فصل: الباب الرَّابِعُ فِي الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَمُسْتَحِقِّيهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الباب الرَّابِعُ فِي الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَمُسْتَحِقِّيهَا:

وَأَصْلُهَا قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَنْ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حكيما وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدس فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فَهُوَ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وقَوْله تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ:
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تضلوا وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَفِي الْبُخَارِيِّ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنِي فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أبي مُوسَى فَقَالَ {قد ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ وَفَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ مِنْ أَبِيهِمَا الثُّلُثَيْنِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي الْمُوَطَّأِ جَاءَتِ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَتْهُ مِيرَاثهَا فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر مَالك فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَسَأَلَهُ مِيرَاثهَا فَقَالَ لَهَا مَالك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ وَمَا أَظُنُّ الْقَضَاءَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا وَيُرْوَى أَنَّهُ أَرَادَ إِسْقَاطَهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتُسْقِطُ الَّتِي لَوْ تَرَكَتِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لَكَانَ ابْنُ ابْنِهَا وَارِثَهَا وَتُوَرِّثُ الَّتِي لَوْ تَرَكَتِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِابْنِ بِنْتِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ حِينَئِذٍ مَا قَالَ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْجَدَّتَيْنِ أَتَتَا أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ لَكَانَ يَرِثُهَا فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَينهمَا.

فَوَائِدُ عِشْرُونَ:
الْفَائِدَةُ الْأُولَى:
فِي قَوْله تَعَالَى {فِي أَوْلَادكُم} وَلَمْ يَقُلْ فِي أَبْنَائِكُمْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الذّكر وَالْأُنْثَى وَالِابْن يخْتَص بِالذَّكَرِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:
فِي قَوْله تَعَالَى {لِلذَّكَرِ مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} لِأَنَّ عَقْلَهُ مِثْلُ عَقْلَيْهِمَا وَشَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْهِمَا وَدِيَتَهُ بِدِيَتَيْهِمَا فَلَهُ مِنَ الْإِرْثِ مِثْلُهُمَا وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَتَزَوَّجُ فَيُعْطِي صَدَاقًا وَهِيَ تَأْخُذُ صَدَاقًا فَيَزِيدُ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي وَيَبْقَى لَهُ مِثْلُ مَا أَخَذَتْ فَيَسْتَوِيَانِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:
فِي قَوْله تَعَالَى {فَوق اثْنَتَيْنِ} اعْتَبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَجَعَلَ الثُّلُثَيْنِ لِلثَّلَاثِ مِنَ الْبَنَاتِ وَلِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَخَطَّأَهُ الْمُحَقِّقُونَ فَإِنَّ زِيَادَةَ الظَّرْفِ بَعِيدَةٌ وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْبَنَاتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الِابْنَتَيْنِ وَنَصَّ عَلَى اثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزَّائِدَ اكْتِفَاءً بِآيَةِ الْبَنَاتِ فِي الْأَخَوَاتِ وَبِآيَةِ الْأَخَوَاتِ فِي الْبَنَاتِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَعُلِمَ فَرْضُ الْبِنْتَيْنِ بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فَاسْتَقَامَتِ الظَّوَاهِر وَقَامَت الْحجَّة لِأَن الله تَعَالَى إِذا جعل الثُّلثَيْنِ للأختين فالبنتان أَوْلَى لِقُرْبِهِمَا وَلِأَنَّ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مَعَ أَخِيهَا إِذَا انْفَرَدَ الثُّلُثَ فَأَوْلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مَعَ أُخْتِهَا لِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْضٍ مِثْلُهَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبِنْتَيْنِ وَالْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ فِي النِّصْفِ خِلَافُ الْقِيَاسِ وَالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:
فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف} لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ لَهُ الْكُلُّ فَهِيَ إِذَا انْفَرَدَتْ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْأَحْكَامِ كَمَا تَقَدَّمَ.

الْفَائِدَة الْخَامِسَة:
فِي أَن للاثنتين الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الذَّكَرَ إِذَا كَانَ مَعَ ابْنَةٍ لَهُ الثُّلُثَانِ فَجُعِلَ الِابْنَتَانِ بِمَنْزِلَةِ ذَكَرٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ وَالْكَثِيرُ مِنَ الْبَنَاتِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي التَّأْثِيرِ فِي الزِّيَادَةِ كَالذُّكُورِ إِذَا كَثُرَ عَدَدُهُمُ اشْتَرَكُوا فِي نَصِيبِ الْوَاحِدِ إِذَا انْفَرَدَ فَسَوَّى بَيْنِ الْبَابَيْنِ فِي الْإِلْغَاءِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:
فِي قَوْله تَعَالَى {ولأبويه} سَمَّى الْأُمَّ أَبًا مَجَازًا مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ وَهُوَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ يَقَعُ إِمَّا لِخِفَّةِ اللَّفْظِ كَالْعُمَرَيْنِ فَإِنَّ لَفْظَ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ لَفْظِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ لِفَضْلِ الْمَعْنَى وَخِفَّتِهِ نَحْوَ:
لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ

فَغَلَّبَ لَفْظَ الْقَمَرِ عَلَى الشَّمْسِ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ وَالشَّمْسُ مُؤَنَّثَةٌ وَالْمُذَكَّرُ أَخَفُّ وَأَفْضَلُ وَإِمَّا لِكَرَاهَةِ اللَّفْظِ لِإِشْعَارِهِ بِمَكْرُوهٍ نَحْوَ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا لَنَا عَيْشٌ إِلَّا الْأَسْوَدَانِ تُرِيدُ الْمَاءَ وَالتَّمْرَ وَالتَّمْرُ أَسْوَدُ وَالْمَاءُ أَبْيَضُ وَكِلَاهُمَا مُذَكَّرٌ وَعَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ فَلَا تَفَاوُتَ بِلْ لَفْظُ الْأَبْيَضِ يُشْعِرُ بِالْبَرَصِ فَغَلَّبَتِ الْأَسْوَدَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ لِلتَّغْلِيبِ فِي اللُّغَةِ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:
فِي إِعْطَاءِ السُّدُسِ لِلْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَدْنَى سِهَامِ الْفَرَائِضِ الْمَوَارِيث فِي الْقَرَابَاتِ وَكَذَلِكَ فِي الْخَبَرِ فِيمَنْ أَوْصَى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ قَالَ يُعْطَى السُّدُسُ وَالِابْنُ أَقْوَى الْعَصَبَاتِ وَمُقْتَضَاهُ حِرْمَانُ الْأَبِ وَبِرُّ الْأَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِرْمَانِ فَاقْتُصِرَ لَهُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ وَسُوِّيَتِ الْأُمُّ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ أَصْلِ الْبِرِّ لَا مِنْ بَابِ تَحْقِيق الْمُسْتَحق.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:
فِي قَوْله تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُمَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَجُعِلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وقَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} وَلَمْ يَذْكِرِ الْأَبَ وَحُجِبَ بِالْإِخْوَةِ لِأَنَّ الْمَالَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوَارِيثِ كَانَ كُلُّهُ لِلْعَصَبَةِ فَلَمَّا قَسَّمَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّاهُ بَقِيَ الْأَبُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ لَهُ مَا بَقِي بعد السُّدُسِ كَالْعَامِّ إِذَا خُصَّ وَيَأْخُذُ الْأَبُ مَا عَدَا السُّدُسَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ مِنَ الْإِخْوَةِ وَحَجَبْنَا الْإِخْوَةَ إِلَى السُّدُسِ لِأَنَّ الْأَخَ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَأْنَ الْبُنُوَّةِ إِسْقَاطُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ لَهُمَا عَلَى أَدْنَى السِّهَامِ مُلَاحَظَةً لِأَصْلِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِخْوَةَ نَزَعُوا مِنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ نَزَعَ مِنَ الْإِخْوَةِ السُّدُسَ الَّتِي كَانَتِ الْأُمُّ تَأْخُذُهُ مَعَهُ وَلَمْ يَحْجُبِ الْأَخُ الْوَاحِدُ وَلَا الْأُخْتُ الْوَاحِدَةُ وَإِنْ حَجَبَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْوَاحِدَ ابْنُ الْمَيِّتِ وَالْأَخَ ابْنُ أَبِيهِ فَهُوَ أَبْعَدُ رُتْبَةً فَضُوعِفَتِ الرُّتْبَةُ فِي الْبُعْدِ بِوَاحِدٍ كَمَا نَقَصَتِ الرُّتْبَةُ فِي الْقُرْبِ بِوَاحِدٍ فَإِنِ اجْتَمَعَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ أَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّهَا نِصْفُ ابْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْأُخْتُ فَلِأَنَّهَا وَلَدُ أَبِيهِ فَبِالْأَبِ تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ كَانَ لَهُ وَلِأَنَّ الْعَمَّ وَلَدُ جَدِّهِ وَهُوَ يَأْخُذُهُ لَوْ حَضَرَ وَهَذِهِ وَلَدُ أَبِيهِ فَهِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُخْتًا لَأُمٍّ لَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا لِهَذَا السِّرِّ.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:
فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دين} جعل الْمِيرَاث مُتَأَخّر عَنِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ فَانْظُرْ إِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مَقَادِيرُ وَهِيَ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ وَالثُّلُثُ وَمُقَدَّرَاتٌ وَهِيَ الْأَنْصِبَاءُ مِنَ الْأَمْوَالِ فَهَلِ الْمُتَأَخِّرُ الْمِقْدَارُ أَوِ الْمُقَدَّرُ فَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ الْمِقْدَارَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَكَوْنُهُ نِصْفًا إِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الدَّيْنِ زَادَ أَوْ تَأَخَّرَ نَقَصَ فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ النِّصْفَ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ النِّصْفُ الَّذِي يَصْغُرُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ إِخْرَاجِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَيَكُونُ أَصْلُ التَّمْلِيكِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِالتَّأْخِيرِ أَوْ أَصْلُ التَّمْلِيكِ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الدَّيْنِ فَلَا تَكُونُ التَّرِكَةُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَتَكُونُ عَلَى مِلْكِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي قَسْمِ التَّرِكَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:
لِمَ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ فِي اللَّفْظِ عَلَى الدَّيْنِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَوُجُوبِهِ وَالشَّأْنُ تَقْدِيمُ الْأَعَمِّ وََالْجَوَابُ أَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى إِهْمَالِ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي أَصْلِهَا وَعَدَمِ الْمُعَاوضَة فِيهَا فَقَدَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِيُشْعِرَ النُّفُوسَ بِمَيْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَهَا فَيَبْعُدُ إِهْمَالُهُمْ لِإِخْرَاجِهَا وَاسْتَغْنَى الدَّيْنُ بِقُوَّةِ جَنَابِ الْمُطَالِبِ بِهِ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لِي بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِنَّمَا قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهِ بَعْدُ وَالْمِيرَاثُ إِنَّمَا يُقْسَمُ بَعْدَهَا لَا بَعْدَ الدَّيْنِ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَخْرُجُ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ الْمِيرَاثَ فَلَمَّا كَانَ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لَا بَعْدَ الدَّيْنِ لِأَنَّهَا الْمُتَأَخِّرَةُ فِي الْإِخْرَاجِ جُعِلَ اللَّفْظُ عَلَى وَفْقِ الْوَاقِعِ فَقِيلَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ مِنْ بَعْدِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لَكَانَتِ الْبَعْدِيَّةُ مُضَافَةً لِلدَّيْنِ وَكَانَ الدَّيْنُ يَتَأَخَّرُ إِخْرَاجُهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قُلْتُ لَهُ هَذَا يَتِمُّ لَوْ قَالَ بِالْوَاو الْمُقْتَضِيَة للْجمع وَإِنَّمَا الْآيَة بِأَو الْمُقْتَضِيَةِ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ فَعَلَى هَذَا مَيِّتٌ لَهُ وَصِيَّةٌ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَآخَرُ لَهُ دَيْنٌ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ فَلِمَ قُدِّمَتِ الْوَصِيَّةُ مَعَ ضَعْفِهَا مَعَ أَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ فَيَعُودُ السُّؤَالُ قَالَ تَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ قُلْتُ يَنْتَقِضُ الْمَعْنَى نَقْضًا شَدِيدًا إِنْ جَعَلْنَا أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ يَكُونُ الْمِيرَاثُ مُتَأَخِّرًا عَنْ مَجْمُوعِهِمَا لَا عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْجِيحِ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ جُزْئِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ عَنِ الدَّيْنِ وَحده وَإِن جعلناها على بَابهَا يكون الْمِيرَاثُ مُتَأَخِّرًا عَنْ أَحَدِهِمَا وَيَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَتَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ تَرْجِيحُ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ ضَرُورَةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمَعْنَى مَعَ الْوَاوِ يَنْتَقِضُ نَقْضًا شَدِيدًا فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ.

الْفَائِدَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ كَالشَّرِيكَيْنِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْمَصَالِحِ فَلَمَّا افْتَرَقَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ وَمَعَ الْوَلَدِ الرُّبُعُ لِأَنَّ الْوَلَدَ عُضْوٌ مِنْهَا فَقُدِّمَ عَلَيْهِ وَلِقُوَّةِ الْمُشَارَكَةِ أَشْبَهَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ فَجَعَلَ لَهُ نِصْفَ مَا كَانَ لَهُ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَبِ لَهُ السُّدُسُ أَقَلُّ السِّهَامِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ رَحِمٍ عَرِيَ عَنْ شَائِبَةِ الْمُشَارَكَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَنَاسَبَ الْأَبَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَأُعْطِيَ لَهُ مِنْ مَالِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَهِيَ الرُّبُعُ أَقَلُّ السِّهَامِ كَمَا أُعْطِيَ الْأَبُ أَقَلَّ السِّهَامِ وَالْمَرْأَةُ لَهَا الرُّبُعُ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَهَا الثُّمُنُ عِنْدَ الْوَلَدِ بذلك وَلِأَنَّ لَهَا رُبُعَ حَدِّهِ لِأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ حِصَّتُهَا الرُّبُعُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الزِّيَادَةُ على أَربع فاستحقت الرّبع.

الْفَائِدَة الثَّانِيَة عشر:
فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَة أَو امْرَأَة} قِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْإِكْلِيلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْزِلُ مِنْهُ أَبْنَاؤُهُ فَهُمْ تَحْتَهُ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْعُلَمَاءُ الِابْنُ وَإِنْ سَفَلَ وَيَنْزِلُ مِنْ آبَائِهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا فَهُمْ فَوْقَهُ وَإِخْوَتُهُ حَوْلَهُ مِثْلُ الْأَجْنِحَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبْنَاءٌ تَحْتَهُ وَلَا آبَاءٌ فَوْقَهُ بَقِيَ فِي الْوَسَطِ وَإِخْوَتُهُ حَوْلَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَأشبه الاكليل وَقيل من الكلال الَّذِي هم التَّعَبُ أَيْ كَلَّتِ الرَّحِمُ عَنْ وِلَادَةِ الْأَبْنَاءِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْكَلَالَةِ عَدَمُ الْوَلَدِ وَفِي مُسَمَّاهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ أَيْ هُوَ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْإِكْلِيلِ وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا أَبٌ وَقِيلَ لِلْفَرِيضَةِ الَّتِي لَا يَرِثُ فِيهَا ولد وَلَا وَالِدٌ وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بالإخوة هَا هُنَا إِخْوَةُ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ صَالِحًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الْإِخْوَةِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس} أُعْطِي لَهُ مَا كَانَ لِأُمِّهِ الَّتِي يُدْلِي بِهَا وَلِذَلِكَ اسْتَوَى ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ أُنْثَى فَلَا أَثَرَ لِلذُّكُورَةِ وَالْأُمُّ إِنَّمَا تَرِثُ السُّدُسَ مَعَ وُجُودِهِمَا فَكَانَ ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ وَالْأُمُّ لَهَا حَالَانِ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ فَجُعِلَ حَالَاهَا لِحَالَتِهِمَا إِنِ انْفَرَدَ الْوَاحِدُ فَالسُّدُسُ أَوِ اجْتَمَعُوا فَالثُّلُثُ فَسِرُّ هَذِهِ الْفُرُوضِ الْأُمُّ وَسِرُّ الْأُمِّ فِيهِمَا الْأَبُ وَالْبُنُوَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمَّا كَانَ أَعْلَى أَحْوَالِ الْأُمِّ الثُّلُثَ وَأَقَلُّ أَحْوَالِهَا السُّدُسَ وَأَعْلَى أَحْوَالِ الْإِخْوَةِ الِاجْتِمَاعُ وَأَدْنَاهَا الِانْفِرَادُ فُرِضَ الْأَعْلَى لِلْأَعْلَى وَالْأَدْنَى لِلْأَدْنَى وَاسْتَوَى الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ وَالْأَوْلَادِ وَسَائِرِ الْقَرَابَاتِ وَالزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الذَّكَرَ حَيْثُ فَضَلَ الْأُنْثَى إِنَّمَا كَانَ إِذَا كَانَ الذَّكَرُ عَاصِبًا وَلَا عُصُوبَةَ مَعَ الْإِدْلَاءِ بِأُنْثَى الَّتِي هِيَ الْأُمُّ وَأَمَّا الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَلِأَنَّهُ يُدْلِي بِنَفْسِهِ وَهُوَ أَشْرَفُ من الزَّوْجَة بالذكورة وَهَا هُنَا الْأَخُ الذَّكَرُ لِلْأُمِّ لَمْ يَدْلُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْأُمِّ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ خُصُوصِ كَوْنِهِ ذَكَرًا.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {قُلِ اللَّهُ يفتيكم فِي الْكَلَالَة} تَقَدَّمَ اشْتِقَاقُهَا وَتِلْكَ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي مسماها هَا هُنَا وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَشْكِلُهَا كَثِيرًا وَعَنْهُ فِي ذَلِكَ حِكَايَاتٌ نَقَلَهَا ابْنُ عَطِيَّةَ إِحْدَاهَا رُوِيَ عَنْهُ مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَاجَعَتِي فِي الْكَلَالَةِ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يمت حَتَّى يبينها وثانيتها كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثَلَاثٌ لَوْ بَيَّنَهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ أَحَبَّ إِلِيَّ مِنَ الدُّنْيَا الْجَدُّ وَالْكَلَالَةُ وَالْخِلَافَةُ وَأَبْوَابٌ مِنَ الرِّبَا وَثَالِثُهَا أَنَّهُ كَتَبَ كِتَابًا فِيهَا وَمَكَثَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ عَلِمْتَ فِيهِ خَيْرًا فَأَمْضِهِ فَلَمَّا طُعِنَ دَعَا بِالْكِتَابِ فَمُحِيَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا فِيهِ ورابعتها أَنه جمع أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَأَقْضِيَنَّ فِي الْكَلَالَةِ بِقَضَاءٍ تَتَحَدَّثُ بِهِ النِّسَاءُ فِي خُدُورِهَا فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَيَّةٌ مِنَ الْبَيْتِ وَتَفَرَّقُوا فَقَالَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يتم هَذَا الْأَمر لأتمه وخامستها أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ مِنَ الْكَلَالَةِ وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهَا حَتَّى طَعَنَ فِي نَحْرِي وَقَالَ تكفيك آيَة الضَّيْف الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ فَإِنْ أَعِشْ فَسَأَقْضِي فِيهَا بِقَضِيَّةٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا اثْنَانِ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَا أَعْضَلَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ مَا أَعْضَلَتْ بِهِمُ الْكَلَالَةُ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فَظَاهِرُ كَلَامِ عُمَرَ أَنَّهَا آيَةُ الصَّيْفِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَلَالَةِ فَقَالَ أَلَمْ تَسْمَعِ الْآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ {وَإِنْ كَانَ رجل يُورث كَلَالَة} إِلَى آخر الْآيَة واستكشل جمَاعَة استكشال عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهَا فَإِنَّهَا بَيِّنَةٌ غَيْرَ أَنَّ اللَّفْظَ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى خُصُوصِ كَوْنِهِ اسْمًا لِلْمَيِّتِ أَوِ الْمَالِ أَوِ الْوَرَثَةِ وَلَا عَلَى إِخْوَةٍ لِأُمٍّ أَوْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ فَلَعَلَّهُ مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْأُولَى إِخْوَةُ الْأُمِّ وَبِهَذِهِ إِخْوَةُ الْأَبِ أَوِ الشَّقَائِقُ.

الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَهُ أُخْتٌ فلهَا نصف مَا ترك} إِنَّمَا كَانَ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِيهِ فَالْأَخَوَاتُ فِي الْحَقِيقَةِ بَنَاتٌ غَيْرَ أَنَّهُنَّ أَبْعَدُ مَرْتَبَةً فَلَا جَرَمَ قُدِّمَ بَنَاتُ الصُّلْبِ عَلَيْهِنَّ وَأُجْرَيْنَ مَجْرَاهُنَّ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ وَلَمَّا كَانَ الْأَخُ الذَّكَرُ إِذَا انْفَرَدَ لَهُ الْكُلُّ كَانَ لَهَا النِّصْفُ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِلْأُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَانِ لِأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ كَذَكَرٍ وَالذَّكَرُ لَهُ الثُّلُثَانِ مَعَ الْأُخْتِ فَجُعِلَ ذَلِكَ لَهُمَا وَلَوْ بَقِيَتِ الْبِنْتُ أَوِ الْأُخْتُ عَلَى النِّصْفِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ وَلَمْ تُضَارَّ بِأُخْتِهَا مَعَ أَنَّ الِابْنَ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ إِذا كَانَ مَعَه أُخْته ويضاربها لَلَزِمَ تَرْجِيحُ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الذَّكَرِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُجْعَلَ الْأُنْثَيَانِ مِثْلَ الذَّكَرِ فِي أَصْلِ الْفَرْضِ وَالْمُضَارَّةِ وَسُوِّيَ بَيْنِ الْأُنْثَيَيْنِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِمَا كَمَا سُوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ فِي حوز جَمِيع الْمَالِ وَاسْتُفِيدَ الزَّائِدُ مِنْ آيَةِ الْبَنَاتِ كَمَا اسْتُفِيدَ حُكْمُ الْبِنْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَبَقِيَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مُبَيِّنَةً لِلْأُخْرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الْبَنَاتِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} اتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنَ الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ يَمْتَنِعُ قَوْلُكَ إِنَّ الذَّاهِبَ جَارِيَتِهِ صَاحِبُهَا لِأَنَّهُ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِكَ جَارِيَتُهُ أَنَّهُ صَاحِبُهَا وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْله تَعَالَى كَانَتَا أَنَّهُمَا اثْنَتَانِ فَالْخَبَرُ مَعْلُومٌ مِنَ الِاسْمِ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ الْمَنْعُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي تَعَالِيقِهِ كَانَتِ الْعَرَبُ تُوَرِّثُ الْكَبِيرَةَ دُونَ الصَّغِيرَةِ اهْتِضَامًا لَهَا فَأَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {اثْنَتَيْنِ} إِلَى أَصْلِ الْعَدَدِ الْمُجَرَّدِ مِنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ كَيْفَ كَانَتَا فَصَارَ وَصْفُ التَّجْرِيدِ عَنِ الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ قَيْدًا زَائِدًا فِي الْخَبَرِ وَهُوَ لَمْ يُعْلَمْ مِنَ الِاسْمِ فَحَسُنَ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالَ أَبُو النَّجْمِ:
أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي

أَيِ الْمَعْرُوفُ فَحَسُنَ لِإِضْمَارِ الصِّفَةِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {يُبَيِّنُ الله لكم} بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْبَيَانُ فَالْمُطَابِقُ لِتَقَدُّمِ الْبَيَانِ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ فَلِمَ عَدَلَ عَنْهُ لِلْمُضَارِعِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ يُسْتَعْمَلُ لِلْحَالَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مَجَازًا كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَيَصِلُ وَيَقْطَعُ أَيْ هَذَا شَأْنُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمُ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ أَيْ هَذَا شَأْنُكَ فَمُرَادُ الْآيَةِ أَنَّ الْبَيَانَ شَأْنُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي غَيْرِهَا فَهِيَ تَحْقِيقٌ لِلْمَاضِي وَعِدَةٌ بِوُقُوعِ الْبَيَانِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَكَانَ الْمَعْنَى أَتَمَّ مِنَ الْمَاضِي وَحْدَهُ.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:
فِي قَوْله تَعَالَى {يُبَيِّنُ اللَّهُ لكم أَن تضلوا} فَإِنَّ أَنْ فِي أَنْ تَضِلُّوا مَصْدَرِيَّةٌ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ مَعْنَى الظَّاهِرِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَضِلُّوا فَيَكُونُ الْإِضْلَالُ هُوَ الْبَاعِثُ عَلَى الْبَيَان وَلَيْسَ كَذَلِك بل ضِدّه فَيتَعَيَّن مُضَاف مَحْذُوف تَقْدِيرُهُ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا أَوْ خَشْيَةَ أَنْ تَضِلُّوا فَهَذَا الْمَحْذُوفُ هُوَ الْمَفْعُولُ مِنْ أَجْلِهِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَنَظَائِرُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ:
فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُخْتٌ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِأَنَّهَا نِصْفُ أَخِيهَا وَهِيَ وَبِنْتُ الِابْنِ ابْنَتَانِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ كَمَا تَقَدَّمَ تَعْلِيلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَرْبَاعٍ لِلْبِنْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا النِّصْفُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ ابْنَةِ الِابْنِ أَخُوهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي فَإِذَا كَانَتْ أُنْثَى كَانَ لَهَا الرُّبُعُ مِنْ حَظِّهِمَا لِأَنَّهُ إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ لِلصُّلْبِ لَا يُزَادَانِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَأَوْلَى إِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِنْتَ ابْنٍ وَإِذَا تَعَيَّنَ لَهَا الرُّبُعُ مِنْ حظهما فَهُوَ السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ فيلاحظ هَا هُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَا يُزَادَانِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَأَنَّ الْبِنْتَ لِقُرْبِهَا جُعِلَ لَهَا النِّصْفُ وَأَنَّ السُّدُسَ الصَّالِحَ لِبِنْتِ الِابْنِ هُوَ رُبُعٌ بِاعْتِبَارِ الثُّلُثَيْنِ لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمَالِ وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا الرُّبُعُ مِنْ أَصْلِ المَال لَكِن عدل عَن ذَلِك لَيْلًا ترجع هَاتَانِ عَلَى بَنَاتِ الصُّلْبِ وَلِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ لِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْضِ النِّصْفِ وَتَقُومُ مَقَامَ الْبِنْتِ عِنْد عدمهَا فَيكون للأثنين مِنْهُنَّ الثُّلُثَانِ وَهِيَ تُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهَا بِنْتُ ابْنِهِ فَتُقَدَّمُ لِأَنَّهَا مِنْ أَرْبَابِ الْفُرُوضِ عَلَى الْعَصَبَات فتأخذ مَا بَقِي لهَذَا السَّبَبِ صَارَتِ الْأَخَوَاتُ عَصَبَةَ الْبَنَاتِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت} فَاشْتَرَطَ فِي تَوْرِيثِهَا عَدَمَ الْوَلَدِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ عَلَيْهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لَهَا شَيْئًا إِلَّا عِنْد عَدَمَ الْوَلَدِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْوَلَدِ الذَّكَرُ.

الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ:
فِي حَدِيثِ الْجَدَّةِ إِنَّمَا كَانَ لَهَا السُّدُسُ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ رُتْبَةً مِنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ فَجُعِلَ لَهَا أَدْنَى حَالَتَيِ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَهُوَ السُّدُسُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِنْتِ الِابْنِ إِذَا انْفَرَدَتْ تَأْخُذُ النِّصْفَ أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ تُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ وَالْجَدَّةَ تُدْلِي بِالْأُمُومَةِ وَهِيَ أَضْعَفُ مِنَ الْبُنُوَّةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَنَّ لَهُمُ الثُّلُثَ إِذَا اجْتَمَعُوا وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ يُدْلِي بِالْأُمِّ وَهَذَا أَشْكَلُ مِنَ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَقُولُ أَنَا ابْنُ أُمِّهِ وَالْجَدَّةَ تَقُولُ أَنَا أُمُّ أُمِّهِ فَالْأَوَّلُ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْأُمُومَةِ فَهَذِهِ عِلَلُ مَقَادِيرِ الْفَرَائِضِ وَحِكَمُهَا وَهِيَ مِنْ أَجَلِّ عِلْمِ الْفَرَائِضِ فَتَأَمَّلْهَا تَفْرِيعٌ الْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ سِتَّةٌ الثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَهُوَ الثُّلُثُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ السُّدُسُ وَالنِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبُعُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الثّمن قَالَ ابْن يُونُس الْمجمع على توريثه مِنَ الرِّجَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَإِنْ بَعُدَ وَابْنُ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ وَإِنْ بَعُدَ وَالْعَمُّ الشَّقِيقُ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ وَابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ وَإِنْ بَعُدَ وَابْنُ الْعَمِّ لِلْأَبِ وَإِنْ بَعُدَ وَعُمُومَةُ الْأَبِ وَبَنُوهُمْ دَاخِلُونَ فِي الْعُمُومَةِ وَالزَّوْجُ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ وَمِنَ النِّسَاءِ عَشَرَةٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ وَفِي الْجَوَاهِرِ مَنْ عدا هَؤُلَاءِ كأب الْأُمِّ وَأُمِّهِ وَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَخَوَاتِ وَبَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ وَأَوْلَادِهِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ فَهُمْ ذَوُو أَرْحَامٍ لَا شَيْءَ لَهُمْ وَالْمُسْتَحِقُّونَ بِالْقَرَابَةِ مِنْهُمْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهُمُ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَالْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِقُّ بِوَاسِطَةٍ بَيْنِهِ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ ذَكَرٌ يَتَسَبَّبُ بِذَكَرٍ وَهُمُ الْعَصَبَةُ كَبَنِي الْبَنِينَ وَإِنْ سَفَلُوا وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا وَالْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ وَإِنْ بَعُدُوا وَمَنْ يَتَسَبَّبُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِأُنْثَى فَلَا مِيرَاثَ لَهُ كَالْجَدِّ لِلْأُمِّ وَبَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَبَنِي الْبَنَاتِ وَنَحْوِهِمْ إِلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لَكِنْ لَا يَرِثُونَ بِالتَّعْصِيبِ الصِّنْفُ الثَّانِي إِنَاثٌ يتسببون بِإِنَاثٍ وَهُمُ اثْنَانِ فَقَطْ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ وَالْأُخْتُ للْأُم الصِّنْف الثَّالِث ذُكُور يتسببون بِأُنْثَى وَهُوَ وَاحِدٌ فَقَطْ الْأَخُ لِلْأُمِّ وَالصِّنْفُ الرَّابِع إناث يتسببون بِذُكُورٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ وَبَنَاتُ الْبَنِينَ وَالْجَدَّةُ أَمُّ الْأَبِ وَالْوَارِثُونَ بِالسِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَا يَرِثُ إِلَّا بِهَا وَهُمْ سِتَّةٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَصِنْفٌ يَرِثُونَ بِهَا وَبِالتَّعْصِيبِ وَقَدْ يَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا وَهُمُ اثْنَانِ الْأَبُ وَالْجَدُّ فَيُفْرَضُ لَهُمَا مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ السُّدُسُ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَاهُ بِالتَّعْصِيبِ مَعَ الْبِنْتِ وَصِنْفٌ يَرِثُونَ تَارَةً بِالْفَرْضِ وَتَارَةً بِالتَّعْصِيبِ وَلَا يجمعُونَ بَينهمَا وهم أَربع النَّبَات وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ الْأَشِقَّاءُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُنَّ إِذا كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لَمْ يَرِثْنَ بِالْفَرْضِ بَلْ بِالتَّعْصِيبِ وَكَذَلِكَ بَنَاتُ الِابْنِ يُعَصِّبُهُنَّ ذَكَرٌ إِنْ كَانَ مَعَهُنَّ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ وَيُعَصِّبُ الْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةٌ الْأَخُ فِي دَرَجَتِهِنَّ وَالْجَدُّ وَبَنَاتُ الصُّلْبِ وَبَنَاتُ الِابْنِ فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ بِنْتِ الصُّلْبِ وَبِنْتِ الِابْنِ مَعَ عَدَمِهَا وَالزَّوْجِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالرُّبُعُ فَرْضُ صِنْفَيْنِ الزَّوْجِ مَعَ وُجُودِ الْحَاجِبِ وَالزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَاتِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالثُّمُنُ فَرْضُ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الزَّوْجَةُ مَعَ وُجُودِ الْحَاجِبِ وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ الِابْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا وَالْأُخْتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ لِلْأَبِ إِذَا انْفَرَدْنَ وَالثُّلُثُ فَرْضُ الْأُمِّ مَعَ عَدَمِ الْحَاجِبِ وَالِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ الْأَبِ مَعَ الْحَاجِبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْحَاجِبِ وَالْجَدَّةِ لِلْأَبِ إِذَا انْفَرَدَتْ أَوْ مَعَ أَخَوَاتٍ شَارَكْنَهَا وَالْوَاحِدَةِ مِنْ بَنَات الابْن فَأكْثر مَعَ بَنَات الصُّلْبِ وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ فَأَكْثَرَ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَالْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَالْجَدِّ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَالْفُرُوضُ الْخَارِجَةُ عَن الْمقدرَة بِالنَّصِّ هِيَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَلِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ إِذَا كَانَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ أَفْضَلَ لَهُ.