فصل: النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا:

وَفِي الْكِتَابِ هِيَ عَلَى الْجَوَازِ لِلْمُجَاعَلِ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ جَائِزَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يشرع فِي الْعلم كَالْقِرَاضِ وَلِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ عَلَى شَرْطٍ فَأَشْبَهَتِ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ شَرَعَ فَمِنْ جَانِبِ الْجَاعِلِ خَاصَّةً وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ إِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فِي حَقِّ الْجَاعِلِ خَاصَّةً دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ وَإِنَّهَا كَالْإِجَارَةِ تَلْزَمُهُمَا بِالْقَوْلِ وَبِالْجَوَازِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ قَالَ (ش) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ تَلْزَمُ الْجَعَالَةُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا تلْزم الْمَجْعُولَ لَهُ.
قَاعِدَةٌ:
الْعُقُودُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَسْتَلْزِمُ مَصَالِحَهَا الَّتِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهَا فَشُرِعَتْ عَلَى اللُّزُومِ - كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَعُقُودِ الْوِلَايَاتِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ يُمْكِنُ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَمِنْهَا مَا لَا يَسْتَلْزِمُ مَصْلَحَتَهُ كَالْجَعَالَةِ فَإِنَّ رَدَّ الْآبِقِ قَدْ يَتَعَذَّرُ فَشُرِعَتْ عَلَى الْجَوَازِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَهُ مَا لَا يَتَعَيَّنُ مَصْلَحَتُهُ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْقِرَاضُ.
نَظَائِرُ:
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ خَمْسُ مَسَائِلَ لَا تُلْزِمُ بِالْعَقْدِ الْجَعَالَةُ وَالْقِرَاضُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُلْزِمُ وَالْمُغَارَسَةُ وَالْوَكَالَةُ وَتَحْكِيمُ الْحَاكِمِ مَا لَمْ يَشْرَعَا فِي الْحُكُومَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ مَالِكٍ لِلْمَجْعُولِ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْجَاعِلُ بِمَا عَمِلَ مِثْلَ حَمْلِ خَشَبَةٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَيَتْرُكُهَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَيَحْفِرُ بَعْضَهَا فَيَسْتَأْجِرُ الْمَالِكُ عَلَى الْبَاقِي فَيَكُونُ لِلثَّانِي أُجْرَةٌ وَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ الْجَاعِلُ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ أُجْرَةِ الثَّانِي لِئَلَّا يَكُونَ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَو كَانَ جعل الأول خَمْسَة وَبلغ النِّصْفُ وَأُجْرَةُ الثَّانِي عَشَرَةٌ فَلِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ لِفِعْلِهِ مِثْلَ الثَّانِي قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْجَعْلَ يَجُوزُ مَعَ الْغَبْنِ وَالْإِجَارَةُ قَدْ تَغْلُو بَعْدَ ذَلِكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ مَالِكٌ الْمُجَاعِلُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الثَّمَنِ وَلَا السِّلْعَةِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَلَهُ جَعْلُهُ إِنْ ضَاعَا.
فَرْعٌ:
قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْلُ عَلَى الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يُسَمَّى الْجَعْلُ أَوِ الثَّمَنُ وَلَا يُسَمِّيهِمَا وَيَقُولُ بِعْ بِمَا رَأَيْتَ وَإِنْ لَمْ تَبِعْ فَلَا شَيْءَ لَكَ مِنْهَا فَهَذَانِ جَائِزَانِ وَالثَّالِثُ بِعْتَهُ أَمْ لَا فَلَكَ دِرْهَمٌ يَمْتَنِعُ إِلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إِجَارَةٌ فَإِنْ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَبِعْ فَلَكَ أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ امْتَنَعَ لِلْجَهْلِ بِالْجَعْلِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِذَا قَالَ لَا تَبِعْ إِلَّا بِإِذْنِي فَسَدَ لِلْحَجْرِ وَالْأَشْبَهُ رَدُّهُ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَانَ الْمَطْلُوبُ الْإِشْهَارَ فَقَطْ فَإِذَا وَصَلَ الْقِيمَةَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ وَإِنْ أَشْهَرَ بَعْدَ الْإِشْهَارِ وَفَطِنَ بِهِ فَفَسَخَ فَهَلْ لَهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ جَعَالَةٌ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا أَدْرَكْتَ الْجَعَالَةَ الْفَاسِدَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَسَخْتَ أَوْ بَعْدَهُ مُكِّنَ مِنَ التَّمَادِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجَعَالَةَ الْفَاسِدَةَ تُرَدُّ إِلَى الْجَعَالَةِ الصَّحِيحَةِ دُونَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ فَسْخَهَا قَدْ يَذْهَبُ بِعَمَلِهِ بَاطِلًا وَإِنْ رَدَدْنَاهَا لِلْإِجَارَةِ فَلَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فَلَا يُمْنَعُ مِنَ التَّمَادِي فَإِنْ أَتَى مِنَ الثَّمَنِ بِمَا تُبَاعُ بِهِ فَلَهُ جَعْلُ الْمِثْلِ بَاعَ الْجَاعِلُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا فَوَصَلَهُ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ نَفَقَةُ الْآبِقِ عَلَى الْمَجْعُولِ لَهُ وَلَهُ الْجَعْلُ فَقَطْ لِأَنَّ الْجَعْلَ قُبَالَةَ إِحْضَارِهِ مَكْفِيُّ الْمَئُونَةِ وَقَالَهُ (ش) وَلَوْ قَالَ إِذَا لَمْ آتِ بِهِ فَلِيَ النَّفَقَةُ فَفَاسِدٌ فَإِنْ جَاءَ بِهِ فَجَعْلُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ - قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا إِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فَرَدَّهُ إِلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لَمَّا جَعَلَ لَهُ شَيْئًا ثَابِتًا عَلَى كُلِّ حَالٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِنْ هَرَبَ الْآبِقُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ لَيْلَةَ قُدُومِهِ عَلَى سَيِّدِهِ سَقَطَ الْجَعْلُ وَالنَّفَقَةُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَقَالَهُ (ش).
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا جَعَلَ فِي عَبْدِهِ لِرَجُلٍ عَشَرَةً ثُمَّ لِآخَرَ خَمْسَةً فَأَتَيَا بِهِ فَالْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّهَا بِنِسْبَةِ الْخَمْسَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَشَرَةِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جَعْلِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي رَضِيَ بِهِ وَيَقَعُ التَّشْطِيرُ بِالْمُنَاجَمَةِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ إِنْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا عَرْضًا وَلِلْآخَرِ عَشَرَةً فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْعَشَرَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَا الْعَشَرَةِ وَيُخَيِّرُ الْآخَرُ بَيْنَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَوْ مَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنَ الْعَرْضِ وَهُوَ ثُلُثَا ذَلِكَ الْعَرْضِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا تَعَيَّبَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْوُصُولِ عَيْبًا لَا يُسَاوِي الْجَعْلَ أَوْ قَبْلَ وِجْدَانِهِ قَالَ مَالِكٌ لَهُ الْجَعْلُ كَامِلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ وَظُهُورُ الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَجْعُولِ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيُرْجَعُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ جَعْلِ مِثْلِهِ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِآبِقٍ لَهُ جَعْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَهُوَ الْأَقْيَسُ إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ يَطْلُبُهُ بِنَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا هَرَبَ الْآبِقُ مِنْهُ فَتَرَكَ الْعَمَلَ فجَاء على غَيره بعد عودته إِلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ أَخَذَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَصَلَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ وَقَدْ جَعَلَ لِلثَّانِي جَعْلَ مَوْضِعِ الْهَرَبِ فَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ سَيِّدُهُ وَإِنْ جَعَلَ لِلثَّانِي طَلَبَهُ حَيْثُ يَجِدُهُ - قَرُبَ أَوْ بَعُدَ وَكَانَ الْجَعْلُ فِيهِ الْآنَ مِثْلُ الْجَعْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الْقَرِيبِ وَالْأَوَّلُ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ مَنْ أَخَذَ آبِقًا فَأَرْسَلَهُ عَمْدًا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِمَالِ مَعْصُومٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ فَإِنْ أَتْلَفَ مِنْهُ قَرِيبًا فَجَاءَ بِهِ آخَرُ قَالَ مَالِكٌ الْجَعْلُ بَيْنَهُمَا.
فَرْعٌ:
قَالَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْجَعْلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَامِلِ.
فَرْعٌ:
قَالَ إِنْ أَنْكَرْتَ سَعْيَ الْعَامِلِ فِي الرَّدِّ صَدَقْتَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّعْيِ أَوْ تَنَازَعْتُمَا فِي مِقْدَارِ الْجَعْلِ تَحَالَفْتُمَا وَلَهُ جَعْلُ الْمِثْلِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْجَعَالَةِ وَالْإِجَارَةِ الطِّبيبُ عَلَى الْبُرْءِ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَاسْتِخْرَاجُ الْمِيَاهِ مِنَ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَالْمُغَارَسَةُ وَكِرَاءُ السُّفُنِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ هَلْ هِيَ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجَعَالَةِ أَمْ لَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ.
فَرْعٌ:
فِي النَّوَادِرِ لَوْ جَعَلَ عَلَى تَقَاضِي الْغَرِيمِ فَأَبْرَأَهُ أَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ شُرُوعِ الْمُجَاعَلِ فِي التَّقَاضِي أَوْ جَعَلَ فِي آبِقٍ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَلِلْمُجَاعَلِ الْجَعْلُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِ الْجَاعِلِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

.كِتَابُ الْقِرَاضِ:

وَفِيهِ مُقَدِّمَتَانِ وَبَابَانِ:

.الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي لَفْظِهِ:

وَلَهُ اسْمَانِ الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ أَمَّا لَفْظُ الْقِرَاضِ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ أَقْرَضْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَعْطَيْتَهُ لِيُعْطِيَكَ فَالْمُقَارِضُ يُعْطَى الرِّبْحَ كَمَا يُعْطَى الْمُقْتَرِضُ مِثْلَ الْمَأْخُوذِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مِنَ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ وَمِنْهُ تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْإِنْشَادِ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالرِّبْحِ وَقِيلَ مِنَ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ قَرَضَ الْفَأْرُ الثَّوْبَ لِأَنَّكَ قَطَعْتَ مِنْ مَالِكَ لَهُ قِطْعَةً وَهُوَ قَطَعَ لَكَ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِسَعْيِهِ وَيُسَمَّى مُقَارِضًا مَعَ أَنَّ الْمُفَاعِلَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ نَحْوَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُضَارَبَةِ إِمَّا لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يُسَاوِي صَاحِبَهُ فِي الرِّبْحِ وَيَقْطَعُ لَهُ مِمَّا تَحْتَ يَدِهِ أَوْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْمُتَعَلِّقِ أَوْ هِيَ مِنَ الصِّيَغِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الشَّرِكَةَ نَحْوَ الْمُسَافِر وَعَافَاهُ اللَّهُ وَطَارَقْتُ النَّعْلَ إِذَا جَعَلْتَهُ طَاقًا عَلَى طَاقٍ فَأَمَّا لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ فَإِمَّا أَنَّ كِلَيْهِمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِنَصِيبٍ وَإِمَّا مِنَ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ السَّفَرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ من فضل الله} قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ فَرْقٌ بَيْنَ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ وَضَرَبَ الْأَرْضَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْقُرُبَاتِ كَأَنَّ الْمُسَافِرَ لِلتِّجَارَةِ مُنْغَمِسٌ فِي الْأَرْضِ وَمَتَاعِهَا فَقِيلَ ضَرَبَ فِيهَا وللمتقرب إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَرِيءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ يُجْعَلْ فِيهَا وَيُسَمَّى مُفَاعَلَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُقَارِضِ وَالْمُقَارِضُ بِالْكَسْرِ رَبُّ الْمَالِ وَبِالْفَتْحِ الْعَامِلُ وَالْمُضَارِبُ بِالْكَسْرِ الْعَامِلُ عَكْسَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَضْرِبُ بِالْمَالِ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ اسْمٌ مِنَ الْمُضَارَبَةِ بِخِلَاف الْقَرَاض.

.الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ:

وَأَصْلُهُ مِنَ الْكتاب قَوْله تَعَالَى {وأحلَّ الله البيع} وَهُوَ بَيْعُ مَنَافِعَ بِجُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ وَمِنْ عمل الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ خَرَجَا فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أنفعكما بِهِ ثمَّ قَالَ بلَى هَهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعا من مَتَاع الْعِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَكُونُ لَكُمَا الرِّبْحُ فَقَالَا وَدِدْنَا فَفَعَلَ وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ فَلَمَّا قَدِمَا بَاعَا فَأُرْبِحَا فَلَمَّا دَفَعَا ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ قَالَ عُمَرُ أَكُلَّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ مَا أَسْلَفَكُمَا قَالَا لَا فَقَالَ عمر أَبنَاء أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَسْلَفَكُمَا أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا لَوْ نَقَصَ الْمَالُ أَوْ هَلَكَ لَضَمِنَّاهُ فَقَالَ عُمَرُ أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا فَقَالَ عُمَرُ قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا فَأَخَذَ عُمَرُ الْمَالَ وَنِصْفَ رِبْحِهِ وَأخذ أبناؤه نصف الرِّبْح وَيُقَال الرجل عبد الرحمان بْنُ عَوْفٍ سُؤَالٌ كَيْفَ يُمْكِنُ جَعْلُهُ قِرَاضًا بَعْدَمَا كَانَ قَرْضًا وَإِلْزَامُ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَأَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّ الرِّبْحَ مِلْكٌ لِلْمُقْتَرِضِ إِجْمَاعًا فَأَخْذُهُ مِنْهُ غَصْبٌ جَوَابُهُ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ فِي سِرَاجِ الْمُلُوكِ جَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْتِفَاعَهُمْ بِجَاهِ الْعَمَلِ لِلْمُسْلِمِينَ لَهُ نصف الرِّبْح كَأَن الْمُصَلِّين ساعدوهما فِي ذَلِك وَهُوَ مُسْتَنده فِي تَشْطِيرِ عُمَّالِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ كَالْقِرَاضِ سُؤَالٌ أَبُو مُوسَى حَكَمٌ عَدْلٌ وَقَدْ تَصَرَّفَ بِوَجْهِ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ الْمَالَ يَصِيرُ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَعْثِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ مُضَافًا إِلَى إِكْرَامِ مَنْ يَنْبَغِي إِكْرَامُهُ فَهُوَ تَصَرُّفٌ جَامِعٌ لِلْمَصَالِحِ فَيَتَعَيَّنُ تَنْفِيذُهُ وَعَدَمُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ جَوَابُهُ أَنَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ إِنَّمَا هُوَ بَيْنَ النَّظَرِ مِنَ الْأُمَرَاءِ أَمَّا الْخَلِيفَةُ فَلَهُ النَّظَرُ فِي أَمْرِ نُوَّابِهِ وَإِنْ كَانَ سدادا أَو تَقول كَأَنَّ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ تُهْمَةً تَتَعَلَّقُ بِعُمَرَ بِسَبَبِ أَنَّهُ إِكْرَامٌ لِابْنَيْهِ فَأَرَادَ إِبْطَالَهَا وَالذَّبَّ عَنْ عِرْضِ الْإِمَامَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَفَعَ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ الَّتِي هِيَ مَوْرِدُ السُّنَّةِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ إِذْ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْدِرُ عَلَى تَنْمِيَةِ مَالِهِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ.

.الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ:

وَهِيَ خَمْسَةٌ:

.الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْمُتَعَاقِدَانِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إِلَّا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُوَكَّلِ وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ لِأَنَّكَ لَمْ تُؤْمَنِ الْغَيْرَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ بِشَرْطِ تَوْزِيعِ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعُمَّالِ بِقَدْرِ الْأَعْمَالِ كَتَوْزِيعِ الْأَثْمَانِ عَلَى السِّلَعِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْقِرَاضِ وَأَخْذُهُ لِأَنَّهُ تِجَارَةٌ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمَأْذُونُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ الْقِرَاضُ إِجَارَةٌ فَلَا يَأْخُذُهُ كَمَا لَا يُؤْجِرُ نَفْسَهُ وَإِذَا أَخَذَ قِرَاضًا فَالرِّبْحُ كَخَرَاجِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنَافِعِهِ فَلَا يَقْضى مِنْهُ دَيْنَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ إِنْ عَتَقَ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قَارَضَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلِسَيِّدِهِ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى أَوْ قِرَاضِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِرِضَاهُ بِالْمُسَمَّى أَوِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَكَ مُقَارَضَةُ عَبْدِكَ وَأَجِيرِكَ إِذَا كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ الْأَجِيرَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبْضَعَ وَيَدْفَعَ قِرَاضًا وَيَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ مَنَعَ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الْقِرَاضَ أَخَفُّ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ فَأَلْحَقَهَا بِمَصْلَحَةٍ اشْتَرَطَهَا الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّ الْأَجِيرَ بَاقٍ عَلَى الْخِدْمَةِ وَهُوَ يَتَّجِرُ فِي خِلَالِهَا إِذْ وَجَدَ سِلْعَةً ابْتَاعَهَا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إِنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَتَّجِرَ لَهُ جَازَ الْقَرَاض لِأَنَّهُ من الْمَنْفَعَة الأولى وللخدمة امْتَنَعَ أَوْ لِيُقَارِضَهُ امْتَنَعَ أَيْضًا لِأَنَّ عَمَلَ الْقِرَاضِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ وَمَا اسْتَأْجرهُ فِيهِ بَعْضُهُ عَمَلُ الْقِرَاضِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ يَحْيَى قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ قِيلَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيئَهُ بِالْغَلَّةِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ عَلَيْهِ مَا يَأْتِيهِ بِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ بِالسُّوقِ فَلَمْ يَنْقُلْهُ بِالْقِرَاضِ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ بَلْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ عَمَلًا بِعَيْنِهِ كَالْبِنَاءِ امْتَنَعَ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لِلْعَامِلِ أَخْذُ قِرَاضٍ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إِنْ كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنَافِعِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا لِالْتِزَامِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَجَوَّزَهُ (ش) مُطْلَقًا كَالْوَكَالَةِ وَمَنَعَهُ أَحْمَدُ مُطْلَقًا صَوْنًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَنِ الْخَلَلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَا أُحِبُّ مُقَارَضَةَ مَنْ يَسْتَحِلُّ الْحَرَامَ أَوْ لَا يَعْرِفُهُ - وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمَّا الْجَاهِلُ بِالصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَام قبل قَبضه وَنَحْوهمَا فَيتَصَدَّق بِالرِّبْحِ غير من جبر إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ عَمِلَ بِذَلِكَ فَيُجْبَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْفَضْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَإِنْ تَوَقَّعَ تَجْرَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اسْتَحَبَّ الصَّدَقَةَ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أُجْبِرَ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالْجَمِيعِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ فِيمَا لَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ فَالْمَالُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ.
قَاعِدَةٌ:
الْأَمْوَالُ الْمُحَرَّمَةُ مِنَ الْغُصُوبِ وَغَيْرِهَا إِذَا عُلِمَتْ أَرْبَابُهَا رُدَّتْ إِلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ تصرف فِي مَصَارِفِهِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنَ الْأَبْوَابِ وَالْأَشْخَاصِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الصَّارِفِ مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نُوَّابِهِ أَوْ مَنْ حَصَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ من الْمُسلمين فَلَا تتَعَيَّن الصَّدَقَة قَدْ يَكُونُ الْغَزْوُ أَوْلَى فِي وَقْتٍ أَوْ بِنَاء جَامع أو قنطرة فَتحرم الصَّدَقَة لتعيين غَيْرِهَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَإِنَّمَا يَذْكُرُ الْأَصْحَابُ الصَّدَقَةَ فِي فَتَاوِيهِمْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ - كَمَا ذَكَرْتُهُ لَكَ.
قَاعِدَةٌ:
كُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا أَوْ قَالَ قَوْلًا أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مِنَ الْمُعَامَلَاتِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ الله تَعَالَى فِي ذَلِك فان تعلم وَعلم أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى طَاعَتَيْنِ بِالتَّعَلُّمِ الْوَاجِبِ وَبِالْعَمَلِ إِنْ كَانَ قُرْبَةً وَإِلَّا فَبِالتَّعَلُّمِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ وَلَمْ يَعْمَلْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ مَعْصِيَتَيْنِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَبِتَرْكِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَبِتَرْكِ التَّعَلُّمِ فَقَطْ وَإِنْ تَعَلَّمَ وَلَمْ يَعْمَلْ أَطَاعَ اللَّهَ تَعَالَى بِالتَّعَلُّمِ الْوَاجِبِ وَعَصَى بِتَرْكِ الْعَمَلِ إِنْ كَانَ وَاجِبًا وَإِلَّا فَلَا وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رِسَالَتِهِ وَالْغَزَّالِيُّ فِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ مِنَ الْعِلْمِ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ عِلْمُكَ بِحَالَتِكَ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمَا عَدَا هَذَا الْقِسْمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ حُرِّمَ عَلَى الْجَاهِلِ كَسْبُهُ الْحَرَامُ كَالْعَامِدِ سُؤَالٌ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَظُنُّهُ خَلًّا أَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَعْتَقِدُهَا مُبَاحَةً أَوْ أَكَلَ طَعَامًا نَجِسًا يَعْتَقِدُهُ طَاهِرًا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا لَا يَعْذَرُ وَيَأْثَمُ فَمَا ضَابِطُ الْقِسْمَيْنِ.
قَاعِدَةٌ:
الْجَهْلُ قِسْمَانِ مِنْهُ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا أَوْ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَجَعَلَهُ الشَّرْعُ عُذْرًا لِمَنِ ابْتُلِيَ بِهِ وَهُوَ تِلْكَ الْمُثُلُ وَنَحْوُهَا وَمِنْهُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ فَالْفَحْصُ عَنْ طَهَارَةِ الْمَأْكُولَاتِ وَحل كل عقد تنَاولهَا بعسر عَلَى النَّاسِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النَّظَائِرِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ الْجَهْلَ لَا يُجْدِي خَيْرًا وَلَا يَكُونُ عُذْرًا.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَخْذَ قِرَاض الذِّمِّيّ أَو مساقاته للمذمة وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَأَبَاحَهُ (ش) لِأَنَّكَ تَعْمَلُ بِالْحَلَّالِ وَكَرِهَ دَفْعَكَ لَهُ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالْحَرَامِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ مُسَاقِيًا إِنْ كَانَ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَارَضْتَ ذِمِّيًّا عَالِمًا بِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ فَيُفْسَخُ وَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ عَامِلًا فُسِخَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا قَارَضَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَاشْتَرَى خَمْرًا فَأَسْلَمَ رَبُّ الْمَالِ وَالْخَمْرُ قَائِمَةٌ بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَالَ رَبُّ المَال قَارَضْتُكَ بِمَالٍ فَادْفَعْ إِلَيَّ مَالِي وَالْخَمْرُ اكْسِرْهَا يُعْطَى لِلْعَامِلِ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ خَمْرًا وَيُرَاقُ مَا يَخُصُّ الْمُسْلِمَ وَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ عَامِلًا فَاشْتَرَى خَمْرًا هَلْ يَضْمَنُ لِدُخُولِهِ عَلَى بِيَاعَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ (ش) كَأَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَنْعِ الْمُسْلِمِ امْرَأَتَهُ الذِّمِّيَّةَ مِنَ الْكَنِيسَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَمْنَعُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا كَانَ الذِّمِّيُّ الْعَامِلُ يَعْصِرُ نَصِيبَهُ خَمْرًا يَخْتَلِفُ هَلْ يُفْسَخُ أَوْ يُمْضَي وَيُبَاعُ نَصِيبُهُ عَلَيْهِ إِذَا تَمَّ الْعَمَلُ وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ حَتَّى تَمَّ لَكَانَ لَهُ الْمُسَمَّى وَيُبَاعُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يُعْجِبُنِي عَمَلُ الْوَصِيِّ بِمَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً لِلتُّهْمَةِ وَلِيُقَارِضَ لَهُ غَيْرَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ مَضَى وَإِلَّا رُدَّ إِلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ.