فصل: النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهَا وَأَصْلِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهَا وَأَصْلِهَا:

وَأَصْلُ كُلِّ مَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ النَّدْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرْ بِالْعَدْلِ والإحْسَانِ وإِيتَاء دِي القُرْبَى} وَلقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ».
قَالَ اللَّخْمِيُّ: الصَّدَقَةُ فِي الصِّحَّة أفضل لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُسلم لما سُئِلَ لِأَن تصدق وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمَلُ الْغِنَى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى تَبْلُغَ الْحُلْقُومَ قَلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ وأفضلها أَيْضا مَا كَانَ ظهر غنى لقَوْله تَعَالَى {يَسئَلُونَك ماذَا يُنْفِقُون قُل العَفْو} وَالْعَفو الْفَاضِل وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ قَالَ سَحْنُونٌ لَوْ لَمْ يُبْقِ مَا يَكْفِيهِ رُدَّتِ الصَّدَقَةُ وَعَنْ مَالِكٍ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ بِجُمْلَةِ الْمَالِ وَقَدْ فَعَلَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ صَدَقَتَهُ - رَضِيَ الله عَنهُ - إِنَّمَا كَانَت لتأليف النَّاس واستنفاذهم مِنَ الْكُفْرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَنْفَسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لنْ تَنَالوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون} وَلقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لماسئل أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأَقَارِبِ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لميمونة وَقد أَعْتَقَتْ خَادِمًا لَوْ أَعْطَيْتِهَا لِأَخْوَالِكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لأجرك ففضل الْعَطِيَّة للأقارب على الْعتْق لِأَنَّهُ صَدَقَة وصلَة وَقد قَالَ مَالك صدقتك على ابْن عَمَّتك الْيَتِيمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ ثُمَّ فِي الْجِيرَةِ وَفِي الاصلاح وَرفع الشحناء لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ لِأَقْرَبِهِمَا» وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْجِوَارَ لَهُ حَقٌّ وَالْقُرْبَ لَهُ حَقٌّ فَيَجْتَمِعُ فِي الْجَارِ الْقَرِيبِ الْأَمْرَانِ مَعَ الصَّدَقَةِ كَمَا اجْتمع فِي الْقَرِيبِ وَمَعْرُوفَانِ أَفْضَلُ مِنْ مَعْرُوفٍ قَالَ غَيْرُهُ تُقَدَّمُ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ لِأَنَّ وَقْعَ الْإِحْسَانِ مَعَ ضَعْفِ الْأُنُوثَةِ أَتَمُّ وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ عَلَى الْجَاهِلِ لِأَنَّ قِيَامَ بِنْيَتِهِ تَنْفَعُ النَّاسَ وَالصَّالِحُ عَلَى الطَّالِحِ لِأَنَّ بِنْيَتَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ غَنِيًّا عَلَى مَنْ لَمْ يَزَلْ فَقِيرًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْحَمُوا عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ وَغَنِيَّ قَوْمٍ افْتَقَرَ» فان ضَرَره بالفقر أوقع وَقيل لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ بِبِرِّي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أَبُوكَ فَجَعَلَ لَهَا ثُلُثَيِ الْبِرِّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْإِحْسَانِ لِلْإِنَاثِ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ لَا تُشْتَرَى الصَّدَقَةُ مِنَ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ بِاخْتِيَارٍ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاك والمواريث لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبُخَارِيِّ «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» قَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِ غَنَمٍ تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَى ابْنِكَ الْكَبِيرِ وَتَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا وَتَلْبَسُ مِنْ صُوفِهَا إِذَا رَضِيَ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير وَلأَجل الْحجر وَمَال الْكَبِير كمالك وان تَصَدَّقْتَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِنَخْلٍ أَوْ دَابَّةٍ فَلَا تَأْكُلْ مِنْ ثَمَرِهَا وَلَا تَرْكَبْهَا وَلَا تَنْتَفِعْ بِهَا وَلَا شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهَا بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيرهَا وَلَو تصدق بِهِ عَلَيْك لَا تقبلهَا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدَّمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا لَمْ يُبَتَّلِ الأَصْل بَلْ تَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عُمْرًا أَوْ أَجَلًا فَلَهُ شِرَاءُ ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ وَجَوَابُهُ الْمُعَارَضَةُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ وَإِنْ جَعَلْتَ الثَّمَرَةَ أَوِ الْخِدْمَةَ إِلَى أَجَلٍ وَالرَّقَبَةَ بَعْدَهُ لِآخَرَ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُكَ وَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ مَرْجِعُ الْأَصْلِ وَلِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْغَلَّةِ شِرَاءُ الْأَصْلِ مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ - قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَة على النّدب وَالْكَرَاهَة وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ حَرَامٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا نَزَلَ مَضَى وَعَلَى الثَّانِي يُفْسَخُ وَأَلْحَقَ مَالِكٌ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ بِالتَّطَوُّعِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِجْزَاءِ إِذَا فُعِلَ قَالَ وَأَرَى الْإِجْزَاءَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ تَصَدَّقْتَ عَلَيْهِ بِحَائِطِكَ أَوْ وَهَبْتَهُ وَتَنَازَعْتُمَا فِي الثَّمَرَةِ فَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ يَوْمَ الصَّدَقَةِ فَهِيَ لِلْمُعْطَى تبعا وَإِلَّا فلك البيع وَلَا يَمِينَ عَلَيْكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَقِّقِ الدَّعْوَى فِي الثَّمَرَةِ وَيَحُوزُ الرِّقَابَ وَالسَّقْيَ عَلَيْكَ لِأَجَلِ ثَمَرَتِكَ وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ هُوَ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْزُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَوْ حَقَّقَ الدَّعْوَى لَحَلَفْتَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ وَهَبَ النَّخْلَ وَاسْتَثْنَى الثَّمَرَةَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ يَسْقِيهَا بِمَائِهِ امتنح لِلْغَرَرِ فِي بَذْلِ الْمَالِ فِي السَّقْيِ وَفِيمَا لَا يُعْلَمُ حُصُولُهُ كَمَنْ وَهَبَ فَرَسَهُ لِيَغْزُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ ثُمَّ هُوَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَتِ النَّخْلُ بِيَدِكَ تَسْقِيهَا وَتَقُومُ عَلَيْهَا جَازَ كَأَنَّكَ وَهَبْتَهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ إِنْ سَلِمَتْ وَلَمْ تَمُتْ أَنْتَ وَلَمْ تُسْتَدْعَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبْطُلُ شَرْطُهُ فِي الْفرس الْعَطِيَّة بل يتعجله وَيَزُول الْخطر كَمَنْ أَعَارَ رَجُلًا سَنَةً ثُمَّ آخَرَ بَعْدَهُ وَتَرَكَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ فَيَتَعَجَّلُ الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ السَّقْيُ عَلَيْكَ وَطَلَبَ أَخْذَ النَّخْلِ لم يكن ذَلِك لَهُ قَالَ وَأَرَى إِنْ قُلْتَ هِيَ لَكَ مِنَ الْآنِ وَثَمَرَتُهَا لِي عَشْرَ سِنِينَ وَسَقْيُهَا عَلَى أَنْ تُجْبَرَ عَلَى تَحْوِيزِهِ إِيَّاهَا الْآنَ وَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ فَقَطَعَهَا فَالْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ وَإِنْ قُلْتَ هِيَ لَكَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَالْقِيمَةُ لَكَ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ أَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي مَالِهِ صَدَقَةَ مِائَةِ دِينَارٍ لَزِمَتْهُ إِنْ حَمَلَهَا مَالُهُ وَإِلَّا لَمْ يُتْبَعْ بِمَا عَجَزَ لِاخْتِصَاصِ اعْتِرَافِهِ بِمَالِهِ.
فرع:
- قَالَ إِذَا مَاتَ الْحر أَو العَبْد قبل الْحَوْز لوَرَثَة الْحر وَسيد الْعَبْدِ الْقَبْضُ لِلُزُومِ الْعَقْدِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذا وهبت دينك للْمَيت الْمَدْيُون اقتسمته الْوَرَثَةُ عَلَى الْفَرَائِضِ أَوَّلُهُمُ اقْتَسَمُوهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ إِلَّا أَنْ تَقُولَ عَلَى السِّهَام لِأَن الأَصْل فِي الشّركَة التَّسْوِيَة وَلَو طَرَأَ وَارِثٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَالَ قَدْ صَارَ إِلَيَّ مِيرَاثِي أَوْ تَرَكْتُهُ لَكُمُ اقْتَسَمُوهُ عَلَى الْفَرَائِضِ قَالَ وَيَنْبَغِي فِي تَرَكْتُهُ لَكُمُ الْقِسْمَةُ بِالتَّسْوِيَةِ وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ آخَرُ وَكَانَ الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ وَهَبْتُ دَيْنِي لَكُمْ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يضْربُوا بدين الأول ويأخذوا مَا ينويه وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ قَالَ أَسْقَطْتُ دَيْنِي لَمْ يُحَاصِصِ الْوَرَثَةُ بِدَيْنِهِ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ فَقُرَاءَ حُمِلَ تَرْكُهُ عَلَى الدَّيْنِ بِالْوَرَثَةِ فَيَتَحَاصُّونَ فِيهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبْتَ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فِي سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ جَازَتِ الْهِبَةُ إِنْ قَامَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ امْتَنَعَ لِلُزُومِهِ لِلْمُبْتَاعِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ أَعْتَقْتَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ جَازَ أَيْضًا لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْتِقُ إِلَّا بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمَوْهُوبِ الْقِيَامُ بَعْدَ مَوْتِكَ وَقَبْلَ الْفَوْتِ وَإِذَا وَهَبْتَهُ قَبْلَ الْفَوْتِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ جَازَ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَصَارَ وَدِيعَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَتَصِحُّ حِيَازَتُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَنَا أَحُوزُهُ لَكَ فَقَوْلَانِ يَتَخَرَّجَانِ مِنْ هِبَةِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ لَيْسَتْ عَلَيْهَا فَتَصِحُّ وَإِنْ تَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهِ وَلَا بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ ثُمَّ فَاتَ مَضَى حُكْمُ الْبَيْعِ إِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَإِنِ اجْتَمَعَ عَلَى فَسَادِهِ مَضَتِ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْعَقْدَ أَبْقَى نَقْلَ الضَّمَانِ دُونَ الْمِلْكِ وَإِنْ عَلِمْتَ بِالْفَوْتِ وَأَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ الرَّدِّ حُمِلَ عَلَى أَنَّكَ أَرَدْتَ هِبَةَ الْقِيمَةِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْهِبَةِ أَخَذْتَ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ أَحَدٌ أَنَّ الْمَوْتَ فَوْتٌ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا وَهَبَ قَبْلَ حَوَالَةِ السُّوقِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى حَالَتِ السُّوقُ بِيعَ الْمُبْتَاعُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَطَلَتِ الْهِبَةُ لِلْفَوْتِ قَبْلَ الْحَوْزِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَنَّ الْهِبَةَ وَقَعَتْ فِي حَالَةِ وُجُوبِ رَدِّ الْعَيْنِ فَهِبَةُ الْبَائِعِ فَوْتٌ لِانْتِقَالِهِ عَنْ مِلْكِهِ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ إِنْ وَهَبَ الْمَرْهُونُ جَازَ وَتُعْطِي مَا عَلَيْكَ إِنْ كَانَ لَك مَال فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْكَ حَتَّى فَدَيْتَهُ أَخَذَهُ بِعَقْدِ الْهِبَةِ مَا لَمْ تَمُتْ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَغْصُوبِ وَاشْتَرَطَ الْأَئِمَّةُ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَمَنَعُوهُ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْبَحْثُ يَرْجِعُ إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فَنَحْنُ نُجِيزُهُ وَهُمْ يَمْنَعُونَهُ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ غَرَّرَ وَلَيْسَ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ وَالْغَاصِبِ حَوْزًا لِأَنَّهُمَا حَازَا لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ سِنِينَ ثُمَّ هُوَ هِبَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبْضُ الْمُخْدَمِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَبَضَ الْمَوْهُوب قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ أَحَقُّ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ مَلِيًّا وَيُعَجِّلُ الْحَقَّ وَفِي هِبَةِ الثَّوَابِ يُعَجِّلُ الْحَقَّ كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قِيلَ لَيْسَ عَلَيْكَ افْتِكَاكُ الرَّهْنِ إِذَا حَلَفْتَ أَنَّكَ لَمْ تُرِدْ تَعْجِيلَهُ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ حَقٍّ عَلَيْكَ وَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ تَرْكِ الرَّهْنِ وَبَيْنَ نَقْلِهِ إِلَى الْأَجَلِ فَإِنْ حَلَّ وَالْوَاهِبُ مُوسِرٌ قَضَى الدَّيْنَ وَأَخْذَهُ الْمَوْهُوبُ فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى التَّعْجِيلِ.
فرع:
ابْنُ يُونُسَ إِذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْوَاهِبِ أَلَّا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ بَطَلَتِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا فِي السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِلْبُلُوغِ أَوِ الرُّشْدِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى حَالِهِمَا وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ حَبْسٌ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ نَظَرًا لِمُوجِبِ الشَّرْطِ فَإِذَا انْقَرَضُوا رَجَعَتْ حَبْسًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُعْطِي يَوْمَ الْمَرْجِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ إِنْ أَرَدْتَ بَيْعَهُ فَأَنَا أَحَقُّ بِهِ بَطَلَتْ لِلْحَجْرِ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا وَهَبَ عَلَى أَلَّا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ إِنْ نَزَلَ مَضَى وَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ لِأَنَّ الْهِبَةَ مَعْرُوفٌ كَالْحَبْسِ فَيَقْبَلُ الشَّرْطَ وَلَا يَبِيعُهَا إِلَّا عَلَى مَا جَوَّزَهُ مَالِكٌ دُونَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ الْمُغِيرَةُ هِبَةَ الْأَمَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ خِدْمَتُهَا وَمَنَافِعُهَا وَإِنْ وَهَبَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَإِنْ أُدْرِكَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ خير الْوَاهِب بَين امضائها بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ يَرُدُّهَا فَإِنْ وَطِئَهَا تَقَرَّرَتْ وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَبَيْنَ رَدِّهَا وَلَوْ أَفَاتَهَا الْمَوْهُوبُ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا لِلْفَوْتِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْهِبَةُ جَائِزَةٌ وَيُؤْمَرُ الْمَوْهُوبُ بِالْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ فَإِنْ قَالَ لَا أُعْطِيهَا الْوَلَدَ أُمِرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذا قَالَ إِنْ ضَمِنْتَ عَنِّي الدَّيْنَ فَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَيْكَ لَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَلَا الضَّمَانُ لِعَدَمِ الرضى بِالْهبةِ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِذا قَالَت لَك امْرَأَتك وَقَدْ مَرِضْتَ إِنْ حَمَلْتَنِي إِلَى أَهْلِي فَمَهْرِي صَدَقَةٌ عَلَيْكَ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا لِتَقْطَعَ مَا جُعِلَتْ لَهُ سَقَطَ الْمَهْرُ وَإِنْ بَدَا لَهُ هُوَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ وَإِنْ قَبِلَهَا عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا لِفَسَادِ الْهِبَةِ بِالتَّحْجِيرِ فَإِنْ حَمَلَتْ بِوَطْئِهِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ إِذَا أُحِلَّتْ لَهُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ لَمْ يُعْطِهِ الرَّقَبَةَ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُرَدُّ الصَّدَقَةُ لِأَنَّهُ طلب الْوَلَد بِالْوَطْءِ فقد وفى بِالشّرطِ وَإِذا قَالَ إِنْ حَفِظَ وَلَدِي الْقُرْآنَ فَلَهُ دَارِي وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ عَمِلَهُ تَحْرِيضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لِلْأُمِّ الِاعْتِصَارُ لِهِبَةِ وَلَدِهَا فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ وَلَدِهَا الْكِبَارِ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ إِلَّا أَنْ يَنْكِحَ أَوْ يَتَدَايَنَ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ حِينَ الْهِبَةِ لَا تَعْتَصِرُ لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلْيَتِيمِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ لَا تُعْتَصَرُ وَإِنْ وَهَبَتْهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَأَبُوهُ حَيٌّ مَجْنُونٌ مُطْبَقٌ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ لَهَا الاعتصار وَللْأَب اعتصار مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا لَمْ يَنْكِحْ أَوْ يَتَدَايَنْ أَوْ يُحْدِثْ فِي الْهِبَةِ حَادِثًا أَوْ يَطَأِ الْأَمَةَ أَوْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ فِي نَفْسِهَا لِانْتِفَالِ الْعَيْنِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَهُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ مَيِّتَةً عِنْدَ الْهِبَةِ لِأَنَّ الْيُتْمَ من الْأَبِ فِي بَنِي آدَمَ دُونَ الْأُمِّ وَفِي الْبَهَائِمِ بِالْعَكْسِ وَلَا يَكُونُ لَهُ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَالَ الِابْنِ مَعْصُومٌ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبَوَيْنِ اعْتِصَارٌ مِنْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ وَلَدٍ وَوَافَقَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي اخْتِصَاصِ الْأَب وَالأُم بالاعتصار وان عليا وَخَالَفَنَا (ش) وَأَحْمَدُ فِي الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ فَجَوَّزَاهُ وَوَافَقَنَا (ح) فِيهَا وَجَوَّزَ الرُّجُوعَ مِنْ كُلِّ وَاهِبٍ إِلَّا مَنْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لِأَنَّ أَصْلَ الْهِبَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنَّمَا امْتنع الرُّجُوع لتوقع العقوق بَين ذَوي الْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَةِ وَنَاقَضَ فِي الزَّوْجَيْنِ فَمَنَعَ الِاعْتِصَارَ بَيْنَهُمَا وَاشْتَرَطَ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي الرُّجُوعِ وَعَلَى الْحَاكِم أَن يحكم بذلك حجَّته قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قيئه بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ خُولِفَ ذَلِكَ فِي ذِي الرَّحِمِ لِقِيَامِ مُعَارَضَةِ الْعُقُوقِ وَفِي الزَّوْجَيْنِ لمعارض المواصلة فَيبقى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ عَلَى مَا قَصَدَ بِهِ هِبَةَ الثَّوَابِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا حَتَّى لَا يَنْفِرَ النَّاسُ مِنَ الْإِحْسَانِ بِالْمَالِ خَوْفًا مِنْ عَدَمِ الْمَوْتِ فَيَعِيشُ فَقِيرًا فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ أَمِنَ فَكَثَّرَ الْوَصِيَّةَ وَجَادَ وَالْهِبَةُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ مَطْلُوبُ الْحِفْظِ فَاسْتَغْنَى عَنِ التَّرْغِيبِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ سَلَّمْنَا عَدَمَ الْفَرْقِ وَلكنه مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي دَاوُدَ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِي عَطِيَّةً يَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَده وَهُوَ نَصٌّ فِي صِحَّةِ مَذْهَبِنَا وَإِبْطَالِ مَذْهَبِكُمْ حَيْثُ جَوَّزْتُمْ وَحَيْثُ مَنَعْتُمْ وَقَالَ (ش) لَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ الزَّوَاجُ وَلَا الْفَلْسُ وَلَا نُقْصَانُ الْهِبَةِ وَلَا وَطْءُ الْوَلَدِ وَلَا الزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمُتَمَيِّزَةِ كَالسِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَمَيِّزَةُ كَالصُّوفِ وَالْكَسْبِ يَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَا الْبَيْعُ إِذَا رَجَعْتَ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَيُبْطِلُ الرُّجُوعَ الْهِبَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْقَبْضِ وَإِحْبَالُ الْأَمَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ يُبْطِلُ الِاعْتِصَارَ الْخُرُوجُ عَنِ الْمِلْكِ وَإِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ وَالِاسْتِيلَادُ لِتَعَذُّرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّة قبل الْقَبْض الْوَطْء وَالتَّزْوِيجِ وَالْإِجَارَةِ وَكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّف فِي الرَّقَبَة وَيمْنَع الِاعْتِصَارَ الْمُدَايَنَةُ وَتَزْوِيجُ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ وَقَالَهُ (ح) فِيهَا بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ وَلَا يَمْنَعُ تَلَفُ بَعْضِهَا وَنَقْصُهَا قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ لَيْسَ لِلْوَالِدِ الِاعْتِصَارُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إِذَا تَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوِ اسْتَدَانَ أَوْ مَرِضَ أَوْ مَرِضَ الْوَالِد أَو وَهبهَا لصلة الرَّحِم أَو الْقَرَابَة أَوْ لِوَجْهِ اللَّهِ أَوْ لِطَلَبِ الْأَجْرِ أَوْ قَالَ هِبَةٌ لِلَّهِ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الِابْنُ أَوْ يُرِيدُ بِهَا الصِّلَةَ أَوْ تَغَيَّرَتْ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لِلِاعْتِصَارِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ قَائِمَةً لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا عَيْبٌ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِغَرِيمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَالْوَاهِبُ أَبٌ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ غَيْرُ فَقِيرٍ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ الِاعْتِصَارُ لُغَةً الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ وَقِيلَ الِارْتِجَاعُ قَالَ وَهُوَ يَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ النِّحَلِ دُونَ الْأَحْبَاسِ وَالصَّدَقَةِ وَلَوْ كَانَتْ بِلَفْظ الْهِبَةِ إِذَا قَالَ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ إِذَا شَرَطَ فِيهَا الِاعْتِصَارَ فَلَهُ شَرْطُهُ وَالْعُمْرَى كَالْحَبْسِ وَقِيلَ كَالْهِبَةِ وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِمَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَوَازُ اعْتِصَارِ الصَّدَقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ زَوَاجُ الذَّكَرِ لَا يُبْطِلُ الِاعْتِصَارَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى لِأَنَّ الصَّدَاقَ بَذْلٌ لِمَالِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا وَهَبَتِ الْأُمُّ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ فَبَلَغَ قبل موت أَبِيه ثمَّ مَاتَ أَبوهُ لَهَا الِاعْتِصَارُ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ بُلُوغِهِ ثُمَّ بَلَغَ لَمْ تَعْتَصِرْ لِأَنَّ مَوْتَ الْأَبِ قَبْلَ الْبُلُوغِ يَقْطَعُ الِاعْتِصَارَ لِتَعَلُّقِ الْحَجْرِ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِهَا فَيَرْتَفِعُ بِهِ سُلْطَانُهَا لِأَنَّهَا لَا تَلِي الْمَالَ فَلَا تَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا الْيَتِيمِ الْمُوسِرِ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ لِانْتِفَاءِ دَلِيلِ الصَّدَقَةِ وَهُوَ الْحَاجَةُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَهَبَتْ وَقَبَضَهَا الْأَبُ لَا تَعْتَصِرُ لِدُخُولِهَا تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ إِذَا حَازَ الْوَصِيُّ وَلَوْ كَانَتْ هِبَةً اعْتَصَرَتْ لِتَمَكُّنِهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْهِبَةِ بِالْوِلَايَةِ كَانَ لَهُ أَبٌ أَمْ لَا وَإِذَا انْقَطَعَ الاعتصار بِالنِّكَاحِ لَا يعْتد بِالطَّلَاق أَو موت الزَّوْج لتقرر ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا زَالَ النِّكَاح الْمَذْكُور أَوْ دَيْنُهُمْ أَمَّا مَرَضُ الْأَبِ أَوِ الِابْنِ إِذَا زَالَا عَادَ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ كَمَا يَزُولُ الْحَجْرُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَعَنْ مَالِكٍ الْمَرَضُ كَالدَّيْنِ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يُفِيتُ وَطْءُ الْأَمَةِ وَتُوقَفُ فَإِنْ حَمَلَتْ بَطَلَ الِاعْتِصَارُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي الْوَطْءُ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا يُعْتَبَرُ بِحَالِهَا وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْكَشْفِ وَيَكْفِي تَقْرِيرُ النِّكَاحِ الثَّانِي فِي مسئلة الْوَلِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لِتَأَخُّرِهِ وَيُصَدَّقُ الِابْنُ فِي الْوَطْءِ إِذَا غَابَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ كَالْعَدَدِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الِابْنَ يُزَوَّجُ لأجل غناهُ لَا لأجل تِلْكَ الْهِبَة لِأَبِيهِ الِاعْتِصَارُ وَكَذَلِكَ إِذَا وَهَبَهُ مَا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَهُوَ لَهُ أَلْفُ دِينَارٍ لَهُ الِاعْتِصَارُ وَإِنْ تَزَوَّجَ لِأَنَّ عَدَمَ الِاعْتِصَارِ إِنَّمَا كَانَ نَفْيًا لِلضَّرَرِ الَّذِي يُتَوَقَّعُ مِنَ الِاعْتِصَارِ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُزَوَّجُ اعْتِمَادًا عَلَى الْهِبَةِ وَعَنْ مَالِكٍ يَمْتَنِعُ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ قَدْ قَوِيَ بِهَا وَإِذَا وَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَصَاغَهَا حُلِيًّا لَا يَعْتَصِرُهُ لِتَغَيُّرِهِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً قَالَ مَالِكٌ لِلْأُمِّ مِنَ الِاعْتِصَارِ مَا لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ كَالْأَبَوَيْنِ لِانْدِرَاجِهِمْ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فَكَذَلِكَ يَنْدَرِجَانِ فِي لَفْظِ الْوَالِدِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدَّمِ وَمَا يَعْتَصِرُ إِذَا أَثَابَ الِابْنُ مِنْهُ لَا يَعْتَصِرُ لِانْتِقَالِهِ لِبَابِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَثَابَهُ عَنْهُ غَيْرُهُ وَإِذَا نَمَتِ الْهِبَةُ فِي بَدَنِهَا فَلَا اعْتِصَارَ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ وَلَا يَمْنَعُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْهِبَةِ وَيَمْنَعُ مَرَضُ الْأَبِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَعْتَصِرُهُ لِغَيْرِهِ فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِيَبِيعَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لِلْأُمِّ الِاعْتِصَارُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ حَازَهَا الْأَبُ لَمْ تَعْتَصِرْ لِأَنَّهَا فِي وِلَايَةِ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَيْسَ فِي وِلَايَتِهَا وَإِنَّمَا تَعْتَصِرُ مَا فِي وِلَايَتِهَا قَالَ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْأَبَ يَعْتَصِرُ هِبَةَ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَخُرُوجِهَا عَنْ وِلَايَةِ الْأَبِ قَالَ وَفِي مَنْعِ حُدُوثِ الْعَيْبِ بِالْهِبَةِ الِاعْتِصَارَ قَوْلَانِ قَالَ وَعَدَمُ الْمَنْعِ أَحْسَنُ لِأَنَّ ضَرَرَهُ عَلَى الْوَاهِبِ وَسِمَنُ الْهَزِيلِ وَكِبَرُ الصَّغِيرِ فَوْتٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُنْفِقَ عَلَى الْعَبْدِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ كَمَالُهُ وَفِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمَوْهُوبَةِ قَوْلَانِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَإِذَا ولدت لَهُ أَخَذَ الْأَمَةَ دُونَ وَلَدِهَا وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ عَيْبٌ فَلَا يُفِيتُ وَالْوَلَدُ نَمَا بِمَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُنْفِقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالسَّيِّدَ عَلَى الْوَلَدِ إِلَّا أَنْ يَعْتَصِرَ بِقُرْبِ الْوِلَادَةِ وَبِنَاء الأَرْض وغرسها قوت خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّهُ يَنْقُصُ الْأَرْضَ وَيُوجِبُ حَقًا للْمَوْهُوب وَهدم الدَّار لَيْسَ قوتا إِلَّا أَنْ يَهْدِمَهَا الِابْنُ لِأَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَعْتَصِرَ الْعَرْصَةَ وَحْدَهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سِوَى الْهِبَةِ فَاشْتَرَى سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ امْتَنَعَ الِاعْتِصَارُ لِتَعَلِّقِ حَقِّ الْقَضَاءِ بِهَا وَمَرَضُ الْأَبِ أَوِ الِابْنِ يَمْنَعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ مِنْ جِهَةِ الِابْنِ وَكَوْنِ الْأَبِ يَعْتَصِرُ لِغَيْرِهِ - قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَعَنْهُ مَرَضُ الْأَبِ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّ الْمَرَضَ يُوجِبُ الْحَجْرَ وَالْحَجْرُ لَا يَمْنَعُ تَحْصِيلَ الْمَالِ بَلْ إِخْرَاجَهُ كَمَا لَهُ أَخْذُ مَالِ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذ لغيره وَإِذا اعْتَمر فِي الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ تَمَّ الِاعْتِصَارُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوقِفَ إِنْ مَاتَ سَقَطَ وَإِلَّا ثَبَتَ وَقِيلَ إِذَا طَلَبَ الِاعْتِصَارَ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ لَمْ يُعِدِ الِاعْتِصَارَ قَالَ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَإِذَا تَقَدَّمَتِ الْمُدَايَنَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الْهِبَةَ لَا تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَمْنَعُ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ وَإِذَا تَقَدَّمَتِ الْمُدَايَنَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الْهِبَةَ لَا تَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَقَالَ عَبْدُ الْملك تمنع وَلَيْسَ بِحسن فَإِنَّهُ لَمْ يَزَّوَّجْ لِأَجْلِهَا وَلَا أَدَانَ لِأَجْلِهَا وَالْمَرَضُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِي الِاعْتِصَارِ مِنَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ فَقِيلَ يَعْتَصِرُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ قَالَ وَإِنَّمَا يَعْتَصِرُ إِذَا كَانَ فِي حَجْرِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ غَنِيٌّ بِهِ أَوْ لَيْسَ فِي حَجْرِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَدْ تَكُونُ لِقَصْدِ سَدِّ خُلَّتِهِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا وَتَعْتَصِرُ الْأُمُّ إِذَا كَانَ الِابْنُ مُوسِرًا - كَانَ أَبُوهُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَيُخْتَلَفُ إِذَا كَانَا فَقِيرَيْنِ فقياسا عَلَى الْوَلَدِ الْفَقِيرِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَ مِنَ الْفَقِيرِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ حِينَئِذٍ وَالْمَذْهَبُ الِاعْتِصَارُ مِنَ الْكَبِيرِ الْفَقِيرِ وَإِنْ لَمْ تَعْتَصِرِ الْأُمُّ فِي الصَّغِير حَتَّى مَاتَ الْأَب لَهَا الاعتصار نظرا إِلَى حَالَة العقد وَقيل لاتعتصر.
فَرْعٌ:
فِي الْجُلَّابِ إِذَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ دَنَانِيرَ أَوْ مِثْلِيًّا فَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ بَطَلَ الِاعْتِصَارُ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ صَاغَهَا حُلِيًّا فِي شَرْحِ الْجُلَّابِ يَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ لَا يَعْتَصِرُ لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنٍ مُتَجَدِّدٍ بَعْدَ الْهِبَةِ بَلْ إِنَّمَا يَعْتَصِرُ لِنَفْسِهِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ هِبَةُ الثَّوَابِ مُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ قَالُوا لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلسِّلْعَةِ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إِنْ لَمْ يُعَيِّنُوا الْقِيمَةَ وَهُوَ مَمْنُوع فِي الْبيُوع اتِّفَاقًا فَكَذَلِك هَهُنَا وَلِأَنَّ مَوْضُوعَ الْهِبَةِ التَّبَرُّعُ لُغَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَقْتَضِي عِوَضًا فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ تَقْتَضِي ثَوَابًا وَلِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ اقْتَضَى عِوَضًا غَيْرَ مُسَمًّى لَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْأَعْلَى مَعَ الْأَدْنَى كَالنِّكَاحِ فِي التَّفْوِيضِ فَلَوِ اقْتَضَتْهُ الْهِبَةُ لَاسْتَوَى الْفَرِيقَانِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْفَرْقُ بِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ وَإِنْ دَخَلَهَا الْعِوَضُ فَمَقْصُودُهَا أَيْضًا الْمُكَارَمَةُ وَالْوِدَادُ فَلَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْمُعَاوَضَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَالْعُرْفُ يَشْهَدُ لذَلِك فَلِذَلِكَ جَازَ فِيهَا مِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ كَمَا جَوَّزَ الشَّرْعُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالطَّعَامَ لَا يَدًا بِيَدٍ فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْمَعْرُوفُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَعَنِ الثَّانِي إِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ كُلَّ هِبَةٍ مَوْضُوعُهَا التَّبَرُّعُ فَهُوَ مُصَادَرَةٌ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لِانْدِرَاجِهَا فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ بَعْضَ الْهِبَاتِ كَذَلِكَ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَنَا أَنَّ هِبَةَ الْأَدْنَى لِلْأَعْلَى مَوْضُوعَةٌ لِلْعِوَضِ وَالْأَعْلَى لِلْأَدْنَى لِلتَّبَرُّعِ بِشَهَادَةِ الْعرف فَيكون لُغَةً كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْلِ وَالتَّغْيِيرِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ لِلْعِوَضِ فِيهِ لَازِمٌ شَرْعًا لَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ إِسْقَاطِهِ فَلِذَلِكَ اطَّرَدَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ لِلْعِوَضِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا اقْتَرَنَ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ اتَّبَعَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ أَوْ بِقَلْبِه فَيَقُول عقد يقْصد لِلْوِدَادِ فَيَقْتَضِي الْعِوَضَ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ بَلْ عِنْدَنَا مُلْحَقَةٌ بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ يُسْكَتُ عَنِ الْعِوَضِ فِيهِ وَيلْزم صدَاق الْمثل كَذَلِك هَهُنَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الْمِثْلِ وَعَنِ الرَّابِعِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُرَادُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَقْتَضِ أعواض الدُّنْيَا كالصدقة ثمَّ يتأيد مَذْهَبُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَو ردوهَا} وَهُوَ يَشْمَلُ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ لِأَنَّهَا يَتَحَيَّى بِهَا وَوُرُودُهَا فِي السَّلَامِ لَا يَمْنَعُ دَلَالَتَهَا عَلَى محمل النِّزَاعِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ نَاقَةً فَأَعْطَاهُ ثَلَاثًا فَأَبَى فَزَاد ثَلَاثًا فَأَبَى فَلَمَّا كَمُلَتْ تِسْعًا قَالَ رَضِيتُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيْمُ اللَّهِ لَا أَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ الْيَوْمِ هَدِيَّةً إِلَّا أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا أَوْ ثَقَفِيًّا أَوْ دَوْسِيًّا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي الثَّوَابَ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطَاهُ حَتَّى أرضاه وروى عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَمَا زَالَ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهُ مَفْهُومٌ فِي الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رَبًّا لِتَرْبوا فيِ أمْوَالِ النّاس فَلا يَرْبُوا عِنْدَ الله} لي لَا أجر لَهُ فيربو فَبَقيَ الْأَجْرَ وَلَمْ يُثْبِتِ الْإِثْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنه عَادَة الْعُرْفِ وَعَلَى الْإِبَاحَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر} أَي لَا تعط شَيْئا لتأْخذ أَكثر مِنْهُ لشرف منصبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَسْكَنَةِ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ إِذَا شَرَطَ الْوَاهِبُ الثَّوَابَ أَوْ يَرَى أَنَّهُ أَرَادَهُ فَلَمْ يُثَبْ فَلَهُ أَخْذُ هِبَتِهِ إِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَثَابَهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا يُجْبِرُ الْمَوْهُوبَ عَلَى الثَّوَابِ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرِ الْهِبَةُ عِنْدَهُ وَيَلْزَمُ الْوَاهِبَ أَخَذُ الْقِيمَةِ يَوْمَ وَهَبَهَا لِأَنَّهُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ رَدُّهَا فِي الزِّيَادَةِ إِلَّا أَن برضى الْوَاهِبِ وَلَا لِلْوَاهِبِ أَخَذُهَا فِي نَقْصِ الْبَدَنِ إِلَّا بِرِضا الْمَوْهُوب وَلَا بِقِيمَتِهَا عِنْد الْمَوْهُوب بحوالة الْأَسْوَاقِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ خَارِجَةٌ عَنِ الْهِبَةِ وَإِذَا عَوَّضَ الْمَوْهُوبُ الْوَاهِبَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَة ثمَّ قَامَ الْوَاهِب بعد ذَلِك احْلِف مَا سَكَتَ إِلَّا لِلِانْتِظَارِ وَتَكْمُلُ لَهُ الْقِيمَةُ لِأَن الأَصْل عدم الرضى لَا سِيَّمَا بِدُونِ الْقِيمَةِ أَوْ تُرَدُّ الْهِبَةُ ان لم تفت وَالصَّدَََقَة للشراب كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلثَّوَابِ تُمْنَعُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ لِئَلَّا يَكُونَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ إِذَا شَرَطَ يَقْتَضِي جَوَازُ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّ الثَّوَابَ ثَمَنٌ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ جَائِزٌ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ التَّصْرِيحَ بِالشّرطِ لِأَنَّهُ بيع للسلعة بِقِيمَتِهَا وللمسئلة أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَنْ يَسْكُتَ وَيُعْلَمُ طَلَبُهُ لِلثَّوَابِ بِعَادَةٍ أَوْ ظَاهِرِ حَالِ الْهِبَةِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا وان يُصَرح فَيَقُول أهبتك لِلثَّوَابِ أَوْ لِتُثِيبَنِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَرْطٍ فَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ كَالْأَوَّلِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَأَنْ يُصَرِّحْ بِالشَّرْطِ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يَمْنَعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِالْقيمَةِ وَهُوَ مَمْنُوع اتِّفَاقًا يَقُول على أَن تثيبني كَذَا بِعَيْنِه فَيجوز مِنْهُ مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَمْتَنِعُ وَتَنْعَقِدُ الْهِبَةُ الْجَائِزَةُ بِالْقَبُولِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَنْعَقِدُ هِبَةُ الثَّوَابِ إِلَّا بِالْقَبْضِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ إِذَا فَاتَتْ أَنَّهُ يجْبر على الْقيمَة وَلَيْسَ لَهُ إِذا أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَكَذَلِكَ أَيْضًا مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَعَنْهُ لَهُ أَنْ يَأْبَى وَإِنْ أُثِيبَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهَا لِلثَّوَابِ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقِيمَةَ لَبَاعَهَا فِي السُّوق وَالْأَصْل عصمَة الْأَمْوَال إِلَّا برضى أَرْبَابِهَا قَالَ وَأَرَى إِنْ أُثِيبَ مِنْهَا مَا يَرَى أَنَّهُ كَانَ يَرْجُوهُ مِنْ هَذَا الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَائِمَةً كَانَتْ أَوْ فَائِتَةً لِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِإِخْرَاجِ سِلْعَتِهِ بِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لِلْوَاهِبِ هِبَةَ الثَّوَابِ الْمَنْعُ مِنَ الْقَبْضِ حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ كَالْبَيْعِ فَإِنْ قَبِضَ قَبْلَ الْعِوَض وقفت فيثيبه أَو يردهَا ويتلوم لَهُ مَاله يَضُرُّ وَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ لِلثَّوَابِ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَهِيَ نَافِذَةٌ كَالْبَيْعِ وَلِلْمَوْهُوبِ أَخَذُهَا إِنْ دَفَعَ الْعِوَضَ لِلْوَرَثَةِ وَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ كَالْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبُ لَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يُثَابَ لِحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ قَبْضِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقَدَّمَ تَسْلِيمُهَا قَبْلَ الطَّلَبِ وَإِذَا كَانَ الْوَاهِبُ مَرِيضًا جَازَ لَهُ تَسْلِيمُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقِيرًا فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَإِنْ قَبِضَهَا مَنَعُوهُ مِنْ بَيْعِهَا حَتَّى يُثِيبَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنَ الْبَيْعِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يمْنَع وَمَتى غَابَ عَلَى الْجَارِيَةِ الْعَلِيُّ امْتَنَعَ الرَّدُّ خَشْيَةَ الْوَطْءِ وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ أُبِيحَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِثَابَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَا ثَوَابَ فِي هِبَةِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَقْصِدَانِ عِوَضًا لَا مُعَوِّضًا إِلَّا أَن يشْتَرط قيثاب عَرَضًا أَوْ طَعَامًا حَذَرًا مِنَ النِّسَاءِ فِي الصَّرْفِ وَإِنْ وَهَبَ حُلِيًّا لِلثَّوَابِ عُوِّضَ عَرَضًا لَا معينا وَلَا حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا اشْتَرَطَ الثَّوَابَ فِي النَّقْدَيْنِ رُدَّتِ الْهِبَةُ لِأَنَّهَا قِيمَةٌ فَلَا تَكُونُ لَهُمَا قِيمَةٌ وَلِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ بِيعَا بِمَا لَا يُعْلَمُ مِنْ أَصْنَافِ الْعُرُوضِ وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ التِّبْرِ والسبائك والنقار والحلي المكسور وَعنهُ يجوز التعويض على الْحُلِيِّ الصَّحِيحِ لِلذَّهَبِ فِضَّةً وَعَنِ الْوَرَقِ ذَهَبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَالَ وَاهِبُ الدَّنَانِيرِ أَرَدْتُ الثَّوَابَ بِالْعَيْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْعَادَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ إِذَا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ فَإِنَّ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الشَّرْطِ الْعُرْفُ لَا الِاعْتِقَادُ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَدِمَ غَنِيٌّ مِنْ سَفَرِهِ فَأَهْدَى لَهُ جَارُهُ الْفَقِيرُ الْفَوَاكِهَ وَنَحْوَهَا فَلَا ثَوَابَ لَهُ وَلَا لَهُ رَدُّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةَ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ هَذَا لِلْمُوَاصَلَةِ وَكَذَلِكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الْآخَرِ وَالْوَلَدُ مَعَ وَالِدِهِ وَالْوَالِدُ مَعَ وَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْقَصْدُ لِذَلِكَ كَهِبَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا الْمُوسِرِ جَارِيَةً أَوِ الزَّوْجِ أَوِ الْوَلَدِ يَفْعَلُ ذَلِك يستعذر مِنْ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لَهُ أَخذهَا مَا لم تفت قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَّا الْقَمْحُ وَالشعِير يُوهب للثَّواب فَفِيهِ الثَّوَاب قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ الثَّوَابُ فِي الْفَاكِهَةِ لِلْقَادِمِ وَنَحْوِهَا وَمَا وَهَبَهُ الْقَادِمُ لجيرانه لَا ثَوَابَ فِيهِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَالْعَادَةُ فِي هَدِيَّةِ الْعرس والولائم للثَّواب غَيْرَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْقِيَامِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يُطْلَبُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ وَلَا لِوَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُطْلَبُ فَلَهُ وَلِوَرَثَتِهِ وَمَتَّى كَانَتِ الْعَادَةُ أَنْ يُثِيبَ مِثْلَ الْأَوَّلِ جَازَ لِشِبْهِهِ بِالْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ أَنْ يُثَابَ أَكْثَرَ فَسَدَتْ وَرُدَّتْ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ الْحُكْمُ أَنْ لَا ثَوَابَ فَأَثَابَ جَهْلًا أَوْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ قَالَ مَالِكٌ يَرْجِعُ فِي ثَوَابِهِ مَا كَانَ قَائِمًا لِعَدَمِ سَبَبِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إِنْ فَاتَ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ كَمَا قِيلَ فِي صَرْفِ الزَّكَاةِ لِغَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم ان أثابه دَنَانِير فَقَالَ أَنْفَقْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ حَلَفَ وَبَرِئَ أَوْ سِلْعَةً أَخَذَهَا وَإِنْ نَقَصَتْ وَكَذَلِكَ إِنْ زَادَتْ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا قَالَ وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ فِي عِوَضِ ثَوَابِهِ قَبْلَ الْفَوْتِ إِذْ يَصُونُ بِهِ مَالَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الدَّنَانِيرِ وَلَا غَيْرِهَا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ إِذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ وَادَّعَى التَّلَفَ لِلتُّهْمَةِ وَيُصَدَّقُ فِي الْحَيَوَانِ.
فرع:
- قَالَ وَمَتَى قَامَ دَلِيلُ الثَّوَابِ أَوْ عَدِمِهِ صُدِّقَ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَدَمُ خُرُوجِ الْهِبَةِ إِلَى بَابِ الْبَيْعِ وَمَتَى كَانَتْ مِنْ فَقِيرٍ لِغَنِيٍّ فَالثَّوَابُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَعَدَمُ الثَّوَابِ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ أَوْ مِنْ غَنِيٍّ لِغَنِيٍّ فَالثَّوَابُ لِأَنَّ عَادَةَ الْأَغْنِيَاءِ الْمُكَافَأَةُ أَوْ بَيْنَ فَقِيرَيْنِ فَقَوْلَانِ نظرا للفقر أَو لِأَن سنة الْفَقِيرِ لِلْفَقِيرِ كَالْغَنِيِّ لِلْغَنِيِّ قَالَ أَشْهَبُ الْهِبَةُ لِلْغَنِيِّ فِيهَا الثَّوَابُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَسْعَى لَهُ فِي حَاجَةٍ لِأَنَّ السَّعْيَ ثَوَابٌ وَلَا ثَوَابَ لِلسُّلْطَانِ وَلَا عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِنْ كَانَ الْوَاهِبُ فَقِيرًا فَلَهُ الثَّوَابُ لِأَنَّهُ يَرْجُو رِفْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَنِيًّا فَلَا ثَوَابَ لِأَنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُحَاسَبُونَ ذَبًّا عَنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَالِبُهُ بِمَظَالِمَ فَهَادَاهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ أَوْ قَدِمَ مِنَ السَّفَرِ بِتُحَفٍ فَهَادَاهُ فَالْعَادَةُ الثَّوَابُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْجَاهُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَا فِيمَا وُهِبَ لِلْفَقِيهِ أَوِ الصَّالِحِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَهُمَا الثَّوَابُ إِنْ وَهَبَا إِلَّا أَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ وَفِي هبة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر قَوْلَانِ فِي الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ الْوَالِدُ مَعَ الْوَلَدِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالثَّوَابِ يُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ وَالْأَقَارِبُ يَخْتَلِفُونَ فِي سُقُوطِ الثَّوَابِ وَأَقْوَاهُمُ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ يَهَبَانِ للْوَلَد وَلَيْسَ كَذَلِكَ هِبَتُهُ لَهُمَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ مَا وَهَبْتَهُ لِذِي رَحِمِكَ وَغِلْمَانِكَ لِلثَّوَابِ لَكَ طلبه ان أَثَابُوكَ وَإِلَّا رَجَعْتَ فِيهَا وَأَمَّا هِبَتُكَ لِفَقِيرِهِمْ فَلَا ثَوَابَ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةُ الصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَكَذَلِكَ هِبَةُ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ فَقِيرٍ لِفَقِيرٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ وَيُصَدَّقُ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ وَالْغَنِيُّ لِلْغَنِيِّ فَإِنْ أُثِيبَ وَإِلَّا رَجَعَ فِيهَا لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَّا أَن يرضى مِنْهَا فان هَلَكت فَلهُ شرواه بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا وَهَبْتُهَا إِلَّا رَجَاءَ أَنْ أُثَابَ عَلَيْهَا.
فَائِدَةٌ:
قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ شَرْوَاهَا بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُون الرَّاء أَصله مثل الشَّيْء وَالْمرَاد هَهُنَا الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مَثَلٌ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ قِيمَةً لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمُتَقَوِّمِ قَالَ وَتَحْلِيفُهُ مَذْهَبُ الْكِتَابِ لِهَذَا الْأَثَرِ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ إِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حَلَفَ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ لَا يَحْلِفُ وَفِي الْجُلَّابِ يُنْظَرُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينه أَولا يَطْلُبُ الثَّوَابَ صُدِّقَ الْمَوْهُوبُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ أَشْكَلَ صِدْقُ الْوَاهِبِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْأَمْلَاكِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا عَوَّضَكَ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِكُمَا لِاسْتِقْرَارِ الْأَمْلَاكِ.
فرع:
- قَالَ إِذَا وَهَبْتَ عَبْدًا لِرَجُلَيْنِ فَعَوَّضَكَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ فَلَكَ الرُّجُوعُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ - إِنْ لَمْ يُعَوِّضْكَ كَمَا لَوْ بِعْتَهُ مِنْهُمَا فَفَلِسَ أَحدهمَا انت أَحَقُّ بِنَصِيبِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا عَوَّضَ أَجْنَبِيٌّ عَنْكَ بِغَيْرِ أَمْرِكَ عَرَضًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَاهِبِ بَلْ عَلَيْكَ بِقِيمَتِهِ إِنْ رأى أَنَّهُ أَرَادَ ثَوَابًا مِنْكَ لِأَنَّهُ وَهَبَكَ دُونَهُ وَإِنْ عَوَّضَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَسْلِيفَهَا لَكَ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ لَا ثَوَابَ فِيهِمَا إِلَّا بِالشَّرْطِ قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَثَابَ قَبْلَ تَعْيِينِ الْهِبَةِ وَوُجُوبِ قِيمَتِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَيُخَيَّرُ الْمَوْهُوبُ بَيْنَ رَدِّ الْهِبَةِ عَلَى الْوَاهِبِ وَيَرْجِعُ لِلْمُثِيبِ مَا أَعْطَى وَحَبَسَهَا وَدَفَعَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ مَا أَثَابَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَهُ قَالَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ لِلْمُثِيبِ قِيمَةُ عَرَضِهِ أَوْ قِيمَةُ الْهِبَةِ يُخْرِجُهُ عَنْ هِبَةِ الثَّوَابِ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ فِيهَا الْقِيمَةُ لَيْسَ إِلَّا فَهِيَ أَقَلُّ غَرَرًا فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَاسِدًا وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا دَفَعَ لَيْسَ إِلَّا وَظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ اجازة هَذَا الْفِعْل لِأَن جعل لَهُ الْأَقَل إِذا تمسك الْمَوْهُوب بِالْهبةِ الأولى أَوْ فَاتَتْ وَيَلْزَمُ إِذَا تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِدَنَانِيرَ فَصَالَحَ عَنِ الْمَكْفُولِ بِعَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ قِيمَتُهُ أَوْ عَيْنُهُ مَعَ إِنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْتَضِي بَطَلَانَ الْفَرْعَيْنِ لِلْجَهَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا تَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ فِي بَدَنِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَيْسَ لَكَ رَدُّهَا وَلَا يُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاق أَو بخروجها عَنِ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ لِأَنَّهَا رَغَبَاتُ النَّاسِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا يَلْزَمُ بِهِ الْقِيمَةُ لِلْمَوْهُوبِ أَرْبَعَة أَقْوَال مُجَرّد القيض فَوت يُوجِبهَا وَلَا يردهَا إِلَّا بتراضيها قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَوت يُوجب الْقِيمَةَ وَلَا تَفُوتُ إِلَّا بِالزِّيَادَةِ دُونَ النُّقْصَانِ لِابْنِ الْقَاسِم أَيْضا وَعنهُ لَا تقوت إِلَّا بِالنُّقْصَانِ فَالْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْقَيِّمَةَ كَالثَّمَنِ وَالثَّانِي قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالثَّالِثُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحَقَّيْنِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِأَحَدِهِمَا وَالرَّابِعُ لِأَنَّ النَّقْصَ خَلَلٌ فِي الْعَيْنِ فَهِيَ كَالذَّاهِبَةِ وَهِيَ مَعَ الزِّيَادَةِ بَاقِيَةٌ فَلَا فَوْتَ وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِهَا بَعْدَ الْفَوْتِ هَلْ يُسْتَغْنَى عَنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهَا أَوْ يُحْتَاجُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ عَيْنِهَا إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخْذُ عَيْنِهَا بَعْدَ الْفَوْتِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ إِنْ قُلْنَا لَهُ إِثَابَةَ الْعُرُوضِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَإِلَّا احْتَاجَ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ.
نَظَائِرُ:
قَالَ ابْنُ بشير فِي نَظَائِره أَرْبَعَة مَسَائِلَ لَا تُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَاخْتِلَافُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالسِّلْعَةُ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الْعَيْبِ وَالْكَذِبُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدِ فِي الْأُصُولِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَمَتَى يلْزم الْوَاهِبَ الْقِيمَةُ إِذَا بُذِلَتْ لَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّهَا إِذَا لَمْ يَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَال بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ كَالْبَيْعِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ وَالثَّانِي الْقَبْضُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْعَيْنِ وَالثَّالِثُ التَّغَيُّرُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لِانْتِقَالِ الْعَيْنِ إِلَى عَيْنٍ أُخْرَى كَأَنَّهَا هَلَكَتْ وَالرَّابِعُ فَوَاتُ الْعَيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ بِهَلَاكٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا قُلْنَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ تَسْلِيمُ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّوَابِ فَضَمَانُهَا مِنَ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْهِبَةِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْنَا لَا فَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِالثَّوَابِ وَالْخِلَافُ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّمَانِ.
فرع:
- قَالَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ حَتَّى يُعْطَى قِيمَتَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ أُعْطِيَ أَكْثَرَ مِنِ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ نَظَرًا لِضَعْفِ الْعَقْدِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَا يعوض عَن الْحِنْطَة حِنْطَة أَو ثمرا أَوْ مَكِيلًا مِنَ الطَّعَامِ أَوْ مَوْزُونًا إِلَّا قَبْلَ التَّفَرُّقِ خَشْيَةَ النِّسَاءِ وَالتَّفَاضُلِ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ صِفَةً وَجِنْسًا وَمِقْدَارًا فَيَجُوزُ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَلَا يُعَوِّضُ دَقِيقًا مِنْ حِنْطَةٍ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْحُلِيِّ إِلَّا عَرَضًا حَذَرًا مِنَ الصَّرْفِ الْمُسْتَأْخِرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا يَلْزَمُ بَذْلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يُثِيبَهُ بِأَيِّ صِنْفٍ شَاءَ إِلَّا مِثْلَ الْحَطَبِ وَالتِّبْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ وَالْمَقْصُودُ حُصُولُ الْقِيمَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ مَا فِيهِ قِيمَتُهَا لِأَنَّهَا الْمَطْلُوبَةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُثِيبُ إِلَّا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ وَلَا يُجْبِرُ عَلَى قَبُولِ الْعُرُوضِ وَإِنْ وَجَدَ بِالْعَرَضِ أَوِ الْعَبْدِ عَيْبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُرِدْ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يُعَوِّضَ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لَا تَحْقِيقَ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرِدُ بِمَا يَرِدُ بِهِ فِي البيع لِأَنَّهُ عرض الْقِيمَةَ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُقَالُهُ فِي الْعَيْبِ الْكَثِيرِ وَلَا يُجْبِرُ عَلَى قَبُولِ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَخِدْمَةِ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ بَلِ النَّقْدِ لِأَنَّهُ قَاعِدَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يُعَوِّضُ آبِقًا وَلَا جَنِينًا وَلَا ثَمَرًا لَا يَصْلُحُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ بَيْعٌ لَا يَجُوزُ فِي عِوَضِهَا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُعَوِّضُ مِنْ جِنْسِ الْهِبَةِ أَكْثَرَ مِنْهَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ هَذَا مَا يَمْتَنِعُ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَأْخُذُ فِي الطَّعَامِ أَكْثَرَ وَلَا أَجْوَدَ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَدْنَى صِفَةً وَكَيْلًا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ الدَّقِيقِ فِي الْقَمْحِ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَعَامِهِ وَإِنْ رَدَّ جُمْلَةَ الدَّقِيقِ الَّذِي طَحَنَهُ مِنَ الْقَمْحِ جَازَ لِأَنَّهُ يُفَضَّلُ بِالطَّحْنِ وَإِنَّ رَدَّ أَقَلَّ جَازَ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ أَجْوَدَ الطَّحْنِ وَتَعْوِيضُ الثَّمَرِ أَوِ الْقُطْنِيَّةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يَجُوزُ وَأَجَازَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ إِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَائِمًا وَرَآهُ أَخَفَّ مِنَ الْبَيْعِ لِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّهُ بَاعَ حِينَئِذٍ وَعَنْ مَالِكٍ إِجَازَةُ إِثَابَةِ الْفِضَّةِ عَنْ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَبِالْعَكْسِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَابُ مُكَارَمَةٍ كَالْقَرْضِ يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَخْذُ الثَّمَنِ عَنِ الْحِنْطَةِ وَمَنَعَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُثَابَ عَلَى الثِّيَابِ أَكْثَرُ مِنْهَا سَدًّا لِذَرِيعَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُلِيِّ وَيَجُوزُ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ قَائِمَةً لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَإِنْ فَاتَتْ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَا يَدْخُلُهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ فَلَيْسَتْ دَيْنًا وَتَجُوزُ إِثَابَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ فَوْتِهَا وَبَعْدَ فَوْتِهَا إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْقِيمَةِ وَبِمِثْلِهَا فِي الْقَدْرِ فَأَقَلَّ وَيَمْتَنِعُ الْأَكْثَرُ حَذَرًا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَفِي النَّقْدَيْنِ الصَّرْفُ الْمُسْتَأْخِرِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا وَجَدَ الْمَوْهُوبُ بِالْهِبَةِ عَيْبًا رَدَّهَا وَأَخَذَ الْعِوَضَ كَالْبَيْعِ أَوِ الْوَاهِبُ بِالْعِوَضِ عَيْبًا فَادِحًا لَا يُتَعَاوَضُ بِمِثْلِهِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْهِبَةَ إِلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَادِحًا نَظَرَ إِلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةَ الْهِبَةِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَجِبْ لَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْقيمَة أَو دون قيمتهَا أتم لَهُ الْقيمَة فَإِنِ امْتَنَعَ الْوَاهِبُ رَدَّ الْعِوَضَ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِذَا عُوِّضَ فِيهَا بَعْدَ فَوْتِهَا عَرَضًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَا يُقَالُ هُوَ كَالْبَيْعِ يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ لِتُقَرِّرِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا لَمَا عُوِّضَ إِلَّا أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بَلْ هِيَ كَغَيْر الْفَائِتَة.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ فَوَاتُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ يُوجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا وَالْفَوْتُ فِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ خُرُوجُهَا عَنْ يَدِهِ وَحُدُوثُ الْعُيُوبِ وَالْهَلَاكُ وَتَغَيُّرُ الْبَدَنِ وَالْعِتْقُ وَوِلَادَةُ الْأَمَةِ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ وَجِنَايَتُهَا لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَزَوَالُ بَيَاضٍ بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ نَمَاءٌ وَذَهَاب الصمم وَالْهدم وَالْبناء وَالْغَرْس وَلَيْسَ قلع الْبناء وَالْغَرْس وَيرد لتقرر الْفَوْتِ وَفِيهِ ضَيَاعُ الْمَالِيَّةِ وَالْبَيْعُ الْحَرَامُ لِأَنَّهُ بِإِحَالَتِهَا عَنْ حَالِهَا حَيْثُ أَحَالَهَا رَضِيَ بِثَوَابِهَا وَصَبْغُ الثَّوْبِ وَقَطْعُهُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَهِبَةُ الْعَبْدِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا فَيَرُدُّ كَمَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَدِينُ وَلَوْ قَلَّدَ الْبَدنَة وأشعرها وَلَا مَال لَهُ للْوَاهِب أَخَذُهَا وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى مِنْكَ شِرَاءً فَاسِدًا بِيعَتْ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لِتَقَرُّرِهِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ الدَّارِ وَأَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَةِ جَمِيعِهَا وَإِنْ بَاعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا وَإِلَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَرَدَّ الثَّانِي لِعَدَمِ الضَّرَرِ بِعَدَمِ ذَهَابِ الْأَجْوَدِ وَإِنْ أَثَابَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَرَدَّ عَلَيْهِ الْآخَرَ فَلِلْوَاهِبِ أَخَذُهُمَا إِلَّا أَنْ يُثِيبَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا نَفْيًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ الْحَرْثُ فَوْتٌ وَفِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ قلد الْبَدنَة وأشعرها معدما للْوَاهِب رَدُّهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ فَعَلَ ذَلِكَ مَلِيًّا أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَوْتًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ شَرْعًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حسا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَوْتُ وَقِيلَ إِذَا بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ لَزِمَهُ قِيمَةُ جَمِيعِهَا يَوْم البيع وَلَو كَانَت عرضة لَا يَضِيقُ مَا بَقِيَ مِنْهَا لَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ مِنْهَا يَوْمَ الْهِبَةِ وَيَرُدُّ الْبَاقِي وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ لَا ضَرَرَ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعَبْدَيْنِ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ أَرْفَعَ أَوْ أَدْنَى لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ رَدُّهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ حَالَ سُوقُهُمَا حَتَّى صَارَ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي قِيمَتَهَا فَأَثَابَهُ إِيَّاهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ بَعْضُ هِبَتِهِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَوْتٌ فَإِنْ فَلِسَ فَلِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْهِبَة قَالَ عبد الْملك إِذا غَابَ عَلَيْهِمَا لَزِمته - وطئتها أَمْ لَا تَغَيَّرَتْ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ جَنَى خَطَأً فَفَدَاهُ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَوْتًا مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا يُفِيتُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُفِيتُهَا تَغَيُّرُ الْبَدَنِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ تَغَيُّرُ الْبَدَنِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَيْسَ فَوْتًا وَقَالَ أَشْهَبُ تَغَيُّرُ السُّوقِ وَالْبَدَنِ سَوَاءٌ الْمُقَالُ لِلْوَاهِبِ فِي النَّقْصِ وَيُخَيَّرُ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا نَاقِصَةً وَإِلْزَامِ قِيمَةٍ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ بِزِيَادَةٍ وَالْمُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِثَابَةِ وَالرَّدِّ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِنْ فِعْلِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا حَقُّهُ وَإِنِ اجْتَمَعَ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ لَمْ يُرَدَّ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا لِتَعَارُضِ السَّبَبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ فَوْتُهَا فِي الْهِبَةِ كَفَوْتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْخُرُوجِ عَنِ الْيَدِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُفِيتُهَا مَا يُفِيتُ الْعَبْدَ وَالثَّوْبَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ مِثْلَ الطَّعَامِ كَيْلَا أَوْ وَزْنًا قَالَ وَهَذَا يَحْسُنُ إِذَا كَانَ فَوْتُهُ بِغَيْرِ سَبَبِهِ أما ان أكله أَو بَاعه فَهُوَ رَضِي بِالثَّوَابِ فَيَلْزَمُهُ وَيُمْنَعُ رَدُّ الْمِثْلِ وَخَالَفَ أَشْهَبُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي صَبْغِ الثَّوْبِ إِنْ زَادَ فَالْمُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ وَيَرُدُّ إِنْ شَاءَ أَوْ نَقَصَ فَالْمُقَالُ لِلْوَاهِبِ لَهُ أَخَذُهُ بِنَقْصِهِ إِلَّا أَنْ يُثِيبَهُ رِضَاهُ وَإِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ فَاتَتْ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ نَقْصٌ وَالْوَلَدُ زِيَادَةٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَالْقِيَاسُ إِنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ مَا يَجْبُرُ الْوِلَادَةَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَلَوْ كَرِهَ الْوَاهِبُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ يَطَّلِعُ عَلَى الْعَيْبِ فِيهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَحَلْبِ الشَّاة لَيْسَ رضى بِالضَّمَانِ قَالَ سَحْنُونٌ إِنْ جَزَّ صُوفَهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَقْصٌ وَيَرُدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُثِيبُ عَنِ الصُّوفِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ أَدْنَاهُمَا وَخَالَفَ أَشْهَبُ فِي كَوْنِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَوْتًا وَيَرُدُّ الْأُصُولَ دُونَ الثَّمَرَةِ إِنْ جَدَّهَا وَبِثَمَرِهَا إِنْ لَمْ تَطِبْ فَإِنْ طَابَتْ أَوْ يَبِسَتْ وَلِمَ تَجِدُّ فَخِلَافٌ وَإِنْ كَاتَبَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقِيمَتُهُ مُكَاتَبًا وَغَيْرُ مَكَاتَبٍ سَوَاءٌ مَضَتِ الْكِتَابَةُ وَبِيعَ فِي الثَّوَابِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَإِنْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ أَقَلَّ رُدَّتِ الْكِتَابَةُ إِنْ قُلْنَا أَنَّهَا مِنْ بَابِ الْعِتْقِ وَلَا تُرَدُّ إِنْ قُلْنَا هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْعِ إِذْ لَمْ يَحِلُّ بِهِ فِيهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ أَرَادَ التَّخْفِيفَ لِلْعِتْقِ رُدَّتْ وَإِنْ أَرَادَ التِّجَارَةَ وَطَلَبَ الْفَضْلِ فَهُوَ بَيْعٌ يُرَدُّ وَالْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ إِنْ فَلِسَ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ وَإِنْ عَجَزَ فَهُوَ لَهُ رَقِيقٌ أَوْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِعَاقِدِ كِتَابَتِهِ وَهُوَ يَصِحُّ عَلَى أَنَّ الْفَلَسَ نَقْضُ بَيْعٍ فَإِنَّهُ لم يَجْعَل لَهُ مَا بَقِي من الْكِتَابَة والماضي للْمَوْهُوب لَهُ كالغلة وَخَالَفَ أَصْبَغُ فِي الثَّوْبَيْنِ يُرِيدُ الْإِثَابَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا فَجَوَّزَهُ كَهِبَتَيْنِ وَالْمَشْهُورُ أَحْسَنُ وَلَوْ كَانَا فِي بَيْعٍ خِيَارٌ مُنِعَ قَبُولِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ حَالَتْ فِي نَفْسِهَا أَوْ حَالَ سُوقُهَا ثُمَّ عَادَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِخِلَافِ مَنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ فِعْلِهِ فيعد رضى بِالْإِثَابَةِ وَلَوْ بَاعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ثُمَّ اشْتَرَى رُدَّتْ وَلَوْ حَالَ سُوقُهُ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَرُدَّ وَعَكَسَ الْهِبَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا حَقٌّ لآدَمِيّ فَينْظر هَل مَا يعْذر رضى أَمْ لَا وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ضَرَرُ أَحدهمَا فَإِذا عَادَتْ بِالشِّرَاءِ لَا ضَرَرَ وَإِذَا حَالَ السُّوقُ تَغَيَّرَتِ الْهِبَةُ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ الْهِبَةَ فَقَالَ مَالِكٌ يَوْمَ وُهِبَتْ لِأَنَّ العقد ناقل للْمَالِك وَالضَّمَانِ وَعَنْهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي قَبْضِهَا بِالْخِيَارِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ لِلْوَاهِبِ حَبْسَهَا حَتَّى يُثَابَ لِأَنَّهَا محبوسة بالثمر فَإِنْ دَخَلَ هَذَانِ عَلَى حَبْسِهَا فَهِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى التَّسْلِيمِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْهِبَةِ لِانْتِقَالِهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهِيَ حِينَئِذٍ وَدِيعَةٌ وَإِلْحَاقُهَا بِبَيْعِ الْخِيَارِ غَيْرُ مُتَّجِهٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَا يَنْقِلُ الْمَذْهَبَ حَتَّى يَمْضِيَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَكَذَلِكَ الْمُصِيبَةُ فِي الْخِيَارِ مِنَ الْبَائِعِ وَفِي الْهِبَةِ مِنَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ لَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِنْ فَلِسَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلِلْغُرَمَاءِ تَسْلِيمُهَا وَأَخَذُ الثَّوَابِ وَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرُوا بَيْنَ تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ مِنَ الثَّوَابِ أَوْ يَمْنَعُوهُ وَيُخَيَّرُ الْوَاهِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَسْلِيمِهَا وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ مَاتَ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلِلْغُرَمَاءِ تَسْلِيمُهَا أَوْ يُثِيبُونَ عَنْهَا وَتُبَاعُ لَهُمْ فَإِنْ فَاتَتْ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقِيمَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ عَيْبُهَا وَاسْتِحْقَاقُهَا كَالْبَيْعِ فَتُرَدُّ بِعُيُوبِ الْبَيْعِ وَإِذَا رُدَّتْ أَوِ اسْتُحِقَّتْ رَجَعَ فِي الثَّوَابِ فَإِنْ فَاتَ فَفِي قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَهُوَ أَصْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إِلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ يُثِيبَ عِوَضًا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَعِنْدَ أَشْهَبَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا لِأَنَّ الثَّوَابَ عِنْدَهُ إِنَّمَا يَجِبُ مِنَ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا أَخَذَ الْعِوَضَ مِنِ الْقيمَة دون الْهِبَة فَإِذا رَدَّهَا رَجَعَ بِقِيمَتِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْعِوَضِ قَالَ الْعَبْدِيُّ فِي نَظَائِرِهِ الْمُسْتَحِقُّ لِلْهِبَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا رَجَعَ عَلَى الْوَاهِبِ أَوَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الْمَوْهُوبِ إِنْ عُدِمَ الْوَاهِبُ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَإِنْ عَلِمَ رَجَعَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَاخْتُلِفَ فِي الْوَارِثِ فَقِيلَ كَالْمُشْتَرِي وَقِيلَ كَالْغَاصِبِ.
فرع:
- فِي الْكِتَابِ إِذَا وَهَبَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَمْ يَقْبِضْ فَادَّعَيْتَ أَنَّكَ اشْتَرَيْتَهَا مِنْهُ صُدِّقْتَ لِقُوَّةِ الْمُعَاوَضَةِ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَمَاتَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَثْبُتُ الْحَبْسُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَهْلِ الدَّيْنِ وَالْأَوْلَادُ أَوْلَى بِالْحَبْسِ سَوَاءٌ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إِذَا حَازُوا أَوْ حَازَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِبَارِ إِذَا حَازُوا وَأَمَّا الصِّغَارُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِمْ إِنِ الْحَوْزُ قَبْلَ الدَّيْنِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَبْسِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِخِلَافِ الْكِبَارِ أَيْدِيهِمْ ظَاهِرَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ لِمَا حَازُوهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَرَّخًا فَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ الدَّيْنُ أَوْلَى لِقُوَّتِهِ بِالتَّارِيخِ وَسَوَّى الْمُغِيرَةُ بَيْنَ الْمُؤَرَّخِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ التَّارِيخَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَطِيَّةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ عَدَمَ الْحَوْزِ فَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْأَبِ يَقْتَضِي تَحْصِيلَ مَصْلَحَةِ وَلَدِهِ بِالْحَوْزِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَخْلَى الدَّارَ مَنْ سَكَنَهَا قَالَ فَإِنْ جهل أَنه كَانَ يسكنهَا حُمِلَتْ عَلَى عَدَمِ السُّكْنَى حَتَّى يَثْبُتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُكْنَاهُ فَإِنْ عُرِفَتْ قَبْلَ الصَّدَقَةِ سُكْنَاهُ فَعَلَى الصِّغَارِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَخْلَاهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى كَبِيرٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْحَوْزِ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِذَا وُجِدَتِ الْعَطِيَّةُ بِيَدِ الْمُعْطَى وَقَالَ حُزْتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ صَدَقَ الْمُعْطَى وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ يُوجَدُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ مِنَ الْمُسْلِمِ بِوَضْعٍ شَرْعِيٍّ كَمَا إِذَا تَنَازَعَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالْحَوْزِ فِي الْحَيَاةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِ مُورِثِهِمْ وَكَذَلِكَ فِي الْفَلَسِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا أَنْكَرَ الْمَوْهُوبُ الْإِثَابَةَ صُدِّقَ الْوَاهِبُ مَعَ يَمِينِهِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ جَوَّزَ مَالِكٌ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِنْ لَمْ يُبْقِ كِفَايَتَهُ صدقته لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ.
فَرْعٌ:
كَرِهَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ هِبَةَ مَاله كُله لأجل بَنِيهِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الرَّدِّ شَيْئًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّ أُمَّهُ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا فَالْتَوَى عَلَيْهَا بِهَا سَنَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَتْ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ هَذَا أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ كُلُّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ لَا أَشْهَدُ إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» وَفِي الْمُوَطَّأِ فَارْتَجَعَهُ وَرُوِيَ أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ثُمَّ قَالَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ لَكَ سَوَاءٌ قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا وَفِي طَرِيقٍ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ وَفِي طَرِيقٍ أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِرَدِّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُكْرَهُ وَلَا ترد لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشهد غَيْرِي وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ أَصْبَغُ إِنْ حِيزَ عَنْهُ نَفَذَ وَإِنْ قصد الْفِرَار لِأَنَّهُ ملكه يتَصَرَّف فِيهِ بِمَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَحَلَ مَالَهُ كُلَّهُ أَمَّا الْبَعْضُ فَجَائِز كَفعل الصّديق ذَلِك لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَالَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ كَرِهَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْوَلَدِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَتِهِ فأثابته بِوَضْع صَدَاقهَا لَا ثَوَابَ فِي الصَّدَقَةِ غَيْرَ أَنَّ الصَّدَاقَ يَسْقُطُ وَالصَّدَقَةُ لَهَا إِنْ حِيزَتْ.
نَظَائِرُ:
قَالَ الْعَبْدِيُّ يَرْجِعُ الْإِنْسَانُ فِي مَالِهِ حَالَةَ قِيَامِهِ دُونَ ثَوَابِهِ إِذَا غَلِطَ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ مَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَةٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَالْأَخْذُ مِنْ طَعَامِ الْحَرْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ وَالْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَيَقُولُ قَامَتْ عَلَيَّ بِدُونِ مَا قد قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ الْغَلَطُ وَالْبَائِع ثوبا بِالْعشرَةِ فَيُعْطَى أَعْلَى مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ غَلَطًا وَاخْتُلِفَ فِي بَائِعِ الْجَارِيَةِ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَقَالَ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ أَكْثَرَ فَقِيلَ يَرْجِعُ فِي الْحَالَيْنِ هَهُنَا.
فَرْعٌ:
قَالَ سُئِلَ مُحَمَّدٌ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ أَمِ الْعِتْقُ فَقَالَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ سَدِّ حَاجَةِ الْمُعْطَى وَقَالَ قَالَ مَالِكٌ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الْغَزْوِ لِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَيُفَضَّلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَوْفٌ وَالْحَجُّ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَنَةَ مَجَاعَةٍ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ قِيلَ لَهُ فَالصَّدَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ إِطْعَامِ الطَّعَامِ قَالَ كُلٌّ حَسَنٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَتَقْرِيرُهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ لَا بَأْسَ بِقَبْضِكَ الْعَطِيَّةَ مِنَ الْخَلِيفَةِ وَأَكْرَهُهُ مِنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِأَنَّهُ مَهَانَةٌ وَمَا جُعِلَ فِي السَّبِيلِ مِنَ الْعَلَفِ وَالطَّعَامِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إِلَّا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَمَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَاءِ فَلْيَشْرَبْ مِنْهُ كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ بِهِ عُمُومُ النَّاسِ وَلَا مَهَانَةَ فِيهِ وَأَكْرَهُ لِلْمُحْتَاجِ الْخُرُوجَ لِلْحَجِّ أَوِ الْغَزْوِ وَيَسْأَلُ النَّاسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ أَيْ خَيْرُ الزَّادِ مَا وَقَاكُمُ السُّؤَالَ وَالسَّرِقَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّقْوَى الْمَعْهُودَةَ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ كسر السُّؤَال لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث: بَرِيرَةَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ».
فَرْعٌ:
قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَهَبَ شِقْصًا مِنْ دَارِهِ عَلَى عِوَضٍ سَمَّيَاهُ أَمْ لَا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُثَابَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ لَهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ إِذَا سَمَّيَا الثَّوَابَ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَمَالِ صُورَةِ الْبَيْعِ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ خِلَافٌ لِكَوْنِهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَقِيلَ وِفَاقٌ قَالَ وَهُوَ أظهر وَمعنى مسئلة الشُّفْعَةِ أَنَّهُ عَيَّنَ الثَّوَابَ الَّذِي يَبْذُلُهُ فَقَبِلَهُ الْمَوْهُوب لِأَنَّهُ بيع لم يبْق فِيهِ خِيَار وَهَهُنَا لَمْ يُعَيِّنِ الثَّوَابَ وَمَعْنَى سَمَّيَاهُ أَيْ ذَكَرَا لَفْظَ الْعِوَضِ وَلَمْ يُعَيِّنَاهُ وَلَا نَوْعَهُ قَالَهُ أَبُو عمرَان وَقيل مسئلة الشُّفْعَة رَضِي الْمَوْهُوب بِدفع الثَّوَاب وَهَهُنَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يُرِيدُ لَا يَأْخُذ الشَّفِيع وان فَاتَت حَتَّى يَقْتَضِي بِالْقِيمَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُثِيبَ الْمَوْهُوبَ فَإِنْ أَثَابَهُ قَبْلَ فَوْتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَإِنْ أَثَابَهُ بَعْدَ فَوَاتِ الْهِبَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُ إِلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَهَبُونَ إِلَّا لِيَأْخُذُوا أَكْثَرَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ عِنْدَ الْفَوْتِ وَالزَّائِدُ حِينَئِذٍ هِبَةٌ لَا تَلْزَمُ الشَّفِيعَ قَالَ وَيُلْزِمُ أَشْهَبُ هَذَا قَبْلَ الْفَوْتِ لِقُدْرَتِهِ على الِاقْتِصَار إِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِهِبَتِهِ بَعْدَ دَفْعِ الْقِيمَةِ حَتَّى يَرْضَى مِنْهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَخَذَ السَّيِّدُ الْهِبَةَ مِنَ الْعَبْدِ فَهِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا فِي مَالِهِ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَقَرَّهَا كَالْبَيْعِ وَالْقِيمَةَ كَالثَّمَنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا السَّيِّدُ وَهِيَ بِحَالِهَا لَمْ تُوطَأْ إِنْ كَانَتْ أَمَةً وَلَا نَقَصَتْ خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ رَدِّهَا وَدَفْعِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْهِبَةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ أَوْ نَقَصَتْ لَزِمَ الْعَبْدَ قِيمَتُهَا فِي مَالِهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِلثَّوَابِ وَيُعَوِّضُ عَنْهُ مَا وُهِبَ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةُ مَالِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ وَهَبَ مِنْ مَالِهِ أَوْ تَصَدَّقَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ فِي بَيْعٍ رُدَّ ذَلِكَ كُلُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ بِخِلَافِ عِتْقِهِ عَبده ان كَانَ مَلِيًّا مضى الْعتْق وَغرم الْقيمَة لَهُ أوعد يمارد لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ لِمَصْلَحَةِ الْعِتْقِ.
فَرْعٌ:
فِي النُّكَتِ إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ وَلَا مَالَ لَهُ رُدَّ لِلْوَاهِبِ وَإِنْ كَانَ لَوْ بِيعَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ عَنِ الْقِيمَةِ لَأَنَّ عُسْرَهُ يُصَيِّرُ الْهِبَةَ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ.
فرع:
- قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذا وهب لعَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ فَاتَّبَعَتْهُ الْهِبَةُ كَمَالِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ لَمْ تَرْجِعِ الْعَطِيَّةُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْعَطِيَّةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَخَذَ الْعَطِيَّةَ لِأَنَّهُ ظَنَّهُ مَوْلًى لَهُ فَأَعْطَاهُ لِذَلِكَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَيْسَ لَهُ أَخذ ذَلِك لِأَنَّهُ ملك مُقَرر.
فرع:
فِي التَّنْبِيهَات إِن اسْتهْلك سِنِين مُسَمَّاة على ان عَلَيْهِ حرمتهَا فَهُوَ كِرَاء مَجْهُولٌ أَوْ أَعْطَاهُ رَقَبَتَهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَالْغَلَّةُ لِلْمُعْطَى بِالضَّمَانِ وَتُرَدُّ لِرَبِّهَا وَيُتْبِعُهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ.
فرع:
- قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِعَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ وَعَوَّضَهُ غَيْرَهُ مِثْلَهُ أَوْ أَدْنَى جَازَ إِنْ كَانَ فِي وِلَايَتِهِ لِشُبْهَةِ الْوِلَايَةِ وَشُبْهَتِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا امْتَنَعَ وَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ مِنَ الْوَصِيِّ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَالِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِغَنَمٍ عَلَيْهِ ثُمَّ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ اعْتِصَارٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ لَا يَلْزَمُكَ مَا نَحَلَتِ امْرَأَتُكَ عِنْدَ الْخَلْوَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ يُقَالُ لِتَوْطِئَةِ النُّفُوسِ لَا لِتَحَقُّقِ الْعَطَاءِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا أَعْطَيْتَ ابْنَتَكَ لِرَجُلٍ يَكْفُلُهَا لَا تَأْخُذْهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ إِلَّا أَن ترى اساءة تضربها وَنِكَاحُهَا لِلَّذِي وُهِبَتْ لَهُ إِنْ كُنْتَ جَعَلْتَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَدَعَا إِلَى سَدَادٍ وَإِنْ دَفَعْتَهَا إِلَى غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ امْتَنَعَ لِامْتِنَاعِ خَلْوَتِهِ بِهَا وَإِذَا مُتَّ فَهُوَ يُزَوِّجُهَا لَكِنْ بِرِضَاهَا.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا تَصَدَّقَتْ عَلَى ابْنِهَا بِجَارِيَةٍ على أَن لَا يَبِيع وَلَا تخرج عَنهُ لِيَكُونَ لَهَا تَسَلُّمُهَا أَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْحَجْرِ الْمُنَافِي لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ مَعَ الشَّرْطِ تَوْفِيَةً بِالشَّرْطِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ صَدَقَةُ الْحَيِّ عَنِ الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ إِجْمَاعًا وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ أفأتصدق عَنْهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ.
فَائِدَةٌ:
افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا اخْتُلِسَتْ مَاتَتْ فَجْأَةً مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ كَأَنَّ الَّذِي يَطُولُ مَرَضُهُ وَطَّأَ نَفْسَهُ عَلَى الْمَوْتِ فَكَأَنَّهُ دَفَعَ نَفْسَهُ بِاخْتِيَارِهِ.
فرع:
- قَالَ قَالَ مَالِكٌ وَ (ش) وَ (ح) إِذَا رَجَعَتِ الصَّدَقَةُ بِالْمِيرَاثِ فَحَسَنٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ عَلَى ابويه بِصَدقَة فهلكا فورثهما فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو جرت فِي صَدَقَتِكَ وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ.
نَظَائِرُ:
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِيرَاثِ لَا تَرْجِعُ الْهِبَةُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَبَاعَهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَكَهُ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ وَيُخْتَلَفُ إِذَا بَاعه السُّلْطَان لنَفسِهِ وَيُكْمِلُ عِتْقَ الْقَرِيبِ إِذَا مَلَكَ بَعْضَهُ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَلَا يُشَفَّعُ فِيمَا بَاعَ إِلَّا فِي الْمِيرَاثِ بِأَنْ يَمُوتَ الشَّفِيعُ فَيَرِثُهُ الْبَائِعُ فَيَأْخُذُ مِنَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْبَيْعِ لَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِشَرِكَتِهِ وَلَا يَنْقُضُ الْبَائِعُ بَيْعه إِلَّا فِي الْمِيرَاث فَلهُ حل فعله نَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقت بِقَلُوصِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ وَقَعَتِ الْهُدْنَةُ فَتُصُدِّقُ بِهَا عَلَى أَيْتَامٍ جَازَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ سَبِيل الله وَبئسَ مَا صنع لوضعها فِي غَيْرِ مَا جُعِلَتْ لَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ فَظَهَرَ حُرًّا فَلَهُ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالثَّمَنِ بَلْ بِالْعَبْدِ وَقَدْ بَطَلَ الْمِلْكُ فِيهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ فَاعْتَقَدَ الذُّكُورُ أَنَّ صِيغَةَ الْوَلَدِ لَا تتَنَاوَل الْإِنَاث فاغتلوا ازمانا ثُمَّ تَبَيَّنَ انْدِرَاجُهُنَّ أَخَذْنَ حَقَّهُنَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُنَّ دُونَ الْمَاضِي لِأَنَّ إِخْوَتَهُنَّ أَخَذُوهُ بِالتَّأْوِيلِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَرْجِعْنَ بِالْمَاضِي لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى غَائِبٍ وَبَعَثْتَ بِهَا إِلَيْهِ وَأَشْهَدْتَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ نَفَذَتْ لِوُجُوبِهَا بِالْإِشْهَادِ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ مَتَى كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا لَا يُقْضَى بِهَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا الْبِرُّ بَلِ اللَّجَاجُ وَدَفْعُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِ الْيَمِينِ يُقْضَى بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ حَتَّى يَطْلُبَهُ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا ادَّعَى هِبَةً فِي غَيْرِ الذِّمَّةِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِضِعْفِ السَّبَبِ وَفِي الْجُلَّابِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِمَّةِ الْمَوْهُوبِ كَالدَّيْنِ يُدَّعَى الْإِبْرَاءُ مِنْهُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ قَالَ وَعِنْدِي تَفْصِيلٌ إِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَلَا يَحْلِفُ أَوْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَا يَنْتَزِعُهَا الْوَاهِبُ إِلَّا بَعْدَ حلفه قَالَ شَارِح الْجلاب المسئلة تَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ بِدُونِ خُلْطَةٍ فَإِن قُلْنَا تجب حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ شَارِحِ الْجُلَّابِ حَلَفَ وَبَرِئَ إِذَا ثَبَتَتْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ أَوْ بَرى أَنَّ الْخُلْطَةَ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ دون المعينات.