فصل: الْمَقْصد الرَّابِع السَّعْي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا:

لَا رَاكِبًا وَفِي الْكِتَابِ مَنْ طَافَ مَحْمُولا من عذر أَجزَأَهُ وَإِلَّا أعَاد أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ طَافَ رَاكِبًا أَعَادَ إِنْ لَمْ يَفُتْ وَإِنْ تَطَاوُلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْيُ مِنْ سُنَنِهِ الْأَرْبَعِ قَالَ سَنَدٌ الطَّوَافُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ تَتَعَيَّنُ مُبَاشَرَتُهَا وَالرَّاكِبُ أَقْرَبُ مِنَ الْمَحْمُولِ لِأَنَّ حَرَكَةَ دَابَّتِهِ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ فَإِنْ حَمَلَهُ مَنْ لَا يَطُوفُ لِنَفْسِهِ جَازَ لِلْعُذْرِ فَإِنْ كَانَ يَطُوفُ لِنَفْسِهِ وَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا عَنْهُ وَعَنِ الْمَحْمُولِ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يُجْزِئُ عَنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا حَكَاهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَعَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ وَعَنِ الْمَحْمُولِ فَقَطْ وَإِذَا قُلْنَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا فَكَذَلِكَ إِذَا ذَهَبَ الْعُذْرُ وَإِذَا قُلْنَا لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا فَأَوْلَى إِذَا ذَهَبَ الْعُذْرُ وَإِذَا قُلْنَا عَنِ الْمَحْمُولِ وَحْدَهُ وَجَبَ عَلَى الْحَامِلِ الْإِعَادَةُ وَتُسْتَحَبُّ لِلْمَحْمُولِ وَإِذَا قُلْنَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ أَعَادَ الْمَحْمُولُ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ لَا يُرِيدُ الطَّوَافَ أُمِرَ الْمَحْمُولُ بِالْإِعَادَةِ لِيَأْتِيَ بِسُنَنِهِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّ مَعَ فَقْدِهِ كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ كَسُجُودِ السَّهْوِ مَعَ الصَّلَاةِ قَالَتْ أم سَلمَة قلت لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنت راكبة» وَطَاف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا لَكِنْ لِعُذْرِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهُ لِيَسْتَفْتُوهُ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ جَبْرًا لِلتَّحَلُّلِ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش لَا دَمَ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الرُّكُوبُ لِمَنْ لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ وَلِمَالِكٍ فِي الْكُلْفَةِ وَحْدَهَا قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنْ طَافَ مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ.

.السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ: الدُّعَاءُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَاسْتَحَبَّ ش اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا قَالَ سَنَدٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ وَدُعَائِهِ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ وَاسِعٌ وَالْمُلْتَزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ: وَنَعْنِي بِالْمُلْتَزَمِ أَنَّهُ يَعْتَنِي وَيُلِحُّ بِالدُّعَاءِ عِنْدَهُ قَالَ مَالِكٌ وَيُقَالُ لَهُ الْمُتَعَوَّذُ أَيْضًا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَنِقَ وَيَتَعَوَّذَ بِهِ وَلَا يَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَلَا يحول ظَهْرَهُ لِلْبَيْتِ إِذَا دَعَا وَيَسْتَقْبِلُهُ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَدْنُو مِنْهُ وَلَا يلتصق وَفِي أبي دَاوُد لما خرج صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَعْبَةِ اسْتَلَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْبَيْتَ مِنَ الرب إِلَى الْحَطِيمِ وَوَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِهِمْ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالرُّكْنِ كَانَ مَنْ ظُلِمَ دَعَا فِيهِ عَلَى الظَّالِمِ فيتحطم وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ ويبسطهما ثمَّ يَقُول هَكَذَا رَأَيْته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَيُخْرِجُ وَبَصَرَهُ يَتْبَعُ الْبَيْتَ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِهِ وَفِي الْكِتَابِ يُكْرَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بِالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى بِذَلِكَ فِي الْحِجْرِ بَأْسًا وَلَمْ يَكْرَهْ مَالِكٌ الطَّوَافَ بِالنَّعْلَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ قَالَ سَنَد يسْتَحبّ دُخُول الْبَيْت لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ إِذَا دَخَلَهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَ الْأَمَانَ دَاخِلَ بَيْتِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ فِي بَيْتِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَمَانِي مَا تَأْمَنُنِي بِهِ أَنْ تَكْفِيَنِي مُؤْنَةَ الدُّنْيَا وَكُلَّ هَوْلٍ دُونَ الْجَنَّةِ حَتَّى تُبَلِّغَنِيهَا بِرَحْمَتِكَ وَأَمَّا الْحِجْرُ فَكَرِهَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ بَابُهُ بِالْأَرْضِ يَدْخُلُهُ السَّيْلُ فَهَدَمَتْهُ الْعَرَبُ وَرَفَعَتْ بَابَهُ وَضَمَّتْهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ قَالَ مَالِكٌ وَبِنَاءُ الْكَعْبَةِ هَذَا بِنَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَّا الْحَائِطَ الَّذِي فِي الْحِجْرِ فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ أَخْرَجَهُ إِلَى الْحِجْرِ فَهَدَمَهُ الْحَجَّاجُ وَرَدَّهُ إِلَى بِنَاءِ الْعَرَبِ وَرَدَمَ الْبَيْتِ حَتَّى عَلَا.

.السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ:

وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فُرُوعُهَا فِي دُخُول مَكَّة.
فَصْلٌ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَوْلَى مِنَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمْ يَجِدُونَ الصَّلَاةَ ببلدهم وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َيَنْزِلُ عَلَى الْبَيْتِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ وَجَوَابُ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ أِنَّ الطَّوَافَ يَشْتَمِلُ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ الطَّوَافُ مَعَ الصَّلَاةِ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَلَا مُنَافَاةَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَالنَّفْلُ أَفْضَلُ مِنَ الْجِوَارِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقُفُولِ بَعْدَ الْحَجِّ لِأَنَّهُ أَبْقَى لِهَيْبَةِ الْبَيْتِ فِي النُّفُوسِ وَفِي الْجُلَّابِ لَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ الْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى تَطَوُّعًا وَلَا بَأْسَ بِالطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ وَيُؤَخِّرُ الرُّكُوعَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّنَفُّلِ وَتَقْدِيمُ الْمَغْرِبِ عَلَى رُكُوعِ الطَّوَافِ أَوْلَى وَلَا يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوِ الصُّبْحِ إِلَّا أُسْبُوعًا وَاحِدًا وَيُكْرَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ وَتَأْخِيرُ رُكُوعِهَا حَتَّى تَرْكَعَ جُمْلَةً وَلْيَرْكَعْ عَقِبَ كل أُسْبُوع ركعتيه وَمَنْ أَحْدَثَ فِي طَوَافِهِ قَاصِدًا أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ انْتَقَضَ طَوَافُهُ وَتَطَهَّرَ وَابْتَدَأَهُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ تَوَضَّأَ وَسَعَى وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أثْنَاء سَعْيه توظأ وَبَنَى عَلَى سَعْيِهِ وَإِنْ مَضَى مُحْدِثًا أَجْزَأَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَرْكَعُ الطَّائِفُ لِطَوَافِ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ فَإِن لم يرْكَع حَتَّى طَال أَو انتفض وَضُوءُهُ اسْتَأْنَفَهُ فَإِنْ شَرَعَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَهُ وَرَكَعَ فَإِنْ أَتَمَّهُ أَتَى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ بركعتيه وأجزأه لِأَنَّهُ أَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَسَابِيعَ طُولٌ تَمْنَعُ الْإِصْلَاحَ وَتُوجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ اللَّخْمِيِّ وَإِطْلَاقُهُ الْإِجْزَاءَ وَوُجُوبَ الِاسْتِئْنَافِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ يُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذْهَبِ وَكَلَامِ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمَسَائِلُ الَّتِي يَجِبُ التَّطَوُّعُ فِيهَا بِالشُّرُوعِ سَبْعَة الْحَج وَالْعمْرَة وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَالْإِتْمَامُ وَالطَّوَافُ وَلَا يُوجَدُ لهَذِهِ السَّبْعَة ثَمَان وَقَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ التَّطَوُّعُ يَجِبُ تَكْمِيلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذِهِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الشُّرُوعَ فِي تَجْدِيد الْوضُوء وَغَيره من قرأة الْقُرْآن وَبِنَاء الْمَسَاجِد والصدفات وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ لَا يَجِبُ إِتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَليعلم ذَلِك.

.الْمَقْصد الرَّابِع السَّعْي:

وَأصل وُجُوبه وركنيته حَدِيث جَابر الْمُتَقَدّم فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} الْبَقَرَة 158 وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَلَّا لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ فَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ وَكَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ تُشِيرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ إِثْبَاتٌ لِلْجَوَازِ وَثُبُوتُ الْجَوَازِ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ بَلِ الْجَوَازُ مَعَ لَوَازِمِ الْوُجُوبِ فَلَوْ نُفِيَ الْحَرَجُ عَنِ التَّرْكِ أُبْطِلَ الْوُجُوبُ وَهِيَ جديرة بذلك رَضِي الله عَنْهَا لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُمَيْرَاءِ» وَفِي السَّعْيِ فَصْلَانِ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الشُّرُوطِ:

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:

.الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: التَّرْتِيبُ:

وَفِي الْكِتَابِ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَلم يحد مَالك فِي أَيِّ بَابٍ يَخْرُجُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصْعَدَ مِنْهُ وَمِنَ الْمَرْوَةِ أَعْلَاهُمَا حَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْعُوَ قَاعِدًا عَلَيْهِمَا إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَيَقِفُ النِّسَاءُ أَسْفَلَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ الصعُود إِلَّا أَن يخلوا فَيَصْعَدْنَ وَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُنَّ وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي الدُّعَاء احدا وَلَا لِطُولِ الْقِيَامِ وَقْتًا وَيُسْتَحَبُّ الْمَكْثُ عَلَيْهِمَا فِي الدُّعَاءِ وَتَرْكُ رَفْعِ الْأَيْدِي أَحَبُّ إِلَى مَالِكٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاة فَإِن بَدَأَ بالمروة زَاد شرطا لِيَصِيرَ بَادِئًا بِالصَّفَا قَالَ سَنَدٌ النَّاسُ يَسْتَحِبُّونَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ وَيُجْزِئُ السَّاعِي دُونَ الصُّعُودِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يَصْعَدُ الصَّفَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا يَجِبُ إِلْصَاقُ الْكَعْبَيْنِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يَبْلُغُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَقَالَ ش يَجِبُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الطَّوَافِ يَبْدَأُ بِالْحَجَرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُ إِذَا صَعِدَ الصَّفَا وَرَأَى الْبَيْتَ رَافِعًا يَدَيْهِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قَدِيرٌ ثُمَّ يَدْعُو بِمَا اسْتَطَاعَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيُهَلِّلُ مَرَّةً ثُمَّ يَدْعُو ثُمَّ يُعِيدُ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ ثُمَّ يَدْعُو يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ عِنْد مَالك وش خِلَافًا لِ ح لَنَا حَدِيثُ جَابِرٍ فَإِنْ خَرَجَ إِلَى بَلَدِهِ يُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِهِ كَمَنْ ترك شرطا من الطّواف.

.الشَّرْط الثَّانِي الْمُوَالَاة:

فِي الْكِتَابِ إِذَا جَلَسَ فِي سَعْيِهِ شَيْئًا خَفِيفًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ كَالتَّارِكِ ابْتَدَأَهُ وَلَا يَبْنِي وَلَا يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي وَلَا يَقِفُ مَعَ أَحَدٍ يُحَدِّثُهُ فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ خَفِيفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَصَابَهُ حقن تَوَضَّأ وَبنى الْكَلَام هُنَا وكالكلام فِي الطَّوَافِ وَهُوَ فِي السَّعْيِ أَخَفُّ وَلِذَلِكَ جُوِّزَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ.

.الشَّرْطُ الثَّالِثُ إِكْمَالُ الْعَدَدِ:

وَفِي الْكِتَابِ مَنْ ترك شرطا مَنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ فَاسِدَةٍ فَلْيَرْجِعْ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ سُؤَالٌ الصَّفَا أَفْضَلُ أَوِ الْمَرْوَةُ جَوَابُهُ الْمَرْوَةُ لِأَنَّ السَّاعِيَ يَزُورُهَا مِنَ الصَّفَا أَرْبَعًا وَيَزُورُ الصَّفَا مِنَ الْمَرْوَةَ ثَلَاثًا وَمَنْ كَانَتِ الْعِبَادَةُ فِيهِ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ.

.الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ صَحِيحٌ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ طَوَافٍ صَحِيحٍ وَلْيَسْعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَعُقَيْبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَوْ أَخَّرَهُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ عُقَيْبَ الْإِفَاضَةِ لَزِمَهُ الدَّمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلَوْ أَخَّرَهُ عُقَيْبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَفِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ حَجًّا ثُمَّ سَعَى لَا أُحِبُّ لَهُ سَعْيَهُ إِلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَده أَو جَامع رَأَيْته مجزيئا عَنْهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَأَمْرُ الدَّمِ خَفِيفٌ قَالَ سَنَدٌ وَقَدْ نَقَلَهُ الْبَرْذَاعِيُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا فَقَالَ إِذَا طَافَ وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا ثُمَّ سَعَى لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْزِئْهُ لَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا غَافِلًا عَنِ الْوَاجِبِ أَجْزَأَهُ كَالْغَفْلَةِ عَنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْوَاجِبِ وَقَصَدَ التَّطَوُّعَ فَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ اعْتِمَاد عَلَى نِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَإِنَّ الرَّفْضَ يُؤَثِّرُ فِيهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ.

.الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي سُنَنِهِ:

وَهِيَ خَمْسٌ:

.السُّنَّةُ الْأُولَى قَالَ سَنَدٌ: اتِّصَالُهُ بِالطَّوَافِ:

إِلَّا الْيَسِيرَ وَلَهُ أَنْ يَطُوفَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَيَسْعَى بَعْدَ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ طَافَ لَيْلًا وَأَخَّرَهُ حَتَّى أَصْبَحَ أَجَزْأَهُ إِنْ كَانَ بِوُضُوءٍ وَإِلَّا أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحِلَاقَ فَإِن خرج من مَكَّة أهْدى وأجزأه تَأْكِيدًا للتفريق بِالْحَدَثِ.

.السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ الطَّهَارَةُ:

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِنْ سَعَى جُنُبًا أَجْزَأَهُ.
قَالَ سَنَد: يسْتَحبّ الوضؤ أَو الطَّهَارَة لاتصاله بِالطّوافِ كخطبة الْعِيد قَالَ مَالك فِي الْكتاب وَالْأَصْل قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا حَاضَت أقض مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ فَخَصَّ الطَّهَارَةَ بِالطَّوَافِ.

.السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ الْمَشْيُ:

لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّوَافِ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَسْعَى رَاكِبًا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَقَدْ سعى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبًا لِلْعُذْرِ بِالِاسْتِفْتَاءِ سُؤَالٌ كَيْفَ يَصِحُّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَكِبَ فِي السَّعْيِ وَأَنَّهُ رَمَلَ جَوَابُهُ رَمَلَ بِزِيَادَةِ تَحْرِيكِ دَابَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاكب فِي حَجِّهِ وَمَشَى فِي عُمْرَتِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالْكَلَام فِي الْمَشْي هَا هُنَا كَالْكَلَامِ فِي الْمَشْيِ فِي الطَّوَافِ.

.السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ:

قَالَ سَنَدٌ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ وَاجِبٌ.

.السُّنَّةُ الْخَامِسَةُ الرَّمَلَانُ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ رَمَلَ فِي جَمِيعِ سَعْيِهِ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْمُلْ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَد فِي نَسيَه من جَمِيع سَعْيه كمن نَسيَه فِي جمع طَوَافِهِ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا إِنْ أَهْدَى لِتَرْكِ الرَّمَلَانِ فَحَسَنٌ وَقَالَ أَيْضًا يُعِيدُ إِلَّا أَنْ يَفُوتَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ مَا كَانَ فِي مَكَّةَ فَإِنْ فَاتَ أَهْدَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُعِيدُ وَعَلَيْهِ دَمٌ.

.الْمَقْصِدُ الْخَامِسُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ:

قَالَ سَنَدٌ خُطَبُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى إِذَا كَانَ سَابِعُ ذِي الْحِجَّةِ صَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ وَخَطَبَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْغُدُوِّ يَوْمَ الثَّامِنِ إِلَى مِنًى وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُعِدُّونَ الْمَاءَ لَهُ وَأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى لِحَاجِّ الْعَرَبِ وَيُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ وَخُرُوجَهُمْ إِلَى مِنًى لِيُصَلُّوا بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ وَالصُّبْحَ ثُمَّ يَغْدُونَ إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ إِلَى عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يَجْلِسُ فِي وسط هَذِه الْخطْبَة قَالَ مُطَرِّفٌ يَجْلِسُ وَيَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ وَيُكَبِّرُ فِي خِلَالِهَا وَكَذَلِكَ خُطَبُ الْحَجِّ كُلُّهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَةُ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَيُعَلِّمُ النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفَهُمْ بِهَا وَدَفْعَهُمْ وَنُزُولَهُمْ بِمُزْدَلِفَةَ وَصَلَاتَهُمْ بِهَا وَوُقُوفَهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَالدَّفْعَ مِنْهُ وَرَمْيَ الْجَمْرَةِ وَالْحِلَاقَ وَالنَّحْرَ وَالْإِفَاضَةَ وَالثَّالِثَةُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بِيَوْمٍ فِي أول أَيَّام الرَّمْي يخْطب فِي جَمِيعِهَا قَائِمًا يُظْهِرُ لِلنَّاسِ نَفْسَهُ عَلَى مِنْبَر أَو غَيره وَاخْتلف فِي خطبَته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى بَعِيرٍ أَحْمَرَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ يُشْعِرُ أَنَّهُ خَطَبَ على القصوى وَفِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ خَطَبَ عَلَى مِنْبَرٍ أَيْضًا.
فُرُوعٌ خَمْسَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَأَخَّرَ الْخُرُوجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَاللَّيْلَةَ الْمُقْبِلَةَ وَلَمْ يَبِتْ بِمِنًى وَغَدَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَرَفَاتٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُرِهَ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى كَمَا كُرِهَ تَرْكُهُ بِهَا بَعْدَ عَرَفَاتٍ وَقَالَ عَلَى مَنْ تَرَكَ لَيْلَةً كَامِلَةً أَوْ جُلَّهَا دَمٌ وَلَمْ يَرَ فِيهِ قَبْلَ عَرَفَة دَمًا وَيكرهُ التَّقَدُّم على مِنًى قَبْلَ التَّرْوِيَةِ أَوْ إِلَى عَرَفَةَ وَلَا يَتَقَدَّمُ النَّاسُ بِأَقْبِيَتِهِمْ إِلَيْهَا بَلْ يُقْتَدَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُرِهَ الْبُنْيَانُ الَّذِي اتَّخَذَهُ النَّاسُ بِمِنًى وَبُنْيَانُ مَسْجِدِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ مُحْدَثٌ بَعْدَ بَنِي هَاشِمٍ بِعِشْرِينَ سَنَةً قَالَ سَنَدٌ الْمَبِيتُ قَبْلَ عَرَفَةَ بِمِنًى لِلِاسْتِرَاحَةِ لَا لِإِقَامَةِ نُسُكٍ بِهَا وَبَعْدَهَا لإِقَامَة النّسك فَيكون نسكا فَيتَعَلَّق بترك الدَّمِ وَإِذَا حَضَرْتِ الْجُمْعَةُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقِيمِينَ وَالْأَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ شُهُودُهَا عِنْدَ أَصْبَغَ وَتَرْكُهَا لِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِمِنًى عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يكره أَشهب تقدم الْأَثْقَالِ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ لِتَعَلُّقِ الْمَنَاسِكِ بِالْأَبْدَانِ دُونَ الْأَثْقَالِ وَكَرَاهَةُ الْبِنَاءِ بِمِنًى لِأَنَّهَا حَرَامٌ لَا مِلْكَ فِيهَا فَلَا تُحْجَرُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَبْنِيَ لَكَ بَيْتا يظلك بمنى لَا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ وَقَالَ مَالِكٌ يَقْدُمُ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَبْلَ الشَّمْسِ وَمَنْ دَابَّتُهُ ضَعِيفَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَيسْتَحب الذّهاب رَاكِبًا لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ مَوْضِعُ الْخُطْبَةِ بِهِ الْيَوْمَ حَيْثُ كَانَ قَدِيمًا وَيَخْطُبُ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ ثَمَّتْ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إِنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ فَيَضْرِبُ الْإِمَامُ خِبَاءً أَوْ قُبَّةً بِهَا كَفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ النَّاسُ لِلْوُقُوفِ وَذَهَبُوا لِلْمَسْجِدِ ذَاكِرِينَ اللَّهَ تَعَالَى وَهَذَا الْمَسْجِدُ الْيَوْمَ هُوَ مَوضِع خطابته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى وَقْتِهَا وَإِنَّمَا هِيَ للتعليم وَالْأول أظهر تأسيا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأْخِيرُ الْأَذَانِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَحْسَنُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَالنَّفْي التَّخْلِيطِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا قَامَ الْإِمَامُ مِنَ الجلسة يسْتَحبّ تَطْوِيل الدُّعَاء لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ» وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبِيدًا من النَّار من يَوْم عَرَفَة وَإنَّهُ ليدنوا ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ» وَفِي الْجُلَّابِ يُجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بأذانين وَإِقَامَتَيْنِ وَقيل بإقاتين بِلَا أَذَانٍ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ فَاتَهُ الْإِمَامُ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ وَقَالَ أَيْضًا لَهُ الْجَمْعُ فِي رَحْلِهِ وَرُبَّمَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْن حبيب وش وح لَا يُتْرَكُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ أَلْبَتَّةَ لِلسُّنَّةِ.
تَنْبِيهٌ:
جَمَعَ الرَّشِيدُ مَالِكًا وَأَبَا يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَ أَبُو يُوسُفَ مَالِكًا عَنْ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافَقَ الْجُمُعَةَ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يُصَلِّهَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ قَدْ صَلَّاهَا لِأَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ وَصَلَّى بَعْدَهُمَا رَكْعَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجُمُعَةُ فَقَالَ مَالِكٌ أَجَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ كَمَا يَجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ وَسَلَّمَ لِمَالِكٍ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ دَفَعَ إِلَى عَرَفَاتٍ وَالنَّاسُ بَعْدَهُ وَالنُّزُولُ بِعَرَفَاتٍ وَمِنًى وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ حَيْثُ شِئْتَ لِمَا فِي حَدِيث جَابرقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «نحرت هَا هُنَا وَمنى كلهَا منحر ووقفت هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» وَقَالَهُ الْجَمِيعُ وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذَا تَمَّتِ الصَّلَاةُ بِعَرَفَةَ فَخُذْ فِي التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ اسْتَنِدْ إِلَى الْقَصَبَاتِ بِسَفْحِ الْجَبَلِ وَحَيْثُ يَقِفُ الْإِمَامُ أَفْضَلُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ مَالِكٌ لَا أُحِبُّ الْوُقُوفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ وَلَيْسَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ إِذَا وَقَفَ مَعَ النَّاسِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ وَادي عَرَفَة لَيْسَ من غرفَة وَلَا يُجْزِئُ الْوُقُوفُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْجِدِ عَرَفَةَ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يُصِبْ مَنْ وَقَفَ بِهِ قِيلَ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ لَا أَدْرِي وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْزِئُ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ الْإِجْزَاءَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ بِعَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ مَوْضِعُ الْخُطْبَةِ وَهُوَ خَطَبَ مَكَانَ الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ وَالرُّكُوبُ أَفْضَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْن حَنْبَل خلافًا ل ش للسّنة لما فِيهِ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الصَّوْمِ فَمَنْ وَقَفَ قَائِمًا فَلَا يَجْلِسُ إِلَّا إِذَا أَعْيي.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ وَقَفَ بِهِ مُغْمًى عَلَيْهِ حَتَّى دَفَعَ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِ ش لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ إِذَا طَرَأَ عَلَى الْإِحْرَامِ لَا يُفْسِدُهُ إِجْمَاعًا وَقَدْ دَخَلَتْ نِيَّةُ الْوُقُوفِ فِي نِيَّةِ الْإِحْرَام وَلذَلِك يُجْزِئُ النَّائِمَ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِيُّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ فَقَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلَكْتُ مَطِيَّتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ جَبَلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي من حج فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أدْرك مَعنا هَذِه الصَّلَاة وأتى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُجْزِئْهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ أَجَزْأَهُ وَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ الْإِغْمَاءُ حَتَّى دَفَعَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ ثَانِيَةً إِنْ أَفَاقَ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ كَالَّذِي يُغْمَى عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ إِنْ وَقَفَ مُفِيقًا ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ فَإِن وقف مغمى عَلَيْهِ فَلم يقف حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يُنَافِي التَّقَرُّبَ وَالنِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ فَأَوْلَى الْحُكْمِيَّةَ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ مِنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الصَّوْمَ تَرْكٌ وَالتَّرْكُ لَا يَتَوَقَّفُ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهَا عَلَى الشُّعُورِ بِهَا وَلَا الْقَصْدِ إِلَيْهَا بِدَلِيلِ الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ كُلِّ قَتْلٍ فِي الْعَالَمِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ تَشْعُرْ بذلك النُّفُوس وَلَا بذلك الْخُمُور إِنَّمَا يَكُونُ الصَّوْمُ فِعْلًا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الدُّخُول فِيهِ لَا جرام إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بَطَلَ وَالْحَجُّ فِعْلٌ حقيق فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الشُّعُورُ وَالْقَصْدُ وَلَاحَظَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ قُوَّةَ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ مَعَ أَعْظَمِ مُفْسِدَاتِهِ كالجماع وَغَيره وَأَشَارَ إِلَى الزَّوَال لِأَنَّهُ ابْتَدَأَ الدُّخُول فِي هَذَا الرُّكْن كَأَنَّهُ وَقَّتَ النِّيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ وَهُوَ كَالْفَجْرِ مَعَ الصَّوْمِ.
الْخَامِسُ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْوُقُوفِ حَتَّى دَفَعَ الْإِمَامُ أَجْزَأَهُ أَنْ يَقِفَ لَيْلًا وَأَسَاءَ وَيُهْدِي وَمَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ مَارًّا بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ إِنْ كَانَ قبل الْفجْر وَالْأَفْضَل فِي الْوَقْف الطَّهَارَة وروى الْأَبْهَرِيّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيُحِلَّ بِعُمْرَةٍ» وَهُوَ نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ اللَّيْلِ قَالَ سَنَدٌ إِذَا غُمَّ عَلَى النَّاسِ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فَأَكْمَلُوا وَوَقَفُوا التَّاسِعَ فَثَبَتَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِم وش وح يجزئهم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «حَجُّكُمْ يَوْمَ تَحُجُّونَ» أَيْ يَوْمَ يَحُجُّونَ فِيهِ اجْتِهَادًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الْحَجِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يجزئهم كَمَا لَو أخطوا الْمَكَانَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَبْلَ وُقُوفِهِمْ وَوَقَفُوا أَجْزَأَهُمْ وَهُوَ بَاطِلٌ لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ حَالَةَ الْمُبَاشَرَةِ وَإِنَّمَا الرُّخْصَةُ إِذَا وَقَفُوا معتقدين وَلذَلِك صِحَة الصَّلَاةُ مَعَ اعْتِقَادِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَبَطَلَتْ مَعَ اعْتِقَادِ خَطَئِهَا وَفِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ وُقُوفَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ مضواو عَلَى عَمَلِهِمْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي يَوْمِهِمْ أَوْ بعده ويتأخر النَّحْر وَعمل الْحَج كُله مَنْ لَمْ يَحُطَّ وَقَالَ ح إِنْ تَبَيَّنَ أَنه يَوْم التَّرويَة أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ وَأَلْحَقَهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا بِسُورَةِ بَرَاءَةٌ يَقْرَؤُهَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِعَرَفَةَ مَوْضِعِ اجْتِمَاعهم وَيَأْمُرهُمْ أَن لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَكَانَ حَجُّ الْجَمِيعِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تَحُجُّ فِي كُلِّ شَهْرٍ سَنَتَيْنِ فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ ذَا الْقَعْدَةِ وَتَأَخَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَإِذَا صَحَّ الْحَجُّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِشَهْرٍ فَأولى بِيَوْم وَفِي الْجَوَاهِر لوقفوا
صفحة البداية الفهرس << السابق 95  من  436 التالى >> إخفاء التشكيل