فصل: تفسير الآية رقم (46):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (46):

{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)}
{الرياح} هي الجنوب والشمال والصبا، وهي رياح الرحمة. وأما الدبور، فريح العذاب. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» وقد عدد الأغراض في إرسالها، وأنه أرسلها للبشارة بالغيث ولإذاقة الرحمة، وهي نزول المطر وحصول الخصب الذي يتبعه، والروح الذي مع هبوب الريح وزكاء الأرض. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كثرت المؤتفكات زكت الأرض» وإزالة العفونة من الهواء، وتذرية الحبوب، وغير ذلك {وَلِتَجْرِىَ الفلك} في البحر عند هبوبها. وإنما زاده {بِأَمْرِهِ} لأن الريح قد تهب ولا تكون مؤاتية، فلا بد من إرساء السفن والاحتيال لحبسها، وربما عصفت فأغرقتها {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} يريد تجارة البحر؛ ولتشكروا نعمة الله فيها.
فإن قلت: بم يتعلق وليذيقكم؟ قلت: فيه وجهان: أن يكون معطوفاً على مبشرات على المعنى، كأنه قيل: ليبشركم وليذيقكم. وأن يتعلق بمحذوف تقديره: وليذيقكم، وليكون كذا وكذا: أرسلناها.

.تفسير الآية رقم (47):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
اختصر الطريق إلى الغرض بأن أدرج تحت ذكر الانتصار والنصر ذكر الفريقين، وقد أخلى الكلام أوّلاً عن ذكرهما. وقوله: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين} تعظيم للمؤمنين، ورفع من شأنهم، وتأهيل لكرامة سنية، وإظهار لفضل سابقة ومزية، حيث جعلهم مستحقين على الله أن ينصرهم، مستوجبين عليه أن يظهرهم ويظفرهم، وقد يوقف على {حَقّاً}. ومعناه: وكان الانتقام منهم حقاً، ثم يبتدأ: {عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين}، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من امرئ مسلم يردّ عن عرض أخيه إلا كان حقاً على الله أن يردّ عنه نار جهنم يوم القيامة» ثم تلا قوله تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين}.

.تفسير الآيات (48- 49):

{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}
{فَيَبْسُطُهُ} متصلاً تارة {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} أي قطعاً تارة {فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} في التارتين جميعاً. والمراد بالسماء. سمت السماء وشقها، كقوله تعالى: {وَفَرْعُهَا فِي السماء} [إبراهيم: 24]، وبإصابة العباد: إصابة بلادهم وأراضيهم {مِن قَبْلِهِ} من باب التكرير والتوكيد، كقوله تعالى: {فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النار خالدين فِيهَا} [الحشر: 17]. ومعنى التوكيد فيه: الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد، فاستحكم بأسهم وتمادى إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك.

.تفسير الآية رقم (50):

{فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}
قرئ: {أثر} و {آثار} على الوحدة والجمع.
وقرأ أبو حيوة وغيره: {كيف تحيي}، أي: الرحمة {إِنَّ ذلك} يعني إنّ ذلك القادر الذي يحي الأرض بعد موتها، هو الذي يحي الناس بعد موتهم {وَهُوَ على كُلّ شَيْء} من المقدورات قادر، وهذا من جملة المقدورات بدليل الإنشاء.

.تفسير الآيات (51- 53):

{وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)}
{فَرَأَوْهُ} فرأوا أثر رحمة الله. لأنّ رحمة الله هي الغيث، وأثرها: النبات. ومن قرأ بالجمع: رجع الضمير إلى معناه؛ لأنّ معنى آثار الرحمة النبات، واسم النبات يقع على القليل والكثير، لأنه مصدر سمي به ما ينبت. ولئن: هي اللام الموطئة للقسم، دخلت على حرف الشرط، و{لَّظَلُّواْ} جواب القسم سدّ مسدّ الجوابين، أعني: جواب القسم وجواب الشرط، ومعناه: ليظلنّ ذمّهم الله تعالى بأنه إذا حبس عنهم القطر قنطوا من رحمته وضربوا أذقانهم على صدورهم مبلسين، فإذا أصابهم برحمته ورزقهم المطر: استبشروا وابتهجوا، فإذا أرسل ريحاً فضرب زروعهم بالصفار، ضجوا وكفروا بنعمة الله. فهم في جميع هذه الأحوال على الصفة المذمومة، كان عليهم أن يتوكلوا على الله وفضله، فقنطوا. وأن يشكروا نعمته ويحمدوه عليها، فلم يزيدوا على الفرح والاستبشار. وأن يصبروا على بلائه، فكفروا. والريح التي اصفرّ لها النبات: يجوز أن تكون حروراً وحرجفاً، فكلتاهما مما يصوح له النبات ويصبح هشيماً. وقال: مصفرّاً: لأنّ تلك صفرة حادثة. وقيل: فرأوا السحاب مصفراً، لأنه إذا كان كذلك لم يمطر.

.تفسير الآية رقم (54):

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)}
قرئ: بفتح الضاد وضمها، وهما لغتان. والضم أقوى في القراءة، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما: قال: قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضَعف، فأقرأني من ضُعف. وقوله: {خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ} كقوله: {خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] يعني أنّ أساس أمركم وما عليه جبلتكم وبنيتكم الضعف {وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً} [النساء: 28] أي ابتدأناكم في أوّل الأمر ضعافاً. وذلك حال الطفولة والنشء حتى بلغتم وقت الاحتلام والشبيبة، وتلك حال القوّة إلى الاكتهال وبلوغ الأشدّ، ثم رددتم إلى أصل حالكم وهو الضعف بالشيخوخة والهرم. وقيل: من ضعف من النطف، كقوله تعالى: {مّن مَّاء مَّهِينٍ} [السجدة: 8]، [المرسلات: 20] وهذا الترديد في الأحوال المختلفة، والتغيير من هيئة إلى هيئة وصفة إلى صفة: أظهر دليل وأعدل شاهد على الصانع العليم القادر.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)}
{الساعة} القيامة، سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعة الدنيا، أو لأنها تقع بغتة وبديهة. كما تقول: (في ساعة) لمن تستعجله، وجرت علماً لها كالنجم للثريا، والكوكب للزهرة. وأرادوا: لبثهم في الدنيا، أو في القبور، أو فيما بين فناء الدنيا إلى البعث. وفي الحديث: «ما بينَ فناءِ الدُّنيا إلى وقتِ البعثِ أربعَونَ» قالوا: لا نعلم أهي أربعون سنة أم أربعون ألف سنة؟ وذلك وقت يفنون فيه وينقطع عذابهم، وإنما يقدّرون وقت لبثهم بذلك على وجه استقصارهم له. أو ينسون أو يكذبون أو يخمنون {كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ} أي مثل ذلك الصرف كانوا يصرفون عن الصدق والتحقيق في الدنيا، وهكذا كانوا يبنون أمرهم على خلاف الحق. أو مثل ذلك الإفك كانوا يؤفكون في الاغترار بما تبين لهم الآن أنه ما كان إلا ساعة.

.تفسير الآيات (56- 57):

{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57)}
القائلون: هم الملائكة، والأنبياء. والمؤمنون {فِى كتاب الله} في اللوح. أو في علم الله وقضائه. أو فيما كتبه، أي: أوجبه بحكمته. ردّوا ما قالوه وحلفوا عليه، وأطلعوهم على الحقيقة ثم وصلوا ذلك بتقريعهم على إنكار البعث بقولهم: {فهذا يَوْمُ البعث ولكنكم كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ} أنه حق لتفريطكم في طلب الحق واتباعه.
فإن قلت: ما هذه الفاء؟ وما حقيقتها؟ قلت: هي التي في قوله:
فَقَدْ جِئْنَا خُرَاسَانَا

وحقيقتها: أنها جواب شرط يدل عليه الكلام، كأنه قال: إن صح ما قلتم من أن خراسان أقصى ما يراد بنا فقد جئنا خراسان، وآن لنا أن نخلص، وكذلك إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث، أي فقد تبين بطلان قولكم.
وقرأ الحسن يوم البعث، بالتحريك {لاَّ ينفَعُ} قرئ بالياء والتاء {يُسْتَعْتَبُونَ} من قولك: استعتبني فلان فأعتبته. أي: استرضاني فأرضيته، وذلك إذا كنت جانياً عليه. وحقيقة أعتبته: أزلت عتبه. ألا ترى إلى قوله:
غَضِبَتْ تَمِيمٌ أَنْ تُقَتِّلَ عامِرٌ ** يَومَ النِّسَارِ فَأَعْتَبُوا بِالصِّيْلَمِ

كيف جعلهم غضابا، ثم قال: فأعتبوا، أي: أزيل غضبهم. والغضب في معنى العتب. والمعنى: لا يقال لهم أرضوا ربكم بتوبة وطاعة، ومثله قوله تعالى: {لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ} [الجاثية: 35].
فإن قلت: كيف جعلوا غير مستعتبين في بعض الآيات، وغير معتبين في بعضها، وهو قوله: {وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ المعتبين} [فصلت: 24]؟ قلت: أما كونهم غير مستعتبين: فهذا معناه. وأما كونهم غير معتبين، فمعناه: أنهم غير راضين بما هم فيه، فشبهت حالهم بحال قوم جنى عليهم، فهم عاتبون على الجاني غير راضين عنه، فإن يستعتبوا الله: أي يسألوه إزالة ما هم فيه، فما هم من المجابين إلى إزالته.

.تفسير الآيات (58- 60):

{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}
{وَلَقَدْ} وصفنا لهم كل صفة كأنها مثل في غرابتها، وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن، كصفة المبعوثين يوم القيامة، وقصتهم، وما يقولون وما يقال لهم، وما لا ينفع من اعتذارهم ولا يسمع من استعتابهم، ولكنهم- لقسوة قلوبهم ومج أسماعهم حديث الآخرة- إذا جئتهم بآية من آيات القرآن، قالوا: جئتنا بزور وباطل، ثم قال: مثل ذلك الطبع يطبع الله على قلوب الجهلة. ومعنى طبع الله: منع الألطاف التي ينشرح لها الصدور حتى تقبل الحق، وإنما يمنعها من علم أنها لا تجدي عليه ولا تغني عنه، كما يمنع الواعظ الموعظة من يتبين له أنّ الموعظة تلغو ولا تنجع فيه، فوقع ذلك كناية عن قسوة قلوبهم وركوب الصدأ والرين إياها، فكأنه قال: كذلك تقسو وتصدأ قلوب الجهلة، حتى يسموا المحقين مبطلين، وهم أعرق خلق الله في تلك الصفة {فاصبر} على عداوتهم {إِنَّ وَعْدَ الله} بنصرتك وإظهار دينك على الدين كله {حَقٌّ} لابد من إنجازه والوفاء به، ولا يحملنك على الخفة والقلق جزعاً مما يقولون ويفعلون فإنهم قوم شاكون ضالون لا يستبدع منهم ذلك وقرئ بتخفيف النون وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب: {ولا يستحقنك}، أي: لا يفتننك فيملكوك ويكونوا أحق بك من المؤمنين.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن قرأَ سورةَ الرومِ كانَ لَهُ منَ الأَجرِ عشرُ حسناتٍ بعددِ كلِّ ملكٍ سبحَ اللَّهُ بينَ السماءِ والأرضِ وأدركَ ما ضيَّع في يومِهِ وليلتِه»

.سورة لقمان:

.تفسير الآيات (1- 5):

{الم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}
{الكتاب الحكيم} ذي الحكمة. أو وصف بصفة الله تعالى على الإسناد المجازي. ويجوز أن يكون الأصل: الحكيم قائله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فبانقلابه مرفوعاً بعد الجر استكن في الصفة المشبهة {هُدًى وَرَحْمَةً} بالنصب على الحال عن الآيات، والعامل فيها: ما في تلك من معنى الإشارة. وبالرفع على أنه خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف {لّلْمُحْسِنِينَ} للذين يعملون الحسنات وهي التي ذكرها: من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والإيقان بالآخرة ونظيره قول أوس:
الأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّنَّ ** كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا

حكى عن الأصمعي: أنه سئل عن الألمعي فأنشده ولم يزد. أو للذين يعملون جميع ما يحسن من الأعمال، ثم خص منهم القائمين بهذه الثلاث بفضل الاعتداد بها.