فصل: الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحُيَّضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحُيَّضِ:

وَهُنَّ سِتٌّ:
الْأُولَى: الْمُبْتَدَأَةُ إِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَادَةِ لِدَاتِهَا أَوْ دُونِهَا طَهُرَتْ وَإِنْ زَادَ فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فَفِي الْكِتَابِ تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ تَغْتَسِلُ مَكَانَهَا، وَرِوَايَة ابْن وهب تستظهر وَقَالَ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ عَلَى غَالِبِ الْحُيَّضِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا فَمُسْتَحَاضَةٌ. حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَتْرُكُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ نِصْفَ دَهْرِهَا وَهَذَا لَا يُفْهَمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ تَحِيضُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَدْ تَكُونُ عَادَةً فَهِيَ زَمَانُ حَيْضٍ وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ دَمِهَا حَيْضٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. وَوَجْهُ الِاسْتِظْهَارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ رَوَى الْمَدَنِيُّونَ وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ لَمَّا سَأَلَتْهُ «اقْعُدِي أَيَّامَكِ الَّتِي كُنْتِ تَقْعُدِينَ وَاسْتَظْهِرِي بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الْجَسَدِ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَتَسْتَظْهِرُ لَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَصْلُهُ لَبَنُ الْمُصَرَّاةِ وَلِأَنَّ الدَّمَ لَمَّا كَانَ فَضْلَةَ الْغِذَاءِ وَغُسَالَةَ الْجَسَدِ فَلِذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْبَدَنِ مِنَ الدَّعَةِ وَالْغِذَاءِ وَالْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ فَكَانَ الِاسْتِظْهَارُ فِيهِ مُتَعَيَّنًا. وَوَجْهُ عَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ أَنَّ إِلْحَاقَهَا بِأَقْرَانِهَا أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُعْتَادَة. تمسك الشَّافِعِي بِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ قَالَتْ حَمْنَةُ بنت جحش كنت أسحاض حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ قَالَ: «أَنْعِتُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ اتَّخِذِي ثَوْبًا قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَثِجُّ ثَجًّا قَالَ سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنِ الْآخَرِ وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَيْتِ فَصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيكِ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي كُلَّ شَهْرٍ حِينَ تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي مِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ وَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ وَتُصَلِّينَ فَافْعَلِي وَصُومِي إِنْ قَدَرْتِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ: يُقَالُ إِنَّ حَمْنَةَ كَانَتْ مُبْتَدَئَةً وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: سِتًّا أَوْ سَبْعًا اعْتِبَارًا بَلِدَاتِهَا إِنْ كُنَّ يَحِضْنَ سِتًّا فَسِتًّا أَوْ سَبْعًا فَسَبْعًا قَالَ وَقِيلَ كَانَتْ لَهَا عَادَةً فَنَسِيَتْهَا هَلْ هِيَ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ فَأَمَرَهَا أَنْ تَجْتَهِدَ فِي عَادَتِهَا وَلِهَذَا قَالَ: «فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ مَا عَلِمَهُ مِنْ ذَلِكَ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: «مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ».
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْلُ الرَّكْضِ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ وَجَدَ بِتِلْكَ سَبِيلًا لِلتَّشْكِيكِ عَلَيْهَا وَأَمَرَهَا بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ وَجَمْعِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ هُوَ الْأَصْلُ فِي جَمْعِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَصَاحِبِ السَّلَسِ فَائِدَةٌ اللِّدَاتُ بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعُ لِدَةٍ وَهِيَ الَّتِي وُلِدَتْ مَعَهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ التَّرْبُ الَّذِي خَرَجَ مَعَ الْإِنْسَانِ إِلَى التُّرَابِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَمْعُهُ أَتْرَابٌ.
الثانيةُ:
الصَّغِيرَةُ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَنَحْوِهَا فَدَمُهَا لَيْسَ بِحَيْضٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ فَإِن شككن أخذن بالأحوط. قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة قَالَ الشَّافِعِي رَأَيْتُ جَدَّةً بِالْيَمَنِ بِنْتَ عِشْرِينَ سَنَةً.
الثَّالِثَةُ:
الْآيِسَةُ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُسْأَلُ عَنْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إِنَّ مِثْلَهَا تَحِيضُ كَانَ حَيْضًا وَإِنْ قُلْنَ مِثْلُهَا لَا تَحِيضُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَلَا يَكُونُ حَيْضًا وَلَا تَغْتَسِلُ لَهُ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كَانَ حَيْضًا. قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَالْآيِسَةُ بِنْتُ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ وَبِنْتُ الْخَمْسِينَ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ. حُجَّتُهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنْتُ الْخَمْسِينَ عَجُوزٌ فِي الْغَابِرِينَ وَقَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنِ امْرَأَةٌ تُجَاوِزُ الْخَمْسِينَ فَتَحِيضُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قرشية.
الرَّابِعَةُ:
الْمُعْتَادَةُ فَإِنْ نَقَصَ دَمُهَا مِنْ عَادَتِهَا أَوْ تَسَاوَى طَهُرَتْ وَإِنْ زَادَ فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ مَالِكٌ طُولَ عُمُرِهِ إِنَّهَا تَقْعُدُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ مَالِكٌ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَبِهِ يَقُولُ الْمَدَنِيُّونَ وَابْنُ مَسْلَمَةَ وَبِالثَّانِي قَالَ الْمِصْرِيُّونَ. الثَّالِثُ تَقْتَصِرُ عَلَى الْعَادَةِ وَهُوَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة.
الرَّابِع لأبي الجهم الاجتياط فِيمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ فَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَلَا تُوطَأُ ثُمَّ تُعِيدُ الْغُسْلَ وَتُعِيدُ الصَّوْمَ.
الْخَامِسُ لِلْمُغِيرَةِ وَأَبِي مُصْعَبٍ الِاحْتِيَاطُ مِنْ حِينِ مُفَارَقَةِ الْعَادَةِ وَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إِنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَوْقَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ وَالسَّابِقُ يَقُولُ لَعَلَّهُ حَصَلَ دَمُ حَيْضٍ فِي أَثْنَاءِ هَذَا الدَّمِ. سُؤَالٌ الصَّلَاةُ مِنَ الْحَائِضِ حَرَامٌ وَمِنَ الطَّاهِرِ وَاجِبَةٌ وَالْقَاعِدَةُ مَتَى تَعَارَضَ الْمُحَرَّمُ وَالْوَاجِبُ قُدِّمَ الْحَرَامُ تَرْجِيحًا لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَغْلِيبًا لجَانب الأَصْل فَكَانَ الِاحْتِيَاط هَهُنَا تَرْكَ الْعِبَادَةِ. جَوَابُهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ بِالْحَيْضِ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ فَانْتَفَى التَّحْرِيمُ جزما. حجَّة الأول الحَدِيث الْمُتَقَدّم فِي المبتدئة. حُجَّةُ الثَّانِي حَدِيثُ الِاسْتِظْهَارِ. حُجَّةُ الثَّالِثِ أَنَّ الْغَالِبَ الْبَقَاءُ عَلَى الْعَوَائِدِ فَيَكُونُ الزَّائِدُ اسْتِحَاضَةً وَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فِي الْحَيْضَةِ يَتَمَادَى دَمُهَا: «إِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ: «دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» وَهُوَ حُجَّةُ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ الْحَيْضَةَ قَدْ يَزِيدُ قَدْرُهَا وَقَدْ يَنْقُصُ.
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ وَقَالَ فِي كتاب مُحَمَّد تسنظهر يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شَطْرَ الْعُمر فِي سِيَاق الْمُبَالغَة فِي الذَّم فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْغَايَةُ وَالنِّهَايَةُ.
الثاني:
لَوْ تَأَخَّرَ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ ثُمَّ خَرَجَ فَزَادَ عَلَى قَدْرِهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ لَا تَزِيدُ فِي الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الثَّلَاثِ.
الثَّالِثُ تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ قَالَهُ الْغَافِقِيُّ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} وَاعْتبر أَبُو حنيفَة مَرَّتَيْنِ وَمِنْهُ الْعِيدُ.
الْخَامِسَةُ:
الْمُتَحَيِّرَةُ فَفِي الْكِتَابِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَفِي آخَرَ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَفِي آخَرَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ كَمْ تَجْعَلُ عَادَتَهَا قَالَ لَا أَحْفَظُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَكْثَرِ أَيَّامِهَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَقَلِّ أَيَّامِهَا إِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّهَا الْمُسْتَقِرَّةُ وَيَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَعَلَّ عَادَتَهَا الْأُولَى عَادَتْ إِلَيْهَا بِسَبَبِ زَوَالِ سُدَّةٍ مِنَ الْمَجَارِي. وَقَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ إِنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَنْتَقِلُ. قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ على القَوْل يَنْفِي الِاسْتِظْهَارِ عُمُومًا.
السَّادِسَةُ فِي الْجِلَابِ:
الْحَامِلُ تَحِيضُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدَّمَ دَلِيلَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَلَوْ حَاضَتْ لَبَطَلَ الدَّلِيلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «دَمُ الْحَيْضِ أَسُودُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْحَائِلِ. لَنَا مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ إِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ وَكَمَا جَازَ النِّفَاسُ مَعَ الْحَمْلِ إِذَا تَأَخَّرَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ فَكَذَلِكَ الْحَيْضُ وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لما راقها وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو رآاك الشَّاعِرُ مَا قَالَ شِعْرَهُ إِلَّا فِيكَ وَهُوَ قَوْلُهُ:
وَمُبَرَّأً مِنْ كُلٍّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ ** وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءِ مُغِيلِ

مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيْضَ إِذَا جَرَى عَلَى الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ أَكْسَبَهُ بِسَوَادِهِ غَبَرَةً فِي جِلْدِهِ فَيَكُونُ أَقْتَمَ عَدِيمَ الْوَضَاءَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَعَارَفٌ عِنْدَهُمْ وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ الْغَالِبِ وَحَيْضُ الْحَامِلِ هُوَ الْقَلِيلُ وَالنَّادِرُ فَلَا يُنَاقِضُ دَلَالَةَ الْغَالِبِ.

فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ:
لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ فِي الْحَامِلِ إِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ إِنِ اسْتَمَرَّ دَمُهَا عَلَى عَادَتِهَا قَبْلَ الْحَمْلِ وَزَادَ دَمُهَا فِي بَعْضِ الشُّهُورِ تَجْرِي فِيهَا الْخَمْسَةُ الْأَقْوَالُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْحَائِلِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَمِرَّ عَلَى عَادَتِهَا فَإِمَّا أَنْ تَنْقَطِعَ أَوْ تَنْقُصَ أَوْ تَزِيدَ فَإِنِ انْقَطَعَتْ أَوْ نَقَصَتْ وَدَامَ ذَلِكَ حَيْضًا ثُمَّ أَتَاهَا الدَّمُ فَزَادَ عَلَى عَادَتِهَا الْأُولَى فَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ:
الْخَمْسَةُ السَّابِقَةُ، السَّادِسُ يُجْتَهَدُ لَهَا فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ أَوَّلُ الْحَمْلِ كَآخِرِهِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ رَأَتْ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَحْوَهَا وَفِي التَّفْرِيعِ إِلَى عِشْرِينَ يَوْمًا وَإِنْ جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِلَى الْعِشْرِينَ وَقَالَ فِي التَّفْرِيعِ إِلَى الثَّلَاثِينَ السَّابِعُ أَنَّهَا تَقْعُدُ أَقْصَى عَادَةِ الْحَوَامِلِ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ الثَّامِنُ أَنَّهَا تضَاعف أَيَّامَهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا قَبْلَ الْحَمْلِ وَتَغْتَسِلُ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ قَالَ مَالِكٌ تَجْلِسُ فِي أَوَّلِ الشُّهُورِ عَادَتَهَا وَالِاسْتِظْهَارُ وَفِي الثَّانِي ضِعْفَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارُ وَفِي الثَّالِثِ تَجْلِسُ مِثْلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي الرَّابِعِ تُرَبِّعُهَا وَهَكَذَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ يَوْمًا فَلَا تَزِيدُ لِأَنَّهُ أَقْصَى مُدَّةِ النِّفَاسِ فَهُوَ أَعْظَمُ دَمٍ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَأَنْكَرَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ هُوَ خَطَأٌ وَقَالَ النِّفَاسُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَالِاسْتِحَاضَةُ أَوْلَى بِهَا وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. وَأَمَّا إِنْ رَأَتْهُ أَوَّلًا بِزِيَادَةٍ وَقَدْ كَانَ قَبْلُ مُسْتَقِيمًا فَهِيَ فِي أَوَّلِهِ حَائِضٌ لِلزِّيَادَةِ مُسْتَحَاضَةٌ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَاضِي فَكَأَنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَهَذِهِ عَادَةٌ انْتَقَلَتْ تَبْنِي عَلَيْهَا مَا يَفْعَلُ بِالْحَامِلِ. وَجْهُ الِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَمْلَ يَحْبِسُ الدَّمَ عَنِ الْخُرُوجِ فَإِذَا خَرَجَ كَانَ زَائِدًا وَرُبَّمَا اسْتَمَرَّ لِطُولِ الْمُكْثِ. وَوَجْهُ عَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ هُوَ أَنَّهُ دَمٌ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَأَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ.
الثاني: لَوْ رَأَتِ الْحَامِلُ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي الْكِتَابِ لَا تُصَلِّي حَتَّى تَنْقَطِعَ عَنْهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَأْمُرُ النِّسَاءَ بِذَلِكَ.
الثَّالِثُ:
إِذَا رَأَتِ الْحَامِلُ مَاءً أَبْيَضَ عُقَيْبَ سَبَبِ إِسْقَاطٍ أَوْ نَحْوِهِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ وَلَا يَلْحَقُ بِالدَّمِ لِخُرُوجِهِ عَنْ صِفَتِهِ وَالْوُضُوءِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا مُعْتَادًا مِنَ الْفَرْجِ.

.الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ:

وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الدَّمِ الْمُعْتَبر قَالَ ابْنُ شَاسٍ إِذَا حَكَمْنَا بِالِاسْتِحَاضَةِ فَالْحَائِضُ إِمَّا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ وَكِلَاهُمَا إِمَّا مُمَيِّزَةٌ أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَهَذِهِ أَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ فَحَيْضَتُهَا مُدَّةُ تَمْيِيزِهَا مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ فَحَيْضَتُهَا مُدَّةُ التَّمْيِيزِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ تَخْتَلِفُ وَالتَّمْيِيزَ لَا يَخْتَلِفُ وَالنَّظَرَ إِلَى اللَّوْنِ اجْتِهَادٌ وَالْعَادَةَ تَقْلِيدٌ وَالِاجْتِهَادَ أَوْلَى وَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعَادَةِ لِلْمُغِيرَةِ وَأَبِي مُصْعَبٍ فَإِذَا شَكَّتْ أَهُوَ انْتِقَالُ عَادَةٍ أَوِ اسْتِحَاضَةٌ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ وَلَا يُصِيبُهَا زَوْجُهَا احْتِيَاطًا فَإِنِ انْقَطَعَ الدَّمُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلِمَتِ انْتِقَالَ الْعَادَةِ فَكَانَتِ الْمُدَّةُ كُلُّهَا حَيْضًا وَإِنِ اسْتَمَرَّ الدَّمُ عُلِمَ أَنَّهَا اسْتِحَاضَةٌ وَثَبَتَ حَيْضُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَادَتِهَا وَتَقْضِي الصَّوْمَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
الثاني: قَالَ مُطَرِّفٌ تَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
الثَّالِثُ: الِاسْتِظْهَارُ عَلَى الْعَادَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَتَجَاوَزُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَتَجَاوَزُ بِالْيَوْمَيْنِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ.
فُرُوعٌ تِسْعَةٌ:
الْأَوَّلُ:
اسْتُحِبَّ لِلْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْكِتَابِ أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ جَاهِلَةً فَتَرَكَتِ الصَّلَاةَ فَأَنْكَرَ سَحْنُونٌ مَا ذُكِرَ مِنْ سُقُوطِهَا بِالْجَهْلِ وَاسْتُحِبَّ لَهَا الْوُضُوءُ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا الْغُسْلُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حَمْنَةَ لِأَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوُضُوءِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عدم وجوب الْغسْل إِلَّا أَن تشك ودهب أَبُو ح وَش وَجَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهَا وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّ حَدِيثَ وُجُوبِهِ لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ زَادَ عُرْوَةُ ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقَالَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَنْكَرَهَا صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ فِي الصَّلَاة أتمتها وأجزأتها.
وَوجه الاسحباب أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْأَحْدَاثِ كَالسَّلَسِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَضْلَةِ الْمَنِيِّ أَنَّهَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ دُونَ الْغُسْلِ عَدَمُ الْحَرَجِ فِيهَا لِنُدْرَتِهَا بِخِلَافِهِ وَإِنَّمَا وِزَانُهُ سَلَسُ الْمَنِيِّ لَا جَرَمَ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَلَوْ خَرَجَتْ فَضْلَةُ الْمَنِيِّ فِي الصَّلَاةِ أَبْطَلَتْهَا وِفَاقًا بِخِلَافِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ.
الثاني: قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْغُسْلِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوُضُوءَ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ كَالسَّلَسِ وَوَجْهُ الثَّانِي أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِحَمْنَةَ بِهِ حِينَ أَمَرَهَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ تُرِكَ الْعَمَلُ بِالْغُسْلِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَأْمُرَانِ الْمُسْتَحَاضَةَ بِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إِنْ قَوِيَتْ عَلَى ذَلِكَ نَقَلَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ إِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً وَإِلَّا فَغُسْلُهَا عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ يَكْفِي. الثَّالِثُ:
الْمُسْتَحَاضَةُ تُوطَأُ خِلَافًا لِابْنِ عُلَيَّةَ لِمَا فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَت مُسْتَحَاضَة بأتيها زَوجهَا وَلقَوْله تَعَالَى {حَتَّى يطهرن} وَهَذِهِ طَاهِرٌ وَلِأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَتُوطَأُ قِيَاسًا عَلَى مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ..
الرَّابِعُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةً ثُمَّ الدَّمَ أَيَّامًا ثُمَّ الطُّهْرَ سَبْعَةً فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَرَادَ مُسْتَحَاضَةً فِي الدَّمِ الثَّانِي وَقِيلَ فِي السَّبْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِرَبْطِ هَذَا الدَّمِ بِالسَّبْعَةِ بَعْدَهُ وَأَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ بَعْدَ السَّبْعَةِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا أَيْضًا فَقَالَ التُّونِسِيُّ رَاعِي الطُّهْرَ خَمْسَةً وَالْأَيَّامُ أَقَلُّهَا يَوْمَانِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ سَبْعَةً مَعَ سَبْعَةٍ الطُّهْرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَجَاءَ الدَّمُ وَلَمْ يَكْمُلِ الطُّهْرُ. وَقِيلَ الدَّمُ الْآتِي بَعْدَ السَّبْعَةِ عَلَى صِفَةِ الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَهَا قَالَ التُّونِسِيُّ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ ثَلَاثَةً وَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَ السَّبْعَةِ مِنْ جِنْسِ الْآتِي فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ الْخَمْسَةِ فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا مُسْتَحَاضَةً وَيَنْبَغِي إِذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ الْحَيْضِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَرَى دَمًا تُنْكِرُهُ قَالَ وَالَّذِي قَالَهُ صَوَابٌ.
الْخَامِسُ:
إِذَا تَغَيَّرَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ إِلَى الْغِلَظِ وَالسَّوَادِ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ:
إِنْ لَمْ يَمْضِ بَعْدَ الْحَيْضِ زَمَانٌ هُوَ أَقَلُّ الطُّهْرِ عَلَى مَا تقدم فالستحاضة«خُذِي فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَخَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ لَهَا تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ».
التَّاسِعُ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا تَرَكَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلَاةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِظْهَارِ جَاهِلَةً لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِعَادَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ وَلَوْ طَالَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُتَأَوِّلَةٌ وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي النَّاسِي وَالنَّائِمِ لِتَفْرِيطِهِمَا وَقِيلَ تُعِيدُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ تُعِدْهُ قَالَ وَقَدْ سَأَلْتُ شَيْخَنَا ابْنَ رِزْقٍ فَقَالَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِلْخِلَافِ أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.