فصل: الْمَقْصِدُ الْعَاشِرُ رَمْيُ مِنًى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْمَقْصد التَّاسِع طواف الْإِفَاضَة:

وَهُوَ الطَّوَافُ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ تَفْرِيعَاتٌ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ تَعْجِيلُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ وَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَذَهَبَ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ فَلَا بَأْسَ خِلَافًا لِ ش إِنْ أَخَّرَهُ مَعَ السَّعْيِ بَعْدَ مِنًى حَتَّى تَطَاوَلَ طَافَ وَسَعَى وَأَهْدَى وَلَهُ تَأْخِيرُ السَّعْيِ إِلَى وَقت تَأْخِير الْإِفَاضَة وَكره مَالك تَسْمِيَة طواف الزِّيَارَة وَقَوْلهمْ زرنا قبر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْظِيمًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الزَّائِرَ مُتَفَضِّلٌ عَلَى الْمَزُورِ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ زُرْنَا السُّلْطَانَ لِمَا فِيهِ من إِبْهَام الْمُكَافَأَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَأَصْلُ فَرِيضَتِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا أَوَّلُ وَقْتِهِ فَلَا يَجُوزُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ إِجْمَاعًا وَتَحْدِيدُ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَحْدِيدِ أَوَّلِ وَقْتِ الرَّمْيِ هَلْ هُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ طُلُوعُ الْفجْر أَو نصف اللَّيْل وَأما تَحْدِيدُ آخِرِ وَقْتِهِ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لِتَمَامِ الشَّهْرِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ بِدُخُولِ الْمُحَرَّمِ وَقَالَ ح آخِرُهُ الْيَوْمُ الثَّانِي فَبِدُخُولِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَجِبُ الدَّمُ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ لِآخِرِ وَقْتِهِ حَدٌّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حَدٌّ لَمَا صَحَّ فِعْلُهُ بَعْدَهُ كَالرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الْبَقَرَة 197 فَحَصَرَهُ فِي الْأَشْهُرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُقُوف أَنه إِنَّمَا يَأْتِي بعد التَّحْلِيل وَحُصُول مُعظم الْحَج بِالْوُقُوفِ بِالطَّوَافِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ عَمَلِ النَّاسِ وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَلَهُ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يُصَلِّيَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ أَفَاضَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ الرُّجُوعُ إِلَى مِنًى وَلَا يُقيم لصَلَاة الْجُمُعَة وَقَالَ ابْن حبيب لمن أَفَاضَ أَن ينْتَقل بِالطَّوَافِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَجْزَأْتُهُ الْإِفَاضَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِئُهُ وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ الْإِعَادَةَ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ نَفِسَتْ لَا تَبْرَحُ حَتَّى تُفِيضَ وَيُحْبَسُ عَلَيْهَا كَرْيُهَا أَقْصَى جُلُوسِ النِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ وَالِاسْتِطْهَارِ أَوِ النِّفَاسِ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام ذكر صَفِيَّة بنت حييّ فَقيل لَهُ إِنَّهَا حَاضَت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قد طافت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا إِذًا وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ أَشْهَبُ يُحْبَسُ الْكَرْيُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا رَوَى غَيْرُهُ ذَلِكَ مَعَ الِاسْتِطْهَارِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ هَذَا فِي زَمَنِ الْأَمْنِ أَمَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَة ابْن الْقَاسِمِ فَيَتَجَاوَزُ الدَّمُ مُدَّةَ الْحَبْسِ فَهَلْ تَطُوفُ أَوْ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَوْلَانِ قَالَ سَنَدٌ هَذَا إِنْ كَانَ الْكَرِي يُمْكِنُهُ الِانْفِرَادُ بِالسَّيْرِ أَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ الَّذِينَ لَا يَرُوحُونَ الأحِمْيَةً فَأَمْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَنِ الْحَجِّ عَادَةً وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ صَرَّحَتْ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَأَبَاهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهِيَ كَالْمَحْصُورَةِ بِالْعَدُوِّ وَلَا يَلْزَمُهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَرَوَى سَحْنُونٌ أَنَّهَا تَطُوفُ لِلْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ وَلِأَنَّهُ يُسْتَبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآن للحائض لضَرُورَة النسْيَان وَهَا هُنَا أَعْظَمُ قَالَ مَالِكٌ وَتَحْبِسُ الْقَافِلَةَ إِنْ كَانَتْ إِقَامَتُهَا الْيَوْمَيْنِ قَالَ مَالِكٌ فَلَوْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ عُمْرَةً فِي الْحَرَمِ فَحَاضَتْ قَبْلَهَا لَا يُحْبَسُ وَلَا يُوضَعُ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ وَفَرَّقَ مَالِكٌ مَرَّةً بَيْنَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْكَرِيُّ فَقَالَ الْحَيْضُ شَأْنُ النِّسَاءِ فَهُوَ دَخَلٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النِّفَاسِ وَحَيْثُ قُلْنَا تَحْبِسُهُ فَلَا يُزَادُ شَيْئًا.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ الطَّوَافُ مَعَ السَّعْيِ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَوْ عَجَّلَهُمَا قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ وَأَعَادَهَا بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ وَرَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَأَهْدَى وَفِي الْجُلَّابِ إِذَا أَخَّرَ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيَ عَامِدًا حَتَّى خَرَجَ إِلَى مِنًى فَلْيَطُفْ وَلْيَسْعَ إِذَا رَجَعَ وَيُهْدِي فَإِنْ تَرْكَهَا نَاسِيًا فَلْيَسْعَ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي فِي الدَّمِ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَقَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ الْإِفَاضَةِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ فَإِنْ أَخَّرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْمُحَرَّمِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَمَنْ نَسِيَ الْإِفَاضَةَ وَقَدْ طَافَ لِلْوَدَاعِ أَجْزَأَهُ إِذَا بَعُدَ إِمَّا لِلْمَشَقَّةِ وَإِمَّا لِأَن أَرْكَان الْحَج لَا نفتقر إِلَى النِّيَّةِ فِيمَا يُعِينُ الطَّوَافَ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُجْزِئُهُ قَالَ سَنَدٌ يَرْجِعُ لِلْإِفَاضَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَافَ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُعَيَّنِ الْوَدَاعَ نَظَائِرُ يُجْزِئُ غَيْرُ الْوَاجِبِ عَنِ الْوَاجِبِ فِي الْمَذْهَبِ فِي سَبْعِ مَسَائِلَ عَلَى الْخلاف فِيهَا من جدد وضوئِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ حَدَثَهُ أَوِ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ أَوْ نَسِيَ لُمْعَةً مِنَ الْغَسْلَةِ الْأَوْلَى فِي وُضُوئِهِ ثُمَّ غَسَلَ الثَّانِيَةَ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ أَو من سلم من اثْنَتَيْنِ تمّ أَعْقَبَهُمَا بِرَكْعَتَيْنِ نَافِلَةٍ أَوِ اعْتَقَدَ السَّلَامَ وَلَمْ يَكُنْ سَلَّمَ ثُمَّ كَمَّلَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنَ الرَّابِعَةِ وَقَامَ إِلَى خَامِسَةٍ أَوْ نَسِيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَطَافَ لِلْوَدَاعِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ يُجْزِئُ الْقَارِنُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التِّرْمِذِيِّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَقَالَ ح عَلَيْهِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ لِمَا يُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ حج قَارنا وَطَاف لَهما طوافين سعى لَهما سعييين ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنَّ الْقَوْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُرَاهِقًا يَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ وَهُوَ مُفْرِدٌ أَوْ قَارِنٌ فَلْيَدَعِ الطَّوَافَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخَّرَتْهُ لِلْحَيْضِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ دَخَلَ مَكَّةَ أَوِ الْحَرَمَ أَمْ لَا وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَتَعَلَّقُ بِمَكَّةَ لَا بِالْحَجِّ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ وَالْمَذْهَبُ يَرَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِحْرَامِ وَالْمُفْرِدُ إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى وُضُوءٍ وَلَمْ يَسْعَ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبَ وَالثِّيَابَ فَلْيَرْجِعْ لَابِسًا لِلثِّيَابِ حَلَالًا إِلَّا مِنَ النِّسَاءِ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبِ فَيَعْتَمِرُ وَيَسْعَى ثُمَّ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ لِأَنَّهُ حَلَقَ بِمِنًى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي الثِّيَابِ لِأَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ أَحَلَّتْهَا لَهُ بِخِلَافِ الْمُعْتَمِرِ لَا تَحِلُّ لَهُ الثِّيَابُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ السَّعْيِ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ وَلَا دَمَ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ الَّذِي طافه على غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَهُوَ مَعْذُورٌ كَالْمُرَاهِقِ وَالْعُمْرَةُ مَعَ الْهَدْيِ تُجْزِئُهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَقُولُونَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَصَابَ النِّسَاءَ عَلَيْهِ هَدْيَانِ لِلْفَسَادِ وَالتَّفْرِيقِ وَيُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ لِطَوَافِهِ الَّذِي طَافَهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ كَمَا اخْتُلِفَ فِيمَنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَأَمَّا لَوْ طَافَ الْمُعْتَمِرُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَفِي الْكِتَابِ إِنْ ذَكَرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِمَكَّةَ أَوْ بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ حَرَامًا فَيَطُوفَ وَإِنْ حَلَقَ افْتَدَى وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ جَزَاءٌ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إِحْرَامِهِ.

.الْمَقْصِدُ الْعَاشِرُ رَمْيُ مِنًى:

وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يُرْوَى فِي رَمْيِ الْجِمَارِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أُمِرَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ سَارَتِ السَّكِينَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَأَنَّهَا قُبَّةٌ فَكَانَ إِذَا سَارَتْ سَارَ وَإِذَا نَزَلَتْ نَزَلَ فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ وَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ مَعَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ حَتَّى أَتَيَا الْعَقَبَةَ فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَرَمَاهُ ثُمَّ مَرَّ بِالثَّانِيَةِ فَعَرَضَ لَهُ فَرَمَاهُ ثُمَّ مَرَّ بِالثَّالِثَةِ فَعَرَضَ لَهُ فَرَمَاهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ رَمْيِ الْجِمَارِ تَذْكِيرًا بِآثَارِ الْخَلِيلِ وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ بِبَقَاءِ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه ثُمَّ مَشَى مَعَهُ يُرِيهِ الْمَنَاسِكَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عَرَفْتَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى الْبَيْتَ عَلَى مَوْضِعِ السَّكِينَةِ وَيُرْوَى أَنَّ الْكَبْشَ الَّذِي فُدِيَ بِهِ إِسْحَاقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَرَبَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاتَّبَعَهُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَمْرَةِ الْأَوْلَى فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فَأَفلَت عِنْدهَا فجَاء الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَأخْرجهُ عَنْهَا فَرَمَاهُ بِأَرْبَع حَصَيَات فَأَفلَت عِنْدهَا فجَاء الْجَمْرَة الْكُبْرَى حمرَة الْعَقَبَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَأَخَذَهُ عِنْدَهَا فَجَاءَ بِهِ الْمَنْحَرَ فَذَبَحَهُ.
فَائِدَةٌ:
الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْحَصَاةِ وَمِنْهُ الِاسْتِجْمَارُ أَيْ اسْتِعْمَال الْحِجَارَة فِي إِزَالَة الْأَذَى عَن الْمخْرج وَقَدْ تَقَدَّمَ صِفَةُ الْجِمَارِ وَقَدْرُهَا فِي الْعَقَبَةِ وَأُلَخِّصُ هَذِهِ الْجِمَارَ فِي تَفْرِيعَاتٍ سِتَّةٍ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ يَرْمِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَاشِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ قَدِمَ قَبْلَهُ أَعَادَ بَعْدَهُ وَجَوَّزَهُ ح فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يُجَاوِرُهُ يَوْمٌ لَا رَمْيَ فِيهِ فَأَشْبَهَ يَوْمَ نَحْرٍ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلرَّمْيِ وَقْتُ أَدَاءٍ وَوَقْتُ قَضَاءٍ وَوَقْتُ فَوَاتٍ فَالْأَدَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ وَتَرَدَّدَ أَبُو الْوَلِيدِ فِي اللَّيْلِ وَالْفَضِيلَةُ تَتَعَلَّقُ بِعُقَيْبِ الزَّوَالِ وَالْقَضَاءُ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا بَعْدَهُ وَلَا قَضَاءَ لِلرَّابِعِ فَإِنْ تَرَكَ جَمْرَةً أَتَى بِهَا فِي يَوْمِهَا إِنْ ذَكَرَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يكون الْأُولَى أَوِ الْوُسْطَى فَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا لِلتَّرْتِيبِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ يَوْمِهَا أَعَادَ مَا كَانَ فِي وَقْتِهِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ يَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ فَوْقِهِمَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْجَمْرَةَ الْأُولَى تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الْوُسْطَى تَلِيهَا إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَهِيَ الْبَعِيدَةُ إِلَى مِنًى وَأَقْرَبُهَا إِلَى مَكَّةَ وَتَرْتِيبُ الرَّمْيِ مَنْقُولٌ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ دَمٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ هَيْئَةُ نُسُكٍ وَلَيْسَ نُسُكًا فَإِنْ رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي مَرَّةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَهِيَ كَوَاحِدَةٍ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ مُفَرَّقًا وَيُوَالِي بَيْنَ الرَّمْيِ وَلَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ الْحَصَاتَيْنِ شَيْئًا وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ أَجْزَأَهُ وَلَا يُبَدِّلُ التَّكْبِيرَ بِالتَّسْبِيحِ وَيَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَضَعَ الْحَصْبَاءَ أَوْ طَرَحَهَا لَمْ يُجْزِئْهُ فَإِنْ رَمَى بِحَصَاةٍ فَوَقَعَتْ قُرْبَ الْجَمْرَةِ فَإِنْ وَقَعَتْ مَوْضِعَ حَصَاةِ الْجَمْرَةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغِ الرَّأْسَ وَإِنْ سَقَطَتْ فِي مَحْمَلِ رَجُلٍ فَنَفَضَهَا صَاحِبُ الْمَحْمَلِ فَسَقَطَتْ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَامِيًا بِهَا وَلَوْ أَصَابَتِ الْمَحْمَلَ ثُمَّ مَضَتْ بِقُوَّةِ الرَّمْيَةِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ إِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الرَّمْيِ مِنْ فِعْلِهِ صَحَّ كَمَا لَوْ صَادَفَتْ مَوْضِعًا صُلْبًا أَوْ عُنُقَ بَعِيرٍ أَوْ رَأْسَ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَاحَتْ لِلرَّمْيِ وَالْفَرْقُ أَنَّ هَذَا مَنْسُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَالَ سَنَدٌ الْعَقَبَةُ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ وَالْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْجَمْرَةِ وَتَدَحْرَجَتْ إِلَيْهَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ فَلَوْ شكّ فِي وصولها فَالظَّاهِر عدم الإجراء وَعِنْدَ ش قَوْلَانِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فَلَوْ وَقَعَتْ دُونَ الْمَرْمَى عَلَى حَصَاةٍ فَصَارَتِ الثَّانِيَةُ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَذَلِكَ إِذَا رَمَى لِغَيْرِ الْجَمْرَةِ قَصْدًا فَوَقَعَتْ فِيهَا لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَوْ قَصَدَ الْجَمْرَةَ فَتَعَدَّتْهَا لَمْ يُجْزِئْهُ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ وَلَوْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ مَكَانٍ عَالٍ فَرَجَعَتْ إِلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ فَقَدَ حَصَاةً فَأَخَذَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَصَى الْجَمْرَةِ فَرَمَى بِهِ أَجْزَأَهُ وَمَنْ تَرَكَ جَمْرَةً مِنْ هَذِهِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ رَمَاهَا لَيْلًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلَوْ تَرَكَ جَمْرَةً أَوِ الْجِمَارَ كُلَّهَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ فَإِنْ لم يجد فشاة فَإِن لم يجد صَامَ وَأَمَّا فِي الْحَصَاةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَلَا رَمْيَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الْبَقَرَة 203 وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَةَ بِخَمْسٍ يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ يَوْمِهِ رَمَى الْأَوْلَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى بِحَصَاتَيْنِ ثُمَّ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ وَلَا دم عَلَيْهِ وَاو ذَكَرَ مِنَ الْغَدِ رَمَاهَا كَذَلِكَ وَأَهْدَى عَلَى قَوْلَيْ مَالِكٍ وَلَوْ رَمَى مِنَ الْغَدِ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنَ الْأُولَى بِالْأَمْسِ فَلْيَرْمِ الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالِاثْنَتَيْنِ بِسبع سبع ثمَّ يُعِيد رمي يَوْمه لتفا وَقْتِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْأَمْسِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى عَنْ أَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَمْ يُعِدْ رَمْيَ يَوْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ رَمْيِ يَوْمِهِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَمَى الأولى بحصاة الاثنتين بِسَبْعٍ سَبْعٍ عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَأَعَادَ الرَّمْيَ لِيَوْمِهِ إِذْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْهُ وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ وَقْتَ رَمْيِهِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ دَمٌ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ هِيَ قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ أَقُولُ ثُمَّ قَالَ يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ قَالَ سَنَدٌ عَدَدُ الْجِمَارِ سَبْعُونَ حَصَاةً سَبْعٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَفِي الْأَيَّامِ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ كُلَّ يَوْمٍ إِحْدَى وَعِشْرُونَ لِكُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعٌ فَتَارِكُ الْأُولَى كَتَارِكِ الثَّلَاث لوُجُوب التَّرْتِيب فَإِن ترك الآخر قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ بَقَرَةٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْجَمْرَةُ الْوَاحِدَةُ كَالْجَمِيعِ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَرَآهَا نُسُكًا تَامًّا وَعِنْدَ مَالِكٍ هِيَ بَعْضُ نُسُكٍ أَمَّا إِذَا تَرَكَ حَصَاةً مِنْ يَوْمِهِ الذَّاهِبِ فَإِنْ كَانَت من الأولى فقد ترك الأخرتين لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَخِيرَةِ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ شَاةٌ وَبِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى سِتِّ حَصَيَاتٍ وَقَالَ ش فِي الْحَصَاةِ يُطْعِمُ مِسْكِينًا مُدًّا وَفِي الْحَصَاتَيْنِ مُدَّيْنِ وَفِي الثَّلَاثِ شَاةٌ وَقَالَ مَرَّةً فِي حَصَاةِ دِرْهَمٌ وَقَالَ مَرَّةً ثُلْثُ شَاةٍ لَنَا أَنَّ عَدَدَهَا شبع فَمَا أوجبه كلهَا أوجه بَعْضُهَا كَالطَّوَافِ وَكَوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَقَالَ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح مُسْتَحَبٌّ قِيَاسًا لِلْجِمَارِ عَلَى الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالذَّبْحِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَلِذَلِكَ إِذَا رَمَى الْأُولَى بِخَمْسٍ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا فَيُكَمِّلُهَا وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا إِنْ كَانَ قَرِيبا وَأَن طَال وَقُلْنَا الْفَوْرُ شَرْطٌ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ قُلْنَا الْفَوْرُ شَرْطٌ مَعَ ذكر بَنَى وَإِنْ طَالَ فِي يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ مَا دَامَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالتَّرْتِيبُ وَاجِبٌ فِي أَدَاءِ الرَّمْيِ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ أَرْكَانِ الصَّلَوَاتِ فِي أَدَائِهَا وَبَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ كَالصَّلَاةِ الْمَنْسِيَّةِ مَعَ الْحَاضِرَة وَفِي الأولى يَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَالسَّهْوِ كَالصَّلَاةِ وَفِي الثَّانِي يَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ فَقَطْ كَتَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الْفَوْرِ يُعِيدُ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَرْمِي لِلْأُولَى حَصَاةً وَيُعِيدُ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا فَإِنْ أَخَذَ فِي ذَلِكَ فَسَهَا عَنْ حَصَاةٍ أَيْضًا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِيمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَطَعَ وَذَهَبَ لِيَغْسِلَهَا فَسَهَا وَصَلَّى هَلْ يُعِيدُ صَلَاتَهُ كَمَا لَو صلى بذلك ابْتِدَاء أَولا يُعِيد نظر لِلسَّهْوِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَمْيٍ الثَّلَاثِ فِي إِكْمَالِ الْأُولَى يَخْتَلِفُ فِي ابْتِدَاءِ الْجَمِيعِ أَوِ الْبِنَاءِ عَلَى التَّيَقُّنِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْبِنَاءِ فِي الشَّكِّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّاسِي فَرَوَى ابْنُ قَاسِمٍ الِابْتِدَاءَ وَقَدْ كَانَ يَقُول بيني وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّاسِيَ مُفَرِّطٌ بِخِلَافِ الشَّاكِّ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ مِنْ سَهَا فَرَمَى الْجَمْرَةَ الْأَخِيرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأُولَى فَيُعِيدُ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى تَبَاعَدَ أَعَادَ الرَّمْيَ وَلَوْ رَمَى الثَّلَاثَ بِحَصَاةٍ حَصَاةٍ لِكُلِّ جَمْرَةٍ وَكَرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى كَمَّلَ كُلَّ وَاحِدٍ سَبْعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْمِي الثَّانِيَةَ سِتا وَالثَّالِثَة سَبْعًا وَهُوَ مُؤْذِنٌ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ إِلَّا أَنَّهُ رَآهُ تَفْرِيقًا يَسِيرًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ فَرَّقَ رَمْيَهُ تَفْرِيقًا فَاحِشًا أَعَادَ رَمْيَهُ فَاشْتَرَطَ التَّفَاحُشَ وَفِي الْجُلَّابِ لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ هِيَ رَمَى بِهَا الْأُولَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْأَخِيرَةَ وَقِيلَ يَسْتَأْنِفُ الْجِمَارَ كُلَّهَا.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذْ بَاتَ لَيْلَةً أَوْ جُلَّهَا مِنْ لَيَالِي مِنًى أَوْ جُمْلَتِهَا فِي غَيْرِ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ وَبَعْضَ لَيْلَةٍ لَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَفَاضَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيق وَفِي الْمُوَطَّأ أرخص صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى وَالرُّخْصَةُ تَقْتَضِي انتقاء الْوُجُوبِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَثُبُوتَ الْوُجُوبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَاتفقَ أَرْبَاب لمذاهب أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ جَمِيعَ أَيَّامِ مِنًى بِأَنْ يَرْمِيَ وَيَبِيتَ فِي غَيْرِ مِنًى أَنَّ الدَّم لَا يَتَعَدَّد وَقد قَالَ مَالك وش عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ وَقَالَ ح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُوجِبُ دَمًا لَمَا سَقَطَ بِالْعُذْرِ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَيَنْتَقِضُ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْوَقْفِ مَعَ الْإِمَامِ نَهَارًا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ عَلَيْهِ دَمٌ إِجْمَاعًا ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ الطِّيبَ مُحَرَّمٌ فَالدَّمُ كَفَّارَة وَالدَّم هَا هُنَا جَبْرٌ فَيَسْقُطُ بِالْعُذْرِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا قُدِرَ عَلَى حَمْلِ الْمَرِيضِ الْقَادِرِ عَلَى الرَّمْيِ حُمِلَ وَرَمَى بِيَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَرْمِي الْحَصَاةَ فِي كَفِّ غَيْرِهِ لِيَرْمِيَهَا ذَلِكَ وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الرَّمْيِ وَالْحَمْلِ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ رَمَى عَنْهُ غَيْرُهُ ثُمَّ يَتَحَرَّى الْمَرِيضُ وَقْتَ الرَّمْيِ فَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً وَيَقِفُ الرَّامِي عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لِلدُّعَاءِ وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ ذَلِكَ الْوُقُوفَ فَيَدْعُو وَعَلَى الْمَرِيضِ الدَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ فَإِنْ صَحَّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ أَعَادَ مَا رَمَى غَيْرُهُ عَنْهُ كُله فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة وَعَلِيهِ الدَّم ولورمي عَنْهُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَصَحَّ آخِرُهُ أعَاد الرَّمْي وَلَا دم عَلَيْهِ صَحَّ لَيْلًا فَيَلْزَمُ مَا رُمِيَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الدَّمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ وَيَرْمِي عَنِ الصَّبِيِّ مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ كَالطَّوَافِ وَالصَّبِيُّ الْعَارِفُ بِالرَّمْيِ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ تُرِكَ الرَّمْيُ أَوْ لَمْ يُرْمَ عَنِ الْعَاجِزِ فَالدَّمُ عَلَى دم أَحَجَّهُمَا لِأَنَّ النِّيَابَةَ عَنِ الصَّبِيِّ فِي الْإِحْرَامِ كالميت وَالدَّم تَابِعٌ لِلْإِحْرَامِ وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَالَ جَابِرٌ كُنَّا إِذَا حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُلَبِّي عَنِ النِّسَاءِ وَنَرْمِي عَنِ الصِّبْيَانِ وَيُرِيدُ بِالنِّسَاءِ الْأُمَّهَاتِ الْمَوْتَى أَنْ نَحُجَّ عَنْهُنَّ قَالَ سَنَدٌ إِذَا طَمِعَ الْمَرِيضُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّمْيِ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ مَالِكٌ يَنْتَظِرُ آخِرَ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ يَوْمِهِ بَلْ يَكُونُ أَوَّلُهُ زَوَالَ الشَّمْسِ وَآخِرُهُ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ قَوْلُهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ إِذَا تَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ يَوْمُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ جَوَاز التعجل لِلرُّعَاةِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي التَّأْخِيرِ لَا تَخْرُجُ فِيهِ الْعِبَادَةُ عَنْ وَقْتِهَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الدَّمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُؤَخِّرُهُ بَعْدَ يَوْمٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا هَدْيَ إِذَا أَعَادَ مَا رُمِيَ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمِهِ إِلَى غَدِهِ وَعِنْدَ ش لَا هَدْيَ وَلَا يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ مَا رَمَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِفِعْلِ الْمُنَاسِبِ لنا أَن الْقيَاس يَقْتَضِي أَن ذَلِك الرَّمْي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ لَكِنْ لَمَّا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ يُرْمَى عَنْهُ فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا وَوَجَبَ الدَّمُ لِتَرْكِ النُّسُكِ وَيَرْمِي عَنْهُ مَنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفسه فَإِن رمى رميا وَاحِد عَنْهُمَا فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُجْزِئُ عَنْ نَفْسِهِ أَوِ الْمَرْمِيِّ عَنْهُ أَوْ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَوْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ عَنْ نَفْسِهِ رَمَاهَا عَنِ الْمَرِيضِ ثُمَّ كَمَّلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَخْطَأَ وَأَجْزَأَ عَنْهُمَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُسْتَحَبُّ لَهُ وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي يَدِ النَّائِبِ عَنْهُ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّ الرَّمْيَ حِينَئِذٍ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ فَلَمْ يَأْتِ بِالْوَاجِبِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِم فِي الْوَقْت لِلدُّعَاءِ فَرَأَى مَرَّةً أَنَّ الْوُقُوفَ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ كَوُقُوفِ عَرَفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يُرْمَى عَنِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ قَبْلَ الْإِغْمَاءِ وَلَمْ نُفَصِّلْ نَحْنُ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَنَا بِحَالٍ فَإِنْ أَفَاقَ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ أعَاد أَو بعْدهَا أهْدى وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا أَفَاقَ فِيهَا هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ أَمْ لَا.
السَّادِسُ:
فِي الْجُلَّابِ لِأَهْلِ الْآفَاقِ أَنْ يَتَعَجَّلُوا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْر فيرمون بعد الزَّوَال وينفرون بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ مَكَّةَ التَّعْجِيل فِي الْيَوْم الأول فَرِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالِاخْتِيَارُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ إِلَى النَّفْرِ الثَّانِي وَلَا يَتَعَجَّلُ فِي الْأَوَّلِ وَمن تعجل نَهَارا وَكَانَ عمره بمنى بَعْدَ تَعَجُّلِهِ فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ بِهَا فَلْيَنْفِرْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ بِالتَّعْجِيلِ لِلْمَكَانَيْنِ وَمَنْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُرْمَى عَنْهُ فِي الثَّالِثِ قِيَاسًا عَلَى رُعَاةِ الْإِبِلِ كَمَا كَانَ يَرْمِي إِذَا لَمْ يَتَعَجَّلْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ مَالِكٍ وَلَا أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ رَمْيُ الْمُتَعَجِّلِ كُلُّهُ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً سَبْعٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْيَوْمَ الثَّانِي اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَأَصْلُ التَّعْجِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} الْبَقَرَة 203 وَفِي الْجُلَّابِ وَيَجُوزُ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ إِذَا رَمَوْا جَمْرَة الْعقبَة الْخُرُوج عَن مِنًى إِلَى رِعْيِهِمْ فَيُقِيمُونَ فِيهِ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَغَدَهُمْ ثُمَّ يَأْتُونَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَيَرْمُونَ لِيَوْمِهِمُ الَّذِي مَضَى وَلِيَوْمِهِمُ الَّذِي هم فِيهِ ثمَّ يتعجلون إِن شاؤا أَن يقيموا.

الْمَقْصِدُ الْحَادِيَ عَشَرَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ أَوْ إِلَى عَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِتَقَدُّمِ النَّاسِ فِي وَقْتٍ السُّنَّةُ فِيهِ عَدَمُ التَّقَدُّمِ وَهِيَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا رَجَعَ النَّاسُ نَزَلُوا بِالْأَبْطَحِ فَصَلَّوْا بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَدْرَكَهُ وَقْتُ الصَّلَاة قبل إِتْيَانه والأبطح حَيْثُ الْمقْبرَة بأعلى مَكَّة تَحت عقبَة كدا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْبِطَاحِهِ وَهُوَ مِنَ الْمُحَصَّبِ وَالْمُحَصَّبُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إِلَى الْمَقْبُرَةِ وَسُمِّيَ مُحَصَّبًا لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنَ السَّيْلِ وَنُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بنسك وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَنْزِلُونَ بِالْأَبْطَحِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ نُزُولُ الْأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأما الصَّلَوَات فَلَمَّا رَوَاهُ ابْن حَنْبَل مُسْندًا أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْأَبْطَحِ ثُمَّ هَجَعَ بِهَا هَجْعَةً ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شَيْء قدير آئبون تائبون عَابِدُونَ سائحون لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي الْجُلَّابِ يُسْتَحَبُّ الْمقَام بِالْمُعَرَّسِ لِمَنْ قَفَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ فَإِنْ أَتَاهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلْيَقُمْ حَتَّى يُصَلِّي إِلَى أَنْ يَتَضَرَّرَ.