فصل: ذكر مقتل زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر عدة حوادث

في هذه السنة غا سليمان بن شام بن عبد الملك الصائفة وافتتح سندرة‏.‏

وفيها غزا إسحاق بن سلم العقيلي تونشاه وافتتح قلاعها وخرب أرضها‏.‏

وحج بالناس هذه السنة محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي وقيل‏:‏ حج بهم سليمان بن هشام بن عبد الملك وقيل‏:‏ أخوه يزيد بن هشام‏.‏

وكان العامل على المدينة ومكة والطائف محمد بن هشام المخزومي وعلى العراق والمشرق يوسف بن عمر وعلى خراسان نصر بن سيار وقد أمره هشام أن يكاتب يوسف بن عمر وقيل‏:‏ كان عليها جعفر بن حنظلة وعلى البصرة كثير بن عبد الله السلمي استعمله يوسف وعلى قضائها عامر بن عبيدة وعلى أرمينية وأذربيجان مروان بن محمد وعلى قضاء الكوفة ابن شبرمة‏.‏

وفيها مات عاصم بن عمر بن قتادة في أصح الأقوال‏.‏

وفيها مات مسلمة ابن عبد الملك بن مروان وقيل‏:‏ سنة إحدى وعشرين بالشام‏.‏

وفيها مات قيس بن مسلم‏.‏

ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي‏.‏

وحماد بن سليمانالفقيه‏.‏

وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وعلي بن مدرك النخعي الكوفي‏.‏

والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الكوفي‏.‏

  ثم دخلت سنة إحدى وعشرين ومائة

في هذه السنة غزا مسملة بن هشام الروم فافتتح بها مطامير‏.‏

  ذكر ظهور زيد بن علي بن الحسين

قيل‏:‏ إن زيد بن علي بن الحسين قتل هذه السنة وقيل‏:‏ سنة اثنتين وعشرين ومائة ونحن نذكر الآن سبب خلافة على هشام وبيعة ونذكر قتله سنة اثنتين وعشرين‏.‏

قد اختلفوا في سبب خلافة فقيل‏:‏ إن زيدًا وداود بن علي بن عبد الله ابن عباس ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قدموا على خالد بن عبد الله القسري بالعراق فأجازهم ورجعوا إلى المدينة فما ولي يوسف بن عمر كتب إلى هشام بذلك وذكر له أن خالدًا ابتاع من زيد أرضًا بالمدينة بعشرة آلاف دينار ثم رد الأرض عليه فكتب هشام إلى عامل المدينة أن يسيرهم إليه ففعل فسألهم هشام عن ذلك فأقروا بالجائزة وأنكروا ما سوى ذلك وحلفوا فصدقهم وأمرهم بالمسير إلى العراق ليقالاوا خالدًا فساروا على كره وقابلوا خالدًا فصدقهم فعادوا نحو المدينة‏.‏

فلما نزلوا القادسية راسل أهل الكوفة زيدًا فعاد إليهم‏.‏

وقيلك بل ادعى خالد القسري أنه أودع زيدًا وداود بن علي ونفرًا من قريش مالًا فكتب يوسف بذلك إلى هشام فأحضرهم هشام من المدينة وسيرهم إلى يوسف ليجمع بينهم وبين خالد فقدموا عليه فقال يوسف لزيد‏:‏ إن خالدًا رعم أنه أودعك مالًا‏.‏

قال‏:‏ كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره‏!‏ فأرسل إلى خالد فأحضره في عباءة فقال‏:‏ هذا زيد قد أنكر أنك قد أودعته شيئًا‏.‏

فنظر خالد إليه وإلى داود وقال ليوسف‏:‏ أتريد أن تجمع مع إثمك في إثمًا في هذا كيف أودعه وأنا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر‏!‏ فقالوا لخالد‏:‏ ما دعاك إلى ما صنعت قال‏:‏ شدد علي العذاب فادعيت ذلك وأملت أن يأتي الله بفرج قبل قدومكم‏.‏

فرجعوا وأقام زيد

قيل‏:‏ إن يزيد بن خالد القسري هو الذي ادعى المال وديعة عند زيد‏.‏

فلما أمرهم هشام بالمسير إلى العراق إلى يوسف استقالوه خوفًا من شر يوسف وظلمه فقال‏:‏ أنا أكتب إليه بالكف عنكم وألزمهم بذلك فساروا على كره‏.‏

وجمع يوسف بينهم وبين يزيد فقال يزيد‏:‏ مالي عندهم قليل ولا كثير‏.‏

قال يوسف‏:‏ أبي تهزأ أم بأمير المؤمنين فعذبه بومئذ عذابًا كاد يهلكه ثم أمر بالفراشين فضربوا ونترك زيدًا‏.‏

ثم استحلفهم وأطلقهم فلحقوا بالمدينة وأقام زيد بالكوفة وكان زيد قد قال لهشام لما أمره بالمسير إلى يوسف‏:‏ ما آمن بعثتني إليه أن لا تجتمع أنا وأنت حيين أبدًا‏.‏

قال‏:‏ لا بد من المسير إليه فساروا إليه‏.‏

وقيل‏:‏ كان السبب في ذلك أن زيدًا كان يخاصم ابن عمه جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي في وقوف علي زيد يخاصم عن بني الحسين وجعفر يخاصم عن بني الحسن فكانا يتبالغان بين يدي الوالي كل غاية ويقومان فلا يعيدان مما كان بينهما حرفًا‏.‏

فلما مات جعفر نازعه عبد الله بن لحسن بن لحسن فتنازعا يومًا بين يدي خالد بن عبد الملمك بن الحارث بالمدينة فأغلظ عبد الله لزيد قال‏:‏ يا بن السندية‏!‏ فضحك زيد وقال‏:‏ قد كان إسماعيل لأمة ومع ذلك فقد صبرت بعد وفاة سيدها إذ لم يصبر غيرها يعني فاطمة وهي

عمته فلم يدخل عليها زمانًا فأرسلت إليه‏:‏ يا بن أخي إني لأعلم أن أمك عندك كأم عبد الله عنده‏.‏

وقالت لعبد الله‏:‏ بئس ما قلت لأم زيد‏!‏ اما والله لنعم دخيلة القوم كانت‏!‏ قال‏:‏ فذكر أن خالدًا قال لهما اغدوا علينا غدًا فلست لعبد الملك إن لم أفصل بينكما‏.‏

فاتت المدينة تغلي كالمرجل يقول قالئل قال زيد كذا ويقول قائل قال عبد الله كذا‏.‏

فلما كان الغد جلس خالد في المسجد واجتمع الناس فمن بين شامت ومهموم فدعا بهما خالد وهو يحب أن يشاتما فذهب عبد الله يتكلم فقال زيد‏:‏ لا تعجل يا ابا محمد أعتق زيد ما يملك إن خاصمك إلى خالد أبدًا‏.‏

ثم أقبل على خالد فقال‏:‏ جمعت ذرية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمر ما كان يجمعهم عليه أبو بكر ولا عمر‏!‏ فقال خالد‏:‏ أما لهذا السفيه أحد فتكلم رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزم فقال‏:‏ يا ابن أبي تراب وابن حسين السفيه‏!‏ أما ترى للوالي عليك حقًا ولا طاعة فقال زيد‏:‏ اسكت أيها القحطاني فإنالا نجيب مثلك‏.‏

قال‏:‏ ولم ترغب عني فوالله إني لخير منك وأبي خير من أبيك وأمي خير من أمك‏.‏

فتضاحك زيد وقال‏:‏ يامعشر قريش هذا الدين قد ذهب فذهبت الأحساب فوالله ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم‏.‏

فتكلم عبد الله بن راقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال‏:‏ كذبت والله أيها القحطاني‏!‏

فوالله لهو خير منك نفسًا وأمًا وأبا ومحتدًا‏!‏ وتناوله بكلام كثير وأخذ كفًا من حصباء وضرب بها الأرض ثم قال‏:‏ إنه والله ما لنا على هذا من صبر‏.‏

وشخص زيد إلى هشام بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له فيرفع إليه القصص فكلما رفع قصة يكتب هشام في أسفلها‏:‏ ارجع إلى منزلك‏.‏

فيقول زيد‏:‏ والله لا أرجع إلى خالد أبدًا‏.‏

ثم أذن له يومًا بعد طول حبس ورقي علية طويلة وأمر خادمًا أن يتبعه بحيث بحيث لا يراه زيد ويمسع ما يقول فصعد زيد وكان دينًا فوقف في بعض الدرجة فسمعه يقول‏:‏ والله لا يحب الدنيا أحد إلا ذل‏.‏ثم صعد إلى هشام فحلف له على شيء فقال‏:‏ لا أصدقك‏.‏

فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الله لم يرفع أحدًا عن أن يرضى باللله ولم يضع أحدًا عن الأيرصض بذلك منه‏.‏

فقال هشام‏:‏ لقد بلغني يا زيد أنك تكر الخلافة وتتمناها ولست هنالك وأنت ابن أمة‏.‏

قال زيد‏:‏ إن لك جوابًا‏.‏

قال‏:‏ فتكلم‏.‏

قال‏:‏ إنه ليس أحد أولى بالله ولا أرفع درجة عنده من نبي ابتعثه وقد كان إسماعيل ابن أمة وأخوه ابن صريحة فاختاره الله عليه وأخرج منه خير البشر وما على أحد من ذلك إذ كان جده رسول الله وأبوه علي بن أبي طالب ما كانت أمه‏.‏

قال له هشام‏:‏ اخرج‏.‏

قال‏:‏ أخرج ثم لا أكون إلا بحيث تكره‏.‏

فقال له سالم‏:‏ يا أبا الحسين لا تظهرن هذا منك‏.‏

فخرج من عنده وسار إلى الكوفة فقال له محمد بن عمر علي بن أبي طالب‏:‏ أذكرك الله يا زيد لما لحقت بأهلك ولا تأت أهل الكوفة فإنهم لا يفون لك فلم يقبل‏.‏

فقال له‏:‏ خرج بنا اساء على غير ذنب من الحجاز إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق إلى قيس ثقيف يلعب بنا وقال‏:‏ بكرت تخوفني المنون كأنني أصبحت عن عرض الحياة بمعزل فأجبتها‏:‏ عن المنية منهل لابد أسقى بكأس المنهل إن المنية لو تمثل مثلت مثلي إذا نزلوا بضيق المنزل فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي أني امرؤ سأموت إن لم أقتل أستودعك الله وإني أعطي الله عهدًا إن دخلت يد في طاعة هؤلاء ما عشت‏.‏

وفارقه وأقبل إلى الكوفة فأقام بها مستخفيًا ينتقل في المنازل وأقبلت الشيعة تختلف إليه تبايعه فبايعه جماعة منهم‏:‏ سلمة بن كهيل ونصر بن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وناس من وجوه أهل الكوفة وكانت بيعته‏:‏ إناندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسم هذا الفيء بين أهله بالساء ورد المظالم ونصر أهل البيت أتبايعون على ذلك فإذا قالوا‏:‏ نعم وضع يده على أيديهم ويقول‏:‏ عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتفين ببيعتي ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي في السر والعلانية فغذا قال‏:‏ نعم مسح يده على يده ثم قال‏:‏ اللهم أشهد‏.‏

فبايعه خمسة عشر ألفًا وقيل‏:‏ اربعون ألفًا فأمر أصحابه بالاستعداد فاقبل من يريد أن يفي له ويخرج معه ويستعد ويتعيأ فشاع أمره في الناس‏.‏

هذا على قول من زعم أنه أتى الكوفة من الشام واختفى بها يبايع الناس وأما على قول من زعم أنه أتى إلى يوسف بن عمر لموافقة خالد بن عبد الله اقسري أو ابنه يزويد بن خالد فإن زيدًا أقام بالكوفة ظاهرًا ومعه داود بن علي بن عبد الله بن عباس وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد وتأمره بالخروج ويقولون‏:‏ إنا لنرجو أن تكون انت المنصور وإن هذا الزمان هو الذي تهلك فيه بنو أمية‏.‏

فأقامم بالكوفة وجعل يوسف بن عمر يسأل عنه فيقال هو ها هنا ويبعث إليه ليسير فيقول‏:‏ نعم ويعتل بالوجع فمكث ما شاء الله‏.‏

ثم ارسل إليه يوسف ليسير فاحتج بأنه يبتاع أشياء يريدها قم أرسل إليه يوسف بالمسير عن الكوفة فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبيد الله بملك بينهما بالمدينة فأرسل إليه ليوكل وكيلًا ويرحل عنها‏.‏

فلما رأى جد يوسف في أمره سار حتى أتى القادسية وقيل الثعلبة فتبعه أهل الكوفة وقالوا له‏:‏ نحن أربعون ألفًا لم يختلف عنك أحد نضرب عنك بأسيافنا وليس هاهنا من أهل الشام إلا عدة يسيرة بعض قباسلنا يكفيكهم بإذن الله تعالى وحلفوا له باظلأيمان المغلظة فجعل يقول‏:‏ إني أخاف أن تخذولني وتسلموني كفعلكمم بأبي وجدي فيحلفون له‏.‏

فقال له داود بن علي‏:‏ يابن عم إن هؤلاء يغرونك من نفسك أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك جدك علي بن أبي طالب حتى قتل والحسن من بعده بايهوه ثم وثبوا عليه فانتزعوا رداءه وجرحوه أوليس قد أخرجوا جدك الحسين وحلفوا له وخذلوه وأسلموه ولم يرضوا بذلك حتى قتلوه‏.‏ فلا ترجع معهم‏.‏

فقالوا‏:‏ إن هذا لا يريد أن تظهر أنت ويزعم أنه وأهل بيته أولى بهذا الأمر منكم‏.‏

فقال زيد لداود‏:‏ إن عليًا يقالته معاوية بداهية وبكراهية وإن الحسين قالتله يزيد والأمر مقبل عليهم‏.‏

فقال داود‏:‏ إني خائف إن رجعت معهم أن لا يكون أحد أشد عليك منهم وأنت أعلم‏.‏

ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة فلما رجع زيد أتاه سلمة بن كهيل فذكر له فرابته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قه فأحسن ثم قال له‏:‏ ننشدك الله كم بايعك قال‏:‏ أرعون ألفًا‏.‏

قال‏:‏ فم بايه جدك قال‏:‏ ثمانون ألفًا‏.‏

قال‏:‏ فكم حصل معه قال‏:‏ ثلاثمائة‏.‏

قال‏:‏ نشدتك الله أنت خير أم جدك قال‏:‏ جدي‏.‏

قال‏:‏ فهذا القرن خير أم ذلك القرن قال‏:‏ ذلك القرن‏.‏

قال‏:‏ أفتطمع أن يفي لك هؤلاء وقد غدر أولئك بجدك قال‏:‏ قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم‏.‏

قال‏:‏ أفتأذن لي أن أخرج من هذا البلد فلا آمن أن يحدث حدث فلا أملك نفسي‏.‏

فأذن له فخرج إلى اليمامة وقد تقدم ذكر مبايعة سلمة‏.‏وكتب عبد الله بن الحسن بن الحسن إلى يزيد‏:‏ أما بعد فإن أهل الكوفة نفخ العلانية خور السريرة هرج في الرخاء جزع في اللقاء تقدمهم أسنتهم ولا تشايعهم قلوبهم ولقد تواترت إلي كتبهم بدعوتهم فصممت عن ندائهم وألبست قلبي غشاء عن ذكرهم يأسًا منهم واطراحًا لهم وما لهم مثل إلا ما قال علي بن أبي طالب‏:‏ إن أهملتم خضتم وإن حوربتم خرتم وإن اجتمع الناس على غمام طعنتم وإن أجبتم إلى مشاقة نكصتم‏.‏

فلم يصغ زيد إلى شيء من ذلك فأقام على حاله يبايع الناس ويتجهز للخروج وتزوج بالكوفة ابنة يعقوب بن عبد الله السلمي وتزوج أيضًا ابنة عبد الله بن أبي العنبسي الأزدي‏.‏

وكان سبب تزوجه إياها أن أمها أم عمرو بنت الصلت كانت تتشيع فاتت زيدًا تسلم عليه وكانت جميلة حسناء قد دخلت في السن ولم يظهر عليها فخطبها زيد إلى نفسها فاعذرت بالسن وقالت له‏:‏ لي ابنة هي أجمل من وابيض وأحسن دلا وشكلًا فضحك زيد ثم تزوجها‏.‏

وكان يتنقل بالكوفة تارة عنده وتارة عند زوجه الأخرى وتارة في بني عبس وتارة في بني هند وتارة في نبي تغلب وغيرهم إلى ان ظهر‏.‏

وفي هذه السنة غزا نصر بن سيار ما وراء النهر مرتين وإحدهما من نحو الباب الجديد فسار من بلخ من تلك الناحية ثم رجع إلى مرو فخطب الناس وأخبرتهم أنه قد أقام منصور بن عمر بن أبي الخرقاء على كشف المظالم وأنه قد وضع الجزية عمن قد أسلم وجعلها على من كان يخفف عنه من المشركين‏.‏

فلم تمضى جمعة حتى أتاه ثلاثنون ألف مسلم كانوا يؤدون الجزية عن رؤوسهم وثمانون ألفًا من المشركين كانت قد ألقيت عنهم فحول ما كان على المسلمين غليهم ووضعه عن المسلمين ثم صنف الخراج ووضعه مواضعه‏.‏

ثم غزا الثانية إلى ورغسر وسمرقند ثم رجع‏.‏

ثم غزا الثالثة إلى الشاش من مرو فحال بينه وبين عبور نهر الشاش كورصول في خمسة عشر ألفًا وكان معهم الحارث بن سريج‏.‏

وعبر كورصول في أربعين رجلًان فبيت أهل العسكر في ليلة مظلمة ومع نصر بخار أخذاه في أهل بخارى ومعه أهل سمر قند وكش ونسف وهم عشرون ألفًا فنادى نصر‏:‏ أى يخرج أحد واثبتوا على مواضعكم‏.‏

فخرج عاصم بن عمير وهو على جند سمرقند فمرت به خيل الترك فحمل على رجل في آخرهم فأسره فإذا هو ملك من مولكهم صاحب أربعة آلاف قبة فأتي به إلى نصر فقال له نصر‏:‏ من أنت قال‏:‏ كورصول‏.‏

فقال نصر‏:‏ الحمد الله الذي أمكن منك يا عدوا الله‏.‏

قال‏:‏ ما ترجو من قتل شيخ وأنا أعطيك أربعة آلاف بعي من إبل الترك وألف برذون تقوي بها جندك وطلق سبيلي‏.‏

فاستشار نصرأصحابه فاشارو وابإطلاقه فسأله عن عمره قال‏:‏ لا أدري‏.‏

قال‏:‏ كم غزوت قا‏:‏ اثنيتن وسبعين غزوة‏.‏

قال‏:‏ أشهدت يوم العطش قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ لو أعطيتني ما طلعت عليه الشمس ما أفلت من يدي بعد ما ذكرت من شماهك‏.‏

وقال لعاصم بن عمير السعدي‏:‏ قم إلى سلبه فخذه‏.‏

فقال‏:‏ من أسرنيظ قال نصر وهو يضحك‏:‏ أسرك يزيد بن قران الحنظلي وأشار إليه‏:‏ قال‏:‏ هذا لا يستطيع أن يغسل استه أو لايستطيع أن يتم له بوله فكيف يأسنري أخبرني من أسرني قال‏:‏ أسرك عاصم بن عمير‏.‏

قال‏:‏ لست أجد ألم القتل إذا كان أسرني فارس من فرسان العرب‏.‏

فقتله وصلبه على شاطئ النهر‏.‏

وعاصم بن عمير هو الهزارمرد قتل بنهاوند أيام قحطبة‏.‏فلما قتل كورصول أحرقت الترك أبنيته وقطعوا آذانهم وقصوا شعورهم وأذناب خيلهم‏.‏

فلما أراد نصر الرجوع أحرقه لئلا يحملوا عظامه فكان ذلك أشد عليهم من قتله وارتفع إلى فرغانة فسبى بها ألف رأس‏.‏

وكتب يوسف بن عمر إلى نصر‏:‏ سر إلى هذا الغادر دينه في الشاش يعني الحارث بن سريج فإن أظفرك الله به وبأهل الشاش فخرج بلادهم واسب ذراريهم وإياك وورطة المسلمين‏.‏

فقرأ الكتاب على الناس واستشارهم فقال يحي بن الحضين‏:‏ انظر أمن لأمير المؤمنين أو من الأمير فقال نصر‏:‏ يا يحى تكلمت بكلمة أيام عاصم بلغت الخيلفة فحظيت بها وبلغت الدرجة الرفيعة فقلت أقول مثلها سر يا يحيى فقد وليتك مقدمتي‏.‏

فلام الناس يحيى فسارإلى الشاش فأتاهم الحارث فنصب عليهم عرادتين وأغار الأخرم وهو فارس الترك على المسلمين فقتلوه وأقوا رأسه إلى الترك فصاحوا وانهزموا‏.‏

وسار نصر إلى الشاش فلتقاه ملكها بالصلح والهدية والرهن واشترط عليه نصر إخراج الحارث بن سريج عن بلده فأخرجه إلى فاراب واستعمل على الشاش نيزك بن صالح مولى عمرو بن العاص ثم سار حتى نزل قبا من أرض فرغانة وكانوا أحسوا بمجيئة فأحرقوا الحشيش وقطعوا الميرة فوجه نصر إلى ولي عهد صاحب فرغانة فحاصره في حصن وغفلوا عنه فخرج وغنم دواب المسلمين فوجه إليهم نصر بجالًا من تميم ومعهم محمد بن المثنى وكان المسلمون ودوابهم كمنوا لهم فخرجوا واستاقوا بعضها وخرج عليهم المسلمون فهزموهم وقتلوا الدهقان وأسروا منهم وأسروا ابن الدهقان فقتله نصر وأرسل نصر سليمان بن صول بكتاب الصلح إلى صاحب فرغانة فأمر به فأدخا الخزائن ليراها ثم رجع إليه فقال‏:‏ كيف رأيت الطريق فيما بيننا وبينكم‏.‏

قال‏:‏ سهلًا كثر الماء والمرعى فكره ذلك وقال‏:‏ كيف رأيت الطريق فيما بيننا وبينكم قال‏:‏ سهلًا كثير الماء والمرعى فكره ذلك وقال‏:‏ ما علمك فقال سليمان‏:‏ قد غزوت غرشستان وغور والختل وطبرستان فكيف لا أعلم قال‏:‏ فكيف رأيت ما أعددنا قال‏:‏ عدة حسنة ولكن أما علمت أن المحصور لا يسلم من خصال لا يأمن أقرب الناس إليه وأوثقهم في نفسه أن يثبت به يطلب مرتبته ويتقرب بذلك أو يفنى ما قد جمع فيسلم برمته أو يصيبه داء فيموت‏.‏

فكره ما قال له وأمره فأحضر كتاب الصلح فأجاب إليه وسير أمه معه وكانت صاحبة أمره فقدمت على نصر فأذن لها وجعل يكلمها وكان مما قالت له كل مالك لا يكون عنده ستة أشياء فليس بملك وزير يبث إليه ما في نفسه ويشاوره ويثق بنصيحته وطباخ إذا لم يشته الطعام اتخذ له ما يشتهي وزوجة إذا دخل عليها مغتمًا فنظر إلى وجهها زال غمه وحصن إذا فزغ أتاه فأنجاه تعني البرذون وسيف إذا قاتل لا يخشى خيانته وذخيرة إذا حملها عاش بها أين كان من الأرض‏.‏

ثم دخل تميم بن نصر في جماعة فقالت‏:‏ من هذا قالوا‏:‏ هذا فتى خراسان تميم بن نصر‏.‏

قالت‏:‏ ما له نبل الكبير ولا حلاوة الصغير ثم دخل الحجاج بن قتيبة فقالت‏:‏ من هذا فقالوا‏:‏ الحجاج بن قتيبة فحيته وسألت عنه وقالت‏:‏ يا معشر العرب ما لكم وفاء ولا يصلح بعضكم بعضًا قتيبة الذي ذلل لكم ما أرى وهذا ابنه تقعده دونك فحقه أن تجلسه أنت هذا المجلس وتجلس أنت مجلسه‏.‏

وفي سنة إحدى ووعشرين غزا مروان بن محمد من أرمينة وهو اليها فأتى قلعة بين السرير فقتل وسبى ثم أتى قلعة ثانية فقتل وسبى ودخل غوميك وهو حصن فيه بيت الملك وسريره فهرب الملك منه حتى أتى حصنًا يقال له خيزج فيه السرير الذهب فسار إليه مروان ونازله صيفية وشتويته فصالح الملك على ألف رأس كل سنة ومائة ألف مدي وسار مروانفدخل أرض ارزو بطران فصالحه ملكها ثم سار في أرض تومان فصالحه وسار حتى أتى خمزين فأخرب بلاده وحصر حصنًا له شهرًا فصالحه طبرسران وفيلان وكل هذه الولايات على شاطئ البحر من أرمينية إلى طبرستان‏.‏

  ذكر عدة حوادث

في هذه السنة غزا مسلمة بن هشام الروم فافتتح بها مطامير‏.‏

وحج بالناس هذه السنة محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي وهو كان عامل المدينة ومكة والطائف‏.‏

وعلى العراق يوسف بن عمر وعلى خراسان نصر بن سيار وعلى أرمينية وأذربيجان مروان بن محمد وعلى قضاء البصرة عامر بن عبيدة وعلى قضاء الكوفة ابن شبرمة‏.‏

وفيها فرغ الوليد بن بكير عامل الموصل من حفر النهر الذي أدخله البلد وكان مبلغ النفقة عليه ثمانية آلاف ألف درهم وجعل عليه

وفيها مات سلمة بن سهيل وقيل سنة اثنتين وعشرين‏.‏

وفيها مات عامر بن عبيد الله بن الزبير وقيل سنة اثنتين وعشرين وقيل سنة أربع وعشرين بالشام‏.‏

وفيع ها مات محمد بن يحيى بن حبان وهو ابن أربع وسبعين سنة بالمدينة حبان بفتح الحاء وبالباء الموحدة‏.‏

وقتل يعقوب بن عبد الله ابن الأشج سهيدًا بأرض الروم‏.‏

  ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين ومائة

  ذكر مقتل زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب

في هذه السنة قتل زيد بن علي بن الحسن قد ذكر سبب مقامه بالكوفة وبيعته بها‏.‏

فلما أمر أصحابه بالاستعداد للخروج وأخذ من كان يريد الوفاء له بالبيعة يتجهز انطلق سليمان بن سراقة البارقي إلى يوسف بن عمر فأخربه فبعث يوسف في طلب زيد فلم يوجد وخاف زيد أن يؤخذ فتيعجل قبل الأجل الذي جعله بينه وبين أهل الكوفة وعلى الكوفة يومئذ الحكم بن الصلت وعلى شرطته عمرو بن عبد الرحمن من القارة ومعه عبيد الله بن العاباس الكندي في ناس من أهل الشام ويوسف بن عمر بالحيرة قال‏:‏ فلما رأى أصحاب زيد بن علي من

يوسف بن عمر أنه قد بلغه أمره وأنه يبحث عن أمره اجتمع إليه حماعة من رؤوسهم وقالوا‏:‏ رحمك الله ما قولك في أبي بكر وعمر قال زيد‏:‏ رحمها الله وغفر لهما ما سمعت أحدًا من أهل بيتي يقول فيهما إلا خيرًا وإن أشد ما أقول فيما ذكرتم أنا كنا أحق بسلطان ما ذكرتم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الناس أجمعين فدفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرًا وقد ولوا فعدلوا في الناس وعملوا بالكتاب والسنة‏.‏

قالوا‏:‏ فلم يظلمك هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم وإنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلى السنن أن تحيا وإلى البدع أن تطفأ فإن اجبتمونا سعدتم وإن أبيتم فلست عليكم بوكيل‏.‏

ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا‏:‏ سبق الإمام يعنون محمدًا الباقر وكان قد مات وقالوزا‏:‏ جعفر ابنه إمامنا اليوم بعد أبيه فسماهم زيد الرافضة وهم يزعمون أن المغيرة سماهم الرافضة حيث فارقوه‏.‏

وكانت طائفة أتت جعفر بن محمد الصادق قبل خروج زيد فأخبره ببيعة زيد فقال‏:‏ بايعوه فهو والله أفضلنا وسدنا فعادوا وكتموا ذلك‏.‏

وكان زيد واعد أصحابه أول ليلة من صفر وبلغ ذلك يوسف بن عمر فبعث إلى الحكم يأمره أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم يحصرهم فيه فجمعهم فيه وطلبوا زيدًا في دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري فخرج منها ليلًا ورفعوا الهرادي فيها النيران ونادوا‏:‏ يا منصور أمت أمت حتى طلع الفجر فلما أصبحوا بعث زيد القاسم التبعي ثم الحضرمي وآخر من أصحابه يناديان بشعارهم فملا كانا بصحراء عبد القيس لقيهما جعفر ابن العباس الكندي فحملا عليه وعلى أصحابه فقتل الذي كان مع القاسم التبعي وارتث القاسم وأتي به الحكم فضرب عنقه‏.‏فكانا أول من قتل من أصحاب زيد‏.‏

وأغلق الحكم دروب السوق وأبواب المسجد على الناس‏.‏

وبعث الحكم إلى يوسف بالحيرة فأخبره الخبر فأرسل جعفر بن العباس ليأتيه بالخبر فسار في خمسين فارسًا حتى بلغ جبانة سالم فسال ثم رجع إلى يوسف فأخبره فسار يوسف إلى تل قريب من الحيرة فنزل عليه ومع أشراف الناس فبعث الريان بن سلمة الأراني في القين ومعه ثلاثمائة من القيقانية رجالة معهم النشاب‏.‏

وأصبح زيد فكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتي رجل وثمانية عشر رجلًا فقال زيد‏:‏ سبحان الله أين الناس فقيل‏:‏ غنهم في المسجد الأعظم محصورون‏.‏

فقال‏:‏ والله ما هذا بعذر لمن بايعنا‏!‏ وسمع نصر بن خزيمة العبسي النداء فأقبل إليه فلقي عمرو بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم في خيله من جهينة في الطريق فحمل عليه نصر وأصحابه فقتل عمرو وانهزم من كان معه وأقبل على جبانة سالم حتى انتهى زيد إلى دار أنس بن عمرو الأزدي وكان في من بايعه وهو في الدار فنودي فلم يجبهم وناداه زيد فلم يخرج إليه فقال زيد‏:‏ ما أخلفكم قد فعلتموها والله حسيبكم ثم انتنهى زيد إلى الكناسة فحمل على من بها من أهل الشام فهزمهم ثم سار زيد يوسف ينظر إليه في مائتي رجل فو قصده لقتله والريان يتبع أثر زيد بن علي بالكوفة في أهل الشام فأخذ زيد على مصلى خالد حتى دخل الكوفة وسار بعض أصحابه نحو جبانة مخنف بن سليم فلقوا أهل الشام فقاتلوهم فأسر أهل الشام منهم رجلًا فأمر به يوسف بن عمر فقتل‏.‏

فلما رأى زيد خذلان الناس إياه قال‏:‏ يا نصر بن خزيمة أنا أخاف أن يكونوا قد فعلوها حسينية‏.‏

قال‏:‏ أما أنا والله لأقاتلن معك حتى أموت وإن الناس في المسجد فامض بنا نحوهم‏.‏

فلقيهم عبيد الله بن العباس الكندي عند ار عمر بن سعد فاقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه وجاء زيد حتى انتهى إلى باب المسجد فجعل أصحابه يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون‏:‏ يا أهل المسجد اخرجوا من الذل إلى العز اخرجوا إلى الدين والدنيا فإنكم لستم في دين ولا دنيا‏.‏

فرماهم أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد وانصرف الريان عند المساء إلى الحيرة وانصرف زيد في من معه وخرج إليه ناس من أهل الكوفة فنزل دار الرزق فاتاه الريان بن سلمة فقالتله عند دار الرزق وجرح أهل الشام ومعهم ناس كثير ورجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء أسوأ شيء ظنًا‏.‏

فلما كان الغد أرسل يوزسف بن عمر العباس بن سعيد المظزني في أهل الشام فانتهى إى زيد في دار الرزق فلقيه زيد وعلى مجنبته نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن ثابت فاقتتلوا قتالاُ شديدًا وحمل نابل بن فروة العبسي من اهل الششام على نصر بن خزيمة فضربه بالسيف فقطع فخذه وضربه نصر فقتله ولم يلبث نصر أن مات واشتد قتالهم فانهزم أصحاب العباس وقتل منهم نحو من سبعين رجلًا‏.‏

فلما كان العشاء عباهم يوسف بن عمر ثم سرحهم فالتقوا هم وأصحاب زيد فحمل عليهم زيد فياصحابه فكشفهم وتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم حمل عليهم بالسبخة حتى أخرجهم إلى بني سليم وجعلت خيلهم لا تثبت لخيله فبعث العاب إلى يوزسف يعلمه ذلك وقال له‏:‏ ابعث إلي الناشبية فبعثهم إليه فجعلوا يرمون أصحاب زيد فقاتل معاوية ابن إسحاق الأنصاري بين يدي زيد قتالًا شديدًا فقتل وثبت زيد ابن علي ومن معه إلى الليل فرمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فثبت في دماغه ورجع أصحابه ولا يظن أهل الشام أنهم رحعوا إلا للمساء والليل ونزل زيد في دار من دور أرحب وأحضر أصحابه طبيبًا فانتزع النصل فضج زيد فلما نزع النصل مات زيد فقال أصحابه‏:‏ اين ندفنه قال بعضهم‏:‏ نطرحه في الماء‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ بل نحتز رأسه ونلقيه في القتلى‏.‏

فقال ابنه يحيى‏:‏ والله لا تأكل لحم أبي الكلاب‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ ندفنه في الخحفرة التي يؤخذ منها الطين ونجعل عليه الماءن ففعلوا فلما دفنوه أجروا عليه الماء وقيل‏:‏ دفن بنهر يعقوب سكر أصحابه الماء ودفنوه وأجروا الماء وكان معهم مولى لزيد سندي وقيل رآهم فسار فدل عليه وتفرق الناس عنه وسار ابنه يحيى نحو كربلاء فنزل بنينوى على سابق مولى بشر بن عبد الملك بن بشر‏.‏

ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور فدله السندي مولى زيد يوم الجمعه على زيد فاستخرجه من قبره وقطع رأسه وسير إلى يوسف ابن عمر وهو بالحيرة وسيره الحكم بن الصلت فأمر بحراستهم وبعث الرأس إلى هشام وولي الوليد فأمر بانزاله وإحراقه‏.‏

وقيل‏:‏ كان خراش بن خشب بن يزيد الشيباني على شرطة زيد وهو الذي نبش زيدًا وصلبه فقال السيد الحوي‏:‏ بت ليلًا مسهدا ساهر العين مقصدا ولقد قلت قولةً وأطلت التبلدا لعن الله حوشبًا وخراشًا ومزيدا وزيدًا فإنه كان أعتى وأعتدا ألف ألفٍ وألف ألف فٍ من اللعن سرمدا

شركوا في دم الحس ين وزيدٍ تعندا ثم عالوه فوق جذ عٍ صريعًا مجردا يا خراش بن حوشبٍ أنت أشقى الورى غدا وقيل في أمر يحيى بن زيد غير ما تقدم وذلك أن أباه زيدًا لما قتل قال له رجل من بني أسد‏:‏ إن أهل خراسان لكم شيعة والرأي أن تخرج إليها‏.‏

قال‏:‏ وكيف لي بذلك قال‏:‏ تتوارى حتى يسكن عنك الطلب ثم تخرج‏.‏

فواراه عنده ليلةً ثم خاف فأتى به عبد الملك بن بشر بن مروان فقال له‏:‏ إن قرابة زيد بك قريبة زحقه عليك واجب‏.‏

قال‏:‏ أجل ولقد كان العفوعنه أقرب للتقوى‏.‏

قال فقد قتل وهذا ابنه غلام حدث لاذنب له فإن علم يوسف به قتله أفتجيره قال‏:‏ نعم فأتاه به فأقام عنده فملا سكن الطلب سار في نفر من الزيدية إلى خراسان‏.‏

فغضب يوسف بن عمر بعد قتل زيد فقال‏:‏ يا أهل العراق إن يحيى بن زيد ينتقل في حجال نسائكم كما كان يفعل أبوه والله لو بدا لي لعرقت خصييه كما عرقت خصيي أبيه‏!‏ وتهددهم وذمهم وترك‏.‏