فصل: تفسير الآية رقم (12):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (12):

{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)}
قرئت كلها بالنصب على وجعل النجوم مسخرات أو على أن معنى تسخيرها للناس: تصييرها نافعة لهم، حيث يسكنون بالليل، ويبتغون من فضله بالنهار، ويعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر، ويهتدون بالنجوم. فكأنه قيل: ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى: أنه سخرها أنواعاً من التسخير جمع مسخر، بمعنى تسخير، من قولك: سخره الله مسخراً، كقولك: سرحه مسرحاً، كأنه قيل: وسخرها لكم تسخيرات بأمره. وقرئ بنصب {الليل والنهار} وحدهما، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر. وقرئ: {والنجوم مسخرات}، بالرفع، وما قبله بالنصب، وقال {إِنَّ فِي ذلك لآيات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فجمع الآية. وذكر العقل؛ لأنّ الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة، وأبين شهادة للكبرياء والعظمة.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13)}
{وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ} معطوف على الليل والنهار يعني: ما خلق فيها من حيوان وشجر وثمر وغير ذلك مختلف الهيآت والمناطر.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)}
{لَحْمًا طَرِيّا} هو السمك، ووصفه بالطراوة؛ لأنّ الفساد يسرع إليه، فيسارع إلى أكله خيفة للفساد عليه.
فإن قلت: ما بال الفقهاء قالوا: إذا حلف الرجل لا يأكل لحماً، فأكل سمكاً، لم يحنث. والله تعالى سماه لحماً كما ترى؟ قلت: مبنى الأيمان على العادة، وعادة الناس إذا ذكر اللحم على الإطلاق أن لا يفهم منه السمك، وإذا قال الرجل لغلامه: اشتر بهذه الدراهم لحماً فجاء بالسمك، كان حقيقاً بالإنكار. ومثاله أن الله تعالى سمى الكافر دابة في قوله: إنّ شرّ الدواب عند الله الذين كفروا، فلو حلف حالف لا يركب دابة فركب كافراً لم يحنث. {حِلْيَةً} هي اللؤلؤ والمرجان. والمراد بلبسهم: لبس نسائهم، لأنهنّ من جملتهم، ولأنهنّ إنما يتزينّ بها من أجلهم، فكأنها زينتهم ولباسهم. المخر: شق الماء بحيزومها.
وعن الفراء: هو صوت جري الفلك بالرياح. وابتغاء الفضل: التجارة.

.تفسير الآيات (15- 16):

{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)}
{أَن تَمِيدَ بِكُمْ} كراهة أن يميل بكم وتضطرب والمائد: الذي يدار به إذا ركب البحر. قيل: خلق الله الأرض فجعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هي بمقرّ أحد على ظهرها، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال، لم تدر الملائكة ممّ خلقت {وأنهارا} وجعل فيها أنهاراً، لأن {وألقى} فيه معنى: جعل ألا ترى إلى قوله {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مهادا والجبال أَوْتَاداً} [النبأ: 6]. {وعلامات} هي معالم الطرق وكل ما تستدل به السابلة من جبل ومنهل وغير ذلك. والمراد بالنجم: الجنس، كقولك: كثر الدرهم في أيدي الناس.
وعن السديّ: هو الثريا، والفرقدان؛ وبنات نعش، والجدي.
وقرأ الحسن: {وبالنجم}، بضمتين، وبضمة وسكون، وهو جمع نجم، كرهن ورهن، والسكون تخفيف.
وقيل حذف الواو من النجوم تخفيفاً.
فإن قلت: قوله {وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ} مخرج عن سنن الخطاب، مقدم فيه {النجم}، مقحم فيه (هم)، كأنه قيل: وبالنجم خصوصاً هؤلاء خصوصاً يهتدون، فمن المراد ب {هُمْ}؟ قلت: كأنه أراد قريشاً: كان لهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم، وكان لهم بذلك علم لم يكن مثله لغيرهم، فكان الشكر أوجب عليهم، والاعتبار ألزم لهم، فخصصوا.

.تفسير الآية رقم (17):

{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (17)}
فإن قلت: {مَّن لاَّ يَخْلُقُ} أريد به الأصنام، فلم جيء بمن الذي هو لأولي العلم؟ قلت: فيه أوجه، أحدها: أنهم سموها آلهة وعبدوها، فأجروها مجرى أولي العلم. ألا ترى إلى قوله على أثره {والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20] والثاني: المشاكلة بينه وبين من يخلق. والثالث: أن يكون المعنى أنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم، فكيف بما لا علم عنده كقوله: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} [الأعراف: 195] يعني أنّ الآلهة حالهم منحطة عن حال من لهم أرجل وأيد وآذان وقلوب، لأنّ هؤلاء أَحياء وهم أموات، فكيف تصح لهم العبادة؟ لا أنها لو صحت لهم هذه الأعضاء لصحّ أن يعبدوا.
فإن قلت: هو إلزام للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهاً بالله، فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق، فكان حق الإلزام أن يقال لهم: أفمن لا يخلق كمن يخلق؟ قلت: حين جعلوا غير الله مثل الله في تسميته باسمه والعبادة له وسوّوا بينه وبينه، فقد جعلوا الله تعالى من جنس المخلوقات وشبيهاً بها، فأنكر عليهم ذلك بقوله: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ}.

.تفسير الآيات (18- 19):

{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)}
{لاَ تُحْصُوهَا} لا تضبطوا عددها ولا تبلغه طاقتكم، فضلاً أن تطيقوا القيام بحقها من أداء الشكر، أتبع ذلك ما عدّد من نعمه تنبيهاً على أنّ وراءها ما لا ينحصر ولا ينعدّ {إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعمة، ولا يقطعها عنكم لتفريطكم، ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها {والله يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} من أعمالكم، وهو وعيد.

.تفسير الآيات (20- 21):

{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)}
{والذين يَدْعُونَ} والآلهة الذين يدعوهم الكفار {مِن دُونِ الله} وقرئ بالتاء. وقرئ: {يُدْعَون}، على البناء للمفعول، نفى عنهم خصائص الإلهية بنفي كونهم خالقين وأحياء لا يموتون وعالمين بوقت البعث، وأثبت لهم صفات الخلق بأنهم مخلوقون وأنهم أموات وأنهم جاهلون بالغيب. ومعنى: {أموات غَيْرُ أَحْيَاء} أنهم لو كانوا آلهة على الحقيقة لكانوا أحياء غير أموات، أي غير جائز عليها الموت كالحيّ الذي لا يموت وأمرهم على العكس من ذلك. والضمير في {يُبْعَثُونَ} للداعين، أي لا يشعرون متى تبعث عبدتهم. وفيه تهكم بالمشركين وأنّ آلهتهم لا يعلمون وقت بعثهم، فكيف يكون لهم وقت جزاء منهم على عبادتهم. وفيه دلالة على أنه لابد من البعث وأنه من لوازم التكليف. ووجه آخر: وهو أن يكون المعنى أن الناس يخلقونهم بالنحت والتصوير، وهم لا يقدرون على نحو ذلك، فهم أعجز من عبدتهم أموات جمادات لا حياة فيها، غير أحياء يعني أنَّ من الأموات ما يعقب موته حياة، كالنطف التي ينشئها الله حيواناً وأجساد الحيوان التي تبعث بعد موتها. وأمّا الحجارة فأموات لا يعقب موتها حياة، وذلك أعرق في موتها {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي وما يعلم هؤلاء الآلهة متى تبعث الأحياء تهكم بحالها، لأنّ شعور الجماد محال، فكيف بشعور ما لا يعلمه حي إلا الحيّ القيوم سبحانه. ووجه ثالث: وهو أن يراد بالذين يدعون الملائكة، وكان ناس منهم يعبدونهم، وأنهم أموات: أي لابد لهم من الموت، غير أحياء: غير باقية حياتهم. وما يشعرون: ولا علم لهم بوقت بعثهم. وقرئ: {إيان}، بكسر الهمزة.

.تفسير الآيات (22- 23):

{إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23)}
{إلهكم إله واحد} يعني أنه قد ثبت بما تقدّم من إبطال أن تكون الإلهية لغيره، وأنها له وحده لا شريك له فيها، فكان من نتيجة ثبات الوحدانية ووضوح دليلها: استمرارهم على شركهم، وأنّ قلوبهم منكرة للوحدانية، وهم مستكبرون عنها وعن الإقرار بها {لاَ جَرَمَ} حقاً {أَنَّ الله يَعْلَمُ} سرّهم وعلانيتهم فيجازيهم، وهو وعيد {أَنَّهُ لا يُجِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} يجوز أن يريد المستكبرين عن التوحيد يعني المشركين. ويجوز أن يعمّ كل مستكبر. ويدخل هؤلاء تحت عمومه.

.تفسير الآيات (24- 25):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)}
{مَّاذَآ} منصوب بأنزل، بمعنى: أي شيء {أَنزَلَ رَبُّكُمْ} أو مرفوع بالابتداء بمعنى: أي شيء أنزله ربكم، فإذا نصبت فمعنى {أساطير الأولين} ما يدّعون نزوله أساطير الأوّلين، وإذا رفعته فالمعنى: المنزل أساطير الأوّلين، كقوله: {مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} [البقرة: 219] فيمن رفع.
فإن قلت: هو كلام متناقض، لأنه لا يكون منزل ربهم وأساطير؟ قلت: هو على السخرية كقوله: {إِنَّ رَسُولَكُمُ} [الشعراء: 27] وهو كلام بعضهم لبعض، أو قول المسلمين لهم، وقيل: هو قول المقتسمين: الذين اقتسموا مداخل مكة ينفرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سألهم وفود الحاج عما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا أحاديث الأوّلين وأباطيلهم {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ} أي قالوا ذلك إضلالا للناس وصدّاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحملوا أو زاد ضلالهم {كَامِلَةٌ} وبعض أوزار من ضلّ بضلالهم، وهو وزر الإضلال، لأن المضلّ والضال شريكان: هذا يضله، وهذا يطاوعه على إضلاله، فيتحاملان الوزر، ومعنى اللام التعليل من غير أن يكون غرضاً، كقولك: خرجت من البلد مخافة الشر {بِغَيْرِ عِلْمٍ} حال من المعفول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضلال وإنما وصف بالضلال واحتمال الوزر من أضلوه وإن لم يعلم لأنه كان عليه أن يبحث وينظر بعقله حتى يميز المحق والمبطل.

.تفسير الآيات (26- 29):

{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)}
القواعد: أساطين البناء التي تعمده. وقيل: الأساس وهذا تمثيل، يعني: أنهم سووا منصوبات ليمكروا بها الله ورسوله، فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات، كحال قوم بنوا بنياناً وعمدوه بالأساطين فأتى البنيان من الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا. ونحوه: من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً. وقيل: هو نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل طوله خمسة آلاف ذراع.
وقيل فرسخان، فأهب الله الريح فخر عليه وعلى قومه فهلكوا. ومعنى إتيان الله: إتيان أمره {مّنَ القواعد} من جهة القواعد {مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون. وقرئ: {فأتى الله بيتهم}. {فخرّ عليهم السقُفُ}، بضمتين {يُخْزِيهِمْ} يذلهم بعذاب الخزي {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النار فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: 192] يعني هذا لهم في الدنيا، ثم العذاب في الآخرة {شُرَكَائِىَ} على الإضافة إلى نفسه حكاية لإضافتهم، ليوبخهم بها على طريق الاستهزاء بهم {تشاقون فِيهِمْ} تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم ومعناهم. وقرئ: {تشاقونِ}، بكسر النون، بمعنى: تشاقونني؛ لأنّ مشاقة المؤمنين كأنها مشاقة الله {قَالَ الذين أُوتُواْ العلم} هم الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم، فلا يلتفتون إليهم ويتكبرون عليهم ويشاقونهم، يقولون ذلك شماتة بهم وحكى الله ذلك من قولهم ليكون لطفاً لمن سمعه. وقيل: هم الملائكة قرئ: {تتوفاهم}، بالتاء والياء. وقرئ: {الذين توفاهم}، بإدغام التاء في التاء {فَأَلْقَوُاْ السلم} فسالموا وأخبتوا، وجاءوا بخلاف ما كانوا عليه في الدنيا من الشقاق والكبر، وقالوا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء} وجحدوا ما وجد منهم من الكفر والعدوان، فردّ عليهم أولو العلم {إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فهو يجازيكم عليه، وهذا أيضاً من الشماتة وكذلك {فادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ}.