فصل: الرُّكْن الثَّالِث الْقِرَاءَة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الرُّكْن الثَّالِث الْقِرَاءَة:

وفيهَا فروع ثَمَانِيَة:
الْأَوَّلُ: الْبَسْمَلَةُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ الْوُجُوبُ لِ (ش) وَالْكَرَاهَةُ لِمَالِكٍ وَالنَّدْبُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَالْأَمْرُ بِهَا سِرًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ فِي الْمَكْتُوبَةِ سِرًّا وَلَا جَهْرًا إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي النَّافِلَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَخْتَلِفُ فِي جَوَازِهَا فِي النَّافِلَةِ وَأَنَّهَا لَا تُفْسِدُ الْفَرِيضَةَ وَقَالَ (ش) وَابْنُ شِهَابٍ هِيَ آيَة من الْفَاتِحَة وَللشَّافِعِيّ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَتْ آيَةً إِلَّا فِي النَّمْلِ لَنَا وُجُوهٌ خَمْسَةٌ:
أَحَدُهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ أَنَسٌ صَلَّيْتُ خلف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَكَانُوا يستفتحون بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين لَا يذكرُونَ بِسم الله الرحمان الرَّحِيم فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ وَلَا فِي آخِرِهَا.
الثَّانِي: مَا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» قَالَ أَبُو السَّائِب مولى هِشَام ابْن زُهْرَةَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَحْيَانًا أَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ فَغَمَزَ ذِرَاعِي ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ قَالَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اقْرَءُوا يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لله رب الْعَالمين يَقُول الله حمدني عَبدِي يَقُول العَبْد الرحمان الرَّحِيم يَقُولُ اللَّهُ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ مَالك يَوْم الدّين يَقُولُ اللَّهُ مَجَّدَنِي عَبْدِي يَقُولُ الْعَبْدُ إِيَّاكَ نعْبد وَإِيَّاك نستعين فَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُول العَبْد اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالّين فَهَذِهِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَالْقِسْمَةُ لَيْسَتْ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا وَلَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ مِنَ الْأَذْكَارِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الصَّلَاةِ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ إِمَّا مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنِ الْكُلِّ لِأَنَّ الدُّعَاءَ جُزْؤُهَا أَوِ التَّعْبِيرِ بِالْكُلِّ عَنِ الْجُزْءِ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ جُزْءُ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَسْمَلَةَ فِيهَا فَلَيْسَتْ مِنْهَا فَإِنْ قِيلَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَاللُّغَوِيَّةُ لَيْسَتَا مُرَادَتَيْنِ إِجْمَاعًا فَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْمَجَازِ وَهُوَ عِنْدَنَا مَجَازٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ الدُّعَاءُ إِلَى قِرَاءَةٍ مَقْسُومَةٍ بِنِصْفَيْنِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ جُمْلَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضَهَا فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّرْجِيحِ وَهُوَ مَعَهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ كُلِّهَا وَالْأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ أَرْجَحُ فَيَبْقَى الْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ الثَّانِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مَقْسُومَةً اتِّفَاقًا فَيَكُونُ ثُمَّ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ قَسَمْتُ بَعْضَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّجَوُّزَ عَنِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَن كل من أُطْلِقَ لَفْظُهُ حُمِلَ عَلَى عُرْفِهِ وَلِذَلِكَ حَمَلْنَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْرِ طَهُورٍ عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ التَّجَوُّزَ عَنِ الْكُلِّ إِلَى الْجُزْءِ أَوْلَى مِنَ الْجُزْءِ إِلَى الْكُلّ لِحُصُولِ الِاسْتِلْزَامِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْتِيعَابُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ مِنْ بَعْضِهَا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنَ الْإِضْمَارِ كَمَا تقرر فِي علم الْأُصُول.
الثَّالِث:
أَن الفاءات هِيَ الْفَاصِلَةُ بَيْنَ الْآيِ فَلَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنَ الْفَاتِحَةِ لَكَانَتِ الْآيَاتُ ثَمَانِيَةً وَهُوَ بَاطِلٌ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ تَسْمِيَتُهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَسَمُ اللَّهِ تَعَالَى يَكْمُلُ عِنْدَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وَلَيْسَ كَذَلِك.
الرَّابِعُ:
أَنَّ الْقَوْلَ بِمَا يُفْضِي إِلَى التَّكْرَارِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَهُوَ فِي {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ ثَنَاء على الله بِالرَّحْمَةِ فِي الْفِعْل المبسل عَلَيْهِ وَالثَّانِي ثَنَاء اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ لِكُلِّ مَرْحُومٍ فَلَا تَكْرَارَ.
الْخَامِسُ:
إِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تُقَامُ بَيْنَهُمْ مِنْ عَهْدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى زَمَنِ مَالِكٍ مَعَ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَنَقْلُهُمْ لِذَلِكَ بِالْفِعْلِ كَنَقْلِهِمْ لَهُ بِالْقَوْلِ فَيَحْصُلُ الْعِلْمُ فَلَا يُعَارِضُهُ شَيْءٌ مِنْ أَخْبَار الْآحَاد احْتَجُّوا بِوُجُوه:
أَحدهَا: إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى كَتْبِهَا فِي الْمُصْحَفِ وَالْإِرْسَالِ بِهِ إِلَى الْبِلَادِ احْتِرَازًا لِلْقُرْآنِ وَضَبْطًا لَهُ فَتَكُونُ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبُوهَا فِي أَوَّلِ بَرَاءَةٌ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا مِنْهَا.
الثَّانِي: مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنِّي لأشبهكه بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
الثَّالِثُ: مَا فِي التِّرْمِذِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يستفتح الصَّلَاة بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأُولَى أَنَّهَا لَمَّا أُنْزَلَتْ فِي النَّمْل أَمر عَلَيْهِ السَّلَام لَا يكْتب كتابا إِلَّا ابْتُدِئَ بِهَا فِيهِ فَجَرَى الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْيَوْمُ وَبِذَلِك رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ قُلْتُ لعُثْمَان مَا بالكم كتبتم بِسم الله الرحمان الرَّحِيمِ وَأَسْقَطْتُمُوهَا مِنْ بَرَاءَةٌ فَقَالَ مَا تَحَقَّقْتُ هَلْ هِيَ سُورَةٌ عَلَى حِيَالِهَا أَمْ هِيَ وَالْأَنْفَالُ سُورَةٌ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ وَحَدِيثُهُ فِي الْمُوَطَّأِ يُوهِنُ هَذَا الْحَدِيثَ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِن ذَلِك فِي النَّافِلَة وَاسع فعل ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ حِكَايَةُ الْبَاجِيِّ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ حُجَّةُ الْأَوَّلُ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَعُمُوم اللَّام يَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ.
تَنْبِيهٌ:
جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَالْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مُتَوَاتِرَةً فَلَا تَكُونُ قُرْآنًا وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ دَلِيلٌ قَاطِعٌ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُمُ الْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ إِنْ أَخَذُوهُ كُلِّيَّةً انْدَرَجَتْ فِيهَا صُورَةُ النِّزَاعِ فَالْخَصْمُ يَمْنَعُ الْكُلِّيَّةَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى صُورَةِ النِّزَاعِ أَوْ جُزْئِيَّةً لَمْ تُفِدْ شَيْئًا إِذْ لَعَلَّ صُورَةَ النِّزَاعِ فِيمَا بَقِيَ غَيْرُ الْجُزْئِيَّةِ وَمِمَّا يُوَضِّحُ لَكَ فَسَادَهُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ إِجْمَاعًا وَكَذَلِكَ مَنْ نقص مِنْهُ مَا هومنه فَكَانَ يَلْزَمُ تَكْفِيرُنَا أَوْ تَكْفِيرُ خَصْمِنَا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مَلْزُومًا لِلتَّوَاتُرِ بَلْ عِنْدَ الْخَصْمِ الْقُرْآنُ يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ وَبِغَيْرِ التَّوَاتُرِ فَمُصَادَرَتُهُ عَلَى ذَلِكَ لَا تجوز لِأَنَّهُ يَقُول إِن الْبَسْمَلَة لَيست مُتَوَاتِرَةً وَهِيَ قُرْآنٌ وَنَحْنُ أَيْضًا نَقُولُ هِيَ غير متواترة وَلَا يكفر مثبتها من الْقُرْآن فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّنَا غَيْرُ جَازِمِينَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ.
الثَّانِي:
قَالَ فِي الْكِتَابِ يَتَعَوَّذُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ إِنْ شَاءَ وَلَا يَتَعَوَّذُ أَحَدٌ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَيَجُوزُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَعَوَّذُونَ فِيهِ خِلَافًا لِ (ش) وَ (ح) لَنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَسْمَلَةِ مِنَ النُّصُوصِ وَعَمَلِ الْمَدِينَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ فِي النَّافِلَةِ فَأَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ وَكَرِهَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِذَا تَعَوَّذَ فَهَلْ يَجْهَرُ بِهِ كَالْقِرَاءَةِ أَوْ كَالتَّسْبِيحِ لَهُ قَوْلَانِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسِرُّهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَجْهَرُ بِهِ وَيَتَعَوَّذُ فِي جُمْلَةِ الرَّكَعَاتِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَ (ش) لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ وَيَخْتَصُّ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى عِنْدَ (ح) لِأَنَّهُ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ حُجَّةُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم} حُجَّةُ الثَّانِي أَنَّ الْمُهِمَّ صَرْفُ الشَّيْطَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنِ الصَّلَاةِ وَقَدْ حَصَلَ وَلَفْظُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ش) وَ (ح) أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَعِنْدَ الثَّوْرِيِّ أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَمَذْهَبُ الْجَمَاعَةِ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ فَيَكُونُ أَوْلَى.
الثَّالِثُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى قَوْلِ عُمَرَ حِينَ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ قَالُوا لَهُ إِنَّكَ لَمْ تَقْرَأْ قَالَ كَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ قَالُوا حَسَنًا قَالَ فَلَا بَأْس إِذن وَيُعِيدُ بَعْدَ الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ إِنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ قَالَ الْمَازرِيّ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ إِنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ فَرْضًا مُحْتَجًّا بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فَرْضًا لَمَا حَمَلَهَا الإِمَام فَإِن الإِمَام لَا يحمل الْفُرُوض ولقضية عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْمِلُ الْقِيَامَ وَهُوَ فَرْضٌ وَلِأَنَّ الْحَمْلَ رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ بِهَا عَلَى مَحَلِّهَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمَتْرُوكَ لِعُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ دُونَ الْقِرَاءَةِ حُجَّةُ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدّم مِنَ الْحَدِيثِ فِي الْبَسْمَلَةِ.
الرَّابِعُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ الْمَعْهُودَ مِنَ الْقِرَاءَةِ حُرُوفٌ منظومة وَالَّذِي فِي النَّفْسِ لَيْسَ بِحُرُوفٍ فَإِنْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ نَفْسَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّة يُجزئهُ والاسماع يسير أَحَبُّ إِلَيَّ وَقَالَهُ (ش) فَلَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِي نَفْسِهِ خِلَافًا لِ (ش) وَأَشْهَبَ لِأَنَّ الَّذِي فِي النَّفْسِ لَيْسَ بِقِرَاءَةٍ وَإِذَا لم تجب الْقِرَاءَة فيختلف فِي وُقُوفه تَخْرِيجًا عَلَى الْأُمِّيِّ قَالَهُ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْأَبْكَمُ يَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ.
الْخَامِسُ:
قَالَ فِي الْكِتَابِ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ مِنَ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْنِ مَنْ غَيْرِهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ فَإِنْ تَرَكَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ اسْتُحِبَّ الْإِعَادَةُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إِذَا كَانَتْ حَضَرِيَّةً وَأَتَمَّهَا بِالسُّجُودِ وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ يُلْغِيهَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ وَالْأَوَّلُ أَعْجَبُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الَّذِي اسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ وَالْإِعَادَةَ وَكَانَ عِنْدَهُمَا إِعَادَةُ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ أَبْعَدُ أَقَاوِيلِ مَالِكٍ قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَعْجَبُ إِلَيْهِ مُرَادُهُ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ بِالسُّجُودِ وَعَلَيْهِ جُلُّ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ رَأْيَ ابْنَ الْقَاسِمِ بإلغاء الرَّكْعَةِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ وَمُرَادُهُ بِالْقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ يَعْنِي فِي التَّلْقِينِ وَفِي الْأَكْثَرِ عَلَى رِوَايَةٍ وَفِي رَكْعَةٍ عِنْدَ الْمُغْيِرَةِ وَكَلَامُ التَّلْقِينِ وَالْجَوَاهِرِ هُوَ رَأْيُ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ كَمَا تَرَى وَوَافَقْنَا (ش) عَلَى وُجُوبِهَا وَقَالَ (ح) سُنَّةٌ يَسْجُدُ لِسَهْوِهَا وَالْوَاجِبُ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ نَحْوَ نِصْفِ آيَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ آيَةٌ وَرَوَى آيَةٌ طَوِيلَةٌ أَوْ ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ وَلَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ إِلَّا فِي رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ مُلَاحَظَةً لِأَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالزَّائِدُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ شُرِعَ عَلَى الْخِفَّةِ لَنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حُجَّةُ (ح) قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ من الْقُرْآن} وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ مَدَنِيَّةٌ وَكَانَتِ الصَّلَاةُ قَبْلَهَا صَحِيحَةٌ إِجْمَاعًا فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِجْمَاعُ إِلَّا بِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ صِحَة الصَّلَاة مَعْنَاهُ لم يدل دَلِيل حِينَئِذٍ اشْتِرَاطَ الْفَاتِحَةِ وَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَيَكْفِي فِي رَفْعِهَا أَدْنَى دَلِيلٍ وَقَدْ بَيَّنَّا رَفْعَهَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا وَجْهُ اقْتِصَارِ الْوُجُوبِ عَلَى رَكْعَةٍ فَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلِأَنَّهُ نَظَرٌ وَاجِبٌ فَلَا يَتَكَرَّرُ كَالتَّحْرِيمِ وَالسَّلَامِ وَجه الْوُجُوب فِي كل رَكْعَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي مُسْلِمٍ لِلْإِعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ قُمْ وَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ وَسَاقَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلِأَنَّهَا لَمَّا وَجَبَتْ فِي رَكْعَةٍ وَجَبَتْ فِي جُمْلَةِ الرَّكَعَاتِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَجه الْوُجُوب فِي الْأَكْثَر أَنَّهَا مسئلة اجْتِهَادٍ فَيُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْأَقَلِّ وَوَجْهُ السُّجُودِ أَنَّ أقل أحوالها أَن يلْحق بِالسُّنَنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ وَتُسْتَحَبُّ فِي السِّرِّ دُونَ الْجَهْرِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ لَا يَقْرَؤُهَا فِيهِمَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ لَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِطْلَاقِ عِنْدَ مَالِكٍ وَ (ح) وَقَالَ (ش) تَجِبُ الْفَاتِحَةُ عَلَيْهِ لِعُمُومِ النُّصُوصِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ صلى عَلَيْهِ السَّلَام الصُّبْحَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّي أَرَاكُم تقرؤون وَرَاء إِمَامِكُمْ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِي وَاللَّهِ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ لَنَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَالْخلاف فِي الْجَهْر والسر وَاحِدٌ وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ آنِفًا فَقَالَ رَجُلٌ نَعَمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنِّي أَقُول مَا لي أنازع الْقُرْآن فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ وَفِي مُسْلِمٍ أَقِيمُوا الصُّفُوفَ ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فانصتوا وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام الأيمة ضُمَنَاءُ وَالضَّمَانُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَاتِحَةِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ فِيمَا ذَكَرُوهُ أَنَّ الْعُمُومَاتِ مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهُ طَعَنَ فِي سَنَدِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا.
السَّادِسُ:
فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ لَمْ يُحْسِنِ الْقِرَاءَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهَا فَإِنْ لَمْ يَسَعِ الْوَقْتُ ائْتَمَّ بِمَنْ يُحْسِنُهَا وَفِي الطَّرَّازِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّمَ وَلَا يتوانى لِأَنَّهَا من فروض الصَّلَاة وَيَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يُصَلِّيَ وَحْدَهُ قَالَ فَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ تُجْزِهِ وَأَعَادَهَا هُوَ وَمَنِ ائْتَمَّ بِهِ كَذَلِك قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ سَحْنُون فَرْضه ذكر الله تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ (ش) وَعِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ وَصَاحِبِ الطَّرَّازِ لَا يَجِبُ التَّعْوِيضُ قِيَاسًا عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إِذَا تَعَذَّرَتْ وَلِأَنَّ الْبَدَلَ يَفْتَقِرُ إِلَى نَصٍّ وَالَّذِي رُوِيَ من ذَلِك فِي حَدِيث الْأَعرَابِي المسئ لِصَلَاتِهِ زِيَادَةٌ لَمْ تَصِحَّ وَإِذَا لَمْ يَجِبِ الْبَدَلُ فَعِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ يَقِفُ وُقُوفًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَسِيلَةُ الْقِرَاءَةِ وَإِذَا بَطَلَ الْمَقْصِدُ بَطَلَتِ الْوَسِيلَةُ وَعِنْدَ (ح) يَجِبُ الْوُقُوفُ بِقَدْرِ آيَةٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى فَلَوِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَمَا أُمِرَ فَطَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بِأَنْ يَكُونَ شَدِيدَ الْحِفْظِ وَسَمِعَ مَنْ يَقْرَؤُهَا فَلَا يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ قَالَ صَاحِبَ الطَّرَّازِ وَكَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ فَتَطْرَأُ عَلَيْهِ الْقُدْرَةُ وَقَالَ (ح) يَقْطَعُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِأَنَّهُ عَقَدَ إِحْرَامَهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَوِ أُرْتِجَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ السُّورَةَ مِنْ أَوَّلِهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ كَأَن يسْتَأْنف الْقِرَاءَة وَيَبْنِي على رفض النِّيَّة هَل تُؤَثِّرُ فِي الْإِبْطَالِ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى نِيَّةٍ فَأَثَّرَ فِيهَا الرَّفْضُ وَالْقِرَاءَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الرَّفْضُ وَهُوَ قَوْلُ (ش) فَلَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إِلَّا بِالْعَجَمِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ خِلَافًا لِ (ح) مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ: تَعَالَى {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} وَلَمْ تَكُنْ فِيهَا عَرَبِيَّةٌ وَلِأَنَّ الْإِعْجَازَ يُرَادُ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَقْصُودًا فِي الصَّلَاةِ بَلِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالِاتِّعَاظُ وَهُمَا حَاصِلَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} وَالْقُرْآنُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْعَرَبِيُّ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِعْجَازَ مُرَادٌ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي لِاسْتِصْحَابِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِمَا لَوْ نَظَمَ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى شِعْرًا وَبِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ الْقُرْآنِ.
السَّابِعُ:
فِي الْجَوَاهِرِ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَبَدًا وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ وَمَنْ قَرَأَ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بطلت صلَاته وَقَالَ أَشهب فِي الْمَجْمُوعَة من صَلَّى بِالتَّوْرَاةِ أَوِ الْإِنْجِيلِ أَوِ الزَّبُورِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يُحْسِنُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَالْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ.
الثَّامِنُ:
كَرِهَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْقِرَاءَةِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَهُوَ قَول (ح) رَحمَه الله وَجه الْمَشْهُور مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَسْمَلَةِ.