فصل: الباب الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْأَدَاءِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْأَدَاءِ:

قَاعِدَةٌ:
صِفَةُ الْإِخْبَارَاتِ هِيَ الْأَصْلُ وَقَدْ يَنْتَقِلُ فِي الْعُرْفِ فَيَصِيرُ إِنْشَاءً وَالْفَرْقُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْخَبَرُ يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرُ تَابِعٌ لِمُخْبِرِهِ وَالْإِنْشَاءُ مَتْبُوعٌ وَالْخَبَرُ لَيْسَ سَبَبًا مُؤَثِّرًا فِي مَدْلُولِهِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ ثُمَّ النَّقْلُ عَنِ الْخَبَرِيَّةِ قَدْ يَكُونُ فِي الْفِعْلِ الْمَاضِي فَقَطْ نَحْوَ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَزَوَّجْتُكَ ابْنَتِي هَذِهِ فَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ وَفِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ فَقَطْ نَحْوَ أَشْهَدُ عِنْدَكَ وَلَوْ قَلْتَ شَهِدْتُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ لِبَقَائِهِ عَلَى أَصْلِ الْخَبَرِيَّةِ فَهُوَ كَذِبٌ لِأَنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَقَدْ يَنْتَقِلُ مَجْمُوعُهُمَا نَحْوَ أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ وَلَأُقْسِمُ بِاللَّهِ فَكِلَاهُمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَالْقَسَمُ هُوَ جُمْلَةٌ إِنْشَائِيَّةٌ يُؤَكِّدُ بِهَا جُمْلَةً أُخْرَى.
تَمْهِيدٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إِجَابَةُ الشَّاهِدِ لِمَنْ دَعَاهُ وَاجِبَةٌ لقَوْله تعإلى {وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} زالته فَإِنْ لَمْ يَدَعْ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» قَالَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَجْهَيْنِ حُقُوقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ سِتْرٌ سترته عَلَيْهِ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَزَّالٍ «هَلَّا سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ» فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْتُمُهُ الشَّهَادَةَ وَلَا يَشْهَدُ فِي ذَلِك الا فِي تجريح إِنْ شَهِدَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُسْتَدَامُ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْأَحْبَاسِ وَالْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُهُ التَّعْجِيل وان اخر سَقَطت شَهَادَته لَان سكونه وَالْمَفْسَدَةُ تَتَكَرَّرُ جُرْحَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عبد الْملك واصبغ يقبل فَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ بِالْفَرْضِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَكَانَ قِيَامُهُ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْحَقِّ وَأَمَّا حُقُوق الادمي فَيُخَير صَاحب الْحق فَإِن لم يخيره أَبْطَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَتَهُ دُونَ سَحْنُونٍ وَفِي الْبَابِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى غَائِبٍ قَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ تُعَدَّ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ غَائِبًا بَلْ يُخْبَرُ بِالشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ.
الْفَرْعُ الثَّانِي:
قَالَ لَا يَكْفِي إنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَقُولُوا فِي حضر الْوَرَثَةِ لَا يَعْلَمُونَ وَارِثًا غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الدَّارُ لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ حَتَّى يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ خُرُوجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَحْكُمَ بِالْمِلْكَ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَالُوا هَذَا وَارِث آخَرين اعطى بِهَذَا نَصِيبَهُ وَتَرَكَ الْبَاقِي بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ مُسْتَحِقُّهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ يَدِهِ وَلِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يُقِرُّ لَهُ بِهَا قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا وَعَنْ مَالِكٍ ينْزع الْمَطْلُوب وَيقف لتعينها لِغَيْرِهِ وَإِنْ قَالُوا لَا نَعْرِفُ عَدَدَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَقْضِ فِي هَذَا بِشَيْءٍ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى تَسْمِيَةِ الْوَرَثَةِ وَتَبْقَى الدَّارُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى يثبت عدد الْوَرَثَة لَيْلًا يُؤَدِّي لنَقص الْقِسْمَةِ وَتَشْوِيشِ الْأَحْكَامِ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ مَعَ وَرَثَةٍ آخَرِينَ يَنْبَغِي أَنْ يُسَمُّوهُمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ يَنْبَغِي إِذَا قَامَتْ غُرَمَاءُ الْغَائِبِ بِبَيْعِ الْمَوْقُوفِ لَهُمْ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لَأَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ يَمِينِهِ الَّذِي كَانَ يَحْلِفُهَا الْغَائِبُ أَنْ لَوْ حَضَرَ فَإِنْ أَخَذُوهَا ثُمَّ قَدِمَ فَحَلَفَ فَقَدْ مَضَى ذَلِكَ وَإِنْ نَكَلَ غُرِّمَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ وَيَتَّبِعُ فِي ذَلِكَ عَدَمَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ عَلَيْهِمْ فِي النُّكُولِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْبَقَاءُ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى لِأَنَّ عَلَى الغايب الْيَمِينَ مَا ابْتَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَكَأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتِمَّ وَفِي الْبَيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ من قَالَ فلَان وَارِث فلَانا وَهَذَا الْبَعْض مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ مَا يَدْرِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَقُولُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ جَزْمٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجَزْمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَجُوزُ إِلَّا الْجَزْمُ حَتَّى يَقُولَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِغَيْرِ الْجَزْمِ لَا تَجُوزُ وَيُحْتَمَلُ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ هَذَا فَقَطْ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ هَذَا وَارِثُهُ قَالَ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَظْهَرُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يَقُولُوا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَاسْتُصْحِبَ وَاجِبُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مِلْكَهُ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ تَحْقِيقٍ مُسْتَصْحَبٍ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هُوَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِالْأَمْسِ لَمْ يَأْخُذْهُ بِذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ جعل الْمُدَّعِي صَاحب الْيَد وَلَو ادعيت مِلْكًا مُطْلَقًا فَذَكَرَ الشَّاهِدُ الْمِلْكَ وَالسَّبَبَ لَمْ يضر لعدم الشافي.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ:
إِذَا أَقَامَ الشَّهَادَةَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ مَا عَلِمْنَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ لَا يُقْضَى لِمُدَّعِيهَا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ وَقَوْلُهُ أَعَرْتُهَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَتْ كَانَتْ زُورًا وَلَا يَحْلِفُ فِي الدُّيُونِ مَعَ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ خَصْمُهُ الْقَضَاء فَيحلف ويبرا من دَعْوَى خَصمه فِي التَّنْبِيهَاتِ جَعَلَهَا زُورًا لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ عَلَى نَفْيٍ غَيْرِ مُضْبَطٍ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَقِيلَ لَا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ أَيَشْهَدُونَ عَلَى الْبَتِّ أَوِ الْعِلْمِ فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ الْكَشْفِ سَقَطَتْ وَيُعْذَرُ الْجُهَّالُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ عِقَابٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ أَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ تَصْدِيقًا لِشَاهِدِهِ فَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ دَيْنَهُ فَنَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وبرىء فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ لَمْ يَقْضِ بِهِ لِلطَّالِبِ حَتَّى يحلف مَعَ شاهديه أَنه مَا قبض وَلَا تسْقط عَنْهُ لِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ فَإِنَّ الْمَيِّتَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَعَلَّهُ يَتَبَيَّنُ حُجَّتَهُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ أَخَذَ الشُّهُودُ مِنَ الْمَشْهُودِ لَهُ دَوَابَّ يَرْكَبُونَهَا إِلَى مَوْضِعِ الشَّهَادَةِ نَحْوَ الْبَرِيدِ أَوِ البريدين أو يتَّفق عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَجِدُونَ النَّفَقَةَ أَوِ الدَّوَابَّ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَخْذِهِمُ الرِّشْوَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ لَا يَجِدُونَ جَازَ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُشْخَصُوا وَشَهِدُوا عِنْدَ مَنْ يَأْمُرُهُمُ الْقَاضِي بِأَدَائِهَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَيَكْتُبُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ إِلَى الْقَاضِي وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُسْتَحْضَرُ الشَّاهِدُ مِنْ مَكَانٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ مِنْهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ دَابَّة على الشَّاهِد فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ لَا غَيْرَ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ إِذَا رَكِبَ أوْ أَكَلَ طَعَامَهُ وَالْمَسَافَةُ قَرِيبَةٌ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَقِيلَ لَا تبطل وَلَكِن الشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا عَلَى كِرَاءِ دَابَّةٍ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُّ فَلَا تَبْطُلُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أو اكترى لَهُ لَان بِالْعَجزِ سَقَطت عِنْد الْوُجُوبُ وَقِيلَ تَبْطُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَرَّزَ الْعَدَالَةِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الِارْتِشَاءِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ قِيلَ لَا يَضُرُّهُ أَكْلُ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا رُكُوبُ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَكَذَلِكَ فِي انْتِظَارِهِ لِلْأَدَاءِ إِذَا مَنَعَ مَانِعٌ فأنفق عَلَيْهِ الْمَشْهُود لَهُ مُدَّة لِأَنَّهُ طارىء لم يجد من يشهده على شَهَادَته ويتصرف وَقِيلَ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوَفِّرُ بِذَلِكَ النَّفَقَةَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ فَانْظُرْ أَبَدًا مَتَى أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُهُ الْقَدُّومُ مِنْهُ وَالْمُقَامُ امْتَنَعَ الْإِنْفَاقُ إِلَّا فِيمَا يَرْكَبُ الشَّاهِدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ الرُّكُوبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَإِنَّمَا يُفَصَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ إِذَا كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَأَمَّا الْكَاتِبُ فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْكِتَابَةِ.
الْفَرْعُ الْخَامِسُ:
فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِذَا ادَّعَتِ الْجَارِيَةُ الْحُرِّيَّةَ أَوِ الضَّعِيفُ حَقًّا وَقَالَ إِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ جَلْبِ بَيِّنَةٍ مِنَ الْكَوْرَةِ وَسَأَلَ الرَّفْعَ لِمَوْضِعِ شَهَادَتِهِ فَإِنْ وَجَدَتِ الْأَمَةُ شَاهِدًا اسْتَحَقَّتِ الرَّفْعَ لِمَوْضِعِ شَاهِدِهَا الْآخَرِ وَتَأْتِي يَحْمِلُ بِنَفْسِهَا إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي يُوقِفُهَا السُّلْطَانُ وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا لِاحْتِمَالِ تَعْنِيتِ السَّيِّدِ.
الْفَرْعُ السَّادِسُ:
قَالَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا اسْتَوْدَعْتَ جَارِيَتَكَ فَمَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةً جَارِيَةً إِحْدَى هَذَا الثَّلَاثِ وَالْأُخْرَيَانِ ابْنَتَايَ وَلَا تَعْلَمُ عَيْنَهَا بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالتَّعْيِينِ وَلَمْ يَقُلْ يَحْكُمُ فِيهَا بِالْقَافَةِ كَمَا قَالَ إِذَا وَضَعَتِ امْرَأَتُهُ وَغَيْرُهَا وَاخْتَلَطَ الصِّبْيَانُ وَوَقَعَ التَّدَاعِي وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْقَافَةِ فَقِيلَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَالْأَظْهَرُ الْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ السَّبَب تَدْخُلُهُ الْقَافَةُ وَهَذِهِ مِلْكٌ وَالْقَافَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَمْوَالِ لِأَنَّكَ لَوِ ادَّعَيْتَ وَلَدَ أَمَةٍ فَقَالَ زوجننيها فَوَلَدَتْ هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَادَّعَيْتَ أَنَّهُ مِنْ زِنًى لَمْ يُحْكَمْ بِهِ بِالْقَافَةِ.
الْفَرْعُ السَّابِعُ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا شَهِدُوا بِالْأَرْضِ وَلَمْ يُحَدِّدُوهَا وَآخَرُونَ بِالْحُدُودِ دُونَ الْمِلْكِ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ وَقَضَى بَيْنَهُمْ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمَجْمُوعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِدْ إِلَّا مَنْ يَشْهَدُ بِالْغَصْبِ دُونَ الْحُدُودِ قِيلَ لَهُ حَدِّدْ مَا غَصَبْتَ وَاحْلِفْ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ قَالُوا نَشْهَدُ بِالْحَقِّ وَلَا نَعْرِفُ عَدَدَهُ قِيلَ لِلْمَطْلُوبِ أقرّ بِحَق واحلف عَلَيْهِ فيعطيه وَلَا شيئ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَإِنْ جَحَدَ قِيلَ لِلطَّالِبِ إِنْ عَرَفْتَهُ احْلِفْ عَلَيْهِ وَخُذْهُ فَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ أَعَرِفُهُ وَلَا أَحْلِفُ سُجِنَ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يقر بشي وَيحلف عَلَيْهِ فَإِن أقرّ وَلم يحلف أخد الْمُقِرُّ بِهِ وَحُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي دَارٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَحْلِفَ وَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ الْمَالِ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْإِمَامُ فَيَجْتَهِدُ فِيهِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَقَالَ مَالِكٌ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَعَنْ مَالِكٍ تُرَدُّ لِنِسْيَانِهِ الْعَدَدَ أَوْ لِجَهْلِهِ بِهِ.
الْفَرْعُ الثَّامِنُ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِنْ كَانَ يُؤَدِّي شَهَادَةً حَفِظَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ فَإِنْ نَسِيَ بَعْضَهَا شَهِدَ بِالَّذِي ذَكَرَهُ فَقَطْ وَإِنْ نَسِيَ الْجَمِيعَ فَلَا يَشْهَدُ وَأَمَّا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوِ النِّكَاحِ أَوِ الْهِبَةِ أَوِ الْحَبْسِ أَوِ الْإِقْرَارِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ حِفْظُهُ بَلْ مُرَاعَاةُ الشَّهَادَةِ فِي آخِرِهِ فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَعَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَرْتَبْ بِمُجَرَّدٍ لَا غَيْرِهِ شَهِدَ وَعَلَى الْحَاكِمِ قَبُولُهَا وَإِنِ ارْتَابَ فَلَا يَشْهَدُ وَإِنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَتَبَهُ وَلَا أَنَّهُ أَشْهَدَ فَعَنْ مَالِكٍ إِنْ لَمْ يَرْتَبْ شَهِدَ وَإِلَّا فَلَا وَرَجَعَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي السِّجِلَّاتِ وَهِيَ كَالْعُقُودِ لَا يَلْزَمُ حِفْظُهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِمَا عَلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ.
الْفَرْعُ التَّاسِعُ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا أَذْكُرُهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَيَّامٍ ذَكَرْتُهَا قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مُبَرَّزًا لَا يُتَّهَمُ قُبِلَتْ إِلَّا أَنْ يَمُرَّ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ مَا يُسْتَنْكَرُ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ قَالَ أَخِّرُونِي لِأَذْكُرَ وَهُوَ مُبَرَّزٌ جَازَت فَإِن قَالَ ماعندي عِلْمٌ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَأَجَازَهَا مَالِكٌ مِنَ الْمُبَرَّزِ فِي الْقُرْبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقِيلَ تُرَدُّ لِقَطْعِهِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فَيَنْتَفِي سَبَبُهُ وَهُوَ أَصْلُ الْإِشْهَادِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنَّمَا هَذَا إِذَا سُئِلَ عِنْدَ الْحَاكِم أو الْمَرِيض عِنْد نقلهَا عَنهُ واوفى غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ كَانَ سَحْنُونٌ يَأْمُرُ الْخُصُومَ عِنْدَ الْأَدَاءِ لَا يعرض الطَّالِب للشَّاهِد لتقلين وَلَا الْمَطْلُوبُ بِتَوْبِيخٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ أَدَّبَهُ وَإِذَا خَلَطَ الشَّاهِدُ أَعْرَضَ عَنْهُ وَرُبَّمَا عَاوَدَهُ فَإِنْ ثَبَتَ كَتَبَ شَهَادَتَهُ مِنْ غير تَحْسِين وَلَا زِيَارَة وَإِنْ خَافَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ أَعْرَضَ عَنهُ حَتَّى يتأنس وَيَقُول لَهُ هُوَ عَلَيْكَ لَيْسَ مَعِي سَوْطٌ وَلَا عَصًا فَلَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ قُلْ مَا تَعْلَمُ وَدَعْ مَا لَا تَعْلَمُ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إِذَا كَتَبَ الشَّهَادَةَ أَنْ يُوقِفَ الشَّاهِدَ عَلَيْهَا ثُمَّ يرفعها وَله أَن يَكْتُبهَا بِنَفسِهِ أَو كاتبها بِنَفْسِهِ أَوْ كَاتَبَهُ الْمَأْمُورُ أَوِ الشَّاهِدُ وَلَا يَقُول القَاضِي لَهُ أشهد بِكَذَا لِأَنَّهُ تَلْقِينٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَجُوزُ أَنْ يُذَكِّرَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا اتَّهَمَهُمَا بِالْغَلَطِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّاهِدَ إِذَا قَصَدَ بِهَذَا رُهِّبَ وَاخْتَلَطَ عَقْلُهُ وَلَكِنْ يَسْمَعُ مِنْهُمَا وَيَسْأَلُ عَنْهُمَا وَلَا تخلط الْمَرْأَةَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا فِي جُمْلَةِ النِّسَاءِ أَوِ الدَّابَّةُ فِي دَوَابَّ يَمْتَحِنُهُمْ بِذَلِكَ إِذَا سَأَلَهُ الْخصم لِأَنَّهُ اذية الشُّهُود وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ كَتَبَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ومسكنه ومسجده الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ وَصفته لَيْلًا يَتَسَمَّى غَيْرُ الْعَدْلِ بِاسْمِهِ وَيَكْتُبُ الْوَقْتَ الَّذِي شهد فِيهِ وَيكون الْمَكْتُوب فِي ديوانه لَيْلًا يَزِيدَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ يَنْقُصَ وَيَكْتُبُ صُورَةَ الْخُصُومَةِ كُلَّهَا مِنْ سُؤَالٍ وَإِنْكَارٍ وَاخْتِلَافٍ وَيَكْتُبُ هَذِهِ خُصُومَةُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَيُفْرِدُ خُصُومَاتِ كُلِّ شهرا وَيَجْعَلُ نُسْخَةً أُخْرَى بِيَدِ الطَّالِبِ يَطْبَعُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَخْرَجَهَا الطَّالِبُ قَابَلَهَا بِمَا فِي دِيوَانِهِ قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا قَالَ كُلُّ شَهَادَةٍ أَشْهَدُ بَيْنك زُورٌ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ وَيَشْهَدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا قَالَ لِلْخَصْمِ مَا أَشْهَدُ فَلَا يضرّهُ وَيشْهد لِأَنَّهُ وعده بَان لايقيم عَلَيْهِ الشَّهَادَة وَهُوَ وعد قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ مَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَمَعَ وَإِنْ تَنَاقَضَتَا وَأَمْكَنَ التَّرْجِيحُ رَجَعَ إِلَيْهِ وَإِلَّا تَسَاقَطَتَا وَبَقِيَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ من المتداعيين فَإِن كل مِنْ غَيْرِهِمَا فَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِهِ وَقِيلَ يقسم بَين مقيمي الْبَيِّنَة لاتِّفَاقهمَا على مِلْكِ الْحَائِزِ وَرُوِيَ يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا عِنْدَ تَسَاوِي الْعَدَالَةِ إِلَّا ان يكون هَؤُلَاءِ كثيرا يلتقي بَينهم مَا يلْتَمس من الِاسْتِظْهَار وَالْآخرُونَ أَكثر جدا فَلَا تراعى الْكَثْرَة وَلَوْ أَقَرَّ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ لِأَحَدِهِمَا لَنَزَلَ إِقْرَارُ مَنْ لَهُ الْيَدُ لِلْمُقِرِّ لَهُ حَتَّى تَرْجُحَ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا لَقُسِمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى كَثِيرٌ مِنْ هَذَا.

.الباب الْخَامِس فِي اخْتِلَاف الشَّهَادَات:

وَفِيه عشرَة مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
فِي الْكِتَابِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِينَ إِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا أَوْ يَأْخُذُ الْخمسين بِغَيْر يَمِين لِاجْتِمَاع شَاهِدين فِيهَا فِي النُّكَتِ كَلَامُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَتَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا فِي مَجْلِسَيْنِ فَيَحْلِفُ وَيسْتَحق مائَة وَخمسين لِأَنَّهُمَا ملان وَشَاهِدَانِ فَلَمَّا كَانَتَا فِي مَجْلِسَيْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ فَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَذَّبَتِ الْأُخْرَى قَالَ وَهُوَ احسن فَإِن أَقَامَ الطَّالِب يثبت هَذَا بِمِائَةٍ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَعْدَلَ وَقَدْ سَقَطَ شَاهِدُ الْخَمْسِينَ لِاتِّفَاقِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوب على كذبه وان اقام الْمَطْلُوب شَاهد الْخمسين نَظَرَ إِلَى أَعْدَلِ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ هُوَ شَاهِدَ الْمِائَةِ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ الآخر حلف مَعَه الْمَطْلُوب وبرىء وَقيل يحكم بِشَاهِد الطَّالِب وان كَانَ الآخر اعْدِلْ والامور أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَقُولُ هَذَا شَاهِدٌ أَعْدَلُ من شَاهد شَهِدَ أَنِّي لَمْ أُقِرَّ إِلَّا بِخَمْسِينَ وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَتَانِ فِي مَجْلِسٍ وَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ هُوَ مَالٌ وَاحِدٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِيَمِينٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُ أَقَلَّهُمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الزَّائِدِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ يَقُولُ لَيْسَ لَكَ ضَمُّ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَخْذُ خَمْسِينَ ثُمَّ احْلِفْ عَلَى تَكْذِيبِ شَاهد الْمِائَة واذا حَلَفت عَلَى تَكْذِيبِهِ بَطَلَ جَمِيعُ شَهَادَتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَة واخذها ويستعنى عَنْ شَاهِدِ الْخَمْسِينَ وَإِنْ أَحَبَّ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْخَمْسِينَ وَيُرَدُّ الْيَمِينُ فِي شَاهِدِ الْمِائَةِ فَإِن حلف برىء فَإِن نَكَلَ غَرِمَ خَمْسِينَ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَدَّعِ إِلَّا مِائَةً وَقَدْ أَخَذَ خَمْسِينَ وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ فَإِنْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا مَالَانِ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَاسْتَحَقَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمَطْلُوبُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَيَقُولَ الْخَمْسُونَ مِنَ الْمِائَةِ وَيُقَدِّمُ التَّارِيخَ أَوْ يُسَلِّمُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِخَمْسِينَ قَبْلَ الْمِائَةِ وَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إِذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بِخَمْسِينَ فَأَشْهَدْتُ بِهَا ثُمَّ بِخَمْسِينَ فَأَشْهَدْتُ بِمِائَةٍ فَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ شَهَادَةِ الْمِائَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ الطَّالِبُ فِي أَنَّهُمَا مَالَانِ وَإِنْ وَأَقَرَّ بِمِائَةٍ عَنِ الْخَمْسِينَ وَقَالَ الطَّالِبُ هِيَ مِائَتَانِ وَقَالَ الْمَطْلُوبُ مِائَةٌ صُدِّقَ الطَّالِبُ إِنْ كَانَا بِكِتَابَيْنِ صُدِّقَ الطَّالِبُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ إِقْرَارُ الْغَيْر كتابا وتقارب مَا بَينهمَا أُشْهِدَ سِتَّةٌ فِي مَجَالِسَ كُلُّ اثْنَيْنِ بِطَلْقَةٍ وَقَالَ الزَّوْجُ هِيَ وَاحِدَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ ثَلَاثٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ بِلَا سَلَفٍ أَنَّهُ يَغْرَمُ ثَلَاثَمِائَةٍ إِذَا شَهِدُوا بِمِائَةٍ ثُمَّ مِائَةٍ فِي مَجَالِسَ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ قَوْلُ الشُّهُودِ أَيْ طَلَّقَهَا دِينَ أَوْ أَنَّهَا طَلَاقٌ لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا لَقِيتَ رَجُلًا فَقُلْتَ اشْهَدْ أَنَّ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قُلْتَ لِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَقُلْتَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً أَحْلِفُ وَدِينَ قَالَ وَهُوَ أَصْوَبُ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ يَصْلُحُ لِلْإِخْبَارِ عَنِ الْمَاضِي وَالْحَالِ الا ان يتباعد مَا بَين الشَّهَادَاتِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَبَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ وَذَلِكَ عَن كلمة وَاحِدَة وانكرت الْجَمِيعُ اخْتُلِفَ هَلْ تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ أَوْ يُقْضَى بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا حَقًّانِ لِاثْنَيْنِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ بِخِلَافِ الِاتِّحَادِ بَعْضُ الشَّهَادَاتِ يُكَذِّبُ بَعْضًا وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ لَا تَضُرُّنِي بَيِّنَةُ الْعتْق لاني انا وَالزَّوْج متفقان على تكذيبهما وَكَذَلِكَ يَقُول العَبْد فَيقوم كِلَاهُمَا بِبَيِّنَة فَإِن كذبا بينتهما لَمْ يَحْكُمْ بِهِمَا لِأَنَّ الْقِيَامَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ يَصِيرُ حِينَئِذٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِذَا صَارَ الْحَقُّ لِوَاحِدٍ لَمْ يَقُمْ بِهِمَا مَعَ تَكْذِيبِ بَعْضِهَا بَعْضًا وَهَذَا مَعَ تَسَاوِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا قِيمَ بِالْعَدْلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأَعْدَلُ وَقَالَ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ لَا عِلْمَ عِنْدِنَا وَلَمْ يُقِرَّا بِشَيْءٍ قَضَى بِالَّتِي صَدَقَتْ فَإِنْ صَدَقَتِ الْأُخْرَى قَضَى عَلَيْكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِإِقْرَارِكَ وَإِنْ صدقت الاعدل الَّتِي شهِدت بِالطَّلَاق وَقَامَ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةِ الْعِتْقِ قَضَى بِالْعِتْقِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي لَا تَكْذِبُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ انك ذبحت فلَانا وآخران أَنَّكَ أَحْرَقْتَهُ وَأَنْكَرْتَهُمَا فَإِنْ قَامَ الْأَوْلِيَاءُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَطَلَ الدَّمُ أَوْ بِإِحْدَاهُمَا أَقْسَمُوا مَعَهَا وَاقْتَصُّوا وَسَقَطَتِ الْأُخْرَى لِاجْتِمَاعِ الْأَوْلِيَاءِ مَعَكَ عَلَى تَكْذِيبِهِمَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ بِالذَّبْحِ وَأَقَامُوا بِبَيِّنَةِ الْحَرْقِ وَهِيَ الاعدل اقسموا مَعهَا واحرقوا فَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَعْدَلَ حَلَفَتْ مَعَهَا وَقُتِلَتْ ذَبْحًا بِغَيْرِ حَرْقٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ بَيِّنَةِ الطَّالِبِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ عَدَدًا فَإِن استوتا تساقطنا وَيُقَرُّ الشَّيْءُ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ وَلَا يُقْضَى بِأَكْثَرِهِمَا فَيُسَاوِي رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِائَةَ رَجُلٍ وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى الدَّارَ صَاحِبُ الْيَدِ وَاثْنَانِ بِغَيْرِ يَدٍ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَةُ غَيْرِ ذِي الْيَدِ سَقَطَتَا وَبَقِيَتْ بِيَدِ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ جَرَّحَتْ صَاحِبَتَهَا قَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ هَذَا جَرْحًا لَكِنِ التَّكَافُؤُ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا وَكَذَلِكَ التكافؤ اذا تداعيا شَيْئا لَيْسَ بايدهما ثُمَّ إِنْ رَأَى الْإِمَامُ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُهُمَا مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ أَعْدَلَ فَعَلَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّهُ وَيَرَى أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا كَمَا لَوْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَإِنْ تَنَازَعَا عَفْوًا مِنَ الْأَرْضِ قُضِيَ بِالْأَعْدَلِ وَيَحْلِفُ صَاحِبُهَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَتِ الأَرْض كَغَيْرِهَا من عصر دَار الْمُسلمين وَعَن مَالك إِن تكافأتا والشيئ لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا وَهُوَ مِمَّا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ كَالْعَقَارِ تُرِكَ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَعْدَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَان فَيقسم بَينهمَا لَيْلًا يَهْلِكَ وَمَا خُشِيَ مَا يُغَيِّرُهُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ يُؤَخِّرُهُ قَلِيلًا لَعَلَّ أَحَدَهُمَا يَأْتِي بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْآخَرُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَخِيفَ عَلَيْهِ قُسِّمَ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ فِي أَمَةٍ أَنَّهَا لَكَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لَهُ وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَيْسَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ فيهمَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ مُرَجَّحٌ قَالَ غَيْرُهُ إِذَا كَانَت ببينه الناتج ان كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَعَدَلَ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ التَّهَاتُرِ وَلَكِنْ لَمَّا زَادَتْ بِقِدَمِ الْيَدِ قُدِّمَتْ كَمَا لَو شهِدت بِشَهْر وَالْأُخْرَى عَامٍ قُدِّمَتْ وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى أَعْدَلَ وَلَا يُنْظَرُ لِمَنْ بِيَدِهِ الْأَمَةُ إِلَّا أَنْ لاخر الْخدمَة لادعاء لَهَا بِحَضْرَةِ الْآخَرِ فَهَذَا يَقْطَعُ دَعْوَاهُ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ فِي اخْتَلَفَا السِّلْعَةُ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ بِغَيْرِ يَمِينٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْيَمِينِ وَمُعْظَمُ الشُّيُوخِ لَا يَرَوْنَ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْأَرْضِ بِبَيِّنَةِ الْأَعْدَلِ يَمِينًا قَالَ وَأَرَى إِيجَابَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ يَدِهِ وَاحْتِيطَ بِالْيَمِينِ لِحَقِّ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ لَهُمَا مَالِكٌ لَمْ تَلْزَمِ الْيَمِينُ قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي التَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ كَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ أَوْ يُفَرَّقُ بَأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْكَثْرَةِ يُفْضِي إِلَى طُولِ النِّزَاعِ بِأَنْ يَسْعَى الْخَصْمُ الْآخَرُ فِي الزِّيَادَةِ فَيُعَدِّدُ الْأَوَّلَ وَيَزِيدُ شُهُودًا وَيَتَسَلْسَلُ الْحَالُ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيِّنَة أَرْجَحَ عَدَالَةً فَلَا يَتَسَلْسَلُ وَاخْتُلِفَ إِذَا سَاوَى شَاهِدٌ شَاهِدَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ صَاحِبُ الشَّاهِدِ وَيَكُونُ شَاهِدُهُ وَيَمِينُهُ كَشَاهِدَيِ الآخر وَكَذَلِكَ شَاهد وأمراتان تكافيء شَاهِدين مَعَ اسْتِوَاء الْعَدَالَة لِأَنَّهَا كَانَت حجج شَرْعِيَّةً وَلَمْ يُسَوِّ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يُحْكَمُ بِهَا فِي الدِّمَاءِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَتَانِ وَقَالَ عبد الْملك الْحَائِز لَا ينْتَفع بَيِّنَة لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى فَلَمْ تُشْرَعْ إِلَّا لَهُ وَصَاحِبُ الْيَدِ لَمْ يَدَّعِ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّارِ يَدَّعِيهَا ثَلَاثَةٌ هِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ فَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتَا غَيْرِ ذِي الْيَدِ فَقِيلَ تُخَلَّى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِتَسَاقُطِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقِيلَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى إِبْطَالِ مِلْكِ ذِي الْيَدِ وَاخْتُلِفَ لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْحَائِزُ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَى مَذْهَب الْمُدَوَّنَة انما لَهُ تَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ وَالتَّرْجِيحُ بِتَقَدُّمِ التَّارِيخِ لَيْسَ فِيهِ تَكَاذُبٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرُ التَّارِيخِ غَصْبًا أَوِ اشْتُرِيَ مِنْ غَاصِبٍ فَلَا يَزُولُ مِلْكُ الْأَوَّلِ إِلَّا بِيَقِينٍ إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَكَذَلِكَ التَّرْجِيحُ بِالنِّتَاجِ وَعَنْ أَشْهَبَ إِذَا شَهِدْتَ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ بِيَدِكَ لَا تَكُونُ أَحَقَّ حَتَّى تَقُولَ مِلْكَكَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ بِيَدِكَ يُوجِبُ رَدَّهُ إِلَى يَدِكَ حَتَّى تَثْبُتَ يَدٌ قَبْلَ يَدِكَ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِيَقِينٍ وَعَنْ أَشْهَبَ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا لَكَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِأَنَّهَا مِلْكُ خَصْمِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَلَوْ تَقَدَّمَ تَارِيخُ يدك وَفِيه نظر كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِهِ الَّذِي هُوَ شَهِدَتْ لَهُ بِالْمِلْكِ اشْتَرَى مِمَّنْ حَازَ قَبْلَكَ فَيَصِحُّ قَالَ وَكَذَلِكَ أَيْضًا يُشْكِلُ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ لِأَنَّ يَدَهُ تَقَدَّمَتْ عَلَى أُمِّهَا إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أُمَّهَا مِلْكٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا بِنْتُ أَمَتِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهَا قَبْلَ مِلْكِ الْأُمِّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا وُلِدَتْ عِنْدَكَ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إِذَا شَهِدَتْ فِي الَّتِي بِيَدِ غَيْرِكَ أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَكَ لَا يُقْضَى لَكَ حَتَّى يَقُولُوا إِنَّكَ تَمْلِكُهَا وَيَحْلِفُ لَكَ مَا أَعْلَمُ لَكَ فِيهَا حَقًّا وَلَوْ شَهِدُوا بِنَسِيجِ الثَّوْبِ وَلَمْ يَقُولُوا لَكَ لَمْ يُقْضَ بِهِ بَلْ بِقِيمَةِ النَّسَجِ وَيَحْلِفُ مَا نَسَجْتُهُ مِلْكًا قَالَ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تُخَالِفُ الْأُصُولَ الْمَعْرُوفَةَ لِأَنَّ الْحِيَازَاتِ لَهَا أَثَرٌ فَيُرَجَّحُ بِهَا أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ كِلْتَاهُمَا بِالنَّسْجِ أَوِ الْوِلَادَةِ عِنْدَكُمَا كَانَ تَكَاذُبًا يُقْضَى بِالْأَعْدَلِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُنْسَجَ مَرَّتَيْنِ كَالْخَزِّ تَرَجَّحَ الأول وَللثَّانِي اجرة فَإِنْ شَهِدَتَا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّسْجِ لَكُمَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا لِأَنَّهُ تَكَاذُبٌ وَيَسْقُطَانِ مَعَ التَّكَافُؤِ وَيَأْخُذُهَا الْحَائِزُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ دَارٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ وَعَبْدٍ تَاجِرٍ فَهِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا أَوِ الْعَبْدُ فِي أَحَدِهِمَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ هِيَ بَيْدِ تَاجِرَيْنِ عَبْدَيْنِ وَحُرٍّ فَادَّعَاهَا الْعَبْدَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَالْحُرُّ لِنَفْسِهِ قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ وَهُمَا غَيْرُ مَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدَيْنِ يَدٌ مَعَ السَّيِّد فَإِن كَانَ مَعَه فِي الديار عَبْدَانِ أَوْ زُوَّارٌ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِهِمْ وَدَعْوَاهُمْ إِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَحَلَّهُمْ فِي الدَّارِ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ نَظَرْتَ إِلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً أَحَدُهُمْ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ وَالْبَاقُونَ يَدَّعُونَهَا لِلَّذِي لَيْسَ مَعَهُمْ قُسِّمَتْ أَرْبَعَةً رُبْعٌ لِلْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ وَالْبَاقِي لِمَنِ ادَّعَاهَا لَهُ الْبَاقُونَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِي الدَّارِ قُسِّمَتْ نِصْفَيْنِ وَزَالَتْ يَدُ الْمُدَّعِينَ لِغَيْرِهِمْ وَإِنْ قَالَ الثَّلَاثَةُ أَكْرَاهَا مِنَّا فُلَانٌ وَهِيَ لَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ فِي الدَّارِ مَعَهُمْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْكِرَاءَ أَوْجَبَ لَهُمْ يَدًا فَصَارَ لِلَّذِي أَسْكَنَهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مَعَهُ كَانُوا تَحْتَ يَدِهِ كَمَتَاعٍ لَهُ فِي الدَّار وَلم ينظر لعدد رؤوسهم وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَارُوا حَائِزِينَ دُونَهُ فَيُقَسَّمُ عَلَى الْأَعْدَادِ قَالَ وَانْظُرْ إِذَا كَانَ هُوَ وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَأَجْنَبِيٌّ وَلَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحْجُورِ وَتُقَسَّمُ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لايقدر عَلَى انْتِزَاعِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَقَدْ يُقَالُ لِأَنَّ يَدَ السَّيِّدِ إِذَا كَانَ مَعَه اقوالك السَّيِّدُ قَالَ الدَّارُ كُلُّهَا لِي دُونَ عَبْدِي وَقَوْلُهُ يُقْبَلُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ يَقُولُ كُلُّهَا لِي فَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ إِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقُولُ السَّيِّدُ مُقِرٌّ بِمَا يُوجِبُ مُقَاسَمَتِي إِيَّاهُ لِقَوْلِهِ الدَّارُ كُلُّهَا لِي وَعَنْ أَشْهَبَ فِي عَبْدٍ بِيَدِكَ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَة ان قَاضِي قَضَى لَهُ بِهِ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً كَذَلِكَ وأقمت أَنَّهُ مَلِكُهُ وَوَلَدُكَ فِي مِلْكِكَ قُضِيَ بِهِ لَكَ إِلَّا أَنْ يَزِيدُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِهِ لَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ أَوْ مِنْ وَكِيلِكَ أَوْ مِمَّنْ بِعْتَهُ إِيَّاهُ فَإِنْ شَهِدَ لِلْآخَرِ بِذَلِكَ قَضَى بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ الْمُؤَرَّخَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي شَهَادَةِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِهَذَا الْعَبْدِ لِهَذَا فاقضى لَهُ بِهِ وان ورختا قُدِّمَتِ الْمُقَدِّمَةُ أَوْ لَمْ تُؤَرَّخَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بعد ايمانهم بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا أَوْ نُكُولِهِمَا وَلَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْوِلَادَةِ وَمَنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَقَمْتَ بَيِّنَةً بِوِلَادَتِهَا فِي مِلْكِكَ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِهِ مِنَ الْمُقَاسِمِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الشِّرَاءِ مِنَ الْمُقَاسِمِ وَلَوْ ثَبَتَ مَلْكُهُ لِمُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ يُقْضَى مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ بِأَكْثَرِهِمَا عَدَدًا فِي الدَّعَاوَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا يُكْتَفَى بِهِمْ فِي الِاسْتِظْهَارِ وَالْآخَرُونَ أَكْثَرُ جِدًّا فَلَا تُرَاعَى الْكَثْرَةُ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَأَمَّا شَاهِدَانِ وَشَاهِدٌ أَعْدَلُ زَمَانِهِ مَعَ يَمِينٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِالشَّاهِدَيْنِ وَعَنْهُ بِالْأَعْدَلِ مَعَ الْيَمِينِ لِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ أُقَدِّمُ الْأَعْدَلَ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ أَعْدَلُ مِنْهُ قَضَيْتُ بِهِمَا قَالَ أَشْهَبُ الْأَعْدَلُ مَعَ الْيَمِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا جُهِلَتِ الْبَيِّنَتَانِ لَا يُقْضَى بِأَعْدَلَ مِمَّنْ زَكَّاهُمَا وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ الْأَعْدَلِيَّةُ فِي الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ مَالِكٍ التَّسْوِيَةُ فِي التَّرْجِيحِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ الظَّنَّ فِي الْمُزَكِّي وَإِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَهُ فَهَذَا تَهَاتُرٌ وَيُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا وَيَسْقُطَانِ مَعَ التَّسَاوِي قَالَ أَشْهَبُ يُرَجَّحُ بِقَوْلِ الْعَبْدِ إِنِّي لِأَحَدِكُمَا عَبْدٌ فِي تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ فِي أَيْدِيكُمَا وَإِلَّا اعْتُبِرَ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا إِلَّا أَنْ يُقِيمَا بَيِّنَةً فَهُوَ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ بَعْدَ أَنْ الْأَرْجَحُ بِقَوْلِهِ وَإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَرْجَحُ وَإِنِ ادَّعَيْتُمَا دَارًا بِيَدِ غَيْرِكُمَا أَوِ اسْتَعَارَهَا فَهِيَ لَكَ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ بَيِّنَةً وَهِيَ لَكَ أَيْضًا عِنْدَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَحْلِفُ مَعَ التَّكَافُؤِ مَا لَمْ يُعْلَمْ لِأَحَدٍ فِيهَا حَقٌّ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَقَرِّ لِأَنَّهُ لَوْ يُصَدَّقُ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَتَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا قُدِّمَ الْمُتَقَدِّمُ مِنِ الْكِرَاءِ وَإِلَّا مَنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا ثَبَتَ فَلَسُهُ فَأَقَمْتَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا وَأَقَامَتِ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ لَهَا يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَتَا بَقِيَتْ لِلزَّوْجِ وَبِيعَتْ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّ سُكْنَاهُ أَغْلَبُ مِنْ سُكْنَاهَا لِأَنَّ عَلَيْهِ إِسْكَانَهَا وَحَيْثُ قَسَّمَ الْمُدَّعَى لِتَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُكُمَا بَيِّنَةً أَعْدَلَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ لِبُطْلَانِ سَبَبِ الْحُكْمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي شَاة مسلوخة بِيَدِك وسقطها بيد آحر وتداعيتماها سَقْطَهَا قُضِيَ لِلْجَمِيعِ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنِ اسْتَوَتَا تَحَالَفْتُمَا فَإِنْ حَلَفْتُمَا أَوْ نَكَلْتُمَا قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَوْ نَكَلَ أَحَدُكُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ بِمَا فِي يَدِهِ فَلَوْ أَقَمْتَ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْ عِنْدَكَ وَأَنَّكَ ذَبَحْتَهَا وَسَلَخْتَهَا وَأَنَّ السَّقْطَ لَكَ فَالْجَوَابُ سَوَاءٌ وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّ أَبَاكَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَشَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى تَصَدَّقَ بِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْهَذْرِ عَلَى أَنَّ الْكَثْرَةَ لَمْ تَحْصُلْ بِالْعِلْمِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْعِلْمُ عَلَى الظَّنِّ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا تُرَجَّحُ بِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ وَإِذَا شَهِدَتَا بِأَنَّ الدَّابَّةَ نُتِجَتْ عِنْدَكُمَا فَهُوَ تَكَاذُبٌ أُرِّخَتْ أَمْ لَا تَقَدَّمَ التَّارِيخُ أَوِ اتَّحَدَ وَمَتى شَهِدَتْ بِالنِّتَاجِ فِي وَقْتٍ لَا يُشْبِهُ قُدِّمَ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّكَ رَهَنْتَهُ مَا تَحْتَ يَدِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقِيلَ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَا عَنْ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِالْأَعْدَلِ فَإِنِ اسْتَوَتَا قضي بِالرَّهْنِ لَان الْبَيِّنَتَيْنِ تسفطان وَيَبْقَى الْإِقْرَارُ وَقَالَ شَهِدَتْ لِلْقَائِمِ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ مِنَ الشِّرَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ كَانَ قَدْ غَصَبَ مِلْكَهُ.
تَمْهِيدٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ مَدَارِكُ التَّرْجِيحِ أَرْبَعَةٌ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ فَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَعَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إِذَا اسْتَوُوا فِي الْعَدَالَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يقد من وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَعْدَلَ مِنْ حُكْمِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَحَكَمَ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ وَقُدِّمَ عَلَى الشَّاهِدِ وَعَنْهُ مِثْلُ أَشْهَبَ وَالثَّالِثُ الْيَدُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ وَاشْتِمَالُ أَحَدِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى زِيَادَة تَارِيخ واذا قدمتا بِالْأَعْدَلِ فَهَلْ يُقَدَّمُ بَأَعْدَلِيَّةِ الْمُزَكِّي لَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْتَبَرَهُ مُطَرِّفٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
فِي الْبَيَانِ إِذَا شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَآخَرُ أَنَّهَا حَوْزُهُ قَالَ مَالِكٌ تُجْمَعُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّ الْمَنْزِلَ مَنْزِلُهُ أَوْ فِي الطَّلَاقِ بِحِيلَةٍ أَوْ يَشْهَدُ الْآخَرُ بريبة أو يشْهد أَحَدكُمَا أَنَّهَا دَارُكَ وَيَشْهَدُ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَكَ إِيَّاهَا قُضِيَ لَكَ بِهَا أَوْ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.
المسألة الرَّابِعَة:
قَالَ اذا اشْهَدْ أَحَدَهُمَا لَا يَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَالْآخَرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ وُقِفَ الْمَالُ حَتَّى يتَبَيَّن أَمر الزَّوْجَة لَا يعجل للْوَلَد حَقُّهُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا لَا تَكُونُ بِالشَّكِ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ شَاءَ الْوَارِثُ حَلَفَ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ لِأَنَّ شَاهده جازم يبْقى غَيْرِهِ فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ عَزَلَ نَصِيبَ الزَّوْجَةِ وَأَخَذَ الْوَارِثُ الْبَاقِيَ بِغَيْر يَمِين فَإِن اوقف وَطَالَ الزَّمَانُ أُعْطِيَ الْوَارِثُ الْمَالَ كُلَّهُ وَصُورَةُ الْيَمين مَا يعلم لَهُ زَوْجَة أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَشَهِدَ لَهَا شَاهِدٌ حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ مِيرَاثَهَا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ إِيقَافِ حَقِّ الزَّوْجَةِ خَاصَّة خشيَة اتلافه وبعدم الْوَارِثُ فَيَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إِذَا ثَبَتَ حَقُّهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ شَاهِدٍ بِخَمْسِينَ وَشَاهِدٍ بِمِائَةٍ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الْخَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِين وَبَين اخذ الْمِائَة بِيَمِين مَعَ شَاهدهَا أَنَّ شَاهِدَ الْخَمْسِينَ تَمَّتْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْخَمْسِينَ وَهَاهُنَا لَمْ يَجْزِمْ شَاهِدُهُ لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ بَلْ يَقُولُ لَا عِلْمَ لِي بِالْمُشَارِكِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
قَالَ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَالَحَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَالَ مَالِكٌ لَا تُضَمُّ لاخْتِلَاف الْمَشْهُود بِهِ بِخِلَاف طَلقتهَا فِي رَمَضَانَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي شَوَّالٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَاحِدٌ وَهُوَ الطَّلَاقُ كَمَا لَا يُضَمُّ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ فلَانا قَامَ وَالْآخر شهد بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا لِلِاخْتِلَافِ وَيَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا لَا تُضَمُّ قَالَ وَهَذِه الْمسَائِل أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ إِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَاتَّحَدَ الْمَعْنَى لُفِّقَتْ إِجْمَاعًا وَإِنِ اخْتَلَفَا لَا تُضَمُّ اتِّفَاقًا وَإِنِ اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَاخْتَلَفَ الْأَيَّامُ وَالْمَجْلِسُ الْمَشْهُورُ التَّلْفِيقُ وَإِنِ اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى دُونَ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ الْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّلْفِيقِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ وَشَهَادَةِ الْآخَرِ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُهُ فَلَا يُضَمُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ صَالَحَهَا وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ طَالِقٌ لَا يَفْعَلُهُ لَا تُضَمُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ وَقِيلَ يُطَلَّقَانِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَعَنْ سَحْنُونٍ إِذَا جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ مَا جَرَحَهُ بِهِ الآخر جرح لاجتماعها عَلَى جَرْحِهِ وَقِيلَ لَا يُجْرَحُ حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى جَرْحَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَّابٌ أَوْ نَحْوُهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم واشهد اثْنَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي رَمَضَانَ وَاحِدَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي شَوَّال وَآخر أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَدِينُ كَمَا لَوْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةً ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ لَزِمَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَادَ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ إِلَّا أَنْ يَحْدُثَ الطَّلَاقُ عِنْدَ كُلِّ شَاهِدَيْنِ فَيَقُولُ اشْهَدُوا أَنَّهَا طَالِقٌ بِخِلَافِ أَنِّي طَلَّقْتُهَا وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ الْآخَرَانِ مَا طَلَّقَ إِلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ الْجَمِيعُ سَمِعْنَاهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَكَلَامٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِلْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ أَنَّهُ أَعْتَقَ زَيْدًا وَمَيْمُونًا وَالْآخَرَانِ لَمْ يَتَفَوَّهْ إِلَّا بِعِتْقِ زِيدٍ وَحْدَهُ عُتِقَ الْعَبْدَانِ لِوُجُودِ النِّصَابِ فِيهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا أَسْلَفَهُ عِشْرِينَ وَقَالَ الْآخَرَانِ لَمْ يُسْلِفْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَّا عَشْرَةً لَزِمَهُ الْعِشْرُونَ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ لِلزِّيَادَةِ أَحْفَظُ لِمَا نَسِيَهُ الْآخَرَانِ وَأَغْفَلَاهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم واذا قَالَ الْمَجْلِسُ بِطَلَاقٍ وَلَكِنَّهُ حَلَفَ بِعِتْقِ غُلَامٍ أَسْمَيَاهُ سَقَطت الشَّهَادَة الْآخرَانِ إِنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأُخْرَى وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ الْآخَرَ وَفِي الزامه من الْبَيِّنَة والواحدة وَالْعِشْرِينَ وَالْعَشَرَةِ وَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ لِمُتَيَقِّنٍ وَالْفَرْقُ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِزِيَادَةِ لَفْظٍ مِثْلَ أَنْ يشْهد أَنه اقر لَهُ ب وَعِشْرِينَ فَأَقَرَّ لَهُ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ أَوْ بِغَيْرِ زِيَادَةِ لَفْظٍ نَحْوَ أَقَرَّ لَهُ بِتِسْعَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْآخَرُ إِنَّهُ أَقَرَّ بِعِشْرِينَ قَالَ مَالِكٌ وَلَو شهد عَلَيْهِ رجل بِشرب بِالْخمرِ فِي شَوَّالٍ وَالْآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَهُ فِي رَبِيعٍ حُدَّ قَالَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَة فِي الْفِعْل لَان الْفِعْل المتعدد متغاير قَطْعًا وَالْقَوْلُ تُمْكِنُ حِكَايَتُهُ مَعَ اتِّحَادِهِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحَدُّ فِي الشُّرْبِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي شَوَّالٍ وَالْآخَرُ قَالَ رَأَيْتُهُ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ الشُّرْبَ فِعْلٌ يُؤَدِّي إِلَى الْقَوْلِ وَهُوَ الْقَذْفُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا شَرِبَ سكر واذا سكر هذى وواذا هَذَى افْتَرَى فَمَا خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْلَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ أَحَدِهِمَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُهَا فِي زُجَاجٍ وَقَالَ الْآخَرُ فِي فَخَّارٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
إِذَا شَهِدَا بِأَلْفٍ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَيَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ بِهَا لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَا وَقَالَا لَا علم لنا واشهود مِنَ الْوَرَثَةِ دَفَعَ كُلُّ وَارِثٍ مِنْهُمْ مَا يُصِيبُهُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ فَلَوْ تَرَكَ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِيَةً مِنَ الْوَلَدِ فَيَشْهَدُ مِنْهُمُ اثْنَانِ لَكَ بِأَلْفٍ وَقَالَ آخَرَانِ بل هِيَ وَصِيَّة لغيرك دفع شَاهد الْوَصِيَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلْثَ مَا يَجِبُ لَهُمَا مِائَتَيْ دِينَارٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَدَفَعَ اللَّذَانِ شَهِدَا بِالدَّيْنِ لَكَ رُبْعَ مَا يجب لَهما مائَة دِينَار وَخَمْسُونَ وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ مِنْ نَصِيبِ كَلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى غَيْرِهِمْ شي لِعَدَمِ ثُبُوتِ الشَّهَادَةِ بِالتَّعَارُضِ قَالَ ابْنُ دَحُّونِ إِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ الْأَلْفَ بَطَلَتْ شَهَادَةُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَدُفِعَتْ فِي الدَّيْنِ لِأَن شُهُود الْوَصِيَّة يحوزوا لأنفسهما لِأَن مَا لم يحمل الثُّلْثُ مِنْهَا يَكُونُ عَلَى قَوْلِهِمَا مِيرَاثًا قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ إِذَا تَقَدَّمَتِ الشَّهَادَةُ بِالدَّيْنِ أَمَّا إِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ كَانَا مَعًا فَلَا تُهْمَةَ وَعَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي إِعْمَالِ الشَّهَادَتَيْنِ مَعًا حَمْلُ الثُّلُثِ الْأَلْفَ أَمْ لَا فَيُقْضَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِلَّذِي شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهَا دَيْنٌ وَبِهَا مِنْ ثُلُثِ بَقِيَّةِ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُث أو مَا حمله وَلَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَاحِدًا بِالدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةُ لِأَخْذِهَا بِشَهَادَتِهِمَا حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُلَفَّقُ إِذَا اتَّفَقَتْ فِيمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَإِنِ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّلْفِيقِ فَلَا وَكَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ إِذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا دَيْنٌ وَالْآخَرُ بِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَلْفِيقٌ تَكُونُ لَهُ الْأَلْفُ بِشَهَادَتِهِمَا إِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وان لم يحملهَا الثُّلُث خير الْمَشْهُود بَيْنَ أَخْذِ مَا حَمَلَهُ الثُّلْثُ مِنَ الْأَلْفِ دُونَ يَمِينٍ أَوْ حَلَفَ مَعَ شُهُودِهِ أَنَّهَا دَيْنٌ وَأَخَذَ جَمِيعَهَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّلْفِيقِ لَا بُد مِمَّن الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ مَعَ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَأْخُذُ مَا وَجَبَ لَهُ بِشَهَادَتِهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
فِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ قُلْنَا يُقْسِمُ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَهَلْ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى كَمَا لَوْ كَانَ أَصْلَانِ بِتَفَاوُتِ الدَّعَاوَى لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَوْزِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْضَ حِيَازَتِهِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً بَيْنَهُمْ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ مَا يَخْتَصُّ بِحِيَازَتِهِ وَإِذَا قُسِّمَ عَلَى قدر الدعاوي ولأن الْمُدعى خَارِجا عَنْ أَيْدِيهِمَا فَاخْتُلِفَ فِي الْكَيْفِيَّةِ فَعَنْ مَالِكٍ يقسم جَمِيعه على قدر اخْتَلَفَتِ الْحِصَصُ الْمُدَّعَى بِهَا كَعَوْلِ الْفَرَائِضِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اخْتَلَفَتِ الدَّعَاوَى يُقْسَّمُ مَا اشْتَرَكُوا فِي الدَّعْوَى فِيهِ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَمَا اخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِالدَّعَاوَى فَلَا مُقَاسَمَةَ فِيهِ لِمَنِ اخْتَصَّ عَنْهُ بِدَعْوَاهُ وَاخْتُلِفَ فِي اعْتِبَارِ الِاخْتِصَاصِ عَلَى طَرِيقَيْنِ سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورِ:
الصُّورَةُ الْأُولَى:
إِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهُ وَالْآخَرُ نِصْفَهُ وَتَسَاوَتِ الْبَيِّنَاتُ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُقَسَّمُ أَثْلَاثًا لِمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلْثَانِ وَالثُّلُثُ لِمُدَّعِي النّصْف وعَلى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمٌ لِأَنَّ مُدَّعِي النِّصْفِ سُلِّمَ النِّصْفَ وَالنِّزَاعُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ:
ادَّعَى ثَلَاثَةٌ الْكُلَّ وَالنِّصْفَ وَالثُّلْثَ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يُقَسَّمُ أَحَدَ عَشَرَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلْثِ اثْنَانِ وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَشْبِيهٍ بِعَوْلِ الْفَرَائِضِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْكُلِّ سُلِّمَ لَهُ النِّصْفُ عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ وَسُلِّمَ مُدَّعِي الثُّلْثِ السُّدُسَ وَهُوَ ثُلُثُ النِّصْفِ الْآخَرِ وَهُوَ مُتَنَازَعٌ فِيهِ بَيْنَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقَسِّمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَيُقَسِّمُ الثُّلُثَ كُلُّهُمْ فَيَخُصُّ مُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَالسُّدُسُ سَهْمٌ وَثُلُثُ الثُّلْثِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ وَثُلْثُ سَهْمٍ وَيَخُصُّ مُدَّعِي النِّصْفِ نِصْفُ السُّدُسِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ وَالثَّلَاثُ سَهْمٌ وَثُلُثٌ تَكُونُ الْجُمْلَةُ سَهْمَيْنِ وَثُلْثًا وَلَا يَخُصُّ مُدَّعِي الثُّلْثِ سِوَى ثَلَاثَةٍ وَثُلْثٍ فَتَضْرِبُ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ فِي مُخْرِجِ الْكَسْرِ تبلغ سِتَّة وَثَلَاثِينَ كَمَا تقدم على طَرِيق الثَّانِي فَيُقَسَّمُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِأَنَّ مُدَّعِي الْكُلِّ إِنَّمَا سُلِّمَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ السُّدُسُ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَبْقَى عِشْرُونَ مدعي الْكل يدعيها وَصَاحبه يدعيأنها فَيقسم بَينه وبنهما نِصْفَيْنِ لَهُ نصفهَا عشرَة اتصير لَهُ أَرْبَعَة عشر وَيبقى لَهُم عَشْرَةٌ سُلِّمَ مِنْهَا مُدَّعِي الثُّلْثِ سَهْمَيْنِ لِزِيَادَتِهِمَا عَلَى الثُّلْثِ يَأْخُذُهُمَا مُدَّعِي النِّصْفِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الثُّلْثَ الْبَاقِي يَتَحَصَّلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُث أَرْبَعَة فَهَذَا فرق بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ.
تَنْبِيهٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ مَدَارِكُ التَّرْجِيحِ أَرْبَعَةٌ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ كَالشَّاهِدَيْنِ يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالْيَدُ عِنْدَ التَّعَادُلِ وَزِيَادَةُ التَّارِيخِ وَفِي النَّوَادِرِ مَدْرَكٌ خَامِسٌ التَّفْصِيلُ وَالْإِجْمَالُ فَتُقَدَّمُ الْمُفَصَّلَةُ عَلَى الْمُجْمَلَةِ وَالنَّظَرُ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّظَرِ فِي الْأَعْدَلِ فَإِذَا اسْتَوَوْا فِي التَّفْصِيلِ وَالْإِجْمَالِ نُظِرَ فِي الاعدل مِنْهُمَا وَمثله شَهَادَة أَحدهمَا بِحَوْزِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَتِ الْأُخْرَى رَأَيْنَاهُ يَخْدُمُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ عَدَمِ الْحَوْزِ إِذَا لَمْ تَتَعَرَّضِ الْأُخْرَى لِرَدِّ هَذَا الْقَوْلِ وَذَكَرَ مَدْرَكًا سَادِسًا وَهُوَ اخْتِصَاصُ إِحْدَاهُمَا بالاطلاع كَشَهَادَة بحوز الرَّهْن والآخرى فِي الْحَوْز لادما ثبتَتْ لِلْحَوْزِ وَهُوَ زِيَادَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْضَى بِهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَده وَكَانَ لَهُ كسابق اسْتِصْحَاب للْحَال وللغالب وَمثله شَهَادَتهمَا أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ اوصى وَهُوَ موسوس قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا شَهِدَتْ بِأَنَّهُ زَنَى عَاقِلًا وَالْأُخْرَى أَنه كَانَ مَجْنُونا ان قيم عَلَيْهِ مَجْنُونا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْجُنُونِ وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى التَّرْجِيحِ بِشَهَادَة الْحَالِ قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الرُّؤْيَةِ لَا وَقْتُ الْقِيَامِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ ظَاهِرُ الْحَالِ وَيُنْقَلُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ إِذَا شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ أَوِ السَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَى وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ نَحْوُهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ وَلَا يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِأُولَئِكَ قَالَ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ جَمْعٌ عَظِيمٌ كَالْحَجِيجِ أَوْ نَحْوِهِمْ أَنَّهُ وَقَفَ بِهِمْ أَوْ صَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُشْتَبَهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ أَقَامَ عَلَى الْقَتْلِ شَاهِدًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَالْبَيِّنَةُ أَوْلَى مِنَ الْوَاحِدِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ شَهِدَتْ بِقَتْلِهِ زَيْدًا يَوْمَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِقَتْلِهِ عَمْرًا فِي ذَلِك الْيَوْم فِي مَوضِع اخر سَقَطت الشَّهَادَتَيْنِ وَقَالَ أَصْبَغُ قَدِ اجْتَمَعَتَا عَلَى الْقَتْلِ فَإِذَا قَامَ الوليان قتلته لَهما قَالَ اصيغ وَكَذَلِكَ إِذَا شَهِدَتْ بِالزِّنَى فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعَيْنِ حَدَدْتَهُ حَدًّا وَاحِدًا بِخِلَافِ لَوْ شَهِدَتِ الْأُخْرَى بِأَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعِيدٍ سَقَطَتِ الشَّهَادَتَانِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ شَهِدَتْ بِمَوْتِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ قُدِّمَتْ لِزِيَادَةِ الْحَيَاةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:
قَالَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَادَّعَى الشِّرَاءَ مِنَ الْمُدَّعِي أَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ فَادَّعَى تَوَفَّيْتَهُ إِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً سُمِعَتْ قَبْلَ إِزَالَةِ الْيَدِ وَتَوْفِيَةِ الدّين أو قريبَة اتَّصل أو بعيدَة طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ حَتَّى يقدم وَيشْهد.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ مُسَلِمًا وِنَصْرَانِيًّا كِلَاهُمَا يَدَّعِي مَوْتَ الْأَبِ عَلَى دِينِهِ وَتَكَافَأَتِ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا قُسِّمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا كَمَالٍ تَدَاعَيَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ هَذَا حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالنَّصْرَانِيَّةِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ وَالنَّصْرَانِيُّ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يثبت خِلَافه وَقَالَ غَيره اذا تكافات الْبَينَات قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَى النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ زَادَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَالَ التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ يُرِيدُ بَعْدَ إِثْبَاتِهِمَا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ جُهِلَ دِينُهُ فَلَمْ تَزِدْ بَيِّنَة الْغَيْر شَيْئا كَمَا فال الْغَيْرُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِتَكَافُؤِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مَنْ زَادَ شَيْئًا حَكَمَ بِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الزَّائِدِ أَعْدَلَ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ قَالَ أَصْبَغُ يَأْخُذُ النِّصْفَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَقَرَّ لَهُ بِالنِّصْفِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَحْلِفَانِ وَيُوقَفُ مَا بِأَيْدِيهِمَا حَتَّى يَكْبُرَ فَيَدَّعِي دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذُ مَا وَقَفَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ دَعْوَاهُ وَإِنْكَارِهِ لِذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ صَغِيرًا حَلَفَا وَاقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ لِأَنَّهُمَا وَارِثَاهُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ يَرِثُ بِالشَّكِّ فَإِنْ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ يُشْبِهُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا حَتَّى تُوُفِّيَ وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَصْرَانِيًّا حَتَّى تُوُفِّيَ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأَمَّا إِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَشَهِدَتِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَصْرِانِيًا حَتَّى مَاتَ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا زَادَتْ حُدُوثَ الْإِسْلَامِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ كَانَ عِوَضُ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَةً وَقُلْنَا يُقَسَّمُ الْمَالُ قُسِّمَ نِصْفَيْنِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ أَعْدَادُهُمْ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجِهَتَيْنِ جَمَاعَةٌ وَفِي الآخرى وَاحِد كَانَ لَهُ النِّصْفُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِذَا مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فِي رَمَضَانَ فَتَرِثُهُ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِي شَعْبَانَ قَبْلَهُ فَلَا تَرِثُهُ بَلِ النَّصْرَانِيُّ على دينه قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوِ اتَّفَقَا أَنَّهُ مَاتَ أَبُوهُمَا مُسْلِمًا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ إِسْلَامِهِ وَيَرِثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِسْلَامِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ:
فِي النَّوَادِرِ إِذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ إِيَّاهَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّ هَذَا الْحَائِزَ اقر انك اودعته اياه قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْغَصْبِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي سَبْقَ يَدِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فَإِنِ ادَّعَيْتَ الشِّرَاءَ مِنْهُ وَأَنَّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ حَضَرَتِ الشِّرَاءَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ قَالَ سَحْنُونٌ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْحَوْزِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ شِرَائِهِ وَإِلَّا فُسِخَ بَعْدَ يَمِينِ مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى إِبْطَالِ الشِّرَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا شَهِدَتْ أَنَّكَ أَعْتَقْتَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكَ دُفِعَ إِلَيْكَ مِيرَاثُهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ بَعْدَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ نُظِرَ فِي حُجَّتِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَنْظُرَ مَنْ أَعْتَقَ أَوَّلًا فَيُقْضَى لَهُ وان كَانَت بَيِّنَة الآخر اعْدِلْ الشكل السَّابِقُ قُدِّمَ الْأَعْدَلُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنِ اسْتَوَوْا سَقَطُوا وَصَارَ مَالًا وَوَلَاءً بِغَيْرِ شَهَادَةٍ يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِذَا شَهِدَتْ بِأَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَغُرِسَتْ نَخْلُهَا وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِذَلِكَ قُضِيَ باعدلهما فَإِن استوتا وَلم يوقتا أو وقتا وَقْتًا وَاحِدًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي غَرْسِ النَّخْلِ لتكافئهما وان وقتا بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْأَرْضِ خَاصَّةً أَيْضًا وَإِنْ وقتنا وَقْتًا مُخْتَلِفًا قُضِيَ بِالْأَرْضِ لِأَوَّلِهِمَا وَقْتًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ حَازَ عَلَيْهِ حِيَازَةً تَقْطَعُ الدَّعْوَى فَيُقْضَى لَهُ بِالْحِيَازَةِ وَإِنْ وُقِّتَتْ إِحْدَاهُمَا قضي بالارض لصَاحب المؤقتة وان كَانَت فِي يَد من لم يُوَقت بِبَيِّنَة وَقيل لِمُسْتَحَقِّ الْأَرْضِ ادْفَعْ لِرَبِّ النَّخْلِ قِيمَتَهَا السَّاعَةَ قَائِمَةً وَإِلَّا أَعْطَاكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ بَرَاحًا فَإِنِ امْتَنَعَا كَانَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ وَقِيمَةِ النَّخْلِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا غَيْرُ النَّخْلِ قُطْنٌ قُضِيَ بِالْأَرْضِ وَالْقُطْنِ لِأَعْدَلِهِمَا فَإِنِ اسْتَوَتَا فَلِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا فَإِنْ حَلَفَ غَيْرُ صَاحِبِ الْيَدِ وَنَكَلَ صَاحِبُ الْيَدِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسَ عَنْ سَحْنُونٍ إِنَّمَا خَالَفَتْ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ وَأُمِّهَا مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ وَالْغَرْسِ فِي التَّوْقِيتِ لِأَنَّ الْأَمَةَ إِذَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ فَالْوَلَدُ لَهُ وَقَدْ يُغْرَسُ فِيمَا هُوَ لغيرك قَالَ وَيَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ وَالْغَرْسِ إِذَا سَقَطَتْ فِي الْغَرْسِ أَنْ تَسْقُطَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ سَقَطَتْ.
تَمْهِيدٌ:
تَقَدَّمَ أَنَّ بَيِّنَةَ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْلَى عِنْدَ التَّسَاوِي أَوْ هِيَ أَعْدَلُ سَوَاءٌ كَانَتِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ أَوْ بِمُضَافٍ إِلَى سَبَبٍ نَحْوَ هُوَ مِلْكِي نَسَجْتُهُ أَوْ وَلَدَتِ الدَّابَّةُ عِنْدِي فِي ملكي كَانَ السَّبَب الْمُضَاف اليه الْملك يتكررفي الْمِلْكِ كَنَسْجِ الْخَزِّ وَغَرْسِ النَّخْلِ أَمْ لَا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَصْلًا وَقَالَ ح تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ إِنِ ادَّعَى مُطْلَقَ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إِلَى سَبَبٍ يتَكَرَّر وادعاه كِلَاهُمَا فَكَذَلِك اولا يَتَكَرَّرُ كَالْوِلَادَةِ وَادَّعَيَاهُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَقَالَتْ كل بَيِّنَة وَله على ملكه قدمت بَيِّنَة صَاحِبَ الْيَدِ لَنَا عَلَى ابْنِ حَنْبَلٍ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَحَاكَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ وَأَقَامَ كل وَأحد الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصَاحب الْيَد وَلِأَن الْيَد وَلَنَا عَلَى ح مَا تَقَدَّمَ وَالْقِيَاسُ عَلَى المضال إِلَى سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ انكر وَهُوَ يَقْتَضِي صنفين من الْيَمِينُ حُجَّتُهُ فَبَيِّنَتُهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَلَا تُسْمَعُ كَمَا ان أو لِأَنَّهَا لَا تَعَارَضَا فِي سَبَبٍ لَا يَتَكَرَّرُ كَالْوِلَادَةِ شَهِدَتْ هَذِه بِالْولادَةِ والآخرى فَسَقَطَتَا فَبَقِيَتِ الْيَدُ فَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ اما مَا يتكررله تعين السَّبَب مُهِمّ بعد بَيِّنَة إِلَّا مَا أَفَادَتْهُ يَدُهُ فَسَقَطَتْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ ولان صَاحب الْيَد اذا لم تقم للطَّالِب بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ أَحْسَنُ حَالَتَيْهِ فَكَيْفَ إِذَا أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَضْعَفُ وَلِأَنَّا انما اعملنا بَيِّنَة فِي صُورَةِ النِّتَاجِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ إِفَادَةُ الْوِلَادَةِ وَلم تعدها يَدُهُ وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ فَأَفَادَتِ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ مَا أَفَادَتِ الْيَدُ فَقُبِلَتْ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ جَعَلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وانتم تَقولُونَ لَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ لَكِنَّ الْمُدَّعِيَ إِنْ فُسِّرَ بِالطَّالِبِ فَصَاحب الْيَد طَالب لِنَفْسِهِ فَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِ وَإِنْ فسرنا ضعف الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَبَبًا فَالْخَارِجُ لَمَّا أَقَامَ بَيِّنَتَهُ صَارَ الدَّاخِلُ أَضْعَفَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا تُشْرَعُ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّهِ سَلَّمْنَا دَلَالَتَهُ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بقوله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} وَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَقُومَ الْمُخَصَّصُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَقْضِ لِأَحَدِهِمَا حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ يُفِيدُ وُجُوبَ الِاسْتِمَاعِ مِنْهُمَا وَإِنَّ مَنْ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ حُكِمَ بِهَا وانتم تَقولُونَ لَا يسمع بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَا اذا تَعَارَضَتَا فِي دَعْوَى طَعَام ادعيتهما زراعته وشهدتا بِذَلِكَ وَالزَّرْعُ لَا يُزْرَعُ مَرَّتَيْنِ كَالْوِلَادَةِ وَلَمْ يَحْكُمُوا بِهِ لِصَاحِبِ الْيَدِ وَبِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي المَال لِاسْتِحَالَة ثُبُوته لَكمَا فِي الْحَالِ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ لَهُ بِالْيَدِ دُونَ الْبَيِّنَةِ لَمَا حَكَمَ لَهُ إِلَّا بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْيَدِ الْمُنْفَرِدَةِ وَلَمَّا لَمْ يَحْتَجِ الْيَمِينِ عُلِمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ لَهُ حَيْثُ كَذَبَتْ بَيِّنَتُهُ اولى ان تحكم لَهُ إِذَا لَمْ تُكَذَّبْ بَيِّنَتُهُ وَلِأَنَّ الْيَدَ أَضْعَفُ مِنَ الْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْيَدَ لَا يُقْضَى بِهَا إِلَّا بِالْيَمِينِ وَيُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً قُدِّمَتْ عَلَى يَدِ الدَّاخِلِ إِجْمَاعًا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الْيَدُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَة الْخَارِج لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قوي الْيَد وَالْبَيِّنَةُ إِنَّمَا تُسْمَعُ مِنَ الضَّعِيفِ فَوَجَبَ سَمَاعُهَا لِلضَّعْفِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ إِلَّا عِنْدَ إِقَامَةِ الْخَارِجِ بَيِّنَةً وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الدَّعْوَى وَالْيَدَ لَا تفِيد مُطلقًا شَيْئا والا لَكَانَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ حجج الْيَد وَالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة يخيره الْحَاكِم فِيهَا أَنه مَتى أَقَامَ كَمَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْيَمِينِ مَعَ أَحَدِهِمَا فَعُلِمَ بِأَنَّ الْمُفِيدَ إِنَّمَا هُوَ الْبَيِّنَةُ وَالْيَدُ لَا تُفِيدُ مِلْكًا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ مَعَهَا لِلْيَمِينِ كالبينة بل تفِيد التّبعِيَّة عِنْدَهُ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا لَوْ أَفَادَتْ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى يَمِينٍ.
تَنْبِيهٌ:
خَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ أَيْضًا فِي الترج 4 يح بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَوَافَقُونَا فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ بِالْعَدَدِ لنا اعْتبرت لما تثيره من الظَّن فِي الْأَعْدَلِ أَقْوَى فَيقدم كاخبار الاحاد اذا رجح أَحدهمَا بِلَا عدد فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَبَرَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرنا ان نحكم بِالظَّاهِرِ ولان الا فِي الشَّهَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ فِي الرِّوَايَةِ دُونَ الشَّهَادَةِ لما كَانَ الِاحْتِيَاطُ مَطْلُوبًا أَكْثَرَ فِي الشَّهَادَةِ وَجَبَ ان لَا يعدل من الاعدل وَالظَّن الاقوى فِيهَا قِيَاسا على الْمدْرك فِي هَذَا الْوَجْهِ الِاحْتِيَاطُ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْجَامِع انما هُوَ الظَّن وَذَا اخْتَلَفَتِ الْجَوَامِعُ فِي الْقِيَاسَاتِ تَعَدَّدَتْ احْتَجُّوا بِأَنَّ الشَّهَادَة مقررة فِي الشَّرْعِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِزِيَادَةِ الْمَأْخُوذِ فِيهِ فَدِيَةُ الصَّغِيرِ كَدِيَةِ الشَّرِيفِ الْبَطَلِ الْعَالِمِ وَلِأَنَّ الْبَطَلَ الْعَظِيمَ مِنَ الْفَسَقَةِ يُحَصِّلُ مِنَ الظَّنِّ أَكْثَرَ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَعُلِمَ بِأَنَّهَا تَعَبُّدٌ لَا يَدْخُلُهَا الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا كَثُرُوا وَلِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَتْ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ وَهِيَ صِفَةٌ لَاعْتُبِرَتْ زِيَادَةُ الْعَدَدِ وَهِيَ بَيِّنَاتٌ مُعْتَبَرَةٌ إِجْمَاعًا فَيَكُونُ اعْتِبَارُهَا أَوْلَى مِنَ الصِّفَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فَلَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ الضَّعِيفَةُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ وَصْفَ الْعَدَالَةِ مَطْلُوبٌ فِي الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِنَا وَهُوَ مُتَزَايِدٌ فِي نَفْسِهِ فَمَا رَجَّحْنَا إِلَّا فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ لَا فِي مَوضِع التَّقْرِير وَعَنِ الثَّانِي أَنَا لَا نَدَّعِي أَنَّ الظَّنَّ كَيْفَمَا كَانَ يُعْتَبَرُ بَلْ نَدَّعِي أَنَّ مَزِيدَ الظَّنِّ بَعْدَ حُصُولِ أَصْلٍ مُعْتَبَرٌ كَمَا أَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ لَا تَثْبُتُ بِهَا الْأَحْكَامُ وَالْفَتَاوَى وَإِنْ حَصَّلْتَ ظَنًّا أَكْثَرَ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَقْيِسَةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْهَا مَدْرَكًا لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَلَمَّا جَعَلَ الْأَخْبَارَ وَالْأَقْيِسَةَ مَدَارِكَ لَلْفُتْيَا دَخَلَهَا التَّرْجِيحُ اجماعا فَكَذَلِك هَاهُنَا اصل الْبَيِّنَة مُعْتَبر لعد الْعَدَالَة والشروط المخصومة فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْعدَدِ يقْضِي إِلَى كَثْرَة النزاع وَطول الْخُصُومَات فَكَمَا رَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِمَزِيدٍ سَعَى الْآخَرُ وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيُحَصِّلَ زِيَادَةَ بِبَيِّنَتِهِ فَيَطُولَ النِّزَاعُ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ بَيِّنَتَهُ أَعْدَلَ فَلَا يَطُولُ النِّزَاعُ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ مُقَرَّرٌ بِعَيْنِ مَا تَقَدَّمَ فَامْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ فِيهِ بِخِلَافِ وَصْفِ الْعَدَالَةِ وَكَذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَعُدُولُ زَمَانِنَا لَمْ يَكُونُوا يُقْبَلُونَ فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا الْعدَد فَلم تخْتَلف أَلْبَتَّةَ مَعَ أَنَّا نَلْتَزِمُ التَّرْجِيحَ بِالْعَدَدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا.