فصل: تفسير الآية رقم (50):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (50):

{أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)}
ثم قسم الأمر في صدودهم عن حكومته إذا كان الحق عليهم بين أن يكونوا مرضى القلوب منافقين، أو مرتابين في أمر نبوّته، أو خائفين الحيف في قضائه. ثم أبطل خوفهم حيفه بقوله: {بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظالمون} أي لا يخافون أن يحيف عليهم لمعرفتهم بحاله، وإنما هم ظالمون يريدون أن يظلموا من له الحق عليهم ويتمّ لهم جحوده، وذلك شيء لا يستطيعونه في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ثمة يأبون المحاكمة إليه.

.تفسير الآية رقم (51):

{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)}
وعن الحسن: {قول المؤمنين}، بالرفع والنصب أقوى، لأنّ أولى الإسمين بكونه اسماً لكان. أو غلهما في التعريف؛ وأن يقولوا: أوغل، لأنه لا سبيل عليه للتنكير، بخلاف قول المؤمنين، وكان هذا من قبيل كان في قوله: {مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ} [مريم: 35]، {مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بهذا} [النور: 16] وقرئ: {ليحكم} على البناء للمفعول.
فإن قلت: إلام أسند يحكم؟ ولا بدّ له من فاعل.
قلت: هو مسند إلى مصدره، لأن معناه: ليفعل الحكم بينهم، ومثله: جمع بينهما؛ وألف بينهما. ومثله {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] فيمن قرأ {بينكم} منصوباً: أي وقع التقطع بينكم. وهذه القراءة مجاوبة لقوله: {دعوا}.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)}
قرئ: {ويتقه}، بكسر القاف والهاء مع الوصل وبغير وصل. وبسكون الهاء، وبسكون القاف وكسر الهاء: شبه تقه بكتف فخفف، كقوله:
قَالَتْ سُلَيْمَى اشْتَرْ لَنَا سَوِيقَا

ولقد جمع الله في هذه الآية أسباب الفوز.
وعن ابن عباس في تفسيرها {وَمَن يُطِعِ الله} في فرائضه {وَرَسُولُهُ} في سننه {وَيَخْشَ الله} على ما مضى من ذنوبه {وَيَتَّقْهِ} فيما يستقبل.
وعن بعض الملوك أنه سأل عن آية كافية فتليت له هذه الآية.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53)}
جهد يمينه: مستعار من جهد نفسه: إذا بلغ أقصى وسعها، وذلك إذا بالغ في اليمين وبلغ غاية شدّتها ووكادتها.
وعن ابن عباس رضي الله عنه: من قال بالله، فقد جهد يمينه. وأصل: أقسم جهد اليمين: أقسم يجهد اليمين جهداً، فحذف الفعل وقدّم المصدر فوضع موضعه مضافاً إلى المفعول كقوله: {فَضَرْبَ الرقاب} [محمد: 4] وحكم هذا المنصوب حكم الحال، كأنه قال: جاهدين أيمانهم. و{طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ} خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: أمركم والذي يطلب منكم طاعة معروفة معلومة لا يشكّ فيها ولا يرتاب، كطاعة الخلص من المؤمنين الذين طابق باطن أمرهم ظاهره، لا أيمان تقسمون بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها، أو طاعتكم طاعة معروفة، بأنها القول دون الفعل. أو طاعة معروفة أمثل وأولى بكم من هذه الأَيمان الكاذبة.
وقرأ اليزيدي: {طاعة معروفة} بالنصب على معنى: أطيعوا طاعة {إِنَّ الله خَبِيرٌ} يعلم ما في ضمائركم ولا يخفى عليه شيء من سرائركم، وأنه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على نفاقكم.

.تفسير الآية رقم (54):

{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54)}
صرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات وهو أبلغ في تبكيتهم. يريد: فإن تتولوا فما ضررتموه وإنما ضررتم أنفسكم فإنّ الرسول ليس عليه إلاّ ما حمله الله وكلفه من أداء الرسالة، فإذا أدّى فقد خرج عن عهدة تكليفه، وأما أنتم فعليكم ما كلفتم من التلقي بالقبول والإذعان، فإن لم تفعلوا وتوليتم فقد عرَّضتم نفوسكم لسخط الله وعذابه، وإن أطعتموه فقد أحرزتم نصيبكم من الخروج عن الضلالة إلى الهدى، فالنفع والضرر عائدان إليكم، وما الرسول إلاّ ناصح وهاد، وما عليه إلاّ أن يبلغ ما له نفع في قبولكم، ولا عليه ضرر في توليكم، والبلاغ: بمعنى التبليغ، كالأداء: بمعنى التأدية. ومعنى المبين: كونه مقروناً بالآيات والمعجزات.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)}
الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن معه. ومنكم: للبيان، كالتي في آخر سورة الفتح: وعدهم الله أن ينصر الإسلام على الكفر، ويورّثهم الأرض، ويجعلهم فيها خلفاء، كما فعل ببني إسرائيل، حين أورثهم مصر والشام بعد إهلاك الجبابرة، وأن يمكن الدين المرتضى وهو دين الإسلام. وتمكينه: تثبيته وتوطيده، وأن يؤمن سربهم ويزيل عنهم الخوف الذي كانوا عليه، وذلك: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين، ولما هاجروا كانوا بالمدينة يصبحون في السلاح ويمسون فيه، حتى قال رجل: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تغبرون إلاّ يسيراً حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبياً ليس معه حديدة»، فأنجز الله وعده وأظهرهم على جزيرة العرب، وافتتحوا بعد بلاد المشرق والمغرب، ومزقوا ملك الأكاسرة وملكوا خزائنهم، واستولوا على الدنيا، ثم خرج الذين على خلاف سيرتهم فكفروا بتلك الأنعم وفسقوا، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يملك الله من يشاء فتصير ملكاً، ثم تصير بزيزي قطع سبيل، وسفك دماء، وأخذ أموال بغير حقها» وقرئ: {كما استخلف} على البناء للمفعول {وليبدلنهم} بالتشديد.
فإن قلت: أين القسم الملتقى باللام والنون في {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ}؟ قلت: هو محذوف تقديره: وعدهم الله، وأقسم ليستخلفنهم، أو نزّل وعد الله في تحققه منزلة القسم، فتلقى بما يتلقى به القسم، كأنه قيل: أقسم الله ليستخلفنهم.
فإن قلت: ما محل {يَعْبُدُونَنِى}؟ قلت: إن جعلته استئنافاً لم يكن له محل، كأن قائلاً قال: ما لهم يستخلفون ويؤمنون؟ فقال: يعبدونني. وإن جعلته حالاً عن وعدهم، أي وعدهم الله ذلك في حال عبادتهم وإخلاصهم، فمحله النصب {وَمَن كَفَرَ} يريد كفران النعمة؛ كقوله: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله} [النحل: 112]. {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفاسقون} أي: هم الكاملون في فسقهم، حيث كفروا تلك النعمة العظيمة وجسروا على غمطها.
فإن قلت: هل في هذه الآية دليل على أمر الخلفاء الراشدين؟ قلت: أوضح دليل وأبينه؛ لأن المستخلفين الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم هم.

.تفسير الآية رقم (56):

{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)}
{وَأقيمُواْ الصلاة} معطوف على {أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول} وليس ببعيد أن يقع بين المعطوف والمعطوف عليه فاصل وإن طال: لأنّ حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه. وكرّرت طاعة الرسول: تأكيداً لوجوبها.

.تفسير الآية رقم (57):

{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57)}
وقرئ: {لا يحسبن} بالياء. وفيه أوجه: أن يكون {مُعْجِزِينَ فِي الأرض} هما المفعولان. والمعنى: لا يحسبن الذين كفروا أحداً يعجز الله في الأرض حتى يطمعوا في مثل ذلك. وهذا معنى قوي جيد. وأن يكون فيه ضمير الرسول لتقدم ذكره في قوله: {وَأَطِيعُواْ الرسول} وأن يكون الأصل: لا يحسبنهم الذين كفروا معجزين، ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأوّل، وكان الذي سوّغ ذلك أنّ الفاعل والمفعولين لما كانت لشيء واحد، اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث؛ وعطف قوله: {وَمَأْوَاهُمُ النار} على لا يحسبنّ الذين كفروا معجزين؛ كأنه قيل: الذين كفروا لا يفوتون الله ومأواهم النار. والمراد بهم: المقسمون جهد أيمانهم.

.تفسير الآية رقم (58):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)}
أمر بأن يستأذن العبيد. وقيل: العبيد والإماء والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار {ثلاث مَرَّاتٍ} في اليوم والليلة: قبل صلاة الفجر؛ لأنه وقت قيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة. وبالظهيرة: لأنها وقت وضع الثياب للقائلة. وبعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت التجرّد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم. وسمى كل واحدة من هذه الأحوال عورة؛ لأن الناس يختلّ تسترهم وتحفظهم فيها. والعورة: الخلل. ومنها: أعور الفارس، وأعور المكان، والأعور: المختل العين. ثم عذرهم في ترك الاستئذان وراء هذه المرات، وبين وجه العذر في قوله: {طَوفُونَ عَلَيْكُمْ} يعني أن بكم وبهم حاجة إلى المخالطة والمداخلة: يطوفون عليكم بالخدمة، وتطوفون عليهم للاستخدام؛ فلو جزم الأمر بالاستئذان في كل وقت، لأدّى إلى الحرج.
وروي: أن مدلج بن عمرو: وكان غلاماً أنصارياً: أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الظهر إلى عمر ليدعوه، فدخل عليه وهو نائم، وقد انكشف عنه ثوبه، فقال عمر: لوددت أنّ الله عزّ وجلّ نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا هذه الساعات إلاّ بإذن، ثم انطلق معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فوجده وقد أنزلت عليه هذه الآية.
وهي إحدى الآيات المنزلة بسبب عمر رضي الله تعالى عنه.
وقيل: نزلت في أسماء بنت أبي مرثد، قالت: إنا لندخل على الرجل والمرأة ولعلهما يكونان في لحاف واحد. وقيل: دخل عليها غلام لها كبير في وقت كرهت دخوله، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها.
وعن أبي عمرو: {الحلم} بالسكون وقرئ: {ثلاث عَوْرَاتٍ} بالنصب بدلاً عن ثلاث مرات، أي: أوقات ثلاث عورات.
وعن الأعمش: عورات على لغة هذيل.
فإن قلت: ما محلّ ليس عليكم؟ قلت: إذا رفعت ثلاث عورات كان ذلك في محل الرفع على الوصف. والمعنى: هنّ ثلاث عورات مخصوصة بالاستئذان، وإذا نصبت: لم يكن له محلّ وكان كلاماً مقرّراً للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة: فإن قلت: بم ارتفع {بَعْضُكُمْ}؟ قلت: بالابتداء وخبره {على بَعْضٍ} على معنى: طائف على بعض، وحذف لأنَّ طوافون يدل عليه. ويجوز أن يرتفع بيطوف مضمراً لتلك الدلالة.

.تفسير الآية رقم (59):

{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59)}
{الأطفال مِنكُمُ} أي من الأحرار دون المماليك {الذين مِن قَبْلِهِمْ} يريد: الذين بلغوا الحلم من قبلهم، وهم الرجال. أو الذين ذكروا من قبلهم في قوله: {يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ} الآية [النور: 27]: والمعنى أنّ الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في العورات الثلاث، فإذا اعتاد الأطفال ذلك ثم خرجوا عن حدّ الطفولة بأن يحتلموا أو يبلغوا السنّ التي يحكم فيها عليهم بالبلوغ، وجب أن يفطموا عن تلك العادة ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات كما الرجال الكبار الذين لم يعتادوا الدخول عليكم إلاّ بإذن: وهذا مما الناس منه في غفلة، وهو عندهم كالشريعة المنسوخة، وعن ابن عباس: آية لا يؤمن بها أكثر الناس: آية الإذن، وإني لآمر جارتي أن تستأذن عليَّ. وسأله عطاء: أأستأذن على أختي؟ قال: نعم وإن كانت في حجرك تمونها، وتلا هذه الآية. وعنه: ثلاث آيات جحدهنّ الناس: الإذن كله. وقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم} [الحجرات: 13] فقال ناس: أعظمكم بيتاً. وقوله: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة} [النساء: 8].
وعن ابن مسعود: عليكم أن تستأذنوا على آبائكم وأمهاتكم وأخواتكم.
وعن الشعبي: ليست منسوخة، فقيل له: إن الناس لا يعملون بها، فقال: الله المستعان.
وعن سعيد بن جبير يقول: هي منسوخة لا والله ما هي منسوخة ولكن الناس تهاونوا بها.
فإن قلت: ما السنّ التي يحكم فيها بالبلوغ؟ قلت: قال أبو حنيفة ثماني عشرة سنة في الغلام، وسبع عشرة في الجارية. وعامة العلماء على خمس عشرة فيهما.
وعن علي رضي الله عنه أنه كان يعتبر القامة ويقدره بخمسة أشبار، وبه أخذ الفرزدق في قوله:
مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إزَارَه ** فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبَارِ

واعتبر غيره الإنبات.
وعن عثمان رضي الله عنه أنه سئل عن غلام، فقال: هل اخضر إزاره؟.