَتْ لِلضُّرَّةِ وَترد لأمه لِأَنَّهُ شَاهد لَهَا لما تَطْلُبُ.
فرع:
قَالَ شَهَادَةُ الْأَخِ تَمْتَنِعُ فِيمَا فِيهِ لَهُ أو عصب أَوْ مَا يُكْسِبُ حَظْوَةً وَمَنْزِلَةً أَوْ يَدْفَعُ مَعَرَّةً كَتَعْدِيلِهِ أَوْ تَعْدِيلِ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَتَجْرِيحِ مَنْ جَرَّحَهُ وَفِي الْأَمْوَالِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ مُبَرِّزًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَرَابِعُهَا يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ قَالَ وَأَدَّى الرَّدُّ فِي الْكثير الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى شرفه وَيجوز فِي الْوسط إن كَانَ مبرزا وَيرد فِي الْيَسِيرِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَرِّزِ وَمَتَى كَانَ لِلْأَخِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مُقَابَحَةٌ تُوجِبُ الْحَمِيَّةَ رُدَّتْ مُطْلَقًا وَيُخْتَلَفُ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَالِ لِأَنَّهَا مَالٌ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا مَوْطِنُ الْحَمِيَّةِ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ مَنَعْنَا تَعْدِيلَ مَنْ شَهِدَ لِلْأَخِ بِذَلِكَ وَتَجْرِيحَ مَنْ جَرَّحَ شَاهِدَهُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لَهُ لَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي شَهَادَةِ فِي الْمَالِ وَإِنْ عَظُمَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَته فِي وَمَنَعَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ يَتَحَمَّلُ بِنِكَاحِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ تَعْدِيلِهِ وَنَفْيُ التَّجْرِيحِ عَنْهُ.
فرع:
فِي النَّوَادِرِ مَنَعَ سَحْنُونٌ شَهَادَةَ ابْنِ الْمُلَاعِنَةِ لِأَبِيهِ الَّذِي نَفَاهُ لِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ استلحاقه.
فرع:
قَالَ اصحابنا تجوز شَهَادَة الابْن لابيه أَنَّهُ وَكَّلَ فُلَانًا وَكَذَلِكَ الِابْنُ لِأَبِيهِ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ اجنبيا وكل أحدهم فَيمْتَنع لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ يَسْتَوْجِبُ بِهَا قَبْضَ الْمَالِ وَأَنَّهُ وَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ لَا لَهُ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا كَانَ قَاضِيا حكم لهَذَا بِكَذَا وَكَذَلِكَ الابْن وَكَانَ يَمْنَعُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ لِلْجَوَازِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ قَاعِدَةٌ أَصْلُهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ بِالظَّاءِ الْمُعَجَّمَةِ وَهُوَ الْمُتَّهَمُ وَالتُّهْمَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُلْغَاةٌ اجماعا كَشَهَادَة الإنسان لرجل من قبيله أَوْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَمُعْتَبَرَةٌ إِجْمَاعًا وَهِيَ شَهَادَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا هَلْ تَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ لِقُصُورِهَا عَنِ الثَّانِي أَوِ الثَّانِي لِارْتِفَاعِهَا عَنِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ هِيَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي جَمِيعِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ.
تَنْبِيهٌ:
وَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِي عَمُودَيِ النَّسَبِ عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا وَخَالَفُونَا فِي الْأَخِ إِذَا انْقَطَعَ لِأَخِيهِ وَفِي الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَلُهُمُ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْحَدِيثُ أَخَصُّ فَيُقَدَّمُ وَوَافَقَنَا ح وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الزَّوْجَيْنِ وَخَالَفَنَا ش لَنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ مُعْتَضِدًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ انفسكم ازواجا لتسكتوا اليها وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَسْطِهِ فِي مَالِ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَهُمَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا يَسْقُطَانِ فِي الْإِرْثِ كَالِابْنِ وَالْأَبِ احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْقَرَابَةِ فَإِنَّهُمْ يَسْقُطُونَ فَكَانَ الشَّبَهُ بِعَمُودَيِ النَّسَبِ أَقْوَى وَالزَّوْجُ يَتَجَمَّلُ بِمَالِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَتَّسِعُ بِمَالِ زَوْجِهَا وَاحْتَجُّوا بِعُمُوم النُّصُوص ك {ذَوي عدل} و{شهيدين من رجالكم} مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلِأَنَّ كُلَّ شَخْصَيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتهمَا لَهما اذا لم يكن بَينهمَا مُعَاوضَة فَقيل اذا كَانَت كَالْبيع والاجازة وَلِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا يَزِيدُ عَلَى ثُبُوتِ حَقٍّ فِي ذِمَّتِهَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَغَايَةُ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجِ لِمَنَافِعِهَا ذَلِكَ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِإِبْطَالِ الشَّهَادَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ دَلِيلَنَا خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ على العمومات وَعَن الثَّانِي ان مقصودالبيع وَالْإِجَارَةِ الْمُكَايَسَةُ وَمَقْصُودَ النِّكَاحِ الْمَوَدَّةُ وَالْمُكَارَمَةُ فَحَصَلَتِ التُّهْمَةُ وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ الْإِرْثَ وَذَلِكَ دَلِيلُ قُوَّتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ثُبُوتَ الْحُقُوقِ فِي الذِّمَمِ لَا يُوجِبُ مَوَدَّةً بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَنْدُوبَ إِذَا أَفْضَى لِلتُّهْمَةِ مَنْعَهَا مِنْ جِهَةِ التُّهْمَةِ لَا مِنْ جِهَةِ النَّدْبِ كَالشَّرِيكَيْنِ إِذَا نُدِبَا لِلشَّرِكَةِ كَالْمُتَسَاعِدَيْنِ فِي الْحَجِّ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحدهمَا للاخر.

.الْمَانِعُ الثَّانِي: الْعَدَاوَةُ:

فِي الْكِتَابِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْبَلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ وَيُقْبَلُ لَهُ وَالْعَدَاوَةُ الْمَانِعَةُ الَّتِي لَيست من اسباب الدّين فالمنازعة فِي مَال أو جاه الَّتِي تحمل الْغَصْب وَتحمل على الْفَرح بالمعصية وَالْغَمِّ بِالسُّرُورِ وَالْغَضَبُ لِلَّهِ لَا يَمْنَعُ كَكَوْنِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْإِيمَانِ فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُؤَكِّدَ الْعَدَالَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا ان يسري ذَلِك إِلَى افراط لذى الْفَاسِدِ حَتَّى يَحْقِدَ الصَّدْرُ فَيُعَادِيَهُ حِينَئِذٍ لِنَفْسِهِ لَا لله افترد الشَّهَادَةُ إِذَا تَحَقَّقَتِ التُّهْمَةُ وَلَوْ كَانَتْ عَدَاوَةُ الدّين تمنع لما قبلت شهادتها عَلَى الْكَافِرِ وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح الْعَدَاوَةُ لَا تَمْنَعُ مُطْلَقًا لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تقبل شَهَادَة خصم وَلَا ظنين والظنة التُّهْمَةُ وَالْعَدُوُّ مُتَّهَمٌ عَلَى عَدُوِّهِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تقبل شَهَادَة ذِي الْعُمر على اخيه وَلَا الخائن والخائنة وَلَا البَائِع لاهل الْبَيْت وَالْبَائِع قيل السَّائِل وَقيل البَائِع لِأَهْلِ الْبَيْتِ كَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ وَالْغَمْرُ الْحِقْدُ وَهَذَا نَصٌّ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَلَدِ بِجَامِعِ التُّهْمَةِ احْتَجُّوا بِالظَّوَاهِرِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ} {وشهيدين من رجالكم} وَلِأَنَّ عَدَالَتَهُ تَمْنَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَدُوِّهِ بِالْبَاطِلِ وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ تَوَارُثٍ فَلَا تَمْتَنِعُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْعَدُوِّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ دَلِيلَنَا أَخَصُّ مِنْ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ ينتفض بِغَمْرِ ذِي النَّسَبِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَدَالَةَ تمنع إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّ الْعَدَاوَةَ تُوجِبُ التُّهْمَةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَدُوِّ.
وَفِي الْبَابِ ثَمَانِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا رُدَّتْ لِلْعَدَاوَةِ لَا يَحْلِفُ بِخِلَافِ الْخُلْطَةِ وَعَنْ سَحْنُونٍ ذَلِكَ آكَدُ مِنَ الْخُلْطَةِ فَيَحْلِفُ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخُلْطَةِ هَلْ لَا تَثْبُتُ إِلَا بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ أَوْ يُكْتَفَى فِيهَا بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ عَدُوٌّ وَعَنْ سَحْنُونٍ لَا يُخْبِرُ تَنْفِيذًا لِلْحَقِّ وَلَا يَسْعَى فِي إِبْطَالِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُهُمْ لَوْ سَكَتَ لَكَانَ سَاعِيًا فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ سَبَبِيَّةٍ ضَعِيفٌ لَأَنَّ الْحَقَّ يَصِلُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ برِيح الْخمر عدوله أَخْبَرْتَ بِذَلِكَ الْقَاضِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَقَرَّ عِنْدَكَ أَنَّ الَّذِي وَجَدَ مِنْهُ خمر فَلَا يُخبرهُ بِذَلِكَ حَتَّى يُقَامَ الْحَدُّ وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ عِنْدَكَ بِالدَّيْنِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَعْدَاؤُهُ لَا يخبر الْقَاضِي بِذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا سَجَنَ صَاحِبُ السُّوقِ سَكْرَانًا لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبِسِجْنِهِ صَارَ عَدُوًّا وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَى وَتَعَلَّقُوا بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَرَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ لِأَنَّ الرَّفْعَ وَالتَّعَلُّقَ لَا يَلْزَمُهُمْ بَلْ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالسَّتْرِ فَلَا تَنْفُذُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ وَصَارُوا قَذَفَةً يُحَدُّونَ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةٍ غَيْرِهِمْ عَلَى شُرُوطِ شَهَادَةِ مُوَكَّلِينَ بِذَلِكَ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَقَالَ أَصْبَغُ وَمُطَرِّفٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّ السَّتْرَ وَإِنْ أُمِرُوا بِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَيُقْبَلُوا إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِلَّهِ وَلَوْ شَهِدُوا فِيمَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ لَجَازَتْ وَإِنْ قَامُوا لِأَنَّ الْقِيَامَ مُتَعَيَّنٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُرَدُّ لِاتِّهَامِهِمْ فِي إِتْمَامِ مَا قَامُوا فِيهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَجُوزُ شَهَادَةُ أَعْدَاءِ الْوَصِيِّ عَنِ الصَّبِيِّ أَنَّهُ جَرَحَ إِنْسَانًا أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْوَصِيِّ مَالٌ تُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ الْجِرَاحِ أَوْ كَانَت دِيَته اكثر من الثُّلُث حَتَّى تحمل الْعَاقِلَةُ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ بِيَدِ الْوَصِيِّ أَمَّا بَعْدُ فَلَا وَتَمْتَنِعُ شَهَادَةُ أَعْدَاءِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ عَلَى الِابْنِ وَكَذَلِكَ أَعْدَاءُ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ فِي الْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْأَخِ وَوَافَقَ ابْنَ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ أَنَّهَا تَجُوزُ عَلَى الْأَخِ فِي الْمَالِ لِخِفَّتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ تَمْتَنِعُ شَهَادَةُ عَدُوِّكَ عَلَيْكَ وَتَجُوزُ عَلَى وَلَدِكَ وَإِنْ كَانَ فِي كَفَالَتِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَهَادَتِهِ حَدٌّ أَوْ قِصَاصٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُلْصَقُ بِكَ وَكَذَلِكَ الام وَالْجَلد وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ شَهَادَتَهُ عَلَى ابْنِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يؤملك.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا حَدَثَتِ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَضُرُّ لِتَأَخُّرِ الْمَانِعِ عَنْ زَمَنِ الِاعْتِبَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَهُوَ يَذْكُرُهَا ثُمَّ عَادَاهُ فَاخْتُلِفَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ قَالَ وَالْقَبُولُ أَحْسَنُ إِذَا كَانَتْ قُيِّدَتْ عَنْهُ حَذَرَ الزِّيَادَةِ وَالتَّغَيُّرِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يُلَاحَظُ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ تَكُونُ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فِيهَا رِيبَةٌ فَيَتَحَدَّثُ بِهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا يَذْكُرُ الرِّيبَةَ فَيُؤَدِّيهَا بَعْدَ الْعَدَاوَةِ مَعَ الرِّيبَةِ الْمَانِعَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ شَهِدْتَ عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي خُصُومَتِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ وَقْتِ شَهَادَتِكَ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا اصْطَلَحَ الْمُتَهَاجِرَانِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِقُرْبِ الصُّلْحِ حَتَّى تَظْهَرَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْعَدَاوَةِ قَالَ ابْن كنَانَة يجوز عُقَيْبَ الصُّلْحِ إِنْ كَانَتِ الْهِجْرَةُ خَفِيفَةً فِي أَمْرٍ خَفِيفٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إِذَا اصْطَلَحَا وَلَمْ يُفَرِّقْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ امْتَنَعَتِ الشَّهَادَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:
فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْكَ لَا يُزَكِّي مَنْ شَهِدَ عَلَيْكَ.