فصل: الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُسْتَعَارُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كِتَابٌ الْعَارِيَةِ:

وَفِيهَا مُقَدِّمَةُ وَبَابَانِ.

.الْمُقَدِّمَةُ فِي لَفظهَا:

الْعَرَب وضعَتْ لِأَنْوَاعِ الْإِرْفَاقِ أَسْمَاءً مُخْتَلِفَةً فَالْعَارِيَةُ لِتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِعِوَضٍ هُوَ الْإِجَارَةُ وَالرُّقْبَى إِعْطَاءُ الْمَنْفَعَةِ لِمُدَّةٍ أَقْصَرُهُمَا عُمْرًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْقُبُ صَاحِبَهُ وَالْعُمْرَى تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ عُمْرِهِ وَالْعُمْرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا الْبَقَاءُ فهما أخص من الْعَارِية والإفقار عرية الظَّهْرِ لِلرُّكُوبِ مَأْخُوذٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ وَهِيَ عِظَامُ سِلْسِلَتِهِ وَالْإِسْكَانُ هِبَةُ مَنَافِعِ الدَّارِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ هَذِهِ أَسْمَاءُ الْإِرْفَاقِ بِالْمَنَافِعِ وَفِي الْأَعْيَانِ الْهِبَةُ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ لِوِدَادٍ فِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ احْتِرَازًا مِنَ الْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةُ تَمْلِيكُهَا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَالْمِنْحَةُ هِبَةُ لَبَنِ الشَّاةِ وَالْعَرِيَّةُ هِبَةُ ثَمَر النّخل وَالْوَصِيَّة تمْلِيك بعد الْمَوْت وَالْعَطَاءُ يَعُمُّ جَمِيعَ ذَلِكَ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ.

.الباب الأول فِي أَرْكَانهَا:

وَهِي أَرْبَعَة:

.الرُّكْن الْأَوَّلُ الْمُعِيرُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا كَوْنُهُ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَبَرُّعٌ فَتَصِحُّ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يُعِيرُ الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

.الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُسْتَعِيرُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِلَّا كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ.

.الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُسْتَعَارُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَهُ شَرْطَانِ:

.الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ بَقَائِهِ:

فَلَا مَعْنَى لِإِعَارَةِ الْأَطْعِمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ بَلْ ذَلِكَ قَرْضٌ لَا يَرُدُّهَا إِلَّا بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهَا وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِن أعارها لصيرفي ليقصده لزبون أَو لمدبان لتقف عَنْهُ الْمَطَالِبُ فَتُظَنَّ بِهِ الْمَالِيَّةُ يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا أَوْ رَدِّهَا وان استعارها ليتصرف فِيهَا ضمنهَا بالقرض لِأَنَّهَا قرض الا أَن يَقُول أتجر فِيهَا وَلَكَ الرِّبْحُ وَلَا خَسَارَةَ عَلَيْكَ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَفَاءً بِالشَّرْطِ إِذَا ادَّعَى الْخَسَارَةَ فِيمَا يُشْبِهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ إِلَّا أَنْ تَقُولَ وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ فِي الضَّيَاعِ أَوْ يَقُولَ هِيَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ الْخَسَارَةَ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ فِي عَارِيَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي الْكِتَابِ مَنِ اسْتَعَارَ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا فَهُوَ سَلَفٌ مَضْمُونٌ وَمَنْ حَبَسَ عَلَيْكَ مِائَةَ دِينَارٍ لِتَتَّجِرَ بِهَا أَمَدًا مَعْلُوما ضَمِنْتَ نَقْصَهَا كَالسَّلَفِ وَإِنْ شِئْتَ قَبِلْتَهَا أَوْ رَدَدْتَهَا فَتِرْجِعُ مِيرَاثًا.

.الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً شَرْعًا:

فَلَا تُعَارُ الْجَوَارِي لِلِاسْتِمْتَاعِ وَيُكْرَهُ اسْتِخْدَامُ الْإِمَاءِ إِلَّا مِنَ الْمَحْرَمِ أَوِ النِّسْوَانِ أَوْ غَيْرِ الْبَالِغِ الْإِصَابَةِ مِنَ الصِّبْيَانِ وَيَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ بِالْعَارِيَةِ بَلْ تَكُونُ مَنَافِعُهُمَا لَهُمَا حِينَئِذٍ دُونَ وَلَدِهِمَا وَلَا يُعَارُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ صَحَّ مِلْكُهُ مِنَ الْأَقَارِبِ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَمَنَافِعُهُ لَهُ دُونَ مَنْ وُهِبَتْ لَهُ وَتَجُوزُ عَارِيَةُ الْأَمَةِ لِمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْقَرَابَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْمَأْمُونِ الْمُتَأَهِّلِ فَإِنْ فَقَدَتِ الْأَمَانَةَ أَوِ التَّأَهُّلَ امْتَنَعَ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا مَحْرَمٌ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَبِيعَتِ الْخِدْمَةُ مِنْ مَأْمُونٍ أَوِ امْرَأَةٍ إِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمُعِيرُ عَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَمَتَهُ تُسَلِّمُ لِغَيْرِهِ لَمْ يُعِرْهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا.

.الرُّكْنُ الرَّابِعُ: مَا تَقَعُ بِهِ الْعَارِيَةُ:

مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى نَقْلِ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَثَمَّ هِبَاتٌ مُتَقَارِبَةُ اللَّفْظِ مُخْتَلِفَةُ الْمَعْنَى حُمِلَ بَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَبَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنَافِعِ فَيحمل قَوْله أسكنتك وأخدمتك وأعمرتك على مَنَافِع الْمَخْدَمِ وَالْمَسْكَنِ وَيُحْمَلُ كَسَوْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ وَحَمَلْتُكَ عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ أَوِ الْفَرَسِ عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا قَالَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ يَوْمًا وَأُعِينُكَ بِغُلَامِي يَوْمًا لَيْسَ بِعَارِيَةٍ بَلْ إِجَارَةٌ وَأَحَدُ الْعَمَلَيْنِ أُجْرَةُ الْآخَرِ وَاغْسِلْ هَذَا الثَّوْبَ اسْتِعَارَةً لِبَدَنِهِ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْأُجْرَةَ فِي عمله اسْتحقَّهَا.

.الباب الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا:

وَهِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر} وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاس} كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيمْنَعُونَ الماعون} إنَّهُ مَاعُونُ الْبَيْتِ وَقِيلَ الزَّكَاةُ لِقَرِينَةِ الذَّمِّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَتُحَرَّمُ إِذَا كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي مُحَرَّمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْم والعدوان} فَلَا تُعَارُ الدَّابَّةُ لِمَنْ يَرْكَبُهَا لِضَرَرِ مُسْلِمٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الْعَارِيَّةُ وَالرَّهْنُ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ سَوَاءٌ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ فَقَوْلَانِ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْهَلَاكُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ ضَمِنَ مَا يَخْفَى كَالثِّيَابِ اتِّفَاقًا وَفِيمَا لَا يَخْفَى كَالْحَيَوَانِ قَوْلَانِ وَضَمَّنَ (ش) مُطْلَقًا وَعَكَسَ (ح) مُطْلَقًا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى خُلُوصِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ فَيُضَمَّنُ أَوْ إِلَى أَنَّهَا قَبْضٌ بِإِذْنِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَلَا يَضْمَنُ أَوْ مُلَاحَظَةُ شَبَهِ الْأَصْلَيْنِ احْتَجَّ (ش) بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَالَ قَالَ لي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ هَلْ لَكَ مِنْ سِلَاحٍ أَو أدرع فِي غَزْوَةِ حُنَيْنَ فَقُلْتُ أَغَصْبًا يَا رَسُولَ الله أم عَارِية فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل عَارِية مَضْمُونَة مؤاداة وَلقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ وَاسْتَعَارَ بعض نِسَائِهِ قَصْعَة فغرمها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ قَبَضَ لِيَنْتَفِعَ مِنْ غَيْرِ إِذَنٍ فِي إِتْلَافٍ فَيَضْمَنُ كَالْغَصْبِ وَالسَّوْمِ وَالْقَرْضِ وَقَبْضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلِأَنَّ كُلَّ قَبْضٍ لَوْ كَانَ مِنَ الْغَاصِبِ أَوْجَبَ الضَّمَانَ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْمَالِكِ يُوجِبُهُ لَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَظُنُّهُ مَالِكًا وَالْمُسْتَامَ مِنَ الْمَالِكِ يَضْمَنَانِ وَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَاصِبِ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَوْدِعِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لَا يَضْمَنُونَ مِنَ الْمَالِكِ وَإِنْ ضَمَّنَهُمُ الْمَالِكُ إِذَا قَبَضُوا مِنَ الْغَاصِبِ رَجَعُوا عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِهَاتِ ضَمَانٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ وَهَذِهِ النُّكْتَةُ قَوِيَّةٌ جِدًّا تَقْضِي عَلَى مَدَارِكِ عَدَمِ الضَّمَانِ وَلِأَنَّ الْيَدَ إِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ ضَمِنَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كالغاضب أولى فَلَا يَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ رُوِيَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ أَمْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَقَالَ بَلْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ فَنَفَى عَنْهَا الضَّمَانَ وَتَحْتَمِلُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ أَنْ تَكُونَ الْتِزَامًا لِلضَّمَانِ لَا إِخْبَارًا عَنْهُ فَلَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ لأهل مَكَّة وعارية لمالا يَمْلِكُ يَضْمَنُ أَوْ مَعْنَاهُ مَضْمُونَةُ الرَّدِّ احْتِرَازًا مِنَ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ رَدَّهُ وَيُحْمَلُ قَوْله مُؤَدَّاة على نفس الدّفع ومضمونة على حمل مؤونة الرَّدِّ مِنَ الْأُجْرَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا تُلْغَى إِحْدَى الْعِبَارَتَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ فَقَدْتُ بَعْضَ أَدْرَاعِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ شِئْتَ ضَمِنَّاهَا لَكَ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ صِفَةً لِلْعَارِيَّةِ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ وَتَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ مَضْمُونَةٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهَا أَوْ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إِذَا ثَبَتَ أَوْ مَضْمُونَةٌ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِذَلِكَ قَالَ أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ.
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ عَلَى الْيَد يحْتَمل ضَمَان التّلف وَضَمان الرَّد وَالثَّانِي مُتَّفق عَلَيْهِ فَيحمل عَلَيْهِ لِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِ الشَّرْعِ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ ضَمَانَ التَّلَفِ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ الثَّابِتُ فِي جَمِيع الضَّرَر فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَكْثِيرًا لِفَوَائِدِ كَلَامِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي تُؤَدِّيهِ عَائِدٌ عَلَى الْعَيْنِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ.
وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا طَعَامٌ فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهَا فَانْكَسَرَتْ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عِنْدَنَا وَقِيلَ أَهْدَتْهَا إِلَيْهِ بعض أَزوَاجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَلَذَّ الطَّعَامَ فَغَارَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَكَسَرَتْهَا عَمْدًا أَوْ يَكُونُ غُرْمُهَا حُسْنَ عِشْرَةٍ.
وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْأَجْزَاءَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مَضْمُونَةٌ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبَ عُدْوَانٌ وَبَقِيَّةَ الصُّوَرِ تَعْوِيضٌ بِخِلَافِهَا.
وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّا لَا نُضْمِنُ الْمُسْتَعِيرَ مِنَ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَوْهِبِ وَالْمُشْتَرِي إِذا لَمْ يَعْلَمُوا وَهَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ وَإِنْ تَلَفَ بِفِعْلِهِمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى الْغَاصِبِ إِنْ كَانَ مَلِيئًا أَوْ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ إِنَّمَا يُلْزِمُ هَذَا الْحَنَفِيَّةُ لِأَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَهُ ثُمَّ هِيَ مَنْقُوضَةٌ بِالْأَجْزَاءِ لِلْمُسْتَعِيرِ مِنَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهَا وَمِنَ الْمَالِكِ لَا يَضْمَنُهَا ثُمَّ يُضْمِنُونَ الْمُسْتَوْدِعَ مِنَ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ.
وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ الْيَدَ يَدُ أَمَانَةٍ مِنْ جِهَةِ الْإِذْنِ وَعَدَمِ الْعِوَضِ وَيَدُ ضَمَانٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَبْضٌ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَفَارَقَ الْغَاصِبَ بِالْإِذْنِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِد والمستام بِالْعِوَضِ والوديعة بِأَنَّهُ ينْتَفع فقوبت شَائِبَة الضَّمَان فِيمَا يُغَاب عَلَيْهِ بالتهمة فضناه وشائبة الْأَمَانَة بِظهْر الْعَيْنِ فَلَمْ نُضَمِّنْهُ فَالضَّمَانُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَجْمُوعَيْنِ لَا بِالْيَدِ مِنْ حَيْثُ هِيَ يَدٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْيَدِ غير مضمنة أَلا يضمن وَعنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ على الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ يَعْنِي الْمُعْتَدِيَ مِنَ الْغُلُولِ لِأَنَّهُ يُقَالُ غَلَّ وَأَغَلَّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ وَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَقِيَاسًا لِلْجُمْلَةِ عَلَى الْأَجْزَاءِ بِجَامِعِ الْإِذْنِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنِ ادَّعَى الْهَلَاكَ أَوِ السَّرِقَةَ أَوِ الْحَرْقَ أَوِ الْكَسْرَ ضَمِنَ وَعَلِيهِ فِيمَا أفسد فَسَادًا يَسِيرًا مَا نَقَصَهُ أَوْ كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَته كُله لِأَن الْأَقَل تبع للكثير إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةُ أَنَّ هَلَاكَهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَانَ لِلتُّهْمَةِ وَمَتَى فَرَّطَ ضَمِنَ فَإِنِ اسْتَعَارَهَا بِلِجَامِهَا وَسَرْجِهَا فَقَالَ ضَاعَت بعدتهما قَالَ مُحَمَّد ضمن السرج واللجام دونهَا لِأَنَّهَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنِ اسْتَعَارَ بَازِيًا لِلصَّيْدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ سُرِقَ أَوْ طَارَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ فَإِنِ اشْتَرَطَ الضَّمَانَ فِي الدَّابَّةِ بَطَلَ الشَّرْطُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَقْدِ فِي الْحَيَوَانِ إِلَّا أَنْ يَخَاف رَبُّهَا مِنْ لُصُوصٍ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ فَيَضْمَنُ إِنْ هَلَكَتْ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ أَصْبَغُ مُطْلَقًا.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَوَارِيُّ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يُبَانُ بِهِ كَالدِّيَارِ وَمَا يُبَانُ بِهِ وَلَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالسُّفُنِ فَغَيْرُ مَضْمُونَيْنِ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَهَلْ يَضْمَنُ خِلَافٌ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْخَامِسُ الْمُكَيَّلُ وَالْمَوْزُونُ فَهُمَا مَضْمُونَانِ فَإِنْ سَقَطَتِ الدَّارُ أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ لَيْسَ مَنْ فِعْلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي النَّقْضِ بَعْدَ سُقُوطِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الضَّمَانِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَدِمْ بِنَفْسِهِ لِجِدَّتِهِ وَلَا مَطَر وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا يَقْتَضِي الْهَدْمَ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْهَدِمْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِ أَبْوَاب الْبيُوت واغلاقها بِخِلَافِ بَابِ الدَّارِ وَحَلْقِهِ لِأَنَّهُ يَنَامُ دَاخِلَهَا وَيَجْهَلُ مَا حَدَثَ وَيُصَدَّقُ فِي غَرَقِ السَّفِينَةِ وَسَرِقَتِهَا وَأَخْذِ الْعَدُوِّ إِيَّاهَا فِيمَا دُونَ آلَاتِهَا مِنَ الْمَرَاسِي وَالْقُلُوعِ وَنَحْوِهَا إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ صدقه أَو كذبه وَالْمَشْهُورُ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ عَدَمُ الضَّمَانِ لِاسْتِقْلَالِهَا وَعَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ بِهَا وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا صَغُرَ لِخَفَائِهِ إِذَا غِيبَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ وَيَضْمَنُ سَرْجَهَا وَلِجَامَهَا وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدَ وَلَا كِسْوَتَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ حَائِزٌ لِمَا عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي مَوْتِهِ وَفِي تَكْفِينِهِ فِي الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي زِيَادَةٍ يَرْجِعُ بِهَا وَلَا فِي مَوْتِ الدَّابَّةِ أَوِ الْعَبْدِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَخْفَى ذَلِكَ فِيهِ بِخِلَافِ هُرُوبِهِمَا إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ بِحَضْرَةٍ بَيِّنَةٍ فَتُكَذِّبُهُ وَهُمْ عُدُولٌ لِتُبَيِّنَ كَذِبَهُ أَوْ غَيْرُ عُدُولٍ لَمْ يَضْمَنْ وَيَحْلِفُ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ وَأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ وَيغرم وعَلى أحد قولي مَالك أَنه لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ إِذَا شَهِدَ فِيمَا هُوَ غَائِبٌ عَنْهُ يَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ مِنْ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إِذَا شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ فِي الثِّيَاب وَنَحْوهَا لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَعْطَى لَكَ مَالًا وَيَكُونُ لَكَ رِبْحُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ يَسْقُطُ شَرطه بسقط الشَّرْط هَهُنَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَرْطُهُ سَاقِطٌ فِي الدَّابَّةِ وَلَا يَضْمَنُ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ وَرَآهَا إِجَارَةً فَاسِدَةً وَعَلَى هَذَا تُرَدُّ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَيَجْرِي فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ يُخَيَّرُ الْمُسْتَعِيرُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ إِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَإِلَّا رُدَّتْ فَإِنْ فَاتَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَى إِجَارَةٍ وَإِنَّمَا وَهَبَ الْمَنَافِعَ وَقَوْلٌ رَابِع صِحَة الشَّرْط الا أَنَّ أَحَدَ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَقَدْ دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا أَحْضَرَ الثَّوْبَ بَالِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَلَّا يُحْسِنَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلَّا عَنْ سَرَفٍ فِي اللِّبَاسِ فَيُغَرَّمُ الزَّائِدَ عَلَى الْمُعْتَادِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ هَذَا الْمُسْتَعِيرِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ الْخِرَقَ وَالْحَرْقَ وَالسُّوسَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تكون على الْغَفْلَةِ وَإِذَا اسْتَعَارَ السَّيْفَ لِلْقِتَالِ فَأَتَى بِهِ وَقَدِ انْقَطَعَ ضَمِنَهُ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَضَمَّهُ سَحْنُونٌ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِمَّا اسْتَعَارَهُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْفَأْسُ وَالْعَجَلَةُ وَيُصَدَّقُ فِي الرَّحَى إِذَا حَفِيَتِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ شَأْنُ الطَّحْنِ قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ ضَمَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْفَأْسِ وَالسَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَلَمْ يُضَمِّنْهُ أَصْبَغُ إِذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا بَاعَ رِدَاءَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَذْهَبُ لِلْبَيْتِ آخُذُ عَلَيَّ شَيْئًا وَآتِيكَ بِالرِّدَاءِ مُصِيبَتُهُ مِنَ الْمُشْتَرِي.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ قَالَ مُطَرِّفٌ إِذَا رَدَّ الدَّابَّةَ مَعَ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ جَارِهِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ النَّاسِ وَقَالَهُ (ح) وَيُصَدَّقُ الرَّسُولُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ سُرِقَتْ كَانَ مَأْمُونًا أَمْ لَا.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ إِلَّا حَيْثُ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إِذَا تَلِفَتِ الْعَارِيَّةُ تَحْتَ يَدِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا حَيْثُ شَاءَ فَرَكِبَهَا إِلَى الشَّامِ أَوْ إفريقية لَا يضمن ان كَانَ وَجه عَارِيَّتَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَسْفَارِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ شَأْنُ النَّاسِ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ رُكُوبًا حُمِلَتْ عَارِيَّتُهُ عَلَى الْبَلَدِ حَتَّى يُذْكَرَ غَيْرُهُ وَإِلَّا حُمِلَتْ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَا يَبْعُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةَ الْمُسْتَعِيرِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَمَّا رَجَعْتَ زَعَمَ أَنَّهُ أَعَارَكَ إِلَى دُونِ مَا رَكِبْتَهَا أَوْ بَلَدٍ آخَرَ صَدَقْتَ مَعَ يَمِينِكَ إِنِ ادَّعَيْتَ مَا يُشْبِهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدِّي وَعَلَيْكَ كِرَاءُ فَضْلِ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُكُمَا فِي الْحَمْلِ وَإِنِ اسْتَعَرْتَ مَهْرًا فَحَمَلْتَ عَلَيْهِ بِزًّا لَمْ تُصَدَّقْ لِأَنَّ الْعَادَةَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ الْبَعِيرِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ يُصَدَّقُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِذَا صَدَقَ فِي أَصْلِ الْمَنْفَعَةِ فَعَوَّضَهَا أَوْلَى وَإِلَّا تَنَاقَضَتِ الْأَحْكَام وَالْفرق بَين هَذِه وَبَين مسئلة ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّسُولِ يَكْذِبُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْمَسَافَةِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ إِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَدَّعِي الْكَذِبَ من رب الدَّابَّة لعدم عمله بِمَا قَالَهُ الرَّسُولُ وَهُنَا أَنْتُمَا مُتَدَاعِيَانِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْكَ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ سَقَطَ ضَمَانُكَ وَضَمِنَ الرَّسُولُ لِتَعَدِّيهِ وَإِن أقرّ الرَّسُول بِالتَّعَدِّي وَلَا بَيِّنَة لَهُ على عقده مَعَ الرَّسُول فههنا يغرم الرَّسُول التَّعَدِّي فَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا رَجَعَ عَلَيْكَ وَتَرْجِعُ أَنْتَ عَلَى الرَّسُولِ لِإِقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي وَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِالتَّعَدِّي وَضَمِنْتَ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ عَاقَدَ الرَّسُولَ عَلَى مَا ذَكَرَ إِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُعِيرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَدَّقُ الْمُعِيرُ قَبْلَ الرُّكُوبِ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَصْلِ المسئلة لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَقِيلَ إِذَا هَلَكَتِ الدَّابَّة بعد يَوْمَيْنِ فَقَالَت أَعَرْتُ يَوْمًا وَقُلْت يَوْمَيْنِ حَلَفْتُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ كليكما مُدع على صَاحبه الْإِذْنَ وَهُوَ الْغُرْمُ وَيَلْزَمُكَ كِرَاءُ الْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُكَ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِذَا اسْتَعَرْتَ بِرَسُولٍ إِلَى بُرْقَةٍ فَقَالَ الْمُعِيرُ بَعْدَ رُكُوبِكَ إِنَّمَا اعرت إِلَى فلسطين يمْتَنع شَهَادَةُ الرَّسُولِ لَكَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَتَحْلِفُ أَنْتَ وَلَا تَضْمَنُ وَيَحْلِفُ هُوَ وَله مَا بَين الكرائين لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ فِي مَنَافِعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الرَّسُولُ إِلَى فِلَسْطِينَ فَعَطِبَتْ مَعَكَ فِي بُرْقَةٍ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي إِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِالْكَذِبِ ضَمِنَهَا وَإِنْ قَالَ بَلْ أَمَرْتَنِي وَأَكْذَبْتَهُ لَا يُشْهِدُ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ خَصْمٌ وَتَحْلِفُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْكَ وَفِي كتاب مُحَمَّد يضمن الا أَن يثبت أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِبُرْقَةٍ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ قَالَ أَشْهَبُ إِنْ شَهِدْتُ لَكَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ لَهُ إِلَى فِلَسْطِينَ فَلَهُ فَضْلُ الْكِرَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَلَا ضَمَان عَلَيْك وتحلف لِأَنَّك تَقول إِذا دَخَلْتُ عَلَى بُرْقَةٍ فَلَمْ أَتَعَدَّ وَإِذَا أَقَرَّ بِالْمُخَالَفَةِ ضَمِنَ الدَّابَّةَ دُونَكَ إِنْ كَانَتْ مَسَافَةَ بُرْقَةٍ أَشَدَّ فِي التَّعَبِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك لِأَنَّ لَكَ الذَّهَابَ بِهَا إِلَى مِثْلِ مَا اسْتَعَرْتَ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ادَّعَيْتَ الْعَارِيَّةَ وَادَّعَى الْكِرَاءَ صَدَقَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّبَرُّعِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ لَا يُكْرِي قَالَ أَشْهَبُ إِذَا اخْتَلَفْتُمَا فِي الْحَمْلِ صَدَقْتَ فِيمَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا اخْتلفَا فِي النَّاحِيَةِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الرُّكُوبِ لِمَا قَالَهُ الْمُعِيرُ أَوْ يَنْزِلُ إِلَّا أَنْ يَخْشَى رَوَاحَهُ إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْلَمُ لَهُ شَيْء قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذْ اسْتَعَارَ الْعَبْدُ أَوِ الْحُرُّ حُلِيًّا لِأَهْلِهِ فَهَلَكَ وَجَحَدَ أَهْلُهُ إِرْسَالَهُ وَقَدْ هَلَكَ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ حَلَفُوا مَا أَرْسَلُوهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِرْسَالِهِمْ وَحَلَفَ الرَّسُولُ إِذَا كَانَ حُرًّا لَقَدْ بَعَثُوهُ وَبَرُّوا بِتَصْدِيقِ الْمُعْطِي لِلرَّسُولِ وَإِنْ صَدَّقُوهُ ضَمِنُوا دُونَهُ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِالتَّعَدِّي وَهُوَ حُرٌّ ضَمِنَ أَوْ عَبْدٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ إِذَا أَفَادَ مَالًا وَلَا تَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ لِإِذْنِ الْمُعْطِي فَلَا جِنَايَةَ حِينَئِذٍ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ بِإِيصَالِهِ لَهُمْ لَمْ يَضْمَنُوا وَلَا هُوَ وَيَحْلِفُوا وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ أَرْسَلَنِي سَيِّدِي وَسَلَّمْتُ إِلَيْهِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَيَّلُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ غُرِّمَ لِإِقْرَارِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لخديعته الْقَوْم وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْحُرِّ إنَّهُ ضَامِنٌ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ الرَّسُولُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ أَوْ سَدِيدَ الْحَال يحلف وَيُبَرَّأُ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَالَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ خَيْرٍ حَلَفُوا وَغُرِّمَ الرَّسُولُ إِنْ كَانَ مِنْ سَبَبِهِمْ وَمُتَصَرِّفًا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُونَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَعَارَهَا لِلْحِنْطَةِ فَحَمَلَ الْحِجَارَةَ فَكُلُّ مَا حَمَلَ وَهُوَ أَضَرُّ بِهَا مِنْهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ أَوْ مِثْلُهُ فِي الضَّرَرِ لَمْ يَضْمَنْ كَعَدَسٍ مَكَانَ حِنْطَةٍ وَلَوْ رَكِبَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ وَهُوَ أَضَرُّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا أَو لركوب فَأرْدف من تعطب بِمِثْلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ كِرَاءِ الرَّدِيفِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إِذا أَخذ أُجْرَة الْمَنْفَعَة لَا يَأْخُذ الثّمن للرقبة لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوِّضِ أَوْ يُضْمِنُهُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ يَوْمَ الْإِرْدَافِ لِأَنَّهُ يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ إِذَا تَجَاوَزَ الْمَسَافَةَ فَعَطِبَتْ خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ كِرَاءِ التَّعَدِّي فَقَطْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يلْزم الرديف شَيْء وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُعْدَمًا لِأَنَّهُ رَكِبَ بِإِذْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَارِيَّةِ وَذَلِكَ شُبْهَةٌ قِيلَ هَذَا خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ كَالْغَاصِبِ يَهَبُ سِلْعَةً فَتَهْلِكُ فَيُغَرَّمُ الْمَوْهُوبُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ وَهَذَا لَمْ يَعْلَمْ انها مستعارة وَإِلَّا فَهُوَ كالمستعير تضمن ايها شِئْتَ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّعَدِّي قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يُرَاعِ كَوْنَ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَجَاوَزَ إِلَيْهَا يَعْطِبُ فِي مِثْلِهَا أَمْ لَا كَمَا فِي الزِّيَادَةِ بَلْ ضَمِنَهُ مُطْلَقًا وَهُمَا سَوَاءٌ وَيَضْمَنُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ وَقَعَ الْهَلَاك فِيهِ بالمأذن وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَسَافَةِ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَقَطْ يُشْكِلُ هَذَا لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ أَذِنَ فِي ضَرْبِ عَبْدِهِ عَشْرَةً فَضَرَبَهُ أَحَدَ عَشَرَ يَضْمَنُ إِنْ خَافَ أَنَّ الزَّائِدَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ قَالَ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا تَجَاوَزَ الْمَسَافَةَ نَحْوَ مَيْلٍ ثُمَّ رَجَعَ لِيَرُدَّهَا لِرَبِّهَا فَعَطِبَتْ فِي مَوْضِعِ الْإِذْنِ ضَمِنَ لِتَقَدُّمِ التَّعَدِّي الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى مِثْلِ مَنَازِلِ النَّاسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضْمَنُ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْوَدِيعَةِ تُرَدُّ بَعْدَ السَّلَفِ ثُمَّ تُسْرَقُ فَكَذَلِك ردهَا لموْضِع الاذن
صفحة البداية الفهرس << السابق 82  من  436 التالى >> إخفاء التشكيل