فصل: الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَحْثُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُسْتَعَانُ بِهِ:

وَالْأَصْلُ فِيهِ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ وَيَجُوزُ بِالْعَبِيدِ بِإِذْنِ السَّادَةِ وَبِالْمُرَاهِقِينَ الأقوياء وَلَا يجوز بالمشركين خلافًا ل ح لنا مَا فِي مُسلم خرج صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جَوْلَةٌ وَنَجْدَةٌ ففرح أَصْحَابه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ الرَّجُلُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِئْتُ لِأَتْبَعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لَا قَالَ: «فَارْجِعْ فان أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ» ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَدْرَكْنَا بِالشَّجَرَةِ أدْركهُ الرجل وَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ لَا فَقَالَ «فَارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلِقْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا فِي الصَّفِّ وازحف أَمَّا فِي الْهَدْمِ وَالْمَنْجَنِيقِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ أَيْضًا لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ بِمَنْ سالمه على من حاربه لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْجَوَابُ عَن الْحَدث السَّابِق أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّسَ فِيهِ الْإِسْلَامَ إِذْ مَنَعَهُ.

.الْبَحْثُ الْخَامِسُ: فِي الدَّوَاوِينِ:

وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا يُرْوَى أَنَّ من أَوَّلَ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ فِي الْإِسْلَامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ الرَّجُلِ اسْمَهُ فِي دِيوَانِ مِصْرَ أَوِ الشَّامِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي اسْمٍ مَكْتُوبٍ فِي الْعَطَاءِ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مَالًا لِيَتْرُكَ لَهُ ذَلِكَ الِاسْمَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزِّيَادَةِ فِي الْعَطَاءِ بِعَرَضٍ وَلِأَنَّ الْمُعْطَى إِنْ كَانَ صَاحِبَ الِاسْمِ فَقَدْ أَخَذَ الْآخَرُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَقَدْ بَاعَ مَا لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ تَحَالَفَا وَاقْتَسَمَاهُ إِنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ الْخُرُوجَ وَلَيْسَ عَطَاءٌ ثَابِتًا أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَيَّهُمَا شَاءَ وَأَعْطَاهُ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ الْأُعْطِيَّةُ الثَّانِيَةُ وَفِي الْكِتَابِ وَقَدْ وَقَفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالصَّحَابَةُ بَعْدَهُ الْفَيْءَ وَخَرَاجَ الْأَرَضِينَ لِلْمُجَاهِدِينَ وَفَرَضُوا مِنْهُ لِلْمُقَاتِلَةِ وَالْعِيَالِ وَالذَّرَارِيِّ فَهُوَ سُنَّةٌ لِمَنْ بَعْدَهُمْ فَمَنِ افْتَرَضَ فِيهِ وَنِيَّتُهُ الْجِهَادُ جَازَ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَصْحَابُ الْعَطَاءِ أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ لما يرعون وَقَالَ مَكْحُول روعات الْبعُوث تَنْفِي رواعات يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَجْرًا وَيَغْزُوَ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا فَإِنْ أَخَذَ مِنَ الدِّيوَانِ جَازَ إِذَا كَانَتْ جِهَةً تَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ رَجُلَانِ أَنْ يَتَطَاوَيَا وَهُمَا من مَا حوزين فَيرجع كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى مَا حوز صَاحِبِهِ جَازَ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ عُرَفَاؤُهُمْ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الطَّوَا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ مَقْصُورٌ وَالْمَاحُوزُ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء الْمُعْجَمَةِ وَفِي النُّكَتِ الْمَاحُوزُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرَابَطُ فِيهِ نَحْوُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَالْمِنِسْتِيرِ وَالطَّوَا الْمُبَادَلَةُ فَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ بَعْضَهُمْ لِلْخُرُوجِ إِلَى جِهَة وَبَعْضهمْ إِلَى جِهَة اخبر فَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ هَذَا لِثَغْرِ هَذَا وَهَذَا لِثَغْرِ هَذَا وَفِي الْكِتَابِ يَجُوزُ جَعْلُ الْقَاعِدِ لِلْخَارِجِ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ سَدَّ الثغور خلافًا ش وح لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ وَرُبَّمَا خَرَجَ لَهُمُ الْعَطَاءُ وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ وَلَا يَجْعَل لغير من فِي ديوانه ليغرو عَنهُ وَقد كره إجَازَة فَرَسِهِ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ فَإِجَارَةُ النَّفْسِ أَشَدُّ كَرَاهَة قَاعِدَة العوضان لَا يَجْتَمِعَانِ للشَّخْص وَاحِد وَلذَلِك منعنَا الْإِجَازَة عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِهَا لِلْمُصَلِّي مَعَ عِوَضِهَا وَحِكْمَة الْمُعَارضَة انْتِفَاع كل وَاحِد من المتعارضين بِمَا يُبْذَلُ لَهُ وَالْجِهَادُ حَاصِلٌ لِلْمُجَاهِدِ وَمُقْتَضَى ذَلِك الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ اعْتمد ش وح وَرَاعَى مَالِكٌ الْعَمَلَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ فِي الطَّوَا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ وآخذ بعثي وَخذ بَعثك وَأَزِيدك وَكَذَا وَكَذَا وَكَرَاهَة شُرَيْحٌ قَبْلَ الْكَتَبَةِ أَمَّا بَعْدَهَا فَهُوَ جَائِزٌ إِلَّا لِمَنِ انْتَصَبَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَاحُوزٍ إِلَى مَاحُوزٍ يُرِيدُ الزِّيَادَةَ فِي الْجُعْلِ قَالَ ابْنُ يُونُس أما إِذا لم يتَقَدَّم كتبه قلم يجد عَلَيْهِمَا خُرُوج فَلَا.
فَائِدَة:
فِي الْإِعْطَاء قَالَ التُّونُسِيُّ إِذَا سَمَّى الْإِمَامُ رَجُلًا فَلَا يُجْعَلُ لِغَيْرِهِ الْخُرُوجُ عَنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَإِذَا قَالَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَعْثِ الْفُلَانِيِّ مِائَةٌ وَأَعْطَى بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ جَازَ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ جُمْلَةُ بَعْثِ الصَّيْفِ فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ لِمَنْ بَعْثُهُ فِي الرّبيع لم يجز إِلَّا بأذى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ وَهَذَا جَائِزٌ إِلَّا لِمَنْ أَوْقَفَ نَفْسَهُ يَلْتَمِسُ الرِّبْحَ مَتَى وَجَدَهُ خَرَجَ فَمَكْرُوهٌ وَأَمَّا إِذَا قَالَ خُذْ بَعْثِي وَآخُذُ بَعْثَكَ قَبْلَ وَقْتِ الْخُرُوجِ فَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَنْ أَجْمَعَ عَلَى الْغَزْوِ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ مَا يُعْطَى وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِالْكِرَاءِ فِي الْغَزْوِ إِلَى الْقُفُولِ مِنْ بَلَدِ الْعَدُوِّ وَتَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ غَزْوَهُمْ مَعْرُوفٌ.

.الْبَحْثُ السَّادِسُ: فِي وُجُوهِ الْقِتَالِ:

فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِتَحْرِيقِ قُرَاهُمْ وَحُصُونِهِمْ وَتَغْرِيقِهَا بِالْمَاءِ وَإِخْرَابِهَا وَقَطْعِ شَجَرِهَا الْمُثْمِرِ وَقَالَهُ ش وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُجَازُ قَطْعُ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ لِمَا فِي مُسلم أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الصِّدِّيقِ رَضِي الله عَنهُ مَا يُرْجَى انْتِفَاعُ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَإِذَا كَانَ مُسْلِمٌ فِي حِصْنٍ أَوْ مَرْكَبٍ لَا يُحْرَقُ وَلَا يُغْرَقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} الْفَتْح 25 وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ ذُرِّيَّةُ الْمُشْرِكِينَ وَنِسَاؤُهُمْ وَإِذ خَرَقَ الْعَدُوُّ سَفِينَةَ الْمُسْلِمِينَ جَازَ خُرُوجُهُمْ إِلَى الْبَحْرِ فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَرَهُ رَبِيعَةُ إِذَا طَمِعَ فِي النَّجَاةِ أَوِ الْأَسْرِ وَقَالَ رَبِيعَةُ أَيْضًا الصَّبْرُ أَفْضَلُ وَلَا يُلْقِي الرَّجُلُ نَفْسَهُ بِسِلَاحِهِ لِيَغْرَقَ بَلْ يَثْبُتُ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ إِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَقَطْعُهُ عَنْهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الْأَنْفَال 60 وَفِي النَّارِ خِلَافُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ تَرَكْنَاهُمْ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ تُرِكُوا وَإِنْ خفنا على أَنْفُسنَا لِأَن دم الْمُسلم لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ فَإِنْ تَتَرَّسُوا فِي الصَّفِّ وَلَوْ تُرِكُوا لَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَخِيفَ اسْتِئْصَالُ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَجَبَ الدَّفْعُ وَسَقَطَ مُرَاعَاةُ التُّرْسِ وَلَا يَجُوزُ حمل رُؤْس الْكُفَّارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَلَا إِلَى الْوُلَاةِ وَقَدْ كَرِهَهُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ هَذَا فِعْلُ الْعَجَمِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ تُرْمَى الْحُصُونُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وصبيان فقد رمي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ بِالْمَنْجَنِيقِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ الله إِن فيهم النِّسَاء وَالصبيان قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْحِصْنِ إِلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ رَمْيَهَا بِالنَّارِ وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ وَإِذَا كَانَ مَعَهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَأَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ يَجُوزُ الْمَنْجَنِيقُ دُونَ التَّغْرِيقِ وَالتَّحْرِيقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ وَيَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ وَمَنْعُ جَمِيعِ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ التَّغْرِيقُ وَالْمَنْجَنِيقُ دُونَ التَّحْرِيقِ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهم أُسَارَى للْمُسلمين امْتنع التحريق والتغريق قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ الْمَنْجَنِيقُ وَقَطْعُ الْمَاءِ عَنْهُمْ وَرُوِيَ مَنْعُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ وَأَمَّا السُّفُنُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ جَازَ التَّحْرِيقُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحُصُون أَنهم إِذا لَمْ يَحْرِقُوهُمْ فَعَلُوا بِهِمْ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِمْ فِي الْحُصُونِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْأُسَارَى فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَوَّزَ أَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ فيهم النسوان وَالصبيان جَازَ قولا وَاحِد وَالْمُدْرِكُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ قَوْله تَعَالَى {يُخْرِبُونَ بُيُوتهم بأيدهم وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} الْحَشْر 2 وقَوْله تَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} الْحَشْر 5 وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» وَوَافَقَنَا ح فِي قَتْلِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُضْعِفُ قُوَاهُمْ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وش لَا يَجُوزُ إِتْلَافُ الْخَيْلِ وَالْبَغْلِ لِعَدَمِ الْمَأْكَلَةِ وَيَجُوزُ إِتْلَافُ فَرَسِ الْفَارِسِ تَحْتَهُ بِلَا خِلَافٍ فَنَقِيسُ عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّجَرِ وَيُفَرِّقُ الْخَصْمُ بِأَنَّ مَرْكُوبَهُ آلَةٌ لِلشَّرِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالنَّبَاتُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَنَقِيسُ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ اخْتَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الذَّبْحَ لِبُعْدِهِ عَنِ التَّمْثِيلِ وَنَهَى بَعْضُ الْأَصْحَاب عَنهُ ليبعده عَن الْأكل وَيُمكن أَن تجوق لِبُعْدِ ذَلِكَ عَنِ الْأَمْتِعَةِ وَخُيِّرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بَيْنَ الذَّبْحِ وَالتَّعَرْقُبِ وَأَمَّا النَّحْلُ فَنُهِيَ عَن إِتْلَافه لَا مَكَان تَطَيُّرِهِ إِلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا كَحَمَامِ الْأَبْرِجَةِ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي وَالدَّوَابِّ فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً تُقَوِّيهِمْ فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا الْمَنْعُ لِمَا رُوِيَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْجَوَازُ كَالدَّوَابِّ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ النَّاطِقُ إِنْ عَجَزَ عَنْ وُصُولِهِ لِبَلَدِنَا تُرِكَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَقُتِلَتِ الرِّجَالُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا أَسْقَطْنَا حُكْمَ الْقَتْلِ عَنْهُم وَإِذا تركنَا الْوَالِدَان وَالنِّسْوَانَ وَالشُّيُوخَ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ فَهُمْ لِمَنْ أَخذهم أَو فِي حوزة الْإِسْلَام فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُمَلَّكُونَ وَذَلِكَ كَالْعِتْقِ لَهُمْ.

.الْبَحْثُ السَّابِعُ فِي الْمُبَارَزَةِ:

فِيمَا تَجُوزُ الْهَزِيمَةُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اخْتُلِفَ فِي قَوْله تَعَالَى {الْآن الْعدَد خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الْأَنْفَال 66 قِيلَ التَّخْفِيفُ فِي الْعَدَدِ فَلَا يَفِرُّ الْعَدو مِنْ مَثِيلِهِ وَإِنْ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمْ سِلَاحًا وجلدا إِلَّا أَن يكون بِأَرْض الْحَرْب بموقع مَدَدِهِمْ فَلَهُ التَّوْلِيَةُ سَعَةً وَقِيلَ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ دُونَ الْعَدَدِ وَهِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إِنَّ الِانْحِيَازَ إِلَى وَالِي جَيْشِهِ الْأَعْظَمِ وَتَنْحَازُ السَّرِيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ إِلَى مَنْ خَلْفَهَا مِمَّا يَلِيهَا وَإِذَا نَشَأَ الْقِتَالُ وَكَانَ السُّلْطَانُ ضَعِيفًا فَلَهُ الِانْحِيَازُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ فَالِانْصِرَافُ أَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ قَدَرُوا وَإِلَّا تَلَازَمُوا حَتَّى يُقْتَلُوا وَإِذَا حُصِرَتِ الْمَدِينَة فضعفوا قَالَ ربيعَة يخرجُوا لِلْقِتَالِ أحب إِلَيّ من الْمَوْت جوعا وَإِن طَمِعُوا فِي النَّجَاةِ وَإِلَّا فَالصَّبْرُ أَحْسَنُ قَالَ التُّونُسِيُّ لَهُمُ الْخُرُوجُ إِلَى الْقِتَالِ لَعَلَّهُ أَرْوَحُ لَهُمْ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَرْكِبِ تُلْقَى عَلَيْهَا النَّارُ هَلْ يُلْقِي الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إِذَا صَحَّتِ النِّيَّةُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْضَدَ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يُعْضَدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُ إِذَا أُخِذَ وَجَبَ فَدَاؤُهُ بِالْقِتَالِ وَغَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا حَمَلَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عَلَى الْجَيْشِ الْعَظِيم أَرَادَ السُّمْعَةَ فَحَرَامٌ إِجْمَاعًا أَوْ خَوْفَ الْأَسْرِ لِإِحَاطَةِ الْعَدو بِهِ فَجَاز إِجْمَاعًا أَوْ لِيُلْقِيَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ وَالْقُوَّةَ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ فَكَرِهَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ لِأَنَّهُ ألْقى نَفسه إِلَى التَّهْلُكَةِ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا زَالَ السَّلَفُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ مَالِكٍ إِشَارَةٌ إِلَى الْقَوْلَيْنِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ فَرَّ إِمَامُهُ وَإِن بلغ عدد الْمُسلمين اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَا يَجُوزُ التَّوَلِّي وَإِنْ كَانَ الْعَدو زَائِدا على الضعْف لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصٍ لِلْآيَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقِيلَ إِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير} آل عمرَان 111 خَاصٌّ بِبَدْرٍ وَالصَّحِيحُ تَعْمِيمُهُ إِلَى الْأَبَدِ.
فَرْعَانِ:
الْأَوَّلُ:
فِي الْجُلَّابِ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح كُلُّ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَا يُوجِبُهُ إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ نَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَفِّرُ الْقُلُوبَ وَيُفَرِّقُ الْكَلِمَةَ وَيُوجِبُ الدُّخُولَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَالرِّدَّةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ قَائِمَةٌ فَتَجِبُ لِأَنَّهُ مَنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ فَيَكُونُ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْمُعَاوَنَاتِ وَفِي اللّبَاب إِن زنا الْأَسِيرُ بِحَرْبِيَّةٍ ثُمَّ خُلِّصَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْحَدُّ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ.
الثَّانِي:
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا تَيَقَّنَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُمْ لَا يُؤَثِّرُونَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ وَأَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَلَا أَثَرٍ أَصْلًا وَجَبَتِ الْهَزِيمَةُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ انْقِسَامُ الْفِرَارِ إِلَى الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ بِحَسَبِ الْأَمَارَاتِ الدَّالَّة على الْمصَالح وتعارضها ورجحانها.

.الباب السَّادِسُ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ:

وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ:

.الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَمْيِيزِ مَا يُخَمَّسُ مِنْ غَيْرِهِ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ أَمْوَالُ الْكُفَّارِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: لِلَّهِ خَالِصًا وَهُوَ الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ وَعُشْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الصُّلْحِ يَفْعَلُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً.
وَثَانِيهَا: لِمَنْ أَخَذَهُ وَلَا خُمُسَ فِيهِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِيجَافٍ قَالَ مُحَمَّد إِن هرب بِتِجَارَتِهِ لَمْ تُخَمَّسْ إِنْ أُسِرَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ خَرَجَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ خُمِّسَتْ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِذَلِكَ أَوِ الْجِهَادِ وَلَوْ خَرَجَ تَاجِرًا فَسَرَقَ جَارِيَةً أَوْ مَتَاعًا لِمَنْ يُخَمَّسُ قَالَ مَالِكٌ وَمَا طَرَحَهُ الْعَدُوُّ خَوْفَ الْغَرَقِ فَوُجِدَ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا بِقُرْبِ قُرَاهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَيُجْرَى عَلَى حُكْمِ الرِّكَازِ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ قُرَاهُمْ خُمِّسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْحَرْبِيِّينَ فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّينَ أَمْرُهُ إِلَى الْإِمَامِ.
وَثَالِثُهَا: خُمُسُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَّتُهُ لِوَاجِدِهِ وَهِيَ الْغَنِيمَةُ وَالرِّكَازُ.
وَرَابِعُهَا: مُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ بِخمْس أَمْ لَا وَهُوَ مَا جَلَا عَنْهُ أَهْلُهُ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَنْ يَنْجَلُوا بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ قِيلَ فَيْءٌ لَا شَيْءَ فِيهِ لِلْجَيْشِ لِعَدَمِ الْقِتَالِ وَقِيلَ يُخَمَّسُ لِأَنَّ الْجَلَاءَ بِالْخَوْفِ مِنَ الْجَيْشِ وَإِنِ انْجَلَوْا قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْش خوفًا مِنْهُ ففيء يخْتَلف فِي خَرَاجِ أَرْضِهِمْ وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ لِمُكَاتَبَةٍ أَوْ رُسُلٍ فَهُوَ فَيْءٌ وَإِن كَانَ بعد نزُول الْجَيْش لَهُم كَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ بِإِيجَافِهِمْ وَالثَّالِثُ مَا يُؤَدُّونَهُ كُلَّ عَامٍ وَهُوَ كَالْخَرَاجِ.
وَخَامِسُهَا: مَا غنمه العبيد بإيجفاف مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَلَا حُرَّ مَعَهُمْ قِيلَ هُوَ لَهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ وَقِيلَ يُخَمَّسُ كَالْأَحْرَارِ نَظَرًا إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الْأَنْفَال 41 هَلْ يَنْدَرِجُ الْعَبِيدُ فِي الْخِطَابِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانُوا مَعَ الْجَيْشِ وَبِهِمْ قُدْرَةٌ عَلَى الْغَنِيمَةِ يُخْتَلَفُ فِي أَنْصِبَائِهِمْ وَيُخْتَلَفُ فِيمَا غَنِمَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ دُونَ الرِّجَالِ هَلْ يُخَمَّسُ أَمْ لَا وَالْمَأْخُوذُ مِنَ الْغَنِيمَةِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ الْأَمْوَالُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْأَرَضُونَ وَالْأَطْعِمَةُ وَالْأَشْرِبَةُ فَالْأَمْوَالُ تُخَمَّسُ لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالرِّجَالُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْقَتْلُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالْجِزْيَةُ وَالِاسْتِرْقَاقُ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَمَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ مِنَ الْخُمُسِ عَلَى الْقَوْلِ بِمِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَالْقَتْلُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالِاسْتِرْقَاقُ رَاجِعٌ إِلَى جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ وَإِذَا أَسْقَطَ الْقَتْلَ امْتَنَعَ الْقِتَالُ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ حَبْسُهُ عَنْ بَلَدِهِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْبَقَاء لضرب الْجِزْيَة وَإِن أبقاه للجزية الِاسْتِرْقَاقُ دُونَ الْمُفَادَاةِ بِرِضَاهُ وَإِنِ اسْتَرَقَّهُمْ جَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ مَعَهُ إِلَى الْجِزْيَةِ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَإِنْ أَبْقَاهُ لِلْفِدَاءِ امْتَنَعَتِ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ إِلَّا بِرِضَاهُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَهُ الْمُفَادَاةُ بِالْمَالِ وَالْأَسْرَى وَلَا فَرْقَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَسْرَى الْعَجم وَالْعرب والأحرار والفلاحون يُخَيِّرُ فِيهِمْ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَتلهمْ وَفِي النِّسَاء وَالصبيان فِي ثَلَاثَة الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَالِاسْتِرْقَاقُ وَوَافَقَنَا ش فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْخَمْسِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة 5 {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التَّوْبَة 29 {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} مُحَمَّد 4 وَهُوَ خير من اعْتِقَاد النّسخ وَقَالَ ح لَا يجوز الْمَنّ وَالْفِدَاء وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُقْتَلُونَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فإمَّا من بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَكْرَهُونَ الْفِدَاءَ بِالْمَالِ وَيَقُولُونَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك ببدر لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ فَإِنْ كَانَ الْأَسِيرُ عَظِيمَ النَّجْدَةِ قَتَلَهُ أَوْ عَظِيمَ الْقِيمَةِ اسْتَرَقَّهُ أَوْ فَدَاهُ إِنْ بَذَلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ عَدِيمَ الْقِيمَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِزْيَةِ كَالزَّمِنِ أَعْتَقَهُ أَوْ عَدِيمَ الْقِيمَةِ دُونَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْجِزْيَةِ ضَرَبَهَا عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إِنِ الْتَبَسَ أَمْرُهُ فَقَالَ مَرَّةً لَا يَقْتُلُهُ وَقَالَ مَرَّةً يُقْتَلُ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَحْمِلُوا إِلَيْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَاجِ أَحَدًا جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي.
فَائِدَةٌ:
الْعِلْجُ مِنَ الْأَعْلَاجِ وَالْمُعَالَجَةُ وَهِيَ الْمُحَاوَلَةُ لِلشَّيْءِ فَإِنَّ الْعِلْجَ هُوَ الْقَوِيُّ الْقَادِرُ عَلَى مُحَاوَلَةِ الْحَرْبِ وَفِي الْكِتَابِ يُسْتَرَقُّ الْعَرَبُ إِذَا سُبَوْا كَالْعَجَمِ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِرْقَاقَ كَوْنُ الْمَرْأَةِ حَامِلًا مِنْ مُسْلِمٍ لَكِنْ لَا يُرَقُّ الْوَلَدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ كُفْرٍ ثُمَّ سُبِيَتْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَإِذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ مَعًا أَوِ الزَّوْجُ أَوَّلًا انْقَطَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَإِذَا سُبِيَتْ هِيَ أَوَّلًا انْقَطَعَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنِ اسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ فَوَطْئِهَا السَّيِّدُ قَبْلَ الْإِسْلَام زَوْجِهَا انْقَطَعَ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا سُبِيَتْ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي البيع وَالْقِسْمَة وَالصَّغِير لَمْ يُثْغِرْ وَرُوِيَ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَلَوْ قطع عَن الْأُم بيع مَعَ الْجَدَّةِ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ وَالْجَدَّةِ فَرْعٌ فِي الْبَيَانِ يَجُوزُ شِرَاءُ الْحَرْبِيِّينَ مِنْ آبَائِهِمْ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ هُدْنَةٌ وَارْتِهَانُهُمْ وَبَيْعُهُمْ فِيمَا رَهَنُوا وَالْعَبْدُ الْأَسِيرُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ إِذَا مَنَّ عَلَى بَلَدٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَقُرِّوا فِيهَا فَهُمْ أَحْرَارٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَرْضَهَا وَقْفٌ وَأَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَيَنْتَفِعُونَ بِهَا حَيَاتَهُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا أَوْ مَاتُوا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ تَكُونُ لَهُمْ وَتُورَثُ عَنْهُمُ التَّالِدُ وَالطَّارِفُ لِأَنَّهُمْ مُلِكُوا وَقِيلَ لَا يَكُونُ لَهُمُ التَّالِدُ وَلَا الطَّارِفُ نظرا إِلَى انهم تُرِكَ لَهُمْ مُدَّةَ الْحَيَاةِ أَوِ الْكُفْرِ وَالْأَصْلُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ وَقِيلَ التَّالِدُ لَيْسَ لَهُمْ لِأَنَّهُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَلَهُمُ الطَّارِفُ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِمْ بَعْدَ الْمَنِّ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى بَقِيَّةِ أَقْسَامِ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْأَرَضُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ بعيد عَن قهرنا فنخرب بِهَدْمٍ أَوْ بِحَرْقٍ وَتَحْتَ قَهْرِنَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا تُسْكَنُ فَيُقْطِعُهُ الْإِمَامُ لِمَنْ فِيهِ نَجْدَةٌ وَلَا حَقَّ لِلْجَيْشِ فِيهِ وَقَرِيبٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَهَلْ يُوقَفُ خَرَاجُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَالْوَقْف قَولَانِ لمَالِك وَقد قسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ وَفَدَكَ وَخَيْبَرَ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْلَا مَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَدَعْ قَرْيَةً فُتِحْتَ عَنْوَةً إِلَّا قَسَمْتُهَا وَفُتِحَتْ مَكَّةُ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ وَاخْتُلِفَ هَلْ تُرِكَتْ منى لأَهْلهَا وفيجوز لَهُمْ بَيْعُهَا أَوْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةُ حَرَامٌ لَا تَحِلُّ إِجَارَةُ بُيُوتِهَا وَلَا بيع رباعها وَكَانَ كَذَلِك على عَهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ قَالَ مَالِكٌ فُتِحَتْ فَدَكُ عَنْوَةً بِغَيْرِ قِتَالٍ عَلَى النِّصْفِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنِّصْفِ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَخْمِيسٌ لِعَدَمِ الْقِتَالِ وَالْإِيجَافِ وَكَذَلِكَ خَيْبَر وَلذَلِك قطع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأزواجة فهما وَكَانَ هَذَا عَنْوَةً لِمُجَرَّدِ الرُّعْبِ الَّذِي أُعْطِيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْه فتح بني النَّضِير وَبني قعيقعان وَفتحت مصر سنة عشرُون عَنْوَةً وَقَالَ الْلَّيْثُ صُلْحًا وَقِيلَ صُلْحًا ثُمَّ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَفُتِحَتْ عَنْوَةً وَفِي الْكِتَابِ أَرْضُ الْعَنْوَةِ يُجْتَهَدُ فِيهَا وَأَرْضُ الصُّلْحِ لَا تُقْسَمُ وَأَهْلُهَا عَلَى مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَخَرَاجُ الْجَمَاجِمِ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَقَالَ أَيْضًا هِيَ فَيْءٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقَرُّ أَهْلُ الْعَنْوَةِ أَحْرَارًا وَيَكْتَفِي مِنْهُمْ بِمَا يُوجَدُ مِنْ خَرَاجِ جَمَاجِمِهِمْ قَالَ عِيسَى تَرْكُ الْأَرْضِ بِأَيْدِيهِمْ عَوْنٌ لَهُمْ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَنِسَاؤُهُمْ كَالْحَرَائِرِ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ وَالدِّيَةُ كَدِيَةِ الذِّمِّيَّةِ وَإِذَا لَمْ يُقْدَرُ عَلَى الْأَرْضِ لِبُعْدِهَا بِيعَ أَصْلُهَا فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا أَتَتِ الْإِمَامَ هَدِيَّةٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَالَ مَالِكٌ هِيَ لِجُمْلَةِ الْجَيْشِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الرُّومِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَمَّا مِنَ الطَّاغِيَةِ فَلَا تَكُونُ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَتَكُونُ غَنِيمَةً تُخَمَّسُ وَقِيلَ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ لَا خُمُسَ فِيهِ وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضِ الرُّومِ فَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهَا لَهُ إِذَا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يُخَافُ مِنْهُ فَإِنْ أُهْدِيَ الْأَمِيرُ مِنَ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ دُخُولِهِ بَلَدَ الْحَرْبِ فَحَكَى الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا لَهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَن الْأَمِير بِخِلَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَبِلَهُ مِنْ قَيْصَرَ وَالْمُقَوْقِسِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِمَا فَتَحَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْحَرْبِ بِالرُّعْبِ بِآيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ فَرْعٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكَلْبُ الْمَأْذُونُ فِي اتِّخَاذِهِ يدْخل فِي المقاسم مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَهُ وَلِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ آيَةِ الْغَنِيمَةِ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَدْخُلُ وَهُوَ الْقيَاس لنَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.