فصل: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي أَسْبَابِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْحُكْمِ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَهُ (ش) وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ فَرْضٌ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مُبَاحٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْمُقِيمَ إِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْمَنْعَ وَجْهُ النَّدْبِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَحِبت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَصَحِبْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزِدْ على 0 رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وصحبت عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَجْهُ الْفَرْضِ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَجْهُ الْإِبَاحَةِ قَوْله تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} وَنَفْيُ الْجُنَاحِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ.
قَاعِدَةٌ:
الْأَصْلُ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِلَّتِهِمَا كَثْرَةُ الْمُصْلَحَةِ أَوِ الْمَفْسَدَةِ وَقِلَّتُهُمَا فِي الْفِعْلِ وَقَدْ يَسْتَوِي الْفِعْلَانِ فِي الْمَصْلَحَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُوجِبُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ كَالْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ فِي غَيْرِهَا وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ التَّكْبِيرَاتِ وَقَدْ يُفَضِّلُ الْقَلِيلَ عَلَى الْكَثِيرِ كَتَفْضِيلِ الصُّبْحِ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهَا الْوُسْطَى عِنْدَنَا وَرَكْعَةِ الْوِتْرِ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا عَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ عَلَى قلَّة مشقته وأذكاره افضل من الْإِتْمَام فرق مُلَابسَة الرُّخْصَة فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ وَتَرْكُهَا فِي الصَّوْمِ أَفْضَلُ لِجَمْعِهَا بَيْنَ التَّرَخُّصِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ.
فَائِدَةٌ:
لِلْعُلَمَاءِ فِي صِفَةِ الْقَصْرِ الْوَارِدِ فِي الْآيَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ مِنْ طُولِ الْأَرْكَانِ دُونَ إِسْقَاطٍ عِنْدَ الْخَوْفِ فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبَاتِ أَتَمَّ وَلَمْ تَجِبِ الْإِعَادَةُ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَفِي إِعَادَتِهِ قَوْلَانِ وَمِنْ شُرُوطِهَا فَيُصَلِّي لِلْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ الْخَوْفِ أَوِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْخَوْفِ أَوْ رَكْعَةٍ عِنْدَ الْخَوْفِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا أَوِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَيكون قَوْله تَعَالَى {إِن خِفْتُمْ} مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ تَقْدِيرُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَكُنْتَ فِيهِمْ يَا مُحَمَّدُ فَأَقَمْتَ لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} الْآيَةَ فَهَذِهِ الْفَاءُ جَوَابُ الشَّرْطِ لَا نَفْيَ الْحَرَجِ أَوْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فَيَكُونُ الْقَصْرُ فِي الْهَيْئَةِ.
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَتَمَّ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ دَخَلَ الْحَضَرَ أَعَادَ أَرْبَعًا لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا أَفْضَلُ مِنَ السَّفَرِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي فَسَادِ السَّفَرِيَّةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْحَضَرِيَّةِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ فَسَلَّمَ لَا يُجْزِيهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ إِحْرَامَهُ إِنْ كَانَ فَاسِدًا لَا يُجْزِيهِ أَوْ صَحِيحًا فَقَدْ أَفْسَدَهُ بِالْإِبْطَالِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْإِتْمَامِ سَاهِيًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ سَنَدٌ وَلَوْ شكّ هَل نوى الْقصر والإتمام لَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِاحْتِمَالِ الْإِتْمَامِ فَلَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُخَصِّصْ أَتَمَّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَصْرُ يَحْتَاجُ إِلَى تَخْصِيصٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ يَصِحُّ أَنْ يُحْرِمَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ لَا تَلْزَمُ.
الثَّالِثُ:
إِذَا أَمَّ الْمُسَافِرِينَ أَحَدُهُمْ فَسَبَّحُوا بِهِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يَرْجِعْ يَقْعُدُونَ حَتَّى يُسَلِّمُوا بِسَلَامِهِ قَالَ سَنَدٌ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَا مَرَّ وَقَالَ أَيْضًا يُسَلِّمُونَ وَيَنْصَرِفُونَ وَقَالَ يَتَمَادَوْنَ وَيُعِيدُونَ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَتْبَعُونَهُ وَيُعِيدُونَ مَعَهُ قَالَ وَإِنَّمَا آمُرُهُمْ بِالِانْتِظَارِ لاخْتِلَاف النَّاس فِي السّفر فأمالوا تَمَادَى حَضَرِيٌّ وَانْتَظَرُوهُ حَتَّى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ فَلَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الْإِتْمَامَ وَانْكَشَفَ أَنَّ الْإِمَامَ أَتَمَّ اتَّبَعَهُ وَأَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ قَصَرَ الْإِمَامُ لَمْ يُسَلِّمْ مَعَهُ كَمَا لَا يُسَلِّمُ الْمُقِيمُ وَيُعِيدُ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ أتم الإِمَام صلَاته سَاهِيًا وَخَلْفَهُ مُقِيمٌ لَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَتَيِ السَّهْوِ قَالَ ابْن حبيب فَإِن اعتدا أَعَادَ أَبَدًا وَلَوْ أَتَمَّ عَامِدًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَالْمُقِيمُونَ أَبَدًا لِلِاخْتِلَافِ فِي رَكْعَتَيِ الزِّيَادَةِ هَلْ هُمَا فَرْضٌ عَلَى الْإِمَامِ أَمْ لَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ أَحْرَمَ بِالْقَصْرِ فَأَتَمَّ سَاهِيًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ شَفَعَ الْوِتْرَ نَاسِيًا وَكَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ صَلَّى الْوِتْرَ خَمْسًا وَالْفَجْرَ أَرْبَعًا وَأَعَادَ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ فِيهِمَا أَمَّا فِي الْعَمْدِ فَلِأَنَّ فِعْلَهُ صَادَفَ فِعْلًا صَحِيحًا كَمَنْ صَلَّى خَامِسَةً سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنَ الْأُولَى وَأَمَّا فِي السَّهْوِ فَلِأَنَّ الْقَصْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ قَالَ سَحْنُونٌ يُعِيدُ أَبَدًا لِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ بِسَهْوٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهِ.

.الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي الْمَحَلِّ:

وَهُوَ فِي الْكِتَابِ كُلُّ صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ سَافَرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ قَصَرَهَا وَإِنْ قَدِمَ فِيهِ أَتَمَّهَا وَإِنْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ قَضَاهُمَا كَمَا وَجَبَتَا عَلَيْهِ وَقَالَهُ (ح) وَقَالَ (ش) يَقْصُرُ الْحَضَرِيَّةَ فِي السَّفَرِ كَمَا يَقْصُرُ الْمَرِيضُ صَلَاةَ الصِّحَّةِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَالَةَ الْمَرِيضِ بَدَلٌ وَالْبَدَلُ لَا يُؤْتَى بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْمُبْدَلِ وَالْقَصْرُ لَيْسَ بَدَلًا عَنِ الْإِتْمَامِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَوْلَى قَصْرُ السَّفَرِيَّةِ وَلَوْ أَتَمَّ جَازَ وَمَنْ قَالَ فَرْضُ الْمُسَافِرِ التَّخْيِيرُ فِي السَّفَرِ خَيْرٌ فِي الْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إِذَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ رَكْعَتَانِ وَسَافَرَ فَذَكَرَ سَجْدَتَيْنِ لَا يَدْرِي مِنَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ يُصَلِّيهِمَا سَفَرِيَّتَيْنِ يَبْدَأُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ نَظَرًا لِلِاشْتِرَاكِ فَإِنْ ذَكَرَ سَجْدَتَيْنِ لَا يدْرِي مجتمعتين من صَلَاةٍ أَوْ مُفْتَرِقَتَيْنِ مِنْ صَلَاتَيْنِ صَلَّى ظُهْرَيْنِ وَعَصْرًا يَبْدَأُ بِظُهْرٍ حَضَرِيٍّ ثُمَّ سَفَرِيٍّ قَبْلَ الْعَصْر أَو بعده ثمَّ عصر سَفَرِي لِأَنَّهُمَا إِن كَانَتَا مِنَ الظُّهْرِ فَعَصْرُهُ صَحِيحٌ وَسَافَرَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَيَكُونُ سَفَرِيًّا أَوْ مِنَ الْعَصْرِ فَهُوَ سَفَرِي وَإِن افترقتا بَطل الصَّلَاتَانِ وَسَافَرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَالظُّهْرُ عَلَيْهِ حضرية.

.الباب الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالنَّظَر فِي أَسبَابه وشروطه وَحكمه وَمحله:

فَهَذِهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي أَسْبَابِهِ:

وَهِيَ سِتَّةٌ:
السَّبَبُ الْأَوَّلُ:
السَّفَرُ فِي الْكِتَابِ إِذا جد بِهِ الْمسير جمع آخر الْوَقْت الظُّهْرِ وَأَوَّلَ الْعَصْرِ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا أَيْضًا إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أول وَقت الْعَصْر يُؤَخر الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ وَأَسْرَعَ السّير وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ مُبَادَرَةُ مَا يُخَافُ فَوَاته وَجوزهُ ابْن حبيب لمُجَرّد قَطْعِ الْمَسَافَةِ قَالَ الْبَاجِيُّ أَقْوَالُ أَصْحَابِنَا تَدُلُّ على جَوَاز الْمَنْع لحدة السَّيْرِ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاة.
السَّبَب الثَّانِي:
فِي الْجَوَاهِر مهما اجْتَمَعَ الْمَطَرُ وَالطِّينُ وَالظُّلْمَةُ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمَا أَوِ انْفَرَدَ الْمَطَرُ جَازَ الْجَمْعُ بِخِلَافِ انْفِرَادِ الظَّلَامِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ انْفِرَادِ الطِّينِ وَظَاهِرُ الْمُسْتَخْرَجَةِ جَوَازُهُ وَقَالَ (ش) يَجْمَعُ فِي الْمَطَرِ بِخِلَافِ الطِّينِ وَالظُّلْمَةِ وَيَجْمَعُ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لعُمُوم الْعذر وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُهُ بِمَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَزِيدِ الْفَضِيلَةِ وَيُخَصَّصُ بِالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَاسْتَقْرَأَ الْبَاجِيُّ اعْتِبَارَهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ.
السَّبَبُ الثَّالِثُ:
الْمَرَضُ فِي الْكِتَابِ إِذَا خَافَ الْغَلَبَةَ عَلَى عَقْلِهِ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ الْغُرُوب وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل خلافًا (ش) لَنَا أَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمَرَضُ وَلِأَنَّ مَشَقَّةَ الْمَرَضِ أَعْظَمُ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجْمَعُ إِلَّا بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى أَوَّلِ الْعَصْرِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَجَمَعَ وَلَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ قَالَ عِيسَى يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَوَاجِدِ الْمَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ سُؤَالٌ إِنْ وَقَعَتِ الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ سَقَطَ التَّكْلِيفُ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ كَصَلَاةِ الْفَذِّ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فَلَا يُقَدَّمُ الْوَاجِبُ عَنْ وَقْتِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ جَوَابُهُ أَنَّ الْوَقْتَ مُشْتَرَكٌ وَهُوَ سَبَبُ الصَّلَاتَيْنِ فَتَعَلَّقَ الْخِطَابُ بِالثَّانِيَةِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا بِخِلَافِ صَلَاةِ الْفَذِّ وَفِي الْكِتَابِ يَجْمَعُ صَاحِبُ الْبَطْنِ وَنَحْوُهُ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ الشَّفَقِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَجْمَعُ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قِيَاسًا عَلَى الْمُسَافِرِ قَالَ وَقَوْلُهُ وَسَطَ الظُّهْرِ ظَاهِرُهُ رُبُعُ الْقَامَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي مَوَاضِعَ تَفْسِيرُهَا بِآخِرِ الْقَامَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَبِهِ فَسَّرَ الْبَاجِيُّ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْأَرْكَانِ لَكِنْ تَشُقُّ عَلَيْهِ الْحَرَكَة أما لَو كَانَ يَعْتَرِيه مَا يعجزه عَنْ رُكْنٍ وَلَوْ أَنَّهُ الْقِيَامُ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَوْ خَافَ الْمَيْدَ فِي الْبَحْرِ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَا يُصَلِّيهمَا فِي الْبَحْر قَاعِدا..الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الشُّرُوطِ:

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ:
فِي الْجَوَاهِرِ تُقَدَّمَ الْأُولَى مِنْهُمَا وَيَنْوِي الْجَمْعَ فِيهِمَا وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يُجْزِيهِ وَفِي الْكِتَابِ إِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي بَيْتِهِ فَلَا يُصَلِّي الْعِشَاءَ بَعْدَهُمْ قَالَ ابْن الْقَاسِم ويصليهما مَعَهُمْ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَهُمْ لِفَضِيلَةِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ مَعَهُمْ فَلِأَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَغْرِبِ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْعِشَاءِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ لَا تُشْتَرَطُ فِي الْأُولَى خِلَافًا لِ (ش) وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْجَوَاهِرِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي:
قَالَ سَنَدٌ الْجَمَاعَةُ فَلَا يَجْمَعُ الْمُنْفَرِدُ فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِ (ش) لِأَنَّ الْجَمْعَ إِنَّمَا شرع لمَشَقَّة الِاجْتِمَاع قَالَ مَالِكٌ وَيَجْمَعُ قَرِيبُ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْمُعْتَكِفُ فِيهِ قَالَ يحيى ابْن عُمَرَ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَفِي جَمْعِ الشَّيْخِ الضَّعِيفِ وَالْمَرْأَة بالمسمع خِلَافٌ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ:
فِي الْجَوَاهِرِ الْمُوَالَاةُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَهْمَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي جَمْعِ السَّفَرِ فِي إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ بَطل الْجَمْعُ وَبَعْدَهُمَا لَا يَضُرُّ وَلَوِ انْقَطَعَ الْمَطَرُ قَبْلَ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا جَازَ التَّمَادِي على الْجمع أَو لَا يُؤمن عوده.

.الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْحُكْمِ:

وَهُوَ عِنْدَنَا جَائِزٌ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ فِي السَّفَرِ وَقَالَ (ش) بِالْجَوَازِ وَمَنَعَ (ح) إِلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ ثَبَتَتْ بِالتَّوَاتُرِ فَلَا تبطل بالآحاد وَأَجَازَ أَن يُؤَخر الْأُولَى إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَتُقَدَّمَ الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَدْ جَنَحَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَى قَوْلِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَقَالَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ أَعَادَ أَبَدًا لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ وَلَا مَطَرٍ.

.الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي الْمَحَلِّ:

وَهُوَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمغْرب وَالْعِشَاءُ لِوُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ مِنْهُمَا على خلاف.

.الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي صِفَةِ الْجَمْعِ:

وَفِي الْكِتَابِ يُؤَخَّرُ الْمَغْرِبُ قَلِيلًا وَيُصَلَّيَانِ قَبْلَ الشَّفَقِ لِيَنْصَرِفَ النَّاسُ فِي النُّورِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي النَّوَادِرِ يَجْمَعُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ إِنَّمَا دَعَتْ لِتَقْدِيمِ الْعِشَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَتَنَفَّلُ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ (ش) قَالَ سَنَدٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَتَنَفَّلُ عِنْدَ أَذَانِ الْعِشَاءِ لِزِيَادَةِ الْقُرْبَةِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَتَنَفَّلُ فَتَنَفَّلَ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْجَمْعَ قِيَاسًا عَلَى الْإِقَامَةِ خِلَافًا لِ (ش) وَلَا يَتَنَفَّلُ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي الْمَسْجِدِ لِيَنْصَرِفَ النَّاسُ بِضَوْءٍ وَلَا يُوتِرُونَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَفِي الْكِتَابِ إِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ جَمَعَ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ فَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَقِيلَ تَفْسِيرٌ وَقِيلَ خِلَافٌ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ جَمَعَ فِي الْمَنْهَلِ قَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ الْآخِرَةَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِشِدَّةِ السَّيْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَقَامَ أَوْ عَرَضَ لَهُ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ الْمَطَرُ بَعْدَ الْجَمْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ كَانَ الرَّحِيلُ عَقِيبَ الزَّوَالِ عَازِمًا عَلَى النُّزُولِ قَبْلَ تَصَرُّمِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ صَلَّى قَبْلَ الرَّحِيلِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ عِنْدَ نُزُولِهِ وَلَوْ كَانَ لَا يَنْزِلُ مِنْ قَبْلِ الزَّوَالِ إِلَى بَعْدِ الْغُرُوبِ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَلَوْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي الْمَنْهَلِ وَإِذَا رَحل نزل بعد الاصفرار فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إِنْ شَاءَ جَمَعَ فِي الْمَنْهَلِ أَوْ بَعْدَ النُّزُولِ إِذْ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ خُرُوجُ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَلَوْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَا يَنْزِلُ إِلَّا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ وَجَوَّزَ ابْنُ مَسْلَمَةَ الْجَمْعَ إِذَا نزل.