فصل: الْجِنَايَةُ السَّادِسَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْجِنَايَةُ السَّادِسَةُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ:

وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ} وَفِيهِ نَظَرَانِ:

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ:

وَهُوَ السَّرِقَةُ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:

.الرُّكْنُ الْأَوَّلُ السَّارِقُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ شَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَلَا يُقْطَعُ الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ الصَّبِيُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَالْمَجْنُونُ حَتَّى يُفِيقَ وَالنَّائِمُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» وَفِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ الصَّغِيرُ حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ وَتَحِيضَ الْجَارِيَةُ أَوْ يَبْلُغَا سِنًّا لَا يَبْلُغُهُ أَحَدٌ إِلَّا بَلَغَ قَالَ مَالِكٌ وَيُحَدُّ بِالْإِنْبَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم أحب إِلَى أَن لَا يُحْكَمَ بِالْإِنْبَاتِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِنْبَاتُ الْبَيِّنُ الْأَسْوَدُ وَالسِّنُّ ثَمَانِ عشرَة سنة وَقَالَ بعض البغداديين الِاحْتِلَامُ مِنَ الْمَرْأَةِ بُلُوغٌ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يَحْتَلِم وَمَا يطْلب بِهِ من حدو نَحوه لَا يُنْظَرُ لِإِنْكَارِهِ الْبُلُوغَ وَيُحْكَمُ بِالْإِنْبَاتِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ يُنْظَرُ إِلَى مِئْزَرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيُعْتَبَرُ فِي الْبُلُوغِ حَبَلُ الْمَرْأَةِ وَمَتَى اعْتَرَفَ الصَّبِيُّ بِالِاحْتِلَامِ حُدَّ وَيَنْظُرُ إِلَى إِنْبَاتِ الْجَارِيَةِ النِّسَاءُ.
وَفِي الرُّكْنِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الذِّمِّيَّةُ وَمَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ وَالْحَرْبِيُّ إِذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ فَإِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَسَرَقَ حَالَةَ إِفَاقَتِهِ قُطِعَ أَوْ أُخِّرَ إِلَى إِفَاقَتِهِ.
الثَّانِي:
قَالَ إِنْ سَرَقَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ قُطِعَ الْمُكَلَّفُ وَحْدَهُ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا سَرَقَ الْأَبُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ مَالَ الْوَلَدِ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ قَالَ أَشهب أَو مَا يعق عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فَذَلِكَ شُبْهَةٌ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ عَبْدِكَ أَو أَخِيك الذ ائتمنته على بَيْتك لمي قطع وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَوضِع إذنللعبد فِي دُخُولِهِ وَإِلَّا قُطِعَ الْأَجْنَبِيُّ دُونَ الْعَبْدِ وَإِنْ سَرَقَا نِصَابًا فَقَطْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَشَرِكَةِ الْأَبِ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَصِحُّ انهما قَالَ اللَّخْمِيُّ الشَّرِكَةُ ثَلَاثَةٌ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُمَا لَا يَسْقُطُ عَنِ الثَّانِي وَإِنْ سَقَطَ عَنِ الْآخَرِ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ شَرِكَةُ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ وَكَذَلِكَ شَرِكَةُ الْعَبْدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضِعُ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لِأَنَّ الْقَطْعَ لِصَوْنِ الْمَالِ وَقَطْعُ الْعَبْدِ ضَيَاعُهُ فَلَا يقطع شَرِيكه وغن كَانَ الْأَجِيرُ سَرَقَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ مَوْضِعٍ لم يُؤذن لَهُ فِي دُخُوله قطع وَالثَّالِثُ شَرِكَةُ الِابْنِ وَالْأَجْنَبِيِّ سَرَقَا مِنْ وَالِدِهِ أَوْ أَحَدِ الْأَجْدَادِ إِذَا أَدْخَلَهُ فَإِنْ أسقطنا أَسْقَطْنَا الْقَطْعَ عَمَّنْ أَدْخَلَهُ لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ وَإِن ليم يَسْقُطْ عَنِ الْإِذْنِ قَطَعْنَا الْأَجْنَبِيَّ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ الزَّوْجَةِ أَوِ الضَّيْفِ خِلَافٌ وَإِذَا أَخْرَجَ الْبَالِغ أَو الْعَاقِل سرة وَالصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ أُخْرَى لَمْ يُقْطَعِ الْمُكَلَّفُ إِلَّا أَن يكون فِيمَا أَخّرهُ يصاب وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَإِنْ حَمَلَاهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْطَعِ الْأَجْنَبِيُّ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا نِصْفَ دِينَارٍ.
الثَّالِثُ:
فِي الْجَوَاهِرِ يَسْتَوِي فِي الْقَطْعِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَسَوَاءٌ سَرَقَ الْمُعَاهَدُ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا لِأَنَّهُ مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي لَا يُقَرُّ بَيْنَهُمْ وَفِي النَّوَادِرِ إِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَتَاعِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ إِنْ كَانَ مُسْتَسِرًّا قَالَهُ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ عَبْدُ الزَّوْجَةِ يَسْرِقُ مَالَ الزَّوْجِ وَالْمُكَاتَبُ كَذَلِكَ وَإِنْ سَرَقَ عبد مَالك فِيهِ شركَة مَالِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ سَرَقَ عَبْدُكَ أَوْ مُكَاتَبُكَ أَوْ مُدَبَّرُكَ مِنْ مَالِ عَبْدِكَ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ كَمَالِكَ وَالْحِكْمَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَأْبَى إِفْسَادَ مَالِكَ بِالْقَطْعِ لِمَالِكَ وَفِي الْحَدِيثِ «عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ» وَمَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ لِاسْتِقْلَالِ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ عِنْدَكَ مِنْ بَيْتٍ لَمْ يؤمره عَلَى دُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ مِنْ مَالٍ لَك فِيهِ شرك أَكثر من يصيبك بِنِصَابٍ قَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ إِنْ أَحْرَزَهُ الشَّرِيكُ عَنْكَ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ إِنْ سَرَقَ الْعَبْدُ مَا مَالِ ابْنِهِ الْحُرِّ أَوِ ابْنِهِ الْعَبْدِ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ مَالَ ابْنِهِ مَالُهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ سَيِّدُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَمَعْتَ زَكَاةً لِتَقْسِمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَغْلَقْتَ عَلَيْهَا فَسَرَقَ عَبْدُكَ مِنْهَا قُطِعَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْمَنْهُ عَلَى دُخُولِهِ وَالْمَالُ لِلْمُسْلِمِينَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنِ ائْتَمَنْتَهُ لَمْ يقطع فال ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ سَرَقَ عَبِيدُ الْخُمُسِ مِنَ الْخمس أَو عبيد الْفَيْء وَمن الْفَيْء قطعُوا.

.الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَسْرُوقُ:

وَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ:

.الشَّرْطُ الْأَوَّلُ النِّصَابُ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ زِنَةَ رُبُعِ دِينَارٍ ذَهَبًا قُطِعَ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمًا وَإِنْ نَقَصَ الْوَزْنُ لَمْ يُقْطَعْ فَإِنْ سَاوَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قُطِعَ وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنْ وصلت قِيمَته ثَلَاثَة دِرْهَم قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ رُبُعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَإِنْ سَاوَى رُبُعَ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَلم يساو ثَلَاثَة دَرَاهِم لم يقطع وانم يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ وَدِينَارُ السَّرِقَةِ وَالدِّيَةِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا ارْتَفَعَ الصَّرْفُ أَوِ انْخَفَضَ وَوَافَقَنَا أَحْمَدُ أَنَّ أَصْلَ الْوَرِقِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ (ح) النِّصَابُ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَبِهَا يُقَوَّمُ وَقَالَ (ش) النِّصَابُ رُبْعُ دِينَارٍ وَتُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِالذَّهَبِ فَإِنْ سَاوَتْ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبًا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ الْعُرُوضُ وَإِنْ سَاوَى رُبْعَ دِينَارِ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ لنا قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِق والسارقة} وَلَمْ يُفَرَّقْ فَلَا يُشْتَرَطُ الدِّينَارُ بَلْ يَكْفِي أقل المَال وَلَو فلس وَقَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ» وَفِي الصَّحِيحِ «يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدَا» وَفِيهِمَا «قَطَعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» وَفِي أَبِي دَاوُدَ قطع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَقَ تُرْسًا مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعمر وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ «لَا قَطْعَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» وَلِأَنَّ تَعَارُضَ الْأَخْبَارِ شُبْهَةٌ توجب سُقُوط الْحَد وَجَوَابه الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ فَإِنَّ الْقَطْعَ فِي الْعَشَرَةِ مُتَّفق عَلَيْهِ وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن لَا يَقْطَعَ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ أَخْبَارَنَا أَرْجَحُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا وَمُوَافَقَتِهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالرَّاجِحُ لَا شُبْهَةَ مَعَهُ وَاحْتَجَّ (ش) بِمَا فِي الْحَدِيثِ «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي ربع دِينَار» وَالدِّينَار اسْم لِلذَّهَبِ دُونَ غَيْرِهِ فَنَفْيُ الْقَطْعِ فِي غَيْرِهِ صَرِيحًا وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَصْلٌ أَوْ أَنَّهَا وَصَلَتْ رُبْعَ دِينَارٍ فَيَسْقُطُ وَيُرْجَعُ إِلَى الصَّرِيحِ وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آصُعٍ مِنَ التَّمْرِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْآصُعَ وَصَلَتْ رُبْعَ دِينَارٍ وَإِنَّمَا خَصَّصَ الدَّرَاهِمَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا يَكُونُ النِّصَابُ إِلَّا الذَّهَبَ وَغَيْرَهُ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ قَوِيا أَن عَائِشَة وَابْن عمر وَغَيرهَا مِنَ الرُّوَاةِ إِنَّمَا ذَكَرُوا الدَّرَاهِمَ لِبَيَانِ تَأْسِيسِ قَاعِدَةِ النِّصَابِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ هُوَ الْأَصْلُ فَقَطْ لَعَيَّنَهُ الرَّاوِي لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إِلَى ذِكْرِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ بَابَ الذَّهَبِ فِيهِ أَصْلٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْفِضَّةُ أَصْلًا أَيْضًا كَالزَّكَاةِ َولَهُمْ قَلْبُ هَذَا الْقيَاس فَيَقُولُونَ فَلَا يَخْتَصُّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ كَالزَّكَاةِ وَبِالْجُمْلَةِ الْموضع مُحْتَمل وَكَلَامهم قوي.
تَفْرِيع:
فِي التَّنْبِيهَاتِ يَخْتَصُّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِالدَّرَاهِمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ بِالذَّهَبِ قَالَهُ مُعْظَمُ الشُّيُوخِ وَالشُّرَّاحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَخْتَصُّ النِّصَابُ بِالذَّهَبِ كَمَا قَالَ (ش) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ الْأَصْلُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ إِنَّ التَّقْوِيمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ ذَهَبًا وَإِنَّ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُعَامَلَةَ بِالدَّرَاهِمِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهِمَا جَمِيعًا فَأَكْثَرَهُمَا كَسَائِرِ التَّقْوِيمَاتِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ فِي الذَّهَبِ أَرْسَلْتَ مِنْهُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قُطِعَ فَاعْتُبِرَ الذَّهَبُ وَفِي الشَّاةِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ خَرَجَ بِهَا رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ فَنُصُوصُ الْكِتَابِ تُشِيرُ إِلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ التَّقْوِيمُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالدَّرَاهِمِ فِي بَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ الْعُرُوضُ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُبَاعُ بِالْعُرُوضِ فَبِالذَّهَبِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثَانِ عَلَى حَالين وَقَوله إِنَّمَا تقوم الْأَشْيَاء بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ اسْتُحِبَّ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ بَعْضُ الصِّقِلِّيِّينَ إِذَا كَانَ الْبَلَدُ لَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالنَّقْدَيْنِ بَلْ بِالْعُرُوضِ قُوِّمَتْ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الْمُتَعَامَلِ فِيهَا بِالنَّقْدَيْنِ فَإِنْ سَرَقَ نِصْفَ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبًا وَدِرْهَمًا وَنِصْفًا قُطِعَ أَوْ عَرَضًا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ وَوَرِقٌ أَوْ ذَهَبٌ نِصْفُ نِصَابٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ نَقَصَتِ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَرُوبَةً لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ نُقْصَانَهَا رُبْعُ دِرْهَمٍ أَوْ خُمُسٌ قَالَ أَصْبَغُ يُقْطَعُ فِي مِثْلِ الْحَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إِنْ كَانَ فِي الدَّرَاهِمِ نُحَاسٌ كثيرا«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» وَلِأَنَّهُ يُفِيدُ الْبَقَاءَ فَضَعُفَتْ مَالِيَّتُهُ عَنْ صُوَرِ الْإِجْمَاعِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّمَا يُرَدُّ الْفَرْقُ عَلَى الْمُثْبَتِ بِالْقِيَاسِ أَمَّا عُمُومَاتُ النُّصُوصِ فَلَا تُخَصِّصُ بِالْفُرُوقِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا النَّفس} مُخَصص بِالرجلِ أَوْ بِالْعُلَمَاءِ لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمُ أَنْقَصُ رُتْبَةً وَقَدْ قَطَعَ عُثْمَانُ فِي الْأُتْرُجَّةِ وَقَوَّمَهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَوْ كَانَتْ ذَهَبًا لَمْ تُقَوَّمْ فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ كَانَتْ ذَهَبًا قَدْرَ حِمَّصَةٍ يُجْعَلُ فِيهَا الطِّيبُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ سَارِقُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ يُقْطَعُ وَكَذَلِكَ الْبَازِيُّ وَكَذَلِكَ سِبَاعُ الْوَحْشِ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ جُلُودِهَا إِذَا ذُكِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ نِصَابًا لِأَنَّ لِصَاحِبِهَا بَيْعَ جُلُودِ مَا ذُكِّيَ مِنْهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ.
فرع:
قَالَ إِنْ سَرَقَ عَبْدًا فَصِيحًا كَبِيرا يُقْطَعْ أَوْ أَعْجَمِيًّا قُطِعَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ وَخَالَفَنَا الْأَئِمَّةُ لَنَا عُمُومُ الْآيَةِ وَالِاسْمُ صَادِقٌ عَلَى سَارِقِ الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَغَيْرِهِ وَذُكِرَ عِنْدَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَارِقُ الصِّبْيَانِ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ وَهُوَ نَصٌّ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ نَفْسٌ مَضْمُونَةٌ بِالْجِنَايَةِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا كَالْبَهِيمَةِ أَوْ بِجَامِعِ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ سَرَقَ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ قِيَاسًا عَلَى الْمَمْلُوكِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ» وَهَذَا لَيْسَ بِرُبْعِ دِينَارٍ فَلَا يُقْطَعُ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُحْرِزُ فِي الْعَادَةِ فَهُوَ سَارِقٌ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَبِيرِ النَّائِمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي أَفْرَادِ الْقَطْعِ مُطْلَقٌ فِيمَا يُقْطَعُ فِيهِ وَقَدْ عُيِّنَ مِنْ ذَلِكَ الْمُطْلَقِ رُبْعُ دِينَارٍ فَمَفْهُومُ الْحَصْرِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْقَطْعِ عَنْ غَيْرِهِ فَيَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمَفْهُومُ بِذَلِكَ الْجِنْسِ وَهُوَ الْأَمْوَال سلمنَا عُمُومه لَا كُنَّا نخصصه بالأدلة الْمُتَقَدّمَة وَبِأَنَّهُ إِذا سبقه ابطل نَفسه بِالْبَيْعِ وَمِيرَاثَهُ وَحَدُّ قَذْفِهِ وَدِيَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى أَحَلَّ فَرْجَهَا وَأَسْقَطَ صَدَاقَهَا وَقَطَعَ وِلَايَةَ أَوْلِيَائِهَا وَهَذَا مِنَ الْفَسَادِ الْعَظِيمِ فِي الْأَرْضِ أَعْظَمُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَالْفَسَادُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْقَطْعَ وَالْقَتْلَ فِي الْحِرَابَةِ وَعَن الثَّانِي أَنه يُجْعَلَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ فِي مَكَانٍ يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ كَالْغَنَمِ فِي الْمُرَاحِ وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الصَّغِيرُ لَا يَعْقِلُ وَإِلَّا قُطِعَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قَطْعَ مُطْلَقًا قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ سَرَقَ حُلِيَّهُ وَهُوَ كَبِيرٌ يُحْرَزُ مَا عَلَيْهِ أَوْ صَغِيرٌ أَوْ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ فِي دَارِ أَهله قطع أَو صَغِيرا لَا يحفظ مَا عَلَيْهِ خَارِجا عَن دَارِ أَهْلِهِ أَوْ فِيهَا وَالسَّارِقُ أُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُول ليقطع قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ أَخَذَ عَلَى وَجْهِ الْخَدِيعَةِ أَوْ كَابَرَهُ فِيهِ الْأَدَبُ إِنْ كَانَ كَبِيرا وَلَا صَغِير عِلْمُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ وَفِي الْمُنْتَقَى حَكَى فِي الْجلَال رِوَايَتَيْنِ فِي خَلْخَالِ الصَّبِيِّ أَوْ شَيْءٍ مِنْ خَلِيَّتِهِ الْقَطْعُ إِنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَو بنانهم وَالْأُخْرَى عدم الْقطع الْمُطلق وَلَمْ يَذْكَرْ تَفْصِيلًا فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِيهِ دَرَاهِمُ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا قُطِعَ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا عَادَةُ النَّاسِ الدَّفْعُ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَشَبَةِ وَالْحَجَرِ لَا يُقْطَعُ إِلَّا فِيمَا قِيمَتُهُ نَفْسُهُ نِصَابٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا لَوْ سَرَقَ خِرْقَةً الْعَادَةُ عَدَمُ الدَّفْعِ فِيهَا لزنابها لَمْ يُقْطَعْ بِمَا فِيهَا إِذَا لَمْ يَعْرِفْ بِهِ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ سَرَقَ لَيْلًا عَصا مفضضة وفضتها طَاهِرَة فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ لَمْ أَرَ الْفِضَّةَ بِاللَّيْلِ وَظُنَّ بِهِ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ كَانَتِ الْفِضَّةُ دَاخِلَهَا.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ إِنْ سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَرَقَ قِيمَتَهُ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ فِي مَرَّةٍ مَا قَيَّمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَإِن كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ وَجْهِ الْحِيلَةِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ فَإِنْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزَيْنِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُقْطَعُ كَالنِّصَابِ فِي مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ حَانُوتَانِ فِي دَارٍ فَسَرَقَ رَجُلٌ مِنْ وَاحِدٍ دِرْهَمًا وَنِصْفًا لَمْ يُقْطَعْ إِنْ كَانَتْ دَارا مُشْتَركَة وَإِن أخرج ذَلِكَ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قُطِعَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قُطِعَ وَإِنْ أَخَّرَ فِيهَا لَمْ يُقْطَعْ.
فرع:
قَالَ الْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْعَيْنِ عَادَةً وَشَرْعًا فَيُقَوَّمُ الْحَمَامُ الْمَعْرُوفُ بِالسَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْمُو وَتُقَوَّمُ سِبَاعُ الطَّيْرِ الْمُعَلَّمَةِ بِتَعْلِيمِهَا وَعَنْ أَشْهَبَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ إِيَّاهُ.
فرع:
فِي الْكِتَابِ يُقَوِّمُ السَّرِقَةَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالنَّظَرِ فَإِنِ اخْتَلَفُوا وَاجْتَمَعَ عَدْلَانِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ لِعِظَمِ شَأْنِ الْحُدُودِ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ قَالَ مَالِكٌ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْقَطْعِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالْقَطْعِ وَالتَّقْوِيمِ أَمْ لَا فَإِنْ تَعَارَضَ فِي التَّقْوِيمِ عَدْلَانِ وَعَدْلَانِ حُكِمَ بأقربهما الى السداد ووفقنا (ش) وَقَالَ (ح) إِنْ نَقَصَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ امْتَنَعَ الْقَطْعُ وَوَافَقَنَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَقَصَتْ لِهَلَاكِ بَعْضِهَا أَوْ هَلَاكِهَا لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى حَالِ النِّهَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَطَلَ الْقَطْعُ وَنَحْنُ نَعْتَبِرُ حَالَ الِابْتِدَاءِ بِدَلِيلِ نُقْصَانِ الْعَيْنِ فِي ذَاتِهَا لَنَا الْآيَةُ وَالْأَخْبَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي النِّصَابِ وَالْقِيَاسُ عَلَى نُقْصَانِ الْعَيْنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ حِوَالَةُ الْأَسْوَاق لرغبات النَّاس وَهُوَ أَمر خَارج علن الْعَيْنِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ شَرْعٌ زَجْرًا عَنِ الْجُرْأَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْجُرْأَةُ حَصَلَتْ وَقْتَ السَّرِقَةِ عَلَى النِّصَابِ فَتَعِينَ الْقَطْعُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ» وَهَذَا لَيْسَ رُبْعَ دِينَارٍ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ مَظْنُونَةٌ فَإِذَا وَجَدْنَاهَا نَقَصَتْ اتَّهَمْنَا الْمُقَوِّمِينَ أَوْ لَا فَيَكُونُ بِسَبَبِهِ يَسْقُطُ الْحَدُّ وَلِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ انْتقض فَيبْطل كالرجوع عَن الْإِقْرَار الْبَيِّنَة تُرْجِعُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ لِلسَّبَبِيَّةِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مَصْرُوفًا لِلنِّصَابِ بَلْ مَعْنَاهُ لَا قَطْعَ إِلَّا بِسَبَبِ أَخْذِ رُبْعِ دِينَارٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهَا وَهُوَ كَثِيرٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ كَانَ النَّصُّ لِتَغَيُّرِ السُّوقِ لَا مَعَ بَقَائِهِ وَعَن الثَّالِث أَنه يبطل بِنَقص الْعين فغن عرفُوا بِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنِ يَضْمَنُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَضَمِنَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَنُقْصَانُ الْقِيمَةِ لَا يَضْمَنُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَمْ يَضْمَنْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْنِ مَضْمُونٌ عَلَى السَّارِقِ فَلَمَّا تقرر بَدَلُهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ لِوُجُودِ النّصاب بعضه فِي ذمَّته وَبَعضه مَوْجُود فلنا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْقِيمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَأَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَلَا يَتَرَتَّبُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْعَيْنِ وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَسْرُوقٍ وَالْقَطْعُ فِي غَيْرِ الْمَسْرُوقِ بَاطِلٌ.
فرع:
فِي الْمُقَدِّمَاتِ إِنْ نَقَصَتِ الدَّرَاهِمُ نَقْصًا لَا تَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْمَوَازِينُ قُطِعَ فَإِنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا وَتَنْقُصُ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ كُلَّ دِرْهَمٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ جَازَتْ لِجَوَازِ الْوَازِنَةِ خِلَافُ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ إِيجَابُ الزَّكَاةِ وَعَدَمُ الْقَطْعِ فَيَحْصُلُ الِاحْتِيَاطُ بِهَا.