فصل: السَّبَبُ الْأَوَّلُ الصِّبَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.كتاب الْحجر:

وَالْحَجْرُ الْمَنْعُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورا} أَيْ تَحْرِيمًا مُحَرَّمًا وَمِنْهُ: حُجْرَةُ الدَّارِ لِمَنْعِهَا مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا وَيُسَمَّى الحِجر عَقلاً لِمَنْعِهِ صَاحِبَهُ مِنَ الرَّذَائِلِ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ.

.وأسبابُه ثَمَانِيَةٌ:

الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالتَّبْذِيرُ وَالرِّقُّ والفلَس وَالْمَرَضُ وَالنِّكَاحُ وَالرِّدَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَرَضِ فِي الْوَصَايَا والتفليس وَهَا هُنَا الْكَلَامُ عَلَى سَبَبِهِ:

.السَّبَبُ الْأَوَّلُ الصِّبَا:

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم} فَشَرَطَ الرُّشْدَ مَعَ الْبُلُوغِ وَفِي الْكِتَابِ: لَا يخرُجُ المُولى عَلَيْهِ بِأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ وَإِنْ حَاضَتِ الْجَارِيَةُ وَتَزَوَّجَتْ وَاحْتَلَمَ الْغُلَامُ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِالرُّشْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ البغدادين: لَا يَزُولُ حَجْرُ الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَبْلُغَ وَتَتَزَوَّجَ ويَدخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَتَكُونَ مُصلحةً لِمَالِهَا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ: يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ لِعُمُومِ الْآيَةِ لَنَا: أَنَّ مَقْصُودَ الرُّشْدِ مَعْرِفَةُ الْمَصَالِحِ وَقِيلَ اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ الْجَهْلُ وَالنَّقْصُ فِي الْمَعْرِفَةِ حَاصِلَيْنِ وَعَنْ شُريح قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ لَا أُجِيزَ لِلْجَارِيَةِ عَطِيَّةً حَتَّى تُحَوَّلَ فِي بَيت زَوجهَا وتلد ولدا وَلِأَن الْإِجْبَار للْأَب باقِ وَهُوَ حِجر فَيَعُمُّ الْحَجْرُ وَمَنَعُوا صِحَّةَ الْأَوَّلِ وَفَرَّقُوا فِي الثَّانِي بِأَنَّ مَصْلَحَةَ النِّكَاحِ إِنَّمَا تُعْلَمُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ وَمُبَاشَرَةُ الْبَيْعِ والمعاملة غير مُتَعَذر وَمَنَعْنَا نَحْنُ التَّمَسُّكَ بِالْآيَةِ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} مَعْنَاهُ إِصْلَاحُ الْمَالِ إِجْمَاعًا وَنَحْنُ نَمْنَعُ تَحَقُّقَهُ قَبْلَ الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا الْجَارِيَةُ وَالْغُلَامُ اللَّذَانِ لَا وصيَّ لَهُمَا وَلَا جَعَلَهُمَا الْقَاضِي تَحْتَ وَلَايَةِ غَيْرِهِمَا فَبَلَغَا لَا يَخْرُجَانِ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِالرُّشْدِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ طَرْدًا لِلْعِلَّةِ تَقَدَّمَ الْحَجْرُ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: أفعالُهما نَافِذَةٌ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الحِجر وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ الرُّشْدِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: اخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الِابْتِلَاءِ لِمَنْ كَانَ فِي وَلَاءٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالِاخْتِبَارُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَعِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ: وَغَيْرِهِ يَصِحُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} فَجَعَلَ الْبُلُوغَ غَايَةً لِلِابْتِلَاءِ وَبَعْدَهُ وَعَقَّبَ الْبُلُوغَ بِالرَّفْع بِصِيغَة الْفَا وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ حَنْبَلٍ: يُخْتَبَرُ أَوْلَادُ التُّجَّارِ بتعريضهم للْبيع وَأَوْلَاد الكبراء بِدفع نَفَقَة مُدَّة وَالْمَرْأَةُ بِالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الْكَتَّانِ وَفِي كُلِّ أَحَدٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَمَا يَنْبَغِي مُخَالَفَتُهُمْ فِي هَذَا وَاخْتُلِفَ فِي اخْتِبَارِهِ بِمَالِهِ: فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ الْمَنْعُ لِقَوْلِهِ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ لَمْ يَلْحَقْ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لوليِّه إِذَا قَارَبَ الْبُلُوغَ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ يَخْتَبِرُهُ بِهِ إِذَا رَأَى دَلِيلَ الرُّشْدِ فَمَنْ جَعَلَ ذَلِكَ لِوَلِيِّهِ اكْتَفَى بِعِلْمِهِ وَمَنْ جَعَلَهُ لِلْحَاكِمِ لَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِ وَلِيِّهِ دُونَ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ حُكْمِيٌّ وَاخْتُلِفَ فِي الشَّهَادَةِ فَقِيلَ: يَكْفِي شَاهِدَانِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا بُدَّ فِي الذكَر والأُنثى مِنَ الِاشْتِهَارِ مَعَ الشَّهَادَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ صَوَابٌ فِي الذَّكَرِ لتيسُّر الِاشْتِهَارِ فِي حَقِّهِ والأُنثى لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا الْقَلِيل وَاخْتلف فِي الرشد فِي الْكِتَابِ: إِصْلَاحُ الْمَالِ وَصَوْنُهُ عَنِ الْمَعَاصِي قَالَهُ أَشْهَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ سَفَهُ الدِّين وَقَالَ (ش): لَا بُدَّ فِي الرُّشْدِ مِنْ إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين مَعًا وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَخَالَفَهُ (ح) وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّ مَنْ ضَعُفَ حَزْمُهُ عَنْ دِينه الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ مَالِهِ لَا يُوثَقُ بِهِ فِي مَالِهِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ وَازِعَ الْمَالِ طَبِيعِيٌّ وَوَازِعُ الدِّين شَرْعِيٌّ وَالطَّبِيعِيُّ أَقْوَى بِدَلِيلِ قَبُولِ إِقْرَارِ الْفَاسِقِ الْفَاجِرِ لِأَنَّ وازعَه طَبِيعِيٌّ وردِّ شَهَادَتِهِ لِأَنَّ الْوَازِعَ فِيهَا شَرْعِيٌّ فَاشْتُرِطَتِ الْعَدَالَةُ فِيهَا دُونَ الْإِقْرَارِ تَمَسَّكُوا بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} نكرةٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ فَيَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي إِصْلَاحِ الْمَالِ والدِّين وَأَنَّهُ إِذَا أَصْلَحَهُمَا كَانَ رَشِيدًا وَالْمُطْلَقُ إِذَا عُمِلَ فِي صُورَةٍ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِيمَا عَدَاهَا جوابُهم: أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ تعُم وَإِنَّمَا تَكُونُ مُطْلَقَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ نَحْوَ فِي الدَّارِ رجلُ وَإِذَا عَمَّتْ تَنَاوَلَتْ صُورَةَ النِّزَاعِ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْعُمُومِ لَكِنْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ إِصْلَاحَ الْمَالِ مُرادٌ وَاخْتُلِفَ هَلْ غَيْرُهُ مرادٌ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ إِرَادَتِهِ بَلِ الْآيَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ لِقَوْلِهِ: {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} وَالْبُلُوغُ مَظِنَّةُ كَمَالِ الْعَقْلِ وَنَقْصِ الدِّينِ بِحُصُولِ الشَّهْوَةِ وَتَوَفُّرِ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمَلَاذِّ حِينَئِذٍ فَلَمَّا اقْتُصِرَ عَلَى هَذِهِ الْغَايَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ إِصْلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ وَلِأَنَّا نَجِدُ الْفَاسِقَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى مَالِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إِذَا أَحْرَزَ مَالَهُ وَلَمْ يُحْسِنِ التَّنْمِيَةَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا أَمْسَكَ الْمَالَ عِنْدَهُ لَمْ يُنمِّه وَلِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنِ التَّجْرِ لَا يُوجِبُ الحِجر وَهَذَا إِذَا كَانَ عَيْنًا وَمَا لَا يُخشى فَسَادُهُ وَأَمَّا الرَّبع يُخشى خرابُه مَعَهُ فَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى عَدَمِ الْإِحْرَازِ وَفَسَادُ الدَّين إِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُ الْمَالَ كَالْكَذِبِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَمْنَعُ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يسْتَأْنف عَلَيْهِ بذلك حجرا وَهُوَ يشرب الْخمر وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكُلُّ مَنْ بَلَغَ مِنَ الْأَيْتَامِ بَعْدَ تَقَدُّمِ حَجْرٍ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُخْتَبَرَ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَمَّا مَنْ لَهُ أَبٌ أَوْ يَتِيمٌ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَمْنَعُهُ الْأَبُ وَحَمَلَهُ عَلَى الرُّشْدِ لِوُجُودِ مَظِنَّتِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْيَتِيمِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ وَلِأَنَّ غَالِبَ بَنِي آدَمَ مَجْبُولُونَ عَلَى حُبِّ الدُّنْيَا وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا فَيَلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَقِيلَ: هُمَا عَلَى السَّفَهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يُخِلُّ بِالْعَقْلِ وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْإِنَاثِ الدُّخُولُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ: يَكْفِي الْبُلُوغُ وَالْبِكْرُ الَّتِي لَا أَبَ لَهَا قِيلَ: هِيَ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُثبت رشدُها وَعَنْ سُحْنُونٍ: هِيَ كَالصَّبِيِّ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْخِلَافِ إِلَى الْخِلَافِ فِي السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا حَجْرٌ أَنَّ أَفْعَالَهَا عَلَى الْجَوَازِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: الْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ حَالَةٌ يُحْكَمُ فِيهَا بِالسَّفَهِ وَإِنْ ظَهَرَ الرُّشْدُ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّفَهُ فِيهَا وَحَالَةٌ يُحكم فِيهَا بِالرُّشْدِ وَإِنْ عُلم السَّفه وَحَالَة يحتملها وَالْأَظْهَرُ السَّفَهُ فَيُحْكَمُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرِ الرشد وَحَالَة يحتملهما وَالْأَظْهَرُ الرُّشْدُ فَيُحْكَمُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرِ السَّفَهُ أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى: فَلَا يَخْتَلِفُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ وَإِنْ ظَهَرَ رشدُه وَأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ مِنَ الصَّدَقَة وَغَيرهَا من الْمَعْرُوف مَرْدُودَة وَإِن فِيهَا الْأَبَ أَوِ الْوَصِيَّ وَتَصَرُّفُ الْمُعَاوَضَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ إِنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَإِلَّا ردَّه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وليٌّ يُجعل لَهُ وليٌّ وَإِنْ غُفل عَنْ ذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَهُ الْإِمْضَاءُ وَالرَّدُّ كَالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ الْآنَ قَامَ مَقَامَهُ وَمَا كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ إِمْضَاؤُهُ مِنَ السَّدَادِ هَلْ يَنْقُضُهُ إِذَا حَالَ سُوقُهُ أَوْ نَما بَعْدَ رَيْعِهِ إِيَّاهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى النَّظَرِ الْآنَ وَقِيلَ لَا نَظَرًا لِلْحَالَةِ السَّابِقَةِ أَمَّا مَا كَسَرَ وَأَفْسَدَ فَفِي مَالِهِ مَا لم يؤتمن عله وَاخْتُلِفَ فِيمَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ عتقُ مَا حَلَف بِحُرِّيَّتِهِ وَحَنِثَ فِيهِ حَالَةَ صِغَرِهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي الْمَالِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِنْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ نَظَرًا لِوُقُوعِ السَّبَبِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: يَلْزَمُهُ نَظَرًا لِحَالَةِ الْحِنْثِ وَالْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ إِذَا ادُّعي عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعى مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيحلف الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن ادُّعي عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنِ ادَّعى مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَحْلِفُ الصَّغِيرُ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ إِلَى بُلُوغ الصَّغِير فَيحلف وَيَأْخُذ وَإِن نكَلا فَلَا لِأَنَّ الْوَازِعَ الدِّينِيَّ فِي الصَّغِيرِ مَنْفِيٌّ وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الشَّاهِدِ وَلَا يَحْلِفُ المدعَى عَلَيْهِ ثَانِيَةً وَعَنْ مَالِكٍ: يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَمْلِكُ بِهِ كَمَا يَمْلِكُ بِالْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالرُّشْدِ وَإِنْ عُلِمَ السَّفَهُ فَهِيَ حَالَةُ الْمُهْمَلِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَالَةُ الْيَتِيمَةِ الْبِكْرِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ سُحْنُونٍ وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالسَّفَهِ وَالظَّاهِرُ الرُّشْدُ فَحَالَةُ الِابْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَاتِ الْأَبِ الْبكر أَو الْيَتِيمَة لَا وَصِيَّ لَهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَتْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَلَا تَفْرِقَةَ بَيْنَ ذَاتِ الْأَبِ وَبَيْنَهَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ حَدَّدَ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَاتِ الْأَبِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي يُحْكَمُ فِيهَا بِالرُّشْدِ مَا لَمْ يَظْهَرِ السَّفَهُ: فَالْمُعَنَّسَةُ الْبِكْرُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ تَعْنِيسَهَا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ أَوِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْعَامَ أَوِ الْعَامَيْنِ أَو السَّبْعَة عل الْخِلَافِ أَوِ الِابْنُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَذَاتُ الْأَبِ بَعْدَ بُلُوغِهَا عَلَى رِوَايَةِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَمَتَى بَلَغَ الصبيُّ مَعْلُومُ الرُّشْدِ لَيْسَ لِلْأَبِ رَدُّ فِعْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشهد عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الْوَلَايَةِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بِبُلُوغِهِ مَعَ رُشْدِهِ أَوْ مَعْلُومُ السَّفَهِ رَدَّ فِعْلَهُ أَوْ مَجْهُول الْحل فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحْمَلُ عَلَى السَّفَهِ اسْتِصْحَابًا لَهُ حَتَّى يُرْشِدَهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَعَنْ مَالِكٍ: يُحْمَلُ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى يَثْبُتَ السَّفَهُ وَكِلَاهُمَا فِي الْمُدَوَّنَة وَقيل لَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ عَامٍ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ أَذِنَ أَبُوهُ وَأَمَّا الموصَى عَلَيْهِ مِنْ قِبل أَبِيهِ أَوِ السُّلْطَانِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَفِعْلُهُ مَرْدُودٌ وَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهُ حَتَّى يُخرجهُ الْوَصِيّ أَو السُّلْطَان أوالقاضي إِنْ كَانَ الْوَصِيُّ مِنْ قِبله قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَقِيلَ: يُطْلِقُهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنَ الْقَاضِي إِلَّا أَنْ يُعلم رُشْدُهُ بِعَقْدِ شُهُودٍ وَأَمَّا وَصِيُّ الْأَبِ يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: لَا إِلَّا أَنْ يُتَبَيَّنَ رُشْدُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وردُّ أَفْعَالِهِ حَتَّى يُطْلَقَ وَإِنْ عُلم رُشده هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: حَالُهُ مَعَهُ كَحَالِهِ مَعَ الْأَبِ رُوي عَنْ مَالِكٍ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُعْتَبَرُ الْوَلَايَةُ إِذَا ثَبَتَ الرُّشْدُ وَلَا يُؤَثِّرُ عَدَمُهَا إِذَا عُلِمَ السَّفَهُ فِي الْيَتِيمِ لَا فِي الْبِكْرِ ورُوي عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ظُهُورَ الرُّشْدِ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْوَلَايَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: هَلْ رَدُّ التَّصَرُّفِ لِوَصْفِ السَّفَهِ أَوْ لِلْوَلَايَةِ وَالْحَجْرِ؟ وَإِذَا بَلَغَ الْمُهْمَلُ مِنَ الْوَلَايَةِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ وَإِنْ أَعْلَنَ بِالسَّفَهِ استُصحب السَّفَهُ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ قَالَهُ مَالِكٌ نَظَرًا لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ مَعَ الْبُلُوغِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنِ اتَّصَلَ السَّفَهُ رُد تصرفُه نَظَرًا لِلسَّفَهِ وَإِنْ سَفِهَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ رُشْدُهُ جَازَ فِعْلُهُ لِضَعْفِ السَّفه بطُروِّ الرُّشْدِ مَا لَمْ يَبِعْ بَيْعَ خَدِيعَةٍ بَيِّنَةٍ كَمَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ فَلَا يَنْفُذُ وَلَا يُتَّبَعُ بِالثَّمَنِ إِنْ أَفْسَدَهُ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إِعْلَانُهُ بِالسَّفَهِ وَقَالَ أصبغ: ينفذ تصرفه إِلَّا أَن يعلم اتَّصل سفهُه أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِعْلَانَ دليلُ قوةِ السَّفَهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُعْتَبَرُ حَالَةُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إِنْ كَانَ رَشِيدًا نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ فعلِه وَنُفُوذِهِ إِذَا جُهل حَالُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا وَضَبْطُهَا وَفِي ذَاتِ الْأَبِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: تَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ بِالْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْهُ: حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَفْعَالُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهَا وَتَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ وَلَوْ بِقُرْبِ الدُّخُولِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَأْخِيرَهَا الْعَامَ مِنْ غير إِيجَاب الثَّالِث: كَذَلِك مَا لم تعنس على فتُحمل عَلَى الرُّشْدِ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ السَّفَهُ وَقَبْلَهُ عَلَى السَّفَهِ وَإِنْ عُلِمَ الرُّشْدُ وَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ التَّعْنِيسِ بَيْتَهَا فَهِيَ عَلَى التَّعْنِيسِ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ الرُّشْدُ وَبَعْدَ التَّعْنِيسِ عَلَى الرُّشْدِ حَتَّى يُعْلَمَ السَّفَهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ: فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ عَامًا وَقِيلَ مِنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ فَتَكْمُلُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَالسَّادِسُ: سَنَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَالسَّابِعُ: عَامَانِ وَالثَّامِنُ: سَبْعَةُ أَعْوَامٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبل الْأَبِ أَوِ السُّلْطَانِ فَلَا تَخْرُجُ مِنَ الْوَلَايَةِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَطَالَ زَمَانُ الدُّخُولِ وَحَسُنَ حَالُهَا مَا لَمْ تُطْلق مِنْ وَثاق الحِجر بِمَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهَا بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ: تَخْرُجُ بِالْبُلُوغِ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِالتَّعْنِيسِ وَفِي تَعْنِيسِهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: ثَلَاثُونَ سَنَةً قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: أَقَلُّ مِنَ الثَلَاثِينَ وَعِنْدَ مَالِكٍ: أَرْبَعُونَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مِنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ وَعَنْ مَالِكٍ: حَتَّى تَقْعُدَ عَن الْمَحِيض أوتقيم بَعْدَ الدُّخُولِ مُدَّةً تَقْتَضِي الرُّشْدَ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا قَالَ الْوَصِيُّ: قَبَضْتُ مِنْ غُرماء الْمَيِّتِ أَوْ قَبَضْتُ وَضَاعَ لَا مَقَالَ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى الْغَرِيمِ وَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ: إِنِ ادَّعَى الْغَرِيمُ الدَّفْعَ لِلْوَصِيِّ وَأَنْكَرَ حَلَفَ الْوَصِيُّ فَإِنْ نَكَل حَلَفَ الْغَرِيمُ وَأَمَّا مَالِكٌ فضمَّنه بِنُكُولِهِ فِي الْيَسِيرِ وَتَوَقَّفَ فِي الْكَثِيرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّأْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْكَثِيرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَبْطُلَ أَمْوَالُ الْيَتَامَى وَخَوْفًا مِنْ تَضْمِينِ الْوَصِيِّ وَهُوَ أَمِينٌ وَإِذَا قَضَى الْوَصِيُّ غُرماء الْمَيِّتِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَأَنْكَرُوا ضَمِنَ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ: إِنَّمَا ضَمِنَهُ لِأَنَّ شَأْنَ النَّاسِ الِاسْتِخْفَافُ فِي الدَّفْعِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَالتَّوَثُّقُ فِي الْكَثِيرِ قَالَ التُّونُسِيُّ: إِذا قَالَ الْوَصِيّ قبضتُ الْيَتِيم فِي وِلَايَتِهِ صُدِّقَ أَوْ بَعْدَ الرُّشْدِ: فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَكُونُ شَاهِدًا لَهُمْ يَحْلِفُ الْيَتِيمُ مَعَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إِذَا أَقَرَّ أحدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ أنَّ هَذَا الْمَتَاعَ رَهَنَّاهُ عِنْدَ فُلَانٍ أَنَّهُ شَاهَدَ وَقَالَ سُحْنُونٌ: قَوْلُهُ مَقْبُولٌ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَمَانَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْحَمِيلِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: لَا يَجُوزُ عتقُ المُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَا هبتُه وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إِلَّا أَنْ يُجيزه الْآنَ وَاسْتُحِبَّ إِمْضَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَمَا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْمَنْفَعَةُ يَنْفُذُ كَطَلَاقِهِ وعتقِه أمًَّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا وَيَمْتَنِعُ نكاحُه إِلَّا بِإِذْنِ وَلَيِّهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْمَالِ وَمَا وُهِبَ لَهُ مِنْ مَالٍ يَدْخُلُ فِي الْحَجْرِ وَكَذَلِكَ إِن تجر فريح لِأَنَّهُ مَالُهُ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَيْشِهِ كَالدِّرْهَمِ يَبْتَاعُ بِهِ وَنَحْوِهِ يَشْتَرِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ اسْتِحْبَابُهُ إِمْضَاءَهُ جَمِيعَ تَصَرُّفَاتِهِ وَعَلَى ذَلِكَ اخْتَصَرَهُ الْمُخْتَصِرُونَ وَالصَّحِيحُ تَخْصِيصُهُ بِمَا فِيهِ قُوتُه.
فرع:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ التِّجَارَةَ لَا يَجُوزُ إِذْنُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فِي مَوْلًى عَلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَا لَهُ بَعْدَ الْحُلُمِ بَعْضَ الْمَالِ لِلِاخْتِبَارِ لَا يَلْزَمَهُ دَيْنٌ فِيمَا دُفِعَ لَهُ وَلَا غَيْرُهُ لِبَقَاءِ الْوَلَايَةِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحق السَّيِّدِ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَلْحَقُ الصَّبِيَّ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ خَاصَّةً قِيَاسًا عَلَى الْعَبْدِ وَعَمَلًا بِالْإِذْنِ وَلَوْ دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ لِعَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ مَالَا يَتَّجِرُ فِيهِ فَالدَّيْنُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ لِتَرَجُحِّ الْقَصْدِ لِلتَّجْرِ عَلَى الِاخْتِبَارِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الِاخْتِبَارُ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَصَايَا جَوَازُ الدَّفْعِ لِلْيَتِيمِ إِذَا عَقَلَ التِّجَارَةَ وَقَالَهُ أَبُو عُمَرَ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الطِّبَاعِ الضَّبْطُ فِي النكث: إِذَا أَنْكَرَ الْيَتِيمُ الْمَالَ صُدِّقَ الْوَصِيُّ وَيُضَمُّ ذَلِكَ إِلَى مَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: لَا يُبَاعُ فِيهِ إِلَّا عَلَى النَّقْدِ فَمَنْ بَاعَهُ عَلَى غَيْرِ النَّقْدِ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ وَلَيُّهُ فَيَكُونَ حَقُّ مَنْ دَايَنَهُ فِي الزَّائِدِ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ مُعَامَلَتِهِ إِيَّاهُ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَا يخرُج الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَالْبِكْرُ الْمُعَنَّسَةُ مِنَ الْوَلَايَةِ إِلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَيَكُونُ أَمْرًا فَاشِيًا وَإِلَّا لَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ فِي قَبْضِهَا لِمَالِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: زَوَالُ الْحجر للسُّلْطَان إِذا كَانَ الْمَحْجُور فِي ولَايَة فَإِنْ كَانَ فِي وَلَايَةِ وصيِّ الْأَبِ فَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِذَا تَبَيَّنَ لِلْوَصِيِّ رشدُه دَفَع إِلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ شَكَّ لَا يَدْفَعُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا دَفَعَ لَكَ الْإِمَامُ مَالَ مَوْلًى عَلَيْهِ فَحَسُنَ حالُه دفعتَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَنْتَ كَالْوَصِيِّ لِزَوَالِ سَبَبِ الْمَنْعِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَا يَنْفَكُّ الحِجر بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْبَالِغُ وَالْمُفْلِسُ وَبِقَوْلِ مَالِكٍ قَالَ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا} فَلَا يُحْتَاجُ لِلْحَاكِمِ وَجَعَلَ الدَّفْعَ لِمَنْ لَهُ الِابْتِلَاءُ قَالَ: وَالْقَوْلُ الْآخَرُ الْيَوْمَ أَحْسَنُ لِغَلَبَةِ فَسَادِ حَالِ مَنْ يَلِي فَيَقُولُ رَشَدَ وَلَمْ يَرْشُدْ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَلْ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ قَالَ سُحْنُونٌ إِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَتَب الْقَاضِي: إِنَّ فُلَانًا أَتَى بِفَتًى صفتُه كَذَا وَكَذَا وَزَعَمَ أَنَّ اسْمَهُ فُلَانٌ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى عَلَيْهِ بهع وَأَنَّهُ صَلُحَ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ أَوْ بِامْرَأَةٍ صِفَتُهَا كَذَا وَزَعَمَ أَنَّ اسْمَهَا كَذَا وَأَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إِلَيْهِ وَأَنَّهَا بَلَغَتِ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ وَأَنَّهَا بَنَى بِهَا زَوْجُهَا وَسَأَلَنِي أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً فَأَمَرْتُهُ بِالدَّفْعِ وَحَكَمْتُ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالرُّشْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ وَمَعْنَاهُ: حُكْمٌ بِالْقَدْرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِأَنَّ دَفْعَهُ جَائِزٌ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: بُلُوغُ الذكَر بِالِاحْتِلَامِ أَوِ الْإِنْبَاتِ أَوْ بُلُوغِ سِنٍّ تَقْتَضِي الْعَادَةُ بُلُوغَ مَن بَلَغَهُ وَتَعْيِينُهُ: ثَمَان عَشَرَةَ سَنَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ: سَبْعَةَ عَشَرَ وَقَالَهُ (ح) وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِابْنِ وَهْبٍ وَقَالَهُ (ش) وَابْنُ حَنْبَلٍ وَيَزِيدُ الْإِنَاثُ بِالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الِاحْتِلَامِ إِلَّا أَنْ يرتاب فِيهِ لِأَنَّهُ أم لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَله وَيُكْشَفُ لِلْإِنْبَاتِ وَيَسْتَدْبِرُهُ النَّاظِرُ وَيَسْتَقْبِلَانِ جَمِيعًا الْمِرْآةَ وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا النَّاظِرُ فَيَرَى الْإِنْبَاتَ أَوِ الْبَيَاضَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَوَّزَ (ش) النَّظَرَ لِلْعَانَةِ لِلْإِنْبَاتِ لِقَوْلِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَكَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي قُريظة فكنَّا نكشفُ عَنْ مُؤْتَزَرِهِمْ فَمَنْ أَنْبَتَ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ لَمْ يُنبت جَعَلْنَاهُ فِي الدراري وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الْحَمْلَ بُلُوغٌ حَتَّى يَنْفَصِلَ الْوَلَدُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْإِنْبَاتِ الإنبات الخشن على المذاكر ومرحلة كَذَا دُونَ الزَّغَبِ الضَّعِيفِ وَقَالَ (ح): لَا يُعْتَبَرُ الْإِنْبَاتُ أَصْلًا لَنَا: حَدِيثُ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمُ وَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ حكمتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سماوات» خرجه مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَعْرِضُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَيُحْكَمُ بِهِ كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَعَرِ الْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَسَائِرِ الشُّعُورِ وَالزِّيَادَاتِ بَلْ شَعَرُ الْوَجْهِ أدلُّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا} فَعَلَّقَ الْبُلُوغَ وَالْحُكْمَ عَلَى الحُلُم فَلَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِع الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» الْحَدِيثَ فَجَعَلَ الحُلُم مَنَاطَ الْأَحْكَامِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ قِيَاسٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَلَا يُسْمَعُ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّ الْفَرْقَ: أَنَّ تِلْكَ الشُّعُورَ لَا تَخْتَصُّ بِالْبُلُوغِ فَهِيَ كَالْبَوْلِ وَهَذَا كَالْحَيْضِ وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمَفْهُومِ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ سَلَّمْنَا صِحَّةَ التَّمَسُّكِ بِهِ لَكِن الْمَفْهُوم هَا هُنَا عَارَضَهُ مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إِجْمَاعًا وَهُوَ جَوَابُ الثَّالِثِ احْتَجَّ (ش) بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا بَلَغَ الْمَوْلُودُ خَمْسَ عشرَة سنة كتب مَاله وَمَا عَلَيْهِ وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْحُدُودُ» وَأَجَازَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْجِهَادِ ابْنَ خْمَسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَلَا يُجَازُ إِلَّا بَالِغٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَجَوَابُهُ: مَنْعُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ فَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ بُلُوغَهُ عِنْدَ هَذَا السِّنِّ وَمَتَى عُلِمَ الْبُلُوغُ لَا نِزَاعَ فِيهِ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على أَنه أجَاز لِأَجْلِ الْخَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً فَهَذَا كَقَوْلِ الْقَائِلِ: قَرَأت الْفِقْه وَأَنا ابْن كَذَا ذكر التَّارِيخ لِأَن السن سَببه وَقد نزل ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أشده} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْأَشُدُّ: ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ إِلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: يُسْتَثْنَى مِنْ تَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ وَصِيَّتُهُ فَتَنْفُذُ إِذَا لَمْ يَخْلِطْ فِيهَا قَاعِدَةٌ تُسَمَّى بِجَمْعِ الْفَرْقِ وَهِيَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ حُكْمَانِ مُتَضَادَّانِ فَالصَّبِيُّ أَبْطَلَ تَصَرُّفَهُ فِي حَيَاتِهِ صَوْنًا لِمَالِهِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَنَفَذَتْ وَصيته صونا لمَاله على مَصَالِحه لِأَنَّهَا لوردت لَصُرِفَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ فَفَاتَتْهُ مَصْلَحَةُ مَالِهِ.
فرع:
قَالَ: ووصي الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ وَقَالَ (ش): الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْوَصِيُّ لَنَا: أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُهُ الْأَخُ فِي الْمِيرَاثِ بِخِلَافِ الْأَبِ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَنِ الْأَبِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ.
فرع:
قَالَ: لَا يتَصَرَّف الوفلي إِلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْفَاق أَو لغبطة فِي الثّمن وخشية سُقُوطِهِ إِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ وَابْتِيَاعُ غَيْرِهِ بِثَمَنِهِ أَفْضَلُ أَوْ لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ خَرِبٍ أَوْ يَخْشَى انْتِقَالَ الْعِمَارَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيَبِيعُهُ وَيَسْتَبْدِلُ بِثَمَنِهِ فِي مَوْضِعٍ أَصْلَحَ وَلَا يَسْتَوْفِي قِصَاصَهُ وَلَا يَعْفُو عَنْهُ لِأَنَّهُ إِذَا بَلَغَ يَقْتَصُّ أَوْ يُصَالَحُ عَلَى مَالٍ وَلَا يُعْتِقُ رَقِيقَهُ وَلَا يُطْلِقُ نِسَاءَهُ إِلَّا عَلَى عِوَضٍ فِيهِ الْمُصْلِحَةُ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ مِنَ الذُّكُورِ أَوْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْأَبُ خَاصَّةً فِيمَنْ يُجْبَرُ مِنَ الْإِنَاثِ وَفِي مُخَالَعَتِهِ عَمَّنْ لَا يَجْبُرُ مِمَّنْ يَمْلِكُ أَمْرَهَا خِلَافٌ وَلَا يَعْفُو عَنْ شُفْعَتِهِ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ إِذَا عَفَا لَيْسَ لِلصَّبِيِّ الطَّلَبُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَوَافَقَنَا (ح) فِي الْعَفْوِ عَنْهَا قِيَاسًا عَلَى الشَّفِيعِ وَمَنَعَ (ش) لِأَنَّهُ تَضْيِيعُ مَالٍ وَجَوَابُهُ: إِنَّمَا نُجِيزُهُ إِذَا تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً أَرْجَحَ وَمَنَعَ (ش) أَنْ يَبِيعَ لَهُ بِنَسِيئَةٍ وَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْعِوَضَ مِنْ كَسْبِهِ وَأَنْ يُسَافِرَ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا يُودِعَهُ وَلَا يُقْرِضَهُ مَعَ إِمْكَانِ التَّجْرِ فِيهِ وَجَوَّزَ أَنْ يَقْتَرِضَ لَهُ وَيَرْهَنَ مَالَهُ وَأَنْ يَأْكُل الْأمين وَالْوَلِيّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا غَنِيَّيْنِ لقَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف}.
فَرْعٌ:
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْخُرُوجُ عَنْ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ شَيْخًا ضَعِيفًا إِلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الْحَجْرَ لِسَفَهٍ وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتْ وَأَرَادَ أَبُوهَا الْخُرُوجَ بِهَا وَكَرِهَتْ فِرَاقَ وَلَدِهَا فَذَلِكَ لَهَا كَخُرُوجِهَا مِنَ الْحَجْرِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْضَى عَنِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دَيْنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَحَيَاتِهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ إِذَا بَلَغَ مِثْلُهُ الْوَصِيَّةَ.
فَرْعٌ:
فِي الْجُلَّابِ: الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ وَقَالَهُ الشَّافِعِي لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ وَيَعْسُرُ الْإِشْهَادُ مِنْهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ رَدِّ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ لَمْ يُؤْتَمَنْ عَلَى الرَّدِّ بِخِلَافِ الْمُودِعِ فَإِنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي الرَّدِّ.
فَرْعٌ:
قَالَ: تَجُوزُ التِّجَارَةُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ (ش) لقَوْله عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ} وَرُوِيَ مَرْفُوعًا.
فَرْعٌ:
قَالَ: لَا بَأْسَ بِخَلْطِ الْوَصِيِّ نَفَقَةَ يَتِيمِه بِمَالِهِ إِذَا كَانَ رِفْقًا لِلْيَتِيمِ وَيَمْتَنِعُ رِفْقًا لِلْوَلِيِّ وَقَالَهُ (ش) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} وَلِأَن الْإِفْرَاد قد يشق وخاصة فِي بَيت وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْيَتِيمِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} وَلَا بَأْسَ بِتَأْدِيبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْبِرِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» وَيُنْفِقُ عَلَى أُمِّ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وبالوالدين إحسانا} وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ وَيُضَحِّي عَنْهُ لِتَحَقُّقِ أَسْبَابِ هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ فِي حَقِّهِ.
فَرْعٌ:
فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ: مَا وهب الْأَب من مَاله وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عَقَارٍ وَهُوَ مَلِيءٌ نَفَذَ لِلْمَوْهُوبِ وَعَلَيْهِ لِلِابْنِ عِوَضُهُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَا سَبِيلَ لِلِابْنِ عَلَى الْهِبَةِ إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ الْأَب بعد يسره فيأخذها لِابْنِ حَمْلًا لِتَصَرُّفِ الْأَبِ عَلَى الْتِزَامِ الْعِوَضِ كَمَا إِذَا زَوَّجَهُ صَغِيرًا فَقِيرًا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ الْتِزَامُ الصَّدَاقِ فَإِنْ فَاتَتْ أُخِذَ قِيمَتُهَا مِنَ الْمَوْهُوبِ لِلْفَوَاتِ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ لِابْنِهِ فَأَدَّاهَا عَنْهُ وَالْفَوْتُ: الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ وَإِبْلَاءُ الثَّوْبِ وَأَكْلُ الطَّعَامِ وَبَيْعُ الْهِبَةِ وَأَكْلُ ثَمَنِهَا وَمَا كَانَ فَوْتُهُ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا مَا هَلَكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا يُضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْأَب يَوْم الْهِبَة بعد مَا ردَّتْ شَرط الْعِوَض أم لَا لتعيين ضَيَاعِ مَالِ الْوَلَدِ وَمَا فَاتَ أُخِذَ مِنَ الْأَبِ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ يَوْمَ الحكم وَإِن اتَّصل إِعْسَاره وداها الْمَوْهُوبُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْهِبَةِ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ أَعْسَرَ نُفِّذَتْ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ وَكَأَنَّهُ وَهَبَ الْعَطِيَّةَ وَلَا يَأْخُذُهَا الِابْنُ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً إِنْ كَانَ الْأَب مليئاً وَإِلَّا أَخذهَا إِلَّا أَنْ تَفُوتَ فَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُعْطِي إِنْ فَاتَتْ بِسَبَبِهِ وَيَرْجِعَ بِهَا الْمُعْطِي عَلَى الْأَبِ قَالَا: وَمَا بَاعَ أَوْ رَهَنَ مِنْ مَتَاعِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ جُهِلَ هَلْ لِنَفْسِهِ أَو لوَلَده وَلَا يُرَدُّ لِإِمْكَانِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي عَدَمِهِ وَأَمَّا فِي مَلَائِهِ فَيَمْضِي وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِيمَا بَاعَ تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ قَالَا: وَأَمَّا مَا اشْتَرَى مِنْ رَقِيقِهِ وَعَقَارِهِ نَفَذَ إِلَّا بِبَخْسٍ يَسِيرٍ فَيُرَدُّ كُلُّهُ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ وَمَا قَارَبَ الْأَثْمَانَ مُضِّيَ وَبَاعَ وَحَابَى وَقَلَّتِ الْمُحَابَاةُ مُضِّيَ ذَلِكَ وَكَانَتْ فِي مَالِ الْأَبِ كَالْعَطِيَّةِ وَإِنْ عَظُمَتِ الْمُحَابَاةُ رُدَّ كُلُّهُ لِتَمَكُّنِ الْفَسَادِ قَالَ مُطَرِّفٌ: وَمَا أُعْتِقَ مِنْ عَبِيدِهِ جَازَ فِي مَلَاءِ الْأَبِ وَحُمِلَ عَلَى الْتِزَامِ الْقِيمَةِ وَرُدَّ فِي عُدْمِهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَانُهُ وَيُولَدَ لِلْعَبِيدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَيُتَّبَعُ الْأَبُ بِالْقِيمَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ مَا تَزَوَّجَ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ فِي مَلَائِهِ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ أَوْ مُعْدِمًا رَدَّ مَا لم بَين بِامْرَأَتِهِ فَيُتَّبَعُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَنَى أَمْ لَا طَالَ أَمَدُ الْعِتْقِ أَمْ لَا صَغُرَتِ الْمُحَابَاةُ فِيمَا أَعْطَى أَمْ لَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا أُخِذَتْ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ مُعْدِمًا رُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لِفَسَادِ أَصْلِ التَّصَرُّفِ وَأَجَازَ أَصْبَغُ هَذَا كُلَّهُ: هِبَتَهُ وَبيعه وعتقه وأصداقه مَلِيًّا أَو مَعْدُوما قَائِمًا أَوْ فَائِتًا طَالَ أَمَدُ الْعَبْدِ أَمْ لَا بَنَى بِالْمَرْأَةِ أَمْ لَا بَاعَ لِلِابْنِ أَوْ لِنَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ تَغْلِيبًا لِلْوَلَايَةِ إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلَ كُلُّهُ قَالَ مَالِكٌ: إِذَا وَهَبَ عَبْدٌ ابْنَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بَطل وَإِن كَانَ مَلِيًّا وَإِن أعْتقهُ عَن نَفسه مَلِيًّا نَفَذَ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا رُدَّ عِتْقُ الْأَبِ وَمَا تَزَوَّجَ بِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالْأَبُ مَلِيءٌ نَفَذَ بَنَى أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنه الصَّغِير بِغُلَام ثمَّ أوصى بِعِتْق عُتِقَ فِي ثُلُثِهِ وَلِلِابْنِ قِيمَتُهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَانَ يَحُوزُ لِابْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتِ الصَّدَقَةُ وَنُفِّذَتِ الْوَصِيَّةُ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ سِتَّةِ أُمُورٍ: يُتْمُهُ وَأَنَّهُ نَاظِرٌ لَهُ وَحَاجَتِهِ وَأَنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْبَيْعِ وَأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ وَأَنَّ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ وَحُصُولُ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ الْعَقَارَ إِلَّا لِأَحَدِ سِتَّةِ أَوْجُهٍ: الْحَاجَةِ وَالْغِبْطَةِ فِي الثَّمَنِ الْكَثِيرِ أَو يَبِيعهُ لمن يعود عَلَيْهِ بِشَيْء أَوله شِقْصٌ فِي دَارٍ لَا تَحْمِلُ الْقِسْمَةَ فَدَعَاهُ شُرَكَاؤُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ دَارٍ وَاهِيَةٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ مَا تقوم بِهِ أَوله دَارٌ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ.