فصل: الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنَ الصَّيْدِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنَ الصَّيْدِ:

وَفِي الْكِتَابِ إِنْ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاءٌ آخَرُ وَلَا قِيمَةُ مَا أَكَلَ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا أَكَلَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فِي الصَّيْدِ كَالْقَتْلِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى صَيْدِ الْحَلَالِ وَصَيْدِ الْحُرُمِ وَمَا ذُبِحَ مِنْ أَجْلِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَأْكُلُهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ ذَبَحَهُ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ لِأَنَّ لِلْمُحْرِمِ مُشَارَكَةً فَأَشْبَهَ مُشَارَكَةَ الْبَازِيِّ الْمُعَلَّمِ لِغَيْرِ الْمُعَلَّمِ قَالَ سَنَدٌ وَذَكَاةُ الْمُحِلِّ مِنْ غَيْرِ إِعَانَةِ الْمُحْرِمِ وَأَمْرِهِ مُبِيحَةٌ لِلْمُحْرِمِ وَمَنَعَهُ قَوْمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} الْمَائِدَة 96 وَفِي أبي دَاوُد أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إِلَيْهِ عَضُدُ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَقَالَ: «إِنَّا حُرُمٌ» وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الصَّيْدَ مَصْدَرٌ فَهُوَ فِعْلُ الصَّائِدِ لَا الْمَصِيدِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّهَا وَاقعَة عين فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِمَ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي دَاوُدَ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لم تصيدوه أَو يصاد لَكُمْ زَادَ التِّرْمِذِيُّ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ قَالَ وَسَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ ذَبْحُهُ لِيُهْدَى لَهُ أَوْ يُبَاعَ مِنْهُ لِوُجُودِ الْقَصْدِ فَإِنْ أَكَلَ وَعَلِمَ قَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ جَزَاءُ الصَّيْدِ كُلِّهِ لِأَنَّ الصَّيْدَ إِنَّمَا حَرُمَ اصْطِيَادُهُ لِأَكْلِهِ فَهُوَ مَقْصُودُ الْجِنَايَةِ فَأولى بترتب الجابر وَقَالَ أصْبع وح لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَيْتَةً وَالْمَيْتَةُ لَا جَزَاءَ لَهَا وَقَالَ ش عَلَيْهِ مِنَ الْجَزَاءِ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ مِنْهُ لَنَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَالْكَفَّارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُلُوا إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي وَإِذَا أَكَلَ مِنْهُ مُحْرِمٌ غَيْرُ الْمَقْصُودِ بِهِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُخْتَلِفِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ الْجَزَاءُ فَإِنْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ كُرِهَ لَهُ أَكْلُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مَرَّةً وَأَجَازَهُ أُخْرَى وَلَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى حَلَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكْلُهُ مَكْرُوهٌ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إِنْ فَعَلَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى حَلَّ قَالَ سَنَدٌ وَفِي تَحْرِيمِ الْبَيْضِ عَلَى الْحَلَالِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذَكَاةٍ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَأْكُلُ الْمُحْرِمُ بَيْضًا شُوِيَ مِنْ أَجْلِهِ وَإِن يُكَفِّرَ إِذَا أَكَلَهُ.

.الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْجَزَاءِ:

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْمَائِدَة 95 فَالْوَاجِبُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ ش الْمثل فِي النَّعَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَقَالَ ح الْقِيمَةُ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل} وَلَمْ يَقُلْ جَزَاءٌ مَا قَتَلَ فَجَعَلَ الْهَدْيَ مِنَ النَّعَمِ لِمِثْلِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَيُصْرَفُ فِي الْهَدْيِ.
وَثَانِيهَا: اشْتِرَاطُ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ لَاكْتَفَى بِمَا حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَلِ الْمُرَادُ الْقِيمَةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْآيَةَ تَسْلَمُ مِنَ التَّخْصِيصِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ يَخْرُجُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْعَصَافِيرِ وَالنَّمْلِ وَالْقُمَّلِ وقَوْله تَعَالَى {لَا تقتلُوا الصَّيْد} عَامٌّ فِيهِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ مُتْلَفٌ عُدْوَانًا فَيُسَوَّى كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ قُرِئت فجزاء مثل مَا قتل بتنوين الْجَزَاء وبإضافته والقراءتان منزلتان فيجيب الْعَمَلُ بِهِمَا وَالْجُمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ فَعَلَى التَّنْوِينِ يَكُونُ الْمَعْنَى فَجَزَاءٌ مُمَاثِلٌ مِنَ النَّعَمِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَالنَّعَمِ وَعَلَى الْإِضَافَةِ يُحْتَمَلُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ فَيُرَدُّ الْمُحْتَمَلُ إِلَى الصَّرِيحِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّيْدَ فِيهِ مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَا لَمْ يَتَقَرَّرْ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَضَاءُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مُخْتَصٌّ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي حَضَرَتْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّصِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ.
قَاعِدَةٌ:
كُلِّيَّةٌ فِي أَصْنَافِ تِلْكَ الصُّيُودِ وَلَا أَنْ نُقَلِّدَهُمْ بَلِ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْكُمُ بِهِ وَكَوْنُهُ جَزَاءَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي وُقُوعَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ قَتْلِ الصَّيْدِ الْمَحْكُومِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَزَالُوا يَقْضُونَ فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بِبَقَرَةٍ وَفِي الضَّبُعِ بِشَاةٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ مَعَ اخْتِلَافِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيمُ مِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَجَرُّدُ الْحُكْمِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ وَعَدَمُ التَّقْلِيدِ وَأَنَّ الْقِيمَةَ مُلْغَاةٌ فَنَحْنُ نَمْنَعُ التَّقْلِيد فَمَا حُكِمَ فِيهِ بَلْ إِجْمَاعُهُمْ مُسْتَنِدٌ لِلْحَكَمَيْنِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ وَمَوَاقِعُ اخْتِلَافِهِمْ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْحَكَمَانِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَقْوَالِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ يُنْظَرُ بِمَا وَقَعَ فِيهِ الْحُكْمُ أَو مَا تَقْتَضِيه الممائلة الْوَاقِعَةُ فِي الْآيَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنِ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ أَنَّ الضَّمِيرَ الْخَاصَّ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصَ عَامِّهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن قَتله مِنْكُم} خَاصٌّ بِمَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا يَخْتَصُّ عُمُومَهُ سَلَّمْنَا التَّخْصِيصَ لَكِنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ قَوْله تَعَالَى {من النعم} {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَمِنْ لِبَيَانِ جِنْسِ الْجَزَاءِ وَالْهَدْيُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ النَّعَمِ أَيْضًا وَإِلْغَاءُ الظَّوَاهِرِ كُلِّهَا لِلتَّخْصِيصِ تَعَسُّفٌ وَعَنِ الرَّابِعِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَام مَسَاكِين} وَتَسْمِيَتُهُ بِالْكَفَّارَةِ يَمْنَعُ قِيَاسَهُ عَلَى الْمُتْلَفَاتِ وَإِنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَفَّارَاتِ وَقَالَ ش كُلُّ مَا حَكَمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ لَا يُجْتَهَدُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تخطئتهم وَلَيْسَ مُخَالفا لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ وَجَوَابُهُ لَا يَلْزَمُ تَخْطِئَتُهُمْ لِأَنَّا لَا نُخَالِفُهُمْ بَلْ لَا نَحْكُمُ إِلَّا بِمَا حَكَمُوا بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمْ رَدًّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّيْدِ مِثْلُهُ فِي الصُّورَةِ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ أَوْ طَعَامٌ بِمِثْلِ قِيمَةِ الصَّيْدِ أَوْ صِيَامٌ بِقِدْرِ الطَّعَامِ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمٌ وَكِسْرَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْجَزَاءَ كَفَّارَةً وَالْكَفَّارَاتُ الْإِطْعَامُ فِيهَا بِعَدَدِ أَيَّامِ الصِّيَامِ أَمْدَادًا أَوْ مَسَاكِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَالْعَصَافِيرِ خُيِّرَ بَيْنَ قِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ عَدْلِهِ صِيَامًا.
تَفْرِيعَاتٌ خَمْسَةٌ:
الْأَوَّلُ: فِي الْكِتَابِ يَحْكُمُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حَكَمَانِ عَدْلَانِ فَقِيهَانِ خِلَافًا لِ ش فِي الْفِقْهِ لِيَعْلَمَا مَوَاضِعَ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وأقضية السّلف وَمَاله مِثْلٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا غير الإِمَام وَلَا يَكْتَفِي بالمروي وليبدآ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يَخْرُجَانِ عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى فَإِن اخْتلفَا ابتدآ الحكم حَتَّى يحصل فِيهِ اثْنَان وَإِن اخطأ خطأ بَينا كوضع الشَّاة مَوضِع الْبَدنَة نقص الْحُكْمُ وَالْخِيَرَةُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِيمَا يَحْكُمَانِ بِهِ من النعم أَو الطَّعَام أَو الصّيام يأمرهما بِأَيَّتهَا شَاءَ فَيَحْكُمَانِ بِهِ لِأَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ بَعْدَ الْحُكْمِ غَيْرَ الْمَحْكُومِ بِهِ فَيَحْكُمَ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْجَرَادِ فَإِنْ كَفَّرَ بِغَيْرِ حُكْمٍ أَعَادَ إِلَّا حَمَامَ مَكَّةَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْحُكْمِ وَأَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَكُونَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا مُتَعَاقِبَيْنِ وَتَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ وَفِي الضَّبِّ اخْتِلَافٌ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ شَاةٌ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتَهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلَ ذَلِكَ صِيَامًا وَكَذَلِكَ الثَّعْلَبٌ قَالَ سَنَدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ غَيْرُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ إِلَى اخْتِيَارِ غَيْرِ مَا حُكِمَ بِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِالْعَدْلِ فَلَا يَنْتَقِضُ كَسَائِرِ صُوَرِ الْحُكْمِ وَجَوَابُهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ إِبْطَالِهِ كَكَفَّارَةِ الْحِنْثِ وَإِفْسَادِ رَمَضَانَ وَالتَّخْيِيرُ فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَلِلْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي رَفْعُهُ قَالَ وَالْحُكْمُ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالدَّلِيلِ لَا بِالتَّقْلِيدِ فَيَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ دَلِيلًا فَإِنِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ وَاسْتَوَوْا عِنْدَ الْحَكَمَيْنِ لَا يُقَلِّدَانِ وَيَطْلُبَانِ التَّرْجِيحَ.
الثَّانِي:
فِي الْجَوَاهِرِ الْوَاجِبُ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَكَذَلِكَ الْفِيلُ لَكِنْ مِنَ الْهِجَانِ الْعِظَامِ الَّتِي لَهَا سَنَمَانِ خُرَاسَانِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا دُونَ مَا يُشْبِعُ لَحْمُهُ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَيْسَ فِيهِ رِوَايَةٌ وَلَا لَهُ نَظِيرٌ لَكِنْ يُجْعَلُ فِي مَرْكِبٍ فِي الْمَاءِ وَيُنْظَرُ مَا نَزَلَتْ بِهِ فِي الْمَاءِ يُنْزَلُ بِالطَّعَامِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ لِعِظَمِهَا وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْإِبِلِ وَبَقْرِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَفِي الضَّبُعِ شَاةٌ وَفِي الْكِتَابِ فِي الْيَرْبُوعِ وَالضَّبُعِ وَالْأَرْنَبِ وَنَحْوِهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالصِّيَامِ وَفِي حَمَامِ وَالْحرَام مَكَّة شَاةٌ وَكَذَلِكَ الدَّنَسِيُّ وَالْقُمْرِيُّ إِنْ كَانَ مِنَ الْحَمَامِ عِنْدَ النَّاسِ وَالْيَمَامُ مِثْلُ الْحَمَامِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْحَمَامِ فَحُكُومَةٌ وَفِي الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ سَنَدٌ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْيَرْبُوعِ وَالْأَرْنَبِ عَنْزٌ وَفِي الضَّبِّ شَاةٌ وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ فِي الشَّاةِ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَظَاهِرُ اللُّغَةِ أَنَّ كُلَّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْقُمْرِيِّ وَنَحْوِهِ حُكُومَةٌ لِاخْتِلَافِ هَدِيرِهِ مَعَ الْحَمَامِ وَإِذَا عَدِمَتِ الشَّاةُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَا تَخْيِيرٌ وَالدَّبَا صِغَارُ الْجَرَادِ وَيَجِبُ فِي صِغَارِ الصَّيْدِ مِنَ النَّعَمِ مِثْلُ كِبَارِهِ وَفِي مَعِيبِهِ مِثْلُ سَلِيمِهِ وَقَالَ ش يَجِبُ فِي الْمَعِيبِ مَعِيبٌ وَفِي الْأَعْوَرِ هَدْيٌ أَوْ عَوِرٌ وَالْمَكْسُورِ وَيُرَاعَى جِنْسُ الْعَيْبِ فَلَا يُخْرَجُ الْأَعْرَجُ عَنِ الْأَعْوَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الْمَائِدَة 95 وأنفقوا على إِجْزَاء الصَّحِيح عَن المعييب وَاخْتَلَفُوا فِي إِجْزَاءِ الذَّكَرِ عَنِ الْأُنْثَى لَنَا قَوْله تَعَالَى {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَالْهَدْيُ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّغِيرُ وَلِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ بِالنَّصِّ وَلِدُخُولِ الصِّيَامِ فِيهِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كَكَفَّارَةِ الْآدَمِيِّ إِذَا قُتِلَ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ يَلْحَقُ صَغِيرُهُ بِكَبِيرِهِ اعْتِبَارًا بِمَا لَهُ مِثْلٌ وَإِذَا أَوْجَبْنَا عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ فَمِنْ وَسَطِ أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ وَفِي الْجَوَاهِر إِذا لم يستهل جَنِين الصَّيْد صراخا قَالَ أَشْهَبُ فِيهِ دِيَةٌ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ وَفِي الْبَيْضَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَقِيلَ حُكُومَةٌ.
الثَّالِثُ:
فِي الْكتاب أدنى مَا يُجزئ فِي جَزَاء الصَّيْدِ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ هَدْيًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهَدْيِ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِك فطعام أَو صِيَام وَإِذا أَرَادَ الطَّعَام قوم للصَّيْد وَقْتَ تَلَفِهِ حَيًّا وَيُجْزِئُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ إِنْ كَانَ طَعَامَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُجْزِئُ فِي الْإِطْعَامِ مَا يُجزئ فِي كَفَّارَات الْيمن وَيُقَوَّمُ الصَّيْدُ وَلَا يُقَوَّمُ جَزَاؤُهُ وَقَالَ ش يُقَوَّمُ الْجَزَاءُ لَا الصَّيْدُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ تُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِطَعَامٍ لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٌ وَجَبَ مِثْلُهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ سَائِرَ الصُّوَرِ الْمِثْلُ فِيهَا مُسَاوٍ لِلْمُتْلَفِ فِي الرغبات وَالْقيمَة وَهَا هُنَا قِيمَةُ الْبَدَنَةِ مُخَالِفَةٌ لِقِيمَةِ النَّعَامَةِ وَالْأَصْلُ مُسَاوَاةُ الْعقُوبَة لِلْجِنَايَةِ قَالَ وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ غَالِبًا وَالطَّعَامُ أَصْوَبُ فَإِنْ شَاءَ الصَّوْمَ صَامَ عَدَدَ أَمْدَادِ الطَّعَام أَيَّامًا بمده عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن جاور شُهُورًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ كَسْرِ الْمُدِّ يَوْمًا وَإِذَا أَطْعَمَ فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَلَوْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنًا أَوْ عَرَضًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَالْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا تُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ بَلِ اللَّحْمُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ لِلْأَكْلِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكَاتِ التَّحْرِيمُ فِيهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَغْرَاضُ الْمَالِكِ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْجَمَالُ وَغَيْرُهُ وَإِذَا حُكِمَ فِي الْجَزَاءِ بِثَلَاثِينَ مُدًّا فَأَطْعَمَ عِشْرِينَ وَعَدِمَ الْبَاقِيَ فَلَهُ ذَبْحُ النُّسُكِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ الْعَشَرَةِ وَلَا تُلَفَّقُ الْكَفَّارَةُ مِنْ نَوْعَيْنِ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إِنَّمَا وَقَعَ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ لَا بَيْنَ أَجْزَائِهَا وَتَتَابَعُ الصِّيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَيُقَوَّمُ بِغَالِبِ طَعَامِ الْمَوْضِعِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَأَقْرَبُ الْمَوَاضِعِ إِلَيْهِ قَالَ سَنَدٌ قَالَ يَحْيَى يَنْظُرُ كَمْ يُشْبِعُ الصَّيْدُ مِنْ نَفْسٍ فَيُخْرِجُ قَدْرَ شِبَعِهِمْ طَعَامًا لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْحَيَوَانِ لَا قِيمَةَ لَهُ كَالضَّبُعِ فَيَتَعَيَّنُ مُرَاعَاةُ الْمِقْدَارِ وَإِذَا كَانَ رَأْيُ الْحَكَمَيْنِ رَأْيَ الْحَنَفِيَّةِ فَحَكَمَا بِالْقِيمَةِ دَرَاهِمَ أَجْزَأَ إِذَا حَكَمَا بِهَا وَإِذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ إِلَى خَصْلَةٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِتَعَذُّرِ الَّذِي حُكِمَ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَيَصْبِرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ أَوْ يَيْأَسَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ جَزَاءُ الصَّيْدِ كَالْهَدَايَا لَا يُنْحَرُ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى إِنْ وَقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ سِيقَ إِلَى الْحِلِّ وَنُحِرَ بِمَكَّةَ وَإِنْ أَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ وَفَاتَهُ أَيَّامَ مِنًى نَحَرَهُ بِمَكَّةَ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْحِلِّ ثَانِيَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الْمَائِدَة 95 وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ فِيهِ وَلَا يُطْعِمُ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَحَيْثُ شَاءَ أَمَّا الطَّعَامُ فَلِأَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ فَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْإِتْلَافِ وَقَالَ ش يُقَوِّمُهُ بِمَكَّةَ قَالَ سَنَدٌ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مُرَاعَاةُ الزَّمَانِ أَيْضًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ يَحْيَى فَيُرَاعَى الشِّبَعُ خَاصَّةً وَحَمَلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَهُ يُطْعِمُ بِمَوْضِعِ الْإِتْلَافِ عَلَى اخْتِلَافِ السِّعْرِ فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ بِمصْر لم يُجزئهُ إِلَّا أَن يتَّفق سعراهما فَإِنْ أَصَابَ بِمِصْرَ وَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَهُ لِغَلَاءِ سِعْرِهَا وَهَذَا الْفَرْعُ يُلَاحَظُ فِيهِ مَعْنَى نَقْلِ الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعِهَا وَإِذَا قُلْنَا يُطْعِمُ بِغَيْرِ مَوْضِعِ الْإِتْلَافِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُخْرِجُ بِقِيمَةِ الطَّعَام بِهِ حَيْثُ أتلف فَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا غَلَا أَوْ رَخُصَ وَرَاعَى ابْن حبيب الْأَكْثَر من ملكية مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ مَبْلَغَ قِيمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِمَوْضِعِ التَّلَفِ بِشَيْءٍ حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَأَرَادَ الْإِطْعَامَ فَلْيُحْكِمْ عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَيَصِفْ لَهُمَا الصَّيْدَ وَسِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إِلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدَايَا إِلَى مَكَّةَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ يَبْتَاعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ طَعَامًا فِي بَلَدِهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يُخْرِجُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ صَامَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِعَدَدِ مَا يَحْفَظُ الْقِيمَةَ مِنْ أَمْدَادِ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِهِ وَعَلَى أَصْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَصُومُ بِعَدَدِ مَا يَحْفَظُ الْأَكْثَرَ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ إِلَّا الصّيام وَحكى الشَّيْخ أَبُو اسحق يُطْعِمُ حَيْثُ شَاءَ وَقِيلَ يُطْعِمُ فِي مَوْضِعِ قَتْلِ الصَّيْدِ.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِالْهَدْيِ فَلَهُ أَنْ يُهْدِيَ مَتَى شَاءَ وَلَكِنْ إِنْ قَلَّدَهُ وَهُوَ فِي الْحَجِّ لَمْ يَنْحَرْهُ إِلَّا بِمِنًى وَإِنْ قَلَّدَهُ مُعْتَمِرًا بَعَثَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ لِأَنَّهُ دَمٌ وَجَبَ لِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ فَهُوَ كَالْكَفَّارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَالْهَدْيُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْحَجِّ فَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ هُوَ هَدْيٌ لَا مِنْ حَيْثُ هُوَ كَفَّارَةٌ.