فصل: ذكر ما جرى للشعبي مع الحجاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر ما جرى للشعبي مع الحجاج

لما انهزم أصحاب عبد الرحمن بالجماجم نادى منادي الحجاج‏:‏ من لحق بقتيبة بن مسلم فهو آمن وكان قد ولاه الري وسار إليه فلحق به ناس كثير وكان منهم الشعبي فذكره الحجاج يومًا

فسأل عنه فقال له يزيد بن أبي مسلم‏:‏ إنه لحق بقتيبة بالري فكتب الحجاج إلى قتيبة يأمره بإرسال الشعبي فأرسله‏.‏

قال الشعبي‏:‏ فلما قدمت على الحجاج لقيت ابن أبي مسلم وكان صديقًا لي فاستشرته فقال‏:‏ اعتذر مهما استطعت وأشار بمثل ذلك إخواني ونصائحي فلما دخلت على الحجاج رأيت غير ما ذكروا لي فسلمت عليه بالإمرة وقتل‏:‏ أيها الأمير إن الناس قد أمروني أن أعتذر بغير ما يعلم الله أنه الحق وايم الله لا أقول في هذا المقام إلا لحق قد والله مردنا عليك وحرضنا وجهدنا فما كنا بالأقوياء الفجرة ولا بالأنقياء البررة ولقد نصرك الله علينا وأظفرك بنا فإن سطوت فبذنوبنا وما جرت إليه أيدينا وإن عفوت عنا فبحلمك وبعد فالحجة لك علينا‏.‏

فقال الحجاج‏:‏ أنت والله أحب إلي قولًا ممن يدخل علينا بقطر سيفه من دمائنا قم يقول‏:‏ ما فعلت ولا شهدت وقد أمنت يا شعبي كيف وجدت الناس بعدنا فقلت‏:‏ أصلح الله الأمير اكتحلت بعدك السهر واستوعرت الجناب واستحلست الخوف وفقدت صالح الإخوان ولم أجد من الأمير خلفًا‏.‏

قال‏:‏ انصرف ياشعبي‏.‏

فانصرفت‏.‏

  ذكر خلع عمر بن أبي الصلت بالري وما كان منه

لما ظفر الحجاج بابن الأشعث لحق خلق كثير من المنهزمين بعمر بن أبي الصلت وكان قد غلب على الري في تلك الفتنة فلما اجتمعوا بالري أرادوا أن يحظوا عند الحجاج بأمر يمحون عن أنفسهم عثرة الجماجم فأشاروا على عمر بخلع الحجاج وقتيبة فامتنع فوضعوا عليه أباه أبا الصلت وكان به بارًا فأشار عليه بذلك وألزمه به وقال له‏:‏ يا بني إذا سار هؤلاء تحت لوائك لا أبابي أن تقتل غدًا‏.‏ ففعل‏.‏

فلما قارب قتيبة الري بلغه الخبر فاستعد لقتاله فالتقوا واقتتلوا فغدر أصحاب عمر به وأكثرهم من تميم فانهزم ولحق بطبرستان فآواه الأصبهبذ وأكرمه وأحسن إليه‏.‏

فقال عمر لأبيه‏:‏ إنك أمرتني بخلع الحجاج وقتيبة فأطعتك وكان خلاف رأيي فلم أحمد رأيك وقد نزلنا بهذا العلج الأصبهبذ فدعني حتى أثب عليه فأقتله وأجلس على مملكته فقد علمت الأعاجم أني أشرف منه‏.‏

فقال أبوه‏:‏ ما كنت لأفعل هذا الرجل آوانا ونحن خائفون وأكرمنا وأنزلنا‏.‏

فقال عمر‏:‏ أنت أعلم وسترى‏.‏

ودخل قتيبة الري وكتب إلى الحجاج بخبر عمر وانهزامه إلى طبرستان فكتب الحجاج إلى الأصبهبذ‏:‏ أن ابعث بهم أو برؤوسهم وإلا فقد برئت منك الذمة‏.‏

فصنع لهم الأصبهبذ طعامًا وأحضرهما فقتل عمر وبعث أباه أسيرًا وقيل‏:‏ بل قتلهما وبعث برؤوسهما‏.‏

وفي هذه السنة بني الحجاج واسطًا‏.‏

وكان سبب ذلك أن الحجاج ضرب البعث على أهل الكوفة إلى خراسان وعسكر بحمام عمر وكان فتى من أهل الكوفة حديث عهد بعرش فانصرف من العسكر إلى ابنة عمه ليلًا فطرق الباب طارق ودقة دقًا شديدًا فإذا سكران من أهل الشام فقالت للرجل ابنة عمه‏:‏ لقد لقينا من هذا الشامي شرًا يفعل بنا كل ليلة ما ترى يريد المكروه وقد شكوته إلى مشيخة أصحابه‏.‏

فقال لها زوجها‏:‏ ائذني له فأذنت له فقتله زوجها فلما أذن الفجر خرج إلى العسكر وقال لابنة عمه‏:‏ إذا صليت الفجر فابعثي إلى الشاميين ليأخذوا صاحبهم فإذا أحضروك عند الحجاج فاصدقيه الخبر على وجهه‏.‏

ففعلت فأحضرت عند الحجاج فأخبرته فقال‏:‏ صدقتني‏.‏

وقال للشاميين‏:‏ خذوا صاحبكم لا قود له ولا عقل فإنه قتيل الله إلى النار‏.‏

ثم نادى مناد‏:‏ لا ينزلن أحد على أحد‏.‏

وكان الحجاج قد أنزل أهل الشام على اهل الكوفة فخرج أهل الشام فعسكروا وبعث روادًا يرتادون له منزلًا وأقبل حتى نزل موضع واسط فإذا راهب قد أقبل على حمار له فلما كان بموضع واسط بال الحمار فنزل الراهب فاحتفر ذلك البول واحتمله ورماه في دجلة والحجاج يراه‏.‏

فقال‏:‏ علي به‏.‏

فأتي به‏.‏

فقال‏:‏ ما حملك على ما صنعته قال‏:‏ نجد في الكتب أنه يبنى في هذا الموضع مسجد يعبد الله فيه ما دام في الأرض أحد يوحده‏.‏

فاختط الحجاج مدينة واسط وبنى المسجد في ذلك الموضع‏.‏

  ذكر عدة حوادث

في هذه السنة عزل عبد الملك أبان بن عثمان من المدينة في قول بعضهم واستعمل عليها هشام بن إسماعيل‏.‏

وكان العمال هذه السنة سوى المدينة الذين تقدم ذكرهم في السنة قبلها‏.‏

قيل‏:‏ وكان الحجاج قد سير نساءه وأهله إلى الشام خوفًا من عبد الرحمن بن الأشعث وفيهن أخته زينب التي ذكرها النمير في شعره فلما هزم ابن الشعث أرسل البشير إلى عبد الملك بذلك وكتب كتابًا إلى أخته زينب فأخذت الكتاب وهر راكبة فنفرت البغلة من قعقعة الكتاب فسقطت زينب فماتت‏.‏

وفي هذه السنة توفي واثلة بن الأسقع وهو ابن خمس ومائة سنة وقيل‏:‏ مات سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وتسعين سنة‏.‏

وفيها مات زربن جبيش وعمره مائة وانتان وعشرون سنة‏.‏

وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي وكان مولده سنة إحدى من الهجرة‏.‏

  ثم دخلت سنة أربع وثمانين

وفيها قتل الحجاج أيوب بن القرية وكان مع ابن الأشعث بدير الجماجم فلما هزم ابن الأشعث التحق أيوب بحوشب بن يزيد عامل الحجاج على الكوفة فاستحضره الحجاج فقال له‏:‏ أقلني عشرتي واسقني ريقي فإنه ليس جواد إلا له كبوة ولا شجاع إلا له هبوة ولا صارم إلا له نبوة فقال الحجاج‏:‏ كلا والله لأزيرنك جهنم‏.‏

قال‏:‏ فأرحني فإني أجد حرها‏!‏ فأمر به فضربت عنقه‏.‏

فلما رآه قتيلًا قال‏:‏ لو تركناه حتى نسمع من كلامه‏.‏

  ذكر فتح قلعة نيزك بباذغيس

في هذه السنة فتح يزيد بن المهلب قلعة نيزك وكان يزيد قد وضع على نيزك العيون فلما بلغه خروج نيزك عنها سار إليها فحاصرها فملكها وما فيها من الأموال والذخائر وكانت من أحصن القلاع زامنعها وكان نيزك إذا رآها سجد لها تعظيمًا لها وقال كعب بم معدان الأشقري يذكرها‏:‏ وباذغيس التي من حل ذروتها عز الملوك فإن شا جار أو ظلما منيعة لم يكدها قبله ملك إلا إذا واجهت جيشًا له وجما تخال نيرانها من بعد منظرها بعض النجوم إذا ما ليلها عتما

نفى نيزكًا عن باذغيس ونيزك بمنزلةٍ أعيا الملوك اغتصابها محلقةٍ دون السماء كأنها غمامة صيفٍ زال عنها سحابها ولا تبلغ الأروى شماريخها العلى ولا الطير إلا نسرها وعقابها وما خوفت بالذئب ولدان أهلها ولا نبحت إلا النجوم كلابها في أبيات غيرها‏.‏

فلما فتحها كتب إلى الحجاج بالفتح - وكان يكتب له يحيى بن يعمر العدواني حليف هذيل - إنا لحقنا العدو فمنحنا الله أكتافهم فقتلنا طائفةً وأسرنا طائفةً ولحقت طائفة برؤوس الجبال وعراعر الأودية فأهضام الغيطان وأثناء الأنهار‏.‏

فقال الحجاج‏:‏ من يكتب ليزيد فقيل‏:‏ يحيى بن يعمر فكتب إليه بحمله على البريد‏.‏

فقدم إليه أفصح الناس‏.‏

فقال‏:‏ أين ولدت قال‏:‏ بالأهواز‏.‏

قال‏:‏ فهذه الفصاحة من أين قال‏:‏ حفظت من كلام أبي وكان فصيحًا‏.‏

قال‏:‏ أخبرني هل يلحن عنبسة بن سعيد قال‏:‏ نعم كثيرًا‏.‏

قال‏:‏ ففلان قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ فأخبرني هل ألحن قال‏:‏ نعم تلحن لحنًا خفيًا تزيد حرفًا وتنقص حرفًا وتجعل أن في موضع إن وإن في موضع أن‏.‏

قال‏:‏ قد أجلتك ثلاثًا فإن وجدتك بأرض العراق قتلتك فرجع إلى خراسان‏.‏

في هذه السنة غزا عبد الله بن عبد الملك الروم ففتح المصيصة وبنى حصنها ووضع بها ثلاثمائة مقاتل من ذوي البأس ولم يكن المسلمون سكنوها قبل ذلك وبنى مسجدها‏.‏

وحج بالناس هذه السنة هشام بن إسماعيل‏.‏

وكان العمال من تقدم ذكرهم‏.‏

وفيها غزا محمد بن مروان أرمينية‏.‏

وفيها مات عبد الله بن الحارث بن نوفل الملقب ببة بعمان وكان يسكن البصرة وكان مولده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

  ثم دخلت سنة خمس وثمانين

  ذكر هلاك عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث

لما انصرف عبد الرحمن إلى رتبيل من هراة قال له علقمة بن عمرو الأودي‏:‏ ما أريد أن أدخل معك لأني أتخوف عليك وعلى من معك والله لكأني بالحجاج وقد كتب إلى رتبيل يرغبه ويرهبة فإذا هو قد بعث بك سلمًا أو قتلكم ولكن معي خمسمائة قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها حتى نعطى الأمان أو نموت كرامًا ولم يدخل إلى بلاد رتبيل معه وخرج هؤلاء الخمسمائة وجعلوا عليهم مودودا البصري وقدم عليهم عمارة بن تميم اللخمي فحاصرهم

وتتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل في عبد الرحمن‏:‏ أن أبعث به إلي وإلا والذي لا إله غيره لأوطئن أرضك ألف ألف مقاتل‏.‏

وكان مع عبد الرحمن رجل من تميم يقال له عبيد بن سبيع التميمي وكان رسوله إلى رتبيل فخص برتبيل وخف عليه فقال القاسم بن محمد بن الأشعث لأخيه عبد الرحمن‏:‏ إني لا آمن غدر هذا التميمي فاقتله‏.‏

فخافه عبيد ووشى به إلى رتبيل وخوفه الحجاج ودعاه إلى الغدر بابن الأشعث وقال له‏:‏ أنا آخذ لك من الحجاج عهدًا ليكفن عن أرضك سبع سنين على أن تدفع إليه عبد الرحمن‏.‏

فأجابه إلى ذلك فخرج عبيد إلى عمارة سرًا فذكر له ما استقر مع رتبيل وما بذل له وكتب عمارة إلى الحجاج بذلك وأجابه إليه أيضًا وبعث رتبيل برأس عبد الرحمن إلى الحجاج‏.‏

وقيل‏:‏ إن عبد الرحمن كان قد أصابه السل فمات فأرسل رتبيل إليه فقطع رأسه قبل أن يدفن وأرسله إلى الحجاج‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن رتبيل لما صالح عمارة بن تميم اللخمي على ابن الأشعث كتب عمارة إلى الحجاج بذلك فأطلق له خراج بلاده عشر سنين فأرسل رتبيل إلى عبد الرحمن وثلاثين من أهل بيته فحضروا فيدهم وأرسلهم إلى عمارة فألقى عبد الرحمن نفسه من سطح قصر فمات فاحتز رأسه وسيره إلى الحجاج فسيره الحجاج إلى عبد الملك وسيره عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز

هيهات موضع جثةٍ من رأسها رأس بمصر وجثة بالرخج وقيل‏:‏ إن هلاك عبد الرحمن كان سنة أبع وثمانين‏.‏

  ذكر عزل يزيد بن المهلب عن خراسان وولاية أخيه المفضل

وفي هذه السنة عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان‏.‏

وكان سبب عزله إياه أن الحجاج وفد إلى عبد الملك فمر في طريقه براهب فقيل له‏:‏ إن عنده علمًا فدعا به وسأله ل تجدون في كتبكم ما أنتم فيه ونحن قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ مسمى أم موصوف فقال‏:‏ كل ذلك نجده موصوفًا بغير اسم ومسمى بغير صفة‏.‏

قال‏:‏ فما تجدون صفة أمير المؤمنين قال‏:‏ نجده في زماننا‏:‏ ملك أفرع من يقم لسبيله يصرع‏.‏

قال‏:‏ ثم من قال‏:‏ اسم رجل يقال له الوليد ثم رجل اسمه اسم نبي يفتح به على الناس‏.‏

قال‏:‏ أفتعلم من يلي بعدي قال‏:‏ نعم رجل يقال له يزيد‏.‏

قال‏:‏ أفتعرف صفته قال‏:‏ يغدر غدرة لا أعرف غير هذا‏.‏

فوقع في نفسه أنه يزيد بن المهلب ثم سار وهو وجل من قول الراهب ثم عاد وكتب إلى عبد الملك يذم يزيد وآل المهلب ويخبره أنهم زبيرية‏.‏

فكتب إليه عبد الملك‏:‏ إني لا أرى طاعتهم لآل فكتب إليه الحجاج يخوفه غدره وبما قال الراهب‏.‏

فكتب عبد الملك إليه‏:‏ إنك قد أكثرت في يزيد وآل المهلب فسم لي رجلًا يصلح لخراسان‏.‏

فسمى قتيبة بن مسلم فكتب إليه أن وله‏.‏

وبلغ يزيد أن الحجاج عزله فقال لأهل بيته‏:‏ من ترون الحجاج يولي خراسان قالوا‏:‏ رجلًا من ثقيف‏.‏

قال‏:‏ كلا ولكنه يكتب إلى رجل منكم بعهده فإذا قدمت عليه عزله وولى رجلًا من قيس وأخلق بقتيبة بن مسلم‏.‏

فلما أذن عبد الملك في عزل يزيد كره أن يكتب إليه بعزله فكتب إليه يأمره أن يستخلف أخاه المفضل ويقبل إليه‏.‏

واستشار يزيد حضين بن المنذر الرقاشي فقال له‏:‏ أقم واعتل واكتب إلى أمير المؤمنين ليقرك فإنه حسن الحال والرأي فيك‏.‏

قال يزيد‏:‏ نحن أهل بيت قد بورك لنا في الطاعة وأنا أكره الخلاف‏.‏

فأخذ يتجهز فأبطأ فكتب الحجاج إلى المفضل‏:‏ إني قد وليتك خراسان‏.‏فجعل المفضل يستحث يزيد فقال له يزيد‏:‏ عن الحجاج لا يقرك بعدي وإنما دعاه إلى ما صنع مخافة أن امتنع عليه وستعلم‏.‏

وخرج يزيد في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وأقر الحجاج أخاه المفضل تسعة أشهر ثم عزله‏.‏

وقد قيل‏:‏ إن سبب عزله أن الحجاج لما فرغ من عبد الرحمن بن الأشعث لم يكن له هم إلا يزيد بن المهلب وأهل بيته وقد كان أذل أهل العراق كلهم إلا آل المهلب ومن معهم بخراسان وتخوفه على العراق وكان يبعث إليه ليأتيه فيعتل عليه بالعدو والحروب فكتب الحجاج إلى عبد الملك يشير عليه بعزل يزيد ويخبره بطاعتهم لآل الزبير فكتب إليه عبد الملك بنحو ما تقدم وساق باقي الخبر كما تقدم وقال حضين ليزيد‏:‏ أمرتك أمر حازمًا فعصيتني فأصبحت مسلوب الإمارة نادما فما أنا بالباكي عليك صبابةً وما أنا بالداعي لترجع سالما قال‏:‏ فلما قدم قتيبة خراسان قال لحضين‏:‏ ما قلت ليزيد قال‏:‏ قلت‏:‏ أمرتك أمرًا حازمًا فعصيتني فنفسك رد اللوم إن كنت لائما فإن يبلغ الحجاج أن قد عصيته فإنكا تلقى أمره متفاقما قال‏:‏ فماذا أمرته به فعصاك قال‏:‏ أمرته أن لا يدع صفراء ولا بيضاء إلا حملها إلى الأمير‏.‏

قال بعضهم‏:‏ فوجده قتيبة قارحًا‏.‏

وقيل‏:‏ كتب الحجاج إلى يزيد‏:‏ اغز خوارزم فكتب‏:‏ إنها قليلة السلب شديدة الكلب‏.‏

فكتب إليه الحجاج‏:‏ استخلف واقدم‏.‏

فكتب‏:‏ إني أريد أن أغزو خوارزم‏.‏

فكتب الحجاج‏:‏ لا تغزها فإنها كما ذكرت‏.‏

فغزا ولم يطعه فصالحه أهلها وأصاب سبيًا وقفل في الشتاء وأصاب الناس برد فأخذوا ثياب الأسرى فمات ذلك السبي‏.‏

فكتب إليه الحجاج أن اقدم‏.‏

فسار إليه فكان لا يمر ببلد إلا فرش أهله الرياحين‏.‏

حضين بن المنذر بالحاء المهملة المضمومة والضاد المعجمة المفتوحة وآخره نون ذكر غزو المفضل باذغيس وآخرون لما ولي المفضل خراسان غزا باذغيس ففتحها وأصاب مغنمًا فقسمه فأصاب كل رجل ثماني مائة‏.‏

ثم غزا آخرون وشومان فغنم وقسم ما أصاب ولم يكن للمفضل بيت مال كان يعطي الناس كلما جاء شيء وغن غنم شيئًا قسمه بينهم‏.‏

  ذكر مقتل موسى بن عبد الله بن خازم

في هذه السنة قتل موسى بن عبد الله بن خازم بترمذ‏.‏

وكان سبب مصيره إلى ترمذ أن أباه لما قتل من قتل من بني تميم وقد تقدم ذكر ذلك تفرق عنه أكثر من كان معه منهم فخرج إلى نيسابور وخاف بني تميم على ثقله بمرو فقال لابنه موسى‏:‏ خذ ثقلي واقطع نهر بلخ حتى تلتجئ إلى بعض الملوك أو إلى حصن تقيم فيه‏.‏

فرحل موسى عن مرو في عشرين ومائتي فارس واجتمع إليه تتمة أربعمائة وانضم إليه قوم من بني سليم فأتى زم فقاتله أهلها فظفر بهم فأصاب مالًا وقطع النهر وأتى بخارى فسأل صاحبها أن يلجأ إليه فأبى‏.‏

فخافه وقال‏:‏ رجل فاتك وأصحابه مثله فلا آمنه‏.‏

ووصله وسار فلم يأت ملكًا يلجأ إليه إلا كره مقامه عنده فأتى سمر قند فأقام بها وأكرمه ملكها طرخون وأذن له في المقام وأقام ما شاء الله‏.‏

ولأهل الصغد مائدة يوضع عليها لحم وخل وخبز وإبريق شراب وذلك كل عام يومًا يجعلون ذلك لفارس الصغد فلا يقربه غيره فإن أكل منه أحد بارزه فأيهما قتل صاحبه فالمائدة له‏.‏

فقال رجل من أصحاب موسى‏:‏ ما هذه المائدة فأخبر فجلس فأكل ما عليها وقيل لصاحب المائدة فجاء مغضبًا وقال‏:‏ يا عربي بارزني‏!‏ فبارزه فقتله صاحب موسى فقال ملك الصغد‏:‏ أنزلتكم وأكرمتكم فقتلتم فارسي لولا أني آمنتك وأصحابك لقتلتكم اخرجوا عن بلدي فخرجوا‏.‏

فأتى كش فضعف صاحبها عنه فاستنصر طرخون فأتاه فخرج موسى إليه وقد اجتمع معه سبعمائة فارس فقاتلهم حتى أمسوا وتحاجزوا وبأصحاب موسى جراح كثيرة فقال لزرعة بن علقمة‏:‏ احتل لنا على طرخون‏.‏

فأتاه فقال‏:‏ أيها الملك ما حاجتك إلى أن تقتل موسى وتقتل معه فإنك لا تصل إليه حتى يقتلوا مثل عدتهم منكم ولو قتلته وإياهم جميعًا ما نلت حظًا لأن له قدرًا في العرب فلا يأتي أحد خراسان إلا طالبك بدمه‏.‏

فقال‏:‏ ليس لي إلى ترك كش في يده سبيل‏.‏

قال‏:‏ فكف عنه حتى يرتحل‏.‏فكف‏.‏

وسار موسى فأتى ترمذ وبها حصن يشرف على جانب النهر فنزل موسى خارج الحصن وسأل ترمذ شاه أن يدخله حصنه فأبى فأهدى له موسى ولا طفه حتى حصل بينهما مودة وخرج فتصيد معه‏.‏

فصنع صاحب ترمذ طعامًا وأحضر موسى ليأكل معه ولا يحضر إلا في مائة من أصحابه فاختار موسى مائة من أصحابه فدخلوا الحصن وأكلوا فلما فرغوا قال له‏:‏ اخرج قال‏:‏ لا أخرج حتى يكون الحصن بيتي أو قبري‏.‏

وقاتلهم فقتل منهم عدةً وهرب الباقون واستولى موسى عليها وأخرج ترمذ شاه منها ولم يعرض له ولا لأصحابه فأتوا الترك يستنصرونهم على موسى فلم ينصروهم وقالوا‏:‏ لا نقاتل هؤلاء‏.‏

وأقام موسى بترمذ فأتاه جمع من أحاب أبيه فقوزي بهم فكان يخرج فيغير على ما حوله‏.‏

ثم ولي بكير بن وساج خراسان فلم يعرض له ثم قدم أمية فسار بنفسه يريد مخالفة بكير فرجع على ما تقدم ذكره‏.‏

ثم إن أمية وجه إلى موسى بعد صلح بكير رجلًا من خزاعة في جمع كثير وعاد أهل ترمذ إلى الترك فاستنصروهم وأعلموهم أنه قد غزاه قوم من العرب وحصروه‏.‏

فسارت الترك في جمع كثير إلى الخزاعي فأطاف بموسى الترك والخزاعي فكان يقاتل

الخزاعي أول النهار والترك آخر النهار فقاتلهم شهرين أو ثلاثة‏.‏

ثم إنه أراد أن يبت الخزاعي وعسكره فقال له عمرو بن خالد بن حصين الكلابي‏:‏ ليكن البيات بالعجم فإن العرب اشد حذرًا وأجرأ على الليل فإذا فرغنا من العجم تفرغنا للعرب‏.‏

فأقام حتى ذهب ثلث الليل وخرج موسى في أربعمائة وقال لعمرو بن خالد‏:‏ اخرج بعدنا فكن أنت ومن معك قريبًا فإذا سمعتم تكبيرنا فكبروا‏.‏

ثم سار حتى ارتفع فوق عسكر الترك ورجع إليهم وجعل أصحابه أرباعًا وأقبل إليهم فلما رآهم أصحاب الأرصاد قالوا‏:‏ من أنتم قالوا‏:‏ عابرو سبيل‏.‏

فلما جاوزوا الرصد حملوا على الترك وكبروا فلم يشعر الترك إلا بوقع السيوف فيهم فساروا يقتل بعضهم بعضًا وولوا فأصيب من المسلمين ستة عشر رجلًا وحموا عسكرهم وأصابوا سلاحًا كثيرًا ومالًا وأصبح الخزاعي وأصحابه وقد كسرهم ذلك فخافوا مثلها فقال عمرو بن خالد لموسى‏:‏ إننا لا نظفر إلا بمكيدة ولهم أمداد وهم كثيرون فدعني آته لعلى أصيب فرصة فاضربني وخلاك ذم‏.‏

فقال له موسى‏:‏ تتعجل الضرب وتتعرض للقتل‏.‏

قال‏:‏ أما التعرض للقتل فأنا كل يوم متعرض له وأما الضرب فما أيسره في جنب ما أريد‏.‏

فضربه موسى خمسين سوطًا فخرج من عسكر موسى وأتى عسكر الخزاعي مستأمنًا وقال‏:‏ أنا رجل من أهل اليمن كنت مع عبد الله بن خازم فلما قتل أتيت ابنه فكنت معه وإنه اتهمني

وقال‏:‏ قد تعصبت لعدونا وأنت عين له فضربني ولم آمن القتل فهربت منه‏.‏

فأمنه الخزاعي وأقام معه فدخل يومًا وهو خالٍ ولم ير عنده سلاحًا فقال كأنه ينصح له‏:‏ أصلح الله الأمير إن مثلك في مثل هذه الحال لا ينبغي أن يكون بغير سلاح‏.‏

قال‏:‏ إن معي سلاحًا‏.‏

فرفع طرف فراشه فإذا سيف منتضى فأخذه عمرو فضربه حتى قتله وخرج فركب فرسه وأتى موسى وتفرق ذلك الجيش وأتى بعضهم موسى مستأمنًا فآمنه ولم يوجه إليه أمية أحدًا‏.‏

وعزل أمية وقدم المهلب أميرًا فلم يتعرض لموسى وقال لبنيه‏:‏ إياكم وموسى فأنكم لا تزالون ولاة خراسان ما دام هذا الثبط بمكانه فإن قتل فأول طالع عليكم أمير على خراسان من قيس‏.‏

فلما مات المهلب وولي يزيد لم يتعرض أيضًا لموسى‏.‏

وكان المهلب قد ضرب حريث بن قطبة الخزاعي فخرج هو وأخوه ثابت إلى موسى فلما ولي يزيد بن المهلب أخذ أموالهما وحرمهما وقتل أخاهما لأمهما الحارث بن منقذ‏.‏

فخرج ثابت إلى طرخون فشكا إليه ما صنع به وكان ثابت محبوبًا إلى الترك بعيد الصوت فيهم فغضب له طرخون وجمع له نيزك والسبل وأهل بخارى والصغاينان فقدموا مع ثابت إلى موسى وقد اجتمع إلى موسى فل عبد الرحمن بن العباس من هراة وفل ابن الأشعث من العراق ومن ناحية كابل فاجتمع معه ثمانية آلاف فقال له ثابت وحريث‏:‏ سر حتى تقطع النهر وتخرج يزيد عن خراسان ونوليك‏.‏

فهم أن يفعل فقال له أصحابه‏:‏ إن أخرجت يزيد قدم عامل لعبد الملك ولكنا نخرج عمال يزيد عما وراء النهر ويكون لنا فأخرجوا عمال يزيد عما وراء النهر وجبوا الأموال فقوي أمرهم وانصرف طرخون ومن معه واستبد ثابت وحريث بتدبير الأمر والأمير موسى ليس له غير الأسم‏.‏

فقيل لموسى‏:‏ ليس لك من الأمور شيء والأمور إلى ثابت وحريث فاقتلهما وتول الأمر فأبى فألحوا عليه حتى أفسدوا قلبه عليهما وهم بقتلهما‏.‏

فإنهم لفي ذلك إذ خرج عليهم الهياطلة والتبت والترك في سبعين ألفًا لا يعدون الحاسر ولا صاحب البيضة الجماء ولا يعدون إلا صاحب بيضة ذات قونس‏.‏

فخرج ابن خازم وقاتلهم فيمن معه ووقف ملك الترك على تل في عشرة آلاف في أكمل عدة والقتال أشد ما كان فقال موسى‏:‏ إن أزلتم هؤلاء فليس الباقون بشيء‏.‏

فقصد لهم حريث بن قطبة فقاتلهم وألح عليهم حتى أزالهم على التل ورمي حريث بنشابة في جبهته فتحاجزوا فبيتهم موسى وحمل أخوه خازم بن عبد الله بن خازم حتى وصل إلى سمعة ملكهم فوجأ رجلًا منهم بقبيعة سيفه فطعن فرسه فاحتمله الفرس فألقاه في نهر بلخ فغرق وقتل من الترك خلق كثير ونجا من نجا منهم بشر ومات حريث بعد يومين‏.‏ ورجع موسى وحمل معه الرؤوس فبنى منها جوسقين‏.‏

وقال أصحاب موسى‏:‏ قد كفينا أمر حريث فاكفنا أمر ثابت‏.‏

فأبى وبلغ ثابتًا بعض ما يخوضون فيه فدس محمد بن عبد الله الخزاعي - عم نصر بن عبد الحميد عامل أبي مسلم على الري - على موسى وقال‏:‏ إياك أن تتكلم بالعربية وإن سألوك فقل أنا من سبي الباميان‏.‏

ففعل ذلك واتصل بموسى وكان يخدمه وينقل إلى ثابت خبرهم فحذر ثابت وألح القوم على موسى‏.‏

فقال لهم ليلة‏:‏ لقد أكثرتم علي وفيما تريدون هلاككم فعلى أي وجه تقتلونه ولا أغدر به قال له أخوه نوح‏:‏ إذا أتاك غدًا عدلنا به إلى بعض الدور فضربنا عنقه فيها قبل أن يصل إليك فقال‏:‏ والله إنه هلاككم وأنتم أعلم‏.‏

فخرج الغلام فأتى ثابتًا فأخبره فخرج من ليلته في عشرين فارسًا ومضى‏.‏

وأصبحوا فلم يروه ولم يروا الغلام فعلموا أنه كان عينًا له‏.‏

ونزل ثابت بحوشرا واجتمع إليه خلق كثير من العرب والعجم فأقبل موسى إليه وقاتله وتحصن ثابت بالمدينة وأتاه طرخون معينًا له فرجع موسى إلى ترمذ وأقبل ثابت وطرخون ومعهما أهل بخارى ونسف وكش فاجتمعوا في ثمانين ألفًا فحصروا موسى حتى جهد هو وأصحابه فلما اشتد عليهم قال يزيد بن هذيل‏:‏ والله لأقتلن ثابتًا أو لأموتن‏.‏

فخرج إلى ثابت فاستأمنه فقال له ظهير‏:‏ أنا أعرف بهذا منك ما أتاك إلا بغدره فاحذره فأخذ ابنيه قدامة والضحاك رهنًا فكانا في يد ظهير‏.‏

وأقام يزيد يلتمس غرة ثابت فلم يقدر على ما يريد حتى مات ابن لزياد القصير الخزاعي فخرج ثابت إليه ليعزيه وهو بغير سلاح وقد غابت الشمس فدنا يزيد من ثابت فضربه على رأسه فوصل إلى الدماغ وهر فسلم وأخذ طرخون قدامة والضحاك ابني يزيد فقتلهما وعاش ثابت سبعة أيام ومات وقام بأمر العجم بعد موت ثابت طرخون وقام ظهير بأمر أصحاب ثابت فقاما قيامًا ضعيفًا وانتشر أمرهم وأجمع موسى على بياتهم فأخبر طرخون بذلك فضحك وقال‏:‏ موسى يعجز أن يدخل متوضأه فكيف يبيتنا لا يحرس الليلة أحد‏.‏

فخرج موسى في ثمانمائة وجعلها أرباعًا وبينهم وكان لا يمر بشيء إلا ضربوه من رجل ودابة وغير ذلك فليس نيزك سلاحه ووقف وأرسل طرخون إلى موسى أن كف أصحابك فإنا نرحل إذا أصبحنا‏.‏

فرجع موسى وارتحل طرخون والعجم جميعًا‏.‏

فكان أهل خراسان يقولون‏:‏ ما رأينا مثل موسى ولا سمعنا به قاتل مع أبيه سنتين ثم خرج يسير في بلاد خراسان فأتى ملكًا فغلب على مدينته وأخرجه منها وسار الجنود من العرب والترك إليه وكان يقاتل العرب أول النهار والترك آخر النهار‏.‏

فلما عزل يزيد بن المهلب وولي المفضل أراد أن يحظى عند الحجاج بقتال موسى بن عبد الله فسير عثمان بن مسعود إليه في جيش وكتب إلى مدرك بن المهلب وهو ببلخ يأمره بالمسير معه فعبر النهر في خمسة عشر ألفًا فكتب إلى السبل وإلى طرخون فقدموا عليه فحصروا موسى وضيقوا عليه وعلى أصحابه‏.‏

فمكث شهرين في ضيق وقد خندق عثمان عليه وحذر البات فقال موسى لأصحابه‏:‏ اخرجوا بنا حتى منى نصبر‏!‏ فاجعلوا يومكم معهم إما ظفرتم وإما قتلتم واقصدوا الترك‏.‏

فخرجوا وخلف النضر بن سليمان بن عبد الله بن خازم في المدينة وقال له‏:‏ إن قتلت فلا تدفعن المدينة إلى عثمان وادفعها إلى مدرك بن المهلب‏.‏

وخرج وجعل ثلث أصحابه بإزاء عثمان وقال‏:‏ لا تقاتلوه إلا أن يقاتلكم‏.‏

وقصد لطرخون وأصحابه فصدقوهم لقتال فانهزم طرخون وأخذوا عسكرهم وزحفت الترك والصغد فحالوا بين موسى والحصن فقاتلهم فعقروا فرسه فسقط فقال لمولى له‏:‏ احملني فقال‏:‏ الموت كريه ولكن ارتدف فإن نجونا نجونا جميعًا وإن هلكنا هلكنا جميعًا‏.‏

قال‏:‏ فارتدف فلما نظر إليه عثمان حين وثب قال‏:‏ وثبة موسى ورب الكعبة‏!‏ وقصد إلى موسى وعقرت دابة موسى فسقط هو ومولاه فقتلوه نادى منادي عثمان‏:‏ من لقيتموه فخذوه أسيرًا ولا تقتلوا أحدًا‏.‏

فقتل ذلك اليوم من الأسرى خلقًا كثيرًا من العرب خاصة فكان يقتل العرب ويضرب المولى ويطلقه وكان فظًا غليظًا‏.‏

وكان الذي أجهز على موسى واصل بن طيلسة العنبري‏.‏

وبقيت المدينة بيد النصر بن سليمان فلم يدفعها إلى عثمان وسلمها إلى مدرك بن المهلب وآمنه فسلمها مدرك إلى عثمان‏.‏

وكتب المفضل إلى الحجاج بقتل موسى‏.‏

فقال‏:‏ العجب منه‏!‏ أكتب إليه بقتل ابن سبرة فيكتب إلي أنه لمآبه ويكتب إلي أنه قد قتل موسى بن عبد الله بن خازم‏.‏

ولم يسره قتل موسى لأنه من قيس‏.‏

وقتل موسى سنة خمس وثمانين وضرب رجل من الجند ساق موسى فلما ولي قتيبة قال‏:‏ ما دعاك إلى ما صنعت بفتى العرب بعد موته قال‏:‏ كان قتل أخي‏.‏

فأمر به فقتل‏.‏