فصل: الباب السَّادِسَ عَشَرَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب السَّادِسَ عَشَرَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ فَضِيلَةٌ وَاسْتَقْرَأَ ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لِيَسْجُدْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ (ح) وَاجِب عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قرئَ عَلَيْهِم الْقُرْآن لَا يَسْجُدُونَ} وَالذَّمُّ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَلِأَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يُتْرَكُ الْوَاجِبُ لَهُ فَهُوَ وَاجِبٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَيْسَ الْمُرَادُ الْقُرْآنَ كَيْفَ كَانَ إِجْمَاعًا وَإِذَا كَانَ مَخْصُوصًا بِحَمْلِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى السُّجُودِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي الْخَمْسِ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ الْقِيَامُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
فُرُوعٌ سَبْعَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ سُجُودُ الْقُرْآنِ إِحْدَى عشر سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ المص وَالرَّعْدُ وَالنَّحْلُ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ وَمَرْيَمُ وَالْأُولَى مِنَ الْحَجِّ وَالْفُرْقَانُ وَالْهُدْهُدُ والم تَنْزِيلُ وَص وَحم تَنْزِيلُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْإِشْرَافِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بَاقِيهَا فِي الْمُفَصَّلِ وَقَالَهُ (ش) وَ (ح) وَخَمْسَ عَشْرَةَ ثَانِيَةُ الْحَجِّ مُكَمِّلَتُهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ جُمْهُورُ الْمُتَأَخِّرِينَ يُعِدُّونَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَقُولُ السُّجُودُ فِي الْجَمِيعِ مَأْمُورٌ بِهِ وَإِنَّمَا الْإِحْدَى عَشْرَةَ هِيَ الْعَزَائِمُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمُفَصَّلِ كُلُّهُ مَكِّيٌّ قِيلَ أَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ وَقِيلَ (ق) وَقِيلَ الرَّحْمَنُ سُمِّيَ بذلك لِكَثْرَة تَفْصِيله بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَجَدَ فِي النَّجْمِ وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ وَفِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَفِي اقْرَأ بِسم رَبِّكَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامرقال قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ قَالَ نَعَمْ مَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا وَالثَّانِيَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} وَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ لِإِجْمَاعِ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَفُقَهَائِهَا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ مَعَ تَكَرُّرِ الْقِرَاءَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يُجْمِعُونَ عَلَى ترك السّنة وَفِي أبي دَاوُد أَن عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَ (ح) سَجَدَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {رب الْعَرْش الْعَظِيم} وَقَالَ (ش) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا يخفون وَمَا يعلنون} لَنَا أَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ فَيُسْجَدُ عِنْدَ آخِرِهِ وَالْمذهب أَنه فِي (ص) عِنْد قَوْله تَعَالَى {وخر رَاكِعا وأناب} وروى عَنهُ عِنْد قَوْله {وَحسن مآب} وَفِي الْكتاب هُوَ فِي تَنْزِيل عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وَقَالَهُ (ح وش) عِنْد قَوْله تَعَالَى {وهم لَا يسئمون} الْمُدْرَكُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّجُودَ شُرِعَ عِنْدَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ عِنْدَ الْأَمْرِ بِهِ أَوْ مَدْحِ الساجدين أَو ذمّ المستكبرين أَو الشُّكْر كَمَا فِي (ص) وَالْأَمر هَهُنَا عِنْدَمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْجُدُ فِي الْانْشِقَاقِ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَقَالَ الْقَاضِي عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}.
الثَّانِي:
فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهَا شَرَائِطُ الصَّلَاةِ إِلَّا السَّلَامَ وَالْإِحْرَامَ وَيُكَبِّرُ لِلْخَفْضِ وَالرَّفْعِ إِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَإِلَّا فَفِي التَّكْبِيرِ فِي الْكِتَابِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ رَجَعَ عَنْ عَدَمِ التَّكْبِيرِ إِلَيْهِ وَخَيَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُسَلِّمُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الطَّوَافِ وَعَمَلِ السَّلَفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ من تَوَابِع الصَّلَاة فَأعْطِي حُكْمَهَا وَهِيَ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَ لَهَا إِحْرَام وَلَا سَلام.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ يَسْجُدُ مَنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ إبان صَلَاة وَغير متطهر فَلَا يَقْرَأها وَيَتَعَدَّاهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا» وَمِنْ جِهَةِ الْقَوَاعِدِ أَنَّ مُلَابَسَةَ السَّبَبِ تُوجِبُ تَوَجُّهَ الْأَمْرِ فَتَرْكُهُ حِينَئِذٍ يَقْبُحُ أَمَّا مَنْ لَمْ يُلَابِسِ السَّبَبَ لَا يَكُونُ تَارِكًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ وَيُعَوِّضُ عَنِ الْقِرَاءَةِ قِرَاءَةً أُخْرَى قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يَتْرُكُ ذِكْرَ السُّجُودِ خَاصَّةً وَقَالَ سَنَدٌ يَتْرُكُ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَا نِظَامَ اللَّفْظِ وَإِذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ فَالْمَذْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَقْرَؤُهَا إِذَا تَطَهَّرَ أَو خرج وَقت النَّهْي وَيسْجد لَهَا وَالْأَظْهَر الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ مِنْ شِعَارِ الْفَرَائِضِ وَفِي الْكِتَابِ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ الصُّبْحِ إِلَى الْإِسْفَارِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الشَّمْسُ وَقَالَهُ (ش وح) وَقَاسَ فِي الْكِتَابِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمَنَعَ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَحَكَى سَنَدٌ الْفَرْقَ عَنْ مُطَرِّفٍ بَيْنَ الصُّبْحِ فَيَسْجُدُ قِيَاسًا عَلَى رُكُوعِ الطَّائِفِ وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَلَا يَسْجُدُ وَالْفَرْقُ لِلْمَذْهَبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّوَافِلِ الِاخْتِلَافُ فِي وَجُوبِهِ وَيُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ وَتُتْرَكُ لَهُ وَلِأَنَّ النَّفْلَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْقِرَاءَةِ وَهِيَ جَائِزَةٌ حِينَئِذٍ.
تَنْبِيهٌ:
فِيهِ شِبْهُ الصَّلَاةِ بِالطَّهَارَةِ وَالسُّتْرَةِ وَالْقِبْلَةِ وَالتَّكْبِير وَشبه الْقِرَاءَة من جِهَة عدم الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَلِهَذَا الشِّبْهِ جَازَ الطَّوَافُ حِينَئِذٍ لحُصُول فِيهِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَكَعَ فِي الْأُولَى مَضَى عَلَى رُكُوعِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْحَطُّ لِلسُّجُودِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ تَنْعَقِدُ الرَّكْعَةُ دُونَ الرَّفْعِ أَمْ لَا وَإِنْ قَصَدَ بِالرُّكُوعِ السَّجْدَةَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ لِأَنَّهُ غَيَّرَ هَيْئَتَهَا وَأَشَارَ ابْنُ حَبِيبٍ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَ السُّجُودَ فَرَكَعَ فَفِي اعْتِدَادِهِ بِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ مُنْحَنٍ خَرَّ لِسَجْدَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَفَعَ لَمْ يُعْتَدَّ بِرَكْعَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ مَالِكٍ وَإِنْ ذَكَرَ مُنْحَنِيًا رَفَعَ مُتَمِّمًا لِلرَّكْعَةِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ رَفْعِهِ تَمَّتْ رَكْعَتُهُ وَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فِيمَا بَعْدُ وَسَبَبُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ نِيَّتَهُ كَانَتْ لِلسُّجُودِ وَهُوَ نَفْلٌ وَالرُّكُوعُ فَرْضٌ وَفِي إِجْزَاءِ النَّفْلِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْفَرْضِ إِلَيْهِ خِلَافٌ وَإِذَا أَعَادَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ قبل قِرَاءَة أم الْقُرْآن أَو بَعْدَهَا قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْجُدُهَا وَإِنْ سَلَّمَ وَإِنْ قَصَدَ السُّجُودَ فَرَكَعَ وَذَكَرَ وَهُوَ مُنْحَنٍ فَخَرَّ سَاجِدًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ طَالَ الرُّكُوعُ بِالطُّمَأْنِينَةِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا إِذَا قُلْنَا لَا يُعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ أَمَّا إِذَا قُلْنَا يُعْتَدُّ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا سُجُود عَلَيْهِ وَرجحه الْمَازرِيّ لعدم الزِّيَادَة هَهُنَا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ السَّجْدَةَ حَتَّى ركع فِي الثَّانِيَة أتم نافلته فَإِنْ شَرَعَ فِي غَيْرِهَا قَرَأَ السَّجْدَةَ وَسَجَدَهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِلْإِخْلَالِ بِهَا فِي الْأُولَى وَهُوَ فِي التَّلْقِينِ لِأَنَّ السُّجُودَ فَضِيلَةٌ وَفِي الْجلاب يسْجد لِأَنَّهُ سنة.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ لَا يَقْرَؤُهَا فِي الْفَرِيضَةِ مُنْفَرد وَلَا إِمَام لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ قَرَأَهَا الْإِمَامُ سَجَدَ بِهِمْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْرَؤُهَا فِي الْفَرْضِ وَيَسْجُدُ وَيُعِيدُهَا فِي الثَّانِيَةِ إِذَا نَسِيَهَا فِي الْأُولَى وَحَيْثُ سَجَدَ فَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ وَإِنْ أَعَادَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا يَسْجُدُ إِلَّا فِي مَجَالِسَ أَمَّا الْمَجْلِسُ الْوَاحِدُ فَلَا وَلَوْ قَرَأَ سَجَدَاتٍ مُخْتَلِفَةً فِي مَجْلِسٍ سَجَدَ لِجَمِيعِهَا فَالرَّكَعَاتُ كَالْمَجَالِسِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يَقْرَؤُهَا الْإِمَامُ فِي الْفَرِيضَةِ وَقَالَهُ (ش) وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يَقْرَؤُهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ قَلِيلًا لَا يُخَلَّطُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَقْرَؤُهَا فِي السِّرِّ بِخِلَافِ الْجَهْرِ وَقَالَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ الْجَهْرَ لَا تَخْلِيطَ فِيهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بتنزيل السَّجْدَة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِهِ فَإِنَّ مَنْ قَرَأَهَا سَجَدَهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَقْصِدُهَا أَمْ لَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَسْجُدُ الْإِمَامُ فِي النَّافِلَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنِ التَّخْلِيطَ عَلَى الْمَنْصُوص لِفِعْلِ السَّلَفِ ذَلِكَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ ثُمَّ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الْفَرِيضَةِ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا فَلْيَجْهَرْ بِهَا لِلْإِعْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهَلْ يَتْبَعُ لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا يَتْبَعُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ سَاهِيًا قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ.
الْخَامِسُ:
كَرِهَ فِي الْكِتَابِ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ وَحْدَهَا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِلَّا أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا جَمِيعَ آيَاتِهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمُرَادُ جُمْلَةُ آيَاتِهَا لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ لِلسَّجْدَةِ لَا لِلتِّلَاوَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْعَمَل.
السَّادِس:
فِي الْكتاب إِذا لم يسْجد القاريء يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لِلسُّجُودِ خَاصَّةً قَالَ الْمَازرِيّ وَاللَّخْمِيّ يسْجد السَّامع مَعَ القاريء بِخَمْسَة شُرُوط بُلُوغ القاريء وَطَهَارَتِهِ وَسُجُودِهِ وَقِرَاءَتِهِ لَا لِيُسْمِعَ النَّاسَ وَقَصْدِ الِاسْتِمَاعِ مِنَ السَّامِعِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ لَا يَتْبَعُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فِي السُّجُودِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ سَجَدَهَا الْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ قَالَ مَالِكٌ يَسْجُدُ الْآخَرُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَطْ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَسْجُدُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَنَّ هَذَا بَاب مشقة فَيتْرك وَلَو سَهَا القاريء عَنِ السُّجُودِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا سَجَدَ وَإِلَّا رَجَعَ إِلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ وَإِذَا لَمْ يَسْجُدِ الْإِمَامُ فَفِي الْمُسْتَمِعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَسْجُدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسًا عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَلَا يَسْجُدُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ تَبَعٌ وَلَمْ يُوجد الأَصْل وخيره أَشهب.
السَّابِعُ:
فِي الْوَاضِحَةِ يَسْجُدُ الْمَاشِي وَيَنْزِلُ لَهَا الرَّاكِبُ إِلَّا فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَيُومِئُ عَلَى دَابَّتِهِ فَصْلٌ فِي الْجَوَاهِرِ سَجْدَةُ الشُّكْرِ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ بِشَارَةٍ أَوْ مَسَرَّةٍ وَرُوِيَ الْجَوَازُ وَقَالَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ (ش وح) سُنَّةٌ لَنَا أَنَّ النِّعَمَ كَانَتْ مُتَجَدِّدَةً عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالسَّلَفِ وَأَعْظَمُهَا الْهِدَايَةُ وَالْإِيمَانُ وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَوَاظَبَ عَلَيْهَا فَكَانَتْ تَكُونُ مُتَوَاتِرَةً احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَجَدَ لِفَتْحِ مَكَّة ولمجيء رَأس أبي جهل إِلَيْهِ ولوصول كتاب عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِلَيْهِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ وَفِي الْبُخَارِيِّ سَجَدَ كَعْبُ بْنُ مَالك لما بشر بتوبة الله تَعَالَى عَلَيْهِ.

.الباب السَّابِع عشر فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ:

وَالْعِيدُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَوْدِ لِتَكَرُّرِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهُوَ عِنْدَنَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَعِنْدَ (ح) وَاجِبٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر} جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا صَلَاةُ الْعِيدِ وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلسَّائِلِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُجُوبِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُؤْمَرُ بِهَا الْعَبِيدُ وَلَا الْإِمَاءُ وَلَا النِّسَاءُ لِانْشِغَالِ الْأَوَّلِينَ بِالسَّادَاتِ وَكَشْفِ النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمْعِ قَالَ فَإِنْ شَهِدُوهَا فَلَا يَنْصَرِفُونَ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ كَمَنْ فَعَلَ بَعْضَ النَّافِلَةِ وَإِذَا لَمْ يَشْهَدْهَا إِلَّا النِّسَاءُ صَلَّيْنَهَا أَفْذَاذًا خلافًا ل (ح) لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَا تُصَلَّى إِلَّا جَمَاعَةً فِي مَوضِع الْجُمُعَة لنا الْقيَاس على الْكُسُوف قَالَ سَنَدٌ وَيَتَخَرَّجُ تَحَرِّيهِنَّ لِوَقْتِ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ وَجَمْعِ الرَّجُلِ بِهِنَّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ هَلْ يَجْمَعُ أَمْ لَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قُلْنَا لَا يُؤْمَرُ بِهَا مَنْ لَا يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ فَفِي كَرَاهَةِ فِعْلِهِ لَهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَذِّ فَتُكْرَهُ وَالْجَمَاعَةِ فَلَا وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ وَقَالَ سَنَدٌ الْمَشْهُورُ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى دُونَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْبَيَانِ كَرِهَ مَالِكٌ السّفر بعد الْفجْر يَوْمَ الْعِيدِ إِلَّا لِعُذْرٍ قَالَ فَلَوْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ لَمْ يَجُزِ السَّفَرُ كَالْجُمُعَةِ يُكْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَحْرُمُ بَعْدَهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا إِنَّمَا يَجْمَعُ لِلْعِيدَيْنِ مَنْ تَلْزَمُهُمُ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُصَلِّ الْعِيدَيْنِ بِمِنًى كَمَا لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ وَإِذَا قُلْنَا بِشَرْطِ الِاسْتِيطَانِ فِي الْبَلَدِ إِنْ جَمَعُوا بِإِمَامٍ فَلَا خُطْبَةَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ خُطِبَ فَحَسَنٌ وَعَلَى هَذَا يخرج قَوْله فِي الْمُخْتَصر يوتى لِلْعِيدَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُصَلُّونَ مَكَانَهُمْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ تَحِلُّ النَّافِلَةُ إِلَى الزَّوَالِ وَفِي الْكِتَابِ يَخْرُجُ النَّاسُ إِلَيْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ زَمَنُ ذِكْرٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِمَامِ وَقَالَ (ش) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِيَسْبِقَ النَّاسُ إِلَى الْمَجَالِسِ وَفِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُونَ إِذَا خَرَجُوا فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمُصَلَّى إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ تَكْبِيرًا يَسْمَعُهُ مَنْ يَلِيهِ وَلَا يُكَبَّرُ إِذَا رَجَعَ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُكَبَّرُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَعَلَّقَهُ بِالْيَوْمِ وَقَالَ (ش) مِنَ اللَّيْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هدَاكُمْ ولعلكم تشكرون} وَالْعِدَّةُ قَدْ كَمُلَتْ بِالْغُرُوبِ أَوِ الْفَجْرِ أَوَّلَ الْأَيَّامِ الْمُتَجَدِّدَةِ أَوْ يُلَاحَظُ عَمَلُ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ وَهُوَ مِنَ الشَّمْسِ فَمَنْ رَاحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُكَبَّرُ وَلَا يُؤْتَى بِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ كالأذان وَفِي الْجَوَاهِر قيل يكبر وَقيل يختصر التَّكْبِيرُ بِمَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَلَمْ يُحَدِّدْهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَرَدَ بِهِ مُطْلَقًا وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا هَدَانَا اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ولعلكم تشكرون} وَكَانَ أَصْبَغُ يَزِيدُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَل يقطع التَّكْبِير بِخُرُوج الإِمَام فِي محمل الْعِيد مَاضِيا إِلَى الْمصلى أَو بعد حُلُوله فِي محمل الصَّلَاةِ وَفِي تَكْبِيرِهِ بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ قَوْلَانِ وَفِي الْبَيَانِ يُكَبِّرُونَ مَعَهُ سِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ وَذَلِكَ حَسَنٌ غَيْرُ وَاجِبٍ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ وَفِي الْكِتَابِ يَخْرُجُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا إِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى حَلَّتِ الصَّلَاةُ وَالْفِطْرُ وَالْأَضْحَى سَوَاءٌ وَقَالَ (ش) يُؤَخَّرُ الْفِطْرُ قَلِيلًا لِأَجْلِ إِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ وَيُعَجَّلُ فِي الْأَضْحَى لِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِلذَّبْحِ وَعَمَلُ الْمَدِينَةِ على مَا ذَكرْنَاهُ وَفِي المعونة غَد وَالْإِمَام بِحَسَبِ قُرْبِ مَنْزِلِهِ وَبُعْدِهِ فَيَتَقَدَّمُهُ النَّاسُ وَهُوَ إِذَا وَصَلَ صَلَّى وَفِي الْجُلَّابِ الْمَشْيُ إِلَيْهَا أَفْضَلُ مِنَ الرُّكُوبِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ السُّنَّةُ أَنْ يَأْتِيَ لعيده مَاشِيًا وَفِي الْكِتَابِ غَسْلُ الْعِيدَيْنِ مَطْلُوبٌ دُونَ غسل الْجُمُعَة لما روى مَالِكٌ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي جُمُعَةٍ مِنَ الْجُمَعِ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ فَاغْتَسِلُوا وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ» فَأَمَرَ بِالْغُسْلِ لِأَنَّهُ عِيدٌ وَلَوْلَا أَنَّ الْعِيدَ يُغْتَسَلُ لَهُ لَمَا صَحَّ هَذَا التَّعْلِيلُ وَلَمَّا كَانَ الْعِيدُ مُنْخَفِضًا عَنِ الْجُمُعَةِ فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ فِي وَقْتِ الْبُرُودَةِ وَعَدَمِ انْتِشَارِ رَوَائِحِ الْأَعْرَاقِ انْحَطَّ غُسْلُهُ عَنْ غُسْلِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ يَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَإِنْ فَعَلَ قَبْلَهُ أَجْزَأَ وَيُسْتَحَبُّ الطِّيبُ وَالتَّزَيُّنُ لِلْخَارِجِ لِلصَّلَاةِ وَالْقَاعِدِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ لِأَن الزِّينَة لَهَا فَمن بعد فَلَا وَفِي الْعِيد لِلْيَوْمِ فَيَشْتَرِكَ فِيهِ الْقَاعِدُ وَالْخَارِجُ وَأَمَّا الْعَجَائِزُ فَفِي بذلة الثِّيَاب وإقامتها بالصحراء أَفْضَلُ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ بِمَكَّةَ لِفَضْلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ (ش) الْمَسْجِدُ أَفْضَلُ لَنَا مَا فِي أبي دَاوُد قَالَ بكر بن ميسر كُنْتُ أَغْدُو مِنَ الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى وَفِي الْكِتَابِ وَلَا يُصَلَّى فِي الْمِصْرِ فِي موضِعين خلافًا (ش) قِيَاسا على الْجُمُعَة وَيقْرَأ فِيهَا بسبح وَنَحْوِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ (ق) واقتربت السَّاعَة فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَهُ (ش) وَكِلَاهُمَا فِي الصِّحَاحِ وَيَتَرَجَّحُ الْمَشْهُورُ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْجَمْعِ وَيُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفِي الثَّانِيَةِ سِتًّا بِتَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ فَالزَّوَائِدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَعِنْدَ (ش) اثْنَتَا عَشْرَةَ سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الثَّانِيَةِ مُحْتَجًّا بِمَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةِ الدُّخُولِ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ إِنْ صَحَّ مُعَارَضٌ بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ وَعِنْدَ (ح) سِتٌّ ثَلَاثٌ فِي الأولى وَثَلَاث فِي الثَّانِيَة وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَنَا مَا فِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَفِيِ الثَّانِيَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ قَالَ وَيُفْصَلُ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ بِقَدْرِ مَا يُكَبِّرُ النَّاسُ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يُفْصَلُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةٍ وَسَطٍ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ تكَرر حَالَةَ الْقِيَامِ فَلَا يُوَالَى كَتَكْبِيرِ الْجِنَازَاتِ لَنَا عَمَلُ الْمَدِينَةِ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَفْعَلُهُ لَنُقِلَ كَمَا نُقِلَ فِطْرُهُ قَبْلَ الْفِطْرِ وَرُجُوعُهُ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا فِي الْأُولَى قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْهُ الرّفْع فِي الْجَمِيع وَقَالَهُ (ش وح) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ خِلَافًا (ح) فِي الْأُولَى مُحْتَجًّا بِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْجَوَابُ مَنْعُ الصِّحَّةِ لَنَا مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَبَّرَ يَوْمَ الْفِطْرِ سَبْعًا فِي الْأُولَى ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ فِي الْآخِرَةِ خَمْسًا ثُمَّ قَرَأَ وَفِي الْكِتَابِ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الأول:
أَن خطْبَة الْجُمُعَةِ شَرْطٌ فِيهَا وَشَأْنُ الشَّرْطِ التَّقْدِيمُ بِخِلَافِ الْعِيدِ.
الثَّانِي:
أَنَّ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ عَظِيمٌ فَقُدِّمَتِ الْخُطْبَةُ حَتَّى يَتَكَامَلَ النَّاسُ.
الثَّالِثُ:
أَنَّ الْعِيدَ لَا يَجِبُ فَلَوْ قُدِّمَتْ فَرُبَّمَا سَئِمَ بَعْضُ النَّاس فَيتْرك الصَّلَاةَ فَعُجِّلَتْ وَوُجُوبُ الْجُمُعَةِ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ أَنَّ خُطْبَةَ عَرَفَةَ لِتَعْلِيمِ الْمَنَاسِكِ وَالتَّعْلِيمُ يَتَقَدَّمُ الْعَمَلَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ بَدَأَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ أَعَادَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَاهُ لِعَدَمِ شَرْطِيَّتِهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيُكَبِّرُ فِي الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ حَدٍّ وَالثَّانِيَةُ أَكْثَرُ مِنَ الْأُولَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَفْتَتِحُهَا بِسَبْعٍ اتِّبَاعًا وَيَخْتِمُهَا بِثَلَاثٍ وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ قَالَ وَيَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ وَسُنَنَهَا وَفِي الْأَضْحَى الْأُضْحِية وسننها وَذَكَاتَهَا وَيَحُضُّهُمْ عَلَيْهَا وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَهَا فِي خُطْبَةٍ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُتِمُّهَا.
فَائِدَةٌ:
كُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا خُطْبَةٌ يُجْهَرُ فِيهَا لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالْخُطْبَةَ كِلَاهُمَا إِظْهَارٌ لِلشَّعَائِرِ فَتَلَازَمَا إِلَّا صَلَاةَ عَرَفَة لِأَن خطبتها للتعليم لَا للشعائر فَكَانَت الصَّلَاة فِيهَا سرا.
فروع سِتَّة:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ لِلْفِطْرِ بِخِلَافِ الْأَضْحَى وَفِي التِّرْمِذِيِّ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ وَالْفَرْقُ أَن الْفطر يتقدمه الصَّوْمُ فَشُرِعَ الْأَكْلُ فِيهِ لِإِظْهَارِ التَّمْيِيزِ وَلِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَدَقَةَ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَسَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فِي الْحَالَةِ وَلِيَكُونَ الْفِطَرُ فِي الْأَضْحَى عَلَى لَحْمِ الْقُرْبَةِ قَالَ سَنَدٌ وَاسْتَحَبَّ الْبَاجِيُّ وَ (ش) أَنْ يَكُونَ بِتَمْرٍ وَيُرْوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَو أقل أَو أَكثر.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ الْأَحْسَنُ الْخُرُوجُ مِنْ طَرِيقٍ وَالرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ مِنْ طَرِيقٍ يَرْجِعُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُعَلَّلٌ بِكَثْرَةِ الزِّحَامِ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوِ الْغُبَارِ أَوْ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ أَوْ لِيُسَوِّيَ بَيْنَ أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ فِي التَّبَرُّك والاستفتاء أَوْ لِتَعُمَّ الصَّدَقَةُ مَسَاكِينَ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ لِإِظْهَارِ كَثْرَة أهل الْإِسْلَام وانتشارهم.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَلَى هَيْئَتِهَا قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ أَدْرَكَ الْخُطْبَةَ قَالَ مَالِكٌ يَسْمَعُهَا كَمَنْ أَدْرَكَ شَيْئًا مِنَ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَاتَتْ جَمَاعَةً قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجَمَّعُونَ لِأَنَّ الْعِيدَ يَجْرِي مَجْرَى الْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ الِاجْتِمَاعِ وَالْخُطْبَةِ فِيهِمَا وَسَدًّا لِذَرِيعَةِ انْقِطَاعِ الْمُبْتَدِعَةِ عَنِ السُّنَّةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُجَمَّعُونَ كَصَلَاةِ الْخُسُوفِ وَإِذَا قُلْنَا يُجَمَّعُونَ فَبِغَيْرِ خُطْبَةٍ فَإِنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى فَالْمَشْهُورُ يَقْضِيهَا بِتَكْبِيرِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْضَى التَّكْبِيرُ إِلَّا فِي الْجِنَازَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّكَعَاتِ وَوَافَقَ فِيمَن فَاتَهُ الرَّكْعَتَانِ بِسَبَبٍ أَنَّهُ غَيْرُ قَاضٍ وَإِذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم خلافًا لعبد الْملك فَإِن قُلْنَا إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بِهِ آخِرُ صَلَاتِهِ كَبَّرَ خَمْسًا وَإِنْ قُلْنَا قَضَاءٌ فَسِتًّا فَإِنْ لَمْ يَفُتْهُ إِلَّا بَعْضُ التَّكْبِيرِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَ (ح) يَقْضِيهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَ (ش) لِأَنَّ التَّكْبِيرَ يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ مَعَ جَهْرِ الْإِمَامِ فَلَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَو نسي تَكْبِير رَكْعَة فَلَا يتدارك فِي الرُّكُوعِ وَلَا بَعْدَهُ لَأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقِيلَ يَتَدَارَكُهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَقَالَ (ح) لِأَنَّهُ على تَكْبِيرِ الْعِيدِ لِأَنَّ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ مِنْهُ وَيُدْرِكُ بِهِ الْعِيدَ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ كبر وَأعَاد الْقِرَاءَة وَيسْجد بَعْدَ السَّلَامِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُهَا وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ الْقِرَاءَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَ (ح) يَدْخُلُ مَعَهُ وَيُكَبِّرُ سَبْعًا وَإِنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا دَخَلَ مَعَهُ وَكَبَّرَ وَاحِدَةً وَإِنْ وَجَدَهُ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَاحِدَةً قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ أَدْرَكَهُ فِي قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا غَيْرَ الْإِحْرَامِ وَإِذَا قَضَى كَبَّرَ سِتًّا وَالسَّابِعَةُ قَدْ كَبَّرَهَا لِلْإِحْرَامِ وَإِذا فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيدَيْنِ فَلَا تقضى بالزوال خلافًا (ح وش) محتجين بِمَا فِي النَّسَائِيّ أَن قوما رَأَوُا الْهِلَالَ نَهَارًا فَأَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يفطروا ويخرجوا من الْغَد وَجَوَابه يحمل الْخُرُوجُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَلَوْ كَانَتْ تُقْضَى لَقُضِيَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي يَوْمِهَا لِقُرْبِهِ وَفِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ كَسَائِرِ الْمَقْضِيَّاتِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ بِجَامِعِ الْخطْبَة أَو إِظْهَار الشعائر.
الرَّابِع:
فِي الْجَوَاهِر لَا يُتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فِي الْمُصَلَّى وَقَالَهُ (ح) وَلَمْ يَكْرَهْهُ (ش) لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَيُتَنَفَّلُ قبلهَا وَبعدهَا فِي الْمَسْجِد قَالَ سَنَدٌ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ أَلَّا يُتَنَفَّلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الظُّهْرِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُتَنَفَّلُ قَبْلَهَا فِي الْمَسْجِدِ كَالْمُصَلَّى وَيُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا لِأَنَّ قبلهَا وَقت شُرِعَ لِلذِّكْرِ فَلَا يُتَنَفَّلُ فِيهِ كَوَقْتِ الْخُطْبَةِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا زَادَ أَبُو دَاوُدَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ واذا قُلْنَا بالتنفل فِي الْمَسْجِد قبلهَا فيلغى للْإِمَام بل اول مَا يقدم يبْدَأ بِالصَّلَاةِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْمُنْفَرِدُ وَالْمُسَافِرُ وَغَيْرُهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ الْقَضَاءِ كَسُجُودِ السَّهْوِ وَمَنْ نَسِيَهُ أَتَى بِهِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا فَلَا وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يُكَبِّرُ وَإِنْ بعد وَرَأى ان التَّكْبِير من شَعَائِر الايام وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَعِنْدَنَا مِنْ شَعَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَيَّامِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ الطُّولُ مُفَارَقَةُ الْمَجْلِسِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ لَمْ يُكَبِّرِ الْإِمَامُ كَبَّرَ النَّاسُ كَسُجُودِ السَّهْوِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} قَالَ سَنَدٌ لَا يُكَبِّرُ إِذَا قَضَى صَلَاةً فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَا إِذَا قَضَى صَلَاةَ ايام التَّشْرِيق فِيهَا خلافًا (ش) فيهمَا وَلَا إِذَا قَضَاهَا هِيَ فِي غَيْرِهَا.
فَائِدَةٌ:
سُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ فِي اول يَوْم يقوم مِنْ بَابِ مَجَازِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ وَقِيلَ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ وَهُوَ نَشْرُهُ لِيَجِفَّ بِالشَّمْسِ وَفِي الْكِتَابِ أَوَّلُ التَّكْبِيرِ صَلَاةُ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ ايام التَّشْرِيقِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) يَبْدَأُ بَعْدَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ لَنَا قَوْله تَعَالَى {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم فاذكروا الله} وَيَوْمُ عَرَفَةَ لَمْ تُقْضَ فِيهِ الْمَنَاسِكُ وَإِنَّمَا تقضى بعد صبح الْعِيد وَفِي الْجَوَاهِر لَا يكبر دبر الصَّلَوَات النَّافِلَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُكَبِّرُ وَقِيلَ يُكَبِّرُ دُبُرِ الظُّهْرِ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَنَقَلَ أَبُو الطَّاهِرِ قَوْلًا بِالتَّكْبِيرِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ قِيَاسًا على أهل منى.
السَّادِسُ:
قَالَ سَنَدٌ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ يَوْمَ الْعِيدِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا أُنْكِرُهُ وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ وَلَا يُنْكَرُ فِي الْعِيدِ لَعِبُ الْغِلْمَانِ بِالسِّلَاحِ وَالصِّبْيَةِ بِالدُّفُوفِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بَيْنَمَا الْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَابِهِمْ دَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَهْوَى الى الْحَصْبَاء فحصبهم بهَا قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعْهُمْ يَا عُمَرُ وَكَرِهَ مَالِكٌ لَعِبَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَوْنَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَفِيهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ مِنًى وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تَضْرِبَانِ بالدف وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَانْتَهَرَهُمَا فَكَشَفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجْهَهُ فَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ.