فصل: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي أَقْسَامِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي النِّفَاسِ:

وَالْكَلَامُ عَلَى لَفْظِهِ وَحَقِيقَتِهِ.
أَمَّا لَفْظُهُ: فَالنِّفَاسُ فِي اللُّغَةِ وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ لَا نَفْسُ الدَّمِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَالصِّحَاحِ وَلِذَلِكَ يُقَالُ دَمُ النِّفَاسِ وَالشَّيْءُ لَا يُضَافُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ بِكَسْر النُّونِ وَالْمَرْأَةُ نُفَسَاءُ بِضَمِّهَا وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَالْجَمْعُ نِفَاسٌ بِكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْفَاءِ. وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مَا وَزنه فعلا يُجْمَعُ عَلَى فِعَالٍ غَيْرُ نُفَسَاءَ وَعُشَرَاءَ وَيُجْمَعَانِ أَيْضًا عَلَى نَفَسَاوَاتٍ وَعُشَرَاوَاتٍ بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَفَتْحِ الثَّانِي وَيُقَالُ نَفِسَتِ الْمَرْأَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَالْوَلَدُ مَنْفُوسٌ وَفِي الْحَدِيثِ: «وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ» وَلَا يَتَعَيَّنُ اشْتِقَاقُهُ مِنَ النَّفْسِ بِمَعْنَى الدَّمِ لِأَنَّ النَّفْسَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرُّوحِ وَالدَّمِ وَالْجَسَدِ وَالْعَيْنِ يُقَالُ أُصِيبَ فُلَانٌ بِنَفْسٍ أَيْ عَيْنٍ وَالنَّافِسُ الْعَائِنُ وَنَفْسُ الشَّيْءِ ذَاتُهُ نَحْوَ رَأَيْتُ زَيْدًا نَفْسَهُ وَالنَّفْسُ قَدْرُ دَبْغَةٍ مِمَّا يُدْبَغُ بِهِ الْأَدِيمُ مِنَ الْقَرَظِ وَغَيْرِهِ وَمَعَانِي هَذَا اللَّفْظِ كَثِيرَةٌ. وَأَمَّا حَقِيقَتُهُ فَهِيَ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ إِذَا اشْتَغَلَ الرَّحِمُ بِالْوَلَدِ انْقَسَمَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَصْفَاهُ وَأَعْدَلُهُ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَحْمُ الْجَنِينِ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ تَتَوَلَّدُ مَنِ الْمَنِيَّيْنِ وَاللَّحْمَ يَتَوَلَّدُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالْقِسْمُ الَّذِي يَلِيهِ فِي الِاعْتِدَالِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَبَنُ الْجَنِينِ غِذَاؤُهُ الَّذِي يَحِلُّ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الثَّدْيِ وَالثَّالِثُ الْأَرْدَأُ يَجْتَمِعُ فَيَخْرُجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَدَمُ النِّفَاسِ فِي الْحَقِيقَةِ دَمُ حَيْضٍ اجْتَمَعَ.
وَفِي الْفَصْلِ فُرُوعٌ خَمْسَةٌ:
الْأَوَّلُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ غَايَتُهُ سِتُّونَ يَوْمًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْعُرْفِ وَكَرِهَ التَّحْدِيدَ وَقَالَ الشَّافِعِي سِتُّونَ وَأَبُو حنيفَة أَرْبَعُونَ وَمَقْصُودُ الْفَرِيقَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعُ حِيَضٍ فَلَمَّا كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُولُ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرَةٌ قَالَ أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ وَلما قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ خَمْسَةَ عَشَرَ قَالُوا أَكْثَرُهُ سِتُّونَ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى عَوَائِدَ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا أَقَلُّهُ فَلَا حَدَّ لَهُ كَالْحَيْضِ خِلَافًا ح فِي أَنَّ أَقَلَّهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَحَدَ عَشَرَ لِيَزِيدَ النِّفَاسُ عَلَى الْحَيْضِ عِنْدَهُ بِيَوْم وَفَائِدَة الْخلاف هَهُنَا وَفِي الْحَيْضِ قَضَاءُ مَا مَضَى مِنَ الصَّلَوَاتِ وَيَرِدُ عَلَى التَّحْدِيدِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى النُّصُوصِ وَلَا نُصُوصَ فَلَا تَحْدِيدَ وَأَنَّ الرُّجُوعَ فِي هَذَا إِلَى مَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ مُتَعَيَّنٌ.
الثاني:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا انْقَطَعَ ثُمَّ رَأَتْهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا كَانَ نِفَاسًا وَإِنْ بَعُدَ كَانَ حَيْضًا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا كَانَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نِفَاس وَالشَّافِعِيّ مِثْلَهُ مَرَّةً وَمِثْلَنَا أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَشْكُوكٌ فِيهِ يُعْمَلُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ. لَنَا أَنَّ الطُّهْرَ التَّامَّ فَصْلٌ بَيْنَ دَمَيْنِ مَانِعَيْنِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَلَا يَلْحَقُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى الْحَيْضَتَيْنِ.
الثَّالِثُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ كَانَ اسْتِحَاضَةً قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَسْتَظْهِرُ إِلَى السَّبْعِينَ لِأَنَّ الدَّمَ قَدْ يَزِيدُ كَالْحَيْضِ. وَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ فَلَا يُزَادُ فِيهِ كَزَمَانِ الِاسْتِظْهَارِ. الرَّابِعُ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَبَقِيَ آخَرُ إِلَى شَهْرَيْنِ وَالدَّمُ مُتَمَادٍ فَدَمُهَا مَحْمُولٌ عَلَى عَادَةِ النِّفَاسِ وَلِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ قَالَ وَقِيلَ إِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ الْوَلَدَ الثَّانِيَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ. لَنَا أَنَّ حَقِيقَةَ دَمِ النِّفَاسِ مَوْجُودَةٌ وَأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ إِنَّمَا هُوَ انْغِلَاقُ فَمِ الرَّحِمِ لِسَبَبِ الْحَمْلِ وَقَدِ انْفَتَحَ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخَارِجُ دَمَ نِفَاسٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ جَعْلُهُ نِفَاسًا عَلَى الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَالَّذِي يَرَى أَنَّهُ حَيْضٌ يَقُولُ تَجْلِسُ مُدَّةَ حَيْضِ الْحَامِلِ فَقَطْ وَقَالَ لَو جَعَلْنَاهُ نفاسا على وَهُوَ شَهْرَانِ وَتَضَعُ آخَرَ فَإِنْ قُلْنَا تَجْلِسُ شَهْرَيْنِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ النِّفَاسُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا لَا تَجْلِسُ مَعَ أَنَّهُ دَمٌ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالنِّفَاسُ بَعْدَ الْوَلَدِ الثَّانِي.
فَرْعٌ:
إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ نِفَاسٌ فَوَضَعَتِ الثَّانِيَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ قَالَ التُّونِسِيُّ يَكُونُ الثَّانِي نِفَاسًا فَإِنَّهُ كَأَيِّ وَلَدٍ فِي وِعَائِهِ بِدَمِهِ وَلِأَنَّ الرَّحِمَ يَنْصَبُّ إِلَيْهِ عِنْدَ حَرَكَةِ الْوَضْعِ مِنَ الدَّمِ مَا لَا يَنْصَبُّ إِلَيْهِ قَبْلَ الْوَضْعِ فَلَوْ وَضَعَتِ الثَّانِيَ قَبْلَ تَمَامِ النِّفَاسِ الْأَوَّلِ أَلْغَتِ الْمَاضِيَ وَاسْتَأْنَفَتْ مِنَ الثَّانِي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة النِّفَاسُ مِنَ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَتَمَّتْ أَرْبَعِينَ لَمْ يَكُنِ الثَّانِي نِفَاسًا وَتَابَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ الحيضتين لَا يتصلان فَكَذَلِك النفاسان وَقِيَاسًا على مَا إِذا اتصلا قَبْلَ الْوِلَادَة.
الْخَامِسُ:
لَوْ وَضَعَتِ الْوَلَدَ جَافًّا فَفِي الْغُسْلِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهَا وَمَاؤُهَا لَوْ خَرَجَ لَوَجَبَ الْغُسْلُ أَو الْوضُوء فَكَذَلِكَ هُوَ أَوْ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الطّور إِلَى طور الْحَصَا وَنَحْوه.

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.

.كتاب الصَّلَاة:

وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وصل عَلَيْهِم إِن صلواتك سكن لَهُم} أَيْ دَعَوَاتُكَ وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْعِبَادَةُ صَلَاةً قِيلَ مَجَازًا لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ وَقِيلَ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي الردف وأصلهما الصَّلَاة وَهُوَ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ يَفْتَرِقُ عِنْدَ عَجَبِ الذَّنَبِ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ دُرَيْدٍ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ:
قَرِيبُ مَا بَيْنَ الْقَطَاةِ وَالْمَطَا ** بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْقَذَالِ وَالصَّلَا

وَلِذَلِكَ كُتِبَتِ الصَّلَاةُ بِالْوَاوِ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ هُمَا عَظْمَانِ يَنْحَنِيَانِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَلَمَّا كَانَا يَظْهَرَانِ مِنَ الرَّاكِعِ سُمِّيَ مُصَلِّيًا لِذَلِكَ وَفِعْلُهُ صَلَاةً وَمِنْهُ الْمُصَلِّي وَهُوَ الثَّانِي مِنْ حَلْبَةِ السِّبَاقِ لِأَنَّ رَأْسَ فَرَسِهِ يَكُونُ عِنْدَ صَلْوَى الأول وَقيل لِأَنَّهَا ثَانِيَة الْإِيمَان كالثاني فِي حلبة السباق وَقيل لِأَن فَاعِلَهَا مُتَابِعٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُتَابِعُ الْفَرَسُ الثَّانِي الْأَوَّلَ وَقِيلَ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَصْلِيَةِ الْعُودِ بِالنَّارِ لِيَقُومَ وَلَمَّا كَانَتْ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ كَانَتْ مُقَوِّمَةً لِفَاعِلِهَا وَقِيلَ مِنَ الصِّلَةِ لِأَنَّهَا تَصِلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ أُطْلِقَ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ النَّقْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَوْ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَازِرِيِّ وَالْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَجَمَاعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْمجَاز فَقيل لما كَانَ الدُّعَاء جزءها وَهُوَ قَوْله تَعَالَى آمِرًا لَنَا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيم} فَسُمِّيَتْ صَلَاةً مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ وَقِيلَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ خَاضِعٌ مُتَذَلِّلٌ لِرَبِّهِ مُشْبِهٌ لِلدَّاعِي فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا لَيْسَ فِي اللَّفْظِ نَقْلٌ وَلَا مَجَازٌ وَهُوَ مَذْهَبُهُ فِي سَائِرِ الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ بَلْ لَفْظُ الصَّلَاةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ الدُّعَاءُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ الدُّعَاءُ لَيْسَ مُجْزِئًا وَحْدَهُ وَيَصِحُّ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُولُ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ»؟ نقُول عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِدَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ضَمِّ أُمُورٍ أُخْرَى لِلدُّعَاءِ لَا مِنْ لَفْظِ الصَّلَاةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ لَمَّا نَقَلَ الشَّرْعُ هَذَا اللَّفْظَ جَعَلَهُ مُتَوَاطِئًا لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَوْ جَعَلَهُ مُشْتَرِكًا كَلَفْظِ الْعَيْنِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا فِيهِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَعَلَى مَا لَا رُكُوعَ فِيهِ وَلَا سُجُودَ كَصَلَاةِ الْجَنَازَةِ وَعَلَى مَا لَا تَكْبِيرَ فِيهِ وَلَا سَلَامَ كَالطَّوَافِ وَعَلَى مَا لَا حَرَكَةَ لِلْجِسْمِ فِيهِ كَصَلَاةِ الْمَرِيضِ الْمَغْلُوبِ وَلَيْسَ بَيْنَ هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فَيَكُونُ اللَّفْظ مُشْتَركا.
قَاعِدَة:
تقربات الْعباد على ثَلَاثَة أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ كَالْمَعَارِفِ وَالْإِيمَانِ بِمَا يَجِبُ وَيَسْتَحِيلُ وَيَجُوزُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَثَانِيها: حق للعباد فَقَطْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ إِسْقَاطِهِ وَإِلَّا فَكل حق للْعَبد فَفِيهِ حق الله تَعَالَى وَهُوَ أمره بإيصاله لمستحقه كاداء الدُّيُون ورد الغضوب والودائع.
وَثَالِثهَا: حق لله تَعَالَى وَحقّ للعباد وَالْغَالِبُ مَصْلَحَةُ الْعِبَادِ كَالزَّكَوَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْمَنْذُورَاتِ وَالْهَدَايَا وَالضَّحَايَا وَالْوَصَايَا وَالْأَوْقَافِ.
وَرَابِعُهَا: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعباد كالأذان فحقه تَعَالَى التَّكْبِيرَاتِ وَالشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَحَقُّ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَحَقُّ الْعِبَادِ الْإِرْشَادُ لِلْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْمُنْفَرِدِينَ وَالدُّعَاءُ لِلْجَمَاعَاتِ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِينَ وَالصَّلَاةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَوَابِعِهَا مِنَ التَّوَرُّكِ وَالْكَفِّ عَنِ الْكَلَامِ وَكَثِيرِ الْأَفْعَالِ وَعَلَى حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّسْلِيم وَالشَّهَادَةِ لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَعَلَى حَقِّ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ دُعَاؤُهُ لِنَفْسِهِ بِالْهِدَايَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا وَالْقُنُوتُ وَدُعَاؤُهُ فِي السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ سَلام عَلَيْنَا وَعَلَى حَقِّ الْعِبَادِ كَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ والقنوت وَطَلَبِ الْإِعَانَةِ وَالسَّلَامِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَالسَّلَامِ عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالتَّسْلِيمِ آخِرَ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَلِذَلِكَ كَانَتِ الصَّلَاةُ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِيمَانِ.
تَمْهِيدٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ كَانَ الْمَفْرُوضُ مِنَ الصَّلَاةِ قبل الْخمس رَكْعَتَيْنِ غدوا وَرَكْعَتَيْنِ عشيا مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُصَلِّي بِمَكَّةَ تِسْعَ سِنِينَ وَفُرِضَتِ الْخَمْسُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ أَصْحَابنَا فرض الصَّلَوَات الْخمس نَاسخ لما كَانَ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَقِيلَ وُجُوبُهُ لَمْ يُنْسَخْ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَاصَّتِهِ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ لَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ وَلَا الْعُلَمَاءُ فِي أَن الصَّلَاة أَنَّهَا فرضت بِمَكَّة لَيْلَة الْإِسْرَاء أَتَى جِبْرِيلُ مِنَ الْغَدِ لِصَبِيحَةِ الْإِسْرَاءِ فَصَلَّى بِهِ الصَّلَوَاتِ لِأَوْقَاتِهَا فِي يَوْمَيْنِ لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ فَرْضِهَا فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُكْمِلَتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ أَرْبَعًا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ الزِّيَادَةُ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فُرِضَتْ أَرْبعا أَرْبعا إِلَّا الْمغرب فرضت ثَلَاثًا وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ» وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «إِنَّمَا هِيَ صَدَقَهٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» يَعْنِي الْقَصْرَ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ قَالَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أصح إِسْنَادًا وَالْجَوَاب لَهُ عَن النُّصُوص أَن ذَلِك بَعْدَ الْإِتْمَامِ بِالْمَدِينَةِ وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {حَافظُوا على الصَّلَوَات} وَقَوله تَعَالَى {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} وَهِي الظّهْر وَالْعصر {إِلَى غسق اللَّيْل} الْمغرب وَالْعشَاء {وَقُرْآن الْفجْر} الصُّبْحُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي جَمَاعَةٍ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُوَطَّأِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَمَنْ جَاءَ بِهن لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجنَّة وَفِي التِّرْمِذِيّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنِ انْتُقِصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكْمِلُ بِهَا مَا انْتُقِصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْكِتَابِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَابا.

.الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي الْأَوْقَاتِ:

وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّوْقِيتِ وَهُوَ التَّحْدِيدُ وَسُمِّيَ الزَّمَانُ وَقْتًا لَمَّا حُدِّدَ بِفِعْلٍ مُعَيَّنٍ فَكُلُّ وَقْتٍ زَمَانٌ وَلَيْسَ كُلُّ زَمَانٍ وَقْتًا وَالزَّمَانُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ اقْتِرَانُ حَادِثٍ بِحَادِثٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِنِ اقْتَرَنَ خَفِيٌّ بِجَلِيٍّ سُمِّيَ الْجَلِيُّ زَمَانًا نَحْوَ جَاءَ زيد طُلُوع الشَّمْس فطلوع الشَّمْس زمَان المجئ إِذَا كَانَ الطُّلُوعُ مَعْلُومًا وَالْمَجِيُّ خَفِيًّا وَلَوْ خَفِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ عِنْدَ ضَرِيرٍ أَوْ مَسْجُونٍ قلت لَهُ تطلع الشَّمْس عِنْد مجئ زيد فَيكون المجي زَمَانَ الطُّلُوعِ وَقِيلَ هُوَ حَرَكَاتُ الْفَلَكِ فَإِذَا تحرّك الْفلك بالشمس على أفقها فَهُوَ النَّهَارُ أَوْ تَحْتَهُ فَهُوَ اللَّيْلُ وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَزْمَانَ أَسْبَابًا كَمَا نَصَبَ الْأَوْصَافَ وَفِيهَا سَبْعَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي أَقْسَامِهَا:

قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَهِيَ تَنْقَسِمُ إِلَى وَقْتِ أَدَاءٍ وَوَقْتِ قَضَاءٍ وَإِلَى مَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا تَأْخِيرُهُ كَوَقْتِ الصُّبْحِ وَإِلَى مُوَسَّعٍ كَوَقْتِ الظُّهْرِ وَمُضَيَّقٍ كَوَقْتِ الْمَغْرِبِ وَإِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَوَاتُ كَوَقْتِ الصُّبْحِ وَإِلَى مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَوَاتُ كَوَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ الظُّهْرَ يَكُونُ أَدَاءً إِلَى الْغُرُوبِ وَالْمَغْرِبَ إِلَى الْفَجْرِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ أَرْبَعَةٌ:
بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى الْغُرُوبِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ النَّاسُ وَلَا يَلْحَقُ بِهَا الزَّوَالُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَيَلْحَقُ عَلَى رِوَايَةٍ وَالْمُسْتَنَدُ مَا فِي مُسلم أَنه قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَتُصَلُّوهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَفِي مُسْلِمٍ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوتَانا حَتَّى تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ تَقُومُ قَائِمَةُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَحِينَ تُضِيفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَمَا أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْفَضْلِ إِلَّا وَهُمْ يهجرون وَيُصَلُّونَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ مُعَارِضَةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُسْلِمٍ مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقتهَا وَهَذَا عَام فِي المفروضات الْمَنْسِيَّاتِ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ فَلَا جَرَمَ اسْتُثْنِيَتِ الْفَوَائِتُ وَمَا كَانَ مُؤَكَّدًا كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ لِتَأَكُّدِهِ بِالْعَادَةِ وَالنَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ فَيُصَلِّي الْقِيَامَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ الْجَنَائِزُ وَسُجُود التِّلَاوَة بعد الصُّبْح وَالْعصر وَقيل الْحمرَة على مَا فِي الْكتاب وَالْمَنْع فِيهَا فِي الْمُوَطَّأِ وَتَخْصِيصُ الْجَوَازِ بِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ أَمَّا إِذَا خَشِيَ عَلَى الْمَيِّت صَلَّى عَلَيْهِ مُطْلَقًا تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ صَوْنُ الْمَيِّتِ عَنِ الْفَسَادِ عَلَى الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ الْوَقْتُ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَوَقْتُ الْأَدَاءِ يَنْقَسِم خَمْسَةِ أَضْرُبٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ أَوَّلُ الْأَوْقَاتِ وتوسعة وَهُوَ آخِره وَوَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ أَوْقَاتُ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ وَوَقْتٌ مُشَابِهٌ لِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَوَقْتُ الضَّرُورَةِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ أَوِ الشَّمْسِ لِأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَقْتِ التَّوْسِعَةِ وَوَقْتِ الرُّخْصَةِ أَنَّ التَّأْخِيرَ إِلَى التَّوْسِعَةِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالتَّأْخِيرَ لِوَقْتِ الرُّخْصَةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِعُذْرٍ لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ إِمَّا حَظْرًا وَإِمَّا نَدْبًا وَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ مَثَلًا إِلَى آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْقَامَةِ إِلَّا لِعُذْرٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ آثِمًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا أَوْ مُضَيِّعًا لِمَنْدُوبٍ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ فِي مُتَعَمِّدِ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إِمَّا حَظْرًا وَإِمَّا نَدْبًا.