فصل: ثم دخلت سنة إحدى وخمسين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


 ذكر عدة حوادث

حج بالناس هذه السنة معاوية وقيل‏:‏ بل حج ابنه يزيد وكان العمال على البلاد من تقدم ذكرهم‏.‏

وفيها توفي سعد بن أبي وقاص بالعقيق فحمل على الرقاب إلى المدينة فدفن بها وقيل‏:‏ توفي سنة أربع وخمسين وقيل‏:‏ سنة خمس وخمسين وعمره أربع وسبعون وقيل‏:‏ ثلاث وثمانون سنة وهو أحد العشرة وكان قصيرًا دحداحًا‏.‏

وفيها توفيت صفية بنت حيي زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقيل‏:‏ توفيت أيام عمر‏.‏

وفيها توفي عثمان بن أبي العاص الثقفي‏.‏

وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس توفي بالبصرة‏.‏

وأبو موسى الأشعري وقيل‏:‏ توفي سنة اثنتين وخمسين‏.‏

وفيها توفي زيد بن خالد الجهني وقيل‏:‏ توفي سنة ثمان وستين وقيل‏:‏ ثمان وسبعين‏.‏

وفيها توفي مدلاج بن عمر السلمي وكان قد شهد المشاهد كلها مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكلهم لهم صحبة‏.‏

 ثم دخلت سنة إحدى وخمسين

وفيها كان مشتى فضالة بن عبيد بأرض الروم وغزوة بسر بن أبي أرطأة الصائفة‏.‏

 ذكر مقتل حجر بن عدي

في هذه السنة قتل حجر بن عدي وأصحابه‏.‏

وسبب ذلك أن معاوية استعمل المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين فلما أمره عليها دعاه وقال له‏:‏ أما بعد فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادًا على بصرك ولست تاركًا أيصاءك بخصلة‏:‏ لا تترك شتم علي وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب لأصحاب علي والإقصاء لهم والإطراء بشيعة عثمان والإدناء لهم‏.‏

فقال له المغيرة‏:‏ قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك فلم يذممني وستبلوا فتحمد أو تذم‏.‏

فقال‏:‏ بل نحمد إن شاء الله‏.‏

فأقام المغيرة عاملًا على الكوفة وهو أحسن شيء سيرة غير أنه لا يدع شتم علي والوقوع فيه والدعاء لعثمان والاستغفار له فإذا سمع ذلك حجر بن عدي قال‏:‏ بل إياكم ذم الله ولعن‏!‏ ثم قام وقال‏:‏ أنا أشهد أن من تذمون أحق بالفضل ومن تزكون أولى بالذم‏.‏

فيقول له المغيرة‏:‏ يا حجر اتق هذا السلطان وغضبه وسطوته فإن غضب السلطان يهلك أمثالك ثم يكف عنه ويصفح‏.‏

فلما كان آخر إمارته قال في علي وعثمان ما كان يقوله فقام حجر فصاح صيحةً بالمغيرة سمعها كل من بالمسجد وقال له‏:‏ مر لنا أيها الإنسان بأرزاقنا فقد حبستها عنا وليس ذلك لك وقد أصبحت مولعًا بذم أمير المؤمنين‏.‏

فقام أكثر من ثلثي الناس يقولون‏:‏ صدق حجر وبر مر لنا بأرزاقنا فإن ما أنت عليه لا يجدي علينا نفعًا‏!‏ وأكثروا من هذا القول وأمثاله‏.‏

فنزل المغيرة باستأذن عليه قومه ودخلوا وقالوا‏:‏ علام نترك هذا الرجل يجترىء عليك في سلطانك ويقول لك هذه المقالة فيوهن سلطانك ويسخط عليك أمير المؤمنين معاوية فقال لهم المغيرة‏:‏ إني قد قتلته سيأتي من بعدي أمير يحسبه مثلي فيصنع به ما ترونه يصنع بي فيأخذه ويقتله‏!‏ إني قد قرب أجلي ولا أحب أن أقتل خيار أهل هذا المصر فيسعدوا وأشقى ويعز في الدنيا معاوية ويشقى في الآخرة المغيرة‏.‏

ثم توفي المغيرة وولي زياد فقام في الناس فخطبهم عند قدومه ثم ترحم على عثمان وأثنى على أصحابه ولعن قاتليه‏.‏فقام حجر ففعل كما كان يفعل بالمغيرة‏.‏

ورجع زياد إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمرو بن حريث فبلغه أن حجرًا يجتمع إليه شيعة علي ويظهرون لعن معاوية والبراءة منه وأنهم حصبوا عمرو بن حريث فشخص زياد إلى الكوفة حتى دخلها فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وحجر جالسٌ ثم قال‏:‏ أما بعد فإن غب البغي والغي وخيمٌ إن هؤلاء جموا فأشروا وأمنوني فاجترؤوا على الله لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم ولست بشيء إن لم أمنع الكوفة من حجر وأدعه نكالًا لمن بعده ويل أمك يا حجر سقط العشاء بك على سرحانٍ‏.‏

وأرسل إلى حجر يدعوه وهو بالمسجد فلما أتاه رسول زياد يدعوه قال أصحابه‏:‏ لا تأته ولا كرامة‏.‏

فرجع الرسول فأخبر زيادًا فأمر صاحب شرطته وهو شداد بن الهيثم الهلالي أن يبعث إليه جماعةً ففعل فسبهم أصحاب حجر فرجعوا وأخبروا زيادًا فجمع أهل الكوفة وقال‏:‏ تشجون بيدٍ وتأسون بأخرى‏!‏ أبدانكم معي وقلوبكم مع حجر الأحمق‏!‏ هذا والله من دحسكم‏!‏ والله ليظهرن لي براءتكم أو لآتينكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم‏!‏ فقالوا‏:‏ معاذ الله أن يكون لنا رأي إلا طاعتك وما فيه رضاك‏.‏

قال‏:‏ فليقم كل رجل منكم فليدع من عند حجر من عشيرته وأهله‏.‏

ففعلوا وأقاموا أكثر أصحابه عنه‏.‏

وقال زياد صاحب شرطته‏:‏ انطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به وإلا فشدوا عليهم بالسيوف حتى تأتوني به‏.‏

فأتاه صاحب الشرطة يدعوه فمنعه أصحابه من إجابته فحمل عليهم فقال أبو العمرطة الكندي لحجر‏:‏ إنه ليس معك من معه سيف غيري وما يغني عنك سيفي قم فالحق بأهلك يمنعك قومك وزياد ينظر إليهم وهو على المنبر وغشيهم أصحاب زياد وضرب رجلٌ من الحمراء رأس عمرو بن الحمق بعموده فوقع وحمله أصحابه إلى الأزد فاختفى عندهم حتى خرج وانحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة وضرب بعض الشرطة يد عائذ بن حملة التميمي وكسر نابه وأخذ عمودًا من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجرًا وأصحابه حتى خرجوا من أبواب كندة وأتى حجر بغلته فقال له أبو العمرطة‏:‏ اركب فقد قتلتنا ونفسك‏.‏

وحمله حتى أركبه وركب أبو العمرطة فرسه ولحقه يزيد بن طريف المسلي فضرب أبا العمرطة على فخذه بالعمود وأخذ أبو العمرطة سيفه فضرب به رأسه فسقط ثم برأ وله يقول عبد الله بن همام السلولي‏:‏ ألؤم ابن لؤمٍ ما عدا بك حاسرًا إلى بطلٍ ذي جرأةٍ وشكيم معاود ضرب الدارعين بسيفه على الهام عند الروع غير لئيم إلى فارس الغارين يوم تلاقيا بصفين قرمٍ خير نجل قروم حسبت ابن برصاء الحتار قتاله قتالك زيدًا يوم دار حكيم وكان ذلك السيف أول سيف ضرب به في الكوفة في اختلاف بين الناس‏.‏

ومضى حجر وأبو العمرطة إلى دار حجر واجتمع إليهما ناس كثير ولم يأته من كندة كثير أحد فأرسل زياد‏.‏

وهو على المنبر مذحج وهمدان إلى جبانة كندة وأمرهم أن يأتوه بحجر وأرسل سائر أهل اليمن إلى جبانة الصائدين وأمرهم أن يمضوا إلى صاحبهم حجر فيأتوه به ففعلوا فلما رأى حجر قلة من معه أمرهم بالانصراف وقال لهم‏:‏ لا طاقة لكم بمن قد اجتمع عليكم وماأحب أن تهلكوا‏.‏

فخرجوا فأدركهم مذحج وهمدان فقاتلوهم وأسروا قيس بن يزيد ونجا الباقون فأخذ حجر طريقًا إلى بني حوت فدخل دار رجل منهم يقال له سليم بن يزيد وأدركه الطلب فأخذ سليم سيفه ليقاتل فبكت بناته فقال حجر‏:‏ بئس ما أدخلت على بناتك إذًا‏!‏ قال‏:‏ والله لا تؤخذ من داري أسيرًا ولا قتيلًا وأنا حي‏.‏

فخرج حجر من خوخة في داره فأتى النخع فنزل دار عبد الله بن الحارث أخي الأشتر فأحسن لقاءه‏.‏

فبينما هو عنده إذ قيل له‏:‏ إن الشرط تسأل عنك في النخع‏.‏وسبب ذلك أن أمة سوداء لقيتهم فقالت‏:‏ من تطلبون فقالوا‏:‏ حجر بن عدي‏.‏

فقالت‏:‏ هو في النخع‏.‏

فخرج حجر من عنده فأتى الأزد فاختفى عند ربيعة بن ناجد‏.‏

فلما أعياهم طلبه دعا زياد محمد بن الأشعث وقال له‏:‏ والله لتأتيني به أو لأقطعن كل نخلة لك وأهدم دورك ثم لا تسلم مني حتى أقطعك إربًا إربًا‏.‏

فاستمهله فأمهله ثلاثًا وأحضر قيس بن يزيد أسيرًا فقال له زياد‏:‏ لابأس عليك قد عرفت رأيك في عثمان وبلاءك مع معاوية بصفين وأنك إنما قاتلت مع حجر حميةً وقد غفرتها لك ولكن ائتني بأخيك عمير‏.‏

فاستأمن له منه على ماله ودمه فآمنه فأتاه به وهو جريح فأثقله حديدًا وأمر الرجال أن يرفعوه ويلقوه ففعلوا به ذلك مرارًا فقال قيس بن يزيد لزياد‏:‏ ألم تؤمنه قال‏:‏ بلى قد آمنته على دمه ولست أهريق له دمًا‏.‏

ثم ضمنه وخلى سبيله‏.‏

ومكث حجر بن عدي في بيت ربيعة يومًا وليلة فأرسل إلى محمد بن الأشعث يقول له ليأخذ له من زياد أمانًا حتى يبعث به إلى معاوية‏.‏

فجمع محمد جماعةً منهم‏:‏ جرير بن عبد الله وحجر بن يزيد وعبد الله بن الحارث أخو الأشتر فدخلوا على زياد فاستأمنوا له على أن يرسله إلى معاوية فأجابهم فأرسلوا إلى حجر بن عدي فحضر عند زياد فلما رآه قال‏:‏ مرحبًا بك أبا عبد الرحمن حربٌ أيام الحرب وحربٌ وقد سالم الناس على أهلها تجني براقش فقال حجر‏:‏ ما خلعت طاعةً ولا فارقت جماعةً وإني على بيعتي فقال‏:‏ هيهات يا حجر‏!‏ تشج بيد وتأسو بأخرى‏.‏

فأمر إلى السجن‏.‏

فلما ولى قال زياد‏:‏ والله لأحرصن على قطع خيط رقبته‏!‏ وطلب أصحابه فخرج عمرو بن الحمق حتى أتى الموصل ومعه رفاعة بن شداد فاختفيا بجبل هناك فرفع خبرهما إلى عامل الموصل فسار إليهما فخرجا إليه فأما عمرو فكان قد استسقى بطنه ولم يكن عنده امتناع وأما رفاعة فكان شابًا قويًا فركب فرسه ليقاتل عن عمرو فقال له عمرو‏:‏ ما ينفعني قتالك عني انج بنفسك‏!‏ فحمل عليهم فأفرجوا له فنجا وأخذ عمرو أسيرًا فسألوه‏:‏ من أنت فقال‏:‏ من إن تركتموه كان أسلم لكم وإن قتلتموه كان أضر عليكم ولم يخبرهم‏.‏

فبعثوه إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي الذي يعرف بابن أم الحكم وهو ابن أخت معاوية فعرفه فكتب فيه إلى معاوية‏.‏

فكتب إليه‏:‏ إنه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات بمشاقص معه فاطعنه كما طعن عثمان‏.‏

فأخرج وطعن‏.‏ فمات في الأولى منهن أو الثانية‏.‏

وجد زياد في طلب أصحاب حجر فهربوا وأخذ من قدر عليه منهم‏.‏

فأتي بقبيصة بن ضبيعة العبسي بأمان فحبسه وجاء قيس بن عباد الشيباني إلى زياد فقال له‏:‏ إن امرًا منا يقال له صيفي بن فسيل من رؤوس أصحاب حجر‏.‏

فبعث زياد فأتي به فقال‏:‏ يا عدو الله ما تقول في أبي تراب قال‏:‏ ما أعرب أبا تراب‏.‏

فقال‏:‏ ما أعرفك به‏!‏ أتعرف علي بن أبي طالب قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ فذاك أبو تراب‏.‏قال‏:‏ كلا‏.‏

ذاك أبو الحسن والحسين‏.‏

فقال له صاحب الشرطة‏:‏ يقول الأمير هو أبو تراب وتقول لا‏!‏ قال‏:‏ فإن كذب الأمير أكذب أنا وأشهد على باطل كما شهد فقال له زياد‏:‏ وهذا أيضًا علي بالعصا فأتي بها فقال‏:‏ ما تقول في علي قال‏:‏ أحسن قول‏.‏

قال‏:‏ اضربوه حتى لصق بالأرض ثم قال‏:‏ أقلعوا عنه ما قولك في علي قال‏:‏ والله لو شرحتني بالمواسي ما قلت إلا ما سمعت مني‏.‏

قال‏:‏ لتلعننه أو لأضربن عنقك‏!‏ قال‏:‏ لا أفعل‏.‏

فأوثقوه حديدًا وحبسوه‏.‏

قيل‏:‏ وعاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الأشعث في مواطنه‏.‏

ثم دخل الكوفة فجلس في بيته فقال حوشب للحجاج‏:‏ إن هنا امرًا صاحب فتن لم تكن فتنة بالعراق إلا وثب فيها وهو ترابي يلعن عثمان وقد خرج مع ابن الأشعث حتى هلك وقد جاء فجلس في بيته‏.‏

فبعث إليه الحجاج فقتله فقال بنو أبيه لآل حوشب‏:‏ سعيتم بصاحبنا‏!‏ فقالوا‏:‏ وأنتم أيضًا سعيتم بصاحبنا يعني صيفيًا الشيباني‏.‏

وأرسل زياد إلى عبد الله بن خليفة الطائي فتوارى فبعث إليه الشرط فأخذوه فخرجت أخته النوار فحرضت طيئًا فثاروا بالشرط وخلصوه فرجعوا إلى زياد فأخبروه فأخذ عدي بن حاتم وهو في المسجد فقال‏:‏ ايتني بعبد الله‏!‏ قال‏:‏ وما حاله فأخبره فقال‏:‏ لا علم لي بهذا‏!‏ قال‏:‏ لتأتيني به‏.‏

قال‏:‏ لا آتيك به أبدًا آتيك بابن عمي تقتله‏!‏ والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه‏!‏ فأمر به إلى السجن فلم يبق بالكوفة يمني ولا ربعي إلا كلم زيادًا وقالوا‏:‏ تفعل هذا بعدي بن حاتم صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ فإني أخرجه على شرط أن يخرج ابن عمه عني فلا يدخل الكوفة ما دام لي سلطان‏.‏

فأجابوه إلى ذلك وأرسل عدي إلى عبد الله يعرفه ما كان وأمره أن يلحق بجبلي طيء فخرج إليهما وكان يكتب إلى عدي ليشفع فيه ليعود إلى الكوفة وعدي يمنيه فمما كتب إليه يعاتبه ويرثي حجرًا وأصحابه

تذكرت ليلى والشبيبة أعصرا وذكر الصبا برحٌ على من تذكرا وولى الشباب فافتقدت غصونه فيا لك من وجدٍ به حين أدبرا فدع عنك تذكار الشباب وفقده وأسبابه إذ بان عنك فأجمرا وبك على الخلان لما تخرموا ولم يجدوا على منهل الموت مصدرا دعتهم مناياهم ومن حان يومه من الناس فاعلم أنه لن يؤخرا أولئك كانوا شيعةً لي وموئلًا إذا اليوم ألفي ذا احتدامٍ مذكرا وما كنت أهوى بعدهم متعللًا بشيء من الدنيا ولا أن أعمرا أقول ولا والله أنسى ادكارهم سجيس الليالي أو أموت فأقبرا على أهل عذراء السلام مضاعفًا من الله وليسق الغمام الكنهوار ولاقى بها حجرٌ من الله رحمةً فقد كان أرضى الله حجرٌ وأعذرا ولا زال تهطالٌ ملثٌّ وديمةٌ على قبر حجرٍ أو ينادى فيحشرا فيا حجر من للخيل تدمى نحورها وللملك المغري إذا ما تغشمرا فيا أخوينا من هميمٍ عصمتما ويسرتما للصالحات فأبشرا ويا أخوي الخندفيين أبشرا بما معنا حييتما أن تتبرا ويا إخوتا من حضرموت وغالبٍ وشيبان لقيتم جنانًا مبشرا سعدتم فلم أسمع بأصوب منكم حجاجًا لدى الموت الجليل وأصبرا سأبكيكم ما لاح نجمٌ وغرد ال حمام ببطن الواديين وقرقرا فقلت ولم أظلم‏:‏ أغوث بن طيءٍ متى كنت أخشى بينكم أن أسيرا هبلتم ألا قاتلتم عن أخيكم وقد دث حتى مال ثم تجورا تفرجتم عني فغودرت مسلمًا كأني غريبٌ من إيادٍ وأعصرا فمن لكم مثلي لدى كل غارةٍ ومن لكم مثلي إذا البأس أصحرا ومن لكم مثلي إذا الحرب قلصت وأوضع فيها المستميت وشمرا فها أنا ذا آوي بأجبال طيءٍ طريدًا فلو شاء الإله لغيرا نفاني عدوي ظالمًا عن مهاجري رضيت بما شاء الإله وقدرا لحى الله قيل الحضرميين وائلًا ولاقى القناني بالسنان المؤمرا ولاقى الردى القوم الذين تحزبوا علينا وقالوا قول زورٍ ومنكرا فلا يدعني قومٌ لغوث بن طيءٍ لئن دهرهم أشقى بهم وتغيرا فلم أغزهم في المعلمين ولم أثر عليهم عجاجًا بالكويفة أكدرا فبلع خليلي إن رحلت مشرقًا جديلة والحيين معنًا وبحترا ونبهان والأفناء من جذم طيء ألم أك فيكم ذا الغناء العشنزرا ألم تذكروا يوم العذيب أليتي أمامكم أن لا أرى الدهر مدبرا وكري على مهران والجمع حابسٌ وقتلي الهمام المستميت المسورا ويوم جلولاء الوقيعة لم ألم ويوم نهاوند الفتوح وتسترا وتنسونني يوم الشريعة والقنا بصفين في أكتافهم قد تكسرا جزى ربه عني عدي بن حاتمٍ برفضي وخذلاني جزاءً موفرا أتنسى بلائي سادرًا يا ابن حاتمٍ عشية ما أغنت عديك حزمرا نصرتك إذ خان القريب وأبعط ال بعيد وقد أفردت نصرًا مؤزرا فكان جزائي أن أجرد بينكم سحيبًا وأن أولى الهوان وأوسرا وكم عدةٍ لي منك أنك راجعي فلم تغن بالميعاد عني حبترا فأصبحت أرعى النيب طورًا وتارةً أهرهر إن راعي الشويهات هرهرا كأني لم أركب جوادًا لغارةٍ ولم أترك القرن الكمي مقطرا ولم أعترض بالسيف منكم مغيرةً إذ النكس مشى القهقرى ثم جرجرا ولم أستحث الركض في إثر عصبةٍ ميممةٍ عليا سجاسٍ وأبهرا ولم أذعر الأبلام مني بغارةٍ كورد القطا ثم انحدرت مظفرا ولم أر في خيلٍ تطاعن مثلها بقزوين أو شرودين أو أغر كيدرا فذلك دهرٌ زال عني حميده وأصبح لي معروفه قد تنكرا فلا يبعدن قومي وإن كنت عاتبًا وكنت المضاع فيهم والمكفرا ولا خير في الدنيا ولا العيش بعدهم وإن كنت عنهم نائي الدار محصرا قال‏:‏ وجمع زياد من أصحاب عدي اثني عشر رجلًا في السجن ثم دعا رؤساء الأرباع يومئذ وهم‏:‏ عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة وخالد ابن عرفطة على ربع تميم وهمدان وقيس بن الوليد على ربع ربيعة وكندة وأبو بردة بن أبي موسى على ربع مذحج وأسد فشهد هؤلاء أن حجرًا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه على مثل رأيه وأمره‏.‏ ونظر زياد في شهادة الشهود وقال‏:‏ إني لأحب أن يكونوا أكثر من أربعة فدعا الناس ليشهدوا عليه فشهد إسحاق وموسى ابنا طلحة بن عبيد الله والمنذر ابن الزبير وعمارة بن عقبة بن أبي معيط وعمرو بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضي وشريح بن هانىء فأما شريح بن هانىء فكان يقول‏:‏ ما شهدت وقد لمته‏.‏

ثم دفع زيادٌ حجر بن عدي وأصحابه إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير ابن شهاب وأمرهما أن يسيرا بهم إلى الشام فخرجوا عشية فلما بلغوا الغريين لحقهم شريح بن هانىء وأعطى وائلًا كتابًا وقال‏:‏ أبلغه أمير المؤمنين فأخذه وساروا حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء عند دمشق

وكانوا‏:‏ حجر ابن عدي الكندي والأرقم بن عبد الله الكندي وشريك بن شداد الحضرمي وصيفي بن فسيل الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي وكريم بن عفيف الخثعمي وعاصم بن عوف البجلي وورقاء بن سمي البجلي وكدام بن حيان وعبد الرحمن بن حسان العنزيين ومحرز بن شهاب التميمي وعبد الله بن حوية السعدي التميمي فهؤلاء اثنا عشر رجلًان وأتبعهم زياد برجلين وهما‏:‏ عتبة بن الأخنس من سعد بن بكر وسعد بن نمران الهمداني فتموا أربعة عشر رجلًا‏.‏

فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وأخذ كتابهما فقرأه ودفع إليه وائل كتاب شريح بن هانىء فإذا فيه‏:‏ بلغني أن زيادًا كتب شهادتي وإن شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويديم الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حرام الدم والمال فإن شئت فاقتله وإن شئت فدعه‏.‏

فقال معاوية‏:‏ ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم وحبس القوم بمرج عذراء‏.‏

فوصل إليهم الرجلان اللذان ألحقهما زياد بحجر وأصحابه فلما وصلا سار عامر بن الأسود العجلي إلى معاوية ليعلمه بهما فقام إليه حجر بن عدي في قيوده فقال له‏:‏ أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام وأخبره أنا قد أومنا وصالحناه وصالحنا وأنا لم نقتل أحدًا من أهل القبلة فيحل له دماؤنا‏.‏فدخل عامر على معاوية فأخبره بالرجلين فقام يزيد بن أسد البجلي فاستوهبه ابني عمه وهما‏:‏ عاصم وورقاء وكان جرير بن عبد الله البجلي قد كتب فيهما يزكيهما ويشهد لهما بالبراءة مما شهد عليهما فأطلقهما معاوية وشفع حمرة بن مالك الهمداني في سعد بن نمران فوهبه له وشفع حبيب بن مسلمة في ابن حوية فتركه له وقام مالك بن هبيرة السكوني فقال‏:‏ دع لي ابن عمي حجرًا‏.‏

فقال له‏:‏ هو رأس القوم وأخاف إن خليت سبيله أن يفسد علي مصره فنحتاج أن نشخصك إليه بالعراق‏.‏فقال‏:‏ والله ما أنصفتني يا معاوية‏!‏ قاتلت معك ابن عمك يوم صفين حتى ظفرت وعلا كعبك ولم تخف الدوائر ثم سألتك ابن عمي فمنعتني‏!‏ ثم انصرف فجلس في بيته‏.‏

فبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعي والحصين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدي إلى حجر وأصحابه ليقتلوا من أمروا بقتله منهم فأتوهم عند المساء‏.‏

فلما رأى الخثعمي أحدهم أعور قال‏:‏ يقتل نصفنا ويترك نصفنا فتركوا ستة وقتلوا ثمانية وقالوا لهم قبل القتل‏:‏ إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم‏.‏

فقالوا‏:‏ لسنا فاعلي ذلك‏.‏

فأمر فحفرت القبور وأحضرت الأكفان وقام حجر وأصحابه يصلون عامة الليل‏.‏

فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم فقال لهم حجر بن عدي‏:‏ اتركوني أتوضأ وأصلي فإني ما

توضأت ولا صلي فتركوه فصلى ثم انصرف منها وقال‏:‏ والله ما صليت صلاةً قط أخف منها ولولا أن تظنوا في جزعًا من الموت لاستكثرت منها‏.‏

ثم قال‏:‏ اللهم إنا نستعديك على أمتنا‏!‏ فإن أهل الكوفة شهدوا علينا وإن أهل الشام يقتلوننا أما والله لئن قتلتوني بها فإني لأول فارس من المسلمين هلك في واديها وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها‏!‏ ثم مشى إليه هدبة بن فياض بالسيف فارتعد فقالوا له‏:‏ زعمت أنك لا تجزع من الموت فابرأ من صاحبك وندعك‏.‏

فقال‏:‏ وما لي لا أجزع وأرى قبرًا محفورًا وكفنًا منشورًا وسيفًا مشهورًا‏!‏ وإني والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب‏.‏

فقتلوه وقتلوا ستة‏.‏

فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم الخثعمي‏:‏ ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته‏.‏

فاستأذنوا معاوية فيهما فأذن بإحضارهما‏.‏

فلما دخلا عليه قال الخثعمي‏:‏ الله الله يا معاوية‏!‏ فإنك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ثم مسؤول عما أردت بسفك دمائنا‏!‏ فقال له‏:‏ ما تقول في علي قال‏:‏ أقول فيه قولك‏.‏

قال‏:‏ أتبرأ من دين علي الذي يدين الله به فسكت وقام شمر بن عبد الله من بني قحافة ابن خثعم فاستوهبه فوهبه له على أن لا يدخل الكوفة فاختار الموصل فكان يقول‏:‏ لو مات معاوية قدمت الكوفة فمات قبل معاوية بشهر‏.‏

ثم قال لعبد الرحمن بن حسان‏:‏ يا أخا ربيعة ما تقول في علي قال‏:‏ دعني ولا تسألني فهو خير لك‏.‏

قال‏:‏ والله لا أدعك‏.‏

قال‏:‏ أشهد أنه كان من الذاكرين الله تعالى كثيرًا من الآمرين بالحق والقائمين بالقسط والعافين عن الناس‏.‏

قال‏:‏ فما قولك في عثمان قال‏:‏ هو أول من فتح أبواب الظلم وأغلق أبواب الحق‏.‏

قال‏:‏ قتلت نفسك‏!‏ قال‏:‏ بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي يعني ليشفعوا فيه فرده معاوية إلى زياد وأمره أن يقتله شر قتلة فدفنه حيًا‏.‏

فكان الذين قتلوا‏:‏ حجر بن عدي وشريك بن شداد الحضرمي وصيفي بن فسيل الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي ومحرز بن شهاب السعدي التميمي وكدام بن حيان العنزي وعبد الرحمن بن حسان العنزي الذي دفنه زياد حيًا فهؤلاء السبعة قتلوا ودفنوا وصلي عليهم‏.‏

قيل‏:‏ ولما بلغ الحسن البصري قتل حجر وأصحابه قال‏:‏ صلوا عليهم وكفنوهم ودفنوهم واستقبلوا بهم القبلة قالوا‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ حجوهم ورب الكعبة‏!‏ وأما مالك بن هبيرة السكوني فحين لم يشفعه معاوية في حجر جمع قومه وسار بهم إلى عذراء ليخلص حجرًا وأصحابه فلقيته قتلتهم فلما رأوه علموا أنه جاء ليخلص حجرًا فقال لهم‏:‏ ما وراءكم قالوا‏:‏ قد تاب القوم وجئنا لنخبر أمير المؤمنين‏.‏فسكت وسار إلى عذراء فلقيه بعض من جاء منها فأخبره بقتل القوم فأرسل الخيل في إثر قتلتهم فلم يدركوهم ودخلوا على معاوية فأخبروه فقال لهم‏:‏ إنما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها طفئت وعاد مالك إلى بيته ولم يأت معاوية فلما كان الليل أرسل إليه معاوية بمائة ألف درهم وقال‏:‏ ما منعني أن أشفعك إلا خوفًا أن يعيدوا لنا حربًا فيكون في ذلك من البلاء على المسلمين ما هو أعظم من قتل حجر‏.‏

فأخذها وطابت نفسه‏.‏

ولما بلغ خبر حجر عائشة أرسلت عبد الرحمن بن الحارث إلى معاوية فيه وفي أصحابه فقدم عليه وقد قتلهم فقال له عبد الرحمن‏:‏ أين غاب عنك حلم أبي سفيان قال‏:‏ حين غاب عني مثلك من حلماء قومي وحملني ابن سمية فاحتملت‏.‏

وقالت عائشة‏:‏ لولا أنا لم نغير شيئًا إلا صارت بنا الأمور إلى ما هو أشد منه لغيرنا قتل حجر أما والله إن كان ما علمت لمسلمًا حجاجًا معتمرًا‏.‏

وقال الحسن البصري‏:‏ أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة‏.‏

انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة واستخلافه بعده ابنه سكيرًا خميرًا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زيادًا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الولد للفراش وللعاهر الحجر‏)‏ وقتله حجرًا وأصحاب حجر فيا ويلًا له من حجر‏!‏ ويا ويلًا له من حجر وأصحاب حجر‏!‏

قيل‏:‏ وكان الناس يقولون‏:‏ أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن علي وقتل حجر ودعوة زياد وقالت هند بنت زيد الأنصارية ترثي حجرًا وكانت تتشيع‏:‏ ترفع أيها القمر المنير تبصر هل ترى حجرًا يسير يسير إلى معاوية بن حربٍ ليقتله كما زعم الأمير تجبرت الجبابر بعد حجرٍ وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد له محولًا كأن لم يحيها مزنٌ مطير ألا يا حجر حجر بني عدي تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديًا وشيخًا في دمشق له زئير فإن تهلك فكل زعيم قومٍ من الدنيا إلى هلكٍ يصير وقد قيل في قتله غير ما تقدم‏:‏ وهو أن زيادًا خطب يوم جمعة فأطال الخطبة وأخر الصلاة فقال له حجر بين عدي‏:‏ الصلاة‏.‏

فمضى في خطبته‏.‏

فقال له‏:‏ الصلاة‏.‏

فمضى في خطبته‏.‏

فلما خشي حجر بن عدي فوت الصلاة ضرب بيده إلى كف من حصى وقام إلى الصلاة وقام الناس معه‏.‏

فلما رأى زياد ذلك نزل فصلى بالناس وكتب إلى معاوية وكثر عليه فكتب إليه معاوية ليشده في الحديد ويرسله إليه‏.‏

فلما أراد أخذه قام قومه ليمنعوه فقال حجر‏:‏ لا ولكن سمعًا وطاعة‏.‏

فشد في الحديد وحمل إلى معاوية‏.‏

فلما دخل عليه قال‏:‏ السلام عليك يا أمير المؤمنين‏!‏ فقال معاوية‏:‏ أأمير المؤمنين أنا والله لا أقيلك ولا أستقيلك‏!‏ أخرجوه فاضربوا عنقه‏!‏ فقال حجر للذين يلون أمره‏:‏ دعوني حتى أصلي ركعتين‏.‏

فقالوا‏:‏ صل فصلى ركعتين خفف فيهما‏.‏

ثم قال‏:‏ لولا أن تظنوا بي غير الذي أردت لأطلتهما وقال لمن حضره من قومه‏:‏ لا تطلقوا عني حديدًا ولا تغسلوا عني دمًا فإني لاقٍ معاوية غدًا على الجادة وضربت عنقه‏.‏

قال‏:‏ فلقيت عائشة معاوية فقالت له‏:‏ أين كان حلمك عن حجر فقال‏:‏ لم يحضرني رشيد‏.‏

قال ابن سيرين‏:‏ بلغنا أن معاوية لما حضرته الوفاة جعل يقول‏:‏ يومي منك يا حجر طويل‏!‏ عباد بضم العين وفتح الباء الموحدة وتخفيفها‏.‏

 ذكر استعمال الربيع على خراسان

وفي هذه السنة وجه زيادٌ الربيع بن زياد الحارثي أميرًا على خراسان وكان الحكم بن عمرو الغفاري قد استخلف عند موته أنس بن أبي أناس فعزله زياد وولى خليد بن عبد الله الحنفي ثم عزله وولى الربيع بن زياد أول سنة إحدى وخمسين وسير معه خمسين ألفًا بعيالاتهم من أهل الكوفة والبصرة منهم‏:‏ بريدة بن الحصيب وأبو برزة ولهما صحبة فسكنوا خراسان فلما

قدمها غزا بلخ ففتحها صلحًا وكانت قد أغلقت بعدما صالحهم الأحنف بن قيس في قول بعضهم‏.‏

وفتح قهستان عنوةً وقتل من بناحيتها من الأتراك وبقي منهم نيزك طرخان فقتله قتيبة بن مسلم في ولايته‏.‏

 ذكر عدة حوادث

في هذه السنة مات جرير بن عبد الله البجلي وقيل‏:‏ سنة أربع وخمسن وكان إسلامه في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفيها مات سعيد بن زيد وقيل‏:‏ سنة اثنتين وقيل‏:‏ ثمان وخمسين ودفن بالمدينة وهو أحد العشرة وأبو بكرة نفيع بن الحارث له صحبة وهو أخو زياد لأمه‏.‏

وفيها ماتت ميموتة بنت الحارث زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسرف وفيها دخل بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقيل‏:‏ ماتت سنة ثلاث وستين وقيل‏:‏ ست وستين‏.‏

وحج بالناس هذه السنة يزيد بن معاوية‏.‏

وكان العمال بهذه السنة من تقدم ذكرهم‏.‏

بريدة بضم الباء الموحدة وفتح الراء المهملة‏.‏

والحصيب بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة وآخره باء موحدة‏.‏

فيها كانت غزوة سفيان بن عوف الأسدي الروم وشتى بأرضهم وتوفي بها في قول فاستخلف عبد الله بن مسعدة الفزاري وقيل‏:‏ إن الذي شتى هذه السنة بأرض الروم بسر بن أبي أرطأة ومعه سفيان بن عوف وغزا الصائفة هذه السنة محمد بن عبد الله الثقفي‏.‏

 ذكر خروج زياد بن خراش العجلي

وفي هذه السنة خرج زياد بن خراش العجلي في ثلاثمائة فارس فأتى أرض مسكن من السواد فسير إليه زياد خيلًا عليها سعد بن حذيفة أو غيره فقتلوهم وقد صاروا إلى ماه‏.‏

 ذكر خروج معاذ الطائي

وخرج على زياد أيضًا رجل من طيء يقال له معاذ فأتى نهر عبد الرحمن ابن أم الحكم في ثلاثين رجلًا هذه السنة فبعث إليه زياد من قتله وأصحابه وقيل‏:‏ بل حل لواءه واستأمن‏.‏

ويقال لهم أصحاب نهر عبد الرحمن‏.‏

 ذكر عدة حوادث

وحج بالناس سعيد بن العاص‏.‏

وكان العمال من تقدم ذكرهم‏.‏

وفيها مات عمران بن الحصين الخزاعي بالبصرة‏.‏

وأبو أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد شهد العقبة وبدرًا وقد تقدم أنه توفي سنة تسع وأربعين عند القسطنطينية‏.‏

وكعب بن عجرة وله خمس وسبعون سنة‏.‏

 ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين

فيها كان مشتى عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي بأرض الروم‏.‏

وفيها فتحت رودس جزيرة في البحر فتحها جنادة بن أمية الأزدي ونزلها المسلمون وهم على حذر من الروم وكانوا أشد شيء على الروم يعترضونهم في البحر فيأخذون سفنهم وكان معاوية يدر لهم العطاء وكان العدو قد خافهم‏.‏

فلما توفي معاوية أقفلهم ابنه يزيد‏.‏

وقيل‏:‏ فتحت سنة ستين‏.‏

 ذكر وفاة زياد

وفي هذه السنة توفي زياد بن أبيه بالكوفة في شهر رمضان‏.‏وكان سبب موته أنه كتب إلى معاوية‏:‏ إني قد ضبطت العراق بشمالي ويميني فارغة فاشغلها بالحجاز‏.‏

فكتب له عهده على الحجاز فبلغ أهل الحجاز فأتى نفرٌ منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب فذكروا ذلك فقال‏:‏ أدعو الله عليه ثم استقبل القبلة‏.‏

ودعا ودعوا معه وكان من دعائه أن قال‏:‏ اللهم اكفنا شر زياد‏.‏فخرجت طاعونةٌ على إصبع يمينة فمات منها‏.‏فلما حضرته الوفاة دعا شريحًا القاضي فقال له‏:‏ قد حدث ما ترى وقد أمرت بقطعها فأشر علي‏.‏

فقال له شريح‏:‏ إني أخشى أن يكون الأجل قد دنا فتلقى الله أجذم وقد قطعت يدك كراهية لقائه أو أن يكون في الأجل تأخير فتعيش أجذم وتعير ولدك‏.‏

فقال‏:‏ لا أبيت والطاعون في لحاف واحد‏.‏

فخرج شريح من عنده فسأله الناس فأخبرهم فلاموه وقالوا‏:‏ هلا أشرت بقطعها فقال‏:‏ المستشار مؤتمن‏.‏

وأراد زياد قطعها فلما نظر إلى النار والمكاوي جزع وتركه وقيل‏:‏ بل تركه لما أشار عليه شريح بتركه ولما حضرته الوفاة قال له ابنه‏:‏ قد هيأت لك ستين ثوبًا أكفنك بها‏.‏فقال له‏:‏ يا بني قد دنا من أبيك لباس هو خير من لباسه أو سلب سريع‏!‏ فمات فدفن بالثوبة إلى جانب الكوفة‏.‏

فلما بلغ موته ابن عمر قال‏:‏ اذهب ابن سمية لا الآخرة أدركت ولا الدنيا بقيت عليك‏.‏

وكان مولده سنة إحدى من الهجرة قال مسكين الدرامي يرثيه‏:‏ رأيت زيادة الإسلام ولت جهارًا حين ودعنا زياد فقال الفرزدق يجيبه ولم يكن هجا زيادًا حتى مات‏:‏ بكيت أمرًا من أهل ميسان كافرًا ككسرى على عدانه أو كقيصرا أقول له لما أتاني نعيه به لا بظبيٍ بالصريمة أعفرا وكان زياد فيه حمرة وفي عينه اليمنى انكسار أبيض اللحية مخروطها عليه قميص ربما رقعه‏.‏

 ذكر وفاة الربيع

وفيها مات الربيع بن زياد الحارثي عامل خراسان من قبل زياد‏.‏

وكان سبب موته أنه سخط قتل حجر بن عدي حتى إنه قال‏:‏ لا تزال العرب تقتل صبرًا بعده ولو نفرت عند قتله لم يقتل رجل منهم صبرًا ولكنها أقرت فذلت‏.‏

ثم مكث بعد هذا الكلام جمعة ثم خرج يوم الجمعة فقال‏:‏ أيها الناس إني قد مللت الحياة وإني داعٍ بدعوة فأمنوا‏!‏ ثم رفع يديه بعد الصلاة فقال‏:‏ اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك عاجلًا‏!‏ وأمن الناس ثم خرج فما توارت ثيابه حتى سقط فحمل إلى بيته واستخلف ابنه عبد الله ومات من يومه ثم مات ابنه بعده بشهرين واستخلف خليد ابن يربوع الحنفي فأقره زياد‏.‏

ولما مات زياد كان على البصرة ثمانية عشر شهرًا وقيل‏:‏ ستة أشهر ثم عزله معاوية فقال سمرة‏:‏ لعن الله معاوية‏!‏ والله لو أطعت الله كما أطعته ما عذبني أبدًا‏.‏

وجاء رجل إلى سمرة فأدى زكاة ماله ثم دخل المسجد فصلى فأمر سمرة بقتله فقتل فمر به أبو بكرة فقال‏:‏ يقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى‏}‏ ‏[‏الأعلى‏:‏ 14، 15‏]‏‏.‏ قال‏:‏ وما مات سمرة حتى أخذه الزمهرير فمات شر ميتة‏.‏

الثوية بضم الثاء المثلثة وفتح الواو والياء تحتها نقطتان‏:‏ موضع فيه مقبرة‏.‏

 ذكر عدة حوادث

حج بالناس هذه السنة سعيد بن العاص وكان عامل المدينة وخرجت هذه السنة وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وعلى البصرة سمرة وعلى خراسان خليد بن يربوع الحنفي‏.‏

أسيد بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحتها‏.‏

وفيها مات عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق بطريق مكة في نومة نامها وقيل‏:‏ توفي بعد ذلك‏.‏

وفيها توفي فيروز الديلمي وكانت له صحبة وكان معاوية قد استعمله على صنعاء‏.‏

وفيها مات عمرو بن حزم الأنصاري‏.‏

وفيها مات فضالة بن عبيد الأنصاري بدمشق وكان قاضيها لمعاوية وقيل‏:‏ مات آخر أيام معاوية وقيل غير ذلك شهد أحدًا وما بعدها‏.‏

 ذكر غزوة الروم

وفتح جزيرة أرواد فيها كان مشتى محمد بن مالك بأرض الروم وصائفة معن بن يزيد السلمي‏.‏وفيها فتح المسلمون ومقدمهم جنادة بن أبي أمية جزيرة أرواد قريب القسطنطينية فأقاموا بها سبع سنين وكان معهم مجاهد بن جبر فلما مات معاوية وولي ابنه يزيد أمرهم بالعود فعادوا‏.‏

 ذكر عزل سعيد

عن المدينة واستعمال مروان وفيها عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة واستعمل مروان‏.‏

وكان سبب ذلك أن معاوية كتب إلى سعيد بن العاص أن يهدم دار مروان ويقبض أمواله كلها ليجعلها صافيةً ويقبض منه فدك وكان وهبها له فراجعه سعيد بن العاص في ذلك فأعاد معاوية الكتاب بذلك فلم يفعل سعيد ووضع الكتابين عنده فعزله معاوية وولى مروان وكتب إليه يأمره بقبض أموال سعيد بن العاص وهدم داره فأخذ الفعلة وسار إلى دار سعيد ليهدمها فقال له سعيد‏:‏ يا أبا عبد الملك أتهدم داري قال‏:‏ نعم كتب إلي أمير المؤمنين ولو كتب إليك في هدم داري لفعلت‏.‏

فقال‏:‏ ما كنت لأفعل‏.‏

قال‏:‏ بلى والله‏.‏

قال‏:‏ كلا‏.‏

وقال لغلامه‏:‏ ايتني بكتاب معاوية فجاءه بالكتابين فلما رآهما مروان قال‏:‏ كتب إليك فلم تفعل ولم تعلمني فقال سعيد‏:‏ ما كنت لأمن عليك وإنما أراد معاوية أن يحرض بيننا‏.‏

فقال مروان‏:‏ أنت والله خير مني‏.‏

وعاد ولم يهدم دار سعيد وكتب سعيد إلى معاوية‏:‏ العجب مما صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا‏!‏ إنه يضغن بعضنا على بعض فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره من الأخبثين وعفوه وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء وتوارث الأولاد ذلك فوالله لو لم نكن أولاد أب واحد لما جمعنا الله عليه من نصرة أمير المؤمنين الخليفة المظلوم واجتماع كلمتنا لكان حقًا على أمير المؤمنين أن يرعى ذلك‏.‏

فكتب إليه معاوية يعتذر من ذلك ويتنصل وأنه عائد إلى أحسن ما يعهده‏.‏

وقدم سعيد على معاوية فسأله عن مروان فأثنى عليه خيرًا فقال له معاوية‏:‏ ما باعد بينه وبينك قال‏:‏ خافني على شرفه وخفته على شرفي‏.‏

قال‏:‏ فماذا له عندك قال‏:‏ أسره شاهدًا وغائبًا‏.‏

 ذكر استعمال عبيد الله بن زياد على خراسان

وفي هذه السنة عزل معاوية سمرة بن جندب واستعمل على البصرة عبد الله بن عمرو بن غيلان ستة أشهر‏.‏

وفيها استعمل معاوية عبيد الله بن زياد على خراسان‏.‏

وكان سبب ولايته أنه قدم عليه بعد موت أبيه من استعمل أبوك على الكوفة والبصرة فأخبره فقال‏:‏ لو استعملك أبوك لاستعملتك‏.‏

فقال عبيد الله‏:‏ أنشدك الله أن يقولها لي أحد بعدك‏:‏ لو استعملك أبوك وعمك لاستعملتك‏.‏

فولاه خراسان وقال له‏:‏ اتق الله ولا تؤثرن على تقواه شيئًا فإن في تقواه عوضًا ووفر عرضك من أن تدنسه وإذا أعطيت عهدًا فف به ولا تبيعن كثيرًا بقليل ولا يخرجن منك أمر حتى تبرمه فإذا خرج فلا يردن عليك وإذا لقيت عدوك فغلبوك على ظهر الأرض فلا يغلبوك على بطنها ولا تطمعن أحدًا في غير حقه ولا تؤيسن أحدًا من حق هو له‏.‏

ثم ودعه وكان عمر عبيد الله خمسًا وعشرين سنة وسار إلى خراسان فقطع النهر إلى جبال بخارى على الإبل فكان أول من قطع جبال بخارى في جيش ففتح رامني ونسف وبيكند وهي من بخارى فمن ثم أصاب البخارية وغنم منهم غنائم كثيرة ولما لقي الترك وهزمهم كان مع ملكهم زوجته فعجلوها عن لبس خفيها فلبست أحدهما وبقي الآخر فأخذه المسلمون فقوم بمائتي ألف درهم وكان قتاله الترك من زحوف خراسان التي تذكر فظهر منه بأس شديد وأقام بخراسان سنتين‏.‏

 ذكر عدة حوادث

وكان على الكوفة عبد الله بن خالد وقيل‏:‏ الضحاك بن قيس وعلى البصرة عبد الله بن عمرو بن غيلان‏.‏

وفي هذه السنة توفي أبو قتادة الأنصاري وعمره سبعون سنة وقيل‏:‏ مات سنة أربعين وصلى عليه علي وكبر عليه سبعًا وشهد مع علي حروبه كلها وهو بدري‏.‏

وفيها توفي حويطب بن عبد العزى وله مائة وعشرون سنة‏.‏

وفيها توفي ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأسامة بن زيد وقيل‏:‏ توفي أسامة سنة ثمان وخمسين وقيل‏:‏ سنة تسع وخمسين‏.‏

وفيها توفي سعيد بن يربوع بن عنكثة وكان عمره مائة وأربعًا وعشرين سنة وله صحبة‏.‏

ومخرمة بن نوفل وهو من مسلمة الفتح وعمره مائة سنة وخمس عشرة سنة وعبد الله بن أنيس الجهني‏.‏

وفيها قتل يزيد بن شجرة الرهاوي في غزوة غزاها وقيل‏:‏ سنة ثمان وخمسين‏.‏

 ثم دخلت سنة خمس وخمسين

في هذه السنة كان مشتى سفيان بن عوف الأزدي في قول وقيل‏:‏ بل الذي شتى هذه السنة عمرو بن محرز وقيل‏:‏ بل عبد الله بن قيس الفزاري وقيل‏:‏ بل مالك بن عبد الله‏.‏

 ذكر ولاية ابن زياد البصرة

وكان سبب ذلك‏:‏ أن عبد الله خطب على منبر البصرة فحصبه رجل من بني ضبة فقطع يده فأتاه بنو ضبة وقالوا‏:‏ إن صاحبنا جنى ما جنى وقد عاقبته ولا نأمن أن يبلغ خبرنا أمير المؤمنين فيعاقب عقوبة تعم فاكتب لنا كتابًا إلى أمير المؤمنين يخرج به أحدنا إليه يخبره أنك قطعت على شبهة وأمر لم يتضح‏.‏

فكتب لهم فلما كان رأس السنة توجه عبد الله إلى معاوية ووافاه الضبيون بالكتاب وادعوا أنه قطع صاحبهم ظلمًا‏.‏

فلما رأى معاوية الكتاب قال‏:‏ أما القود من عمالي فلا سبيل إليه ولكن أدي صاحبكم من بيت المال‏.‏

وعزل عبد الله عن البصرة واستعمل ابن زياد عليها فولى ابن زياد على خراسان أسلم بن زرعة الكلابي فلم يغزو ولم يغز ولم يفتح بها شيئًا‏.‏

 ذكر عدة حوادث

وفيها عزل معاوية عبد الله بن خالد عن الكوفة وولاها الضحاك بن قيس وقيل ما تقدم‏.‏

وفيها مات الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي وهو الذي كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يختفي في داره بمكة وكان عمره ثمانين سنة وزيادة وقيل‏:‏ مات يوم مات أبو بكرة‏.‏وفيها توفي أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري وهو بدري وشهد صفين مع علي وقيل‏:‏ توفي قبل‏.‏ وحج

 ثم دخلت سنة ست وخمسين

فيها كان مشتى جنادة بن أبي أمية بأرض الروم وقيل‏:‏ عبد الرحمن ابن مسعود‏.‏

وقيل‏:‏ غزا فيها في البحر يزيد بن شجرة وفي البر عياض بن الحارث واعتمر معاوية فيها في رجب وحج بالناس الوليد بن عتبة بن أبي سفيان‏.‏

 ذكر البيعة ليزيد بولاية العهد

وفي هذه السنة بايع الناس يزيد بن معاوية بولاية عهد أبيه‏.‏

وكان ابتداء ذلك وأوله من المغيرة بن شعبة فإن معاوية أراد أن يعزله عن الكوفة ويستعمل عوضه سعيد بن العاص فبلغه ذلك فقال‏:‏ الرأي أن أشخص إلى معاوية فأستعفيه ليظهر للناس كراهتي للولاية‏.‏

فسار إلى معاوية وقال لأصحابه حين وصل إليه‏:‏ إن لم أكسبكم الآن ولاية وإمارة لا أفعل ذلك أبدًا‏.‏

ومضى حتى دخل على يزيد وقال له‏:‏ إنه قد ذهب أعيان أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآله وكبراء قريش وذوو أسنانهم وإنما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم وأحسنهم رأيًا وأعلمهم بالسنة والسياسة ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة‏.‏

قال‏:‏ أوترى ذلك يتم قال‏:‏ نعم‏.‏

فدخل يزيد على أبيه وأخبره بما قال المغيرة فأحضر المغيرة وقال له ما يقول يزيد فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان وفي يزيد منك خلف فاعقد له فإن حدث بك حادثٌ كان كهفًا للناس وخلفًا منك ولا تسفك دماء ولا تكون فتنة‏.‏

قال‏:‏ ومن لي بهذا قال‏:‏ أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زيادٌ أهل البصرة وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك‏.‏

قال‏:‏ فارجع إلى عملك وتحدث مع من تثق إليه في ذلك وترى ونرى‏.‏

فودعه ورجع إلى أصحابه‏.‏فقالوا‏:‏ مه قال‏:‏ لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمه محمد وفتقت عليهم فتقًا لا يرتق أبدًا وتمثل‏:‏ بمثلي شاهدي النجوى وغالي بي الأعداء والخصم الغضابا وسار المغيرة حتى قدم الكوفة وذاكر من يثق إليه ومن يعلم أنه شيعة لبني أمية أمر يزيد فأجابوا إلى بيعته فأوفد منهم عشرة ويقال أكثر من عشرة وأعطاهم ثلاثين ألف درهم وجعل عليهم ابنه موسى بن المغيرة وقدموا على معاوية فزينوا له بيعة يزيد ودعوه إلى عقدها‏.‏

فقال معاوية‏:‏ لا تعجلوا بإظهار هذا وكونوا على رأيكم‏.‏

ثم قال لموسى‏:‏ بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم قال‏:‏ بثلاثين ألفًا‏.‏

قال‏:‏ لقد هان عليهم دينهم‏.‏

وقيل‏:‏ أرسل أربعين رجلًا وجعل عليهم ابنه عروة فلما دخلوا على معاوية قاموا خطباء فقالوا‏:‏ إنما أشخصهم إليه النظر لأمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين كبرت سنك وخفنا انتشار الحبل فانصب لنا علمًا وحد لنا حدًا ننتهي إليه‏.‏

فقال‏:‏ أشيروا علي‏.‏

فقالوا‏:‏ نشير بيزيد ابن أمير المؤمنين‏.‏

فقال‏:‏ أوقد رضيتموه قالوا‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ وذلك رأيكم قالوا‏:‏ نعم ورأي من وراءنا‏.‏فقال معاوية لعروة سرًا عنهم‏.‏

بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم قال‏:‏ بأربعمائة دينار‏.‏

قال‏:‏ لقد وجد دينهم عندهم رخيصًا‏.‏

وقال لهم‏:‏ ننظر ما قدمتم له ويقضي الله ما أراد والأناة خير من العجلة‏.‏

فرجعوا‏.‏

وقوي عزم معاوية على البيعة ليزيد فأرسل إلى زياد يستشيره فأحضر زياد عبيد بن كعب النميري وقال له‏:‏ إن لكل مستشير ثقة ولكل سر مستودع وإن الناس قد أبدع بهم خصلتان‏:‏ إذاعة السر وإخراج النصيحة إلى غير أهلها وليس موضع السر إلا أحد رجلين‏:‏ رجل آخرة يرجو ثوابها ورجل دنيا له شرف في نفسه وعقل يصون حسبه وقد خبرتهما منك وقد دعوتك لأمرٍ اتهمت عليه بطون الصحف إن أمير المؤمنين كتب يستشيرني في كذا وكذا وإنه يتخوف نفرة الناس ويرجو طاعتهم وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد فالق أمير المؤمنين وأد إليه فعلات يزيد وقل له رويدك بالأمر فأحرى أن يتم لك ما تريد لا تعجل فإن دركًا في تأخير خيرٌ من فوت في عجلة‏.‏

فقال له عبيد‏:‏ أفلا غير هذا قال‏:‏ وما هو قال‏:‏ لا تفسد على معاوية رأيه ولا تبغض إليه ابنه وألقى أنا يزيد فأخبره أن أمير المؤمنين كتب إليك يستبشرك في البيعة له وأنك تتخوف خلاف الناس عليه لهنات ينقمونها عليه وأنك ترى له ما ينقم عليه لتستحكم له الحجة على الناس ويتم ما تريد فتكون قد نصحت أمير المؤمنين وسلمت مما تخاف من أمر الأمة‏.‏

فقال زياد‏:‏ لقد رميت الأمر بحجره اشخص على بركة الله فإن أصبت فما لا ينكر وإن يكن خطأ فغير مستغش وتقول بما ترى ويقضي الله بغيب ما يعلم‏.‏

فقدم على يزيد فذكر ذلك له فكف عن كثير مما كان يصنع وكتب زياد معه إلى معاوية يشير بالتؤدة وأن لا يعجل فقبل منه‏.‏

فلما مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد فأرسل إلى عبد الله بن عمر مائة ألف درهم فقبلها فلما ذكر البيعة ليزيد قال ابن عمر‏:‏ هذا أراد أن ديني عندي إذن لرخيص‏.‏

وامتنع‏.‏ثم كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم‏:‏ إني قد كبرت سني ودق عظمي وخشيت الاختلاف على الأمة بعدي وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي وكرهت أن أقطع أمرًا دون مشورة من عندك فاعرض ذلك عليهم وأعلمني بالذي يردون عليك‏.‏فقام مروان في الناس

فكتب مروان إلى معاوية بذلك فأعاد إليه الجواب يذكر يزيد فقام مروان فيهم وقال‏:‏ إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل وقد استخلف ابنه يزيد بعده‏.‏

فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال‏:‏ كذبت والله يا مروان وكذب معاوية‏!‏ ما الخيار أردتما لأمة محمد ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل‏.‏

فقال مروان‏:‏ هذا الذي أنزل الله فيه‏:‏ ‏{‏والذي قال لوالديه أفٍ لكما‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 17‏]‏‏.‏ الآية‏.‏

فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت‏:‏ يا مروان يا مروان‏!‏ فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه‏.‏

فقالت‏:‏ أنت القائل لعبد الرحمن إنه نزل فيه القرآن كذبت‏!‏ والله ما هو به ولكنه فلان بن فلان ولكنك أنت فضضٌ من لعنة نبي الله‏.‏

وقام الحسين بن علي فأنكر ذلك وفعل مثله ابن عمر وابن الزبير فكتب مروان بذلك إلى معاوية وكان معاوية قد كتب إلى عماله بتقريظ يزيد ووصفه وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو ابن حزم من المدينة والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة فقال محمد بن عمرو لمعاوية‏:‏ إن كل راعٍ مسؤول عن رعيته فانظر من تولي أمر أمة محمد‏.‏

فأخذ معاوية بهرٌ حتى جعل يتنفس في يوم شاتٍ ثم وصله وصرفه وأمر الأحنف أن يدخل على يزيد فدخل عليه فلما خرج من عنده قال له‏:‏ كيف رأيت ابن أخيك قال‏:‏ ثم إن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهري لما اجتمع الوفود عنده‏:‏ إني متكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد وتحثني عليها‏.‏

فلما جلس معاوية للناس تكلم فعظم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها وما أمر الله به من طاعة ولاة الأمر ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة وعرض ببيعته فعارضه الضحاك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنه لابد للناس من والٍ بعدك وقد بلونا الجماعة والألفة فوجدناهما أحقن للدماء وأصلح للدهماء وآمن للسبل وخيرًا في العاقبة والأيام عوج رواجع والله كل يوم في شأن ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه وقصد سيرته على ما علمت وهو من أفضلنا علمًا وحلمًا وأبعدنا رأيًا فوله عهدك واجعله لنا علمًا بعدك ومفزعًا نلجأ إليه ونسكن في ظله‏.‏

وتكلم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من ذلك‏.‏

ثم قام يزيد بن المقنع العذري فقال‏:‏ هذا أمير المؤمنين وأشار إلى معاوية فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد ومن أبى فهذا وأشار إلى سيفه‏.‏

فقال معاوية‏:‏ اجلس فأنت سيد الخطباء‏.‏

وتكلم من حضر من الوفود‏.‏

فقال معاوية للأحنف‏:‏ ما تقول يا أبا بحر فقال‏:‏ نخافكم إن صدقنا ونخاف الله إن كذبنا وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه فإن كنت تعلمه لله تعالى وللأمة رضى فلا تشاور فيه وإن كنت تعلم فيه غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنت صائر إلى الآخرة وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا‏.‏

وقام رجل من أهل الشام فقال‏:‏ ما ندري ما تقول هذه المعدية العراقية وإنما عندنا سمع وطاعة وضرب وازدلاف‏.‏

فتفرق الناس يحكون قول الأحنف وكان معاوية يعطي المقارب ويداري المباعد ويلطف به حتى استوثق له أكثر الناس وبايعه‏.‏

فلما بايعه أهل العراق والشام سار إلى الحجاز في ألف فارس فلما دنا من المدينة لقيه الحسين بن علي أول الناس فلما نظر إليه قال‏:‏ لا مرحبًا ولا أهلًا‏!‏ بدنة يترقرق دمها والله مهريقه‏!‏ قال‏:‏ مهلًا فإني والله لست بأهل لهذه المقالة‏!‏ قال‏:‏ بلى ولشر منها‏.‏

ولقيه ابن الزبير فقال‏:‏ لا مرحبًا ولا أهلًا‏!‏ خب ضب تلعة يدخل رأسه ويضرب بذنبه ويوشك والله أن يؤخذ بذنبه ويدق ظهره نحياه عني فضرب وجه راحلته‏.‏

ثم لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال له معاوية‏:‏ لا أهلًا ولا مرحبًا‏!‏ شيخ قد خرف وذهب عقله ثم أمر فضرب وجه راحلته ثم فعل بابن عمر نحو ذلك فأقبلوا معه لا يلتفت إليهم حتى دخل المدينة فحضروا بابه فلم يؤذن لهم على منازلهم ولم يروا منه ما يحبون فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها وخطب معاوية بالمدينة فذكر يزيد فمدحه وقال‏:‏ من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه وما أظن قومًا بمنتهين حتى تصيبهم بواثق تجتث أصولهم وقد أنذرت إن أغنت النذر ثم أنشد متمثلًا‏:‏ إنك إن كلفتني ما لم أطق ساءك ما سرك مني من خلق دونك ما استسقيته فاحس وذق ثم دخل على عائشة وقد بلغها أنه ذكر الحسين وأصحابه فقال‏:‏ لأقتلنهم إن لم يبايعوا فشكاهم إليها فوعظته وقالت له‏:‏ بلغني أنك تتهددهم بالقتل فقال‏:‏ يا أم المؤمنين هم أعز من ذلك ولكني بايعت ليزيد وبايعه غيرهم أفترين أن أنقض بيعة قد تمت قالت‏:‏ فارفق بهم فإنهم يصيرون إلى ما تحب إن شاء الله‏.‏

قال‏:‏ أفعل‏.‏

وكان في قولها له‏:‏ ما يؤمنك أن أقعد لك رجلًا يقتلك وقد فعلت بأخي ما فعلت تعني أخاها محمدًا‏.‏

فقال لها‏:‏ كلا يا أم المؤمنين إني في بيت أمن‏.‏

قالت‏:‏ أجل‏.‏

ومكث بالمدينة ما شاء الله ثم خرج إلى مكة فلقيه الناس فقال أولئك النفر‏:‏ نتلقاه فلعله قد ندم على ما كان منه فلقوه ببطن مر فكان أول من لقيه الحسين فقال له معاوية‏:‏ مرحبًا وأهلًا يا ابن رسول الله وسيد شباب المسلمين‏!‏ فأمر له بدابة فركب وسايره ثم فعل بالباقين مثل ذلك وأقبل يسايرهم لا يسير معه غيرهم حتى دخل مكة فكانوا أول داخل وآخر خارج ولا يمضي يوم إلا ولهم صلة ولا يذكر لهم شيئًا حتى قضى نسكه وحمل أثقاله وقرب مسيره فقال بعض أولئك النفر لبعض‏:‏ لا تخدعوا فما صنع بكم هذا لحبكم وما صنعه إلا لما يريد‏.‏

فأعدوا له فأحضرهم معاوية وقال‏:‏ قد علمتم سيرتي فيكم وصلتي لأرحامكم وحملي ما كان منكم ويزيد أخوكم وابن عمكم وأردت أن تقدموه باسم الخلافة وتكونوا أنتم تعزلون وتؤمرون وتجبون المال وتقسمونه لا يعارضكم في شيء من ذلك‏.‏

فسكتوا‏.‏

فقال‏:‏ ألا تجيبون مرتين‏.‏

ثم أقبل علي بن الزبير فقال‏:‏ هات لعمري إنك خطيبهم‏.‏

فقال‏:‏ نعم نخيرك بين ثلاث خصال‏.‏

قال‏:‏ اعرضهن‏.‏

قال‏:‏ تصنع كما صنع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو كما صنع أبو بكر أو كما صنع عمر‏.‏

قال معاوية‏:‏ ما صنعوا قال‏:‏ قبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يستخلف أحدًا فارتضى الناس أبا بكر‏.‏

قال‏:‏ ليس فيكم مثل أبي بكر وأخاف الاختلاف‏.‏

قالوا‏:‏ صدقت فاصنع كما صنع أبو بكر فإنه عهد إلى رجل من قاصية قريش ليس من بني أبيه فاستخلفه وإن شئت فاصنع كما صنع عمر جعل الأمر شورى في ستة نفر ليس فيهم أحد من ولده ولا من بني أبيه‏.‏

قال معاوية‏:‏ هل عندك غير هذا قال‏:‏ لا‏.‏

ثم قال‏:‏ فأنتم قالوا‏:‏ قولنا قوله‏.‏

قال‏:‏ فإني قد أحببت أن أتقدم إليكم إنه قد أعذر من أنذر إني كنت أخطب فيكم فيقوم إلي القائم منكم فيكذبني على رؤوس الناس فأحمل ذلك وأصفح‏.‏

وإني قائم بمقالة فأقسم بالله لئن رد علي أحدكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه فلا يبقين رجل إلا على نفسه‏.‏

ثم دعا صاحب حرسه بحضرتهم فقال‏:‏ أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف فإن ذهب رجل منهم يرد علي كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفهما‏.‏

ثم خرج وخرجوا معه حتى رقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا يبتز أمر دونهم ولا يقضى إلا عن مشورتهم وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد فبايعوا على اسم الله‏!‏ فبايع الناس وكانوا يتربصون بيعة هؤلاء النفر ثم ركب رواحله وانصرف إلى المدينة فلقي الناس أولئك النفر فقالوا لهم‏:‏ زعمتم أنكم لا تبايعون فلم أرضيتم وأعطيتم وبايعتم قالوا‏:‏ والله ما فعلنا‏.‏

فقالوا‏:‏ ما منعكم أن تردوا على الرجل قالوا‏:‏ كادنا وخفنا القتل‏.‏

وبايعه أهل المدينة ثم انصرف إلى الشام وجفا بني هاشم فأتاه ابن عباس فقال له‏:‏ ما بالك جفوتنا قال‏:‏ إن صاحبكم لم يبايع ليزيد فلم تنكروا ذلك عليه‏.‏

فقال‏:‏ يا معاوية إني لخليق أن أنحاز إلى بعض السواحل فأقيم به ثم أنطق بما تعلم حتى أدع الناس كلهم خوارج عليك‏.‏

قال‏:‏ يا أبا العباس تعطون وترضون وترادون‏.‏

وقيل‏:‏ إن ابن عمر قال لمعاوية‏:‏ أبايعك على أني أدخل فيما تجتمع عليه الأمة فوالله لو اجتمعت على حبشي لدخلت معها‏!‏ ثم عاد إلى منزله فأغلق بابه ولم يأذن لأحد‏.‏

قلت‏:‏ ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر لا يستقيم على قول من يجعل وفاته سنة ثلاث وخمسين وإنما يصح على قول من يجعلها بعد ذلك الوقت‏.‏