فصل: باب لام كي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اللامات في اللغة ***


باب ذكر ما يمتنع اجتماعه مع الألف واللام اللتين للتعريف

وما يمتنع إدخاله على هذه الألف واللام وذكر معاني الآن وعلة بنائه

اعلم أنه لا يجوز اجتماع الألف واللام والتنوين على حال من الأحوال نحو قولك رجل وفرس وغلام ثم تقول الرجل والغلام والفرس فيسقط التنوين وخطأ الجمع بينهما والعلة في ذلك عند البصريين أن التنوين دخل في الأسماء فرقا بين المنصرف منها المتمكن وبين الممتنع من الانصراف بثقله مضارعا للفعل فإذا دخلت الألف واللام عليه مكنته فردته إلى الأصل، فإن صرف كله فاستغنى عن دلالة التنوين لأنه لا معنى للجمع بين دليلين على معنى واحد لا فضل لأحدهما على الآخر وعلة امتناع الجمع بين التنوين والألف واللام عند الفراء والكسائي وأصحابهما هي أن التنوين لازم الأسماء فرقا بينها وبين الأفعال لأن من الأسماء ما جاء بوزن الأفعال نحو جعفر لأنه بوزن دحرج ونحو جبل وجمل لأنه بوزن خرج وذهب، وكذلك ما أشبهه فجعل التنوين فرقا بين الأسماء والأفعال وألزم الأسماء لأنها أخف من الأفعال والألف واللام لا تدخل على الأفعال لأنه لا تعتوِرها المعاني التي من أجلها تدخل الألف واللام على الأسماء التي قدمنا شرحها فلما دخلت الألف واللام على الأسماء فارقت شبه الأفعال فاستغني عن التنوين ودلالته فأسقطوا لا يجوز الجمع بين الإضافة والألف واللام نحو قولك هذا غلام زيد وثوب عمرو ودار بكر لو قلت هذا الغلام زيد والثوب عمرو كان خطأ والعلة في امتناع اجتماع الألف واللام والإضافة هي أن الألف واللام يعر، فإن الاسم بالعهد والإضافة تعرف الاسم بالملك والاستحقاق ومحال جمع تعريفين مختلفين على اسم واحد وليس في العربية شيء يجمع فيه بين الألف واللام والإضافة إلا قولهم هذا الحسن الوجه والفاره العبد والكثير المال وما يجري هذا المجرى وإنما جاز هاهنا الجمع بينهما لزوال العلة التي من أجلها امتنع الجمع بينهما وذلك أن الإضافة في هذا الباب لم تعرف المضاف لأنها إضافة غير محضة وتقديرها الانفصال وشرح ذلك أنك إذا قلت هذا غلام وثوب ودار فهو نكرة وإذا أضفته إلى معرفة تعرف به كقولك‏:‏ هذا ثوب زيد وغلام عمرو وأنت إذا قلت مررت برجل حسن الوجه فحسن نكرة ولم يتعرف بإضافتك إياه إلى الوجه لأن الحسن في الحقيقة للوجه ثم نقل إلى الرجل فذلك جاز إدخال الألف واللام عليه للتعريف إذ كان غير متعرف بالإضافة فقيل مررت بالرجل الحسن الوجه والكثير المال وما أشبه ذلك ولا نظير له في العربية واعلم أنه جائز إدخال جميع العوامل على الاسم المعرف بالألف واللام من رافع وناصب وخافض إلا حرف النداء، فإنه لا يجوز إدخاله عليه لو قلت يالرجل ويالغلام لم يجز والعلة في امتناع الجمع بينهما هي أن حرف النداء يعرف المنادى بالإشارة والتخصيص والألف واللام يعر، فإنه بالعهد فلم يجز الجمع بين تعريفين مختلفين كما ذكرت في هذا الباب، فإن أردت نداء ما فيه الألف واللام ناديته فقلت يا أيها الرجل ويا أيها الغلام كما قال الله تعالى‏:‏يا أيها الناس اتقوا ربكم و يا أيها النبي اتق الله وليس في العربية اسم في أوله الألف واللام دخل عليه حرف النداء إلا قولهم يا الله اغفر لنا، فإنهم أدخلوا الألف واللام وحرف النداء وإنما جاز ذلك لأن أصله إله ثم دخلت الألف واللام وحذفت الهمزة فصارت الألف واللام لازمتين كالعوض من الهمزة المحذوفة فصارت كأنهما من نفس الكلمة فلذلك دخل عليه حرف النداء، فإن قال قائل، فإن الذي والتي وتثنيتهما وجمعها لا تفارقه الألف واللام ولا تنفصل منه فهل يجوز على هذا أن نناديه فنقول يا الذي في الدار ويا الذي قام قلنا ذلك غير جائز والفرق بينهما هو أن الألف واللام في الله عز وجل عوض من الهمزة المحذوفة كما ذكرنا وليستا في الذي وبابه عوضا من محذوف فصارتا فيالله عز وجل‏:‏ كأنهما من نفس الكلمة إذ كانتا عوضا من حرف أصلى، وقد غلط بعض الشعراء فأدخلها على الذي لما رأى الألف واللام لا تفارقانه فقال‏:‏

فيا الغلامان اللذان فرا *** إياكما أن تكسبانا شرا

وقال آخر‏:‏

من أجلك يا التي تيمت قلبي *** وأنت بخيلة بالود عني

وكان المبرد يرد هذا ويقول هو غلط من قائله أو ناقله لأنه لو قيل فيا غلامان اللذان فرا لاستقام البيت وصح اللفظ به ولم تدع ضرورة إلى إدخال الألف واللام وهذه الأبيات من رواية الكوفيين ولم يروها البصريون وسبيلها في الشذوذ سبيل إدخال بعضهم الألف واللام على الفعل كما أنشد أبو زيد وغيره من البصريين والكوفيين‏:‏

يقول الخنى وأبغض العجم ناطقا *** إلى ربنا صوت الحمار اليجدع

أراد الذي يجدع فأدخل الألف واللام على الفعل وهو في الشذوذ شبيه أيضا بقول من جمع بين الألف واللام والإضافة فقالوا بالقوم الرسول الله منهم لهم ذل القبائل من معد ومثل هذا غلط وخطأ لا يعبأ به وإنما حكيناه ليتجنب ولئلا يتوهم متوهم أنه أصل يعمل عليه أو أنا لم نعرفه أو أغفلناه ليكون هذا الكتاب مستوعبًا لأحكام اللامات كلها إن شاء الله‏.‏

ومن نادر ما دخلت عليه الألف واللام للتعريف قولهم‏:‏ الآن وذلك أنه مبني وفيه الألف واللام وسبيل المبني إذا أضيف أو دخلته الألف واللام أن يتمكن ويرجع إلى التعريف كما قالوا خرجت أمس وما رأيتك منذ أمس فبنوه على الكسر فإذا أدخلوا الألف واللام أو أضافوه عرفوه وليس في العربية مبني تدخل عليه الألف واللام إلا عرف إلا المبني في حال التنكير، فإن المبني في حال التنكير لم تمكنه الألف واللام لأن التنكير يخفف الأسماء ويمكنها فإذا وجب لها البناء فيه لم يمكنها غيره وذلك نحو العدد ما بين أحد عشر إلى التسعة عشر، فإنه مبني إلا اثني عشر، فإن أدخلت عليه الألف واللام لم يتعرف أيضا فقلت جاءني الخمسة عشر رجلا ومررت بالخمسة عشر رجلا لهذه العلة التي ذكرتها لك فأما الآن، فإن ك تقول أنت من الآن تفعل كذا وكذا وأنت إلى الآن مقيم فتبنيه على الفتح كما ذكرت لك وللنحويين في بنائه ثلاثة أقوال قال أبو العباس المبرد‏:‏ إنما بني لأنه كان من شأن الأسماء أن يعرفها كونها أعلاما نحو زيد وعمرو أو مشارا بها مبهمات فتعرفها الإشارة نحو هذا وذاك وبابه أو مضمرات أو مضافات إلى معارف أو نكرات نحو رجل وفرس ثم تعرف بالألف واللام فلما وقع الآن في أول أحواله معرفا بالألف واللام فارق بابه فبني، وقال آخرون من البصريين إنما بني الآن لأنه أشير به إلى الوقت الحاضر لا إلى عهد متقدم فضارع هذا فبني لمضارعته مالا يعرف لأنك اذا قلت أنت الآن تفعل، فإن ما تريد أنت في هذا الوقت، وقال الفراء والكسائي إنما هو محكي وأصله من آن الشيء يئين بمعنى حان يحين وفيه ثلاث لغات يقال آن لك أن تفعل كذا وكذا وأنى لك أن تفعل كذا وكذا يأني لك كما قال‏:‏الله عز وجل‏:‏ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله؛ والثالثة أن تقول أنال لك أن تفعل كذا وكذا بزيادة اللام قالوا فدخلت الألف واللام على اللغة الأولى فقيل الآن فاعلم فترك على فتحه كما روي في الأثر أنه نهى عن قيل، وقال يحكى مفتوحا على لفظ الفعل الماضي وبعضهم يورده على قيل، وقال فيجعلهما اسمين ويعربهما وللفراء فيه قول انفرد به قال‏:‏ يجوز أن يكون محلى ترك على فتحه وهذا ليس بشيء لأنه لا يمتنع من تأثير العوامل فيه إلا أن يكون مبنيا فيرجع إلى ما قال القوم وأصل الآن عند جماعة البصريين وعند الفراء في أحد قوليه أوان حذفت الألف التي بعد الواو، فإن قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فقيل آن ويجمع أوان على آونة كما قيل زمان وأزمنة‏.‏

باب في تبيين وجوه دخول الألف واللام على الأسماء المشتقة من الأفعال

اعلم أنها تدخل على ثلاثة أوجهأحدها أن تكون بتأويل الذي فتحتاج إلى صلة وعائد وتجري في ذلك مجرى الذي كقول القائل ضرب زيد عمرا فقيل له أخبر عن زيد فقال الضارب عمرا زيد ففي الضارب مضمر يعود على الألف واللام اللذين بمعنى الذي وأنت لم تذكر الذي وإنما ذكرت ما يدل عليه فجئت بالعائد لذلك، والوجه الثاني أن تدخل لتعريف هذه الأسماء المشتقة من الأفعال لا بتأويل الذي ولكن كما تعرف أسماء الأجناس نحو الرجل والفرس فتقول الضارب والقائم تريد به التعريف لا معنى الذي قال أبو عثمان المازني‏:‏ والدليل على صحة هذا التأويل أنك تقول نعم الضارب ونعم القائم وغير جائز أن تقول نعم الذي عندك لأن نعم وبئس لا يدخلان على الذي وأخواتها ودخولهما على القائم والضارب يدل على أن الألف واللام فيهما ليستا بمعنى الذي والوجه الثالث ينفرد به الكوفيون خاصة ويذكر بعقب هذا الباب مفردا بمسائله إن شاء الله‏.‏

ومن هذا الوجه الثاني قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وأنا على ذلكم من الشاهدين‏}‏ ‏[‏سورة الأنبياء‏:‏ 56‏]‏ ‏{‏وكانوا فيه من الزاهدين‏}‏ ‏[‏سورة يوسف‏:‏ 20‏]‏ قال المبرد والمازني‏:‏ وغيرهما من البصريين ليست الألف واللام بمعنى الذي لأنه لو كان التقدير وأنا من الشاهدين على ذلك بمعنى من الذين شهدوا على ذلك لم تقدم صلة الذي عليه، وكذلك لو كان التقدير وكانوا من الذين زهدوا فيه لم يجز تقديم صلة الذي عليه ولكن الألف واللام للتعريف لا بمعنى الذي قالوا وفي الآيتين وجه آخر أن تكون الألف واللام بمعنى الذي ويكون قوله من الشاهدين ومن الزاهدين تبيينا لا صلة للذي وإذا كان تبيينا جاز تقديمه لأنه ليس في الصلة وعلى هذين التأويلين تأولوا قول الشاعر تقول وصكت صدرها بيمينها أبعلي هذا بالرحى المتقاعس؛ أحدهما أن تكون الألف واللام في المتقاعس للتعريف لا بمعنى الذي كما ذكرنا فجاز تقديم بالرحى عليه والآخر أن يكونا بتأويل الذي ويكون بالرحى تبيينا كأنه قال‏:‏ أبعلي هذا المتقاعس وتمت صلة الذي فجعل بالرحى تبيينا فجاز تقديمه لذل كقال‏:‏ أبو إسحاق الزجاج في قول الشاعر‏:‏

ربيته حتى إذا تمعددا *** كان جزائي بالعصا أن أجادا

فيه وجهان أحدهما أن يكون الجزاء اسم كان وبالعصا خبرها ويكون أن أجلد غير متصل بالعصا ولكن يكون الكلام قد تم دونه وأن أجلد في موضع رفع خبر ابتداء مضمر كأنه قال‏:‏ هو أن أجلد ويجوز أن يكون نصبا بدلا من قوله بالعصا فيكون التقدير كان جزائي أن أجلد والوجه الثاني أن يكون بالعصا تبيينا ويكون أن أجلد خبر كان ولا يجوز أن يكون بالعصا في صلة أن أجلد لأنه قد قدمه عليه، وقال المبرد في قول الله عز وجل‏:‏ لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون في الآخرة ظرف لقوله الأخسرون لأن الألف واللام فيه ليستا بتأويل الذي قال‏:‏ فأما قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ‏}‏ ‏[‏سورة النحل‏:‏ 109‏]‏، فإن في الآخرة ليس بظرف للخاسرين لأن الألف واللام بتأويل الذي ولكن تكون تبيينا على ما مضى من الشرح أو تكون الألف واللام للتعريف على مذهب أبي عثمان كما ذكرنا فيما مضى فيجوز تقديم الظرف عليه‏.‏

باب ذكر المذهب الذي ينفرد به الكوفيون من دخول الألف واللام بمعنى الذي على الأسماء المشتقة

اعلم أن الأسماء المشتقة من الأفعال نحو ضارب وقائم وذاهب وما أشبه ذلك يدخل عليها الكوفيين الألف واللام ويجعلونها مع الألف واللام بمنزلة الذي ويصلونها بما توصل به الذي فيقولون القائم أكرمت عمرو فيرفعون القائم بالابتداء وعمرو خبره وأكرمت صلته كأنهم قالوا الذي أكرمت عمرو قالوا، فإن جعلنا القائم بمعنى الذي قام قلنا القائم أكرمت عمرا فينصب القائم بوقوع الفعل عليه وعمرو بدل منه لأن أكرمت لا تكون صلة الألف واللام، وقد جعلت القيام صلتها وهذا الوجه الثاني يوافقهم عليه البصريون والوجه الأول ينفرد به الكوفيون ونذكر مسائل هذا الباب على مذهب الكوفيين لتعرفه تقول من ذلك الراكب ضربت زيد إذا جعلت الراكب بمعنى الذي وإن جعلته بمعنى الذي ركب قلت الراكب ضربت زيدا، وكذلك تقول القاعد أكرمت أخوك والقاعد أكرمت أخاك، فإن جئت بتوكيد أو معطوف أو منصوب لم يجز أن تجريه مجرى الذي وتصله بصلة حتى تصرح بمعنى الذي فعل فتقول القائم وعمرا ضربت زيدا في النصب ولا يجوز رفعه، وكذلك القاعد نفسه أكرمت أخاك والضارب زيدا رأيت أباك فقس على هذا ما يرد منه إن شاء الله تعالى‏.‏

باب لام الملك

لام الملك موصلة لمعنى الملك إلى المالك وهي متصلة بالمالك لا المملوك كقولك‏:‏ هذه الدار لزيد وهذا المال لعمرو وهذا ثوب لأخيك، وقد تتقدم مع المالك قبل المملوك إلا أنه لا بد من تقدير فعل تكون من صلته كقولك‏:‏ لزيد مال ولعبد الله ثوب لأن التقدير معنى الملك، قال الشاعر‏:‏لليلى بأعلى ذي معارك منزل خلاء تنادى أهله فتحملوا، فإن قال قائل فما الفرق بين قولك هذا غلام زيد وهذا غلام لزيد إذا كنت قد أضفته في الوجهين إلى زيد قيل له الفرق بينهما أنك إذا قلت هذا غلام زيد فقد عرفته بزيد وإنما تخاطب بهذا من قد عرف ملك زيد إياه وشهر به عنده وإذا قلت هذا غلام لزيد، فإن ما تشير إلى غلام منكور ثم عرفت مخاطبك أن زيدا يملكه في عدة غلمان أو وحده فأفدته من معنى الملك ما لم يعلمه فهذه مخاطبة من لم يعلم ملك زيد إياه حتى أفدته وغلام في هذا الوجه نكرة وإن كانت اللام قد أدت عن معنى إضافته إلى زيد لأنها تفصل بين المضاف والمضاف إليه من أن يتعرف المضاف به أو يكون المضاف إليه تماما له، وقد تدخل لآم الملك في الاستفهام إذا كان المملوك غير معروف مالكه كقولك‏:‏ لمن هذا الثوب ولمن هذه الدار كما قال امرؤ القيس‏:‏

لمن طلل أبصرته فشجاني *** كخط زبور في عسيب يمان

فجواب مثل هذا أن ترد اللام في الجواب لزيد ولعمرو لتدل بها على معنى الملك واتصاله بالمخفوض بها واستحقاقه إياه فأما قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏سورة المؤمنون‏:‏ 84‏]‏، فإن ما هو على جهة التوبيخ لهم والتنبيه لا على أن مالكهما غير معلوم إلا من جهتهم، تعالى الله عن ذلك ألا تراه قال‏:‏ سيقولون الله؛ فكأنه قيل لهم فإذا كنتم مقرين بهذا عالمين به فلم تعبدون غير هو ربما أضرب المسؤول عن مثل هذا فلم يأت بالجواب على اللفظ وعدل إلى المعنى ك قول الشاعر‏:‏

وقال القائلون لمن حفرتم *** فقال المخبرون لهم وزير

فرفع وكان سبيله أن يقول لوزير ولكنه حمل الكلام على المعنى فكأنه قال‏:‏ المحفور له وزير قال يونس بن حبيب ومثله قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ‏}‏ ‏[‏سورة النحل‏:‏ 24‏]‏؛ لأنهم لم يقروا أن الله أنزله فعدلوا عن الجواب عنه فقالوا أساطير الأولين تقديره هذه أساطير الأولين ألا ترى أن المقربين نصبوا الجواب فقالوا، ‏:‏ ‏{‏وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا‏}‏ ‏[‏سورة النحل‏:‏ 30‏]‏؛ حملوا الجواب على اللفظ كأنهم قالوا أنزل خيرا، وقد يجوز رفع مثل هذا في الكلام وإن ثبتت به قراءة كان وجها جيدا فجعل ذا بتأويل الذي كأنه قيل ما الذي أنزل ربكم فجوابه خير ومثله قول الشاعر ألا تسألان المرء ماذا يحاول أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

باب لام الاستحقاق

لام الاستحقاق خافضة لما يتصل بها كما تخفض لام الملك ومعنياهما متقاربان إلا أنا فصلنا بينهما لأن من الأشياء ما تستحق ولا يقع عليها الملك، ولام الاستحقاق كقوله عز وجل‏:‏ ‏{‏الحمد لله رب العالمين‏}‏ و‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا‏}‏ ‏[‏سورة الأعراف‏:‏ 43‏]‏؛ وكقولك‏:‏ المنة في هذا لزيد والفضل فيما تسديه إلي لزيد ألا ترى أن المنة والفضل ليس مما يملك وإن كان المملوك والمستحق حاصلين للمستحق والمالك، ولام الملك والاستحقاق جميعا من صلة فعل أو معناه لا بد من ذلك، وكذلك سائر حروف الخفض كلها صلات لأفعال تتقدمها وتتأخر عنها كقولك‏:‏ الحمد لله رب العالمين؛ والمال لزيد يقدر سيبويه فيهما معنى الاستقرار تقديره عنده المال مستقر لزيد والحمد مستقر لله تعالى، وكذلك يقدر في الظروف كلها معنى الاستقرار والفراء يقدر معنى الحلول كقولك‏:‏ زيد في الدار تقديره عنده زيد حل في الدار؛ وأما الكسائي فلم يحفظ عنه في ذلك تقدير ولكن يسمى الحروف الخافضة والظروف كلها الصفات وينصبها لمخالفتها الأسماء‏.‏

باب لام كي

اعلم أن لام كي تتصل بالأفعال المستقبلة وينتصب الفعل بعدها عند البصريين بإضمار أن وعند الكوفيين اللام بنفسها ناصبة للفعل وهي في كلا المذهبيين متضمنة معنى كي وذلك قولك زرتك لتحسن إلي المعنى كي تحسن إلي وتقديره لأن تحسن إلي فالناصب للفعل أن المقدرة بعد اللام وهذه اللام عند البصريين هي الخافضة للأسماء فتكون أن والفعل بتقدير مصدر مخفوض باللام كقولك‏:‏ جئتك لتحسن إلي أي للإحسان إلي هكذا تقديره عندهم واستدلوا على صحة هذا المذهب بأن حرفا واجدا لا يكون خافضا للاسم ناصبا للفعل فجميع الحروف سوى التي تنصب الأفعال المستقبلة سوى أن ولن وإذن إنما تنصبها بإضمار أن والكوفيون يرون أن هذه الحروف أنفسها ناصبة للأفعال، ولام كي نحو قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا‏}‏ ‏[‏سورة الإسراء‏:‏ 7‏]‏ ونحو قول الفرزدق دعوت الذي سوى السموات أيده واله أدنى من وريدي وألطف ليشغل عني بعلها بزمانة فتذهله عني وعنها فنسعف يريد دعوت ربي لكي يشغل بعلها بزمانة وإنما تجيء هذه اللام مبينة سبب الفعل الذي قبلها‏.‏

باب لام الجحود

لام الجحود سبيلها في نصب الأفعال بعدها بإضمار أن سبيل لام كي عند البصريين إلا أن الفرق بينهما هو أن لام الجحود لا يجوز إظهار أن بعدها كقولك‏:‏ ما كان زيد ليخرج تقديره لأن يخرج وإظهار أن غير جائز ويجوز إظهار أن بعد لام كي كقولك‏:‏ جئتك لتحسن إلي ولو أظهرت أن فقلت جئتك لأن تحسن إلي كان ذلك جائزا ولا يجوز في لام الجحود، وكذلك لا يجوز إظهار أن بعد الفاء والواو وأو وكي وحتى إذا نصبت بعدها الأفعال وكذلك قولك‏:‏ متى تخرج فأخرج معك وسألزمك أو تقضي حقي كما قال‏:‏ امرؤ القيس فقلت له لا تبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذراووكذلك قولك‏:‏ لا تقصد زيدا فأغضب عليك كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ‏}‏ ‏[‏سورة طـه‏:‏ 61‏]‏ وكذلك قولك‏:‏ سرت حتى أدخل المدينة وفي قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ‏}‏ ‏[‏سورة البقرة‏:‏ 214‏]‏؛ لا يجوز إظهار أن في شيء من هذه المواضع، ولام الجحود إنما تعرف من لام كي بأن يسبقها جحد كقولك‏:‏ ما كان زيد ليخرج ولست لأقصد زيدا ونحو قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا‏}‏ ‏[‏سورة البقرة‏:‏ 143‏]‏ و‏:‏ ‏{‏ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 179‏]‏ ‏:‏ ‏{‏وما كان الله ليطلعكم على الغيب‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 179‏]‏ وما أشبه ذلك، فإن قال قائل فقد زعمتم أن إظهارها غير جائز فكيف يضمر مالا يجوز إظهاره وكيف نعرف حقيقة هذه الدعوى فالجواب في ذلك أن إعراب الأفعال محمول على إعراب الأسماء لأن الأسماء هي الأولى وأشد تمكنا؛ وإنما أعربت الأفعال لمضارعتها الأسماء فلما كانت الأسماء قد تنصب بمضمرات لا يجوز إظهارها كقولك‏:‏ إياك والشر لا يجوز إظهار ما نصب إياك بإجماع من النحويين، وكقول الشاعر‏:‏إياك إياك المراء، فإنه إلى الشر دعاء وللشر جالب وكقوله‏:‏ م في التحذير الأسد الأسد ولا يجوز إظهار الفعل الناصب هاهنا مع تكرير الأسد، فإن أظهرته وحدت فقلت احذر الأسد ولا يجوز أن تقول احذر الأسد الأسد ومثل ذلك قولهم الليل الليل، ومن ذلك قولهم أزيدا ضربته وقام القوم إلا زيدا ويا عبد الله أقبل لا يجوز إظهار الناصب هاهنا فأما في الاستثناء والنداء فقد ناب الحر، فإن عن الفعل فنصبا وليس معهما إضمار غيرهما؛ وأما سوى ذلك فمعه مضمر لا يجوز إظهاره، وقد يضمر ما يجوز إظهاره كرجل رأيته يضرب آخر فقلت الرأس يا هذا لو أظهرت الفعل فقلت اضرب الرأس لجاز وكقوم رأيتهم يتوقعون الهلال فكبروا فقلت الهلال تخبر أنهم رأوه ولو قلت أبصروا الهلال لجاز، وكذلك هذه الحروف الناصبة للأفعال بإضمار أن لا يجوز إظهار أن بعدها كما لم يجز إظهار الأفعال الناصبة للأسماء التي تقدم ذكرها وجاز بعد لام كي كما جاز إظهار المضمر في قولهم الرأس والهلال وما أشبه ذلك لتجري الأفعال في إضمار عواملها مجرى الأسماء إذ كانت هي الأصول‏.‏

باب لام إن

اعلم أن لام إن تدخل مؤكدة للخبر كما تدخل إن مؤكدة للجملة وكذلك قولك‏:‏ إن زيدا قائم وإن زيدا لقائم دخلت اللام في الخبر مؤكدة له كما دخلت إن مؤكدة للجملة كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ‏}‏ ‏[‏سورة إبراهيم‏:‏ 8‏]‏؛ وإن هؤلاء لشرذمة قليلون؛ و إنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون هذا مذهب سيبويه، وقال الفراء هذا كلام يقع جوابا تحقيقا بعد نفي كأن قائلا قال‏:‏ ما زيد قائم فقلت إن زيدا قائم فأدخلت إن في كلامك تحقيقا بإزاء ما النافية في كلامه، فإن قال‏:‏ ما زيد بقائم قلت إن زيدا لقائم فجعلت إن بإزاء ما و اللام بإزاء الباء، وقد اعترض في هذا الموضع فقيل وأي فائدة في إدخال الباء في خبر ما و ليس وكذلك قولك‏:‏ ما زيد بقائم وما عبد الله بقائم ونحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ‏}‏ ‏[‏سورة الزمر‏:‏ 36‏]‏؛ وما أنت بمؤمن لنا؛ و ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي؛ وما الفائدة في إدخال الباء هاهنا فكان جواب النحويين كلهم في ذلك أن قالوا أدخلت الباء في الخبر مشددة للنفي مؤكدة له، وقال الزجاج هذا قول جيد والذي عندي فيه أن الباء تؤذن بالنفي وتعلم أن أول الكلام منفي لأنه يجوز أن يسمع السامع إذا قيل له ما زيد قائما آخر الكلام دون أوله لإغفاله عنه وشغل قلبه فيجوز أن يظنه محققا من قولهم كان زيد قائما وأمسى زيد قائما وما أشبه ذلك فإذا قيل ما زيد بقائم فسمع بقائم علم أن الكلام منفي لا محالة فهذه فائدة الباء وجعلت اللام بإزائها في التحقيق وفي هذا الباب ضروب‏:‏ من السؤال أحدها أن يقال فلم أدخلت اللام في خبر إن وحدها دون سائر أخواتها فلم يجز أن يقال لعل زيدا لقائم وكأن عبد الله لشاخص وما أشبه ذلك كما قيل إن زيدا لقائم والآخر أن يقال فإذا كانت اللام مؤكدة فلم جعلت في الخبر دون الاسم وكيف كان تقدير ذلك‏.‏

والثالث أن يقال فإذا كانت مؤكدة للخبر فلم جاز دخولها وخروجها وهلا كانت لازمة؛ والرابع أن يقال فهلا اكتفى بتوكيد إن وتحقيقها لأنها أيضا إنما تؤكد الخبر لا الاسم ألا ترى أنك إذا قلت إن زيدا قائم، فإن ما أكدت القيام لا زيدا؛ والخامس أن يقال فلم تكسر إن إذا دخلت هذه اللام في خبرها ولا يجوز فتحها البتة مثل ذلك ظننت أن زيدا قائم وحسبت أن أباك شاخص فإذا أدخلت اللام كسرت إن فقلت ظننت إن زيدا لقائم وحسبت إن أخاك لشاخص وعلمت إن بكرا لقائم كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ‏}‏ ‏[‏سورة العاديات‏:‏ 11‏]‏ فكسر إن لوقوع اللام في الخبر الخبر والسادس أن يقال إذا كانت هذه اللام إنما تدخل في الأخبار كما ذكرتم فلم نراها منتقلة عن ذلك داخلة على الأسماء وهذا نقض لما أصلتموه ألا ترى أنا نقول إن في الدار لزيدا أو إن عندك لعمرا فندخل اللام على الاسم لا على الخبر كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى‏}‏ ‏[‏سورة النازعات‏:‏ 26‏]‏؛ وما أشبهه وكقوله‏:‏ إن في ذلك لآيات أولي النهى‏.‏

الجواب عن هذه المسائل

أما إدخال اللام في خبر إن دون سائر أخواتها فلأن إن داخلة على المبتدأ والخبر محققة له غير مزيلة لمعناه وهذه اللام وهي لام الابتداء الداخلة للتوكيد فجاز دخولها على خبر إن وحدها لما لم تغير معنى الابتداء ولم تدخل على سائر أخواتها لأنها تغير معنى الابتداء لما تدخل عليه من المعاني نحو دخول كأن للتشبيه والاستفهام والتقريب و ليت للتمني و لعل للترجي والتوقع واستدراك لكن بعد الجحد؛ وأما لزوم اللام في الخبر دون الاسم، فإن أصلها كان قبل أن يقال إن زيدا لقائم كان لأن زيدا قائم فاستقبحوا الجمع بين حرفين مؤكدين فجعلوا إن في الابتداء واللام في الخبر ليحسن الكلام ويعتدل، فإن قال قائل فهلا جعلت اللام في الاسم وإن في الخبر قلنا ذلك غير جائز لعلتين إحداهما أن إن عاملة فلو جعلت إن في الخبر كان يلزم أن يتقدم اسمها عليها منصوبا وذلك غير جائز فيها لضعفها وامتناعها من التصرف والأخرى أنه لو نصب بها ما يليها ورفع ما قبلها كان قد تقدمها مرفوعها وجعل منكورا وخبرها معروفا وكل ذلك غير جائز فيها فجعلت إن في الاسم لتنصبه ولا يبطل عملها وجعلت اللام في الخبر لأنه موضع قد يقع فيه ما لا تؤثر فيه إن نحو الفعل الماضي والمستقبل وحروف الخفض والجمل؛ وأما جواز دخول هذه اللام في الخبر وخروجها، فإن ذلك على مذهب سيبويه والبصريين إنما جاز لأنها زيادة في التوكيد ومشددة تحقيق إن والزيادة في التوكيد جائز أن يؤتى بها وجائز ألا يؤتى بها فإذا أتى بها كان أشد للتوكيد وأبلغ وإذا لم يؤت بها كان في إن كفاية؛ وأما على مذهب الفراء وهو مولد من هذا المذهب فليس دخولها وخروجها سواء لأن الكلام عنده يقع جوابا للنفي فقولك إن زيدا قائم جواب من قال‏:‏ ما زيد قائما وقولك‏:‏ إن زيدا لقائم جواب من قال‏:‏ ما زيد بقائم، وقد مضى شرح هذا فيما مضى من الباب وإنما قلنا إن هذا المذهب مأخوذ من مذهب سيبويه لأن قولك ما زيد بقائم أشد توكيدا للنفي من قولك ما زيد قائما فكذلك دخول اللام في الجواب وخروجها؛ وأما سؤال من قال‏:‏ هلا اكتفى بتوكيد إن وحدها فقد مضى الجواب عنه وهو أنها أعني اللام زيادة في التوكيد وتشديد له فلذلك جاز الإتيان بها وحدها ولهذا نظائر في العربية كقولك‏:‏ قام القوم كلهم أجمعون وأحد التوكيدين يغني عن الآخر، وكذلك مررت بزيد نفسه عينه ورأيت الرجلين أنفسهما أعينهما كل ذلك تشديد للتوكيد وفي واحد منه كفاية، وقد قال البصريون لما كانت إن مؤكدة للجملة واللام مؤكدة للخبر جاز الجمع بينهما لأن إن توكيد للخبر عن زيد، وقد أكدت الجملة واللام تؤكد الخبر فجاز الجمع بينهما لذلك؛ وأما كسر إن إذا دخلت اللام في خبرها وكذلك قولك‏:‏ ظننت إن زيدا لقائم وعلمت إن أخاك لمنطلق، فإن ما كسرت ولم يجز فتحها لأن أن المفتوحة مع ما تعمل فيه اسم بتأويل المصدر يحكم عليه بالرفع والنصب والخفض وإن المكسورة حرف معنى لا موضع له من الإعراب واللام التي هي خبر إن قد قلنا إنها لام الابتداء وكانت مقدرة قبل إن، ولام الابتداء تمنع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها فلم يجز لما قبل إن أن يعمل فيها واللام بينهما لأن لام الابتداء حاجز يمنع ما قبله من التخطي إلى ما بعده ألا ترى أنك تقول علمت لزيد منطلق وحلفت لأخوك قائم ولا يكون ل علمت تسلط على ما بعد اللام فكذلك كان الأصل وكذلك قولك‏:‏ علمت إن زيدا لقائم علمت لأن زيدا قائم فمنعت اللام الفعل إن يعمل في إن فبقيت مكسورة على حالها ثم أخرت اللام إلى الخبر لفظا وهي في المعنى مقدرة في موضعها كما أنك إذا قلت غلامه ضرب زيد فالغلام مقدر بعد زيد وإن كان قد وضع في غير موضعه؛ وأما دخول هذه اللام على الأسماء في بعض المواضع كقولك‏:‏ إن في الدار لزيدا وفي قول الله عز وجل‏:‏ إن في ذلك لعبرة لمن يخشى؛ وما أشبه ذلك فقد قلنا إن أصل دخولها كان في أول الكلام كما شرحنا فلما تقدم الخبر وقع اسم إن موقع خبرها مؤخرا جاز دخول اللام عليه لزوال العلة التي من أجلها لم تدخل عليه وهي الجمع بين حرفين مؤكدين في مكان واحد فاعلم ذلك وقس عليه إن شاء الله‏.‏