فصل: النَّوْعُ السَّادِسُ قَصُّ الْأَظْفَارِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّوْعُ السَّادِسُ قَصُّ الْأَظْفَارِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ قَلَّمَ ظُفُرُهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قَلَّمَ لَهُ بِأَمْرِهِ افْتَدَى فَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ وَإِنْ قَلَّمَ ظُفُرًا وَاحِدًا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى افْتَدَى وَإِنْ لَمْ يُمِطْ عَنْهُ بِهِ أَذًى أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَإِنِ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَقَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِغَلَبَةِ ذَلِكَ فِي الْأَسْفَارِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَرْيَمَ قَالَ انْكَسَرَ ظُفُرِي وَأَنَا محرم فَتعلق آذَانِي فَذَهَبْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ اقْطَعْهُ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الْبَقَرَة 185 وَإِذَا تَوَقَّفَتْ مُدَوَاتُهُ عَلَى قصّ أَظْفَاره قصها وَافْتَدَى كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ لِلْأَذَى وَإِذَا قَلَّمَ أَظْفَارَ حَلَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ إِنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ وَلَا إِكْرَاهٍ أَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَاضٍ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ حَجَرًا وَهُوَ سَاكِتٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ رَاضٍ بِشَهَادَةِ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَالَّذِي انْكَسَرَ ظُفُرُهُ إِنْ قَصَّهُ جَمِيعَهُ ضَمِنَهُ كَمَنْ أَزَالَ بَعْضَ ظُفُرِهِ افْتَدَى وَأوجب ح فِي اظفر الْهَدْيَ وَمَنَعَ التَّخَيُّرَ وَلَا خِلَافَ فِي تَكْمِيلِ الْكَفَّارَةِ فِي جَمِيعِ الْأَظْفَارِ أَوْ فِي أَصَابِعِ عُضْوٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي ظُفُرَيْنِ الْفِدْيَةُ وَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ الْفِدْيَةَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ إِلَّا أَنْ يُمِيطَ بِهِ أَذًى وَقَالَ أَشْهَبُ يُطْعِمُ شَيْئًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ يُطْعِمُ مِسْكِينًا وَقَالَ ح لَا يَجِبُ كَمَالُ الْفِدْيَةِ إِلَّا فِي خَمْسَةِ أَظْفَارٍ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَأَوْجَبَهَا ش فِي ثَلَاثَةٍ فَمَا دُونَ ذَلِكَ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا لَنَا أَنَّهُ أَمَاطَ الْأَذَى فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِحَلْقِ بَعْضِ الرَّأْسِ قَالَ وَيَنْبَغِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْسِكَ أَنْ يُجْزِئَهُ لِأَنَّهُ كَمَالُ الْفِدْيَةِ أَوْ صَامَ يَوْمًا أَنْ يُجْزِئَهُ وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُطْعِمَهُ مُدَّيْنِ لِأَنَّهُ الْإِطْعَامُ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ وَإِذَا وَجَبَ الْإِطْعَامُ لِظُفُرٍ فَأَطْعَمَ ثُمَّ قَلَّمَ آخَرَ أَطْعَمَ أَيْضًا وَلَا يُكْمِلُ الْكَفَّارَةَ بِخِلَافِ قَصِّهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى قَدِ اسْتَقَرَّتْ قَبْلَ الثَّانِيَةِ.

.النَّوْعُ السَّابِعُ قَتْلُ الْقُمَّلِ:

وَفِي الْكِتَابِ فِي الْقَمْلَةِ وَالْقَمْلَتَيْنِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَفِي الْكَثِيرِ الْفِدْيَةُ.

.النَّوْعُ الثَّامِنُ قتل الصَّيْد:

ولتحريمه سببان: َالْإِحْرَام وَالْحَرَمُ.

.السَّبَبُ الْأَوَّلُ: الْإِحْرَامُ:

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْمَائِدَة 95 وَالْحُرُمُ جَمْعُ مُحْرِمٍ وَالْمُحْرِمُ مَنْ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ وَفِي الْحُرُمَاتِ كَقَوْلِنَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى وَأَنْجَدَ وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ أَوِ الْمسَاء أَو نجد أَو تهَامَة فتناولت الْآيَةُ السَّبَبَيْنِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ** فَدَعَا فَلَمْ أَرَى مِثْلَهُ مَظْلُومًا

أَيْ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَفِي الشَّهْرِ الْحَرَام وَهُوَ ذُو الْحجَّة وَيَتَرَتَّب الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى غَلَبَةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ وَالْحَرُمُ سَبَبَيْنِ ويتمهد ويتبين الْفِقْه بَيَان حَقِيقَةِ الصَّيْدِ الْمَعْصُومِ وَالْأَفْعَالِ الْمُوجِبَةِ لِلضَّمَانِ وَجَوَازِ الْأَكْلِ مَنْ لَحْمِهِ وَالْجَزَاءِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الضَّمَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَةِ الصَّيْد الْمَعْصُوم:

وَفِي الْجَوَاهِر الصَّيْد إِمَّا بحري فَيُبَاحُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} الْمَائِدَة 99 وَسَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِمَّا بَرِّيٌّ فَيحرم إِتْلَافه جَمِيعه أما أكل لَحْمه وَمَا لم يُوكل كَانَ مُتَأَنِّسًا أَوْ مُتَوَحِّشًا مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَجْزَائِهِ وَبَيْضِهِ وَيَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَبِتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ سَلَامَتُهُ إِلَّا مَا فِي قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصِّحَاحِ خَمْسَةٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَوَاسِقُ يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام الْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.
فَائِدَةٌ:
الْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَمِنْهُ فَسَقَتِ النَّوَاةُ عَنِ الثَّمَرَةِ أَيْ خَرَجَتْ عَنْهَا وَسُمِّيَ الْعَاصِي فَاسِقًا لِخُرُوجِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَهَذِهِ الْخَمْسُ سُمِّينَ فَوَاسَقَ لِخُرُوجِهِنَّ عَنِ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْأَذَى قَالَ وَالْمَشْهُورُ قَتْلُ الْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَإِنْ لَمْ يُبْدِيَا الْأَذَى وَرُوِيَ الْمَنْعُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ آذَتْ قُتِلَتْ وَإِلَّا فَلَا تُقْتَلُ وَإِنْ قُتِلَتْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ قَتلهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَدَاهَمَا وَالْمَشْهُورُ حَمْلُ الْكَلْبِ عَلَى الْمُتَوَحِّشِ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ الْإِنْسِيُّ الْمُتَّخَذُ وَفِي الطَّرَّازِ الْحَيَوَانُ الْمُتَوَحِّشُ فِي حق الْمحرم ثَلَاث أَقْسَامٍ مُبَاحُ الْقَتْلِ وَهُوَ مَا كَانَ ضَرَرًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَنَحْوهَا ومحرم الْقَتْل وَهُوَ مَا ْيَبْلُغْ الضَّرَرَ كَصِغَارِ أَوْلَادِ السَّبُعِ وَقَالَ ش كل مَا لَا يَأْكُل لَحْمه يجوز للْمحرمِ قَتله إِلَّا مَا لم يبلغ الضَّرَر كصغار أَوْلَاد السبَاع وَقَالَ ش كل مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إِلَّا مَا تولد من نَوْعَيْنِ نَحْو السَّبع والبزاة الْمُتَوَلد بَيْنَ الْمَعْزِ الْوَحْشِيَّةِ وَالْأَهْلِيَّةِ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ وَقَالَ ح كُلُّ مَا عَدَا الْخَمْسِ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ فِيهِ الْجَزَاء إِلَّا الذِّئْب فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ خَمْسٌ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لنا على الْفَرِيقَيْنِ تنبيهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله وَالْكَلب الْعَقُور نبه بالعقر عَلَى صِفَةِ الْأَذَى الْمَوْجُودِ فِي السِّبَاعِ بَلْ هُوَ فِيهَا أَشَدُّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ الْكَلْبُ الْعَقُور والسبع العادي وَقد دَعَا إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عتيبة ابْن أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ وَلِأَنَّ الْكَلْبَ الْمَعْرُوفَ لَا تعلق لَهُ بِالْإِحْرَامِ منعا موا إِبَاحَةً وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَلَيْسَ بِعَقُورٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ حِمَارَهُ فَدَلَّ ذَلِك على أَن المُرَاد التنبه عَلَى صِفَةِ الْعَقْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّ ذكر هَذِه خَمْسَة كذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْوَاعَ السِّتَّةَ فِي حَدِيثِ الرِّبَا وَالْعُيُوبَ الْأَرْبَعَةَ فِي الضَّحَايَا فَيَطَّرِدُ الْحُكْمُ فِي مَعَانِيهَا وَيَنْعَكِسُ بِدُونِهَا كَمَا فِي ذَيْنك المواطنين.
تَفْرِيعَاتٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ سِبَاعِ الْوَحْشِ الَّتِي تَعْدُو وَتَفْتَرِسُ وَإِنْ لَمْ تَبْتَدِئْ شَيْءٌ وَلَا يَقْتُلُ صِغَارَ أَوْلَادِهَا الَّتِي لَا تَعْدُو قَالَه ح خِلَافًا لِ ش وَيُكْرَهُ لَهُ قَتْلُ الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضُّبُعِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا إِلَّا أَن يفتدياه وَيُكْرَهُ قَتْلُ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَغَيْرِ سِبَاعِهَا وَعَلَيْهِ الْجَزَاء إِلَّا أَن تعدوا وَيَجُوزُ صَيْدُ الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ وَعَلَيْهِ فِي طَيْرِ الْمَاءِ الْجَزَاءُ وَفِي الطَّرَّازِ قَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهِ فِي صِغَارِ الْأُسُودِ وَنَحْوِهَا الْجَزَاءُ وَلِمَالِكٍ فِي قَتْلِ الذِّئْبِ رِوَايَتَانِ لِأَنَّهُ أَضَرُّ مِنَ الثَّعْلَبِ وَقَتْلُهُ حَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ وَعَنْهُ فِي الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ رِوَايَتَانِ وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الدُّبِّ الْجَزَاء وَمنع مَالك قتل الْمحرم الوزغ من إِبَاحَةِ قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِحْرَامَ سَرِيعُ الزَّوَالِ وَلَوْ لَمْ تُقْتَلْ فِي الْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فَإِنْ قَتَلَهَا تَصَدَّقَ بِمِثْلِ مَا تَصَدَّقَ فِي شَحْمَةِ الْأَرْضِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَصْحَابُ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى قَتْلِ الْفَأْرِ وَيُلْحَقُ بِهِ ابْنُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الْأَثْوَابَ مِنَ الدَّوَابِّ وَيُلْحَقُ بِالْعَقْرَبِ الزُّنْبُورُ وَالرُّتَيْلَاءُ وَيُقْتُلُ صِغَارُ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَإِن لم يوذين بِخِلَاف الأشبال وَالْفرق من جهين أَنَّهُنَّ يُؤْذِينَ بِخِلَافِ الْأَشْبَالِ وَتَصْدُقُ اسْمُ كِبَارِهَا عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالسَّبُعِ الضَّارِي الْوَارِدِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ صِغَارُ الْغِرْبَانِ لَا تُقْتَلُ فَإِنْ فَعَلَ وَدَاهَا عِنْدَ أَصْبَغَ وَأَوْجَبَ اصبغ الْجَزَاء فِي الضبع والثلعب وَالْهِرِّ وَإِنْ عَدَتْ وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الصِّيَالَ يُسْقِطُ حُرْمَةَ الْإِنْسَانِ فَأَوْلَى غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَان وَأما الصَّيْد فَمَا اخْتُلِفَ فِي احْتِيَاجِهِ إِلَى الذَّكَاةِ يُخْتَلَفُ فِي دِيَته الرومية.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ كَرِهَ مَالِكٌ ذَبْحَ الْمُحْرِمِ الْحمام الوحشي وَغير الوحشي وَالْحمام الرَّمْي الَّتِي لَا تَطِيرُ لِأَنَّ أَصْلَهَا يَطِيرُ وَيُصَادُ وَأَجَازَ ذَبْحَ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ لِأَنَّهَا لَا تَطِيرُ حَتَّى تُصَادَ قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي الْحمام الْمُتَّخَذِ فِي الْبُيُوتِ جَزَاءٌ كَالدَّجَاجِ وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ كَالصَّيْدِ إِذَا تَأَنَّسَ وَأَمَّا حَمَامُ الْأَبْرِجَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الصَّيْدِ قَالَ وَلَا يَذْبَحُ فِرَاخَهَا مُحْرِمٌ وَلَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لَهُ وكل مَا صيد واستأنس مِنَ الْإِوَزِّ وَالْحَجَلِ وَالْقِطِّ وَنَحْوِهِ فَلَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ ذَبْحُهُ وَمَا يَتَنَاسَلُ فِي الْبُيُوتِ وَلَيْسَ لَهُ نَهْضَةُ الطَّيَرَانِ مِنَ الْبَطِّ وَالْإِوَزِّ وَنَحْوِهِ فَلهُ ذبحه كالدجاج وَمَا نَهَضَ للطيران لم يذبح كَالْحَمَامِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الذُّبَابِ يَكْثُرُ حَتَّى يَطَأَ عَلَيْهِ فَلْيُطْعِمْ مِسْكِينًا أَوْ مِسْكِينَيْنِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُطْعِمُ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِإِتْلَافِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ لَبَنِ الصَّيْدِ كَمَا يمْنَع من بيضه فَإِن وجد مَحْلُوبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَلَحْمِ الصَّيْدِ وَقَالَ ح إِن حلبه فتقص ضَمِنَ مَا نَقَصَ وَقَالَ ش يَضْمَنُ اللَّبَنَ بِقِيمَتِهِ كَالْبَيْضِ وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من أَجزَاء الصَّيْد وَلَا يكون مِنْهُ صيد وَالْأَصْل براة الذِّمَّة وَفِي الْكتاب إِذا فسد وَكْرَ طَائِرٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَيْضٌ أَوْ فِرَاخٌ فَعَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ لِتَعْرِيضِهِمَا لِلْهَلَاكِ وَإِنْ طَرَحَ جَنِينَ صَيْدٍ مَيِّتٍ وَسَلِمَتْ أُمُّهُ فَعَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَتِهَا فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا أَيْضًا.

.الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي مُوجِبِ الضَّمَانِ:

قَاعِدَةٌ:
أَسْبَابُ الضَّمَان فِي الشَّرِيعَة ثَلَاث الْإِتْلَافُ أَوِ التَّسَبُّبُ لِلْإِتْلَافِ أَوْ وَضْعُ الْيَدِ الَّتِي لَيست مُؤمنَة كيد الغاضب وَالْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّسَبُّبُ وَالْمُبَاشَرَةُ غَلَبَتِ الْمُبَاشَرَةُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْمُورَةً كَقَتْلِ الْمُكْرَهِ وَتَقْدِيمِ السُّمِّ لِإِنْسَانٍ فَأَكَلَهُ وَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى السَّبَبِ مُسَبَّبُهُ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ.
وَعَلَى هَذ الْقَاعِدَةِ تَخْرُجُ فَرُوعُ هَذَا الْفَصْلِ وَالْجِنَايَاتُ وَالضَّمَانَاتُ تَفْرِيعَاتٌ سَبْعَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ لَا شَيْءَ فِي الصَّيْد إِذا جرح وَسلم وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ زَمِنَ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالصَّيْدِ فَفِي الْجلاب عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَهُ ح وش فَلَوْ رَمَى عَلَى شَيْئَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ رَتَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَتْلِ وَقَدْ سَمَّاهُ كَفَّارَةً وَالْكَفَّارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُكَفَّرِ عَنهُ قَالَ سَنَد وَقَالَ اشهب وش عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَاتِ وَالْجَوَابِرَ تَتَبَعَّضُ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ لِوُجُوبِ كَفَارَّاتٍ عِدَّةٍ عَلَى قَتَلَةِ صَيْدٍ وَاحِدٍ كَالشُّرَكَاءِ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ قَالَ وَعَلَى هَذَا يخرج إِذا من قطع عضوا من أَعْضَائِهِ وسلمت بَقِيَّته قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النَّقْصِ وَإِذَا قُلْنَا يَضْمَنُ مَا نقص فَفِي غير الْهَدْي لتعذر تبغيض الْهَدْيِ بَلْ يَضْمَنُ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا وَقَالَ ش إِن نقص قيمتهعشر قيمتة شَاةٍ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي تَقْوِيمِ الْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ لِمَزِيدِ الْإِطْعَامِ وَعِنْدَنَا يَقُومُ الصَّيْدُ نَفْسُهُ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ شَيْنٍ فَعَلَى رَأْيِ ابْنِ حَبِيبٍ يُطْعِمُ لِأَنَّهُ قَالَ يُطْعِمُ إِذا نتف ريش طَائِر أَو مسكه حَتَّى تنسل وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الطَّائِرِ إِذَا نَتَفَ ريشه بحبسه حَتَّى ينسل يحبس الصَّيْد هَا هُنَا إِذَا كَانَ الْجُرْحُ مَخُوفًا وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الصَّيْدِ الْمَمْنُوعِ لِأَنَّ هَذَا إِمْسَاكُ حِفْظٍ لَا إِمْسَاكُ تَمَلُّكٍ وَإِنْ أَرْسَلَهُ وَالْجُرْحُ عَظِيمٌ قَالَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَمْ يُحَدِّدِ الْجُرْحَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنْ كَانَ يَتَيَقَّنُ مَوْتَهُ ضمن وَإِذا قُلْنَا بالجزاء فليؤخره لَيْلًا يُكَفِّرَ قَبْلَ فَوْتِ الصَّيْدِ فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ عطب الصَّيْد فَعَلَيهِ جزآن قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ عَطَبَهُ مِنْ غَيْرِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ شَكَّ أَضَافَهُ لِلْجِرَاحَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبٍ آخَرَ فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ الْجِرَاحَةِ أَخَّرَ قَالَ أَشْهَبُ الْجَزَاءُ عَلَيْهِمَا قَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ فَوْرٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ يُجْهِزُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْ جَرَحَهُ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ الثَّانِي لَزِمَ الْأَوَّلَ الْجَزَاءُ فَلَوْ حَبَسَهُ لِيَبْرَأَ فَحَلَّ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَى رَأْيِ أَشْهَبَ لَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ ذَبَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُهُ إِنْ خَافَ هَلَاكَهُ وَلَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ مِنْ فَوْرِهِ أَوْ قَبْلَ الْأَمَانِ مِنَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِن برِئ من الأول فجزآن.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِذَا تَعَلَّقَ بِأَطْنَابِ فُسْطَاطِهِ صَيْدٌ فَعَطِبَ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَعَطِبَ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّيْدِ وَفِي الْجُلَّابِ عَنِ ابْنِ قَاسِمٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ فِي الْفُسْطَاطِ كَمَا لَوْ جَازَ الطَّائِرُ عَلَى رُمْحِهِ الْمَرْكُوزِ فَعَطِبَ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا لَا يَضْمَنُ دِيَةَ الْآدَمِيِّ فَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَإِذا أَخذ الْمحرم بيضًا فحصنه حَتَّى خَرَجَ فِرَاخًا وَطَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ جَعَلَهُ مَعَ بَيْضِ وَحْشٍ فَنَفَرَ الْوَحْشُ وَفَسَدَ الْجَمِيعُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَى الصَّيْدُ مُحْرِمًا فَهَرَبَ مِنْهُ وَفَزِعَ وَمَاتَ فِي هَرَبِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُ مُكْرِهَةٌ لَهُ عَلَى الْهَرَبِ بِخِلَافِ حَفْرِ الْبِئْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ نَصَبَ شَرَكًا لِيَصِيدَ بِهِ مَا يَفْتَرِسُ غَنَمُهُ فَعَطِبَ فِيهِ صَيْدٌ ضِمَنَهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلسَّارِقِ فَعَطِبَ فِيهَا غَيْرُ السَّارِقِ وَدَاهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَطَبَ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَمَرَ الْمُحْرِمُ عَبْدَهُ بِإِرْسَالِ صَيْدٍ كَانَ مَعَهُ فَظَنَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ فَذَبَحَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى السَّيِّدِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّهُ عَطِبَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ فَأَطَاعَهُ فِي الذَّبْحِ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْجَزَاءُ وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلْيَسْتَغْفِرِ الدَّالُّ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِنْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَوْ أَمَرَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ آخَرُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح عَلَى الدَّالِّ جَزَاءٌ وَعَلَى الْمَدْلُولِ آخَرُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا فَعَلَى الدَّالِّ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ عَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ إِنْ كَانَا محرمين أَو على الْمحرم مِنْهُمَا قَالَ ابْن يُونُس وَقَالَ أَشهب إِن كَانَا محرمين فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاءٌ لِأَنَّهُ أَمَرَ أَمْرًا مُحَرَّمًا وَالْمَدْلُولُ حَلَالًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرِ الْمُحْرِمَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَدْلُولُ حَلَالًا وَإِذَا قُلْنَا لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث أبي قَتَادَة قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ دَلَّ عَلَى صَيْدٍ عَصَى وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ وَقيل عَلَيْهِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِدَلَالَةِ الْمُحْرِمِ دُونَ الْحَلَالِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ وَإِذَا اجْتَمَعَ محرومون عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ أَوْ مَخْلُوقٌ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ مُحِلٌّ وَحَرَامٌ فَقَتَلَا فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَقَالَهُ ح وَقَالَ ش عَلَى الْجَمِيعِ جَزَاءٌ وَاحِد وَالْخلاف بنبني عَلَى أَنَّهُ كَفَّارَةٌ أَوْ قِيمَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَإِذَا جَرَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا جَرَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَغَابَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ أَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِمُجَرَّدِ الْجُرْحِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَارِحٌ قَالَ وَإِذَا أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدَ الْبَرِّ لِمِثْلِهِ فَقَتَلَهُ حَرَامٌ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ أَوْ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُمْسِكِ جَزَاؤُهُ وَإِنْ أَمْسَكَهُ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَقتله محرم فعلَيْهِمَا جزآن أَوْ حَلَالٌ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ وَحْدَهُ قَالَ سَنَدٌ إِنْ أَرَادَ إِرْسَالَهُ فَقَتَلَهُ حَلَالٌ وَكَانَ مِلْكُ الْمُحْرِمِ عَلَى الصَّيْدِ مُتَقَدِّمًا فَيُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِهِ لِرَبِّهِ بِقِيمَتِهِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ فَأَرْسَلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْإِحْرَامَ هَلْ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُزِيلُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَبْهَرِيِّ وَيَتَخَرَّجُ الْقَتْلُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلَوْ أَمْسَكُهُ وَلَمْ يُرِدْ إِرْسَالَهُ وَلَا قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ دُونَ الْمَاسِكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إِتْلَافَهُ وَجَعَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَنْ أَمْسَكَ إِنْسَانًا بِقَصْدِ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُمْسِكِ إِجْمَاعًا وَأَمَّا لَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَالْجَزَاءُ عَلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِهِ قُتِلَ وَالْآخِرُ مَأْذُونٌ لَهُ.
السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ مَا صَادَهُ فِي إِحْرَامِهِ أَرْسَلَهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ آخَرُ مَنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ نَازَعَهُ مُحْرِمٌ فَقَتَلَاهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ وَإِنْ نَازَعَهُ حَلَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ وَلَا يَضْمَنُ لَهُ هُوَ شَيْئًا قَالَ سَنَدٌ وَكَمَا يَحْرُمُ الِاصْطِيَادُ يَحْرُمُ ابْتِيَاعُهُ بِحَضْرَتِهِ وَقَبُولُ هِبَتِهِ فَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمَار وَحش وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ قَالَ الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي قَالَ إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ فَإِنِ ابْتَاعَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَيْضًا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ جَزَاءُ الْبَيْعِ قَبْلُ حَرَامٌ فَلَوِ ابْتَاعَهُ بِالْخِيَارِ وَهُمَا حَلَالَانِ ثُمَّ أَحْرَمَا فَإِنِ اخْتَارَ الْمُبْتَاعُ الْبَيْعَ غَرِمَ الثَّمَنَ وَأَطْلَقَ الصَّيْدَ وَإِنْ رَدَّهُ فَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَوْ تَأَخَّرَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ الْبَائِعُ وَفَلِسَ الْمُبْتَاعُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَإِرْسَالُهُ أَوْ يَتْبَعُ الْمُبْتَاعَ بِثَمَنِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمَلُّكِ الصَّيْدِ وَهَذِهِ جِهَةٌ مِنْ جِهَاتِ التَّمَلُّكِ وَمَا قُلْنَاهُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ يَخْتَارُهُ مِنْ بَيْعِهِ الْمَاضِي وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَوِ ابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَهُ فَرَدَّهَا مَا لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ غَرِمَ الثَّمَنَ مَعَ وُجُودِهِ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَيْب بِالصَّيْدِ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ تَحَصَّنَ بِهِ مَلَكَهُ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا صَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فِي يَدِهِ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ قِيمَتَهُ لِلْمُحْرِمِ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ عبد اوصبيا أَوْ كَافِرًا غَيْرَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَالَ وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ أَثْبَتَ مِلْكَهُ عَلَيْهِ بِالِاصْطِيَادِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إِرْسَالُهُ عَلَيْهِ لينجو الصَّيْد بِنَفسِهِ فَإِذا قَتله فَقَدْ أَبْطَلَ مِلْكَهُ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ إِرْسَالُهُ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي تَضْمِينِ الْحَلَالِ الْقِيمَةَ وَلَوْ أَرْسَلَهُ الْمُحْرِمُ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَخْذُهُ مِنْهُ بَعْدَ إِحْلَالِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ.
السَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ طَرَدَ صَيْدًا مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَعْرِيضِهِ لِلِاصْطِيَادِ وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحَرَمِ مِنَ الْحِلِّ أَوْ مِنَ الْحِلِّ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ مِنَ الْحِلِّ وَأَدْرَكَتْهُ الرَّمْيَةُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقَالَهُ ش وح نظرا لبداية الْفِعْل كالعقد فِي الْعدة والوطئ بعْدهَا ونهايته وَإِنْ أَرْسَلَ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ وَأَخْرَجَهُ مَعَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَغْرِيرِهِ فَلَوْ كَانَ يَبْعُدُ مِنَ الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّ ذَكَاتَهُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لِعِصْمَةِ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ فَأَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فِي الْحِلِّ فَمَاتَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ يُؤْكَلُ لِنُفُوذِ الْمَقَاتِلِ فِي الْحِلِّ وَإِذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَأَنْشَلَا رجل آخر بانشلائه فعلَيْهِمَا جزاآن وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِتَفْرِيطِهِ إِذْ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِ الْجَارِحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا طَرَدَ الصَّيْدَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ إِنَّمَا يَضْمَنُهُ إِذَا كَانَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا رَمَاهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ وَلَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ وَمَاتَ فِي الْحَرَمِ يُؤْكَلُ لِكَمَالِ الْفِعْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَهُ إِرْسَالُ كَلْبِهِ مِنَ الْحَرَمِ عَلَى مَا فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنَ الصَّيْدِ غَايَتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ فِي الرَّجُلِ الْمُعِينِ بِأَشْلَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَصْلَ الِاصْطِيَادِ الْإِرْسَالُ وَالْحُكْمُ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بَعْدَهُ أَوْ سَمَّى لَمْ يُؤْكَلْ صَيْدُهُ قَالَ سَنَدٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَا يَقْرُبُ مِنَ الْحَرَمِ هَلْ يُمْنَعُ الصَّيْدُ كَمَا يُمْنَعُ الْحُرُمُ احْتِيَاطًا لِأَنَّ تَحْدِيدَهُ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ وَلَوْ قَتَلَ طَائِرًا فِي الْحَرَمِ وَلَهُ فِرَاخٌ فَمَاتُوا بِذَلِكَ ضَمِنَهَا فَإِنْ دَنَتْ إِلَى الْحِلِّ فَمَاتَتْ فِيهِ ضَمِنَهَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَسَ الطَّائِرَ فِي الْحَرَمِ وَلَهُ فِرَاخٌ فِي الْحِلِّ فَمَاتَتْ وَلَوْ نَقَلَ فِرَاخًا من الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَمَاتَتْ فِيهِ ضَمِنَهَا لِأَنَّهُ صَيْدٌ تَلِفَ فِي الْحَرَمِ بِسَبَبِهِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ شَجَرَةٍ فِي الْحَرَمِ وَلَهَا غُصْنٌ فِي الْحِلِّ جَازِ صَيْدُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّيْرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا فِي الْحِلِّ فَلَا يُصَادُ مَا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُصَادُ مَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح إِنْ كَانَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ وَقَوَائِمُهُ فِي الْحِلِّ فَلَا وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فِي الْحِلِّ وَرَأْسُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ لِأَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى قَوَائِمِهِ بِخِلَافِ الْيَقْظَانِ.
الثَّامِنُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا صَادَ طَيْرًا فَنَتَفَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ حَتَّى نَسَلَ فَطَارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْجَزَاءُ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً قَوَاعِدُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ سَوَاءٌ إِجْمَاعًا فِي الْمَفْهُومِ إِذَا خَرَجَ محرج الْغَالِبِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ إِجْمَاعًا الْأَصْلُ فِي الْكَفَّارَاتِ أَنْ لَا تَكُونَ إِلَّا مَعَ الْإِثْمِ كَمَا فِي الظِّهَارِ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ فَرْعُ التَّأْثِيمِ وَقَدْ يُوجد بِدُونِهِ كَمَا فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لِرَفْعِ التَّأْثِيمِ عَن الْمُخطئ للْحَدِيث الْمَشْهُور وَحنث الْيمن لأَمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِنْثِ إِذَا رَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا وَحَنِثَ مَعَه وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَفْعَلُ الْإِثْمَ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ فَإِنْ جعلنَا الصَّيْدِ مِنْ بَابِ الْكَفَّارَاتِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} الْمَائِدَة 95 وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَنُجِيبُ عَنْ نَفْيِ الْإِثْمِ بِمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} الْمَائِدَة 95 فَإِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ عَلَى الصَّيْدِ إِنَّمَا يُقْتَلُ مَعَ الْقَصْدِ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ لَنَا وللعلماء سوينا بَين الْعمد وَالْخَطَأ بالقاعدة الإجمالية وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْجَزَاءُ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ عِنْدَهُ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} الْمَائِدَة 95 فَلَوْ كَانَ ذَاكِرًا لِلْإِحْرَامِ لَوَجَبَتِ الْعُقُوبَةُ بِدُونِ الْعَوْدِ وَمَفْهُومُهُ إِذَا قُصِدَ مَعَ ذِكْرِهِ لِلْإِحْرَامِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَوْدِ أَيْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكُفْرِ وَفِي الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا جَزَاءَ فِي الْخَطَأ لمَفْهُوم قَوْله تَعَالَى {مُتَعَمدا}.
التَّاسِعُ:
فِي الْكِتَابِ مَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بعددها كَفَّارَات وَإِذا أصَاب الْمُعْتَمِر الصَّيْدِ قَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَتَلَ بَازًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ غَيْرَ مُعَلَّمٍ أَوْ قِيمَتُهُ لِصَاحِبِهِ مُعَلَّمًا وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ الصَّيْد وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل إِن لم يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ لَنَا أَنَّ الْحُكْمَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ.
الْعَاشِرُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَكُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنْ جَزَاء صَيْده وَغَيْرِهِ فَعَلَى الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إِخْرَاجُهُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِإِذْنٍ حَتَّى يَكُونَ السَّيِّدُ أَذِنَ فِيهِ وَقَالَهُ ش فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ صَامَ وَلَا يمنعهُ الصَّوْم وَإِن أضربه إِلَّا أَن يُهْدِيَ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمَ أَوْ يَكُونَ تَسَبُّبُهُ فِي ذَلِكَ عَمْدًا فَلَهُ الْمَنْعُ إِنْ أَضَرَّ بِهِ وَإِنْ كَسَرَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ بَيْضَ طير وَحش فِي الْحرم وَلَيْسَ فِيهِ فرج أَوْ فِيهِ وَمَاتَ قَبْلَ الِاسْتِهْلَالِ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَته الْأُمِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنِ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ جَزَاء أمه كَامِلا كغرة الْآدَمِيَّة وَقَالَ ش إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ الْبَيْضَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي بَيْضِ النَّعَامِ بِقِيمَتِهِ وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْضِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَخَالَفَ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَإِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ بَيْضَةً مِنْ حَمَامٍ بِمَكَّةَ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ عُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ وَفِي أُمِّهِ شَاةٌ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح إِنَّمَا فِيهِ قِيمَةُ أُمِّهِ لِأَنَّهُ مَذْهَبُهُ فِي جَمِيعِ الصَّيْدِ لَنَا أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّهُ تَكْثُرُ مُلَابَسَةُ النَّاسِ لَهُ فيغلظ فِيهِ حفظا لَهُ وَهُوَ يشبه الشَّاةِ لِأَنَّهُ يَعِفُّ كَمَا تَعِفُّ الشَّاةُ وَإِذَا كَسَرَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ النَّعَامِ أَوْ سَوَّاهُ لَمْ يَأْكُلْهُ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَمَارِيُّ مَكَّةَ وَيَمَامُهَا كَحَمَامِهَا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْقَمَارِيِّ وَالْيَمَامِ حُكُومَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الشَّاةَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَا يُخَيَّرُ لِأَنَّ الشَّاةَ فِيهِ تَغْلِيظٌ وَفِي الْوَاضِحَةِ هَذِهِ الشَّاةُ لَا تُذْبَحُ إِلَّا بِمَكَّةَ كَهَدْيِ الْجَزَاءِ قَالَ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ يَجُوزُ صَيْدُ حَمَامِ مَكَّةَ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَصَابَهُ فِي الْحِلِّ إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَته وَإِن الشَّاةَ خَاصَّةٌ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْحَرَمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِنْ كَانَ فِي الْبَيْضَةِ فَرْخٌ فَمَا قَالَ مَالِكٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ طَعَامُ مِسْكِينٍ أَوْ صِيَام يَوْم لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي كُلِّ بَيْضَةٍ صِيَامُ يَوْمٍ» قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْبَيْضَةِ صِيَامُ يَوْمٍ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَمَالِكٌ يَرَى أَنَّ نُطْفَةَ الطَّيْرِ قَدِ انْعَقَدَتْ بَيْضَةً كَمَا يَنْعَقِدُ الْمَنِيُّ عَلَقَةً فَإِنْ كَانَتِ الْبَيْضَةُ مَذِرَةً فَيَنْبَغِي نَفْيُ الضَّمَانِ لِأَنَّهَا مَيِّتَةٌ كَالصَّيْدِ الْمَيِّتِ وَلَا قِيمَةَ إِلَّا لِبَيْضِ النَّعَامَةِ لِقِشْرِهَا وَيُوجِبُ مَالِكٌ فِي الْفَرْخِ يَسْتَهِلُّ مَا فِي الْكَبِيرِ وَفِي كُلِّ صَغِيرٍ مَا فِي كَبِيرِهِ لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْكِتَابِ مَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَقُودُهُ أَوْ فِي قَفَصٍ مَعَهُ فَلْيُرْسِلْهُ ثُمَّ لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يُحِلَّ وَإِنْ أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ لَمْ يَضْمَنْ لِزَوَالِ مِلْكِ رَبِّهِ بِالْإِحْرَامِ وَلَوْ حَبَسَهُ مَعَهُ حَتَّى حَلَّ أَوْ بَعَثَ بِهِ إِلَى بَيْتِهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَهُوَ بِيَدِهِ ثُمَّ حَلَّ وَجَبَ إِرْسَالُهُ وَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ لَهُ إِمْسَاكَهُ وَلَا أَخْذَ بِهِ.
قَاعِدَةٌ:
الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
مِنْهَا مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ وَاسْتِمْرَارَهُ كَالرَّضَاعِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَيَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ.
وَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ فَقَطْ كَالِاسْتِبْرَاءِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَلَا يَقْطَعُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ.
وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي كَالطَّوْلِ يمْنَع نِكَاح الْأمة ابْتِدَاء فَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ هَلْ يَقْطَعُهُ خِلَافٌ وَوِجْدَانُ الْمَاءِ مَعَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَهُ خِلَافٌ وَالْإِحْرَامُ يَمْنَعُ مِنْ إِنْشَاءِ الْمِلْكِ فِي الصَّيْدِ وَهَلْ يُبْطِلُهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ خِلَافٌ فَعِنْدَ مَالك وَابْنِ حَنْبَلٍ لَا يُبْطِلُهُ وَعِنْدَ ش يَزُولُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْمَائِدَة 96 وَالْحَرَامُ لَا يُمْلَكُ لِأَنَّ الْمِلْكَ إِذْنٌ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالتَّحْرِيمُ مَنْعٌ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ فَيَمْنَعُ دَوَامَهُ كَاللِّبَاسِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرُ اسْمِ الْفِعْلِ تَقُولُ صَادَ يَصِيدُ صَيْدًا وَاصْطَادَ يَصْطَادُ اصْطِيَادًا الْمَعْنَى وَاحِدٌ فَيَكُونُ الْحَرَامُ هُوَ فِعْلَ الِاصْطِيَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا تَعَاطٍ فِعْلِيٍّ وَعَنِ الثَّانِي الْمُعَارَضَةُ بِالْقِيَاسِ عَلَى بَقَاءِ الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ فِي مِلْكِهِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ أَو فِي قفص مَعَه لِأَن الْيَد الْحِسْبَة أَقْوَى مِنَ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ فَبِقُوَّتِهَا أَشْبَهَتِ الِاصْطِيَادَ بِوُجُوب إِزَالَة الْيَد الحسية قَالَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ قَالَ سَنَدٌ لَمْ يُفَصِّلِ الْمَذْهَبُ إِذَا كَانَ صَيْدًا فِي بَيْتِهِ إِنْ كَانَ بَيْتُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إِنْ كَانَ بَيْتُهُ مِنْ وَرَاءِ مَوْضِعِ إِحْرَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَرَّ بِبَيْتِهِ فَنَزَلَ فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ لَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ لِغَيْرِهِ رَدَّهُ إِلَى رَبِّهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ مُحْرِمًا قَالَ ابْن حبيب يُرْسِلهُ ربه فَإِن كَانَ ربه غَائِبًا قَالَ مَالِكٌ إِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ بَلْ يُودِعُهُ حَلَالًا إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا بَقِيَ فِي صُحْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَضْمَنُ الصَّيْدَ بِالْيَدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَيْدًا وَدِيعَةً فَإِنْ فَعَلَ رَدَّهُ فَإِنْ غَابَ رَبُّهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يودعه عمده أَطْلَقَهُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ بِسَبَبِ وَصْفِهِ هُوَ فَهُوَ كَالْمُعْتَدِي وَلَوْ وَجَدَ رَبُّهُ حَرَامًا فَامْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ أَرْسَلَهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا ضَمَانَ لِامْتِنَاعِ رَبِّهِ مِنْهُ.
الْحَادِيَ عَشَرَ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا طَرَحَ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ الْحَلَمَةَ وَالْقُرَادَ وَالْحَمْنَانَ والبرغوث أَو الْعلقَة عَنْ دَابَّتِهِ أَوْ دَابَّةِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِن طرح المنان أَوِ الْحَلَمَ أَوِ الْقُرَادَ عَنْ بَعِيرِهِ فَلْيُطْعِمْ لِأَنَّهَا مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا تَعِيشُ إِلَّا فِي الدَّوَابِّ وَالْهَوَامُّ ضَرْبَانِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِالْأَجْسَامِ كَالدُّودِ وَالنَّمْلِ فَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِهِ لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ بَعْدَ الطَّرْحِ وَإِنْ قَتَلَهُ افْتَدَى وَمَا يَخْتَصُّ لَا يَجُوزُ طَرْحُهُ عَنِ الْجِسْمِ الَّذِي شَأْنه أَن يكون فِيهِ لتعرضه لِلْهَلَاكِ وَالْحَلَمُ وَالْقُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِالْآدَمِيِّ وَالْبُرْغُوثُ يَنْشَأُ مِنَ التُّرَابِ وَالْحَلَمُ يُسَمَّى صَغِيرًا قَمْقَامًا فَإِن زَاد فحمنان فَإِن ولد فقراد فَإِن تناهى فحلم وَجوز ش وح تَقْرِيدَ الدَّابَّةِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُقَرِّدُ بَعِيرَهُ لَنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَعُمُومُ آيَةِ الصَّيْدِ وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ عَلَى الضَّرُورَةِ وَقِيَاسًا عَلَى الْقُمَّلِ قَالَ وَإِنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمَيِّ افْتَدَى وَلَهُ فِعْلُ ذَلِكَ إِذَا حَلَّ لَهُ الْحِلَاقُ وَهُوَ الْأُشْنَانُ وَقَالَهُ ش وَجَوَّزَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَيَقْتُلُ الْهَوَامَّ وَإِذَا أَجْنَبَ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَحَرَّكَهُ بِيَدِهِ وَيَجُوزُ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ لِلْحَرِّ وَزَوَالِ الْعَرَقِ وَيُكْرَهُ غَمْسُ الرَّأْسِ فِي الْمَاءِ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّوَابَّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا وَإِنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَتَدَلَّكَ افْتَدَى وَيُكْرَهُ لَهُ غَسْلُ ثَوْبِهِ وَثَوْبِ غَيْرِهِ خَشْيَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ إِلَّا أَنْ تُصِيبَهُ جَنَابَةٌ فَبِالْمَاءِ وَحْدَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ لِلتَّدَفِّي وَلَا خِلَافَ فِي تَطْهِيرِ جَسَدِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَيَجُوزُ إِزَالَةُ الْعَرَقِ الْمُنْتِنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ فَقَتَلَ قَمْلًا فِي رَأْسِهِ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْفِدْيَة فِي التبريد وَلَهُ طَرْحُ ثَوْبِهِ عَنْهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَوَامُّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ أَجَازَ مَالِكٌ طَرحه وَرَأى أتحنون الْإِطْعَامَ لِمَالِكٍ أَنَّ الْقُمَّلَ كَانَ فِي الثَّوْبِ وَبَقِيَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى جَسَدِهِ فَأَلْقَاهُ فِي الثَّوْب حِين نَزعه كَانَ هَلَاكًا لَهُ وَإِبْقَاؤُهُ فِي الثَّوْبِ كَرَحِيلِهِ مِنَ الْبَيْتِ فَيَمُوتُ بَقُّهُ.