فصل: النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الْخَامِسُ فِي النُّكُولِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا اسْتُحْلِفَ الْمَطْلُوبُ فَنَكَلَ لَمْ يُقْضَ لِلطَّالِبِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ جهل الْمَطْلُوب أرسال الْحَاكِم طلب ردهَا فَعَلَيهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَقْضِي حَتَّى يَرُدَّهَا فَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح وَابْن حَنْبَل يقْضِي بِالنّكُولِ وَلَا يرد الْيَمين وَيَقْضِي بِالنّكُولِ وَقَالَ ح إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي مَالٍ كُرِّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ الْحق وَلَا يرد الْيَمِينُ وَلَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَلَا يُحْكَمُ بِالنُّكُولِ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَعْتَرِفَ وَفِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَغَيْرِهِ لَا مَدْخَلَ لِلْيَمِينِ فِيهِ فَلَا نُكُولَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُحْبَسُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى يَحْلِفَ لَنَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْقِيَاسُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} وَلَا يَمِينَ بَعْدَ يَمِينٍ إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي يَمِينًا بعد يَمِين وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع فَيتَعَيَّن حمله على يَمِين بعد رد يَمِين لِأَنَّ اللَّفْظَ إِذَا تُرِكَ مِنْ وَجْهٍ بَقِيَ حجَّة فِي الْبَاقِي وَأما السّنة افما رُوِيَ أَنَّ الْأَنْصَارَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَت إِن إليهود قتلت عبد الله ابْن سَهْلٍ وَطَرَحَتْهُ فِي فَقِيرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَقَالُوا لَا قَالَ فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ قَالُوا كَيْفَ يَحْلِفُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَمين فِي جِهَة الْخصم خرجه الْمُوَطَّأُ وَغَيْرُهُ وَمَا رُوِيَ أَنَّ الْمِقْدَادَ اقْتَرَضَ مِنْ عُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا سَبْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْقَضَاءِ جَاءَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَالَ عُثْمَانُ أَقْرَضْتُكَ سَبْعَةَ آلَافٍ فَتَرَافَعَا إِلَى عمر فَقَالَ لِلْمِقْدَادِ تَحْلِفُ وَتَأْخُذُ فَقَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ لَقَدْ أَنْصَفَكَ فَلَمْ يَحْلِفْ عُثْمَانُ فَنَقَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْيَمِينَ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ عُثْمَانُ وَالْمِقْدَادُ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى النُّكُولِ فِي بَابِ الْقَوَدِ وَالْمُلَاعَنَةُ لَا تُحَدُّ بِنُكُولِ الزَّوْجِ وَلِأَنَّهُ لَو وكل عَنِ الْجَوَابِ فِي الدَّعْوَى لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ نُكُولٌ عَنِ الْيَمِينِ وَالْجَوَابِ فَالْيَمِينُ وَحده أَولا لعدم الحكم اولأن الْبَيِّنَةَ حُجَّةُ الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ حُجَّةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَغي وَلَوِ امْتَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمُدَّعِي إِذا امْتنع من الْبَيِّنَة كمان لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِقَامَتُهَا وَتَوَجَّهَتْ وَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذا قعد عَن الْيَمين يكون للْآخر وَلِأَنَّ النُّكُولَ إِنْ كَانَ حُجَّةً كَامِلَةً كَالشَّاهِدَيْنِ وَجب القضاب بِهِ فِي الدماث أَوْ نَاقِصَةً كَشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ وَجَبَ استغناؤه عَن التّكْرَار أَو كالإعتراف والإعتراف يقبل فِي الْقود بِخِلَافِهِ والإعتبار لَا يَفْتَقِرُ إِلَى تَكْرَارٍ بِخِلَافِهِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} فَمَنَعَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَحِقَّ بِيَمِينِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَقًا فَلَا ترد الْيَمين لَيْلًا يسْتَحق يَمِينه مَالَ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُلَاعِنَ إِذَا نَكَلَ حُدَّ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَلِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَلَّى ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَضَاءَ الْيَمَنِ فَجَاءَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَلَّانِي هَذَا الْبَلَدَ وَإِنَّهُ لَا غِنَى لِي عَنْكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا يَبْدُو لَكَ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ فِي جَارِيَتَيْنِ جَرَحَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فِي كَفِّهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاس احبسهما إِلَى بَعْدِ الْعَصْرِ وَاقْرَأْ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} قَالَ فَفعل ذَلِك وَاسْتَحْلَفَهُمَا فَأَبَتْ فَأَلْزَمَهَا ذَلِكَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَجَعَلَ الْيَمِينَ فِي جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ تَبْقَ يَمِينٌ تُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَجَعَلَ حُجَّةَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَحُجَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمين وَلما يجز نقل حجَّة الْمُدَّعِي إِلَى جِهَة الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا نَقْلُ حُجَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْمُدَّعِي وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ يَمِينُكَ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ وَيَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلنَّفْيِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ جَعْلُ الْبَيِّنَةِ لِلنَّفْيِ تَعَذَّرَ جَعْلُ الْيَمِينِ لِلْإِثْبَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَة أَن لَا يتَعَمَّد الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ وَهَذِهِ لَيست كَذَلِك وَمُجَرَّد الإحتمال لَا يمْنَع وَلَا يمْنَع الْمُدعى عَلَيْهِ من الْيَمين الرَّابِعَة لَيْلًا يَأْخُذَ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ بَلْ يُحْكَمُ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ الصدْق وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُوجِبَ لِحَدِّ الْمُلَاعِنِ قَذْفُهُ وَإِنَّمَا أيمانه مسقطة فَإِذا نفذ الْمَانِع عمل الْمُقْتَضِي وَالنُّكُولُ عِنْدَكُمْ مُقْتَضًى فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا وَعَنِ الثَّالِث أَنه رُوِيَ عَن أبي أَنه قَالَ اعْترفت فألزمها ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ بِرَأْيِهِ لَا بِرَأْيِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْحُكْمِ عَلَيْهَا بذلك وس لَا حُجَّةَ فِي فِعْلِهِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّهُ وَرَدَ فِيمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ابْتِدَاءً وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْحَدِيثُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُنْكِرَ قد يُقيم الْبَيِّنَة إِذا ادّعى وفا الدَّيْنِ فَكَذَلِكَ الْيَمِينُ قَدْ تُوَجَّهُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ لِبَيَانِ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ ابْتِدَاءً فِي الرُّتْبَة الأولى كَمَا تقدم تَقْدِيره وَعَن السَّادِس أَنه لم يَجْعَل الْيَمين للإثبات بِالْيَمِينِ مَعَ النُّكُولِ ثُمَّ إِنِ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَكُونُ لِلنَّفْيِ كَبَيِّنَةِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ نَفْيٌ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا قُضِيَ بِالنُّكُولِ وَالْيَمِينِ فَوَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً قَامَ بِهَا.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ يُحْكَمُ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالنُّكُولِ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ النُّكُولَ سَبَبٌ مُؤَثِّرٌ فِي الْحُكْمِ فَيُحْكَمُ بِهِ مَعَ الشَّاهِدِ كَالْيَمِينِ مِنَ الْمُدَّعِي وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَنْقُلُ الْيَمِينَ فِي الْحُقُوقِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْيَمين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

.كِتَابُ الْعِتْقِ:

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَهُوَ مُعْتَقٌ وَعَتِيقٌ وَالْعِتْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُلُوصُ وَمِنْهُ عِتَاقُ الْخَيْلِ وَعِتَاقُ الطَّيْرِ أَيْ خَالِصُوهَا وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ عَتِيقٌ لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُوصُ الرَّقَبَةِ مِنَ الرِّقِّ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْعِتْقُ وَالْعَتَاقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِيهِمَا وَأَمَةٌ عَتِيقَةٌ وَإِمَاءٌ عَتَائِقُ وَلَا يُقَالُ عاتق وَلَا عوائق إِلَّا أَنْ يُرَادَ مُسْتَقْبَلُ الْأَمْرِ فَهُوَ عَاتِقٌ غَدًا وَلَا يُقَالُ عُتِقَ بِضَمِّ الْعَيْنِ بِغَيْرِ هَمْزٍ مِنْ أَوَّلِهِ بَلْ أُعْتِقَ بِالْهَمْزَةِ وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ عَتِيقٌ قِيلَ عَتَقَ مِنَ الطُّوفَانِ وَقِيلَ لم يملكهُ جَبَّار وَقَالَ وَقد يكون الْعتْق من الْجَوْدَة وَالْكَرَمِ وَفَرَسٌ عَتِيقٌ إِذَا كَانَ سَابِقًا وَعَتَقَ الْعَبْدُ أَيِ الْتَحَقَ بِالْأَحْرَارِ ثُمَّ فَضَّلَهُ وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْقُوَّةِ وَالسَّرَاحِ عَتَقَ الْفَرْخُ إِذَا قَوِيَ عَلَى الطَّيَرَانِ وَالْعَبْدُ إِذَا أَزَالَ ضَعْفَهُ عَنِ الِاكْتِسَابِ وَالْعِبَادَاتِ كَذَا وَالْعِتْقُ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ إِجْمَاعًا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُ غَيْرِ بَنِي آدَمَ مِنَ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ السَّائِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْقُرْآنِ وَأَصْلُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فك رَقَبَة} وَقَوله تَعَالَى {فَتَحْرِير رَقَبَة} وَأَمَّا السُّنَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ إِرْبٍ مِنْهَا إِرْبًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ حَتَّى إِنَّهُ لِيُعْتِقُ الْيَدَ بِالْيَدِ وَالرِّجْلَ بِالرِّجْلِ وَالْفَرْجَ بِالْفَرْجِ وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ رَقَبَةً لَوْ كُنْتِ أَخْدَمْتِيهَا أَقَارِبَكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إِذَا أُعْتِقَ نَاقِصَ عُضْوٍ لَا يحجب النَّار عَن الغضو الَّذِي يُقَابِلُهُ مِنْهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الْأَلَمَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَيِّ عُضْوٍ شَاءَ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ.
فرع:
قَالَ وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ لِأَنَّ أَثَرَ الْعِبَادَةِ فِيهِ أَوْجَدُ وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النِّسَاءِ لَا يرغب فِي الْعتْق لَيْلًا يَضِيعَ وَلِأَنَّ الرِّقَّ فِي الرِّجَالِ أَزْكَى فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الذُّكُورِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَأَغْلَا ثَمَنًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَي الرّقاب أفضل فَقَالَ اغتلاها ثمنا وأنفسها عِنْد أَهلهَا فَإِن كَانَ الأعلى ثَمَنًا كَافِرًا فَضَّلَهُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ قِيَاسًا عَلَى عِتْقِ الْوَاجِبِ وَلِأَنَّ الْآخَرَ يُرَاعَى فِيهِ مَنْ يُصْرَفُ إِلَيْهِ الْإِحْسَانُ وَإِذَا كَانَ عِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلَ فَالْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْكَافِرِ وَإِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَالدَّيِّنُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمَا ثَمَنًا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنَّمَا يكون إِلَّا علا ثَمَنًا أَفْضَلَ حَالًا عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْكُفْرِ وَالْإِسْلَام فالأعلى ثَمَنًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أفضل حَالا وَفِي الْكِتَابِ نَظَرَانِ.

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ:

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْمُعْتِقُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ بِالْمَالِ وَفِي الرُّكْنِ تِسْعَةُ فُرُوعٍ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً حُرٌّ فَعَتَقَ ثُمَّ ابْتَاعَ رَقِيقًا قَبْلَ الْأَجَلِ عَتَقَ لزوَال مَانع الرّقّ دون مَالِكه وَهُوَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْعَبْدِ لِعَبْدِهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ تَطَوَّعَ بِذَلِكَ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ فَحَنِثَ إِلَّا أَنْ يُعْتِقَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَيُعْتِقُ إِذَا لَمْ يُرِدِ السَّيِّدُ عِتْقَهُ حِينَ عَتَقَ فَإِنْ رَدَّهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَبَعْدَ حِنْثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقُهُ لِأَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ إِبْطَالٌ لِتَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ إِنِ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْأَمَةَ فَهِيَ حُرَّةٌ فَشَدَّدَ مَالِكٌ الْكَرَاهِيَةَ فِي شِرَائِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ سَيِّدَهُ أَمَرَهُ بِالْيَمِينِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُكَاتَبُ وَالسَّفِيهِ كَالْعَبْدِ فِي رَدِّ الْعِتْقِ يَبْطُلُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْعِتْقِ والرشد بِخِلَاف الْمديَان عِتْقُهُ لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ يُفِيدُ مَالًا قَبْلَ بَيْعِ العَبْد إِذا يَقْرُبُ بَيْعُهُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ أَشْهَبُ رَدُّ الزَّوْجِ عِتْقُ الزَّوْجَةِ ثُمَّ تَزُولُ الْعِصْمَةُ وَالْعَبْدُ بِيَدِهَا فَإِنَّهُ يَبْقَى رَقِيقًا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتِقُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِدْيَانَ وَالْمَرْأَةَ مُطْلَقَا التَّصَرُّفِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِع بعد الْعتْق وَالْمولى وَالْعَبْد مسئلتان صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عِتْقِ الْمَرْأَةِ إِنَّهُ يَنْفُذُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَفِي الْمِدْيَانِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ رَدَّ الْغُرَمَاءِ إِيقَافُ النّظر هَلْ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا وَلَيْسَ حَقُّهُمْ فِي عين العَبْد وَالزَّوْج حَقه قي عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ رَدُّهُ لِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَهُوَ أَشْبَهُ بِرَدِّ الْوَلِيِّ مِنْ رَدِّ الْغُرَمَاءِ وَرَأَى أَشْهَبُ أَنَّهُ كَرَدِّ الْوَلِيِّ وَالْفَرْقُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تتصرف فِي ثلثهَا بِخِلَافِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَتَوَسَّطَ أَمْرَهَا وَأَمَّا إِنْ حَلَفَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ فَلَمْ يَحْنَثُوا حَتَّى مَلَكُوا أَمْرَهُمْ فَهُوَ يَلْزَمُهُمْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالنَّصْرَانِيِّ يَحْنَثُونَ بَعْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ نَظَرًا لِحَالَةِ الْيَمِينِ وَهُوَ السَّبَبُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدُ عَبْدَهُ فَسَكَتَ سَيّده وَقد علم لَا يلْزمه الْعِتْقُ لِسُكُوتِ سَيِّدِهِ وَعِلْمِهِ وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ شِرَاءَ الْعَبْدِ الْأَمَةَ إِذَا عَلَّقَ عِتْقَهَا لِأَنَّ لِسَيِّدِهَا رَدُّ عِتْقِهَا فَيَبْقَى لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا وَهِيَ مَحْلُوفٌ بَحُرِّيَّتِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِالْيَمِينِ وَلم يَأْمُرهُ بِالشِّرَاءِ أما لَو أَمرهمَا عُتِقَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ الرَّدُّ كَعِتْقِهِ بِإِذْنِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا كَانَ السَّفِيهُ لَا يُولى عَلَيْهِ وَهُوَ يَلِي نَفسه بعد عِتْقُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا الْبَيِّنُ السَّفَهِ الَّذِي يُحْجَرُ مِثْلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ الْبَيِّنُ السَّفَهِ فِي إِفْسَادِ مَالِهِ يَنْفَذُ تَصَرُّفُهُ حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِهِ إِلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَه أَشهب إِذا حلف السَّفِيه الْمولى عَلَيْهِ لعتق رَقِيقِهِ وَحَنِثَ بَعْدَ وِلَايَتِهِ لِنَفْسِهِ يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ وَقِيلَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا حَنِثَ قبل زَوَال الْحجر فَإِن رد وَصيته لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَإِلَّا لَزِمَهُ كَالْعَبْدِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي نُفُوذِ عِتْقِ السَّفِيهِ أَمْ وَلَدِهِ لِمَا يَدْخُلُهَا مِنَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إِلَّا التَّافِهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتْبَعُهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهَا مَهْرٌ عَظِيمٌ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ هَاهُنَا وَقَالَ الْمُغِيرَةُ عِتْقُهُ أُمَّ وَلَدِهِ لَا يَنْفُذُ بِخِلَافِ طَلَاقِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا عِتْقَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَيَقُومُ فِي مَالِ السَّيِّد كَانَ للْعَبد مَال أم لَا وَكَانَ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَأَجَازَهُ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَسْتَوْجِبُ مَالَ السَّيِّدِ وَإِنِ احْتِيجَ إِلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ فِيمَا بِيَدِهِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا تَقَدَّمَ فَاشْتَرَى عَبْدًا فِي حَالِ الرِّقِّ بَعْدَ إِجَازَةِ السَّيِّدِ لِيَمِينِهِ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَإِنْ أَجَازَ يَمِينَهُ فِي ذَلِكَ العَبْد وَحده لزمَه عتقه قَوْله رَدُّ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَهُ وَاخْتُلِفَ فِي حِلِّ السَّيِّدِ لِيَمِينِ الْعَبْدِ فَجَعَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ دُونَ أَشْهَبَ قَالَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ لِإِبْقَاءِ الْيَمِينِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهِ إِذَا بَاعَهُ.
الثَّانِي:
إِنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ الْعِتْقَ فَقَالَ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَقَالَ نَوَيْتُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ صَدَقَ وَعَتَقَ قِيَاسًا عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ فَلَا يعْتق وَقَالَ غَيره يعْتق وَإِن لم يرد كَمَا يكون ذَلِك من الْمَرْأَة طَلَاقا وَلم ترده وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقُ وَقَالَ غَيْرُهُ يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ كَمَا يَكُونُ مِنَ الْمُمَلَّكَةِ طَلَاقًا وَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ وَأَرَدْتُ بِذَلِكَ الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ قَالَ أَنَا أَدْخُلُ أَوْ أَذْهَبُ أَوْ أَخْرُجُ لَمْ يَكُنْ هَذَا عِتْقًا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْعِتْقَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ ادْخُلِ الدَّارَ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ عَتَقَ بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدَّعِي الْعِتْقَ إِذَا أَجَابَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمُمَلَّكَةِ تَقُولُ لَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي وَتَقُولُ أَرَدْتُ الطَّلَاقَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ بِذَلِكَ خِيَارٌ وَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ فِي قَول مَالِكٍ جَمِيعًا لِتَرْكِهِمَا مَا جُعِلَ لَهُمَا حِينَ أَجَابَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَتَمْلِيكُ الْعَبْدِ كَتَمْلِيكِ الْمَرْأَةِ ذَلِكَ فِي يَدِهِمَا مَا لَمْ يَفْتَرِقُوا مِنَ الْمَجْلِسِ أَوْ يَطُولُ حَتَّى يَرَى أَنَّهُمَا تَرَكَا ذَلِكَ وَلَوْ خَرَجَا مِنَ الَّذِي كَانَا فِيهِ إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ تَرْكٌ لِمَا كَانَا فِيهِ بَطَلَ مَا جُعِلَ لَهُمَا وَهُوَ أول قَول مَالِكٍ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ ذَلِكَ لَهَا وَإِنْ قَامَتْ مِنَ الْمَجْلِسِ إِلَّا أَنْ تُوقَفَ أَوْ تَتْرُكَهُ يَطَؤُهَا أَوْ يُبَاشِرُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَيَزُولُ مَا بِيَدِهَا وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فِي اخْتِيَار النَّفس إِن اخْتَار الْعَبْدِ نَفْسَهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْبَيْعُ وَمَقْصُودُ الْمَرْأَةِ مُنْحَصِرٌ فِي الطَّلَاقِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ الْعَبْدُ اخْتَرْتُ أَمْرِي أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي وَنَوَى الْعِتْقَ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَذَلِكَ بَاقٍ بِيَدِهِ مَتَى شَاءَ أَعْتَقَ نَفْسَهُ وَإِنْ أَجَابَا بِغَيْرِ مَا جُعِلَ لَهُمَا أُبْطِلَ فِي الْكِتَابِ مَا بِيَدِهِمَا بِخِلَافِ السُّكُوتِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِيهِ الْجَوَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهُمَا مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُمَا الْأَوَّلُ أَدْخُلُ بَيْتِي مِنَ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ كَالسُّكُوتِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا وَكَلَهُ عَلَى عِتْقِهَا فَقَالَ لَهَا ادْخُلِي الدَّارَ وَقَالَ أَرَدْتُ الْعِتْقَ لَمْ يُصَدَّقْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ قَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَ السَّيِّدُ ادْخُلِ الدَّارَ وَقَالَ أَرَدْتُ بِهِ الْعِتْقَ أَوِ الطَّلَاقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ إِذَا قُلْتَ هَذَا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ طَالِقٌ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ وَكَّلَتْهُمَا عَلَى عِتْقِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضْتَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا لَمْ يَعْتِقْ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ جَمْعِكَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَعَلْتَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ قَالَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ لَوْ مَلَّكْتَهَا وَأَجْنَبِيًّا عِتْقَهَا فَلَا بُدَّ من اجْتِمَاعهمَا لِأَن لكل وَاحِد مِنْهُمَا واطئها انْتقض ذَلِك فالرابع حكم الْوَكِيلِ حُكْمُ الْمُوَكِّلِ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي الْبَيِّنَةِ وَيلْزم الْمُوكل بِخِلَاف العَبْد الْمُتَّهم لنَفسِهِ.
الرَّابِعُ:
يَنْفُذُ عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ دُونَ الْمَعْتُوهِ الْمُطْبِقِ وَالصَّبِيُّ وَإِنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ ثُمَّ جُنَّ فَفعل مَا جلف عَلَيْهِ فِي جُنُونِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الصَّبِيُّ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ إِذَا احْتَلَمْتُ فَاحْتَلَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْحِنْثَ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِمَا فِي زَمَانٍ يَنْفُذُ فِيهِ التَّصَرُّفُ وَأَحَدُهُمَا لَا يَسْتَقِلُّ إِجْمَاعًا وَالْإِكْرَاهُ يَمْنَعُ لُزُومَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِمَا وَإِكْرَاهُ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ وَالتَّهْدِيدُ بِالضَّرْبِ إِكْرَاهٌ وَالتَّخْوِيفُ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ وَالسَّجْنُ وَإِكْرَاهُ الزَّوْجِ بِالضَّرْبِ وَإِنِ افْتَدَتْ مِنْهُ بِشَيْءٍ رَدَّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبِكْرُ الَّتِي فِي بَيْتِ أَهْلِهَا وَلَمْ تعنس وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهَا وَلَا مَعْرُوفُهَا وَإِنْ أَجَازَهُ وَالِدُهَا لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُجِيزَهُ وَهِيَ كَالصَّبِيِّ وَيَجُوزَ عِتْقُ الْمُعْنِسَةِ إِذَا أَنِسَ مِنْهَا الرُّشْدَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَالْمَعْرُوفُ لِمَالِكٍ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهَا وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْبِكْرِ إِذَا دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَإِنْ أَجَازَهُ الزَّوْجُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ رُشْدَهَا.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ دَفَعَ الْعَبْدُ لَكَ مَالا لتشتريه لنَفسك أو تَشْتَرِيَهُ لِتُعْتِقَهُ فَفَعَلْتَ لَزِمَ الْبَيْعُ فَإِنْ كُنْتَ استثنيت مَاله لم تَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَإِلَّا غَرَّمْتَهُ لِأَنَّ الْمَالَ بَقِيَ لِلْبَائِعِ وَيُعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُكَ بِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ بِيعَ عَلَيْكَ فِي الثَّمَنِ وَيُبَاعُ الْعَتِيقُ فِي ثَمَنِهِ إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ بَعْضُهُ فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَبْدِ فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتك وَإِن اشْترى العَبْد بِنَفسِهِ مِنْكَ شِرَاءً فَاسِدًا عَتَقَ وَلَا تَتْبَعُهُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا بِخِلَافِ شِرَاءِ غَيْرِهِ لِأَنَّكَ بِعْتَ مَالَكَ بِمَالِكَ فَكَأَنَّكَ الْمُعْتِقُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ إِلَّا أَن يتبعهُ لِنَفْسِهِ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَلَكَ عَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَةٍ لِبُطْلَانٍ أَصْلِ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ بِخَمْرٍ عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَفِي النُّكَتِ إِذَا دَفَعَ لَكَ عَرَضًا وَقَالَ لَكَ اشْتَرِ لِنَفْسِكَ وَلَمْ تَسْتَثْنِ مَالَهُ فَأَنْتَ كَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتَحَقَّتِ السِّلْعَةُ الَّتِي دُفِعَتْ فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ الرُّجُوع فِي غير عَبْدِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا لَمْ يَفُتْ وَإِنْ فَاتَ بِحِوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهَا فَعَلَيْكَ قِيمَةُ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ اشْتَرِنِي بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِي فَفَعَلَ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ عَتَقَ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ نَفسه وَوَلَاؤُهُ لسَيِّده الْبَالِغ وَإِن لم يسْتَثْن مَاله عَاد رقا لبَائِعه وَالْمَال لَهُ وَلَا يتبعهُ المُشْتَرِي بِيَمِينِهِ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا وَالْبَيْعُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مُبَاشرَة الْعُقُود أَن يكون لِلْمُبَاشِرِ فَإِنْ تَدَاعَيَا ذَلِكَ قَالَ أَصْبَغُ صُدِّقَ المُشْتَرِي اسْتثْنى مَالَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ غَارِمٌ وَيَحْلِفُ إِنِ اسْتَثْنَى مَالَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَكَانَ حُرًّا وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ لَمْ يَحْلِفْ لِلْعَبْدِ وَلَوِ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِ الْعَبْدِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَغَرِمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّيِّدُ وَاسْتَحَقَّ الْعَبْدُ قَالَ أَصْبَغُ وَإِنِ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ عَبْدِي دَفَعْتَ إِلَيَّ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ صدق والمبتاع اسْتَثْنَى مَالَهُ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ الثَّمَنَ ثَانِيَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَال وَأعْتق العَبْد رد الْعتْق وَبيع الثَّمَنُ عُرِفَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ إِذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا يَعْتِقُ وَيكون كَمَا بِعته كَانَ لَهُ غَيْرُهُ كَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقْتَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسِّرٍ إِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي يَدِهِ فَهُوَ حُرٌّ وَيَكْسِرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ إِذَا كَانَ مَضْمُونًا وَقَالَ يَنْبَغِي إِذَا كَانَ مَضْمُونًا أَنْ يعجل الْعَبْدَ وَيُتْبَعَ بِقِيمَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ بِعْتَ عَبْدَكَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَتِهِ فَوَجَدْتَ بِهَا عَيْبًا لَمْ تَرُدَّهَا كَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهَا وَأَعْتَقْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إِنْ قَاطَعْتَهُ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا رَدَدْتَهَا وَاتَّبَعْتَهُ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ كَانَتْ يَوْمَ الْعَقْدِ لَيْسَتْ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَدَدْتَهَا بِالْعَيْبِ الَّذِي وَجَدْتَهُ وَنَفَذَتِ الْحُرِّيَّةُ وَاتَّبَعْتَهُ بِقِيمَتِهَا كَالْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُكَ بِجَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَتُوجَدُ مَعِيبَةً أَوْ تَسْتَحِقُّ فَإِنَّكَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِذَا دَفَعَ لَكَ عَرَضًا تَشْتَرِيهِ لَهُ بِالْوَكَالَةِ وَعَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ قَبْلَ تَغْيِيرِ سُوقِهِ أَوْ بَدَنِهِ قُضِيَ لَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ وَإِلَّا اتُّبِعَ بِهَا وَإِنْ أَعْتَقْتَ وَأَنْتَ مُعْسِرٌ رُدَّ عِتْقُكَ وَبِيعَ فِي الْقِيمَةِ إِنْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي تَغَيَّرَتْ بِهِ رَدٌّ مِنْ أَصْلِهِ وَيُبَاعُ عِنْدَ أَشْهَبَ فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مَرَّتْ بِهِ حَالَةٌ فَاتَ بِهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتَثْنَيْتَ مَالَهُ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ الْأَوَّلِ لِبَائِعِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا قَالَ أَصْبَغُ إِنْ قَالَ لِسَيِّدِهِ بِعْنِي نَفْسِي بِمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ نَفْسِي فَبَاعَ وَقَبَضَ الْمِائَةَ ثُمَّ قَالَ فَلَان أَعْطَانِيهَا لِأَشْتَرِيَ بِهَا نَفْسِي وَقد أعتق فُلَانٌ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ جَوَابًا لَا كَلَامًا أَوْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ صدق وَكَانَ مَوْلَاهُ ووارثه وَإِنْ تَبَاعَدَ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَالَ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ أَوْ يَمْلِكُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْعِتْقُ مَاضٍ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَيَكُونُ الْمَالُ لِلْأَمْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يجْبر وَفعله وَإِذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ بِعَبْدٍ آبِقٍ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَجْدِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُبَايَعَةَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ انْتِزَاعٌ قَوْلَانِ.
السَّادِسُ:
فِي الْكتاب إِن حجد الْعتْق فاستغل واستخدم ووطىء ثمَّ ثَبت الْعتْق بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ يحجد فَلَا شَيْء عَلَيْك من ذَلِك وَإِن أقرّ بذلك وَلم تنْزع رددت الْغلَّة للْعَبد وَقِيمَة خِدْمَتِهِ وَيُحَدُّ فِي الْوَطْءِ كَمَنِ ابْتَاعَ حُرَّةً وَهُوَ يعلم بهَا وَإِن حلف لعتقه فَحَنِثَ وَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ مَاتَ وَكَاتَبَهُ وَوَرَثَتُهُ غَيْرُ عَالِمِينَ بِالْحِنْثِ ثُمَّ شَهِدَ بِالْعِتْقِ مَضَى الْعِتْقُ الْآنَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّةٍ وَلَا كِتَابَةٍ وَكَذَلِكَ إِنْ جَرَحَهُ السَّيِّدُ أَوْ قَذَفَهُ وَثَبَتَ عِتْقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ جَاحِدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنْ جَحَدَ السَّيِّدُ الْعِتْقَ فَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ رَدَّ الْغلَّة وَلِلْعَبْدِ حكم الْحر فِيمَا مضى مرددا وجرح لَهُ أَوْ عَلَيْهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ أَوِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ يَثْبُتُ حُكْمُهَا مِنْ يَوْمِ شَهِدُوا أَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ فِيهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ جَحْدُ السَّيِّدِ مَعَ الْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ إِلَّا فِي الْوَطْءِ لِأَنَّ الْجَحْدَ شُبْهَةٌ تَمْنَعُ الْحَدَّ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالتَّعَمُّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ أَقَرَّ وَقَدْ جَرَحَهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ عَبْدًا أَوْ حُرًّا لِلْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَقَرَّ أَوْ جَحَدَ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ على الْعَاقِلَة وَالْقِيَاسُ أَنَّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يُرِدِ السَّيِّدُ مَا أَخَذَهُ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ غَلَّةٍ خِدْمَةٌ أَوْ خَرَاجٌ دون مَا انتزعه من مَاله أَفَادَهُ عِنْده أَمْ لَا وَدُونَ مَا قَبَضَهُ مَنْ أَرْشِ جِرَاحَاتِهِ وَقَطْعِ يَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ لَوْ مَاتَ عِنْدَهُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ قَالَ الْمُغيرَة يرد غَلَّته وَيُعْطِي الموطؤة صَدَاقَ الْمِثْلِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصَّدَاقَ لِأَن مُسْتَرَقُّ الْحُرِّ دَفَعَ ثَمَنًا انْتَفَعَ بِهِ فَيَنْتَفِعُ بمثمونه كَمَا اسْتَحَقَّ الْمِلْكَ وَالْفَرْقُ لِلْمُغِيرَةِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا هَلَكَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ ضَمِنَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَالْحُرُّ لَا يَضْمَنُهُ حُرٌّ وَلَوْ هَلَكَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَعَلَ مَالِكٌ الْجَاحِدَ فِي الْكِتَابِ لَهُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَحَمَلَهُ عَلَى النِّسْيَانِ كَمَنْ طَلَّقَ ثُمَّ أَصَابَ عَلَى شُبْهَةِ الْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا.
السَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنَ الْغَنِيمَةِ وَلَهُ فِيهَا نَصِيبٌ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَإِنْ وَطِئَ فِيهَا حُدَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يقطع للسرقة وَقَالَ غَيره لَا يحد للزِّنَا وَيُقْطَعْ إِنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَاجِبٌ مَوْرُوثٌ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَالِ وَوَافَقَ الْجَمِيعُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْعتْق إِلَّا قولا أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُلَاحَظُ حَقُّهُ فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيع هَذِه وَلَا يُعْطِيهِ لغيره وَلَا حَظّ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ حِصَّتَهُ مِنَ الْجِنْسِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يُعْلَمُ مَا يَقُولُ لِشُرَكَائِهِ قَالَ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْجَيْشِ الْعَظِيمِ وَأَمَّا فِي السَّرِيَّةِ الْيَسِيرَةِ فَحِصَّتُهُ مَعْلُومَةٌ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيقوم وَلَا يحد للزِّنَا بِاتِّفَاقٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ سَحْنُونٌ يَمْضِي عِتْقُهُ مِنَ الْمَغْنَمِ وَيَغْرَمُ نَصِيبَ أَصْحَابِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَغَرَمَ بَقِيَّتَهُ وَإِنْ أَحْبَلَ أَمَةً لَا يُحَدُّ وَغَرِمَ الْقِيمَةَ يَوْمَ أَحْبَلَهَا لِأَمِيرِ الْجَيْشِ وَإِنْ تَفَرَّقُوا تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَلَهُ نَصِيبُهُ بِحِسَابِ أُمِّ وَلَدٍ وَيُبَاعُ بَاقِيهَا.
الثَّامِنُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ النَّصْرَانِيِّ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَضَى عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ ذِمِّيٍّ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَكَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَلَهُ بَيْعُهُ وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا إِلَّا أَن يَرْضَى أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ وَإِنْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ لَمْ يُمْنَعِ الْآنَ الْبَيْعَ لِأَنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَا نِسَائِهِمْ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ وَهُوَ بِيَدِهِ فيواجر الْمُدَبِّرَ وَتُبَاعُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ مِلْكَهُ عَلَى مُسْلِمٍ فَإِنْ بَتَلَ الْعِتْقَ فِي نَصْرَانِيٍّ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ ثُمَّ حَنِثَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَكَذَلِكَ جَمِيع أيمانه فِي التَّنْبِيهَاتِ إِذَا دَبَّرَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ كَاتَبَ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فَفَسَخَ النَّصْرَانِيُّ ذَلِكَ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ إِنْ دَبَّرَ قَبْلَ إِسْلَامِ الْعَبْدِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُوِيَ فِيهَا إِنْ كَانَ رَدُّهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ أَصْوَبُ وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَ إِسْلَامٍ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَفِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ الْقُرَوِيِّينَ إِذَا أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوِ السَّيِّدُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَبِنْ عَنْهُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ وَإِنَّمَا مَنَعَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهِ عَنْهُ لتوجه الْحُرِّيَّة عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبْطِلُهُ النَّصْرَانِيُّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَإِذا أسلم العَبْد الْمُدبر واجرتاه فَمَاتَ السَّيِّد نَصْرَانِيّا عتق فِي ثُلُثِهِ إِنْ حَمَلَهُ وَإِلَّا فَمَبْلَغُ الثُّلُثِ وَوَرِثَ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ نَصْرَانِيًّا خُيِّرَ عَلَى بَيْعِ مَا صَارَ لَهُ أَوْ مُسْلِمًا أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ فَمَا رَقَّ مِنْهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ كَافِرًا وَقيل فِي الدَّاخِل وَأما أَن لَا تُفْسَخَ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهُ مِنَ التَّظَالُمِ بَيْنَهُمْ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْعَبْدُ قَبْلَ ذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَإِذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ إِنْ بَانَ عَنْهُ وَصَارَ كَالْأَحْرَارِ لَا يَرْجِعُ فِي عِتْقِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ كَمَا كَانَ حَتَّى أَسْلَمَ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَهُ حَبْسُهَا إِنْ لَمْ تَبِنْ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ تَدْبِيرِ الْمُدَبَّرِ يُسْلِمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْعِتْقِ بَيْنُونَةُ الْعَتِيقِ بِنَفْسِهِ فَلَمَّا بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ وَلَيْسَ شَأْنُ التَّدْبِيرِ الْبَيْنُونَةَ فَلِذَلِكَ لَزِمَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْفَرْقِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَلِلْعِتْقِ سَبَبَانِ الْعِتْقُ وَالْإِسْلَامُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْعَبْدِ بِعَدَمِ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ لَرَجَعَ فِي الْعِتْقِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عِتْقُهُ بَاطِلٌ إِلَّا بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَيَصِيرُ حُكْمًا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَيُحْكَمُ فِيهِ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى تَعْلِيلِ صَاحِبِ النُّكَتِ الْمُتَقَدِّمِ إِذَا كَانَ الْمُعْتق أمة أو زَوْجَة لاتنفعها الْبَيْنُونَة لِأَنَّهُمَا لَا يلْزم حُرِّيَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ إِذَا بَانَ عَنْهُ فَقَدْ فَعَلَ مُوجِبَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَأَلْزَمَهُ نَفْسَهُ فَالرُّجُوعُ فِيهِ تَظَالُمٌ بَيْنَهُمْ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بَلْ ذَلِكَ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْنُونَةُ قَبْضٌ فَيُمْنَعُ الرُّجُوعُ وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ النَّصْرَانِيَّيْنِ وَأَنْفَذَ الْعِتْقَ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ وَلَهُ قِيمَةُ عَيْبِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مِنَ التَّظَالُمِ قَالَ الْمُغِيرَةُ إِذَا حَلَفَ النَّصْرَانِيُّ بِعِتْقِ غُلَامِهِ وَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ حَنِثَ فَرَفَعَ الْغُلَامُ أَوِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا وَاسْتَرْعَتْ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ وَعَنِ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ يُحَدُّ إِذَا زَنَا حَدَّ الْبِكْرِ وَكُلُّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ.
التَّاسِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أقرّ الْوَارِث أو شهد أَن موروثه أَعْتَقَ هَذَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِقْرَارُهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ وَرَقَّ الْعَبْدُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُقِرِّ بَيْعُ حِصَّتِهِ فَيُجْعَلُ ثمنه فِي رقبته يعتقها وَيكون ولاؤها لأَبِيهَا وَلَا يجْبر على ذَلِك ومالا يبلغ رَقَبَة فِي رَقَبَة فَإِن لم يجد فَفِي أَخذ نُجُوم كِتَابَة فَإِن ترك الْمَيِّت عمد آخر وَطلب الْوَرَثَة الْقِسْمَة فَوَقع الْمقر بِهِ لِلْمُقِرِّ عَتَقَ بِالْقَضَاءِ وَإِنِ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فَقَالَ أَحدهمَا أعتق أَي هَذَا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَا قُسِّمَتِ الْعَبِيدُ فِيمَن وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مَنْ أَقَرَّ بِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا حَمَلَ الثُّلُثَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ أَخْرَجَ مِقْدَارَ نِصْفِ ذَلِكَ الْعَبْدِ إِنْ حَمَلَهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ فَيُجْعَلُ فِي رَقَبَةٍ أَوْ يُعَيَّنُ بِهِ فِي رَقَبَةٍ وَلَا يُؤْمَرُ هَاهُنَا بِالْبيعِ لانقسام العبيد وَمَا لَا تَنْقَسِم فالكالعبد الْوَاحِد كَمَا تقدم فِي النُّكَتِ حَيْثُ أَمَرَ بِالْبَيْعِ فِي حِصَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِلْكِ ثَانِيًا وَبَيْنَ إِقْرَارِهِ أَوَّلًا أَنَّ الْإِرْثَ جَرّه إِلَيْهِ وَالْمُشْتَرِي منحان لِلْمَالِكِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ شَهِدَ فَرْدٌ لَكَ فَكُلُّ وَارِثٍ مَالِكٌ نِصَابَهُ فَيَتَوَرَّعُ عَنْ خِدْمَتِهِ وَلَوْ قَالَ أَجَزْتُ عِتْقَ نِصَابِي عَتَقَ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لِلتُّهَمَةِ فِي جر الْوَلَاء وَإِن ملك الْوَارِث الشَّاهِد أو الْمُقِرُّ الْعَبْدَ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ أَمْ لَا إِذَا كَانَ عَتَقَ الْمَيِّتُ فِي مَرَضِهِ وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مِلْكُ شَيْءٍ مِنْهُ أَبَدًا وَلَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ وَمَعَهُ وَصَايَا فَقُدِّمَ عَلَيْهَا وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَقَطْ فَإِنَّهُ مَتَى مَا مَلَكَ مِنْهُ شَيْئًا عَتَقَ عَلَيْهِ مِلْكَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْوَصَايَا تُقَدَّمَ عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَيْ أَمْلَكَهُ بِمَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْعِتْقِ فِي تَبْدِيَةِ غَيْرِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَمْلِكْهُ وَإِنَّمَا صَارَ لَهُ مِنْهُ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ عَرَضٌ وَإِنْ شَهِدَ الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِعِتْقِ بَقِيَّةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَسَادٌ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّ بَعْضَهُ حُرٌّ وَيَحْلِفُ الْبَاقُونَ على علمهمْ وَإِن كَانَ مَعَ الْوَارِثُ مَنْ لَا يَرِثُ الْوَلَاءَ وَالْعَبْدُ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِي وَلَائِهِ بَطَلَتِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا وَمَتَى مَلَكَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ وَمَا عَتَقَ بِهَذَا الْوَجْهِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمَيِّتِ وَلِمَنْ يَرِثُهُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ وَارِثٌ وَاحِدٌ هُوَ الشَّاهِدَ بِالْعِتْقِ أَوْ وَارِثَانِ لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُهُمَا عَتَقَ جَمِيعَ الْعَبْدِ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَلَّى عَلَيْهِ وَالَّذِي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ يُجْعَلُ مَا صَارَ لَهُ فِي رَقَبَةٍ مِنْ غَيْرِ إِجْبَارٍ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ وَنَقْلُ الثُّلُثِ الْمُتَقَدِّمِ مُشْكِلٌ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ فِي أُصُولِنَا عَبْدًا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَبَيْعُهُ فَإِذَا اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إِذَا اشْتَرَى بَعْضَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلَّهُ مِمَّا لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ كُلَّهُ وَالسَّبَبُ دُخُولُ الضَّرَرِ عَلَى بَقِيَّةِ الشَّرِكَةِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا تَرَكَ عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُمَا وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ تَنَازَعَا أَيُّهُمَا عَتَقَ واقتسما وَوَقع لكل وَاحِد الَّذِي يشْهد بِهِ عتق مِنْهُ ثلثه مثل أَن يكون فِيهِ كل عبد ثَلَاثِينَ وَثَلَاث للْمَيت عشرُون وَهُوَ ثلث الْعَبْدِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَوْ صَدَّقَهُ كَانَ الَّذِي يَعْتِقُ مِنْهُ وَقَالَ الْبَرْقِيُّ إِنْ لَمْ يَحْمِلَا الْقِسْمَةَ تَقَاوَمَاهُمَا وَإِنْ صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الْعَبْدُ الَّذِي لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِ قيمَة الَّذِي صَار لَهُ فَجعله فِي رَقَبَةٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوِ الْعَبْدِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ثُلُثَاهُ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَرَكَ أبنات وَثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَقَالَ أَعْتَقَ أَبِي هَذَا ثُمَّ قَالَ بَلْ هَذَا ثُمَّ قَالَ بَلْ هَذَا وَقِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةَ لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ فِي الْجَمِيعِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمْ عُتِقَ مِنْ كل وَاحِد ثلث الْمَيِّت وَهُوَ ثلث قيمتهم وَمِنَ الثَّانِي ثُلُثُ قِيمَةِ الِاثْنَيْنِ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَوَّلِ وَمِنَ الثَّالِثِ ثُلُثُهُ وَثُلُثُ مَا رق من صَاحبه إِنْ رَقَّ شَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنِ اسْتَوَتِ الْقِيمَةُ وَلَمْ يَتْرُكَ غَيْرَهُمْ عَتَقَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ وَثُلُثُ الثَّانِي لَا ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ أَيْضًا ثلث مَا بَقِي قَالَ اللَّخْمِيّ قَرَار بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَا يُقْبَلُ كَانَ مِنَ الْعَبْدِ الَّذِي ينْقض عِتْقَهُ قِيمَةُ مَا بَقِيَ أَمْ لَا وَفِي إِقْرَارِ الْوَارِثِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يَرِقُّ نَصِيبُهُ وَيَبْطُلُ إِقْرَارُهُ وَيَجُوزُ وَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَلَا يُقَوَّمُ وَالثَّالِثُ يَعْتِقُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شُرَكَائِهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ مِنْهُ وَيُنْسَبُ ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ وَهل بُطْلَانُ الْعِتْقِ وَالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ عَيْبًا عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى عِتْقٍ مِنْ غير استكمال فَاعْتبر فِي الْمُدَوَّنَة حَتَّى الشُّرَكَاء وَلذَلِك أجَازه إِذا كَانَا عَبْدَيْنِ فاقتسماها وَعَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَنْقُصْ أَوْ دَفَعَ النَّقْصَ يَجُوزُ وَإِنْ كَرِهَ الشُّرَكَاءُ وَكَذَلِكَ إِنْ رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِالْعَبْدِ وَإِذَا شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَهُوَ عَدْلٌ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُ الْكِبَارِ الرُّشَّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ سَفِيه لأَنهم أَقَرُّوا حِينَئِذٍ لَمْ يَعْتِقْ وَعَلَى قَوْلِهِ لَوْ حَلَفَ أَحَدُ الْكِبَارِ لَمْ يَحْلِفِ الْبَاقِينَ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوَا لَمْ يَعْتِقْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الثَّانِي فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَحْلِفِ الثَّالِثُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعِتْقِهِ يَحْلِفُ كُلُّهُمْ فَمَنْ أَقَرَّ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ وَإِنْ شهد اثْنَان من الْوَرَثَة وَلم يعد لَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الآخر يعْتق انصبائهما وَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ وَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ لِجَمِيعِهِمْ الْمُقِرِّ وَالْمُنْكِرِ وَلِلْمُنْكِرِ خَاصَّةً قُضِيَ بِعِتْقِهِ أَوْ لِلْمُقِرِّ خَاصَّةً كَالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْإِخْوَةِ أَوْ رِجَالٍ وَنسَاء وَالْعَبْد يُرْغَبُ فِي وَلَائِهِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَ يَرْغَبُ فِي وَلَاءٍ رَدَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَهَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ.
تَنْبِيهٌ:
وَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ عَلَى عَدَمِ نُفُوذِ عِتْقِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَصِحُّ عِتْقُ الصَّبِيِّ وَطَلَاقُهُ وَقَالَ ح لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ بِدَلِيلِ إِبَاحَةِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَوَافَقَنَا ش أَنَّ عِتْقَ الْمَرِيضِ الْمَدْيُونِ يُرَدُّ بِالدَّيْنِ وَيُبَاعُ فِيهِ قَالَ ح يَصح ومتعا العَبْد فِي قِيمَته فيمر فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ فِي مِلْكِهِ فَيَصِحُّ كَالصَّحِيحِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّحِيحَ ذِمَّتُهُ بَاقِيَةٌ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَالْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ مَعَ أَنَّا نَمْنَعُ الْحُكْمَ عَلَى أَصْلِنَا وَمَتَى تقدم الدّين أبطلنا فيهمَا.