فصل: الفصل الثَّالِث: فِي أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الفصل الثَّالِث: فِي أَحْكَامِ اللُّقَطَةِ:

وَهِيَ خَمْسَةٌ:

.الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الضَّمَانُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَانَة فِي يَد من قصد أَخذهَا لمَالِك مَا دَامَ ذَلِكَ الْقَصْدَ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَمَضْمُونَةٌ على من أَخذهَا بِبَيِّنَة الِاخْتِزَالِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْأَوَّلِ وَمَنْهِيٌّ عَنِ الثَّانِي فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ وَفِي الْأَوَّلِ وَكِيلٌ لِرَبِّهَا مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ وَأَنَّ مَنْ أَخذهَا ليعرفها سنة ثمَّ يتصدقها أَوْ يَتَمَلَّكَهَا فَهِيَ أَمَانَةٌ فِي السَّنَةِ لِأَنَّهَا مَمْسُوكَةٌ لِحَقِّ رَبِّهَا كَالْوَدِيعَةِ وَمَضْمُونَةٌ بَعْدَهَا إِنْ تَصَدَّقَ بِهَا لِتَصْرُفِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهَا إِمْضَاءَ الصَّدَقَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَبْقَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ عَلَى التَّعْرِيفِ فَأَمَانَةٌ وَحَيْثُ كَانَتْ أَمَانَةً فَضَاعَتْ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْهَا.
قَاعِدَةٌ:
الْقَابِضُ لِمَالِ غَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِحَقِّ الْمَالِكِ الْمَحْضِ كَالْوَدِيعَةِ فَأَمَانَةٌ إِجْمَاعًا وَلَا ضَمَانَ وَلِحَقِّ الْقَابِضِ لِلصَّرْفِ كَالْقَرْضِ فَلَيْسَ بِأَمَانَةٍ إِجْمَاعًا وَلِحَقِّهِمَا كَالرَّهْنِ فَلَوْلَاهُ لَمْ يُعَامِلْ صَاحِبَهُ وَلَوْلَاهُ مَا تُوثِقَ الْمُرْتَهَنُ عِنْدَهُ فَاجْتَمَعَ الْحَقَّانِ فَيَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَاللُّقَطَةُ مِنْ بَابِ الْوَدِيعَةِ فَلَا تُضْمَنُ وَفِي هَذَا الْحُكْمِ أَرْبَعَةُ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ أَخَذْتَهَا لِتَذْهَبَ بِهَا وَقُلْتَ لِأُعَرِّفَهَا صُدِّقْتَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْكَ وُجُودَ سَبَبِ الضَّمَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَظَاهِرُ الْمُسْلِمِ الْمَشْيُ عَلَى حُدُودِ الْإِسْلَامِ فَيَجْتَمِعُ مَعَكَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فَتُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِكَ إِنِ اتُّهِمْتَ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ ح الْمُلْتَقِطُ ضَامِنٌ إِذَا لَمْ يُشْهِدْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ الْتَقَطَ فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغير فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا فَمَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْهِدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ أَضْمَرَ احْتِيَاطًا لِنَفْسِهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ ش يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَخْذِ اللُّقَطَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ أَنْ يَعْرِفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَجِنْسَهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَوَزْنَهَا أَو مكيلتها وعددها وَالرَّابِعُ نَوْعُهَا دَرَاهِمُ مِصْرِيَّةٌ أَوْ مَغْرِبِيَّةٌ وَالْخَامِسُ كِتَابَةُ ذَلِكَ وَالسَّادِسُ الْإِشْهَادُ وَلَا يُضْمَنُ عِنْدَهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَمُسْتَنَدُهُ فِي هَذِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَهَا عَرَفَهَا وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَل على حمل حَدِيث الْإِشْهَاد على النّذر قِيَاسا على الْوَدِيعَة بِجَامِع الأيمة كَذَا.
الْفَرْعُ الثَّانِي قَالَ إِذَا رَدَدْتَهَا لِمَوْضِعِهَا بَعْدَ حَوْزِهَا أَوْ لِغَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنْتَهَا أَمَّا لَوْ رَدَدْتَهَا مِنْ سَاعَتِهَا كَمَا لَوْ قُلْتَ فِي رَجُل هَذَا لَكَ لِشَيْءٍ رَأَيْتَهُ فَيَقُولُ لَا فَتَتْرُكُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ ثُمَّ أَخَذَهَا بِالْقُرْبِ فَهَلْ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الضَّمَانُ أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ لِلشُّيُوخِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ ردهَا بِالْعَبدِ أَوْ بِالْقُرْبِ وَيَحْلِفُ لَقَدْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا فَإِنْ رَدَّهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنَ كَالْوَدِيعَةِ إِذَا تَسَلَّفَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّهَا بِصُرَّتِهَا وَوَافَقَنَا ش وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الضَّمَانِ إِذَا رَدَّهَا وَقَالَ ح لَا يَضْمَنُهَا قِيَاسًا عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ إِلَى رَبِّهَا وَبِجَامِعِ الْعَادَةِ لِلْحَالَةِ الْأُولَى وَعَلَى مَا إِذَا اضْطُرَّ صَيْدٌ لِلْخُرُوجِ عَلَى الْحَرَمِ ثُمَّ رُدَّ إِلَيْهِ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ وَجَدَ بَعِيرًا أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَهَا وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لِرَبِّهَا بَرِئَ فَرَدُّ الْوَدِيعَةِ أَقْوَى فِي الْإِبْرَاءِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ وَلِأَنَّ رَدَّ اللُّقَطَةِ إِلَى مَوْضِعِهَا رَدٌّ لِمَظَنَّةِ الضَّيَاعِ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا رَدٌّ لِمَظَنَّةِ الْحِفْظِ فَأَبَيْنَ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ عَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ رَدَّهُ بَرِئَ فَيَأْتِي الْجَوَابَانِ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَرَمَ مَظَنَّةُ حِفْظِ الصَّيْدِ بِالزَّاجِرِ الشَّرْعِيِّ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْبَعِيرَ ضَالَّةٌ مَنْهِيٌّ عَنْ أَخْذِهِ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِيمَا أُمِرْنَا بِأَخْذِهِ وَحِفْظِهِ فَأُبْيِنُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بَلْ إِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ صَارَتْ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ أَضَاعَهَا فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ عَرَّضَ الْوَدِيعَةَ لِلضَّيَاعِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَبِقَ مِنْكَ الْآبِقُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ وَإِنْ أَرْسَلْتَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ ضَمِنْتَهُ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ تَرَكَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ خَوْفًا مِنْ قَتْلِهِ لَهُ أَوْ ضَرْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ ضَمِنَ وَمَتَى أَرْسَلْتَهُ فِي حَاجَةٍ خَفِيفَةٍ قَرِيبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْرِيطِ عَادَةٍ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَبَعْدَ السَّنَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ قَالَ التُّونِسِيُّ لَعَلَّ السَّنَةَ لَيْسَتْ جِنَايَةً لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنك بِهَا فَسَلَّطَهُ عَلَيْهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَعْدَ السَّنَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَا فِي الِاسْتِنْفَاقِ فَأَشْبَهَ قَبْلَ السَّنَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنَ التَّعْرِيفِ لِإِمْكَانِهِ مِنْهُ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مَصْلَحَةُ سَيِّدِهِ وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُ عَلَى يَدَيْ عدل لَيْلًا يَحْلِفَ عَلَيْهَا إِنْ تَلِفَتْ أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا العَبْد لَا سِيمَا إِن كَانَ العَبْد قبل غَيْرَ أَمِينٍ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنَ الِالْتِقَاطِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَى التصريف وَبعده على التَّبَرُّع فِي التصريف وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَآخِرُ أَقْوَالِهِمْ مَعَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ الْجَوَازُ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى سَائِرِ الْأَسْبَابِ الْفِعْلِيَّةِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ وَبَنَى ش عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذِمَّةٌ يَسْتَوْفِي مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ أَصْلٌ نَحْنُ نَمْنَعُهُ وَعَنْهُ إِذَا الْتَقَطَ وَفَرَّطَ فَفِي رَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ يَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ قِيَاسًا عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالْفَرْقُ عَلَيْهِ شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ عَلَى الْعَبْدِ فَأشبه الْبَهِيمَة.

.الحكم الثَّانِي التَّعْرِيف:

وَفِيه خَمْسَة أبحاث وُجُوبه وزمانه ومكانه وكيفيه وَمَنْ يَتَوَلَّاهُ:

.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ وُجُوبُهُ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ عُقَيْبَ الِالْتِقَاطِ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ش إِنْ أَرَادَ التَّمْلِيكَ وَجَبَ التَّعْرِيفُ حَتَّى يَتَأَتَّى لَهُ الْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يُرِدِ التَّمْلِيكَ لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهَا لَنَا وُجُوهٌ الْأَوَّلُ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّعْرِيفِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ الثَّانِي أَنَّهُ سَبَبُ إِيصَالِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا وَصَوْنُ الْمَالِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ وَاجِبٌ فَوَسِيلَتُهُ وَاجِبَةٌ الثَّالِثُ أَنَّ رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا حَرَامٌ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً لِضَيَاعِهَا وَكَذَلِكَ عَدَمُ تَعْرِيفِهَا قِيَاسًا عَلَيْهِ فَيَجِبُ التَّعْرِيفُ الرَّابِعُ لَوْ لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ لَمَا جَازَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا أَقْرَبُ لِوِجْدَانِهَا وَحِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ الْخَامِسُ التَّمْلِيكُ غَيْرُ وَاجِبٍ إِجْمَاعًا فَلَا تَجِبُ وسيلته وصون المَال وَاجِب إِجْمَاعًا فَتجب وسيله وَالشَّافِعِيَّةُ عَكَسُوا الْقَضِيَّةَ تَمْهِيدٌ الْوَاجِبُ لَهُ مَعْنَيَانِ مَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوِهَا وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِهِ كَقَوْلِنَا الْوُضُوءُ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَنَحْوُهُ مَعَ أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ التَّطَوُّعَ لَمْ يَأْثَمْ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى الطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى وُجُوبُ التَّعْرِيفِ عِنْدَ ش عِنْدَ إِرَادَةِ التَّمْلِيكِ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّمْلِيكَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ فِي الصَّلَاةِ فَيَرْجِعُ مَذْهَبُهُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا لَكِنَّ تَمَلُّكَ الْوَاجِدِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهَذَا تَحْقِيقُ مَذْهَبِهِ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِمَا تَقَدَّمَ وَيَظْهَرُ بُطْلَانُ الْوَجْهِ الْأَخِيرِ مِنْ أَدِلَّتِنَا بِهَذَا الْبَيَانِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ألْبَتَّةَ.

.الْبَحْثُ الثَّانِي فِي زَمَانِهِ:

قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ سَنَةٌ عَقِيبَ الِالْتِقَاطِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لَكِنْ قَالَ ش ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ التَّعْرِيفِ لَا مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْوَال بِمَا قَالَه أَبُو دَاوُود قَالَ سُئِلَ الرَّاوِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ مَا أَدْرِي ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِذَا شَكَّ سَقَطَتْ رِوَايَتُهُ وَحِكْمَةُ السَّنَةِ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَلَا تَبْقَى قَافِلَةٌ إِلَّا وَقَدْ تَهَيَّأَ زَمَنُ سَائِرِهَا بِحَسْبِ سِلَعِهَا وَمِزَاجِ بِلَادِهَا فَيَأْتِي الْفَصْلُ الَّذِي يُنَاسِبُهُمْ وَلِأَنَّهَا مُشْتَمِلَاتٌ عَلَى أَغْرَاضِ الْأَسْفَارِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ أَمْسَكَهَا وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ثُمَّ عَرَّفَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا لِتَعَدِّيهِ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ هَلَكَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ضَمِنَهَا إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَهَا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَغَابَ بِقُرْبِ ضَيَاعِهَا وَلَمْ يَقْدُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ فَائِدَةِ التَّعْرِيفِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَمْ يَتَعَيَّنِ الْعُدْوَانُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ وَفِي الْجَوَاهِرِ يُعَرِّفُهَا كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَكُلَّمَا تَفَرَّغَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِهِ لِلتَّعْرِيفِ وَالْمَالِ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُفْسَدُ وَشَهَادَةُ الْعَادَةِ بِأَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَتْبَعُهُ لَا يَعْرِفُ أَصْلًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِحَدِيثِ الثَّمَرَةِ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا بَأْسَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَرَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فِي الطوارق فَقَالَ إِنَّ مِنَ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَقَالَ ح لَا يُعَرِّفُ مَا دُونَ الدِّينَارِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الْأَمْوَالِ وَحِفْظُهَا عَلَى أَرْبَابِهَا وَوُجُوبُ التَّعْرِيفِ بِظَاهِرِ عُمُومِ النَّصِّ قَالَ وَإِنْ كَانَ فَهُوَ قَلِيلٌ يَتْبَعُهُ فَيُعَرِّفُ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ سَنَةً كَذِي الْبَالِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيَّامًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بَلْ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ أَنَّ مِثْلَهُ يُطْلَبُ وَهُوَ كَالْمِخْلَاةِ وَالدَّلْوِ وَنَحْوِهِمَا وَمِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ يُعَرِّفُ الْعَصَا وَالسَّوْطَ وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُمَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَأَمَّا مَا يُفْسَدُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَالطَّعَامِ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ الْتَقَطَ طَعَامًا فَلْيَأْكُلْهُ قَالَ التُّونِسِيُّ إِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ لَا غَلَّةَ لَهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا قَبْلَ السَّنَةِ تَسْتَغْرِقُ نَفَقَتُهَا ثَمَنَهَا فَالْأُولَى أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ الْآبِقُ وَقَالَهُ ش وَلَوْ كَانَتْ غَلَّتُهَا تَفِي بِنَفَقَتِهَا عُرِّفَتْ سَنَةً لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ التَّصَدُّقَ بِاللُّقَطَةِ قَبْلَ السَّنَةِ إِلَّا فِي التَّافِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ مُرَادُهُ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ دُونَ السَّنَةِ وَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى نَقْلِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ سَنَةً كَالْكَثِيرِ فَتَأَمَّلَ ذَلِكَ.

.الْبَحْثُ الثَّالِثُ مَكَانُ التَّعْرِيفِ:

وَفِي التَّبْصِرَةِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي الْتُقِطَتْ فِيهِ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ يُرَاجِعُهُ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي تَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَيْهَا وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ وعَلى أَبْوَاب الْمَسَاجِد وَالْجَامِع إِذا كَانَ يجلس إِلَى الْحق كَذَا يَسْأَلُ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ لَا وَجَدْتَ وَقَالَ أَشْهَبُ تُعَرَّفُ فِي مَوضِع وُجِدَتْ وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ بَقِيَّةُ السَّنَةِ عِنْدَ مَنْ حَضَرَ وَعِنْدَ مَنْ لَقِيَ وَإِنْ وَجَدَهَا فِي طَرِيقٍ بَيْنَ مدينتين عرفهَا فيهمَا لعدم تعين أَحدهمَا وبهذه الْجُمْلَة واحترام الْمَسْجِدِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَالْمَقْصُودُ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي إِيصَالِهَا.

.الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْرِيفِ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذِكْرِ جِنْسِهَا إِذَا عَرَّفَهَا قَالَ وَعَدَمُ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ أَحْسَنُ وَتَلُفُ ذِكْرِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَإِنْ أَفْرَدَ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهَا لَا تُدْفَعُ بِمَعْرِفَتِهِ فَقَطْ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ش قَالَ لَا يَقُولُ جِنْسَهَا بَلْ مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي عَدَمِ التَّسَلُّطِ عَلَيْهَا.

.الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَوَلِّي التَّعْرِيفِ بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعُهَا لِلسُّلْطَانِ إِذَا كَانَ عَدْلًا أَوْ يَدْفَعُهَا لِمَأْمُونٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا أَوْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا مَنْ يَعْرِفُهَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَأُجْرَتُهَا مِنْهَا إِذَا لَمْ يَلْتَزِمْ تَعْرِيفَهَا أَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ وَلَهُ التَّعْرِيفُ دُونَ إِذْنِ الْإِمَامِ وَعِنْدَ ش لَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ إِلَّا لِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَوَّزَ الْأَئِمَّةُ الِاسْتِنَابَةَ فِي التَّعْرِيفِ وَقَالُوا لَا أُجْرَةَ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّ الْوَاجِدَ لَوْ عَرَّفَ بِنَفْسِهِ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ فَكَذَلِكَ نَائِبُهُ وَلِأَنَّهُ يَقُومُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ عِنْدَهُمْ.

.الحكم الثَّالِثُ غَلَّةُ اللُّقَطَةِ وَمَنَافِعُهَا:

وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ:
فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَكَرَتِ امْرَأَةٌ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا وَجَدَتْ شَاةً فَقَالَتْ لَهَا عَرِّفِي وَاعْلِفِي وَاحْلُبِي وَاشْرَبِي قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَإِذَا جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ قِيَاسًا عَلَى اللُّقَطَةِ وَلَهُ شُرْبُ لَبَنِهَا وَذَلِكَ خَفِيفٌ وَقَالَ مَالك وَإِذا بصرها بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ حَبَسَهَا مَعَ غَنَمِهِ وَلَا يَأْكُلُهَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَهُ حِلَابُهَا لَا يُتْبَعُ بِهِ وَنَسْلُهَا مِثْلُهَا وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ وَالزِّبْلُ بِمَوْضِعٍ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَصُنِعَ بِثَمَنِهِ مَا يَصْنَعُ بِثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ قِيَامٌ وعلوفه لكل حَسْبَمَا تقدم ذَلِك وَمَوْضِع كَذَا لَا ثمنا لَهُ يَأْكُلُهُ وَيُكْرَى الْبَقَرُ فِي عَلُوفَتِهَا كِرَاءَ مَأْمُونٍ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ بِالْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا الصُّوفُ وَالسَّمْنُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ مِنْ مَوْضِعِ وَجْدِهَا إِلَى مَوْضِعِهِ لِأَنَّ مَالِكَهَا لَوْ رَأَى ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ وَهُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً فِي الِالْتِقَاطِ بِخِلَافِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَيْهَا فِي حَوَائِجِهِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ كِرَاؤُهَا فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَلَيْسَ لِحَبْسِهَا حَدٌّ بَلْ بِاجْتِهَادِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَنْفَقْتَ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ غُرْمِ الْقِيمَةِ وَأَخْذِهَا أَوْ إِسْلَامِهَا فِيهَا لِأَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَزِيدُ عَلَى مَالِيَّتِهَا وَهُوَ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَسْلَمَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ مِنْهَا قَالَ التُّونِسِيُّ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعٍ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ بِالرَّعْيِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُنْفِقِ شَيْءٌ وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَأْخُذْهَا مَالِكُهَا حَتَّى يُعْطَى النَّفَقَةَ لِأَنَّكَ قُمْتَ بِمَا عَلَيْهِ قَالَ وَالْأَوْلَى إِذَا أَنْفَقْتَ مِنْ غَلَّتِهَا أَنْ يُعَرِّفَهَا سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ لَا غَلَّةَ لَهَا وَإِذَا أَنْفَقْتَ عَلَيْهَا قَبْلَ السَّنَةِ اسْتَغْرَقَتْ نَفَقَتُهَا ثَمَنَهَا فَالْأَوْلَى أَنْ تُبَاعَ قَبْلَ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْعٌ لِرَبِّهَا وَكَذَلِكَ الْآبِقُ.
الْفَرْعُ الثَّانِي فِي الْكِتَابِ لَا يُتَّجَرُ بِاللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا كَالْوَدِيعَةِ وَمَا أَنْفَقْتَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوِ الْعَبْدِ أَوِ الْأَمَةِ أَوِ الْإِبِلِ قَدْ كَانَ لِرَبِّهَا أَسْلَمَهَا أَوْ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مَتَاعٌ أُكْرَى عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ بِأَمْرِ سُلْطَانٍ أَمْ لَا لَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ النَّفَقَةَ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ مَنِ ادَّعَى عَنْ غَيْرِهِ مَالًا أَوْ قَامَ عَنهُ بِعَمَل شَأْنه أَن يوديه أَوْ يَعْمَلَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ الْعَمَلِ سَوَاءً كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ كَالدَّيْنِ أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ كَغَسْلِ الثَّوْبِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُتَبَرِّعًا لَنَا أَنَّ لِسَانَ الْحَالِ قَائِمٌ مَقَامَ لِسَانِ الْمَقَالِ وَهُوَ مَوْجُود هَا هُنَا فَثَبَتَ الْإِذْنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَعَلَيْهَا يَخْرُجُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَجَّرْتَ الْبَاقِيَ فَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهِ أَوِ اسْتَعْمَلْتَهُ لَزِمَتْكَ قِيمَةُ عَمَلِهِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ وَنَفَقَتَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَضْمَنُهُ أَنْتَ إِذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ يُضَيِّعُهَا فِي مثله فَتَهْلَكُ لِتَعَدِّيكَ فَإِنْ أَسْلَمَ فَلِرَبِّهِ الْأُجْرَةُ فِيمَا لَهُ بَالٌ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ عَبْدِهِ وَمَا لَيْسَ لَهُ بَالٌ مِنَ الْمَنَافِعِ كَالتَّمَرَاتِ تُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ مِنَ الْأَعْيَانِ لَا ضَمَانَ فِيهَا لِتَحْقِيقِ أَعْرَاضِ الْأَمْلَاكِ عَنْهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ غَيْرُ الْآبِقِ وَمَنِ اسْتَأْجَرَ آبِقًا فَعَطِبَ فِي عَمَلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ آبِقٌ ضَمِنَهُ وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِيُبَلِّغَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ كَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَتْلَفَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ إِنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْذُرُونَ بِذَلِكَ.