فصل: الْأَدَبُ الْخَامِسَ عَشَرَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْأَدَبُ الْخَامِسَ عَشَرَ:

فِي أُمُورٍ مُتَقَدِّمَةٍ يَحْتَاجُهَا فِي الْجَوَاهِرِ يَجْعَلُ مَنْ يَثِقُ بِهِ يُخْبِرُهُ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِ فَيَنْظُرُ فِيهِ وَيَسْتَدْرِكُهُ بِمَا يَلِيقُ وَفِي النَّوَادِرِ يَتَعَيَّنُ عَلَى جَلِيسِ الْقَاضِي إِذَا أَنْكَرَ أَمْرًا أَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ بَلْ فِي الْحَالِ يُخْبِرُهُ بِهِ لِيَتُوبَ وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى كَشْفِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ كُشِفَ بَين يَدي الْعُدُول من أَصْحَابه وَأمر بنحي الْخُصُوم وَمن على رَأسه إِن كَانَ آمنهُ وَيَجْعَلُ لِلنَّصَارَى يَوْمًا أَوْ وَقْتًا يَجْلِسُ لَهُمْ فِيهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ قَالَ سَحْنُونٌ وَالْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْمِصْرِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنْ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْغُرَبَاءِ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ الْمِصْرِ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْغُرَبَاءِ وَقْتًا يَخُصُّهُمْ فَإِنْ كَثُرُوا فَلَا يَبْدَأُ بِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ بَلْ يَجْعَلُ لِهَؤُلَاءِ دَعْوَةً وَلِهَؤُلَاءِ دَعْوَةً ثُمَّ يَبْدَأُ بِطَائِفَةٍ أَوَّلَ يَوْمٍ ثُمَّ يَمِيلُ لِأَهْلِ الْمِصْرِ حَتَّى يَقُومَ ثُمَّ يَبْدَأُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِبَاقِيهِمْ ثُمَّ يَمِيلُ إِلَى أَهْلِ الْمِصْرِ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الدَّعْوَةُ فَإِنْ خَاصَمَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ كُتِبَ اسْمُهُ فِي الدَّعْوَةِ خُيِّرَ فِي إِثْبَاتِهِ فِي أَوَّلِ مَنْ يَدْعُو أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ جَمِيعُ مَنْ كُتِبَ فِي الدَّعْوَةِ بِاجْتِهَادِهِ وَلَيْسَ مَنْ يَخَافُ فَوَاتَ أَمْرِهِ كَغَيْرِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ شَأْنُ الْقُضَاةِ تَقْدِيمُ الْغُرَبَاءِ قَالَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْقُضَاةِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ يَوْمًا فِي الْجُمْعَةِ لَا يَقْضِي فِيهِ بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فِي كُلِّ الْأَيَّامِ فِي دُنْيَاهُ وَحَوَائِجِهِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ خَصْمَ كُلِّ مَنْ جَاءَهُ إِلَّا بِلَطْخٍ مِنْ شَهَادَةٍ أَوْ سَمَاعٍ فَلَعَلَّهُ يُشَخِّصُ الرَّجُلَ الْبَعِيدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْده أَو يَدعِي بِشَيْء وَلَيْسَ فَيُعْطِيهِ إِيَّاهُ وَلَا يَرْتَفِعُ قَالَ أَصْبَغُ لَا يكْتب فِي دفع خصم إِلَّا الْعدْل فَيَقُول لَهُ مرهما بِالتَّنَاصُفِ فَإِنِ امْتَنَعَا فَارْفَعْهُمَا إِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي وَجه لمطالبته وخصمه لدد والا تَرْفَعُهُ وَهَذَا فِي الْمَكَانِ الْقَرِيبِ وَيَكْتُبُ فِي الْبَعِيدِ إِلَى مَنْ يَرْضَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيسمع الْبَيِّنَةَ وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا صَحَّ عِنْدَكَ فَإِذَا كَتَبَ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِنْفَاذِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَوْ بِحَمْلِهِمَا إِلَيْهِ فَيُنَفِّذُهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرْفَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ عُدِمَ ثَمَّ من يُكَاتب يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَذُكِرَ لِلْقَاضِي أَنَّ ثَمَّ مَنْ يصلح فليأته بِمَنْ يَعْرِفُهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ الْأَهْلِيَّةُ كَتَبَ وَإِلَّا كَتَبَ إِلَى عَامِلِ الْبَلَدِ إِنْ وَثِقَ بِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَتَبَ لِلْمَطْلُوبِ إِنَّ فُلَانًا ذَكَرَ فُلَانًا فَتَنَاصَفَا وَإِلَّا فَاقْدُمْ مَعَهُ فَإِن قدم والانفذ مَنْ يُقْدِمُهُ إِنْ قَرُبَ الْمَكَانُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ أُعْطِيَ الطَّالِبُ طَابَعًا أَوْ رَسُولًا أَوْ بَعِيدًا أَمَرَ بِحَمْلِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَوْ شَاهِدَانِ فَيَكْتُبُ حِينَئِذٍ إِلَى أُمَنَائِهِ إِمَّا أَنْ يُنْصِفَهُ وَإِلَّا يَرْتَفِعُ مَعَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مَا لَمْ يُرِدْ إِلَّا التَّطْوِيلَ وَمَتَى كَانَ فِي الْحُكُومَةِ إِشْكَالٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَإِذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِشَيْءٍ أَمَرَ الطَّالِبَ أَنْ يشْهد عَلَيْهِ لَيْلًا يُنكر.

.الباب الْخَامِس مُسْتَنَدِ قَضَائِهِ:

قَاعِدَةٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ وَالْحُجَجِ فِي مَوَارِدِ الشَّرْعِ أَمَّا الْأَدِلَّةُ فَتَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ أَنَّهَا قِسْمَانِ أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ بِالِاسْتِقْرَاءِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ وُقُوعِهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لِأَنَّهَا وُقُوعُ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهَا كَأَدِلَّةِ الزَّوَالِ مِنَ الرُّخَامَاتِ وَمَوَازِينِ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا وَبَسْطُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَأَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ يَتَقَدَّمُ فِيهَا الْمُجْتَهِدُ ثُمَّ الْأَوْصَافُ الْمَنْصُوبَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا الْأَدِلَّةُ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ مِنْهَا مَعْقُولُ الْحِكْمَةِ كَنَصْبِ الْإِسْكَارِ عِلَّةً لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِقْتِيَاتِ لِلرِّبَا فَهَذِهِ عِلَلٌ وَتَارَةً لَا تُعْقَلُ حِكْمَتُهَا كَالزَّوَالِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ فَهَذِهِ أَسْبَابٌ ثُمَّ إِذَا دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ وَتَقَرَّرَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ وَعِلَّتُهُ وَتَعَلَّقَ النِّزَاعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِيهِ أَوْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَالْمُثْبِتُ لِذَلِكَ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ أَيْمَانٍ أَوْ إِقْرَارِ حُجَجٍ فَالْحُجَجُ مُتَأَخِّرَةُ الرُّتْبَةِ عَنِ الْجَمِيعِ وَالْأَدِلَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْأَسْبَابُ وَالْعِلَلُ مُتَوَسِّطَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الْأَدِلَّةِ وَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحُجَجِ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَمِيعِ إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَجَمِيعُ مَا يَقْضِي بِهِ الْحَاكِمُ الْمُقَلِّدُ حُجَجٌ إِذَا قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ الْعِلْمُ حُجَّتَهُ بَلْ بَدَلُ الْحُجَّةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحُجَّةِ إِثَارَةُ الظَّنَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ قَامَ مقَام الْحجَّة على مَا سنبين أقوى مَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ الْقَاضِي يَقْضِي بِعِلْمِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بَلْ غَالِبُهُ ظَنٌّ وَأَمَّا الْحَاكِمُ الْمُجْتَهِدُ فَيَحْكُمُ بِالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ وَالْمُقَلِّدُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ وَأَصْلُ الْقَضَاءِ بِالْأَدِلَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ لِلْيَمَنِ كَيْفَ تَقْضِي قَالَ لَهُ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَهُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الِاجْتِهَادِ مَا هُوَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَحْكُمُ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقد«أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» فَإِنْ فُقِدَ ذَلِك فَابْن عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ مَشُورَةِ الْعُلَمَاءِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا على شَيْء أخذت بِهِ إِلَّا فبأحسن أقولهم عِنْدَهُ وَإِنْ رَأَى مُخَالَفَتَهُمْ فَعَلَ إِنْ كَانَ نَظِيرًا لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ وَالصَّحِيحُ لَهُ مُخَالَفَتُهُمْ مُطْلَقًا مَا لَمْ يكن إِجْمَاعًا وهوعلى الْخِلَافِ هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ أَقْوَالًا مَذْكُورَةً فِي الْأُصُولِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَفَرْضُهُ الْمَشُورَةُ وَالتَّقْلِيدُ فَإِنِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قضى بقول أعلمهم الْمُقَلِّدُ وَتَارَةً لَا يُحِيطُ بِقَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْفَارِقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوِ اطَّلَعَ عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ لَأَوْجَبَ لَهُ الِاطِّلَاعُ الْفَرْقَ وَنِسْبَتُهُ إِلَى مَذْهَبِهِ كَنِسْبَةِ مَنْ دُونَ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ إِلَى جُمْلَةِ الشَّرِيعَةِ فَكَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُقَلِّدِ التَّخْرِيجُ فِيمَا لَيْسَ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْأَدِلَّةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْأَفْضَل إِلَّا بِقَوْلِ عَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ دَلِيلُهُ لِقُصُورِهِ عَنْ رُتْبَةِ الِاجْتِهَادِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِمَنْصُوصٍ فَافْهَمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ فِي الْفُتْيَا وَفِي الْبَابِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ:
فِي الْجَوَاهِرِ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ تَقَدَّمَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُحَاكَمَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ بِمَا عَلِمَ بعد الشُّرُوع وَحَيْثُ مَعنا فَحكم لَا ينتفض عِنْد بعض أَصْحَابنَا لوُقُوع الْخلاف كَمَا حَكَمَ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالسَّنَدِ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ وَنَقَضَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِبُطْلَانِ الْمُدْرَكِ عِنْدَهُ كَمَا يُنْقَضُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ مَا ضَعُفَ دَلِيلُهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَنْ يكون أقرا فَفِي قَبُولِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ نَظَرًا لِلتَّأْكِيدِ بِالْحُكْمِ وَضَعْفِ الْمُدْرِكَ قَالَ التُّونُسِيُّ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ خِلَافًا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَا رَأَى الْقَاضِي أَوْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ وَأَنَّهُ يُنْقَضُ إِنْ حُكِمَ بِهِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لِضَعْفِ الْعِلْمِ بِتَقَدُّمِهِ كَتَقَدُّمِ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّعْوَى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ الْخَصْمَانِ فِي مَجْلِسِهِ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ نَقَضَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ وَنَفَّذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَعِلْمِهِ فِي التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بَعْدَ جُلُوسِهِ لِلْخُصُومَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ وَجَوَّزَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَرَأَيَا أَنَّهُمَا لَمَّا جُلِبَا لِلْحُكُومَةِ فَقَدْ رَضِيَا بِالْحُكْمِ بِمَا يَقُولَانِهِ وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُنْكِرْ حَتَّى حُكِمَ ثُمَّ أَنْكَرَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى إِنْكَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَفِي الْجَلَّابِ إِذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْحَاكِمِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ أَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْيَوْمِ لِضَعْفِ عَدَالَتِهِمْ وَقَالَ أَيْضًا لَا أرى أَن يُبَاح هَذَا الْيَوْم لأحد من الْقُضَاةِ وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِمَادِهِ عَلَى عِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إِذَا وَجَدَ فِي دِيوَانِهِ حُكْمًا بِخَطِّهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ وَإِذَا نَسِيَ الْقَاضِي حُكْمًا حَكَمَ بِهِ فَشَهِدَ عِنْده شَاهِدَانِ أَنه قضي بِهِ نفض الحكم بِشَهَادَتِهِمَا وان لم يذكرَا كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْبَيِّنَةِ وَلَا يَحْكُمُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ عَلَى نَفسه وَلَو شهد الشَّاهِدَانِ عِنْد غَيره بعده لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهَى قَاعِدَةُ الْإِثْبَاتَاتِ وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا أَنْكَرَ قَضَاءَهُ فَشَهِدَ بِهِ بعده مَنْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَهُ عُزِلَ الْأَوَّلُ أَمْ لَا وَسوى شهودها بَيْنَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَافَقَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح لَا يَحْكُمُ فِي الْحُدُودِ بِمَا يُشَاهِدُهُ مِنْ أَسْبَابِهَا إِلَّا الْقَذْفَ وَلَا فِي حُقُوق الادمين بِمَا عَلِمَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ دُونَ مَا بَعْدَ الْوِلَايَةِ وَمَشْهُورُ ش الْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ فِيمَا يَعْلَمُهُ لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ» فَدَلَّ عَلَى الْقَضَاءِ بِالسَّمَاعِ دُونَ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ» فَحَصَرَ الْحُجَّةَ فِي الْأَمْرَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعلم وَفِي أبي دَاوُد إِن الرَّسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث أَبَا جهم على الصَّدَقَة فلاحه رَجُلٌ فِي فَرِيضَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا شِجَاجٌ فَأَتَوُا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمُ الْأَرْشَ ثُمَّ قَالَ فَأَخْطُبُ النَّاسَ أُعْلِمُهُمْ بِرِضَاكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ فَأَعْلَمَ فَقَالُوا لَا مَا رَضِينَا فَأَرَادَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَنَزَلَ فَجَلَسُوا إِلَيْهِ فَأَرْضَاهُمْ فَقَالَ أَخْطُبُ وَأُعْلِمُ النَّاسَ قَالُوا نَعَمْ فَخَطَبَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ فَقَالُوا رَضِينَا وَهَذَا نَصٌّ فِي عَدَمِ الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ وَشَرِيكٍ إِنْ جَاءَتْ بِهِ لِكَذَا فَهُوَ لِهِلَالٍ يَعْنِي الزَّوْجَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِكَذَا فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ يَعْنِي الْمَقْذُوفَ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَو كنت راجما أحدا بِغَيْر بَيِّنَة لرجمتها» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي فِي الْحُدُودِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا وَقَدْ وَقَعَ مَا قَالَ فَيَكُونُ الْعِلْمُ حَاصِلًا لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ مَا رَجَمَ وَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ} فا قتضى جَلْدَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ عَلِمَ صَدْقَهُمْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَيُتَّهَمُ بِالْقَضَاءِ عَلَى عَدُوِّهِ وَلِوَلِيِّهِ وَلَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَحُسِمَتِ الْمَادَّةُ صَوْنًا لِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ عَنِ التُّهَمِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَتَلَ أَخَاهُ فَعلمه بِأَنَّهُ قَاتِلٌ أَنَّهُ كَالْقَاتِلِ عَمْدًا لَا يَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا لِلتُّهْمَةِ فِي الْمِيرَاثِ وَاحْتَجَّ لِعَبْدِ الْملك بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ نَحْوَ مَعْنَاهُ أَهْتَدِي أَوَّلًا لِمَوَاضِعِ الْحُجَجِ وَلِذَلِكَ قَالَ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي أَبِي سُفْيَانَ قَضَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّفَقَةِ بِعِلْمِهِ فَقَالَ لِهِنْدَ خُذِي لَكِ وَلِوَلَدِكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُكَلِّفْهَا بَيِّنَةً قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ اسْتَعْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ ظَلَمَهُ حَدًّا فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي سُفْيَانَ انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَوْضِعِ فَنَظَرَ عُمَرُ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ خُذْ هَذَا الْحجر من هَاهُنَا فضعه هَاهُنَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ وَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ فَعَلَاهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ خُذْهُ لَا أم لَك وَضعه هَاهُنَا فَإِنَّكَ مَا عَلِمْتُ قَدِيمُ الظُّلْمِ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ حَيْثُ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْقِبْلَةَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ان لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى غَلَبْتُ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى رَأْيه وادللته لي بِلَا اسلام فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمد أَن لَمْ تُمِتْنِي حَتَّى جَعَلْتَ فِي قَلْبِي مَا ذَلَّلْتَهُ لِعُمَرَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} وَلِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يحكم بَنَات على الظَّن الناشيء عن قَول البنية بِالْعلمِ أو الراي وَالْعَجَبِ جَعَلَ الظَّنَّ خَيْرًا مِنِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ قَدْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْبَيِّنَةِ فَيَقْبَلُ مَنْ لَا يَقْبَلُ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ بِمَا نَقله الرُّوَاةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا سَمِعَهُ الْمُكَلَّفُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يَسْتَوِي فِي حَقِّهِ إِخْبَارُ الْبَيِّنَةِ وَسَمَاعُهُ هُوَ من غير بَيِّنَة أَو رُتْبَة قِيَاسًا عَلَى الرِّوَايَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الرِّوَايَةَ تُثْبِتُ شَرْعًا عَامًّا وَالْقَضَاءَ فِي فَرْدٍ لَا يعدى لغيره بحضره أَقَلُّ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ لَفَسَقَ فِي صُوَرٍ مِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ وِلَادَةَ امْرَأَةٍ على فرَاش رجل فَشهد بِأَنَّهَا مَمْلُوكَة مكنة من وَطْء ابْنَتُهُ وَهُوَ فِسْقٌ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَعْلَمَ قَتْلَ زِيدٍ لِعَمْرٍو وَيَشْهَدَ بِأَنَّ الْقَاتِل غَيره فَإِن قتل قَتَلَ الْبَرِيءَ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَمِنْهَا لَوْ سَمِعَهُ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا فَأَنْكَرَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِوَاحِدَةٍ إِنْ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ مَكَّنَ مِنَ الْحَرَامِ وَإِلَّا حَكَمَ بِعِلْمِهِ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى فَرَسًا فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَشْهَدُ لِي فَقَالَ خُزَيْمَةُ أَنَا أَشْهَدُ لَك يَا رَسُول الله فَقَالَ لَهُ كَيفَ تشهد وَمَا حضرت فَقَالَ خُزَيْمَة يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا عَنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَنُصَدِّقُكَ أَفَلَا نُصَدِّقُكَ فِي هَذَا فَسَمَّاهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ فَهَذَا وَإِنِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَهُوَ يَدُلُّ لَنَا مِنْ جِهَةِ حُكْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِغَيْرِهِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التُّهْمَةِ مِنَ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ قِصَّةُ هِنْدَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ من تَصَرُّفَاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَالتَّصَرُّفُ بِغَيْرِهِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفُتْيَا وَلِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى حَاضِرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يعرف.
وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ الَّذِي يَحْسُنُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ الْقِيَامُ بِهِ وَإِزَالَتُهُ لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ فَلِمَ قُلْتُمْ أَنه من الْقَضَاءِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ مُرَدَّدَةٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَتَكُونُ مُجْمَلَةً فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا.
وَعَنِ الثَّالِثِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ الْحُكْمَ بِالْعلمِ من الْقسْط بل هم عِنْدَنَا مُحَرَّمٌ.
وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ من الظَّن لِأَن استلزامه تطريق للتهم لمنصب الْقَضَاء والطعن على متوليه فتنخرق وَتَخْتَلُّ الْمَعَالِمُ الْعَامَّةُ أَوْجَبَ رُجْحَانَ الظَّنِّ عَلَيْهِ وَالرَّاجِحُ قَدْ يُعَارِضُهُ مَا يُصَيِّرُهُ مَرْجُوحًا.
وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّ الرِّوَايَةَ وَالسَّمَاعَ وَالرُّؤْيَةَ اسْتَوَى الْجَمِيعُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ فِي الْعِلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ.
وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّ تِلْكَ الصُّوَرَ لَمْ يَحْكُمْ فِيهَا بِعِلْمِهِ بَلْ تَرَكَ الْحُكْمَ بِالشَّهَادَةِ وَتَرْكُ الْحُكْمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَتَرْكُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ لَيْسَ فِسْقًا.
وَعَنِ السَّابِعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَكَمَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخذ الْفرس فَهَذَا مِنَ الْأَعْرَابِيِّ فَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ حَكَمَ أَمْ لَا وَهَلْ جَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ شَهَادَتَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ مُبَالَغَةً فَمَا تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَمَّى خُزَيْمَةَ ذَا الشَّهَادَتَيْنِ مُبَالَغَةً لَا حَقِيقَةً.
وَعَنِ الثَّامِنِ إِنَّمَا حَكَمَ فِيهِ بِعِلْمِهِ لَيْلًا يَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ فَتَشْهَدُ بِالْجَرْحِ أَوِ التَّعْدِيلِ وَتَحْتَاجُ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةً إِلَّا أَنْ يَقْبَلَ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ صُورَةِ النزاع وَقَالَ القَاضِي فِي المعونة هَذَا لَيْسَ حُكْمًا وَإِلَّا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قبُول شَهَادَة من رفضته أَو تجريح من عدلته لِأَن حكم الْحَاكِم لَا ينْتَقض ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا فَلَا يَنْقُضُ.
فَائِدَة:
قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَعْنَاهُ فَأَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَسْمُوعَ مِنَ الْخَصْمِ لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ إِذَا جَحَدَ الْمُقِرُّ إِقْرَارَهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ قَالَ جُمْهُور الْفُقَهَاء يجب بِمُوجب إِقْرَاره من الشفاعية وَغَيرهم وَلَا يسْتَحبّ مَالِكٌ أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ وَأَجَازَ فِي ذَلِكَ الْعدْل وَغَيره وَلم يبح فيهم مدفعها وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ اسْتِحْبَابٌ وَظَاهر كلأمه يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْإِقْرَارِ فِيهِ وَإِنَّمَا الشَّهَادَةُ اسْتِحْبَابٌ.
فَرْعٌ مُرَتَّبٌ:
قَالَ الْقَاضِي فِي المعونة وَحَيْثُ مَعنا الْحُكْمَ بِمَا عَلِمَهُ فَهُوَ فِيهِ شَاهِدٌ فَيَرْفَعُهُ إِلَى الامام أَو إِلَى غَيره من الْحَاكِم وَيَدَّعِي صَاحِبُ الْحَقِّ شَهَادَةَ الْحَاكِمِ مَعَ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ حَيْثُ مُنِعَ فَشَهَادَتُهُ قِسْمَانِ إِنْ كَانَ عِلْمُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ مَنَعَ مُحَمَّد قبُول شَهَادَته للتُّهمَةِ على التنفيد وَقَالَ أَيْضًا لَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ قَالَ وَأَرَى الْقَبُولَ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ كَالْعَبْدِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ حَتَّى عُتِقَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَإِنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ ثُمَّ رُدَّ لَمْ يُقْبَلْ وَحَيْثُ يُقْبَلُ يُوَفِّيهَا لِمَنْ فَوْقَهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَحْتَهُ قَالَ وَأَرَى أَنْ يَقْبَلَ إِذَا كَانَ مُبَرَّزًا فِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ تَجْرِيحَهُ يَتَعَذَّرُ وَلَا يَقُومُ النَّاسُ عَلَيْهِ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ عَادَ فَجَحَدَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَةِ سِوَاهُ وَإِلَّا شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ فَوْقَهُ وَمَا عَلِمَهُ مِنَ الْحُدُودِ قَذْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَصْبٍ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ وَهُوَ شَاهِدٌ فِيهِ وَإِنْ رَأَى الْحَدَّ السُّلْطَانُ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ سُلْطَانٌ رَفَعَهُ إِلَى الْقَاضِي أَوْ رَآهُ مِثْلُ أَمِيرِ مِصْرٍ رَفَعَهُ لِلْقَاضِي وَكَانَ شَاهِدًا وَلَا يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ إِنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ لَا يَرْفَعُ أحد الا لمن دُونَهُ وَتَحْتَ يَدِهِ إِلَّا السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ لِلضَّرُورَةِ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقَامُ هَذَا الْحَدُّ وَيُهْدَرُ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ فِي وَالِى مِصْرٍ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَلِيفَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ إِلَى مَا دَوَّنَهُ كَمَا يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ وَكَانَتِ الْعَادَةُ تَقْدِيمَ الْقُضَاةِ مِنْ قِبَلِ الْوُلَاةِ وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ وَهِيَ سِيرَةُ بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى وَلَّى بَنُو الْعَبَّاسِ الْقُضَاةَ مِنْ قِبَلِهِمْ دُونَ الْأُمَرَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَ مَعَهُ فِي الْحَدِّ غَيْرُهُ وَلَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ لَمْ يُقِمْهُ وَشَهِدَ فِيهِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَإِنْ شَهِدَ السُّلْطَانُ وَآخَرُ مَعَهُ أَنَّ هَذَا سَرَقَ مَتَاعَ السُّلْطَانِ رَفَعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ غَيْرُهُ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعَ السُّلْطَانِ قَطَعَهُ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُغَرِّمُهُ حَتَّى يَرْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ حَقٌّ لَهُ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ.
فرع:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عَلِمَ خِلَافَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا لِعَدَالَتِهَا وَيَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَى الْأَمِيرِ الَّذِي هُوَ فَوْقَهُ فَيَشْهَدُ بِمَا عَلِمَ وَالْبَيِّنَةُ بِمَا عَلِمَتْ وَيَرَى ذَلِكَ الْآخَرُ رَأْيَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ عَادِلَةٍ شهِدت بِمَا يُعلمهُ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهَا لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِذَا شَهِدَتِ الْعَدَالَةُ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ نَفَّذَ شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِنْظَارِ وَالْأَحْسَنُ لَوْ خَلَا بهم فأعلمهم بِعِلْمِهِ فلعلهم ينْكَشف لَهُم أَوله مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلْيَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ وَيُعْلِمِ الْمَشْهُودَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَهَادَةً فَيَرْفَعُ ذَلِكَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ إِلَّا تَحْتَهُ لَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ الأَصْل أَن لَا يحكم بِشَهَادَة الْإِنْسَان إِلَّا مَنْ فَوْقَهُ وَرَفَعَهُ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّ عُمَرَ اخْتَصَمَ مَعَ أُبَيٍّ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَيَتَحَصَّلُ فِي حُكْمِهِ بِخِلَافِ عِلْمِهِ قَوْلَانِ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُ الْعُلَمَاءِ لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ أَوْ يَحْكُمُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ بَلِ الظَّنُّ الْغَالِبُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ إِذْ رَأَى زَيْدًا قَتَلَ عَمْرًا فَحَكَمَ بِالْقِصَاصِ بِمَا رَآهُ لَيْسَ هُوَ حِوَالَة الْحُكْمِ عَالِمًا بِصِحَّةٍ مَا حَكَمَ بِهِ لِجَوَازِ صُدُور الْعَفو قبل الحكم وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ الْأَمْلَاكِ مِنَ الْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ يُحْتَمَلُ طُرُوءُ النَّاقِلِ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالْعِلْمِ فِي الصُّوَرِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ طُرُوءَ الْمُعَارِضِ كَالنَّسَبِ وَالْوَلَاء وَنَحْوه يُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الشَّهَادَةَ مَنْ شَرْطِهَا الْعِلْمُ فَإِنَّ الشَّاهِدَ لَيْسَ جَازِمًا حَالَةَ الْأَدَاءِ بِبَقَاءِ مَا شَهِدَ بِهِ مِنَ الْمُلْكِ وَالْمُعَامَلَةِ وَإِنَّمَا مُرَادُ الْعُلَمَاءِ أَصْلُ الْمَأْخَذِ فَإِنْ كَانَ ظَنًّا سُمِّيَ ظَنًّا أَوْ عِلْمًا سُمِّيَ عَلِمًا ثُمَّ يُسْتَصْحَبُ فَيَصِيرُ ظَنًّا.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ بعض الْعلمَاء اسْتثْنِي من الحكم بِالْعلمِ وَحَيْثُ مُنِعَ التَّوَاتُرُ لِوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الْبَيِّنَةِ وَلَا تَبْقَى التُّهْمَةُ بِكَثْرَةِ النَّقْلِ وَحَيْثُ قُلْنَا يَحْكُمُ كَمَا قَالَ ش يُسْتَثْنَى الْحُكْمُ بِالتَّفْلِيسِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ وَنَحْوِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَمَنَعُوهُ وَقيل لِأَن أصل هَذَا الْملاك ظَنٌّ فَتَقْوَى التُّهْمَةُ فَيَمْتَنِعُ بِخِلَافِ مَا يُمْنَعُ أَصله.
الْفَرْعُ الثَّانِي:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا قَالَ مَا خَاصَمت عنْدك وَقَالَ للْقَاضِي خَاصَمْتُهُ عِنْدِي وَأَعْذَرْتُ إِلَيْكَ وَلَمْ تَأْتِ بِحُجَّتِكَ فَحَكَمْتُ عَلَيْكَ فَقَوْلَانِ يُصَدَّقُ الْقَاضِي لِأَصْبَغَ وَفِي الْجَلَّابِ لَا يُصَدَّقُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونُ الْحُكْمِ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ وَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقِ الْقَاضِي إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى اعْتِرَافِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ قَالَهُ أَصْبَغُ بِخِلَافِ الْقِصَّةِ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِذَا حَكَمَ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَقْرَرْتُ عِنْدَكَ لَمْ يُنْظَرْ إِلَى إِنْكَارِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وخِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْجَلَّابِ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ هُوَ الْأَشْبَهُ فَقُضَاةُ الْيَوْم وَإِن أَنْكِرَتِ الْبَيِّنَةُ أَنْ تَكُونَ شَهِدَتْ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ هَل يصدق وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّهَا أَصْلُهُ أَوْ يَمْضِي وَيُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا عَنِ الشَّهَادَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرْفَعُ الْحَاكِمُ لِلسُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَا يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يُرْجَعُ عَلَى الشُّهُودِ بِشَيْءٍ لِإِنْكَارِهِمْ أَصْلَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِذَا قَالَا مَا شَهِدْنَا أَوْ قَالَا شَهِدْنَا بِالْمَالِ لِلْآخَرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَتَيَقَّنَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَا حَكَمَ غَرِمَ الْقَاضِي الْمَالَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَكَمْتُ بِحَقٍّ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَن نَقَضَ الْحُكْمَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأَغْرَمَهُ الْمَالَ بِرُجُوعِ الْبَيِّنَةِ وَيَلْزَمُهُ إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ فَقِيرًا نُزِعَ الْمَالُ مِنَ الْمَحْكُومِ لَهُ وَيُرَدُّ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِذَا رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى حَاكِمٍ غَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي أَنَا أَشُكُّ وَوَهِمْتُ نُقِضَ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمَحْكُومِ لَهُ والمحكوم لَهُ وَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إِلَى مَا تَقُولُهُ الْبَيِّنَةُ الْآنَ وَيُغَرَّمُ الْمَحْكُومُ لَهُ مَا بَيْنَ قَبْضِهِ وَبَيْنَ الَّذِي تَشْهَدُ الْآنَ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ بِالْحُكْمِ لَزِمَ الْحَاكِمَ تَنْفِيذُهُ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ وَفِي دِيوَانِهِ شَهَادَةُ إِثْبَاتٍ لَمْ يُجِزْهَا مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يَكْفِي وَإِنْ قَالَ الْمَعْزُولُ مَا فِي دِيوَانِي قَدْ شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدِي لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ بِحَاكِمٍ وَلَا أُرَاهُ شَاهِدًا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَمَرَهُمُ الْقَاضِي الْجَدِيدُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وللطالب ان يحلف للمطلوب مَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَثَبَتَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ ثُمَّ يَنْظُرُ فِيهَا الْجَدِيد كَمَا كَانَ ينظر الْمَعْزُول فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ إِنْ أَرَادَ بِقِيَامِ الشُّبْهَةِ قِيَامَهَا عَلَى خُطُوطِهِمْ فَفِيهِ جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَلَيْسَ الْمَشْهُورُ أَوْ إِيقَاعُ الشُّهُودِ بِهَذِهِ الشَّهَادَة عِنْد القَاضِي اقْتضى جوازالشهادة على مثل هَذَا وَفِيه خلاف وَقد يكون عَلَى إِشْهَادِ الْقَاضِي الْمُتَوَفَّى إِيَّاهُمْ بِقَبُولِهَا وَتَوَهُّمٌ يَنْظُرُ الْجَدِيدُ كَمَا كَانَ يَنْظُرُ الْمَعْزُولُ وَيُفِيدُنَا الْقَاضِي عَلَى حُكْمِ مَنْ قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ وَكَذَلِكَ إِنِ انْتَقَلَ مِنْ خُطَّةٍ إِلَى خطة اخرى الْحُكْمَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْقُرْطُبِيِّينَ وَقِيلَ يُسْتَأْنَفُ النَّظَرُ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَذْلُ الْجُهْدِ فِي كَشْفِ مَا لم يكْشف وَقد كشف مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ سَحْنُونٌ إِذَا عُزِلَ مِنْ مِصْرٍ وَوَلِيَ غَيْرُهُ بَنَى عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فِي الْوِلَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ حُجَّةُ الْأَوَّلِ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا كَتَبَ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فَمَاتَ الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ كِتَابه إِلَى الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ إِلَى وَال بعده فالينفده مَنْ وَصَلَ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كُتِبَ إِلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَنْفِيذُ مَا ثَبَتَ من الحكم وَالْحق كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ فِي تَنْفِيذِ الْحَقِّ وَإِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَيَجُوزُ كَتْبُ الْقُضَاةِ فِي الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ وَإِنْ لم يشْهد على الْكَاتِب إِلَّا شَاهِدَانِ وَإِنْ كَانَ كِتَابُ زِنًى قَدْ شهِدت فِيهِ أَرْبَعَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِثْبَاتُ الثُّبُوت لَا إِثْبَات الزِّنَى قَالَ بعض القروين أجاوزها هُنَا شَاهِدين على شَهَادَة أَرْبَعَةٍ فِي الزِّنَى وَلَا فَرْقَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَاُ يُجِيزُ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَرْبَعَةً كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَإِذَا وُكِّلْتَ فِي مُحَاكَمَةٍ عِنْدَ قَاضٍ بِبَلَدٍ يَعْرِفُكَ فَأَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهَا كِتَابًا مِنْهُ إِلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي أَرَدْتَهُ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يعرفك أَو كنت مَشْهُورا اكْتفى بدلك وَإِلَّا كَلَّفَكَ الْبَيِّنَةَ أَنَّكَ فُلَانٌ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ كَتَبَ لَكَ أَتَانِي فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ وَقد عَرفته أَو ثَبت عنْدك بِعَدْلَيْنِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ جَارًا فِي الْبَصْرَةِ فِي مَوْضِعٍ وَيَحُدُّهَا وَأَنَّهُ وَكَّلَ فُلَانًا لِلْخُصُومَةِ فِيهَا فَتَرَى فِي ذَلِكَ رَأْيَكَ وَتَقْرَؤُهُ عَلَى شَاهِدين ويختمه وَتشهد مَا عَلَيْهِ أَنه كِتَابه وخاتمه وَتُخَلِّي الشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَجُوزُ تَرْكُ ذَلِكَ وَكَانَ سَحْنُونٌ لَا يَقْبَلُ كِتَابَ قَاضٍ مِنْ قُضَاتِهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَا يَفُكُّهُ إِلَّا بِمَحْضَرِهِمَا وَكَانَ يَعْرِفُ خَطَّ بَعْضِ قُضَاتِهِ وَلَا يَقْبَلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ وَكَانَ يَطْبَعُ جَوَابَهُ إِلَى الْقُضَاةِ وَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ كُتُبَ أُمَنَائِهِ وَيُنَفِّذُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِإِحْرَازِ كُتُبِهِمْ وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ أَعْوَانِهِ وَاخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فِي الْأَمْوَالِ مَنَعَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأَجَازَهُ فِي غَيْرِهَا قَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ قَالَ مَالِكٌ مِنَ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ إِجَازَةُ الْخَوَاتِمِ حَتَّى اتُّهِمَ النَّاسُ فَاشْتَرَطُوا الشَّهَادَةَ قَالَ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْ أَعْرَاضِ الْمَدِينَة أجازوه بمعرفته طَابَعِهِ وَخَطِّهِ وَجَوَابِهِ فِي الْحُقُوقِ الْيَسِيرَةِ وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِذَا كَتَبَ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِي عَبْدٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ بِبَيِّنَة أَنَّ عَبْدَهُ أَبِقَ مِنْهُ يُعَرِّفُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَلُغَتِهِ مُنْذُ كَذَا لَمْ يَبِعْهُ وَلَا خَرَجَ عَن ملكه وَشَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي الثَّانِي بِالْكِتَابِ فَأَنْكَرَ العَبْد أَن يكون مولى يُرَقَّ بِذَلِكَ حَتَّى يُعَيِّنَهُ الشُّهُودُ الْأُوَلُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُ هَذَا فِي عَبْدٍ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ وَهُوَ مُقِرٌّ بِالرِّقِّ أَوْ أَرْضٍ لَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ أَوْ دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَقْضِي بِهِ بِالصِّفَةِ لِأَنَّ الصِّفَاتِ تَشْتَبِهُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الصّفة يذكر فِيهَا مَا ينزل الشَّرِكَةَ فِيهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَمْ يُخَالِفِ ابْنَ الْقَاسِمِ غَيْرُ ابْنِ كِنَانَةَ وَلَا أَعْلَمُ فِي الرّقّ إِلَّا إقأمة الْبَيِّنَة على الْغَائِب بالذين يَكْفِي فِيهَا اسْمُهُ وَنِسْبَتُهُ وَصِفَتُهُ وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ قَالَ سَحْنُونٌ وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ بِالْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ فَوُجِدَ فِي يَدَيْ أَبَوَيْهِ وَهُمَا حُرَّانِ يَدَّعِيَانِهِ وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ الْأَبِ وَهُمَا حُرَّانِ فِي الْأَصْلِ فَلْيَكْتُبْ إِلَى بَاعِثِ الْكِتَابِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَيَأْخُذُ لِهَذَا الثَّمَنِ مِنْ بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفِ النِّسَبِ وَلَا وُلِدَ عِنْدَهُ حَكَمَ بِالْكِتَابِ وَسَلَّمَهُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ الْعَبْدُ الْغَائِبُ بِالصِّفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ إِلَى الْآنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ عَبْدِهِ فَسَأَلَ الْقَاضِي كِتَابًا إِلَى أَيِّ قَاضٍ احْتَاجَ إِلَيْهِ كَتَبَ لَهُ هَذَا كِتَابٌ مِنَ الْقَاضِي فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ إِلَى مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنَ الْحُكَّامِ وَيَذْكُرُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وَثَبَتَ عَلَى الْقَاضِي الْآخَرِ بِشَاهِدَيْنِ وَيُنَفِّذُهُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَإِنْ كَتَبَ فِي عَبْدٍ فَوُجِدَ فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ عَبْدَانِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَالْآخَرُ عِنْدَ رَجُلٍ يَدَّعِيهِ نَظَرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ فِي بَيته وَلَا يُشْخِصُهُ مَعَهُ فَإِنْ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ أَعْتَقَهُ وَأَبْطَلَ كِتَابَ الْمُسْتَحِقِّ وَإِلَّا رَفَعَهُ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى صِفَتِهِ فِي الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِمُ الدُّيُونُ وَيَكْتُبُ الْقَاضِي فِي الِابْنِ يَثْبُتُ عِنْدَهُ أَن فلَانا سَرقه وهوحر كَمَا يَكْتُبُ فِي الْعَبِيدِ وَيَكْتُبُ فِي الْأَحْرَارِ الصغار الْأَب وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ احْتَسَبَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّة حق الله وَقيل لَا يكْتب فِي الْأَحْرَار إِلَّا الْأَب وَالْأُمِّ وَالزَّوْجِ يَدَّعِي الْمَرْأَةَ وَيَكْتُبُ لِلْوَلَدِ فِي الْوَالِدَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهَذَا خَطَأٌ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا بُدَّ فِي كِتَابِ الْقَاضِي مِنْ نَسَبِهِ إِلَى أَبِيهِ وَفَخِذِهِ وَمَا هُوَ بِهِ مَشْهُورٌ وَحِلْيَتِهِ وَمَسْكَنِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الْغَائِبُ قَبْلَ تَارِيخِ كِتَابِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَهُ أَحْضَرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْوَرَثَةَ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ حجتهم إِذْ كَبِرُوا إِلَّا إِنْ تَقَادَمَ مَوْتُهُ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ أَدْرَكَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فَيُنَفِّذُهُ وَإِنْ جَاءَ كِتَابُ الْقَاضِي بِدَارٍ فِي مَوْضِعِ كَذَا مَعْرُوفٍ وَلَيْسَ فِيهِ حُدُودٌ لَمْ يُنَفَّذْ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بالموضع بحدودها وَكَذَلِكَ لَو حدد بِحَدَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَنْسُبُوهَا إِلَى اسْمٍ مَشْهُورٍ جَازَ وَلَا يُنَفِّذُ الْحَاكِمُ فِي الْغَائِبِ إِذَا وُجِدَ عَلَى صِفَتِهِ اثْنَانِ أَوْ فُقِدَتْ صِفَةٌ مِمَّا فِي الْكِتَابِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا أَخَذَ كِتَابَ قَاضِي مِصْرَ إِلَى قَاضِي افريقية فَوجدَ غَرِيمه باطرابلس لَا يَنْظُرُ قَاضِيهَا فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمَكْتُوبَ الْمُعَدِّي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَإِذَا جَهِلَهُ لَمْ يُنَفِّذْ ذَلِكَ إِلَّا قَاضِي بَلَده وَلَعَلَّ بِبَلَدِهِ يميزه فيتعذر التَّنْفِيذَ فَإِنْ أَقَامَ الْمَكْتُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الْمَكْتُوب فِيهِ نفذه هَذَا كَمَا يَقْضِي لَهُ غَيْرُ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ إِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَكُتُبُ الْقُضَاةِ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَإِذَا شَهِدَتْ لِرِجْلٍ امْرَأَةٌ عِنْدَ قَاضٍ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهَا فَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ فَإِذَا كَتَبَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَلَا يَقْضِي لَهُ الْآخَرُ حَتَّى يَأْتِيَ بِآخَرَ عَلَى شَهَادَةِ الرَّجُلِ أَوْ يَأْتِي بِشَاهِدٍ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَيَقْضِي لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ رَجُلًا بِبَيِّنَةٍ بِمِصْرٍ وَيَحْمِلَ ذَلِك إِلَى غَيرهَا لِأَنَّهُ لَا يجد بِغَيْرِهَا مَنْ يُزَكِّيهَا فَلَهُ ذَلِك قَالَ سَحْنُون وَلها ذَلِك كَشَهَادَة أديتها عِنْد من ينظر فيأمر النَّاسِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا النَّاظِرَ فِي أَمْرِ النَّاسِ كَتَبَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي صِدْقَ ذَلِكَ مِنْ كَذِبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْبَلُ كِتَابَ القَاضِي بِشَاهِدين وَإِن لم يكن فِي خَاتَمُهُ أَوْ كَانَ بِطَابَعٍ فَانْكَسَرَ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَكْفِي فِي هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ وَجَوَّزَ عَبْدُ الْمَلِكِ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا خَاتَمُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُهُ لَمْ يَنْفَعْ لِأَنَّ الْخَاتَمَ يُزَوَّرُ وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي بِخَاتَمِهِ وَخَوَاتِمِهِمْ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَوَاتِمُ وَشَهِدُوا أَنَّهُمْ قرروه عَلَيْهِ وأشهدهم بِمَا فِيهِ وحفظوه أَو مَعَهم نُسَخٌ قُبِلَتْ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَخْتِمِ الْقَاضِي إِذْ كَتَبُوا شَهَادَتَهُمْ وَحَفِظُوهَا وَمَعَهُمْ نُسَخٌ كِصِكَاكِ الْحُقُوقِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَلَا يُنَفِّذُ بِشَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ خَطُّ الْقَاضِي كَمَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْقُضَاةِ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا عَلَى خَطِّ الشُّهُودِ وَإِذَا كَاتَبَهُ فَسَأَلَهُ عَدَالَةَ شَاهِدٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبِلَ كِتَابَتَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ إِذَا عَرَفَ خَطَّهُ أَوْ أَتَى بِهِ ثِقَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَضِيَّة قَاطِعَة أَو كتاب هُوَ ابتداءه أَوْ أَتَاهُ بِهِ الْخَصْمُ وَيُقْبَلُ أَيْضًا بِالثِّقَةِ مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ كِتَابُ مَنْ يُكَاتِبُ فِي عَمَلِهِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ وَتُنَفَّذُ الْأَقْضِيَةُ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَاسْتِدْرَاكِ مَا يُخْشَى فَوْتُهُ وَيَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِذَا كَانَ الْكِتَابُ مَخْتُومًا غَيْرَ مَضْمُونٍ فَيَشْهَدُ عَدْلَانِ أَنَّهُ إِلَيْهِ وَالْخَصْمُ حَاضِرٌ فَلْيَفْتَحْهُ فَإِذَا شَهِدُوا عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَاتَمِ نَفَّذَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْمُ الْقَاضِي الْمُرْسِلِ وَلَا اسْمُ الْمُرْسَلِ إِلَيْهِ وَأَسْمَاؤُهُمَا دُونَ أَسْمَاءِ الْآبَاءِ أَوْ نَسَبُ الْقَاضِي لِهَذِهِ أَوْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ أَوِ اسْمِ أَبِيهِ أَوْ نَسَبِهِ إِذَا أَشْبَهَ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى الْكِتَابِ شُهُودُ الْأَصْلِ وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ عَدَّلَهُمَا وَلَكِنْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَعَنْ مَالك اذا شهد عَلَى الْكِتَابِ مَطْبُوعًا وَلَمْ يَقْرَأْهُ شَهِدَ بِهِ وَيَقُولُ أَعْطَانِيهِ مَطْبُوعًا فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَى جَمَاعَةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ شَهِدَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُونَ إِنْ عَرَفُوا طَابَعَهُ وَكِتَابَهُ وَإِنْ خَتَمُوا عَلَيْهِ وَدَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَعَرَفُوا خَوَاتِيمَهُمْ شَهِدُوا بِهِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا خَوَاتِيمَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ الْكِتَابُ عَدْلًا حَتَّى يَعْرِفَ الْكِتَابَ وَإِذَا عَرَفَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ بِأَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالِدِّينِ وَالْوَرَعِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْدُوعٍ قَبِلَ كِتَابَهُ وَلَا يَقْبَلُ كِتَابَ غَيْرِ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَإِنْ كَتَبَ الْعَدْلُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ ثَبَتَتْ عِنْدِي لَا يُجِيزُهُ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ فَإِنْ نَفَّذَهُ فَلَا يَفْسَخُهُ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ غَيْرُ الْمَأْمُونِ فِي حَالَهِ المنتاهي فِي حَالَهِ لَا يُجِيزُ كِتَابَهُ وَلَا شَيْئًا من أُمُور إِلَّا مَا شَكَّ فِيهِ قَالَ أَصْبَغُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا سُخْطَةٍ وَهُوَ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ كَالْمَدِينَةِ نَفَّذَهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ الْأَهْلِيَّةُ وَلَا يُنَفِّذُوهُ مِنْ قُضَاةِ الْكُوَرِ الصِّغَارِ حَتَّى يَسْأَلَ الْعُدُولَ عَنْ حَالِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا يَكْتُبُ قُضَاةُ الْكُوَرِ إِلَى قَاضِي مِصْرَ وَنَحْوِهَا بَلْ يَكْتُبُونَ إِلَى قَاضِيهِمُ الْكَبِيرِ فَيَكْتُبُ إِلَى قَاضِي مِصْرَ وَلَا يُنْفَذُ كِتَابُ قُضَاةِ الْكُوَرِ وَوُلَاةِ الْمِيَاهِ إِلَى قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ وَانْظُرْ قَوْلَ مَالِكٍ إِنَّ وُلَاةَ الْمِيَاهِ يَضْرِبُونَ أَجَلَ الْمَفْقُود فَلَا بُد أَن يكتبوا إِلَى العران وَيَطْلُبَ أَبَدًا الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ وُرُودِ الْكِتَابِ الْخَصْمَ إِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ ثُمَّ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فَإِذَا قَبِلَ الْبَيِّنَةَ فَتَحَ الْكِتَابَ بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَخْتِمُهُ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ نَفَّذَهُ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَعْلَمُهُ وَأَمْكَنَهُ مِنْ حُجَّتِهِ وَلَا يَكْتُبُ الْأَصْلَ أَيْضًا إِلَّا بِمَحَضَرِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارِ إِلَيْهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنْ حَضَرَهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ وَالْخَصْمُ حَاضِرٌ فَتَحَ الْكِتَابَ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ فُلَانٌ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَثْبَتَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ لِرَجُلَيْنِ حَضَرَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْخَصْمِ أَنْفَذَهُ لَهُ ثُمَّ إِذا حَضَرَ الْغَائِبُ أَنْفَذَهُ وَلَا يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ قَالَ سَحْنُونٌ وَيَكْتُبُ فِي الْكِتَابِ اسْمَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَمَا يُعْرَفُونَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ زَكَّوْهُمْ حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلِلَّذِي جَاءَهُ الْكِتَابُ أَنْ يَكْتُبَ بِمَا جَاءَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى قَاضٍ آخَرَ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ قَوْلُهُ فِي كُتَّابٍ عُدُولٍ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إِنْ قَدِمَ بِالْكِتَابِ وَكِيلُ الطَّالِبِ فَادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْوَفَاءَ وَسَأَلَ التَّأْخِيرَ لِيُحَلِّفَ الطَّالِبَ أُلْزِمَ وَلَمْ يُؤَخَّرْ وَحَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا فِي غَيْبَةِ الطَّالِبِ نَحْوَ الْيَوْمِ فَيَكْتُبُ إِلَيْهِ فَيُحَلَّفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يحلف الْوَكِيل وَلَا ينظر الطالبقال غَيْرُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الْكِتَابَ حَتَّى يُحَلِّفَهُ قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مَوْتَ أَحَدِهِمَا أَوْ عَزْلَهُ أَعْنِي الْكَاتِبَ وَالْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ لَا يَضُرُّ فِي الْقُضَاةِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ بَعْدَ وُصُولِ الْمَكْتُوبِ لَهُ وَأَمَّا ان مَاتَ قبل ان سَافر الرَّجُلُ وَقَدْ فَرَّقَ شُهُودَهُ وَقَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ وَإِذَا وُجِدَ كِتَابُ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ مَفْتُوحًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَبِلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مَاتَ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ كَمَا يَبْطُلُ فِي الرَّئِيسِ لِلْعَامِلِ تَحْتَ يَده وَإِذَا قَبِلَ عَامِلٌ كِتَابًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَتَّى عُزِلَ أَمْضَاهُ مَنْ بَعْدَهُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَتَبَ إِلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ مَذْهَبِ الْكَاتِبِ فِي ذَلِكَ الْحَدِّ وَكَتَبَ حَكَمْتُ بِهِ وَأَنْفَذْتُهُ أَقَامَ ذَلِكَ الْحَدَّ وَإِنْ كَتَبَ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ فَقَطْ لَا يُنَفِّذُهُ كَمَا أَنَّ من أَمر إِمَامٌ عَادِلٌ بِإِقَامَةِ حَدٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ اقامه وان لم يعلم عَدَالَته لايوافقه وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مُكَاتَبَةِ الْقُضَاةِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهَا وَقِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ بِجَامِعِ الضَّرُورَةِ وَوَافَقَنَا الْأَئِمَّةُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ وَلَّانِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ الْأَعْرَابِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ بِتَسْكِينِ الشِّينِ الْمَنْقُوطَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ بِنُقْطَتَيْنِ تَحْتَهَا الضِّبَابِيِّ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمَنْقُوطَةِ من دِيَة زَوجهَا فَورثَهَا لِأَن الْحَاجة تدعوا إِلَى ذَلِكَ وَخَالَفُونَا فِي مَسَائِلَ فَعِنْدَ ش وَأحمد وح يَكْتُبُ قَاضِي الْقَرْيَةِ إِلَى قَاضِي الْمِصْرِ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَقْبَلُ مَعَ الْقُرْبِ الَّذِي لَا يُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَجَوَّزَ ح وَأَحْمَدُ مِنْ قَاضٍ فِي أَحَدِ طَرَفَيِ الْبَلَدِ لِقَاضٍ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْفَرْقُ الضَّرَرُ وَالتَّعَذُّرُ وَلَمْ أَرَ لَنَا فِيهِ نَقْلًا وَقَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يَكْتُبُ فِي الْحُقُوقِ الْبَعِيدَةِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى الصِّفَةِ إِذَا أَمْكَنَ الْتِبَاسُهَا بِغَيْرِهَا لِأَجْلِ جَهَالَةِ الْعَيْنِ نَحْوَ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِيَ عِنْدَ ح وَابْنِ حَنْبَلٍ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لِأَنَّهَا تَنْدَفِعُ بِالشُّبْهَةِ وَلِأَنَّ مُوجَبَ الْكِتَابِ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ لِأَنَّ الْحُدُودَ يُطْلَبُ إِعْدَامُهَا وَإِخْفَاءُ أَسْبَابِهَا وَترك الْكتاب يقْضِي إِلَى ذَلِكَ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ تَوَقُّعَ الشُّبْهَةِ لَا يمْنَع كتوقع تَخْرِيج بَيِّنَةِ الْأَصْلِ وَجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِحُقُوقِهِ وَأَمْرُهُ أَعْظَمُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ وَجَوَابُ الثَّالِثِ أَنَّهَا مَطْلُوبَةُ الْإِعْدَامِ قَبْلَ الثُّبُوتِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا وَاشْتَرَطُوا الْبَيِّنَةَ مِثْلَنَا دُونَ مَعْرِفَةِ الْخَطِّ وَإِذَا أُخْلِيَ الْمَكْتُوبُ مِنَ اسْمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ جَوَّزَهُ ش دُونَ ح لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِينَ عَلَى الْكِتَابِ وَجَوَّزَ ش تَرْكَ الْخَتْمِ دُونَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب كتابا على قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ فَقِيلَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا غِيَرَ مَخْتُومٍ فَاتَّخَذَ الْخَاتم وَمنع ش وح أَنْ يُشْهِدَهُمَا عَلَى الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ لِفُلَانٍ مَالًا وَلَا يَقْبَلُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ عَلَى الْكَاتِبِ فِي كِتَابِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَ ش خِلَافًا لِ ح وَعِنْدَ ش لَا يَكْتُبُ إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ وَأُصُولُنَا تَقْتَضِيهِ وَيَكْتُبُ الرَّجُلُ إِذَا حَكَّمَهُ الْخَصْمَانِ كَمَا يَحْكُمُ الْقَاضِي فَيَكْتُبُ وَلَمْ أَرَ لَنَا فِيهِ نَقْلًا وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ أَوْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ قَالَ ح لَا يَقْبَلُهُ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ عِنْد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ كموت شَاهد فِي الْفَرْعِ قَبْلَ ثُبُوتِ شَهَادَتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ وَعِنْدَ ش وَابْنِ حَنْبَلٍ يَقْبَلُ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا إِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ من قبل الْكَاتِب وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَهُ لَنَا نَحْنُ أَنَّهُ حُكْمٌ تبث فَيُنَفَّذُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حَقٌّ وَالْحَقُّ وَاجِبٌ اتِّبَاعُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ أَو عزل بَطل الْكتاب ووفقنا ش.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ جَازَ إِذَا طَابَقَتِ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ.
فرع:
قَالَ إِذَا قَالَ الْقَاضِي أَشْهَدْتُكُمَا أَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ خطي جَازَ على أحد الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ مَا فِي الْكِتَابِ حُكْمِي أَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَشْهَدْتُكَ عَلَى مَا فِي الْقَبَالَةِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ فَحَفِظَ الشَّاهِدُ الْقَبَالَةَ وَمَا فِيهِ وَشَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ جَازَ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ جَائِزٌ.
فرع:
قَالَ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِ عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَلَا يَكْفِي أَن تدعيها لَهما فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ الَّذِي إِنَّمَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي وَزَادَ أَشْهَبُ وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِيهِ.
فرع:
قَالَ إِنْ قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَا أَجْرَحُ بَيِّنَةَ الْأَصْلِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيَّ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيَّ ذَلِكَ إِلَّا فِي بَلَدِهِمْ لَا يُمْهِلُ بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ فَإِنْ ظَهَرَ الْجَرْحُ اسْتَرَدَّهُ.
فرع:
قَالَ التُّونُسِيُّ اخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْأَمْوَالِ مَنَعَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَجَوَّزَهُ فِي غَيْرِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ حُكْمًا بِدَيْنٍ أَوْ لِأَنَّ الْمَقْصُود المَال.