فصل: تفسير الآية رقم (53):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (53):

{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53)}
سمى الماءين الكثيرين الواسعين: بحرين، والفرات: البليغ العذوبة حتى يضرب إلى الحلاوة. والأجاج: نقيضه. ومرجهما: خلاهما متجاورين متلاصقين، وهو بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج. وهذا من عظيم اقتداره. وفي كلام بعضهم: وبحران: أحدهما مع الآخر ممروج، وماء العذب منهما بالأجاج ممزوج {بَرْزَخاً} حائلاً من قدرته، كقوله تعالى: {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2]، [لقمان: 10] يريد بغير عمد مرئية، وهو قدرته. وقرئ: {ملح} على فعل. وقيل: كأنه حذف من مالح تخفيفاً، كما قال: وصلياناً برداً، يريد: بارداً.
فإن قلت: {وَحِجْراً مَّحْجُوراً} ما معناه؟ قلت: هي الكلمة التي يقولها المتعوذ؛ وقد فسرناها، وهي هاهنا واقعة على سبيل المجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه ويقول له: حجراً محجوراً، كما قال {لاَّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20] أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة، فانتفاء البغي ثمة كالتعوذ هاهنا: جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه، فهو يتعوّذ منه. وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)}
أراد: فقسم البشر قسمين ذوي نسب، أي: ذكوراً ينسب إليهم، فيقال: فلان بن فلان وفلانة بنت فلانة، وذوات صهر: أي إناثاً يصاهر بهنّ، ونحوه قوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزوجين الذكر والانثى} [القيامة: 39]. {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} حيث خلق من النطفة الواحدة بشراً نوعين: ذكراً وأنثى.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55)}
الظهير والمظاهر، كالعوين والمعاون. و (فعيل) بمعنى مفاعل غير عزيز. والمعنى: أنّ الكافر يظاهر الشيطان على ربه بالعداوة والشرك. روي أنها أنزلت في أبي جهل، ويجوز أن يريد بالظهير: الجماعة، كقوله: {وَالْمَلَئِكَةُ بَعْدَ ذلك ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] كما جاء: الصديق والخليط، يريد بالكافر: الجنس، وأنّ بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور دين الله. وقيل: معناه: وكان الذي يفعل هذا الفعل- وهو عبادة ما لا ينفع ولا يضرّ- على ربه هيناً مهيناً، من قولهم: ظهرت به، إذا خلفته خلف ظهرك لا تلتفت إليه، وهذا نحو قوله: {أولئك لاَ خلاق لَهُمْ فِي الأخرة وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 77].

.تفسير الآيات (56- 57):

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57)}
مثال {إِلاَّ مَن شَاء} المراد: إلاّ فعل من شاء واستثنائه عن الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال: ما أطلب منك ثواباً على ما سعيت إلاّ أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه. فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب، ولكن صوّره هو بصورة الثواب وسماه باسمه، فأفاد فائدتين، إحداهما: قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله، كأنه يقول لك: إن كان حفظك لمالك ثواباً فإني أطلب الثواب، والثانية: إظهار الشفقة البالغة وأنك إن حفظت مالك: اعتدّ بحفظك ثواباً ورضي به كما يرضى المثاب بالثواب. ولعمري إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع المبعوث إليهم بهذا الصدد وفوقه. ومعنى اتخاذهم إلى الله سبيلاً: تقربهم إليه وطلبهم عنده الزلفى بالإيمان والطاعة. وقيل: المراد التقرّب بالصدقة والنفقة في سبيل الله.

.تفسير الآية رقم (58):

{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58)}
أمره بأن يثق به ويسند أمره إليه في استكفاء شرورهم، مع التمسك بقاعدة التوكل وأساس الالتجاء وهو طاعته وعبادته وتنزيهه وتحميده، وعرّفه أن الحي الذي لا يموت، حقيق بأن يتوكل عليه وحده ولا يتكل على غيره من الأحياء الذين يموتون.
وعن بعض السلف أنه قرأها فقال: لا يصحّ لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق، ثم أراه أن ليس إليه من أمر عباده شيء. آمنوا أم كفروا، وأنه خبير بأحوالهم كاف في جزاء أعمالهم.

.تفسير الآية رقم (59):

{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)}
{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} يعني في مدّة: مقدارها هذه المدّة، لأنه لم يكن حينئذ نهار ولا ليل، وقيل: ستة أيام من أيام الآخرة، وكل يوم ألف سنة. والظاهر أنها من أيام الدنيا.
وعن مجاهد: أوّلها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة. ووجهه أن يسمي الله لملائكته تلك الأيام المقدرة بهذه الأسماء فلما خلق الشمس وأدارها وترتب أمر العالم على ما هو عليه، جرت التسمية على هذه الأيام. وأما الداعي إلى هذا العدد أعني الستة دون سائر الأعداد فلا نشك أنه داعي حكمة؛ لعلمنا أنه لا يقدّر تقديراً إلاّ بداعي حكمة، وإن كنا لا نطلع عليه ولا نهتدي إلى معرفته. ومن ذلك تقدير الملائكة الذين هم أصحاب النار تسعة عشر، وحملة العرش ثمانية، والشهور أثني عشر، والسموات سبعاً والأرض كذلك، والصلوات خمساً، وأعداد النصب والحدود والكفارات وغير ذلك. والإقرار بدواعي الحكمة في جميع أفعاله، وبأن ما قدّره حق وصواب هو الإيمان. وقد نصّ عليه في قوله: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أُتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً} [المدثر: 31] ثم قال: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} [المدثر: 31] وهو الجواب أيضاً في أن لم يخلقها في لحظة، وهو قادر على ذلك.
وعن سعيد بن جبير رضي الله عنهما. إنما خلقها في ستة أيام وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة، تعليماً لخلقه الرفق والتثبت. وقيل: اجتمع خلقها يوم الجمعة فجعله الله عيداً للمسلمين. الذي خلق مبتدأ. و{الرحمن} خبره. أو صفة للحيّ، والرحمن: خبر مبتدأ محذوف. أو بدل عن المستتر في استوى. وقرئ: {الرحمن} بالجر صفة للحيّ. وقرئ: {فسل} والباء في به صلة سل، كقوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: 1] كما تكون عن صلته في نحو قوله: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} [التكاثر: 8] فسأل به؛ كقوله: اهتمّ به، واعتني به، واشتغل به. وسأل عنه كقولك بحث عنه؛ فتش عنه، ونقر عنه. أو صلة خبيراً: وتجعل خبيراً مفعول سل، يريد: فسل عنه رجلاً عارفاً يخبرك برحمته، أو فسل رجلاً خبيراً به وبرحمته. أو: فسل بسؤاله خبيراً؛ كقولك: رأيت به أسداً، أي برؤيته، والمعنى: إن سألته وجدته خبيراً. أو تجعله حالاً عن الهاء، تريد: فسل عنه عالماً بكلّ شيء. وقيل: الرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدّمة، ولم يكونوا يعرفونه: فقيل: فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب، حتى يعرف من ينكره. ومن ثمة كانوا يقولون: ما نعرف الرحمن إلاّ الذي باليمامة، يعنون مسيلمة. وكان يقال له: رحمن اليمامة.

.تفسير الآية رقم (60):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)}
{وَمَا الرحمن} يجوز أن يكون سؤالاً عن المسمى به؛ لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم والسؤال عن المجهول ب (ما). ويجوز أن يكون سؤالاً عن معناه، لأنه لم يكن مستعملاً في كلامهم كما استعمل الرحيم والرحوم والراحم. أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله تعالى {لِمَا تَأْمُرُنَا} أي للذي تأمرناه، بمعنى تأمرنا سجوده؛ على قوله: أمرتك الخير. أو لأمرك لنا. وقرئ بالياء، كأن بعضهم قال لبعض: أنسجد لما يأمرنا محمد صلى الله عليه وسلم، أو يأمرنا المسمى بالرحمن ولا نعرف ما هو. وفي {زَادَهُمْ} ضمير {اسجدوا للرحمن} لأنه هو المقول.

.تفسير الآية رقم (61):

{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)}
البروج: منازل الكواكب السبعة السيارة: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت: وسميت بالبروج التي هي القصور العالية؛ لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها. واشتقاق البرج من التبرج؛ لظهوره. والسراج: الشمس كقوله تعالى: {وَجَعَلَ الشمس سِرَاجاً} [نوح: 16] وقرئ: {سرجا} وهي الشمس والكواكب الكبار معها.
وقرأ الحسن والأعمش: {وقمراً منيراً} وهي جمع ليلة قمراء، كأنه قال: وذا قمر منيراً؛ لأنّ الليالي تكون قمراً بالقمر، فأضافه إليها. ونظيره في بقاء حكم المضاف بعد سقوطه وقيام المضاف إليه مقامه قول حسان:
بَرْدَى يُصَفِّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

يريد: ماء بردى، ولا يبعد أن يكون القمر بمعنى القمر؛ كالرشد والرشد، والعرب والعرب.

.تفسير الآية رقم (62):

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)}
الخلفة من خلف، كالركبة من ركب. وهي الحالة التي يخلف عليها الليل والنهار كلّ واحد منهما الآخر. والمعنى: جعلهما ذوي خلفة، أي: ذوي عقبة، أي: يعقب هذا ذاك وذاك هذا. ويقال: الليل والنهار يختلفان، كما يقال: يعتقبان. ومنه قوله: {واختلاف اليل والنهار} [البقرة: 164]، [آل عمران: 190]، [الجاثية: 5] ويقال: بفلان خلفة واختلاف. إذا اختلف كثيراً إلى متبرّزه. وقرئ: {يذكر} و {يذّكر}.
وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه: يتذكر. والمعنى لينظر في اختلافهما الناظر، فيعلم أن لابد لانتقالهما من حال إلى حال، وتغيرهما من ناقل ومغير. ويستدلّ بذلك على عظم قدرته، ويشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف بالنهار، كما قال عزّ وعلا: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} [القصص: 73] أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين، من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر.
وعن الحسن رضي الله عنه: من فاته عمله من التذكر والشكر بالنهار كان له في الليل مستعتب. ومن فاته بالليل: كان له في النهار مستعتب.

.تفسير الآية رقم (63):

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)}
{وَعِبَادُ الرحمن} مبتدأ خبره في آخر السورة، كأنه قيل: وعباد الرحمن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة. ويجوز أن يكون خبره {الذين يَمْشُونَ} وأضافهم إلى الرحمن تخصيصاً وتفضيلاً. وقرئ: {وعباد الرحمن} وقرئ: {يمشون} {هَوْناً} حال، أو صفة للمشي، بمعنى: هينين. أو: مشياً هيناً؛ إلا أنّ في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة. والهون: الرفق واللين. ومنه الحديث: «أحبب حبيبك هوناً مّا» وقوله: «المؤمنون هينون لينون» والمثل: إذا عزّ أخوك فهن. ومعناه: إذا عاسر فياسر. والمعنى: أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع، لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشراً وبطراً، ولذلك كره بعض العلماء الركوب في الأسواق، ولقوله: {وَيَمْشُونَ فِي الاسواق} [الفرقان: 20]. {سَلاَماً} تسلماً منكم لانجاهلكم، ومتاركة لا خير بيننا ولا شرّ، أي: نتسلم منكم تسلماً، فأقيم السلام مقام التسلم. وقيل: قالوا: سداداً من القول يسلمون فيه من الإيذاء، والإثم. والمراد بالجهل: السفه وقلة الأدب وسوء الرعة، من قوله:
أَلاَ يَجْهَلنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ** فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا

وعن أبي العالية: نسختها آية القتال، ولا حاجة إلى ذلك، لأنّ الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة، وأسلم للعرض والورع.

.تفسير الآية رقم (64):

{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)}
البيتوتة: خلاف الظلول، وهو أن يدركك الليل، نمت أو لم تنم، وقالوا: من قرأ شيئاً من القرآن في صلاته وإن قلّ فقد بات ساجداً وقائماً. وقيل: هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء، والظاهر أنه وصف لهم بإحياء الليل أو بأكثره. يقال: فلان يظل صائماً ويبيت قائماً.

.تفسير الآيات (65- 66):

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)}
{غَرَاماً} هلاكاً وخسراناً ملحاً لازماً قال:
وَيَوْمُ النِّسَارِ وَيَوْمُ الْجِفَا ** رِكَانَا عَذَاباً وَكَانَا غَرَامَا

وقال:
إنْ يُعَاقِبْ يَكُنْ غَرَاماً وَإنْ يُعْ ** طِ جَزِيلاً فَإنَّهُ لا يُبَالِي

ومنه: الغريم: لإلحاحه ولزامه. وصفهم بإحياء الليل ساجدين وقائمين، ثم عقبه بذكر دعوتهم هذه، إيذاناً بأنهم مع اجتهادهم خائفون مبتهلون إلى الله تعالى في صرف العذاب عنهم، كقوله تعالى: {والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]. {سَاءتْ} في حكم (بئست)، وفيها ضمير مبهم يفسره مستقرّاً، والمخصوص بالذم محذوف، معناه: ساءت مستقرّاً ومقاماً هي. وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم إنّ وجعلها خبراً لها. ويجوز أن يكون {سَاءتْ} بمعنى: أحزنت. وفيها ضمير اسم إنّ. و{مُسْتَقَرّاً} حال أو تمييز، والتعليلان يصحّ أن يكونا متداخلين ومترادفين، وأن يكونا من كلام الله وحكاية لقولهم.