فصل: الْأَوَّلُ الْغَنَمُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الْخَامِسُ فِي زَكَاةِ النَّعَمِ:

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التَّوْبَة 103 وَفِي الْمُوَطَّأِ إِنَّ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابُ الصَّدَقَةِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةَ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِك إِلَى تسعين ابْنا لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةَ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَّدِّقُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي الرِّقَّةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاقٍ رُبُعُ الْعُشْرِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ عُمَرَ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَّالِهِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى قُبِضَ وَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ وَلَمْ يَزَلِ الْخُلَفَاءُ يَعْمَلُونَ بِهِ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ مِنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً وَأُتِي بِأَدْوَنَ مِنْ ذَلِكَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ فَتُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سمع مَا أَخذ فَائِدَة يشكل قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَالِابْنُ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَوَارِيثِ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَالرَّجُلُ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَكَرًا جَوَابُهُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي زِيدَ لِأَجْلِهِ فِي السن فَعدل عَن بنت مَخَاض بنت سَنَةٍ إِلَى ابْنِ اللَّبُونِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ يَقُول إِنَّمَا زيدت فَضِيلَة السّنة لبعضه وَصْفَ الذُّكُورِيَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْعَصَبَةُ الْمِيرَاثَ لِوَصْفِ الرجولية الَّتِي تَقِيّ فَضِيلَة السّنة لنقيضة وَصْفَ الذُّكُورِيَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْعَصَبَةُ الْمِيرَاثَ لِوَصْفِ الرجولية وتختص الزَّكَاة عِنْد مَالك رَحمَه الله وش وح بِبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الْإِنْسِيَّةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي بقر الْوَحْشِ لَنَا أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الظِّبَاءِ وَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ خِلَافًا ل ح وَفِي الْخَيل إِذا كَانَت ذُكُورا وإناثا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إِذَا كَانَتْ ذُكُورًا أَوْ إِنَاثًا وَخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ إِعْطَاءِ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ وَجْهِ فَرَسٍ أَوْ رُبُعِ عُشْرِ قِيمَتِهَا مُحْتَجًّا بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْلُ السَّائِمَةُ فِي كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ وَلِأَنَّهَا تُعَدُّ لِلنَّمَاءِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ قِيَاسًا عَلَى الْغنم.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ مَنْعُ الصِّحَّةِ وَعَنِ الثَّانِي النَّقْضُ بِالْحَمِيرِ وَلِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلضَّحَايَا وَالْهَدَايَا فَتَكُونُ النِّعْمَةُ فِي مَوَاطِنِ الْإِجْمَاعِ أَتَمَّ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ صُورَةُ النِّزَاعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يجب الزَّكَاة فِي الْمُتَوَلد بَين الظباء وَالنعَم وَقَالَهُ ش لِأَنَّهُ يَتَرَكَّبُ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُوجب وَمَا يُوجب فَلَا تجب فِيهِ كَالنَّقْدِ الْمَغْشُوشِ وَيُقَالُ كُلُّ مُتَرَكِّبٍ مِنْ نَوْعَيْنِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يُعْقِبُ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ أَن يكون الْإِنَاث من الْغنم فَتَجِبُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَجِبُ لِتَبَعِيَّةِ الْأَوْلَاد للأمهات فِي الْملك فتتبعها فِي الزَّكَاةِ وَقِيلَ تَجِبُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِحُصُولِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَنْعَامُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

.الْأَوَّلُ الْغَنَمُ:

وَيَتَمَهَّدُ فِقْهُهُ بِإِيضَاحِ مَا تُوجَبُ مِنْهُ الزَّكَاةُ وَشُرُوطُ الْوُجُوبِ وَالْوَاجِبُ فِيهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ:

وَفِيهِ فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ لَا صَدَقَةً فِي الْغَنَمِ إِلَّا فِي أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْ شَاةٍ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثمِائَة فَمَا زَاد فَفِي مل مِائَةٍ شَاةٌ وَقَالَ النَّخَعِيُّ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاه لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الثَّلَاثَمِائَةَ حَدًّا لِلْوَقَصِ وَالْوَقَصُ يَتَعَقَّبُهُ النِّصَابُ وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ يُبْطِلُهُ وَيَنْتَقِضُ مَا ذَكَرَهُ بِالْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا كَمَّلَ النِّصَابَ بِالْوِلَادَةِ قبل مَجِيء السَّاعِي فَيوم زكا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ السِّخَالَ تُعَدُّ إِذَا كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ الثَّقَفِيَّ مُصَدِّقًا فَكَانَ يَعُدُّ على النَّاس السخال فَقَالُوا لَهُ أتعد علينا بالسخال وَلَا يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئًا فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَعَمْ تَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلَا تَأْخُذُهَا وَلَا تَأْخُذُ الْأَكُولَةَ وَلَا الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ وَتَأْخُذُ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْمَالِ وَخِيَارِهِ فَوَائِدُ الرُّبَّى بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَقْصُورٌ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَهِيَ مِنَ الْإِبِلِ عَائِدٌ وَجَمْعُهُ عُودٌ وَجَمْعُ الرُّبَّى رَبَّاتٌ وَمِنْ ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ فَرِيشٌ وَجَمْعُهَا فُرْشٌ وَمِنَ الْآدَمِيَّاتِ نُفَسَاءُ وَجَمْعُهَا نِفَاسٌ وَنَفْسَاوَاتٌ وَالْمَاخِضُ الْحَامِلُ وَالْمَخَاضُ وَجَعُ الطَّلْقِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} مَرْيَم 23 وَالْأَكُولَةُ شَاةُ اللَّحْمِ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّتِي يكثير أكلهَا والغذا بِالْغَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ صِغَارُ السِّخَالِ وَاحِدُهَا غَذِيٌّ وَكَأَنَّهُ مِنَ الْغِذَاءِ لِأَنَّهَا تَغْتَذِي بِلَبَنِ أُمِّهَا وَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عبر بِهِ هَا هُنَا عَنْ ذَوِي الْمَالِ تَحَرُّزًا وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مُقَابَلَتُهُ بِهَذِهِ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنَ الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ وَالسَّائِمَةِ وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ خِلَافًا لِ ش وح فِي الْمَعْلُوفَةِ وَالْعَوَامِلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُوفَةً محتجين بِمَفْهُوم قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عشْرين وَمِائَة شَاة» وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «فِي كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» فَخَصَّ ذَلِكَ بِالسَّائِمَةِ وَهِيَ الَّتِي لَا تُعْلَفُ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَفْهُومَ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ حُجَّةً فَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَغَالِبُ الْأَنْعَامِ الْيَوْمَ لَا سِيَّمَا فِي الْحِجَازِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً سَلَّمْنَا سَلَامَتَهُ عَنْ مَعَارِضِ الْغَلَبَةِ لَكِنَّ الْمَنْطُوقَ مقدم عَلَيْهِ إِجْمَاعًا وَهُوَ معنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة» وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خمس شَاةٌ» وَهُوَ عَامٌّ بِمَنْطُوقِهِ وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبت فِي الْأَمْوَال النامية شكرا النِّعْمَة النَّمَاءِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْعَلَفُ يُضَاعِفُ الْجَسَدَ وَالْعَمَلُ يُضَاعِفُ الْمَنَافِعَ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لَا مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَن كَثْرَة الْمُؤْنَة لَا يُؤثر فِي اسقاط الزَّكَاة بل فِي تنقيصها كالشيح وَالنَّفْحِ وَالْمَعْدِنِ مَعَ الرِّكَازِ.
الرَّابِعُ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ تُضَمُّ أَصْنَافُ النَّوْعِ الْوَاحِدِ من الْمَاشِيَة فيضم الضَّأْن إِلَى الْمعز والجوامس إِلَى الْبَقَرِ وَالْبُخْتُ إِلَى الْعِرَابِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِصِدْقِ الِاسْمِ فِي الْجَمِيعِ وَتَقَارُبِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا جُمِعَتْ أَنْوَاعُ الثِّمَارِ وَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ:

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّقْدَيْنِ شُرُوطُ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَكَذَلِكَ موانعها وَإِنَّمَا يَقع الْبَحْث هَاهُنَا عَنِ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ بِهَذَا الْبَابِ أَوْ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَه وَهِيَ ثَلَاثَةٌ:

.الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: الْحَوْلُ:

وَقَدْ تَقَدَّمَ اشتقاقه وَفِيه أَرْبَعَة فروع:
الأول«لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» قَالَ ش الْمَالُ الْأَوَّلُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ وَلِأَنَّهُمَا لَا يُلَفِّقُهُ النّصاب مِنْهُمَا فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ قُلْنَا الْحَدِيثُ مَعْنَاهُ أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ إِلَى الْجَمِيعِ بِوَصْفِ الْمَالِيَّةِ فَقَالَ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ وَلَمْ يَقُلْ فِي بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَاعْتَبَرَ مَا هُوَ مَالٌ الَّذِي هُوَ مَعْنًى مُشْتَرَكٌ وَأَعْرَضَ عَنِ الْخُصُوصِيَّاتِ وَلَقَدْ أَدْرَكَ ح هَذَا الْمَعْنَى وَبَالَغَ فِيهِ حَتَّى جَمَعَ النِّصَابَ مِنَ النَّقْدَيْنِ بِالْقَيِّمَةِ لَكِنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ بَعْضَ النِّصَابِ الَّذِي قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إِجْمَاعًا فَلَا يَسْتَقِلُّ اعْتِبَارُ الْمَالِيَّةِ كَيْفَ كَانَتْ وَأَعْرَضَ ش عَنْ هَذَا الْمَعْنَى إِعْرَاضًا كُلِّيًّا اعْتِمَادًا عَلَى ظواهر الْأَلْفَاظِ إِنْ سُلِّمَتْ لَهُ وَتَوَسَّطَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ الْمَوْقِفَيْنِ طَرِيقَةً مُثْلَى فَأَنْزَلَ النَّقْدَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمَوَاشِي لِأَنَّهَا أُصُولُ الْأَمْوَالِ وَالْجِنْسُ مَنْزِلَةُ جنسه لحُصُول التَّمَاثُل والتقارب بِخِلَافِ غَيْرِ الْجِنْسِ لِفَرْطِ التَّبَايُنِ قَالَ سَنَدٌ وَإِذا فرعنا عِلّة الْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ فَزَكَّى زَرْعًا ثُمَّ ابْتَاعَ بِهِ غَنَمًا بَعْدَ شَهْرٍ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَبْنِي لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَوْلِيَّةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْنِي كَغَيْرِ الْجِنْسِ مِنَ الْمَاشِيَةِ عَلَيْهَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَسَوَاءٌ بَاعَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ أَوْ بِثَمَنٍ وَأَخَذَ فِيهِ خِلَافَهَا وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ مِنْ جِنْسِ مَا بَاعَ اسْتقْبل حولا عِنْد مَالك بِبَقَاء التُّهْمَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَدَمُ الْبِنَاءِ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي فِيهِمَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا أَبْدَلَ مَا دُونَ النِّصَابِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَإِذَا أبدل الْمَاشِيَة بِغَيْر جِنْسهَا فعلى القَوْل الْبناء لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي نِصَابًا وَلَوْ كَانَتِ الْأُولَى دُونَ النِّصَابِ لَاخْتُلِفَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمَاشِيَتَيْنِ عين وَلم تكن الأولى للتِّجَارَة واستقبل بِالثانيةِ حَوْلًا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الْفَارُّ فَيَبْنِي على كل حَال وَلَو استهلكت مَاشِيَة فَأَخَذَ بَدَلًا عَنِ الْقِيمَةِ مَاشِيَةً فَفِي جَعْلِهِ من بَدَلِ الْمَاشِيَةِ بِالْمَاشِيَةِ أَوْ بَابِ تَخَلُّلِ الْعَيْنِ قَوْلَانِ سَبَبُهُمَا أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا هَلْ يُعَدُّ كَالْمُنْتَقِلِ أَمْ لَا وَفِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لِلْأَصْحَابِ قَوْلَانِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَفَادَ مَاشِيَةً ثُمَّ أَفَادَ مِنْ جِنْسِهَا ضَمَّهُ إِلَيْهَا خِلَافًا لِ ش قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ قُدُومِ السَّاعِي إِنْ كَانَتِ الْأَوْلَى نِصَابًا بِنَفْسِهَا وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الثانيةَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ إِجْمَاعًا لَنَا فِي الْجِنْسِ عَلَى ش أَنَّ الْجِنْسَ يُضَمُّ إِلَى جِنْسِهِ فِي النِّصَابِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فَأَوْلَى أَنْ يُضَمَّ فِي الْحَوْلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ وَوَافَقَنَا ح قَالَ سَنَدٌ وَلَا فَرْقَ فِي الضَّمِّ بَيْنَ مَوْضِعٍ فِيهِ سُعَاةٌ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ فِي ضَمِّ الثانيةِ إِلَى الْأَوْلَى بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ النِّصَابَ يَتَغَيَّرُ بِضَمِّ الثانيةِ وَيَتَغَيَّرُ الصِّنْفُ الْمَأْخُوذُ فِي جِنْسِهِ كَالِانْتِقَالِ مِنَ الْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ إِلَى بِنْتِ مَخَاضٍ فِي سَنَةٍ كَالِانْتِقَالِ إِلَى بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَثَانِيهَا أَنَّ الْمَاشِيَةَ لَهَا أَوَقَاصٌ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الضَّمُّ فِيهَا وَثَالِثُهَا تَكَلُّفُ السُّعَاةِ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الْأَحْوَال إِذا لم تضم الثَّانِيَة بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ وَلَوْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى نِصَابًا فَنَقَصَتْ قَبْلَ حَوْلِهَا ضَمَّهَا إِلَى الثانيةِ وَلَوْ زَكَّاهَا غَيْرُهُ ثُمَّ بَاعَهَا لَهُ ضَمَّهَا وَزَكَّاهَا السَّاعِي وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثُوهَا بَعْدَ التَّزْكِيَةِ.
الثَّالِثُ:
إِذَا بَاعَ دُونَ النِّصَابِ مِنَ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَزِدِ الثَّمَنُ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التِّجَارَةِ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي ثَمَنَ دُونِ النِّصَابِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَالذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ وَالرِّبْحِ مَعَ الْأَصْلِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا غُصِبَتِ الْمَاشِيَةُ فَرُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَيْضًا لِكُلِّ عَامٍ إِلَّا أَن تكون السعاة زكتها فتجزئه كَمَا لَوْ كَانَتْ نَخَلَاتٍ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ اخْتِلَاف قَول ابْن الْقَاسِم على الْخِلَافِ فِي رَدِّ الْغَلَّاتِ فَإِذَا قُلْنَا لَا يردهَا الغاضب لَا يُزَكِّيهَا لِعَدَمِ انْتِفَاعِ رَبِّهَا بِهَا وَيَجْرِي فيا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ قَالَ سَنَدٌ فَهَذَا فِيهِ نظر لِأَن أَوْلَادهَا ترد مَعهَا وَهُوَ يَا ثل عدم تزكيتها تزكي لخروجها على يَده وتصرفه فتزكى على لِعَامٍ وَاحِدٍ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَوَجْهُ التَّزْكِيَةِ لِكُلِّ عَامٍ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ نَخْلَة وسرقت ثمارها وَالْفرق بَينهَا وَبَيْنَ الْمَاشِيَةِ يَأْخُذُهَا الْعَدُوُّ ثُمَّ تَقَعُ فِي الْمغنم تزكّى لعام وَاحِد حُصُول شبه المك لِلْعَدو وَلِأَنَّهُ لَو أسلم تثبتت لَهُ فَلَو ظلت لَهُ الْمَاشِيَةُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ زَكَّاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمَاضِي السِّنِينَ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي الْغَصْبِ وَالْمَنَافِعِ فِي للْغَاصِب وَذَلِكَ يشبه الْملك فَإِذا قُلْنَا تزكي لِكُلِّ عَامٍ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَهُ السعاة وَإِن أَخَذُوا مِنْ عَيْنِهَا فَإِنْ أَعْطَى الْغَاصِبُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ كَانَتْ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِلَّا ضَمِنَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ نِيَّتِهِ كَمَا لَوِ امْتَنَعَ فَإِذَا أَخْلَطَهَا الْغَاصِبُ بِغَيْرِهَا لَمْ يُزَكِّ زَكَاةَ الْخُلَطَاءِ لِعَدَمِ رِضَا رَبِّهَا بِذَلِكَ كَمَا لَو خلط الراعاء الْمَوَاشِي بِغَيْرِ رِضَا أَرْبَابِهَا وَإِذَا رَدَّهَا الْغَاصِبُ وَلَمْ يَكُنِ السَّاعِي يَمُرُّ بِهَا زَكَّاهَا لِمَا مَضَى عَلَى مَا يَجِدُهَا إِلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاةُ كَالَّذِي يَغِيبُ عَنْهُ السَّاعِي لَا كَالْفَارِّ وَلِأَن رَبهَا لم يكن معتديا فَإِنْ غَصَبَ بَعْضَ الْمَاشِيَةِ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ دُونَ النِّصَابِ فَلَا يُزَكِّيهِ السَّاعِي فَإِذَا عَادَتْ زَكَّى الْجَمِيعَ لِمَاضِي السِّنِينَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَزْكِيَةِ الْمَغْصُوبِ لِعَامٍ وَاحِدٍ يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِعَامٍ وَاحِدٍ فَلَوْ غُصِبَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ ثَمَانِينَ ضِمْنَ الْغَاصِبُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا لِأَنَّهَا وَقَصٌ دُونَ السَّاعِي لِأَنَّهُ حَاكِمٌ مَعْذُورٌ فَلَوْ رُدَّتِ الْمَاشِيَةُ بِالْعَيْبِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي اسْتَقْبَلَ الْبَائِعُ حَوْلًا لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ فَإِنْ زَكَّاهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ كَالْغَاصِبِ قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ سَنَدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ثَوَابَ الزَّكَاة لَهُ خلاف الْغَاصِب.

.الشَّرْطُ الثَّانِي: مَجِيءُ السَّاعِي:

وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي الضَّمَانِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّتنَا وش هُوَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَعِنْدَ ح هُوَ مِنْ شُرُوطِ الضَّمَانِ فَقَطْ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْمَذْهَبِ نقُوله فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَ مَاشِيَتَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَا أَرَى عَلَيْهِ الشَّاةَ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَارًّا فَعَلَيْهِ الشَّاةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتْ فَجَعَلَهَا وَاجِبَةً فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلِهَذَا لَو غَابَ سنتَيْن ثُمَّ جَاءَ أَخَذَ لِمَاضِي السِّنِينَ فَحَقِيقَةُ الْوُجُوبِ تترتب على النّصاب والحول واستمراره وَيكون السَّاعِي كالخلطة يُخَفف تَارَة ويثقل أُخْرَى قَالَ صَاحب الْجَوَاهِر وَالْمَشْهُور لِمَجِيءِ السَّاعِي وَلَا يَمْنَعُ الْمَالِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ الْمُبَاح أَنه شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا امْتَنَعُوا مِنْ بَعْثِ السُّعَاةِ سِتَّ سِنِينَ وَانْقَضَتْ بَعَثُوا السُّعَاةَ فَزَكَّوْا مَا وَجَدُوا عَلَى حَالِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فُرُوعٌ عَشَرَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ أَن بيعث السُّعَاةَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا اسْتِقْبَالَ الصَّيْفِ وَقَالَ ش يَخْرُجُونَ قَبْلَ الْمُحَرَّمِ لِتَحْصِيلِ الصَّدَقَةِ فَيَأْخُذُ الْفُقَرَاءُ أَوَّلَ الْحَوْلِ مَا يَكْفِيهِمْ لِتَمَامِ الْحَوْلِ وَلِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ وَلِأَنَّ رَبْطَهُ بِالثُّرَيَّا يُؤَدِّي إِلَى زِيَادَةٍ فِي الْحَوْلِ لِزِيَادَةِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَهُوَ لَا يخْتَلف عَن الثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدَيْنِ فَإِنَّ الدَّيْنَ مُخْتَصّ إِسْقَاطُهُ بِهِمَا وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِأَجْلِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ تَكْتَفِي بِالْحَشِيشِ عَنِ الْمَاءِ فَإِذَا أَقْبَلَ الصَّيْفُ اجْتَمَعَتْ عِنْدَ الْمِيَاهِ فَلَا يَتَكَلَّفُ السُّعَاةُ كَثْرَةَ الْحَرَكَةِ وَلِأَنَّهُ عمل الْمَدِينَة قَالَ سَنَد يخرجُون لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ كَمَالِهَا قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى السعاة أَن يَأْتُوا أَرْبَاب الْمَاشِيَة وَلَا يبعثون إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانُوا بَعِيدِينَ عَنِ الْمِيَاهِ قَالَ مَالِكٌ يَحْمِلُونَ مَا عَلَيْهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْ يُنْفِقُونَ عَلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بموضعهم مُسْتَحقّ وَلَا يجِبُ عَلَى السَّاعِي الدُّعَاءُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ خِلَافًا لِدَاوُدَ وَاسْتَحَبَّهُ ش لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بل وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} التَّوْبَة 103 أَيِ ادْعُ لَهُمْ لَنَا أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاء لم يَكُونُوا يأمرون بل ذَلِك السعاة بل ذَلِك خَاص بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقَوْله تَعَالَى {إِن صلواتك سَكَنٌ لَهُمْ} التَّوْبَة 104 فَهَذَا سَبَبُ الْأَمْرِ بِذَلِكَ.
الثَّانِي:
فِي الْكتاب إِذا استهلكت غنمه بعد الْحول قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَهِيَ أَرْبَعُونَ فَأَخَذَ قِيمَتَهَا دَرَاهِمَ زَكَّاهَا مَكَانَهَا لِأَنَّ حَوْلَهَا قَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ إِبِلًا أَوْ بَقَرًا اسْتَقْبَلَ الْحَوْلَ وَإِنْ أَخَذَ غَنَمًا فِي مِثْلِهَا الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ كَالْمُبَادَلَةِ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ كَانَ مُدِيرًا ضَمَّ الثَّمَنَ إِلَى مَالِ الْإِدَارَةِ الَّذِي كَانَ ثمن الْغنم مِنْهُ ويزكي عَلَى حَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّى الْقِيمَةَ فَإِن كَانَ الْغَنَمُ لِلْإِدَارَةِ وَأَخَذَ بِالْقِيمَةِ عَرْضًا فَلَا زَكَاةَ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْ أَخَذَ فِي قِيمَتِهَا مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا دُونَ النِّصَابِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ نِصَابًا فَيُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ إِذَا كَانَتْ أَعْيَانُ الْغَنَمِ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ بِمَا أُخِذَتْ فِيهَا إِذْ لَهُ نرك الْقِيمَةِ أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ أَعْيَانُهَا لَمْ يَجُزْ خلاف لتعذر أَخذ الْغنم الْآن وَأخذ غَيْرُهَا مَالٌ حَادِثٌ يُسْتَقْبَلُ بِهِ حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ الِاسْتِهْلَاكُ لَزَكَّاهَا وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَزَادَ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْغَاصِبِ لَمْ تَفُتْ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ لَزَكَّاهَا عَلَى حول الأولى لإتمامه بِبيع غنم بِغَنَمٍ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ وَرِثَ غَنَمًا أَو اشْتَرَاهَا للْقنية ثمَّ بَاعهَا بعد الْحول قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا بَعْدَ الْقَبْض إِلَّا أَن يَبِيعهَا فِرَارًا فلتلزمه زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ يُزَكِّي الثَّمَنَ الْآنَ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَصْلُ سَائِرِ الْمَمْلُوكَاتِ وَلَا يَكُونُ لَهَا مَالِيَّةٌ إِلَّا بِهَا فَإِذَا أَبْدَلَهَا بِأَصْلِهَا بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ الزَّكَاةِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقِنْيَةَ تُبْطِلُ حُكْمَ النَّقْدَيْنِ فَيُسْتَقْبَلُ الْحول قَالَ سَنَد أما الفار بِالْبيعِ فآثم وَلَا تسْقط زَكَاته أَن ذَلِكَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُزَكِّي الثَّمَنَ وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنَ الْمَاشِيَةِ أَمَّا قَبْلَ الْحول فَمَا تقوى فِيهِ التُّهْمَة فَقَالَ مَالك وَابْن حَنْبَل يُؤْخَذ بِزَكَاة مَا بَاعَ مُعَاقَبَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَ ش لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ وَإِنْ بَاعَ غَيْرَ فَارٍّ صَحَّ الْبَيْعُ عِنْد مَالك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ خِلَافًا لِ ش مُحْتَجًّا بِأَنَّ الزَّكَاة أَن تعلّقت بالمعين بَطل البيع لتفريق الصَّدَقَة أَوْ بِالذِّمَّةِ فَمَا يُقَابِلُهَا مِنَ الْمَاشِيَةِ رَهْنٌ بِهَا وَبَيْعُ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ وَجَوَابُهُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِالْعَبْدِ الْجَانِي وَهُوَ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَوْ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالتَّزْكِيَةِ وَبَيْعُ الْوَارِثِ جَائِزٌ فَلَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ ثُمَّ اسْتَقَالَ اسْتَقْبَلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْقَطَعَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَوْ غَابَ السَّاعِي سِنِينَ فَبَاعَهَا قَبْلَ مَجِيئِهِ زَكَّى الثَّمَنَ مَكَانَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لعام وَاحِد نظرا لِأَن لَهُ أصل وَلَمْ يَقْبِضْهُ إِلَّا الْآنَ وَعِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لجَمِيع السِّنِينَ لِأَنَّ السَّاعِيَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا لِأَنَّ الْبَيْعَ قَطَعَ حكمهَا فَإِن كَانَ لِلتِّجَارَةِ قَالَ أَشْهَبُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ مَجِيءِ السَّاعِي وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ إِذَا بِيعَتْ زُكِّيَتْ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وَالثَّمَنُ عِشْرُونَ دِينَارًا زَكَّى الثَّمَنَ لِكُلِّ سنة ربع عشر إِلَّا مَا نقصته الزَّكَاة نظرا لأصليته فِي الْأَمْوَالِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ زَكَّى لأَرْبَع سِنِين أَو لاثْنَيْنِ وَأَرْبَعين فلثلاث سِنِينَ إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ الثَّمَنُ عَنْ عِشْرِينَ نظرا لعط اشْتِرَاطِ السَّاعِي وَالْوَاجِبُ شَاةٌ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشُرِ فَإِنْ بَاعَ قَبْلَ الْحَوْلِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ بِعشْرين دِينَارا أَو بقيت سِتَّة وَأَرْبَعين قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى الْعِشْرِينَ لِحَوْلِ مَا ابْتَاعَهَا بِهِ وَيُزَكِّي رِقَابَ الْمَاشِيَةِ لِحَوْلِ شِرَائِهَا.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ مَا نَقَصَ مِنَ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ نُزُولِ السَّاعِي وَقَبْلَ الْعُدَّةِ لَا يتَغَيَّر بِهِ وَيعْتَبر بِسَبَبِهِ الْوَاجِبُ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنَ الْأَدَاءِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْعَدَدِ وَمَا هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَا يعْتد بِهِ وَقَالَ سَنَد وَكَذَلِكَ إِذا ولدت قبل عدنها وَهَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بَعْدَهُ وَمُحَاسَبَتُهُ أَوْ حَتَّى يُعَيِّنَ الزَّكَاةَ قَالَ مَالِكٌ إِذَا سَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ بِمِائَتَيْ شَاةٍ فَقَالَ غَدًا نَأْخُذُ مِنْهَا شَاتَيْنِ فَولدت وَاحِدَة أَو كَانَت مِائَتَيْنِ وَشَاةً فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ تَغَيَّرَ الْوَاجِبُ وَزَكَّى عِدَّةَ مَا يَجِدُ غَدًا وَتَصْدِيقُهُ لَهُ وَعَدُّهُ سَوَاءٌ وَقِيلَ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِالْعَدَدِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ السَّاعِيَ حَاكِمٌ وَحُكْمُهُ تَعْيِينُهُ لِلْوَاجِبِ أَوْ عَدُّهُ حُكْمٌ وَتَعْيِينُهُ تَنْفِيذٌ فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالْغَنَمِ فِي الْإِبِلِ تَعَيَّنَ الْوَاجِبُ وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ الْوَاجِبِ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ مِنَ الْغَدِ وَقَالَهُ ش لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ بِالذِّمَّةِ لَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ وَلَوْ مَرَّ بِهِ فَوَجَدَ غَنَمَهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ فَجَاوَزَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَقَدْ صَارَتْ أَرْبَعِينَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُزَكِّيهَا لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ السَّاعِيَ لَا يَمُرُّ فِي الْعَامِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُزَكِّيهَا لِكَمَالِ السَّبَبِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكتاب إِذا قَالَ السَّاعِي أفدت غنمي فِي شهر صدقه إِلَّا أذا يظْهر كذبه وَأَن كَانَ الإِمَام عدلا فَلَا يخرج أحد زَكَاته مَاشِيَته قبل السَّاعِي فَأن أَتَى فَقَالَ لي أدّيت زَكَاة ماشيتي لم يقبل قَوْله وَأَن كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إِنْ قَدَرَ عَلَى إِخْفَاءِ مَاشِيَتِهِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَجَزْأَهُ مَا أُخِذَ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا تَصْدِيقُهُ لَهُ فَلِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالزَّكَاةُ مُوَاسَاةٌ قَالَ مَالك وَقد أَخطَأ من يحلف بِالنَّاسِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِمَنْعِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيَّة تعرض الْيَمِينَ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابًا فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا لَمْ يلْزمه شَيْء وَقسم عبد الْوَهَّاب النَّاس ثَلَاثَة أَقسَام مَعْرُوف بالديانه فَلَا يُطَالب وَلَا يحلف ومعروف بِمَنْع الزَّكَاة يُطَالب وَلَا يحلف ومعروف بالفسوق مَجْهُولُ الْحَالِ فِي الزَّكَاةِ فَيَحْلِفُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَبْلَ السَّاعِي فَلِعَدَمِ الْوُجُوبِ قبله إِلَّا لِأَنَّهُ كَدَفْعِ مَالِ السَّفِيهِ لَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ وليه وَقَالَ ح خِلَافًا لِ ش فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي قَالَ مَالِكٌ يَنْتَظِرُهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَمُرُّ بِهِ السَّاعِي قَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّي بَعْدَ حول مِنْ مُرُورِ السَّاعِي عَلَى النَّاسِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ السُّعَاةِ إِلَيْهِ كَتَضْحِيَةِ مَنْ لَا إِمَامَ لَهُمْ فَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَجِدْ فَقِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُؤَخِّرُ زَكَاةَ الْعَيْنِ حَتَّى يَجِدَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُمْكِنَهُ بَعْثُهَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الْمَاشِيَةِ كَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَإِنْ خَلُصَ بِهَا زَكَّى لِمَاضِي السِّنِينَ إِلَّا مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاة لِأَن السَّاعِي كالنائب فَأن تَعَذَّرَ تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ وَأَمَّا إِزْوَاءُ الزَّكَاةِ عَن الْأَئِمَّة الْجَوْرِ فَاسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 الْآيَة فيفعل ذَلِك مَا أمكن حجتهم قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سَتَكُون بعدِي أُمُور تنكرونها فَقَالُوا مَا نصْنَع قَالَ أَدّوا حَقهم واسألوا الله حقكم» وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة جوابها أَنَّهَا مَحْمُولَة على الْمُخَالفَة أما إِذا خَفِي ذَلِكَ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَوْ أَمْكَنَهُ إِخْفَاؤُهَا فَدَفعهَا للساعي قَالَ ملك لَا يُجْزِئُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَقَالَ أَصْبَغُ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَلَوْلَا أَنَّ يَده يَد الْمَسَاكِين لما أَجْزَأَ كَالْإِكْرَاهِ لِلْمَدْيُونِ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ رَبِّهِ وَأما إجزاؤه مَعَ الْإِكْرَاه فَقَالَ مَالِكٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ وَضَعُوهَا مَوْضِعَهَا أَجْزَأَتْهُ الصَّدَقَةُ وَعِوَضُهَا وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُهُ طَوْعًا وَلَا كَرْهًا الصَّدَقَةُ وَلَا عِوَضُهَا هُنَا لِأَن النِّيَابَة الشَّرِيعَة تَبْطُلُ بِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَالْأَصْلُ إِيصَالُ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ وَقَالَ أَصْبَغُ النَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْفَاسِقَ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِلِ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَالْإِمَامُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْأَخْذِ لِلْفُقَرَاءِ.
السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ ثُمَّ زَادَت بعد سنتَيْن ثُمَّ أَتَى السَّاعِي زَكَّى عَنْ كُلِّ عَامٍ مَا فِيهِ وَغَيْرُ الْهَارِبِ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ السَّاعِي سِنِينَ ثُمَّ أَتَى زَكَّى مَا وَجَدَهُ لماضي السنين إِلَّا أَن ينقص عَنِ النِّصَابِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ لَوْ هَلَكَتْ بِخِلَافِ الثَّانِي وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا زَكَّى لماضي السنين بَدَأَ بِالسَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ مَا يَلِيهَا حَتَّى يَنْقُصَ الْوَاجِبُ أَوْ يَسْقُطَ وَقِيلَ قَوْلُ الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّ مَاشِيَتَهُ كَانَتْ فِي بَعْضِ السِّنِينَ دُونَ ذَلِكَ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ بَعِيدٌ وَوَافَقَ الْأَئِمَّةُ فِي الْهَارِبِ قَالَ سَنَدٌ قِيلَ يُزَكِّي الْهَارِبُ لِمَاضِي السِّنِينَ مَا وَجَدَ فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ أَسْعَدَ حَالًا مِمَّنْ غَابَ عَنْهُ السَّاعِي وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَسْعَدُ بِسَبَبِ انْتِقَالِ الزَّكَاةِ بِالتَّعَدِّي إِلَى ذِمَّتِهِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَغَيَّرُ إِلَّا بِسَبَبٍ طَار فَلَوْ أَقَرَّ بِأَرْبَعِينَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَصَارَتْ فِي الرَّابِعَة ألفا قَالَ ملك وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ شَاةٌ لِثَلَاثِ سِنِينَ لِنُقْصَانِهَا عَن النّصاب بعد شَاة وتسع سِنِين لِهَذِهِ السَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ لثلاث سِنِين وَعشر شِيَاه لهَذِهِ السّنة لِأَن ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ فِي ذِمَّتِهِ بِتَعَدِّيهِ فَانْتَقَلَتْ عَنِ الْمَاشِيَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُزَكِّي الْأَلْفَ لِمَاضِي السنين وَأما الَّذِي تَأَخّر عَنهُ السَّعْي وَكَانَ مَاله أول السنين دون النّصاب كمل عِنْدَ مَجِيئِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِشَاةٍ وَلَوْ زَادَ عَنِ النِّصَابِ تَغْلِيبًا لِلْأَصْلِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِمَاضِي السِّنِينَ كَمَا يُزَكِّي النُّصُبَ الْمُتَكَرِّرَةَ عِنْدَ مَجِيئِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً قَبْلَ ذَلِكَ وَوَافَقَ أَشْهَبُ إِذَا كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ عَنِ الْوِلَادَةِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّهَا لَا تُضَمُّ إِلَّا إِلَى نِصَابٍ بِخِلَافِ الْوِلَادَةِ وَالْفَرْقُ لِمَالِكٍ أَنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ نِصَابٌ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَمَّا إِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَالِ نِصَابًا وَزَادَ آخِرَ السِّنِينَ فَقَالَ سَحْنُونٌ يُزَكِّي عَن كل سنة مَا فِيهَا خلافًا لما فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُلَّاكَ مَا استهلكوه فَأولى ان لَا يَلْزَمَهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا أَوَّلَ سَنَةٍ ثُمَّ نَقُصَ ثُمَّ رَجَعَ بِوِلَادَة أَو مُبَادلَة توجب الْبناء على الْحول الأول اتَّصَلَ الْحُكْمُ بِمَا مَضَى أَوْ بِفَائِدَةٍ بَطَلَ حُكْمُ مَا مَضَى مِنَ الْحَوْلِ فَلَوْ كَانَ النِّصَابُ لَا يَصْلُحُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ كَالتُّيُوسِ قَالَ ملك عَلَيْهِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ لِجُمْلَةِ السِّنِينَ بِخِلَافِ الْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ حَتَّى لَوِ اتَّفَقَ السَّاعِي مَعَهُ عَلَى تَيْسٍ جَازَ وَالْوَاجِبُ فِي الْإِبِلِ فِي الذِّمَّةِ فَيَتَكَرَّرُ لِكُلِّ عَامٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ كَالْإِبِلِ.
السَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا غَابَ عَنْ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ زَكَّى لِكُلِّ عَامٍ لِتُعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ دُونَ الْعَيْنِ أَوْ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ لِلسَّنَةِ الأولى فينتقص عَنْ نِصَابِ الْأُولَى فَيَأْخُذُ الْغَنَمَ لِبَاقِي السِّنِينَ أَو عشْرين وَمِائَة بِعشر حقاق أَو أحد وَتسْعُونَ فحقتان وثمان بَنَاتِ لَبُونٍ قَالَ سَنَدٌ فَلَوْ تَلِفَ مِنَ الْخمس وَالْعِشْرين بِغَيْر قبل مَجِيء السَّاعِي لم يزل إِلَّا بِالْغَنَمِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ أَوِ الضَّمَانَ إِنَّمَا يَتَقَرَّرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِمَجِيئِهِ.
الثَّامِنُ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا وَرَثَتُهُ شَيْءٌ إِلَّا بعد الْحول وَقَالَهُ ح وَالْوَرَثَةُ كَالْخُلَطَاءِ يُشْتَرَطُ فِي حِصَّةِ كل وَاحِد نِصَاب فَإِن اقتسموا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ قَالَ سَنَدٌ لِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِلَى الْمَسَاكِينِ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَوَجَبَ الدَّفْعُ لِلسَّاعِي وَلَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا زَكَاةَ بِخِلَافِ بَعْدَ مَجِيئِهِ فَصَارَ كالحول وَالْفرق بَين الْمَاشِيَة وَالثَّمَر وَالزَّرْعِ يَمُوتُ رَبُّهُمَا قَبْلَ طِيبِهِمَا أَنَّ شَرِكَةَ الْمَسَاكِين فِيهَا أظهر بِدَلِيل الْأَخْذ من الردئ وَمِنَ الْجَيِّدِ وَفِي الْمَاشِيَةِ الْوَسَطُ وَالْوَاجِبُ لَا يتَغَيَّر بِغَيْر الْمَالِ فَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَ بَعْدَ طِيبِهَا زُكِّيَا وَلَو عزل زكاتهما أخرجهَا بعد تلفهَا بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ إِذَا قَدِمَ السَّاعِي بَعْدَ التَّلَفِ لَا يَأْخُذُهَا وَلَوْ تَلِفَتْ زَكَاتُهُمَا لَمْ يَعِدَّهَا بِخِلَاف الْمَاشِيَة إِذا تلفت قبل السَّاعِي وَقَالَ ش يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمَيِّتِ لِحُصُولِ الْحَوْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَوْ مَرَّ السَّاعِي بالوارث بعد بعض حول تَركه للحول الثَّانِي قَالَ ملك فِي الْكتاب وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُوصَى بِقَبْضِهَا عِنْدَ كَمَالِ حَوْلِهَا وَيَصْرِفُهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْهُودِ مِنَ السَّلَفِ فَإِنَّ كُلَّ شهر تتجدد فِيهِ كمالات أَحْوَال وَلم تكن السعاة تَتَحَدَّث فِي ذَلِك بل كَانُوا يقتضون مرّة فِي كُلَّ عَامٍ.
التَّاسِعُ:
قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَرْبَحَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيء السَّاعِي وان نقص زَكَاتِهَا إِلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَارًا فَيَلْزَمُهُ مَا فَرَّ مِنْهُ وَإِنْ عَزَلَ ضَحَايَا فَإِنْ أُشْهِدَ عَلَيْهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ وَجَدَهَا السَّاعِي حَيَّةً وَلم يَشْهَدْ زَكَّاهَا قَالَ مُحَمَّدٌ يُرِيدُ أَشْهَدُ لِفُلَانٍ كَذَا لِفُلَانٍ كَذَا.
الْعَاشِرُ:
فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يبْعَث السعاة فِي السّنة الشَّدِيدَة الجدب مرَّتَيْنِ لَيْلًا يَأْخُذُوا للْمَسَاكِين مَالا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لعامين وَيُزَكُّونَ مَا يَجِدُونَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ رَوَى أَصْبَغُ يَخْرُجُونَ مُطْلَقًا لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا ضَرَرٌ بِالْمُلَّاكِ وَهُوَ أَظْهَرُ.