فصل: الرُّكْن الثَّانِي الْمَوْقُوف عَلَيْهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كتاب الْعدة:

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا سَأَلَكَ أَنْ تَهَبَ لَهُ دِينَارًا فَقُلْتَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَكَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُكَ وَلَوْ كَانَ افْتِرَاقُ الْغُرَمَاءِ عَلَى وَعْدٍ وَإِشْهَادٍ لَزِمَكَ لِإِبْطَالِكَ مَغْرَمًا بِالتَّأْخِيرِ قَالَ سَحْنُونٌ الَّذِي يَلْزَمُ مِنَ الْعِدَةِ اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ أَوِ اخْرُجْ إِلَى الْحَجِّ أَوِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ تَزَوَّجِ امْرَأَةً وَأَنَا أُسَلِّفُكَ لِأَنَّكَ أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي ذَلِك أما مُجَردا لوعد فَلَا يَلْزَمُ بَلِ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَقَالَ أَصْبَغُ إِذَا قَالَ لَكَ أُرِيدُ أَتَزَوَّجُ فَأَسْلِفْنِي فَقُلْتَ نَعَمْ يُقْضَى عَلَيْكَ تَزَوَّجَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا لِحَاجَةٍ سَمَّاهَا أَوْ أَسْلِفْنِي كَذَا لِأَشْتَرِيَ سِلْعَةً فَقُلْتَ نَعَمْ لَزِمَكَ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَأَلَكَ فِي دَيْنٍ تُعْطِيهِ لِغُرَمَائِهِ فَقُلْتَ نَعَمْ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بن الْعَزِيزِ وَالَّذِي لَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ أَسْلِفْنِي كَذَا وأعرني كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ فَإِذَا قُلْتَ نَعَمْ لَا يَلْزَمُكَ وَإِذَا وَعَدْتَ غَرِيمَكَ بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ لَزِمَكَ سَوَاءٌ قُلْتَ أُؤَخِّرُكَ أَوْ أَخَّرْتُكَ وَإِذَا أَسْلَفْتَهُ أَخَّرْتَهُ مُدَّةً تَصْلُحُ لِذَلِكَ وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ قَالَ مَا لَك إِذَا قُلْتَ لِلْمُشْتَرِي بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ لَزِمَكَ وَيُصَدَّقُ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنِ اشْتَرَطَهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بَيْعًا فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ أُجْرَتُهُ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ فَإِنْ أَدْرَكَ قَبْلَ الْفَوْتِ فَسَخَ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَمُصِيبَتُهُ مِنَ الْبَائِعِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عِتْقُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ أَحْبَلَهَا فَهِيَ أَمُّ وَلَدٍ وَمَضَى الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ خِلَافٍ فَهُوَ شُبْهَةٌ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ مَوْتُ الْعَبْدِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُبْتَاعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا وَطِئَهَا حَبِلَتْ أَمْ لَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ فَهِيَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رضى بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنِّي إِنْ جَعَلْتُهُ أَجِيرًا امْتَنَعَ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَلَا تَكُونُ أَمَّ وَلَدٍ وَيحد وَإِن كَانَ الشَّرْطُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ لَا أَمَّا ذَهَابُ الثَّوْبِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْمُشْتَرِي إِذَا رَضِيَ بِهَذَا الشَّرْطِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ النَّقْدِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ وَانَقُدِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ قِيمَةُ عُيُوبٍ وَخُصُومَاتٍ لَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ وَيَجُوزُ بَعْدَ النَّقْدِ فَإِنْ وُجِدَ الطَّعَامُ مُسَوَّسًا فَسَخِطَهُ فَقُلْتَ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ فَحَمَلَهُ فِي سَفِينَتِهِ فَغَرِقَتْ فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي أُجْرَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا كَانَ كَرْمًا فَخِفْتَ الْوَضِيعَةَ فَقُلْتَ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيكَ إِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرْضِيَهُ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ وَحَلَفَ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُرْضِيهِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّلْعَةِ وَالْوَضِيعَةِ فِيمَا يُشْبِهُ الْوَضِيعَةَ فِي ثَمَنِ تِلْكَ السِّلْعَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا قَالَ أَعِرْنِي دَابَّتَكَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَسَمَّى الْحَاجَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ وَكَذَلِكَ وخرتك بِالدَّيْنِ وَأُؤَخِّرُكَ بِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَكَ أَنْ تُسَلِّفَنِي كَذَا لِأَتَزَوَّجَ فُلَانَةً سَمَّى أَجَلًا لِلسَّلَفِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَتَى أَدْخَلْتَهُ بِوَعْدِكَ فِي لَازِمٍ لَزِمَكَ الْوَفَاءُ نَحْوَ زَوِّجِ ابْنَتَكَ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَاقُ عَلَيَّ أَوِ احْلِفْ أَنَّكَ مَا شَتَمْتَنِي وَلَكَ كَذَا فَحلف.
تَمْهِيدٌ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} أَو الْوَعْد إِذا أخلف قَول لم يفعل وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَامَاتُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنُ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» فَذِكْرُهُ فِي سِيَاقِ الذَّم دَلِيل التَّحْرِيم ويروى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَأَيُّ الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ» وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي وُجُوبَ الْوَفَاءِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَجُلٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكذب لامرأتي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا خَيْرَ فِي الْكَذِبِ» فَقَالَ يَا رَسُولَ الله فأعدها وَأَقُول لَهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا جنَاح عَلَيْك فَمِنْهُ الْكَذِب الْمُتَعَلّق بالمستقبل فَإِن رَضِي النِّسَاءِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ وَنَفَى الْجُنَاحَ عَنِ الْوَعْدِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا يُسَمَّى كَذِبًا بِجَعْلِهِ قَسِيمَ الْكَذِبِ وَثَانِيهُمَا أَنَّ إِخْلَافَ الْوَعْدِ لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْوَعْدَ الَّذِي يَفِي بِهِ لَمَا احْتَاجَ لِلسُّؤَالِ عَنْهُ وَلَمَا ذَكَرَهُ مَقْرُونًا بِالْكَذِبِ وَلِأَنَّ قَصْدَهُ إِصْلَاحُ حَالِ امْرَأَتِهِ بِمَا لَا يَفْعَلُ فَتَخَيَّلَ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَعَدَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ مُطْلَقًا عَكْسَ الْأَدِلَّةِ الْأُولَى وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنْ يُحْمَلَ اللُّزُومُ عَلَى مَا إِذَا أَدْخَلَهُ فِي سَبَبٍ مُلْزِمٍ بِوَعْدِهِ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ وَعْدُهُ مَقْرُونًا بِذِكْرِ سَبَبٍ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُحْمَلُ عَدَمُ اللُّزُومِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قد قِيلَ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَقُولُونَ جَاهَدْنَا وَمَا جَاهَدُوا وَفَعَلْنَا أَنْوَاعًا مِنَ الْخَيْرَاتِ وَمَا فَعَلُوهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَتَسْمِيعٌ بِالطَّاعَةِ وَكِلَاهُمَا مَعْصِيَةٌ إِجْمَاعًا وَأَمَّا ذِكْرُ الْإِخْلَافِ فِي صفة الْمُنَافِق فَمَعْنَاه أَنَّهَا سجية وَمُقْتَضَى حَالِهِ الْإِخْلَافُ وَمِثْلُ هَذِهِ السَّجِيَّةِ يَحْسُنُ الذَّمُّ بِهَا فَمَا تَقُولُ سَجِيَّتُهُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْبُخْلَ فَمَنْ كَانَتْ صِفَتُهُ تَحُثُّ عَلَى الْخَيْرِ مُدِحَ بِهَا أَوْ تَحُثُّهُ عَلَى الذَّمِّ ذُمَّ بهَا شرعا وَعرفا.

.كِتَابُ الْوَقْفِ:

وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:

.الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفْظِهِ:

وَفِي الصِّحَاحِ وَقَفْتُ الدَّارَ لِلْمَسَاكِينِ وَقْفًا وَأَوْقَفْتُهَا بِالْأَلْفِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَقِفُوهُمَ إنَهُمُ مَسْئُولون} بِغَيْر ألف وَلَيْسَ فِي الْكَلَام وقفت إِلَّا كلمة وَاحِدَة أوقفت عَن الامراي أَقْلَعْتُ عَنْهُ وَعَنِ الْكِسَائِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو مَا أوقفك هَهُنَا أَيْ أَيُّ شَيْءٍ صَيَّرَكَ وَاقِفًا وَتَقُولُ الْعَرَبُ وَقَفَتِ الدَّابَّةُ تَقِفُ وُقُوفًا وَوَقَفْتُهَا أَنَا وَقْفًا مُتَعَدٍّ وَقَاصِرٌ وَوَقَفْتُهُ عَلَى دَيْنِهِ أَيْ أَطْلَعْتُهُ عَلَيْهِ وَالْوَقْف سَوَاء مِنْ عَاجٍ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يُقَالُ أَوْقَفْتُ الرَّجُلَ عَلَى كَذَا إِذَا لَمْ تَحْبِسْهُ بِيَدِكَ وَوَقَّفْتَهُ عَلَى الْكَلِمَةِ تَوْقِيفًا وَوَقَّفْتَهُ بَيَّنْتَهُ لَهُ وَالْحُبْسُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّ الْحَاءِ مِنَ الْحَبْسِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَالْمُحْبَسُ مَمْنُوع من البيع.

.الْبَاب الأول فِي أَرْكَانه:

وَهِي أَرْبَعَة:

.الرُّكْن الْأَوَّلُ: الْوَاقِفُ:

وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ.

.الرُّكْن الثَّانِي الْمَوْقُوف عَلَيْهِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ تَصِحُّ عَلَى الْجَنِينِ وَمَنْ سَيُولَدُ وَقَالَ ش وَأَحْمَدُ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ يَقْبَلُ الْمِلْكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ فَلَا يَصح على أحد هاذين الرَّجُلَيْنِ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَا عَلَى الْحَمْلِ وَمَنْ سَيُولَدُ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا لِلْمِلْكِ وَلَا عَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي تبنيه لعدم التَّعْيِين بِخِلَاف على ولد وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَإِنْ وُلِدَ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ فَهُوَ تَابِعٌ لِمُعَيَّنٍ يَقْبَلُ الْمِلْكَ وَهُوَ وَلَدُ الصُّلْبِ وَوَافَقَانَا فِي الْوَصِيَّةِ فَنَقِيسُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ وَيُشْرَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} ثُمَّ إِنَّا نَمْنَعُ قَاعِدَتَهُمَا أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَالَ وَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَمْرٍ بِيَدِهِ وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ عَلَى الْكَنِيسَةِ وَقَالَهُ ش وَأَحْمَدُ لِأَنَّهُ عَوْنٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَصَرْفِهِ لِشِرَاءِ الْخَمْرِ وَأَهْلِ الْفُسُوقِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ بِسَبَبِ أَنَّ نَفْعَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ عَلَى الْكَنِيسَةِ لِأَن نَفعهَا يعود على الذِّمَّةِ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّهَا وُضِعَتْ لِلْكُفْرِ وَنَفْعُ الذِّمَّةِ عَارِضٌ تَابِعٌ وَالْمَسْجِدُ وُضِعَ لِلطَّاعَةِ فَافْتَرَقَا وَلَا يُصَحِّحُ الشَّرْعُ مِنَ التصدقات إِلَّا الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ وَالرَّاجِحَةِ وَيُكْرَهُ إِخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْكَرَاهَة وَعَن مَالك إِن إخراجهن إِنْ تَزَوَّجْنَ بَطَلَ الْحَبْسُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَسَخَهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ كَانَ حَيا فَسخه بعد الْجور لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هِبَةِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَلِأَنَّ إِخْرَاجَ الْبَنَاتِ خِلَافُ الشَّرْعِ وَاتِّبَاعُ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ بَطَلَ حَبْسُهُ وَتَتَخَرَّجُ الصَّدَقَةُ عَلَى هَذَا الْخلاف.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتَ إِنْ تَزَوَّجْنَ بَطَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ نَفَذَ عَلَى مَا حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ رُدَّ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتَ فَإِنْ حَيَّزَ أَو مَاتَ نفذ لِأَنَّهُ مَا لَهُ يَنْقِلُهُ لِمَنْ شَاءَ.
فَرْعٌ:
يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ فِي مرض الْمَوْت لِأَنَّهُ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَإِنْ شُرِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَيَّنِينَ لَيْسُوا وَارِثِينَ بَطَلَ نَصِيبُ الْوَارِثِ خَاصَّةً لِقِيَامِ الْمَانِعِ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً فَإِنْ شُرِكَ مَعَهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنٌ مَعَ التَّعْقِيبِ أَوِ الْمَرْجِعِ فَنَصِيبُ غَيْرِ الْوَارِثِ حَبْسٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَهُوَ بَيْنَهُمْ وَمَا خَصَّ الْوَارِثَ فَبَيْنَ الْوَرَثَةِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ بِأَيْدِيهِمْ - مَا دَامَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَرَثَةِ أَحْيَاءً وَقَالَ (ش) يَصِحُّ الْوَقْفُ فَإِذَا وَقَفَ دَارَهُ عَلَى ابْنِهِ وَامْرَأَتِهِ وَلَهُ ابْنَانِ آخَرَانِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إِنْ أَجَازَ الِابْنَانِ الْآخَرَانِ وَإِلَّا فَمَا زَادَ عَلَى نَصِيبِهِ بَطَلَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَنَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ أَوْ تَحْجِيرٌ عَلَى الْوَارِثِ وَكَلَاهُمَا مَنْهِيٌّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَلِقَوْلِهِ لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَار فِي الْإِسْلَامِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ حَبَسَ دَارَهُ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَاشْتَرَطَ عَلَى الَّذِي حَبَسَ عَلَيْهِ إِصْلَاحَ مَا رَثَّ مِنْهَا مِنْ مَالِهِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ وَأَمْضَى ذَلِكَ وَلَا مِرَمَّةَ عَلَيْهِمْ بَلْ تُرَمُّ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ سَنَةُ الْحَبْسِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَحْدَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْفَسَادِ لِقُوَّتِهِمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخِلَاف الْبيُوع وَكَذَلِكَ إِذَا حَبَسَ عَلَيْهِ الْفَرَسَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ حَبْسَهُ سَنَةً وَعَلَفُهُ فِيهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلِكُ قبلهَا فَيذْهب علفه بَاطِلا قَالَه مَا لَك وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ لَمْ يَمْضِ الْأَجَلُ خُيِّرْتَ بَيْنَ تَرْكِ الشَّرْطِ أَوْ تَأْخُذُ الْفَرَسَ وَتُعْطَى لَهُ نَفَقَتُهُ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ لَمْ يَرُدَّ وَكَانَ لِلَّذِي قِيلَ لَهُ بَعْدَ السَّنَةِ بِغَيْرِ قِيمَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَبْطُلُ شَرْطُهُ فِي الْفَرَسِ كَمَنْ أَعَارَهُ لِرَجُلٍ يَرْكَبُهُ سَنَةً ثُمَّ هُوَ لِفُلَانٍ فَتَرَكَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ لِصَاحِبِ الْبَتْلِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ يَتَعَجَّلُ قَبْضَهُ وَإِذَا عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ السَّنَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَأَنْفَذَ الْحَبْسَ فَلْيَدْفَعْ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْفَرَسِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُتِمُّ الْحَبْسَ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ إِذَا نَزَلَتْ مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ جَازَتْ وَغَيْرُ هَذَا الشَّرْطِ أَفْضَلُ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ حَبَسَ عَلَى بَنَاتِهِ حَيَاتَهُنَّ فِي صِحَّتِهِ وَشَرَطَ مَنْ تَزَوَّجَتْ لَا حَقَّ لَهَا لَا يَعُودُ حَقُّهَا بَعْدَ تَأَيُّمِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ لِانْقِطَاعِ عَقِبِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَلَوْ حَبَسَ وَلَهُ بَنَاتٌ مُتَزَوِّجَاتٌ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي الْحَبْسِ وَقَالَ وَالْمَرْدُودَةُ تَدْخُلُ فِي حَبْسِي فَإِنَّهَا تَدْخُلُ مَتَى رَجَعَتْ مِنْ ذِي قَبْلُ وَإِنْ قَالَ مَنْ تَأَيَّمَتْ مِنْ بَنَاتِي فَلَهَا مَسْكَنٌ يُعَيِّنُهُ كَانَتْ أَحَقَّ بِهِ وَلَا حَقَّ لَهَا فِيمَا قَبْلُ وَإِذَا قَالَ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا فَإِنْ رَجَعَتْ فَلَهَا مَسْكَنُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِينَ التَّزْوِيجِ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَرْجِعُ فِيمَا مَضَى وَلَيْسَتْ كَالَّتِي لَمْ تُذْكَرْ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهُ إِذَا سَمَّى رَجْعَتَهَا فَكَأَنَّهُ حَبَسَ عَلَيْهَا إِلَى رَجْعَتِهَا فَتَأْخُذُهُ فَإِنْ قَالَ إِنْ رَجَعَتْ دَخَلَتْ فِي حَبْسِي فَلَهَا مِنْ يَوْمِ تَرْجِعُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا شَرَطَ مَنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا مَا دَامَتْ عِنْدَ زَوْجٍ فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ فَنَصِيبُهَا لِمَنْ مَعَهَا فِي الْحَبْسِ مِنْ أَخَوَاتِهَا مَا دَامَتْ مُتَزَوِّجَةً فَإِنْ رَجَعَتْ أَخَذَتْهُ وَلَوْ تَزَوَّجْنَ كُلُّهُنَّ وَقَفَ عَلَيْهِنَّ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ رَجَعَتْ وَاحِدَةٌ أَخَذَتْهَا كُلَّهَا مَا وَقَفَ وَمَا يَسْتَقْبِلُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ لَا شَيْءَ لَهَا فِي الْمَاضِي وَهَذَا فِي الْغَلَّةِ أَمَّا إِنْ كَانَ الْحَبْسُ سُكْنَى فَهُوَ أَبْيَنُ فِي سُقُوطِ الْمَاضِي وَلَوْ جَعَلَ الْمَاضِي لِغَيْرِهَا مُدَّةَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا حَبَسَ فِي الْمَرَضِ دَارًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا وَمَاتَ وَتَرَكَ أُمًّا وَامْرَأَةً قُسِّمَ بَيْنَهُنَّ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ فِي الْحَبْسِ وَمَا صَارَ لِلْأَعْيَانِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ تَوْفِيَةً بِقَاعِدَةِ الْمِيرَاثِ وَصِيغَةِ الْحَبْسِ فَتَخْلُصُ الدَّارُ كُلُّهَا لَوَلَدِ الْوَلَدِ حَبْسًا تَوْفِيَةً بِالْحَبْسِ وَلَوْ مَاتَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ فَمَا بِأَيْدِيهِمَا لِوَرَثَتِهِمَا وَكَذَلِكَ يُوَرَّثُ يَقَعُ ذَلِكَ عَنْ وَارِثِهِمَا أَبَدًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا ثُمَّ تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ وَوَرَثَةُ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فِي الَّذِي أَصَابَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ هَلَكَتِ الْأُمُّ أَوِ الْمَرْأَةُ أَوْ هَلَكَا دَخَلَ وَرَثَتُهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِذَا انْقَرَضَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ أَوَّلًا دَخَلَ وَرَثَتُهُمَا مَكَانَهُمَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا فَإِنِ انْقَرَضَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَرَجَعَ مَنْ وَرِثَ ذَلِكَ الْمَالِكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَرَثَةِ الزَّوْجَةِ وَوَرَثَةِ الْأُمِّ فِي الَّذِي أَصَابَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي أَصْلِ الْمِيرَاث فَيكون بَينهم على القرائض فَإِنْ مَاتَ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَبَقِيَ وَرَثَةُ وَرَثَتِهِمْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ وَرَثَةُ وَرَثَتِهِمْ وَمَنْ وَرِثَ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَبَدًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ بِحَالِ مَا وَصَفْنَا فَإِنِ انْقَرَضَ وَلَدُ الْأَعْيَانِ وَوَلَدُ الْوَلَدِ رَجَعَتْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ تَوْفِيَةً بِمَقْصِدِهِ فِي الْحَبْسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ قَلَّ مَنْ يَعْرِفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِصُعُوبَتِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ خَطَأٍ لِدِقَّةِ مَعَانِيهَا وَتَقْرِيرُهَا أَنَّهُ حَبْسٌ عَلَى غَيْرِ وَارِث وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ فَمَا كَانَ لَهُمْ أُجْرِيَ مَجْرَى الْأَوْقَافِ وَمَا نَابَ وَلَدَ الْأَعْيَانِ دَخَلَ فِي وَرَثَة الْمَيِّت من الْأُم وَالْمَرْأَة وَغَيرهم إِذا لَمْ يُجِيزُوا إِذْ لَيْسَ لِوَارِثٍ أَنْ يَنْتَفِعَ دُونَ وَارِثٍ مَعَهُ لِامْتِنَاعِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَثَلَاثَ بَنِينَ وَثَلَاثًا مَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَلَدٌ فَيُقَسَّمُ الْحَبْسُ وَغَلَّتُهُ عَلَى سِتَّةٍ ثَلَاثَةٌ لَوَلَدِ الْوَلَدِ يَنْفُذُ لَهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدٌ إِذَا اسْتَوَوْا وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ حَبَسَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ فَقْرَهُمْ وَغِنَاهُمْ وَأَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ يَرَى أَنَّ مَقْصِدَ الْوَقْفِ الْمَعْرُوفُ وَسَدُّ خَلَّةِ الْحَاجَةِ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ مِمَّا فِي يَدِ الْأَعْيَانِ السُّدُسَ وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمْ ذُكُورٌ وَإِلَّا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ الْأُنْثَيَيْنِ لِاحْتِجَاجِ الذَّكَرِ بِالْمِيرَاثِ كَمَا احْتَجَّتِ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ أَمْ لَا لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ كَمَا يَنْتَقِضُ لِحُدُوثِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلْأَعْيَانِ أَوْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى خَمْسَةٍ بَقِيَّةِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَتِ الْأُمُّ سُدُسَهُ وَالزَّوْجَة ثمنه وَقسم مَا بَقِي على ثَلَاثَة عدد أَصْلِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَيَأْخُذُ الْحَيَّانِ سَهْمَيْهِمَا وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ سَهْمًا يَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ وَزَوْجُهُ وَوَلَدُهُ - وَهُوَ أَحَدُ وَلَدِ الْوَلَدِ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ - بِمَعْنَى الْحَبْسِ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ - بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ وَيُقَسَّمُ مَا أُخِذَ فِي الْقَسْمِ أَوَّلًا وَهُوَ سُدُسُ الْحَبْسِ يُؤْخَذُ مَا بِيَدِهِ يُضَمُّ إِلَيْهِ مَا يَخْرُجُ عَنْهُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَهُوَ ثُلُثُ مَا فِي أَيْدِيهِمَا يُكْمَلُ لَهُ السُّدُسُ وَيُقَالُ لَهُمَا قَدْ كُنْتُمَا تَحْتَجَّانِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمَا - وَأَنْتُمَا وَارِثَانِ مَعَهُ فَلَمَّا مَاتَ بَطَلَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ فِي بَقَاءِ مَا أَخَذْنَا مِنْهُ بِأَيْدِيكُمَا لِقِيَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ وَلَا حُجَّةَ لَكُمَا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ فَيُقَسَّمُ هَذَا السُّدُسُ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ ثَلَاثَةً وَعَلَى مَنْ بَقِيَ مَنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ - وَهُمَا اثْنَانِ فَيُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ ثَلَاثَةٍ لَوَلَدِ الْوَلَدِ وَسَهْمَانِ لَوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى وَرَثَةِ الْهَالِكِ مِنْهُمْ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَأْخُذُ الْأُمُّ لِلْهَالِكِ الْأَوَّلِ وَامْرَأَتُهُ مِنْ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ - السُّدُسِ وَالثُّمُنِ وَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَهْمَانِ لِلْحَيَّيْنِ وَسَهْمٌ يُنْسَبُ لِوَرَثَتِهِ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ وَقْفٌ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ إِرْثٌ مِنْ أَبِيهِ هَذَا كَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدُسَانِ اللَّذَانِ كَانَا بِأَيْدِيهِمَا مَعْدُودًا بِالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ مَا أَخَذَا مِنْهُمَا وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُ الْجَمِيعِ وَلِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي ثَلَاثَةٌ لِلْأَحْيَاءِ مِنَ الْأَعْيَانِ سَهْمَانِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ يُوقَفُ وَسَهْمٌ عَلَى الْفَرَائِضِ أَوْ تَقُولُ مَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ قَسْمٍ سُدُسٌ حَبَسَ الْمَيِّت - وهما خُمُسَانِ لِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهُ وَيُضَمُّ الْبَاقِي إِلَى الْبَاقِي فِي أَيْدِيهِمَا فِي سَهْمِ الْحَبْسِ أَوَّلًا - بَعْدَ أَخْذِ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ سُدُسَهُ وَثُمُنَهُ يَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَهُمَا مِنْهَا سَهْمٌ وَلِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ سَهْمٌ عَلَى الْفَرَائِضِ وَهُوَ - مِثْلُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ سُدُسَ الْخُمُسِ إِذَا قُسِّمَ عَلَى خَمْسَةٍ صَارَ سُدُسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ خُمُسًا وَإِذَا رَدَّتِ الزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ مَا كَانَتَا أَخَذَتَا مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ صَارَ بِأَيْدِيهِمُ الْخُمُسَانِ فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى أَنَّ الْخُمُسَ يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ وَبَاقِي وَلَدِ الْحَيَّيْنِ وَلَا مَعْنًى لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَقِسْمَةُ جَمِيعِ الْخُمُسِ عَلَى خَمْسَةٍ أَبْيَنُ وَإِنَّمَا قُسِّمَ سَهْمُ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ عَلَى خَمْسَةٍ لِقِيَامِ وَلَدِ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَقِسْمَةُ الْحَبْسِ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ لِتَوَفُّرِ سَهْمَانِهِمْ بِنُقْصَانِ عَدَدِ أَهْلِ الْحَبْسِ فَمَا وَصَلَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ صَارَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ لِمَنْ وَرِثَ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ مَعَهُمْ وَكَذَلِكَ صَارَتْ لِمَنْ يَرِثُ الْمَيِّتَ مَنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ حُجَّةُ أَنْ يَنَالُوا نَفْعَ مَا وَرِثَهُ وَلِيُّهُمْ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنَ الْوَرَثَةِ يَنْتَفِعُ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ عَنِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ نَقْضُ الْقَسْمِ مِنْ غَيْرِ نَقْضِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ فَأَمَّا عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ أُمِّ الْمُحْبِسِ وَامْرَأَتِهِ فَلَا.
قَالَ سَحْنُونٌ وَالثِّمَارُ وَنَحْوُهَا مِنَ الْغَلَّاتِ تُقَسَّمُ عِنْدَ كُلِّ غَلَّةٍ عَلَى الْمَوْجُودِ يَوْمَئِذٍ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَيُجْمَعُ مَا لِوَلَدِ الصُّلْبِ فَيُقَسَّمُ عَلَى الْفَرَائِضِ وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الْقَسْمِ فِي جَمِيعِ الْحَبْسِ فَيُقَسَّمُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ الْفَرَائِضِ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ أَخَذُوهُ وَهَذَا الْقَوْلُ إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ فِي جَمِيعِ الْحَبْسِ وَعَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ يُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ أَخَذُوهُ حَبْسًا وَمَا لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَتِ الْأُمُّ سُدُسَهُ وَالْمَرْأَةُ ثُمُنَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيَحْيَا الْمَيِّتَانِ بِالذِّكْرِ فَمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَهُ عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا وَمَا صَارَ لِحَيٍّ فَهُوَ لَهُ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ يَسْتَرْجِعُ مِنْ يَدَيْهِ وَوَرَثَةَ الْهَالِكِ أَوَّلًا من ولد الْأَعْيَان تَمام خُمُسِ جَمِيعِ الْحَبْسِ عَلَى مَا بَيْدَ الْهَالِكِ الثَّانِي لِيُكْمِلَ الْخُمُسَ وَهُوَ مَا كَانَ صَارَ فِي الْقَسْمِ الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ وَقَدْ أخذت الْأُم السدسو وَالْمَرْأَة ثمنه وَورث أَخُوهُ ثلث مابقي فِي يَدَيْهِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثُمُنٌ مِنَ الْخُمُسِ فَيَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُكْمِلُ لَهُ الْخُمُسَ فَيُقَسِّمُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَهْمٌ تَأْخُذُ أُمُّ الْمُحْبِسِ مِنْ هَذَا السَّهْمِ سُدُسَهُ وَامْرَأَتُهُ ثُمُنَهُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي ثَلَاثَةً يَحْيَا الْمَيِّتَانِ بِالذِّكْرِ فَمَا صَارَ لِلْحَيِّ أَخَذَهُ وَمَا صَارَ لِكُلِّ مَيِّتٍ وَرِثَهُ وررثته عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا وَإِنْ مَاتَ الثَّالِثُ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ خَلَصَ الْجَمِيعُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَمُتْ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ لَمْ يَأْخُذْ سَهْمَهُ ورثته لِأَنَّهُ حبس وينقض الْقسم بِمَوْتِهِ كمون وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَيُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَبْسِ عَلَى خَمْسَةٍ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ حَبْسًا وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَلِلْأُمِّ سُدُسُهُ وَلِلْمَرْأَةِ ثمنه وَقسم مَا بَقِي على ثَلَاثَة عدد وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَدَخَلَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا رَدَّهُ وَلَدُ الْأَعْيَانِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِم لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَهُوَ السُّدُسُ عَلَى خَمْسَةٍ عَدَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ وَمَا لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ دَخَلَتْ فِيهِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ أَوْ وَرَثَتُهُمَا إِنْ مَاتَتَا لِأَنَّ مَا رَجَعَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ نَصِيبِ وَلَدِ الْوَلَدِ بِالْوَصِيَّةِ لَا بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ عَلَى مَجْهُولِ من يَأْتِي وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ لِنُفُوذِ الْوَصِيَّةِ أَوَّلًا وَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ بَلْ تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ بِالْوِلَايَةِ وَيَلْزَمُهُ إِيثَارُ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ وَلَدِ الْمُوصِي لِأَنَّهَا سَنَةُ مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ فَإِنْ مَاتَ ثَانٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَعَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ يُقَسَّمُ الْحَبْسُ كُلُّهُ عَلَى عَدَدِ مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْأَعْيَانِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ سَهْمٌ لِوَلَدِ الْبَاقِي وَثَلَاثَةٌ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ وَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ دُونَ الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنْ هَلَكَ الثَّالِثُ فَجَمِيعُ الْحَبْسِ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُمُ الْأَقْرَبُ لِلْمُحْبِسِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا تَدْخُلُ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ نَفَذَتْ أَوَّلًا وَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ وَهُوَ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمَا بِالْوِلَايَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا آلَ إِلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ حَتَّى انْقَرَضُوا أَوْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَامْرَأَتُهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا آلَ مَا بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلْأَعْيَانِ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَتِ الْأُمُّ وَالْمَرْأَةُ اللَّتَانِ لِهَذَا الْمَيِّتِ مِيرَاثَهُمَا مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِنَ السُّدُسِ الَّذِي أُخِذَ أَوَّلًا مِمَّا آلَ إِلَيْهِ عَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فَمَا بَقِيَ قُسِّمَ بَيْنَ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ مَاتَ أَوَّلًا أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِّمَ نَصِيبُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثمَّ مَاتَ أحد ولد الْوَلَد أَخذ مَا كَانَ بِيَدِ هَذَا الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَهُوَ الْخُمُسُ الْمَأْخُوذُ فِي قَسْمِ الْحَبْسِ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِ وَمِنْ قِبَلِ مَوْتِ أَبِيهِ دُونَ مَا بِيَدِهِ عَنْ أَبِيهِ بِالْمِيرَاثِ فَيُقَسَّمُ أَرْبَعَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ سَهْمٌ وَسَهْمَانِ لِلْحَيَّيْنِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ تَأْخُذُ مِنْهُمَا أُمُّ الْجَدِّ وَامْرَأَتُهُ السُّدُسَ وَالثُّمُنَ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي مِنَ السَّهْمَيْنِ ثَلَاثَةً سَهْمٌ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ الْحَيَّيْنِ وَسَهْمٌ لِوَرَثَةِ أَخِيهِمَا الْمَيِّتِ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ بِالسُّدُسِ وَامْرَأَتُهُ بِالثُّمُنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْآنَ وَلَدٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى قِسْمَةِ مَا وَرِثَ عَلَيْهِ يَوْمَ مَاتَ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ لَا يَنْتَقِضُ بِمَوْتِهِ قَسْمٌ وَيَصِيرُ مَا بِيَدِهِ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الْمَوَارِيثِ وَكَذَلِكَ لِوَرَثَةِ وَرَثَتِهِمْ مَوْقُوفًا مَا بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَ الْحَبْسُ إِلَى وَلَدِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَالَّذِينَ حَدَثُوا وَكَذَلِكَ إِنْ شَرَطُوا فِي حَبْسِهِ لَيْسَ لِمُتَزَوِّجَةٍ حَقٌّ إِلَّا أَنْ يَرُدَّهَا رَادٌّ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَزَوَّجَتِ ابْنَةٌ لَهُ انْتَقَضَ الْقَسْمُ عِنْدَ الزَّوَاجِ وَلَا يُقَسَّمُ لَهَا فِي قِسْمَةِ الْحَبْسِ - تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ لَكِن مَا أصَاب ولد الْأَعْيَان مُنْذُ دَخَلَتْ فِيهِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ رَجَعَتِ انْتَقَضَ الْقَسْمُ وَقُسِّمَ لَهَا فِي أَصْلِ الْحَبْسِ وَيَنْتَقِضُ الْقَسْمُ أَيْضًا بِتَزْوِيجِ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْوَلَدِ وَيَنْتَقِضُ بِرُجُوعِهَا إِذَا قَامَتْ وَمَا نَابَهَا مَعَ وَلَدِ الْوَلَدِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْمُحْبِسِ لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ بِمَوْتِهَا فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرَ الْمُحْبِسِ فَنَصِيبُهَا لَهُ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ إِلَّا بِمَوْتِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ وَكَذَلِكَ إِنْ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ وَلَا وَلَدَ لَهَا إِلَّا وَلَدُ الْأَعْيَانِ أَخَذُوا نَصِيبَهَا الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ وَلَا حَقَّ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُث الْوَلَد وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ أُجْبِرَ حَسْبَمَا قَالَهُ الْمَيِّتُ أَنْ لَوْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقْطَعَ بِالثُّلُثِ شَائِعًا بَلْ يُجْمَعُ ثُلُثُهُ فِي الدَّارِ كَالْعِتْقِ إِذَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْعَبْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا حَبَسَ دَارَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُمْ مَعَهُمْ وَلَا بعدهمْ فَلَيْسَ بِحَبْس وَلَهُم بَيْعه وَكَذَلِكَ عَلَى وُلْدِي وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُمْ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِيرَاثٌ فَيَصِيرُ مِيرَاثُ الْآخَرِ أَكْثَرَ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى الْمُعَيَّنِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ وَيَصِيرُ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ التُّونِسِيُّ إِذَا لَمْ يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَمَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ عَمِلَ بِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ وَصَّى لوَارث وَغَيره وَثمّ وَرَثَة آخَرُونَ فيتعاصون وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرَ الْمُوصَى لَهُمْ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُمْ مِنَ الدَّارِ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَيَكُونُ حَبْسًا أَوْ تَسْقُطُ وَصِيَّتُهُمْ وَهُوَ كَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُ الْوَارِثِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَسْمِ الدَّارِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ فَقِيلَ عَلَى الْعَدَدِ وَقِيلَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْفَقْرِ عَلَى الْخِلَافِ إِذَا نَصَّ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ سُوِّيَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَشْهَبَ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ يَمْتَنِعُ وَقْفُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ شُرَيْحٍ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ صَدَقَتِهِ بِخَيْبَرَ وَلِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَ بِئْرًا وَقَالَ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِالْوَقْفِ الْعَامِّ فَكَذَلِكَ الْخَاصُّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ أَكْلَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِحَقِّ الْقِيَامِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ وَقْفٌ عَامٌّ فَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعُمُومِ مَا لَا يدْخل فِي الْخُصُوص لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِالصَّدَقَةِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ لَنَا أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يُسْمَعْ عَنْهُمْ ذَلِكَ وَلِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنَافِعَ بِسَبَبٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مِلْكِهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ كَمَنْ مَلَكَ بِالْهِبَةِ لَا يَمْلِكُ بِالْعَارِيَّةِ أَوِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَكَذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْلِيكِ نَفْسِهِ بِالْوَقْفِ وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يعْتق عَبده وَيشْتَرط عَلَيْهِ خدمته حَيَاته وبالقياس عَلَى هِبَتِهِ لِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فَإِنْ حَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ صَحَّ وَدَخَلَ مَعَهُمْ وَإِلَّا بَطَلَ لِأَنَّهُ مَعَهُمْ تَبَعٌ بِخِلَافِ الِاسْتِقْلَالِ.
فَرْعٌ:
قَالَ مَتَى كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قُرْبَةٍ صَحَّ أَوْ مَعْصِيَةٍ بَطَلَ كَالْبَيْعِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغي} وَقَالَهُ (ش) وَأَحْمَدُ فَإِنْ عَرَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا ظَهرت الْقُرْبَةِ صَحَّ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ فِي الْمُبَاحِ مُبَاحٌ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ الْوَقْفَ بَابٌ مَعْرُوفٌ فَلَا يُعْمَلُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى لَوْ حَبَسَ ذِمِّيٌّ دَارَهُ عَلَى مَسْجِدٍ نَفَذَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ذِمِّيَّةٍ بَعَثَتْ بِذَهَبٍ للكعبة ترد إِلَيْهَا وَإِنَّمَا يُصْرَفُ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ أَطْيَبُ الْأَمْوَالِ وَأَمْوَالُ الْكُفْرِ يَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ عَنْهَا الْمَسَاجِدُ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفًا حَمَلَ عَلَى الْمَقْصُودِ بِأَحْبَاسِ تِلْكَ الْجِهَةِ وَوَجْهِ الْحَاجَةِ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْفُقَرَاءِ قِيلَ لَهُ أَنَّهَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ قَالَ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ.