فصل: الْمَقْصِدُ الثَّامِنُ فِي الحلاق والذبائح وَتَرْتِيبِهِمَا مَعَ الرَّمْيِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْمَقْصِدُ السَّادِسُ الدَّفْعُ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ:

وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ لِمَنِ انْصَرَفَ مِنْ عَرَفَةَ الْمُرُورَ فِي غَيْرِ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَالسُّنَّةُ الدَّفْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَبْلَهُ يُجْزِئُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَا بِدَابَّتِهِ عِلَّةٌ فَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعَشَاءَ إِلَّا بِمُزْدَلِفَةَ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إِذَا أَتَاهَا لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْمُضِيَّ مَعَ النَّاسِ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ حَيْثُ كَانَ وَأَجْزَأَهُ قَالَ سَنَدٌ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ الْإِمَامُ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَإِذَا وَجَدَ فجوة أسْرع لما فِي الصِّحَاح كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَفَعَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ وَالْعَنَقُ السَّيْرُ الرَّفِيقُ وَالنَّصُّ رَفْعُ السَّيْرِ مِنْ قَوْلِكَ نَصَصْتُ الْحَدِيثَ إِذَا رَفَعْتُهُ إِلَى قَائِله ونصصت الْعَرُوس إِذا رفعتها فَوْقَ الْمِنَصَّةِ وَالْفَجْوَةُ الْفُرْجَةُ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ فَفَعَلَ ذَلِكَ الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي وَيُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْمِيدِهِ وَتَمْجِيدِهِ وَتَهْلِيلِهِ فِي السَّيْرِ لِمُزْدَلِفَةَ ومقامة بمنى لقَوْله تَعَالَى {فماذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} الْبَقَرَة 198 وَقَوله {فَذكرُوا الله كذكركم أباءكم أَو أَشد ذكرا} الْبَقَرَة 200 {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْبَقَرَة 203 وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَالْمَأْزِمَانِ جَبَلَانِ يَمُرُّ النَّاسُ بَيْنَهُمَا ومنهما عبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
فَائِدَة:
من التَّنْبِيهَات المأزمان تَنْبِيه مَأْزِمٍ وَالْمَأْزِمُ وَالْمَأْزِنُ الْمَضِيقُ وَهُمَا مَضِيقُ جَبَلَيْنِ بِمِنًى وَهُوَ مَهْمُوزٌ مَكْسُورُ الزَّايِ مَفْتُوحُ الْمِيمِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ دَفَعَ لَا يَنْزِلُ بِبَعْضِ تِلْكَ الْمِيَاهِ لِعَشَاءٍ أَوِ اسْتِرَاحَةٍ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ أَفْضَلُ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَكَذَلِكَ تَكَرُّرُ الْأَذَانِ قَالَ مَالِكٌ يَجْمَعُ إِذَا وَصَلَ قَبْلَ حَطِّ الرَّوَاحِلِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحُطُّ رَحْلَهُ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُ الْعِشَاءَ وَمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ بِمُزْدَلِفَةَ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ أَشْهَبُ وش وَابْنُ حَنْبَلٍ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ كَمَنْ صَلَّى قَبْلَ الْوُقُوفِ فَعَلَى هَذَا يُعِيدُ أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ ح نَظَرًا لاتباعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ وَقَفَ بَعْدَ دَفْعِ النَّاسِ وَهُوَ يَطْمَعُ بِلُحُوقِ الْإِمَامِ إِذَا أَسْرَعَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ لِيُصَلِّيَهَا مَعَ الإِمَام وَإِلَّا لم يجمع قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ ابْن قَاسم إِنْ طَمِعَ فِي وُصُولِ مُزْدَلِفَةَ ثُلُثَ اللَّيْلِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَإِلَّا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الشَّفَقِ فَلَا يَجْمَعُ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ مَعَ أَنَّهُ يُعِيدُ أَمَّا التَّأْخِيرُ فَلِأَنَّ الْعِشَاءَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا وَالسُّنَّةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْآخِرَةِ وَأَمَّا الِاسْتِيعَادُ فَلْيُعِدْ مَا بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَلَا يكبر عقيب الْمغرب وَالْعشَاء وَالصُّبْحِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ لِأَنَّ افْتِتَاحَ التَّكْبِيرِ عِنْدَ مَالك من الظّهْر وَعند ح من صبح يَوْم عَرَفَة وش ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الظُّهْرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَالصُّبْحُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ وَمَنْ بَاتَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنِ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُقِيمُ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَفَ مَعَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِم وح لَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ دَفَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَرَكَ الْمَبِيتَ وَفِي الْكِتَابِ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَمَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ بِالْفَجْرِ كَفَوَاتِ الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ وَلِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ جَبَلُ الْمُزْدَلِفَةِ يُقَالُ لَهُ قُزَحُ وَمَنْ أُتِيَ بِهِ الْمُزْدَلِفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ مَرَّ بِهَا وَلَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ نَزَلَ وَدَفَعَ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ أَوَّلَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ مَعَ الإِمَام وأجزأه وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْعُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَعَجَّلُ قَبْلَهُ وَوَاسِعٌ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَلَا يَقِفُ أَحَدٌ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِلَى الْإِسْفَارِ بَلْ يَدْفَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِذَا أَسْفَرَ وَلَمْ يَدْفَعِ الْإِمَامُ دَفَعَ النَّاسُ وَتَرَكُوهُ وَمَنْ لَمْ يَدْفَعْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} الْبَقَرَة 198 وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهِ فَلَا دم عَلَيْهِ عِنْد مَالك وح وش لِأَنَّهُ إِنَّمَا أحل بِدُعَاء فِي تربص وَوَافَقَ أَشهب ابْن الْقَاسِم هَا هُنَا فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَمُرُّ بِهِ بِمُزْدَلِفَةَ وَخَالَفَهُ فِي عَرَفَةَ لِأَنَّهَا رُكْنٌ وَأَمَّا النُّزُولُ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ وَمَنْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيتِ أَنَّ الْمَبِيتَ لِلِاسْتِرَاحَةِ غَيْرُ نُسُكٍ وَالنُّزُولُ الْوَاجِبُ يَحْصُلُ بِحَطِّ الرَّحْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الْمَبِيتِ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِغْرَاقُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ خِلَافًا لِ ش لِمَا فِي مُسلم أَن سَوْدَة استأذنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطِّ النَّاسِ فَأَذِنَ لَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهَا وَقْتًا مَخْصُوصًا وَقَالَ ح يَقِفُ بِالْمَشْعَرِ حَتَّى يُسْفِرَ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ لَنَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ حَتَّى يَرَوُا الشَّمْس على ثبير فخالفهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَفْعَلُ فِي الدّفع مَعَ الْمَشْعَرِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مِثْلَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ وَيُهَرْوِلُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ قَدْرَ رَمْيَةِ الْحَجَرِ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.

.الْمَقْصِدُ السَّابِعُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ:

وَفِي الْكِتَابِ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْم النَّحْر صُبْحًا سَبْعَ حَصَيَاتٍ رَاكِبًا وَفِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ مَاشِيًا وَإِنْ مَشَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ويجزيء قبل الشَّمْس ويعد الْفَجْرِ وَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَحِلُّ الرَّمْيُ وَالنَّحْرُ بِمِنًى وَقَبله لَا يجزيء وَيُعِيدُ وَتَكُونُ الْجِمَارُ أَكْثَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ قَلِيلا وبأخذها مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَرْمِي بِحَصَى الْجِمَارِ لِأَنَّهَا قَدْ رُمِيَ بِهَا وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ سَنَدٌ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَرْمِي بِأَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ وَاخْتلف فِي حَصى الْخذف فَقيل مثل الْبَاقِي وَقِيلَ مِثْلُ النَّوَاةِ وَقِيلَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وعرضا وَيكرهُ الْكَبِير لَيْلًا يُؤْذِيَ النَّاسَ وَالصَّغِيرُ مِثْلُ الْحِمَّصَةِ وَالْقَمْحَةِ لَا يُرْمَى بِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَأَكْبَرُ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ أَبْرَأُ لِلذِّمَّةِ لِأَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ وَزِيَادَةً وَالْحَجَرُ الْكَبِيرُ يُجْزِئُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَخْذُهَا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عِنْدُ رَاحِلَتِهِ هَاتِ الْتَقِطْ لِي فَالْتَقَطَ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لَقْطَهَا عَلَى كسرهَا للسّنة وَيسْتَحب تَقْدِيم الرَّمْي على غير إِذَا أَتَى مِنًى لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْحَرَمِ وَلَا يخْتَص بِنَجس بَلْ مَا يُسَمَّى حَصًى حَجَرًا أَوْ رُخَامًا أَوْ تُرَابًا وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مَنْعُ الطِّينِ وَالْمَعَادِنِ المتطرقة كالحديد وَغير المتطرقة كالزرنيخ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يَجُوزُ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنَ الْأَرْضِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَجَوَّزَهُ دَاوُدُ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى بِالْعُصْفُورِ الْمَيِّتِ وَسَلَّمَ ح مَنْعَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَنَقِيسُ عَلَيْهَا وَلَا يُرْمَى بِمَا رُمِيَ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَتَبَادَرَ النَّاسُ إِلَى جماره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ رَمَى بِمَا رَمَى بِهِ هُوَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَّا لَا يُجْزِئُهُ بِخِلَافِ مَا رَمَى بِهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَجِدْ هَذَا الْفَرْقَ إِلَّا للزموني مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ رَمَى بِمَا رَمَى بِهِ غَيره أَجزَأَهُ عِنْد مَالك وش خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ حَنْبَلٍ مُحْتَجِّينَ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَن مَا يقبل يُقَابل مِنْ ذَلِكَ يَرْفَعُ فَلَا يَتَقَرَّبُ بِمَا لَمْ يُقْبَلْ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الطَّهَارَةِ لنا أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ وَالْقِيَاس على شُرُوط الْحُدُود وَالثَّوْب فِي الصَّلَاةِ وَالطَّعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَيُمْنَعُ الْحُكْمُ فِي قِيَاسِهِمْ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَوْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ أَجْزَأَهُ قَالَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنِ الْمَذْهَبِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهَا فَإِنْ قَدِمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ رَمْيٍ أَخَّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَبَ لِأَنَّ الرَّمْيَ رَاكِبًا إِنَّمَا يَكُونُ لِلْعَجَلَةِ وَالْمَشْيُ فِي الْقُرُبَاتِ أَفْضَلُ وَدُخُولُ الْوَقْتِ بالنحر عِنْد مَالك وح وَابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ السَّلَفِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ اللَّيْلَ زَمَانُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالرَّمْيَ يُحَلِّلُ وَغَيْرُ مُنَاسِبٍ وُقُوعُ التَّحَلُّلِ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّهَا لَيْلَةٌ لَا يَصْلُحُ الرَّمْيُ فِي أَوَّلِهَا فَلَا يَصْلُحُ فِي آخِرِهَا كَيَوْمِ عَرَفَةَ عَكْسُهُ يَوْمُ النَّحْرِ وَجَوَّزَهُ ش فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ اللَّيْلِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفَجْرِ صَلَاةَ الْفَجْرِ أَوْ يكون خَاصّا بهَا جَمِيعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَفِي الْكِتَابِ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَيُسْتَحَبُّ رَمْيُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا أَجْزَأَهُ فَفِي حَدِيثِ جَابر رَمَاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَطْنِ الْوَادِي وَقَدْ رَمَاهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَعْلَاهَا لِزِحَامِ النَّاسِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا إِلَى اللَّيْلِ رَمَاهَا لَيْلًا وَإِنْ نَسِيَ بَعْضَهَا رَمَى عَدَدَ مَا تَرَكَ وَلَا يَسْتَأْنِفُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُهْدِيَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ فَالْأَدَاءُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ وَتَرَدَّدَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ هَلْ هِيَ أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَالْقَضَاءُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ مَا بَعْدَهُ وَلَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ مَعَ الْفَوَاتِ وَلَا فِي سُقُوطِهِ مَعَ الْأَدَاءِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ وسقوطه مَعَ الْقَضَاء فَفِي الْمُوَطَّأ أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عِنْدَ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ مِنَ الْغَدِ أَو بَعْدَ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ وَلَوْلَا أَن الْوَقْت الرَّمْيِ لَمَا جَازَ تَأْخِيرُهُمْ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُؤَخَّرُ لِلضَّرُورَةِ إِلَّا فِي وَقْتِ أَدَائِهَا كَالصَّلَوَاتِ وَلَا يَبْطَلُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ شَيْءٍ مِنَ الْجِمَارِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْطُلُ بِفَوَاتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ فَجَعَلَهَا شَرْطًا وَلِأَنَّهَا عِبَادَةُ سَبْعٍ فَتَكُونُ رُكْنًا كَالطَّوَافِ لَنَا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَمَا فَاتَتْ بِخُرُوجِ زَمَانِهَا كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَهِيَ تَفُوتُ بِخُرُوجِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَا تَكُونُ رُكْنًا كَسَائِرِ الْجَمَرَاتِ وَقِيَاسُهَا عَلَى الْجَمَرَاتِ أَوْلَى مِنَ الطَّوَافِ.

.الْمَقْصِدُ الثَّامِنُ فِي الحلاق والذبائح وَتَرْتِيبِهِمَا مَعَ الرَّمْيِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ حَلَقَ قَبْلَ الْجَمْرَةِ افْتَدَى وَيَذْبَحُ بَعْدَهَا فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَهَا أَوْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي يُفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ بِمِنًى الرَّمْيُ وَالْهَدْيُ وَالْحِلَاقُ وَالرَّابِعَةُ الْإِفَاضَة لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فَدَعَا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ ثُمَّ دَعَا بِالْحَلَّاقِ وَوَافَقَنَا فِي الْفِدْيَةِ ح وَابْنُ حَنْبَل وَتردد قَول الشَّافِعِيَّة للِاخْتِلَاف عِنْدَهُمْ هَلْ هِيَ نُسُكٌ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ أَحَدُ مَا يُتَحَلَّلُ بِهِ أَوْ إِطْلَاقٌ مَحْصُورٌ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَقَوْلُنَا أَبْيَنُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نُسُكًا فَهُوَ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَمَّا الذَّبْحُ قَبْلَ الرَّمْيِ فَلِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ وقف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حجَّة الْوَدَاع للنَّاس يسألونه فجَاء فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ فَقَالَ اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِنِ ابْتَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسُقُوطِهِ وَإِنِ ابْتَدَأَ بِالْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ فسقوط الْفِدْيَة لمَالِك وش وَوُجُوبُهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ ح إِنْ كَانَ مُفْرِدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعا لزمَه لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} الْبَقَرَة 196 فَشَرَطٌ فِي جَوَازِ الْحَلْقِ نَحْرُ الْهَدْيِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِنْ قَدَّمَ الْحِلَاقَ عَلَى الذَّبْحِ أَوِ الرَّمْيِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَجَوَابُ ح أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَإِنَّمَا بَقِيَ ذَبْحُهُ وَلَمْ يَقُلْ حَتَّى يُذْبَحَ وَفِي الْكِتَابِ الذَّبْحُ ضَحْوَةٌ فَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَ وَمَنْ جَامَعَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْحِلَاقِ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَبَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُفَرَّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً وَإِنْ جَامَعَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ فَإِنْ وَطِئَ بعد يَوْم النَّحْر قبل الْإِفَاضَة وَالرَّمْي أجرأه الْحَجُّ وَيَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَإِنْ وَطِئَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ ثُمَّ ذَكَرَ شَوْطًا مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ كَمَّلَ الْأَشْوَاطَ وَرَكَعَ ثُمَّ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي.
قَالَ سَنَدٌ: يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَلِكَ جَازَ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الوطئ قَبْلَ الْوُقُوفِ يُفْسِدُ الْحَجَّ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحِلَاقِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ وَيَفْسَدُ الطَّوَافُ إِذَا وَطِئَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ الرَّمْيِ قَالَ عبد الْوَهَّاب وَهُوَ أَقيس ومروي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَالَ ح عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِأَنَّهَا حَالَةٌ أَمِنَ فِيهَا الْفَوَاتَ فَيُؤْمَنُ فِيهَا الْفَسَادُ كَبَعْدِ الطَّوَافِ لَنَا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْحَجِّ رُكْنَانِ فَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بَاقٍ كَمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَعِنْدَ ح فِي الْهَدْي الْبَدنَة وش الشَّاة لنا أَن الوطئ الْمُحَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ سَبَبُ الْهَدْيِ وَهُوَ يَصْدُقُ على الْجَمِيع فَيُؤْمَر بالأعلى لِعَظِيمِ جِنَايَتِهِ وَيُجْزِئُهُ أَقَلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْهَدْيِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ انْتَقَلَ إِلَى الصَّوْمِ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ فِي الْمُتْعَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إِذَا جَامَعَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ أَنَّ حَجَّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} الْبَقَرَة 167 وَالنَّهْيُ يَدُلُّ على الْفساد وَبِالثَّانِي قَالَ ح لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا وَطِئَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمْرَةِ فَلَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ إِحْرَامِهِ فَيُؤْمَرُ بِتَكْمِيلِ الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ لِيَصِحَّ الدُّخُولُ فِي إِحْرَامٍ آخَرَ كَمَنْ سَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ يُحْرِمُ لِيَرْجِعَ إِلَيْهَا فَإِحْرَامُهُ هَا هُنَا الْعُمْرَةُ وَفِي الْكِتَابِ أَكْرَهُ الطِّيبَ بَعْدَ الرَّمْيِ حَتَّى يُفِيضَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَخَذَ مِنْ أَظْفَارِهِ وَلِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَاسْتَحَدَّ وَلَوْ أَطَلَى بِالنَّوْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْلَالِ لِفِعْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ وَالْحِلَاقُ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ لِبَلَدِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ أَو قصر وَأهْدى وَمن ظفر أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَعْمِيمِ التَّقْصِيرِ لِجُمْلَةِ شَعْرِهِ وَمَنْ ضَلَّتْ بَدَنَتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَخَّرَ الْحِلَاقِ وَطَلَبَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَصَابَهَا وَإِلَّا حَلَقَ وَفَعَلَ فِعْلَ مَنْ لَمْ يُهْدِ مِنْ وطئ النِّسَاء وَغَيره كَانَ الْهَدْي مِمَّا عَلَيْهِ بدله أَو لَا قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِن قصرا أَو قصرت بَعْضًا وَأَبْقَيَا بَعْضًا ثُمَّ جَامَعَهَا عَلَيْهِمَا الْهَدْيُ وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ» ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُقَصِّرِينَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْحِلَاقِ على التَّقْصِير وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ على النِّسَاء الْحلق وَإِنَّمَا عَلَيْهِنَّ التَّقْصِير وَقَالَ تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رؤسكم وَمُقَصِّرِينَ} الْفَتْح 27 وَهُوَ يَقْتَضِي جُمْلَةَ الرَّأْسِ قَالَ سَنَدٌ الْخِلَافُ فِي اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ حَلْقًا كَالْخِلَافِ فِي اسْتِيعَابِهِ مَسْحًا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّحَلُّلُ يَقَعُ فِي الْحَجِّ فِي الْجَمْرَةِ لِتَقَدُّمِ الْأَرْكَانِ وَفِي الْعُمْرَةِ بِالْحِلَاقِ لِأَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ فِيهَا فَنَظِيرُهُ الْوُقُوفُ فَيَقَعُ التَّحَلُّلُ بِالْحَلْقِ وَفِي فَسَادِ الْعُمْرَةِ بالوطئ قَبْلِ الْحِلَاقِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِحْلَالِ أَمْ لَا وَالتَّحَلُّلُ تَحَلُّلَانِ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ خُرُوجُ وَقْتِهَا وَالثَّانِي الْفَرَاغُ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَيَحِلُّ بِالْأَوَّلِ كُلُّ مَا حُرِّمَ بِالْإِحْرَامِ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ وَالصَّيْدَ قَالَهُ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَيَخْتَلِفُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فِي الثِّيَابِ وَالصَّيْدِ وَاللَّمْسِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالطِّيبِ وَالْمَذْهَبُ التَّحْرِيمُ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ وَفِي الْجُلَّابِ إِنْ تَطَيَّبَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَإِنْ وَطِئَ فَحَجُّهُ تَامٌّ وَيُهْدِي وَيَعْتَمِرُ قَالَ سَنَدٌ وَالْحِلَاقُ يَتَعَلَّقُ بِزَمَانِ الْحَجِّ لَا بِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِمَاطَةُ الشَّعْرِ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَلَا يُخْرَجُ بِهِ عَنْ أَشْهُرِهِ وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِمِنًى بَعْدَ النَّحْرِ اقْتِدَاء بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هُوَ زَمَانُ الْحِلَاقِ الَّذِي يَفُوتُ بِهِ فَرَأَى فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ زَمَانُ الرَّمْيِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَبَاعَدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحِلَاقِ وَالتَّقْصِيرِ لِمَرَضٍ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ إِنْ وَجَدَ وَإِلَّا فَبَقَرَةٌ وَإِلَّا فشَاةٌ وَإِلَّا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً وَفِي الْكِتَابِ يُمِرُّ الْأَقْرَعُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِهِ وَقَالَهُ ح وَعِنْدَ ش لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِجُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ فَيَسْقُطُ بِذَهَابِهِ كَالطَّهَارَةِ فِي الْيَدَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فِدْيَةً قَبْلَ التَّحَلُّلُ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَنَّ الْوَسَائِلَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَقَاصِدِ وَإِمْرَارُ الْمُوسَى وَسِيلَةٌ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ لَنَا فِعْلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَتَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ حَلَقَ بِالنَّوْرَةِ أَجْزَأَهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ كَمَا يَحْصُلُ التَّقْصِيرُ بِالْمِقْرَاضِ وَالْفَمِ وَقَالَ بِهِمَا الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ قَصَّرَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَمَا أَخَذَ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا التَّقْصِيرُ فِي جُمْلَةِ شُعُورِهِنَّ قَالَ ابْنُ أبي زيد يجز المقصر شعره منَّة أُصُولِهِ وَقَالَ ش يُجْزِئُ النِّسَاءَ حَلْقُ ثُلُثِ شعورهن وَقَالَ ح الرّفْع بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ إِذَا أَذَى الْمَرْأَةَ الْقمل أَو الشّعْر فلهَا الْحلق وتقصر الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ قَدْرُ الْأُنْمُلَةِ وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالصَّغِيرَةُ تُفَارِقُ الْمَرْأَةَ فِي الْحِلَاقِ لِعَدَمِ الْمُثْلَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُعْتَمِرِ تَأْخِيرُ خلاقه بل يصله.