فصل: اللباب في الفقه الشافعي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اللباب في الفقه الشافعي ***


كتاب اللباب في الفقه الشافعي

تأليف

الإمام أبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد المحاملي الشافعي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، سيد المرسلين، وآله أجمعين‏.‏

كتاب الطهارة

باب المطهرات

المطهرات ثلاثة‏:‏ الماء، والتراب، وما يدبغ به‏.‏

فأما الماء فثلاثة أنواع‏:‏ مطهِّر، وطاهر، ونجس‏.‏

فالمطهِّر نوعان‏:‏

ما نزل من السماء، أو نبع من الأرض‏.‏

والطَّاهر ضربان‏:‏

المستعمل في الوضوء أو النجاسة، وما لم تظهر فيه النجاسة، وما يظهر فيه شيء من الحلال فيستغني الماء عنه غالبا، أو استخرج من شيء طاهر‏.‏

والنجس ضربان‏:‏

ماء قليل حصلت فيه نجاسة‏.‏

وماء كثير تغير بالنجاسة‏.‏

والكثير قلتان فصاعدا‏.‏

والقلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وهو مائتان وخمسون مَنًّا‏.‏

وهل هو تحديد أو تقريب‏؟‏ فيه وجهان‏.‏

والقليل ما دون القلتين‏.‏

وأما التراب فعلى ثلاثة أنواع‏:‏

مطهِّر، وهو‏:‏ التراب الذي لم يختلط بغيره‏.‏

وطاهر، وهو‏:‏ التراب الذي اختلط بطاهر حلال‏.‏

ونجس، وهو‏:‏ التراب الذي أصابته نجاسة؛ كتراب المقابر المنبوشة‏.‏

وأما ما يدبغ به مثل الشَّث، والقَرَظ، وقشور الرمان، والعفْص، وما تدبغ به العرب، سواء كان طاهرا أو نجسا، يجوز الدباغ به‏.‏ وكذلك الماء النجس الذي خالطه شيء من الطاهرات شبه الزّاج والقرظ‏.‏

باب الطهارات

الطهارات أربع‏:‏ الوضوء، والغسل، والتيمم، وإزالة النجاسة‏.‏

باب الوضوء

الوضوء نوعان‏:‏ فرض، وسنة‏.‏

فالفرض ما كان عن حَدَثٍ‏.‏

والسنة ثلاثة عشر‏:‏

تجديد الوضوء لكل فريضة، والوضوء في الغُسل الواجب، والوضوء للجُنُب عند النوم، وعند الوطء، وعند الأكل، والوضوء عن الغيبة، وعن حمل الميت، وعند الغضب، وعند الأذان والإقامة، وللجلوس في المسجد، والاعتكاف فيه، والمُحدث إذا أراد النوم بالليل يتوضأ، كالجُنُب، وإذا أراد قراءة القرآن عن ظهر القلب‏.‏

والوضوء يشتمل على ستة أشياء‏:‏

فرْض، ونفْل، وسنة، وأدب، وكراهية، وشرْط‏.‏

فأما الفرض، فسبعة أشياء‏:‏

النية، وغسل جميع الوجه، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح بعض الرأس، وغسل الرجلين مع الكعبين، والترتيب، والتتابع في أحد القولين‏.‏

وأما النفل، فشيء واحد، وهو‏:‏

التوضؤ مرتين مرتين‏.‏

وأما السنة فخمسة عشر شيئا‏:‏

التسمية، وغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ثلاثا، والمضمضة والاستنشاق، والمبالغة فيهما إلا أن يكون صائما فيرفق، والاستنثار، والمضمضة والاستنشاق بغرفة أو غرفتين، وتخليل اللحية الكثَّة، ومسح جميع الرأس، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد، وإدخال المسبِّحتَيْن في صماخي الأذنين، ومسح العنق، وتخليل أصابع الرجلين بالخنصر أو السبابة، والتثليث، والتيامُن، وأن يقول في آخر وضوئه‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا الله، أستغفرك وأتوب إليك‏.‏

وأما الأدب، فهو عشرة أشياء، وهي‏:‏

أن يستقبل القبلة، وأن يعقد في مكان لا يرجع عليه الماء ولا يترشّش، وأن يجعل الإناء عن يساره إن كان ضيقا، وإن كان واسعا فعن يمينه، وأن لا يستعين بغيره إلا عن الضرورة، وإن استعان جعله عن يمينه، ويبدأ في غسل الوجه بأعلاه، وفي غسل اليدين بالكفين، وفي مسح الرأس بمقدمته، وفي غسل الرجلين بالأصابع، ولا ينفض يديه، ولا يمسحهما بمنديل‏.‏

باب ما يكره في الوضوء

وهو ثلاثة أشياء‏:‏ الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر، وغَسل الرأس بدل المسح، والزيادة على ثلاث‏.‏

باب شرائط الوضوء

وهو شرط واحد، وهو‏:‏ أن يكون الماء مطلقا لا غير‏.‏

باب ما ينقض الوضوء

وهو تسعة أشياء‏:‏

أحدها‏:‏ ما يخرج من أحد السبيلين‏.‏

والثاني‏:‏ أن ينسدَّ السبيل، ويخرج الحدث من سبيل آخر‏.‏

والثالث‏:‏ ما يغلب على العقل إلا النوم قاعدا مستويا‏.‏

والرابع‏:‏ مس فرج الآدمي بباطن الكف من نفسه، أو من غيره‏.‏

والخامس‏:‏ ملامسة بدن الرجل بدن المرأة ولا حائل بينهما إلا الشعر، والظفر، والسن‏.‏ وفي مس ذوات المحارم والصغار قولان‏.‏

والسادس‏:‏ انقطاع الحدث الدائم إلا في الصلاة‏.‏

والسابع‏:‏ بطلان حكم المسح على الخفين، وفيه قول آخر‏:‏ أنه يقتصر على غسل الرجلين‏.‏

والثامن‏:‏ بطلان حكم المسح على الجبائر‏.‏

والتاسع‏:‏ بطلان التيمم إذا جمع بينه وبين الماء، وفيهما قول آخر‏.‏

باب الغسل

الاغتسال نوعان‏:‏ فرض، وسنة‏.‏

فالفرض عشرة أشياء؛ خمسة منها على الرجال والنساء، وخمسة منها على النساء دون الرجال‏.‏

فأما التي على الرجال والنساء‏:‏

فالإنزال، والتقاء الختانين، ونجاسة جميع البدن، ونجاسة بعض البدن إذا أشكل موضعها، وغسل الميت‏.‏

وأما التي على النساء دون الرجال‏:‏

فالاغتسال من الحيض، والنفاس، والولادة، والإسقاط، وخروج منيِّ الرجل من قُبُلها‏.‏

وأما الاغتسال المسنون، فاثنان وعشرون نوعا‏:‏

الاغتسال للجمعة، والاستسقاء، والخسوف، والكسوف، والعيدين؛الفطر والأضحى، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق، وعن غسل الميت في قول، والإحرام، ودخول الحرم، والوقوف بجمع، والوقوف بعرفة، وفي ثلاثة أيام منى قبل الرمي، ولدخول مكة، ولطواف الزيارة، وللحجامة، ولدخول الحمام، والاستحداد، وللإغماء، وكل حال تغير فيها البدن‏.‏

والاغتسال يشتمل على ستة أشياء‏:‏ فرض، ونفل، وسنة، وأدب، وكراهية، وشرط‏.‏

فأما الفرض، فثلاثة أشياء‏:‏ النية، والتعميم في كل البدن، والتتابع في أحد القولين‏.‏

وأما النفل فشيء واحد، وهو‏:‏ الاغتسال مرتين مرتين‏.‏

وأما السنة فثمانية أشياء‏:‏

التسمية، وغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ثلاثا، وأن يغسل ما به من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة،‏.‏ ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات من ماء، وأن يخلل شعر رأسه ولحيته، وأن يبدأ بشقه الأيمن، وأن يمر يديه على جميع بدنه وهو الدَّلك، ويقول في آخره‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله‏.‏

وأما الأدب فثمانية أشياء‏:‏

أن يستقبل القبلة، وأن يعقد في مكان لا يرجع الماء عليه ولا يترشش، وأن يجعل الإناء عن يساره، وإن كان واسعا فعن يمينه، ولا يستعين بغيره إلا عن حاجة، فإن استعان جعله عن يمينه، ويبدأ بأعلى بدنه، وأن يكون في سترة‏.‏

وأما الكراهية فشيئان‏:‏

الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر، والزيادة على ثلاث‏.‏

وأما الشرط فشيء واحد، وهو‏:‏ أن يكون الماء مطلقا‏.‏

باب ما يُمنَع الجُنُب منه

ويمتنع الجنب من ثمانية أشياء‏:‏

قراءة القرآن، وكتابته، ومسُّه، والصلاة، والسجود، والطواف، والخطبة، واللبث في المسجد، وله أن يعبُر فيه‏.‏

باب التيمم

والتيمم لا يجوز إلا بالتراب الطاهر‏.‏

وهو ضربتان‏:‏ ضربة للوجه، وضربة لليدين مع المرفقين‏.‏

وللمتيمم حالان؛ أحدهما‏:‏ يجمع بينه وبين الوضوء، والثاني‏:‏ ينفرد عن الوضوء‏.‏

فأما حالة الجمع فثلاثة‏:‏

أن يجد الماء ما لا يكفيه لطهارته، وأن يكون بعض أعضاء طهارته جريحا أو قريحا يخاف من استعمال الماء فيه التَّلف، وأن يأتي ببعض الوضوء وينضب الماء وهو مسافر لا يجد ما يتمِّم به طهارته‏.‏

وأما حالة الانفراد فخمسة عشر، في خمسة منها تُعاد الصلاة، وفي عشرة لا تُعاد‏.‏

فأما الخمسة التي تعاد الصلاة فيها‏:‏

فالتيمم لعد الماء في الحضر، وخوف فرط البرد في الحضر، والتيمم لنسيان الماء في رَحْلِه، وأن يكون على موضع التيمم لصوقا، وأن يضع الجبائر على غير طُهر‏.‏

هذه أحكام ما تُعاد فيه الصلاة‏.‏

وأما العشرة التي لا تعاد الصلاة فيها‏:‏

فالتيمم لعدم الماء في السفر‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون الماء بالشراء، ولا يجد ثمنه‏.‏

والثالث‏:‏ أن يجد ثمنه، ويحتاج إلى الثمن في نفقته‏.‏

والرابع‏:‏ أن يجده بأكثر من قيمته‏.‏

والخامس‏:‏ أن يجد الماء، ويحتاج إليه لشربه‏.‏

والسادس‏:‏ أن يجد الماء ويحتاج إلى بيعه في نفقته‏.‏

والسابع‏:‏ أن يكون بينه وبين الماء عدوٌ أو حائل‏.‏

والثامن‏:‏ أن يطّلع على ماء في بئر أو غدير، ولا يجد ما يستقي به‏.‏

والتاسع‏:‏ إذا وجد الماء، وخاف من التلف من فرط البرد، أو يخاف انقطاع الرفقة، وهذا كله في السفر‏.‏

والعاشر‏:‏ إذا كان في السفر أو في الحضر، وبه مرض يخاف من استعمال الماء فيه التّلف‏.‏

فإن خاف إبطاء البُرء، أو الشَّين، أو الزيادة في المرض فعلى قولين‏.‏

باب معرفة عمل المتيمم

والتيمم يشتمل على خمسة أشياء‏:‏ فرض، وسُنّة، وأدب، وكراهية، وشرط‏.‏

فأما الفرض فسبعة أشياء‏:‏

طلب الماء، والقصد إلى نقل التراب، والنية، ومسح جميع الوجه، ومسح اليدين مع المرفقين، والترتيب، والتتابع في أحد القولين‏.‏

وأما السنّة فخمسة أشياء‏:‏

التسمية، ومسح جميع الوجه بضربة واحدة، ومسح اليدين بضربة واحدة، ونفض اليدين بعد الاستعمال عند الضربة الأخرى، والبداءة باليمنى‏.‏

وأما الأدب فثلاثة أشياء‏:‏

استقبال القبلة، وأن يبدأ في مسح الوجه بأعلاه، وفي مسح اليدين بالكفين‏.‏

وأما الكراهية فشيئان‏:‏

استعمال التراب الكثير، والزيادة في كل عضو على مسحة واحدة‏.‏

وأما الشرط فشيء واحد‏:‏ وهو أن يكون التراب مطلقا‏.‏

باب ما ينتقض به التيمم

وينتقض التيمم بأربعة عشر شيئا، تسعة ذكرناها في نقض الوضوء، وإنما يتصور بطلان المسح على الخفين في التيمم إذا كان جامعا بينه وبين الوضوء‏.‏

وأما الخمسة الأخرى‏:‏ فوجود الماء إلا في الصلاة، ووجود ثمن الماء– أيضا– إلا في الصلاة، وتوهّم وجود الماء إلا في الصلاة أيضا، وارتفاع الشَّين الذي يتيمم له إلا في الصلاة، فإنْ سلّم لا يصلي بعده إلا بطهارة جديدة‏.‏

والخامس‏:‏ إذا نوى الإقامة في الصلاة بعد أن وجد الماء قبله‏.‏

باب الفرق بين الوضوء والتيمم

وينقص التيمم عن الوضوء في خمس مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن التيمم على عضوين‏.‏

والثانية‏:‏ أن لا يوصل التراب إلى أصول الشعر‏.‏

والثالثة‏:‏ أن لا يجمع بتيمم واحد بين فريضتين‏.‏

والرابعة‏:‏ أن لا يتيمم قبل دخول الوقت‏.‏

والخامسة‏:‏ أن لا يتيمم إلا في حال العذر‏.‏

باب إزالة النجاسة

والنجاسة أحد وعشرون نوعا‏:‏ الغائط، والبول، والرّوث، والمذي، والودي والمني، إلا منيّ الآدمي، والصّديد، والقَيْح، وماء القروح، والقيء، والكلب، والخنزير، وما تناسل منهما أو من أحدهما، والمِرَّة، والمضغة، والمشيمة، وبيض ما لا يؤكل لحمه، وبيض ما يؤكل لحمه إذا صار دمًا في أحد الوجهين، والمسكر، والماء الذي يخرج من الجوف، ولبن ما لا يؤكل لحمه إلا لبن الآدميات، والبلغم الخارج من المعدة والمتقيأ، والميتة إلا ثلاثة‏:‏ السمك، والجراد، والآدمي على أحد الوجهين، والدم إلا أربعة‏:‏ الكبد، والطِّحال، والمسك ودم السمك على أحد الوجهين‏.‏

باب كيفية إزالة النجاسات

وإزالة النجاسات على عشرة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ نجاسة تحل البدن أو الثوب، فحكمه الغَسل، فإن لم يذهب أثره فعلى وجهين‏.‏

والثاني‏:‏ نجاسة تحل المائعات، فحكمها التحريم لا تحل أبدا، إلا أن يكون دهنا فيستصبح به، أو يطلى به الدواب والزئبق في معنى المائعات إلا في شيء واحد، وهو أنه ما لم يتفتت يجوز غسله‏.‏

والثالث‏:‏ نجاسة تحل بالموت، لا ترتفع أبدا إلا عن الجلد بالدباغ، إلا جلد الكلب والخنزير وما تناسل منهما‏.‏

والرابع‏:‏ نجاسة تصيب أسفل الخُفِّ، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يطهر بالدَّلك‏.‏

والثاني‏:‏ لا يطهر إلا بالغسل‏.‏

والخامس‏:‏ نجاسة موضع الاستنجاء يطهر بالماء، ويجوز الاقتصار على ثلاثة أحجار، وما في معنى الأحجار من طاهر قالع غير مطعوم ولا محترم، وهذا إذا أنقى ما لم يتعد المخرج، فإن عدَّى المخرج، ولم ينتشر إلا ما ينتشر في العادة، ففيه قولان‏.‏

وإن زاد على ذلك لا يجزئ إلا الماء، قولا واحدا‏.‏

والسادس‏:‏ بول الصبي ما لم يطعم يرش عليه الماء حتى يغمره‏.‏

والسابع‏:‏ نجاسة الكلب والخنزير وما تناسل منهما أو من أحدهما، لا يرتفع أبدا إلا ولوغ الكلب والخنزير وما تناسل منهما، فإنه يطهر بسبع غسلات إحداهن بالتراب‏.‏

والثامن‏:‏ إذا أصاب الأرض بول، فإن كانت صلبة صبَّ عليها الماء سبعة أمثال البول، وإن كانت رخوة يقلع منها ذلك القدر‏.‏

والتاسع‏:‏ دم البراغيث فهو وما في معناه في حكم العفو‏.‏

والعاشر‏:‏ نجاسة الماء، فإن كان قليلا فلا يطهر إلا بأن يصير قلتين فصاعدا، ويذهب تغيره إن حصل فيه، وإن كان كثيرا فيطهر إذا ذهب تغيره، فإن ذهب بالتراب فعلى قولين‏.‏

باب المسح على الخفين

والمسحات تسع‏:‏

المسح في الاستنجاء، والتيمم، وعلى الجبائر، ومسح الرأس، ومسح الأذنين، والعنق، ومسح اليدين والرجلين إذا كان قطعهما فوق المفصل، والمسح على الخفين، وهو على نوعين‏:‏

مسح المقيم يوم وليلة، ومسح المسافر ثلاثة أيم ولياليهن، من وقت الحدث، فإنْ مسح في السفر ثم أقام، أو في الحضر ثم سافر أتمَّ مَسْح مُقيم‏.‏

ويجوز المسح على الخفين بسبعة شرائط‏:‏

أحدها‏:‏ أن يلبس الخفين على طهر كامل‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون ذلك الطهر بالماء‏.‏

والثالث‏:‏ أن لا يكون به حدثٌ دائم‏.‏

والرابع‏:‏ أن يكون الخف ساترا لجميع القدم‏.‏

والخامس‏:‏ أن يكون الخف بحيث يمكن متابعة المشي عليه‏.‏

والسادس‏:‏ أن لا يكون تحته خف آخر على أحد القولين‏.‏

والسابع‏:‏ أن لا يكون عاصيا بلبسه على أحد الوجهين‏.‏

ويفارق المسح على الخفين غَسْل الرجلين في ثماني مسائل‏:‏

لا يرفع الحدث، وأنه إلى مدة، ولا يصلح لمن به حَدَث دائم، وينتقض بما لا ينتقض به غسل الرِّجلين، ولا يجوز مع الحدث الأعلى، ويفترق الحال بين أن يكون مسافرا أو حاضرا، ويبطل بظهور القدم، ولا يعمُّ القدمين بالمسح‏.‏

باب الحيض

أقل ما تحيض له النساء كمال تسع سنين‏.‏

ووقت انقطاعه ستون سنة‏.‏

ويتعلق بالحيض عشرون معنىً؛ اثنا عشر منها محظوراته، وثمانية أحكامه‏.‏

فالمحظورات منهن‏:‏

أن لا تقرأ القرآن، ولا تكتبه، ولا تمسه، ولا تدخل المسجد، ولا تصلي، ولا تسجد، ولا تصوم، ولا تعتكف، ولا تطوف، ولا يأتيها زوجها، ولا يطلِّقها للسنَّة، ولا يباشرها بين سرتها وركبتها، ولا تحتضر مُحْتَضَرا‏.‏

وأما أحكامه المتعلقة به‏:‏

فالبلوغ، والاغتسال، والعِدّة، والاستبراء، وبراءة الرحم، وترك طواف الوداع، وقبول قولها فيه، وسقوط فرض الصلاة عنها‏:‏

والنساء اثنتان‏:‏ امرأة يجري حيضها على الاستقامة فذلك حكمها، وامرأة صارت مستحاضة، وهي نوعان‏:‏

مبتدأة، ومعتادة‏.‏

فالمبتدأة ترجع إلى التمييز إن كان لها تمييز، وشرائط التمييز أربعة‏:‏

أن يبلغ دم الحيض مدة أقل الحيض، وهو‏:‏ يوم وليلة، ولا يجاوز مدة أكثر الحيض، وهو‏:‏ خمسة عشر يوما، ولا يعاود قبل كمال أقل الطهر، وهو‏:‏ خمسة عشر يوما، وأكثر الطهر لا غاية له، وأن يكون بها دمان مختلفان‏.‏

وإن لم تكن المبتدأَة مُميِّزة رجعت إلى أقل الحيض في أحد القولين، وإلى غالب عادة النساء- وهي ست أو سبع- في القول الثاني‏.‏

وأما المعتادة، فإن كانت مُميِّزة رجعت إلى تمييزها، وإن لم تكن مميِّزة رجعت إلى عادتها‏.‏

فإن نسيت عادتها ففيها قولان كالمبتدَأة سواء‏.‏

وأقل النفاس دَفْعَةٌ، وأوسطه أربعون يوما، وأكثره ستون يوما‏.‏

كتاب الصلاة

اعلم أنّ الصلاة على خمسة أنواع‏:‏ فرض على الكافة، وفرض على الكفاية، وسنة، ونافلة، ومكروه‏.‏

فأما الفرض على الكافة فعلى اثني عشر نوعا‏:‏ صلاة الحضر، والسفر، والجمع، والجمعة، والخوف، وشدة الخوف، وقضاء الفرض، وإعادة الصلاة، وصلاة المريض، والغريق، والمعذور، وركعتا الطواف على أحد القولين‏.‏ وأما الفرض على الكفاية فستة‏:‏ صلاة الجنازة، مثله تجهيز الميت، ورد السلام، والجهاد، وطلب العلم، وقيل‏:‏ الأذان‏.‏

وأما السنة فعشرون نوعا‏:‏ صلاة الفطر، والأضحى، والكسوف، الخسوف، الاستسقاء، والسنن المرتبة، وركعتا الفجر، وصلاة الضحى، وصلاة التوبة، وقيام الليل، والتراويح، وتحية المسجد، وصلاة التسبيح، والاستخارة، والزوال، وقضاء السنن، والرجوع من السفر والصلاة بعد الوضوء، والصلاة بعد الأذان، والسجود‏.‏

فما كان منها بجماعة فهو آكدها، وما لم يكن بجماعة آكدها الوتر، وركعتا الفجر، وصلاة التهجد‏.‏

وأما النافلة من الصلاة فهي غير محصورة‏.‏

وأما المكروه فهو خمسة أنواع، وهو‏:‏ أن يصلي وهو جائع، أو حازق، أو حاقن، أو حاقب، أو عطشان، والنافلة في الأوقات المنهية إلا أن يكون لها سبب، والنافلة عند الخطبة إلا ركعتي التحية، والصلاة منفردا في المسجد في وقت الجماعة‏.‏

باب أحكام الصلاة

اعلم أنّ الصلاة تشتمل على ثلاثة أشياء‏:‏ شرائط، وفرائض، وسنن‏.‏

باب شرائط الصلاة

وشرائط الصلاة سبعة‏:‏

أحدها‏:‏ ستر العورة مع القدرة، فإن لم يجد ثوبا طاهرا، أو وجد ثوبا نجسا لا يجد ما يغسله به صلى عريانا ويجزئه ولا قضاء عليه‏.‏

والثاني‏:‏ استقبال القبلة إلا في ثلاثة أحوال‏.‏

النافلة في السفر؛ راكبا كان أو ماشيا، وحال شدة الخوف، وحال اشتباه القبلة، فإن تيقن مضادتها أعاد الصلاة في أحد القولين‏.‏

وحال اشتباه القبلة مخالف لشدة الخوف‏.‏

والثالث‏:‏ الوقت إلا في ثلاثة مواضع‏:‏ في السفر، والمطر، والحج‏.‏

والرابع‏:‏ الطهارة عن الحدث إلا أن لا يجد طهورا فيصلي بلا طهارة ويعيد‏.‏

والخامس‏:‏ طهارة البدن عن النجاسة‏.‏

والسادس‏:‏ طهارة الثوب عن النجاسة‏.‏

والسابع‏:‏ طهارة المكان عن النجاسة‏.‏

ويصلي مع النجاسة في ست مسائل؛ ثلاثة منها تعاد الصلاة فيها، وثلاثة منها لا تعاد الصلاة فيها‏.‏

فأما التي تعاد الصلاة فيها‏:‏ فدم البراغيث، وأثر النجاسة في موضع الاستنجاء بعد الاستنجاء، والصلاة بالنجاسة مع الجهل بها على أحد القولين‏.‏ وأما التي تعاد منها الصلاة‏:‏ فنجاسة على البدن أو الثوب ولا يجد ما يغسلها به‏.‏

والثاني‏:‏ أن يجد الماء ويخاف من استعماله التلف‏.‏

والثالث‏:‏ أن ينسى النجاسة حتى يصلي ثم يتذكر‏.‏

باب فرائض الصلاة

اعلم أنّ فرائض الصلاة ثمانية عشر‏.‏

النية، والتكبير، ومقارنة النية للتكبير، والقيام، وقراءة فاتحة الكتاب إن أحسنها، فإن لم يحسنها قرأ بقدرها من القرآن، فإن لم يحسن شيئا من القرآن يسبح الله ويحمده، والركوع والطمأنينة فيه، والانتصاب من الركوع، والطمأنينة فيه، والسجود على الجبهة، وفي سائر أعضاء السجود قولان، والطمأنينة في السجود، والانتصاب من السجود، والقعدة الأخيرة، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة على آله في أحد الوجهين، والتسليمة الأولى، ونية الخروج من الصلاة على قول بعضهم، الترتيب‏.‏

باب سنن الصلاة

وسنن الصلاة نوعان‏:‏

نوع أبعاض‏:‏ يُجبر تركها بسجود السهو‏.‏

وهيئات لا تُجبر بسجود السهو‏.‏

فأما ما يُجبر فخمسة، وهي الأبعاض‏:‏ القنوت، والقيام للقنوت، والتشهد الأول، والقعود للتشهد الأول، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول‏.‏

وأما الهيئات فأربعون شيئا‏:‏ رفع اليدين عند الإحرام مع التكبير حذو المنكبين، وأن يمدهما عند الرفع مدّا، وأن ينشر أصابعهما نشرا وأن يضع يده اليمنى على اليسرى، وأن يجعلهما تحت صدره، ودعاء الاستفتاح، والتعوذ، والجهر في صلاة الجهر، والسر في صلاة السر، والتأمين، ورفع الصوت بالتأمين في صلاة الجهر، وقراءة سورة بعد الفاتحة، والتكبير للركوع، ورفع اليدين مع التكبير، ووضح الراحتين على الركبتين في الركوع، والتسبيح في الركوع، والدعاء عند الارتفاع من الركوع، ورفع اليدين مع الدعاء، والتكبير للسجود، وأن يكون أول ما يقع على الأرض منه ركبتاه ثم يداه، ثم جبهته وأنفه، والتسبيح في السجود، وأن يجعل يديه في السجود حذو منكبيه، وأن يضم أصابعه في السجود، وأن يجافي عضديه عن جنبيه في السجود، وأن يُقِلَّ بطنه عن فخذيه، وأن يجعل أصابع رجليه في السجود إلى القبلة، والتكبير عند الارتفاع من السجود، والدعاء بين السجدتين، وأن يكون قعوده بين السجدتين على رِجله اليسرى، وينصب اليمنى، والقعود بعد السجدة الثانية قبل القيام، وإذا قام اعتمد على الأرض بيديه، ويقعد في التشهد الأول مثل القعود بين السجدتين مفترشا، والتكبير عند القيام من التشهد الأول، ورفع اليدين عند القيام منه، وأن يشير بالسبابة في التشهد عند الشهادة، وأن يجعل السبابة في حال الإشارة منحنية، وأن لا يجاوز بصره مصلاّّه، وأن يقعد في التشهد الأخير على وركه اليسرى، وأن يضع يديه في التشهدين على فخذيه، وأن يقبض أصابع يده اليمنى إلا السبابة، والتعوذ من عذاب القبر في التشهد الأخير، والتسليمة الأخيرة، وأن يحوِّل وجهه يمينا وشمالا في التسليمتين‏.‏

باب ما يُكره في الصلاة

ويُكره في الصلاة أربعة عشر شيئا‏:‏

أن يكبِّر للإحرام ويداه في كميه، والالتفات، وأن يشير بما يفهم، فإن كان أخرس بطلت صلاته، والجهر في صلاة السر، والسر في صلاة الجهر، والجهر خلف الإمام، وسرعة الصلاة، وأن يسجد ويداه في كُمَّيه، وضمُّ الإبطين في السجود، ووضع البطن على الفخذ في السجود، والإقعاء ونَقْرَة الغراب، وافتراش الذراعين كافتراش السَّبُع، وأن يوطِّنَ الرجل المكان الواحد كما يوطِّن البعير‏.‏

باب ما يُفسد الصلاة

اعلم أنّ ما يفسد الصلاة عشرون شيئا‏:‏

الحدث عمدا أو سهوا، فإن سبقه الحدث فعلى قولين‏.‏ والكلام، وحديث العمد، والأكل، والشرب، والعمل الكثير عمدا، والعمل السهو إذا تطاول على أحد القولين، والقهقهة، وترْك وفعْل شيء من أركان الصلاة على الشك، وكشف العورة، وترْك الاستقبال، وإصابة النجاسة الكثيرة بدنه أو ثوبه، والارتداد عن الإسلام، ونية الخروج من الصلاة، ونية إفساد الصلاة، والزيادة في الفرائض عمدا إلا قراءة فاتحة الكتاب مرتين فإن فيه وجهين، والنقصان من بعض فرائضها، وتقديم بعض فرائضها على بعض عمدا، ووجود الثوب إذا كان عريانا وكان الثوب بعيدا منه، والأَمَة إذا أعتقت في الصلاة ورأسها مكشوف ولا ثوب بقربها، وقطع ركن من أركان الصلاة قبل إتمامه‏.‏

باب الأذان

اعلم أن الأذان على ثلاثة أنواع‏:‏ فاسد، ومكروه، وصحيح‏.‏

فالفاسد خمسة‏:‏ أذان المرأة، والكافر، والمجنون، ومستدبر القبلة، وقبل الوقت، إلا اثنين‏:‏ أذان الصبح، فإنه يؤذن للصبح ليلا، وأذان الجمعة قبل الخطبة، فإنه يؤذّن قبل الزوال‏.‏

وأذان السكران في معنى أذان المجنون‏.‏

وأما المكروه‏:‏ فأذان الجُنُب‏.‏

وأما الأذان الصحيح فسائر الأذانات‏.‏

ويبطل الأذان بستة أشياء‏:‏

الارتداد، والإغماء، والتولي عن القبلة، وأن يقطِّعه قطْعا بعيدا، والسُّكْر، وأن يترك من كلماته شيئا عمدا، أو سهوا حتى يتطاول الفصل‏.‏

والسُّنة في الأذان الصحيح خمسة أشياء‏:‏

أن يجعل أصبعيه في صِماخي أذنيه، ويرفع صوته قدر ما عليه، والترتيل، والترجيع، وأن يحوِّل وجهه في الدعاء يمينا وشمالا‏.‏

والكراهية في الأذان الصحيح أربعة أشياء‏:‏

التغنّي، والتمطيط، والكلام في خلال الأذان، والأذان قاعدا مع القدرة على القيام‏.‏

والإقامة كالأذان، وتُخالفه في أربع مسائل‏:‏

الإفراد، والإدراج، ولا تجوز إلا في الوقت، ويقام للفوائت إذا اجتمعت ولا يؤذَّن لها‏.‏

باب المواقيت

اعلم أنّ وقت الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، فإذا زاد عليه أدنى زيادة دخل بعده وقت العصر حتى يصير ظل كل شيء مثليْه، فإذا زاد على ذلك خرج وقت الاختيار وبقي وقت الجواز إلى غروب الشمس‏.‏

فإذا غربت الشمس ذهب وقت العصر، ودخل وقت المغرب، ولا وقت لها إلا وقت واحد‏.‏

فإذا غاب الشفق وهو الحمرة؛ دخل وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل أو نصفه، على اختلاف القولين‏.‏

فإذا انفجر الصبح الثاني دخل وقت الصبح إلى الإسفار، ثم وقت الجواز باقٍ إلى طلوع الشمس‏.‏

وإذا أدرك المعذور من آخر وقت العصر أو العشاء الآخرة قدْر ركعة؛ فقد أدرك الصلاة، فإن كان أقل من ذلك فعلى قولين‏.‏

ومتى جعلناه مدركا لها، فهل يكون مدركا للتي قبلها‏؟‏ على قولين‏.‏

والمعذور خمسة‏:‏ الكافر إذا أسلم، والحائض إذا ارتفع حيضها، والنُّفَساء إذا انقطع دمها، والصبي إذا بلغ، والمجنون إذا أفاق‏.‏

باب الإمامة

اعلم أن الناس في الإمامة على سبعة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ من لا تجوز إمامته بحال، وهم خمسة‏:‏ المجنون، والكافر، والأَرتُّ، والأثلغ، ومن لحنُه يُحيل المعنى‏.‏

والثاني‏:‏ من تصح إمامته في حال، ولا تصح في حال، وهو‏:‏ الجُنُب، والمُحدِث، ومن على بدنه أو ثوبه نجاسة، تجوز الصلاة خلفهم مع الجهل بحالهم، ولا تجوز مع العلم‏.‏

والثالث‏:‏ من تجوز إمامته لقوم دون قوم، وهو‏:‏ الأُمِّي، والمرأة، والخنثى‏.‏

والرابع‏:‏ من تصحّ إمامته في صلاة ولا تصحّ في صلاة، وهو‏:‏ المسافر، والعبد، والصبي لا تصح إمامتهم في صلاة الجمعة على أحد القولين‏.‏

والخامس‏:‏ من تُكره إمامته، مثل ولد الزنا، والمُظهر للفسق، والمُظهر للبدعة‏.‏

والسادس‏:‏ من تصح إمامته، وغيره يُختار، وهم خمسة‏:‏ العبد، والمُكاتب، والمدبَّر، ومن بعضه حرّ وبعضه عبد، والأعمى على أحد القولين‏.‏

والسابع‏:‏ من تختار إمامته، وهو من سلم من هذه الآفات، فيُقَدَّم الأفقه، ثم الأقرأ، ثم الأقدم هجرة، ثم الأشرف في النسب، ثم الأورع، ثم الأسنّ، ثم الأحسن وجها‏.‏

باب صلاة الحضر

اعلم أنّ صلاة الحضر سبع عشرة ركعة، فيها سبعة عشر ركوعا، وأربع وثلاثون سجدة، وتسع جلسات، وأربع وتسعون تكبيرة، وخمس تسليمات‏.‏

باب صلاة السّفر

اعلم أنّ صلاة السفر مثل صلاة الحضر، إلا أنه بالخيار إن شاء أتم، وإن شاء اقتصر في الظهر، والعصر، والعشاء الأخيرة على ركعتين‏.‏

ولا يجوز القصر إلا بثمانية شرائط‏:‏

أحدها‏:‏ أن يكون سفره ستة عشر فرسخا فأكثر‏.‏

الثاني‏:‏ أن لا يكون عاصيا بسفره‏.‏

الثالث‏:‏ أن يكون وقت الصلاة باقيا على أحد القولين، إلا في الجمع بين الصلاتين‏.‏

الرابع‏:‏ أن ينوي القصر في أول صلاته‏.‏

الخامس‏:‏ أن لا ينوي الإتمام في خلال صلاته‏.‏

السادس‏:‏ أن لا يقتدي بمن لا يعرف هل نوى القصر أم لا‏؟‏‏.‏

السابع‏:‏ أن لا يقتدي بمقيم‏.‏

الثامن‏:‏ أن لا ينوي المقام أربعا‏.‏

باب الجمع بين الصلاتين

اعلم أنّ الجمع بين الصلاتين يقع في ثلاثة مواضع‏:‏

أحدها‏:‏ في السفر إن شاء قدم العصر إلى الظهر، والعشاء الآخرة إلى المغرب، وإن شاء أخر الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء‏.‏

الثاني‏:‏ الجمع في الحج؛ يُقدِّم العصر إلى الظهر بعرفة، ويُؤخِّر المغرب إلى العشاء بمزدلفة‏.‏

الثالث‏:‏ الجمع في المطر؛ يُقدِّم العصر إلى الظهر، والعشاء الآخرة إلى المغرب، ولا يجوز التأخير‏.‏

وإنما يجوز الجمع بين الصلاتين بشرطين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن ينوي الجمع عند تحريمة الصلاة الأولى في أحد القولين، وقبل التسليمة الأولى في القول الثاني‏.‏

والشرط الثاني‏:‏ أن يبقى العذر المبيح للجمع إلى آخر الصلاة‏.‏

باب صلاة الجمعة

والجمعة تجب بأربعة شرائط‏:‏ المقام، والعدد، والوقت، والخطبة‏.‏

فأما المقام، فهو‏:‏ أن تكون الدار دار إقامة‏.‏

وأما العدد، فيتعيَّن أربعون رجلا، دون الإمام في أحد القولين، وأن يكونوا مسلمين، بالغين، عاقلين، أحرارا، ذكورا، مقيمين، لا يظعنون عنها شتاءً ولا صيفاً، إلا ظعْن الحاجة‏.‏

وأما الوقت، فهو‏:‏ من عند الزوال إلى أن يصير ظلّ كل شيء مثله، فإن فات الوقت وهم في الصلاة أتموها ظهرا‏.‏

وأما الخطبة، فمن شرائطها ستة أشياء‏:‏

أن تكون خطبتين، وأن يكون الخطيب متطهِّرا من الحدَث حين الخطبة، وأن يقعد بين الخطبتين، وأن يكون بحضرة من تنعقد بهم الجمعة، وأن تكون في الوقت، وأن يكون الخطيب ممن تنعقد به الجمعة‏.‏

وصفة الخطبة‏:‏ أن يحمد الله عزّ وجلّ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقرأ آية من القرآن، ويعِظَ الناس في الخطبة، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات‏.‏

والناس في الجمعة على أربع مراتب‏:‏

أحدها‏:‏ من لا تنعقد به الجمعة، ولا تجب عليه، وهو‏:‏ العبد، والصبي، والمرأة، والمسافر، والخنثى المُشْكِل‏.‏

والثاني‏:‏ من تنعقد به الجمعة، ولا تجب عليه، وهو‏:‏ المريض، ومن يتعهَّد منزولا به‏.‏

والثالث‏:‏ من تلزمه الجمعة، ولا تنعقد به، وهو اثنان‏.‏

أحدهما‏:‏ المسافر إذا زاد مقامه على أربعة أيام، وهو على نية السفر‏.‏

الثاني‏:‏ من داره خارج البلد وينتهي النداء إليه‏.‏

والرابع‏:‏ من تلزمه الجمعة، وتنعقد به، وهو‏:‏ المقيم، الصحيح البالغ، العاقل الحر، الذي لا عذر له‏.‏

باب صلاة الخوف

اعلم أن صلاة الخوف على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ في السفر، والثاني‏:‏ في الحضر‏.‏

فإن كان في السفر يصلي بالطائفة الأولى ركعة، فإذا فرغ أتموا لأنفسكم ومروا إلى المصاحف، وجاءت الطائفة المقابلة، فيصلي بهم الركعة الثانية، ويثبت الإمام جالسا، ويتمون لأنفسكم، فإذا فرغوا سلم بهم الإمام‏.‏

وإن كانوا في الحضر صلى بكل فرقة ركعتين على هذه الصفة، فإن كانت الصلاة صلاة المغرب، صلى بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة‏.‏

والخوف من السبع، والثعبان، والحريق، الغريق، والحيَّة، مثل الخوف من العدو، والخوف على المال مثل الخوف على الروح‏.‏

باب شدة الخوف

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً‏}‏ قال ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ مستقبلي القبلة وغير مستقبليها؛ يعني‏:‏ في شدة الخوف، يصلون ركبانا أو رجالا عدوا أو مشيا، فإذا أمن فإن كان راكبا نزل وبنى، وإن اشتد الخوف فركب ابتدأ‏.‏

باب قضاء الفرض

ويقضي فرض الصلاة في أي وقت ذكر وقدر، إلا في حالتين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يخاف فوت الحاضرة فيبدأ بها‏.‏

الثانية‏:‏ إذا وجد ثوبا في رفقة وهم عراة، فإنه لا يصلي حتى ينتهي إليه الثوب، وكذلك في صلاة الوقت إن ذهب الوقت‏.‏

باب إعادة الصلاة

ومن صلى على السلامة ثم أدرك جماعة، فإن صلى منفردا أعاد، قولا واحدا، وإن كان قد صلى بجماعة أعاد الظهر والعشاءين، وفي الصبح والعصر قولان‏.‏

باب صلاة المريض

يصلي المريض كيفما أمكنه قائما، أو قاعدا، أو مضطجعا، أو مومئا، ولا إعادة عليه‏.‏

باب صلاة الغريق

ويصلّي الغريق كيفما أمكنه مومئا أو غير مومئ، فإن صلى مومئا أعادها‏.‏

باب صلاة المعذور

والمعذور من أدرك اليسير من آخر وقت الصلاة، وقد بيّنا حكمه فيما مضى، ويكون ذلك أداءً لا قضاءً إذا افتتح الصلاة في الوقت، وإن وقع أكثرها خارج الوقت‏.‏

باب ركعتي الطواف

اعلم أن ركعتي الطواف واجبتان على أحد القولين، فإذا طاف طوافين‏:‏ فقد قيل‏:‏ يصلي أربع ركعات عقيبهما، وقد قيل‏:‏ يصلي عقيب كل طواف ركعتين‏.‏

باب صلاة الجنازة

تضمن صلاة الجنازة شيئين‏:‏ فرائض، وسننا‏.‏

فالفرائض تسعة أشياء‏:‏ النية، وتكبيرة الإحرام، ومقارنة النية للتكبير، والتكبيرات، والقيام، وقراءة الفاتحة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت، والتسليمة الأولى‏.‏

وأما السنن فستة أشياء‏:‏

التسمية، والاستفتاح، والتعوذ، ورفع اليدين، ووضع اليمين على اليسار، والسلام الأخير‏.‏

فصل ‏[‏أضرب الموتى في الغسل والصلاة‏]‏

والموتى على أربعة أضرب‏:‏

أحدها‏:‏ من لا يُغَسَّل ولا يُصلَّى عليه، كالكافر، والسقط الذي لم يتحرك ولم يستهل‏.‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

والثالث‏:‏ من يُصلى عليه ولا يُغسل، وهو‏:‏ الميت الذي يُخاف أن يتفتت إذا غُسل‏.‏

والرابع‏:‏ من يُغسل ويُصلى عليه كسائر الموتى المسلمين، وأما المحرم إذا مات فإنه يُغسل ويُصلى عليه، ولا يُخمر وجهه، ولا رأسه، ولا يُقرب طيبا‏.‏

باب صلاة الفطر

ويُصلى الفطر ركعتين كسائر الصلوات إلا أنه بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح يكبر سبع تكبيرات، ويهلل، ويكبر، ويسبح بين كل تكبيرتين قدر آية، ثم يركع مكبرا، ويكبر في الركعة الثانية بعد تكبيرة القيام خمس تكبيرات كما ذكرناه‏.‏

ويخطب الإمام بعدها خطبتين، يكبر في الخطبة الأولى تسعا، وفي الثانية سبعا، متواليات‏.‏

ويكبر لها من حين يرى الهلال حتى يفتتح الصلاة‏.‏

باب صلاة الأضحى

وصلاة الضحى مثل صلاة الفطر، إلا أن تكبيراتها تُفتتح من غداة يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، ويكبر خلف الفرائض، وخلف النوافل في أحد القولين، وسواء كانت الفرائض أداء أو قضاء، إلا صلاة الجنازة، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، فإنه لا يكبر خلفها‏.‏

باب صلاة الكسوف

وصلاة الكسوف ركعتان، تجوز جماعة وفرادى، وفي كل ركعة قيامان، قراءتان، وركوعان، وسجودان، ثم يخطب الإمام بعدها خطبتين، ويسر في الصلاة؛ لأنها صلاة نهار‏.‏

باب صلاة الخسوف

وصلاة الخسوف مثل صلاة الكسوف، إلا أنه يجهر فيها؛ لأنها صلاة ليل‏.‏

باب صلاة الاستسقاء

وصلاة الاستسقاء ركعتان مثل صلاة العيد سواء، إلا أنه يكثر الاستغفار في خطبته ويقرأ قول الله عز وجل ‏:‏ ‏{‏فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً‏}‏، ويحول رداءه‏.‏

باب السنن المرتبة

ويصلي قبل الفجر ركعتين، يقرأ في الأولى- بعد فاتحة الكتاب- بـ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ وفي الثانية ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏

ويصلي قبل الظهر أربع ركعات بتسليمتين، ويصلي بعدها ركعتين، فإن كانت صلاة الجمعة يصلي بعدها أربع ركعات بتسليمتين‏.‏

ويصلي قبل العصر أربعا‏.‏

ويصلي بعد المغرب ركعتين، يقرأ في الأولى- بعد الفاتحة- بـ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ وفي الثانية ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏‏.‏

ويصلي بعد العشاء الآخرة ركعتين‏.‏

ويصلي بين كل أذانين ركعتين، إلا المغرب‏.‏

باب صلاة الوتر

وصلاة الوتر على تسعة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ ركعة واحدة‏.‏

والثاني‏:‏ ثلاث ركعات يفصل الأولتين عن الثانية بتسليمة‏.‏

والثالث‏:‏ خمس ركعات، لا يقعد إلا في آخرهن ويسلم‏.‏

والرابع‏:‏ سبع ركعات، يقعد في السادسة، ويتشهد ولا يسلم، ثم يقوم إلى السابعة فيتمها ويسلم‏.‏

والخامس‏:‏ تسع ركعات، يتشهد في الثامنة ولا يسلم، ثم يقوم إلى التاسعة ثم يسلم‏.‏

والسادس‏:‏ إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل ركعتين، ثم يركع في آخرهن ركعة واحدة،ولا يقنت فيها إلا في النصف الأخير من شهر رمضان، وأما في صلاة الصبح فيقنت دائما وإذا قنت الإمام أمّن من خلفه، والمستحب له أن لا ينام إلا على وتر‏.‏

باب ركعتي الوتر

ويصلي بعد الوتر ركعتين قاعدا متربِّعا، يقرأ في الأولى- بعد الفاتحة- ‏{‏إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا‏}‏، وفي الثانية- بعد الفاتحة- ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏، وإذا ركع وضع يديه على الأرض، ويثني رجليه كما يركع القائم، ومثله يثني رجليه في السجود‏.‏

باب صلاة الضحى

قال الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِشْرَاقِ‏}‏، قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ الإشراق‏:‏ صلاة الضحى‏.‏

وروى أبو هريرة، وأبو ذر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ إنها صلاة الأوّابين‏.‏

وهي على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ ركعتان‏.‏ رواه أبو هريرة، وأبو ذر، وبريدة الأسلمي رضي الله عنهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

والثاني‏:‏ ما روت أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة صلى سُبْحَة الضحى ثماني ركعات، وسلّم بين كل ركعتين‏.‏

وفي بعض الروايات‏:‏ فما رأيتُه صلّى صلاة أخفّ منها، غير أنه كان يُتمُّ الركوع والسجود‏.‏

قيل‏:‏ أقلُّها أربع ركعات، وأكثرُها اثنتا عشرة ركعة‏.‏ ومن دخل مكة فأراد أن يصلّي الضحى أول يوم اغتسل وصلاّها، فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة‏.‏

باب صلاة التوبة

وصلاة التوبة، ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، فإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف صدّقته، وحدّثني أبو بكر رضي الله عنه، وصدق أبو بكر رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ يس من عبد يذنب ذنبا فيقوم فيتوضأ، فيحسن الوضوء، ثم يصلّي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له‏.‏

باب قيام الليل

وقيام الليل سنّة، وهو على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يصلّي جميع الليل‏.‏

والثاني‏:‏ أن يصلّي بعض الليل، فإن صلّى اثنتي عشرة ركعة، فإن زاد على ذلك لم يُكرَه‏.‏

باب صلاة التراويح

وهي عشرون ركعة، ويستحب فيها الإفراد، فإن صلّى بجماعة لم يُكره، ويصلّي الوتر بعدها‏.‏

باب تحية المسجد

والمستحب لكل من دخل المسجد أن يصلّي ركعتين قبل أن يقعد في أي وقت كان، وهذا لمن كان دخوله المسجد أحيانا‏.‏

فأما من يتواتر دخوله المسجد في الساعة الواحدة مرارا، فإن لم يصلّ التحيّة كل مرة رجوت أن يُجزئه‏.‏

والتحيّات ثلاث‏:‏

أحدها‏:‏ تحية المسجد ركعتان‏.‏

والثانية‏:‏ تحية البلد الحرام الإحرام بحج أو عمرة‏.‏

والثالثة‏:‏ تحية البيت العتيق إذا دخل المسجد الحرام الطواف‏.‏

وتكره تحية المسجد في حالتين‏:‏

أحدهما‏:‏ إذا وجد الإمام في المكتوبة‏.‏

والثانية‏:‏ إذا دخل المسجد الحرام فإنه يشتغل بالطواف‏.‏

باب صلاة التسبيح

روى عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس بذاك الصّحيح- أنه قال للعباس رضي الله عنه‏:‏ يا عباس، يا عمّاه ألا أعطيك، ألا أخبرك، وفي رواية أخرى‏:‏ ألا أحبوك، ألا أفعل لك عشر خصال، إذ أنت فعلتَ ذلك، غفر الله لك ذنبك، أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وكبيره وصغيره، وسرّه وعلانيته، وهو‏:‏ أن تصلّي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول كل ركعة قلت وأنت قائم‏:‏ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقول وأنت راكع عشر مرات، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتجلس للاستراحة فتقولها عشرا، ثم تسجد ثانيا فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا، فذلك خمسة وسبعون تسبيحة وفي كل ركعة تفعل مثل ذلك، فيكون في أربع ركعات ثلاثمائة تسبيحة، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرّة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة واحدة

باب صلاة الاستخارة

وصلاة الاستخارة، ما رواه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ما كتب الله له، ثم حمد ربّه ومجَّده، وقال‏:‏ اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب، اللهم إن كنتَ تعلم أنّ هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال‏:‏ في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي، وإن كنتَ تعلم أنّ هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال‏:‏ في عاجل أمري وآجله فاصرفه عنّي، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني، ويسمي حاجته‏.‏ انفرد به البخاري‏.‏

باب صلاة الزوال

ويصلي ركعتين إذا زالت الشمس يقرأ فيهما ما شاء أن يقرأ‏.‏

باب قضاء السنن

والسنن نوعان‏:‏

أحدهما‏:‏ صلاة الجماعة كالخسوف، والكسوف، والعيدين، والاستسقاء، فإذا فات لم يقضَ، وفي العيدين قول آخر أنها تُقضى‏.‏

والثاني‏:‏ صلاة الانفراد، يقضيها متى أراد، إلا الوتر، فإنه لا يقضيه بعد طلوع الشمس، وإلا ركعتي الفجر فإنه لا يقضيهما بعد الزوال‏.‏

باب الصلاة عند الرجوع من السفر

فإذا رجع من السفر، فالسنّة أن لا يدخل بيته حتى يصلّي ركعتين في المسجد، فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

باب الصلاة بعد الوضوء

ويصلّي بعد الوضوء ركعتين، سواء كان الوضوء عن حَدَث أو تجديد الوضوء، وذلك سنّة‏.‏

باب السجود

والسجود خمسة‏:‏

أحدها‏:‏ سجود صلب الصلاة‏.‏

والثاني‏:‏ السجود الذي يلزم بحق الائتمام‏.‏

والثالث‏:‏ سجود التلاوة، وهي أربع عشرة سجدة، سوى سجدة ‏{‏ص‏}‏‏.‏

والرابع‏:‏ سجود الشّكر‏.‏

والخامس‏:‏ سجود السهو، وهو على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ يسجد بسهو نفسه‏.‏

والثاني‏:‏ يسجد بسهو إمامه‏.‏

‏.‏والمعاني التي يلزم بها سجود السهو ثلاثة عشر‏:‏

أن يترك التشهد الأول، أو القعود للتشهد الأول، أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، أو القنوت، أو القيام للقنوت، أو تكرار ركن من أركان الصلاة، أو ترك ركنا من أركان الصلاة على وجه السّهو، أو القيام في موضع القعود، أو التشهد في موضع القيام، أو القيام إلى ركعة زائدة، أو القعود في موضع القيام، أو الشك في الصلاة، أو الانصراف من الصلاة، وفي معناه‏:‏ أن تُحوِّل الدابة أو الريح وجهَه عن القبلة، أو السلام، أو الكلام ناسيا‏.‏

ومحلّ سجود السهو في آخر الصلاة قبل السلام، خلافا لأبي حنيفة فإنه قال‏:‏ بعد السلام‏.‏

فصل ‏[‏هل يسجد للسهو أكثر من مرة واحدة‏]‏

ولا يسجد للسهو في صلاة واحدة إلا مرة واحدة، إلا في عشر مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ المسبوق يسجد مع إمامه بسهو إمامه، ثم يسجد ثانيا في آخر صلاته‏.‏

والثانية‏:‏ إذا سجد للسهو ثم سها ثانيا‏.‏

والثالثة‏:‏ إذا سها في سجود السهو في قول بعض أصحابنا يسجد للسهو‏.‏

والرابعة‏:‏ إذا سجد للسهو في صلاة الجمعة، وخرج الوقت قبل السلام أتمها ظهرا، ويسجد للسهو ثانيا‏.‏

والخامسة‏:‏ إذا سجد للسهو في الجمعة، وانفضّوا عنه قبل السلام أتمها ظهرا على أحد القولين ويسجد للسهو ثانيا‏.‏

والسادسة‏:‏ إذا سجد المسافر للسهو ثم نوى الإتمام قبل السلام‏.‏

والسابعة‏:‏ إذا سجد المسافر للسهو ثم نوى الإقامة قبل السلام‏.‏

والثامنة‏:‏ إذا سجد المسافر للسهو في السّفينة، ثم اتصلت السفينة بدار الإقامة قبل السلام‏.‏

والتاسعة‏:‏ إذا سجد المسافر للسهو فخرج الوقت قبل السلام في أحد القولين‏.‏

والعاشرة‏:‏ إذا سجد المسافر لسهوه، فمنعه من سفره قبل السلام من له منْعُه، وهم أربعة‏:‏ السيد، والزوج، والوالدان، والغريم‏.‏

باب ما يلزم المأموم نحو الائتمام

ويلزم المأموم عند الائتمام ثلاثة عشر شيئا‏:‏

أحدها‏:‏ القيام بعد الركوع إذا أدرك الإمامَ في تلك الحالة‏.‏

والثاني‏:‏ السجود‏.‏

والثالث‏:‏ القعود بين السجدتين‏.‏

والرابع‏:‏ القعدة بين السجدة والقيام‏.‏

والخامس‏:‏ التشهد في الركعة الأولى‏.‏

والسادس‏:‏ القعود للتشهد في الركعة الأولى‏.‏

والسابع‏:‏ التشهد في الركعة الثالثة‏.‏

والثامن‏:‏ القعود للتشهد في الركعة الثالثة‏.‏

والتاسع‏:‏ القنوت‏.‏

والعاشر‏:‏ القيام للقنوت‏.‏

والحادي عشر‏:‏ سجود السهو‏.‏

والثاني عشر‏:‏ سجود التلاوة‏.‏

والثالث عشر‏:‏ الإتمام إذا اقتدى المسافر بمقيم‏.‏

باب ما يسقط عن المأموم بالائتمام

ويسقط عن المأموم بحق الائتمام سبعة أشياء‏:‏

القيام، والقراءة إذا أدرك الإمامَ في الركوع، والسورة في أحد القولين، والجهر في صلاة الجهر، والتشهد الأول، والقعود للتشهد الأول، وسجود السهو‏.‏

باب صلاة النوافل

وتستحب صلاة النفل في جميع الأوقات، إلا في خمسة‏:‏

بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعند الطلوع، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وعند الغروب، وعند القائمة للزوال إلا في ثلاثة أحوال‏:‏

أن تكون نافلة لها سبب، وبمكة، ويوم الجمعة‏.‏

باب فضل صلاة الجماعة والعذر بتركها

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا متفق عليه‏.‏

وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة متفق عليه‏.‏

قال أبو عيسى الترمذي‏:‏ وعامة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قالوا‏:‏ خمسا وعشرين، إلا ابن عمر رضي الله عنه فإنه قال‏:‏ بسبع وعشرين‏.‏

قلت‏:‏ واختلف العلماء في تأويله، فقيل‏:‏ الدرجة أصغر من الجزء، فكأن الخمسة وعشرين جزءا إذا جُزّئت درجات كانت سبعا وعشرين درجة‏.‏

وقيل‏:‏ إن الباري- عز وجل- كتب فيها أنها أفضل بخمسة وعشرين، ثم تفضّل بزيادة درجتين، ويؤيِّد هذا قوله في بعض الأحاديث‏:‏ ‏(‏خمسا وعشرين درجة‏)‏‏.‏

وقيل‏:‏ إن قوله‏:‏ ‏(‏بخمسة وعشرين‏)‏ و‏(‏بسبع وعشرين‏)‏؛ راجع إلى أحوال المصلي وحال الجماعة، فإذا كانت جماعة متوافرة، وكان المصلي على غاية من التحفّظ وإكمال الطهارة كان هو الموعود بسبع وعشرين درجة، وإن كان على دون تلك الحال، كان هو الموعود بخمسة وعشرين‏.‏

والفذّ‏:‏ المنفرد المصلي وحده‏.‏

ولا يجوز ترك الجماعة إلا من عذر، وأعذارها‏:‏ المطر، والوحل، والريح الباردة في الليلة المظلمة، أو لمن كان به الأخبثان، أو حضر الطعام والنفس تتوق إليه، أو يخاف على ماله أو نفسه عدوّا كان أو سبعا في الطريق، أو غلبه النوم، أو قام على مريض أو منزول به، أو يخاف الانقطاع عن رفقته في السفر، أو خاف ضياع ماله إن تركه بالغرق أو الحرق، أو أمّل وجدان ضالة، كان لهم ترك الجماعة‏.‏

وفي الجماعة وجهان‏:‏ أحدهما‏:‏ من فروض الكفايات، وبه قال أبو إسحاق، وهو مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله‏.‏

والثاني‏:‏ أنها سنّة مؤكّدة‏.‏

باب إدراك الصلاة

وإدراك الصلاة على ثلاثة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ إدراك الوقت، فيكون مُدركا لها بإدراك التحريمة على أحد القولين‏.‏

والثاني‏:‏ إدراك الركعة، ويكون مُدركا لها بإدراك الركوع‏.‏

والثالث‏:‏ إدراك الجماعة، ويكون مُدركا لهل بتحريمة‏.‏

فأما الجمعة فإنه يكون مدركا لها بإدراك ركعة؛ لأن الركعة عندنا صلاة، وهو الوتر إذا صلاها ركعة‏.‏

باب السّواك

اعلم أنّ السّواك مستحب في أربعة أوقات‏:‏ عند القيام من النوم، وعند الأَزْم، وعند تغير الفم، وعند القيام إلى الصلاة إلا بعد الظهر للصائم‏.‏

فإن استاك بأصبع، أو خرقة أجزأه‏.‏

كتاب الزكاة

الأموال التي يجب إخراجها في حق الله تعالى سبعة‏:‏ الزكاة، وحق الرِّكاز، وحق المعدن، والكفّارات، والفدية، والفيء، والغنيمة‏.‏

فأما الزكاة فإنها تجب في خمسة أشياء‏:‏ النّاضّ، ومال التجارة، والنَّعَم، والمستنبتات، والرقاب‏.‏

وتجب الزكاة بسبعة شرائط‏:‏ الحرية، والإسلام، والحول، والنصاب، والإمكان، وأن لا يكون عليه دَيْن يستغرق ماله على أحد القولين، وأن يكون المال بهيئة الانتفاع‏.‏

ولا يُعتبر الحول في خمس مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ المستنبتات‏.‏

الثانية‏:‏ زكاة الفطر‏.‏

الثالثة‏:‏ أن يكون له نصاب من الغنم، فنتجت وماتت الأمهات قبل الحول وبقيت السِّخال‏.‏

الرابعة‏:‏ رجل له مائة وعشرون شاة، أقامت عنده أحد عشر شهرا، ثم نتجت واحدة، وتمّ الحول؛ أخرج عنها شاتين، وكذلك الإبل والبقر‏.‏

الخامسة‏:‏ إذا اشترى سلعة للتجارة بمائتي درهم، وتمّ عليها الحول وهي تساوي بقيمتها أو بسومها ثلاثمائة درهم، فإن نضَّها قبل الحول زكّى المائتين بحولها والمائة بحولها‏.‏

باب زكاة الناضّ

ولا زكاة في الذهب حتى يبلغ عشرين دينارا، ثم فيها نصف دينار، وما زاد فبحسابه‏.‏

ولا زكاة في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم، وفيها خمسة دراهم، وما زاد فبحسابه‏.‏

باب زكاة التجارة

وتُقوَّم سلعة التجارة بالذهب إن اشتراها بالذهب، أو الفضة إن اشتراها بالفضة، وبغالب نقد البلد إن اشتراها بسلعة، ثم يخرج زكاتها‏.‏

وإن اشترى سائمة، أو نخلا، أو كرْما للتجارة، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يزكيها لعينها‏.‏

والثاني‏:‏ يزكيها لقيمتها‏.‏

فإذا قلنا‏:‏ يزكّيها لعينها إن كان نخلا، أو كرما، فهل تقوّم الأرض دون النخل، فتخرج زكاة التجارة عنها‏؟‏ فيه قولان‏.‏

باب زكاة النَّعَم

والنَّعم ثلاثة‏:‏ الإبل، والبقر، والغنم‏.‏

فأما زكاة الإبل ففي خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم تكن فابن لبون ذكر، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حِقَّة طروقة الفحْل، وفي إحدى وستين دون النخل، فتخرج زكاة التجارة عنها‏؟‏ فيه قولان‏.‏

باب زكاة النَّعَم

والنَّعم ثلاثة‏:‏ الإبل، والبقر، والغنم‏.‏

فأما زكاة الإبل ففي خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم تكن فابن لبون ذكر، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حِقَّة طروقة الفحْل، وفي إحدى وستين كل مائة شاة‏.‏

ولا يؤخذ في زكاة المواشي إلا الإناث، إلا في موضعين‏:‏

أحدهما‏:‏ في ثلاثين من البقر تبيع وإن كانت كلها إناثا‏.‏

والثاني‏:‏ في خمس وعشرين من الإبل، إن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر‏.‏

باب زكاة المستنبتات

ولا زكاة في شيء من المستنبتات إلا في ثلاثة‏:‏ العنب، والرطب، وما يصلح للخَبز من الحبوب، ففيها العشر إن سُقيَت بماء السماء، وإن سقيت بالنواضح ففيها نصف العشر، يخرج بعد الجفاف، أو بالخرْص‏.‏

ولا يجب العشر إلا بشرطين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يبلغ خمسة أوسق، وإن كان حبّا فمن زراعته أو زراعة غيره بأمره‏.‏

الثاني‏:‏ أن يكون مُقتاتا في حال الاختيار‏.‏

فإذا اختلفت أصناف الثمرة، ففيها أربعة أقاويل‏:‏

أحدها‏:‏ يخرج من الأغلب‏.‏

والثاني‏:‏ من الأوسط‏.‏

والثالث‏:‏ من كل واحد بقدره‏.‏

والرابع‏:‏ يخرج عن الجيّد بالقيمة‏.‏

وفي الزروع في الأوقات أربعة أقاويل‏:‏

أحدها‏:‏ الاعتبار بوقت البذر‏.‏

والثاني‏:‏ بوقت الحصاد‏.‏

والثالث‏:‏ بهما جميعا‏.‏

والرابع‏:‏ لا يضم أحدها إلى الآخر‏.‏

باب زكاة الفطر

وتجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان، وفيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ بطلوع الفجر أول يوم من شوال‏.‏

والثاني‏:‏ بهما جميعا‏.‏

وتجب على كل حرّ وعبد، وصغير وكبير، وذكر وأنثى، وفقير وغني من المسلمين إلا أربعة‏:‏

أحدها‏:‏ من لا يفضُل عن قوت يومه‏.‏

والثاني‏:‏ امرأة غنيّة لها زوج حر، وهي في طاعته‏.‏

والثالث‏:‏ المُكاتب‏.‏

والرابع‏:‏ العبد المغصوب والآبق‏.‏

وهي صاع من قوت بلده، فإن أعطى قوتا أفضل من قوت بلده جاز‏.‏

ولا يجوز أقل من صاع إلا في مسألتين‏:‏

إحداهما‏:‏ من كان نصفه مُكاتب ونصفه الآخر حرّ أو عبد‏.‏

والثانية‏:‏ عبد بين شريكين، أحدهما مُعسر والآخر موسر‏.‏

ولا يجوز أن يكون الصاع إلا من جنس واحد، إلا في ثلاث مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن يكون عبد بين اثنين؛ طعام أحدهما برّ والآخر شعير‏.‏

والثانية‏:‏ أن يكون نصفه حرّ ونصفه عبد، أو طعامه غير طعام سيده‏.‏

والثالثة‏:‏ أن يكون في بلد طعامهم جنسان مختلفان ليس أحدهما أغلب من الآخر‏.‏

وكما تلزمه زكاة الفطر عن نفسه تلزمه عن من عليه مؤنته إلا عن كافر‏.‏

باب أخذ القِيَم في الزكاة

اعلم أنّ إخراج القِيَم في الزكاة لا يجوز، إلا في أربع مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ زكاة التجارة‏.‏

والثانية‏:‏ الشاتان أو العشرون درهما في جبران أسنان الإبل‏.‏

والثالثة‏:‏ في أصناف التمور، ويخرج الجيّد بالقيمة في مال واحد‏.‏

والرابعة‏:‏ الشاة عن الإبل لا على طريق القيمة، لكن من غير الجنس‏.‏

باب اجتماع الزكاتين

ولا تجتمع الزكاتان إلا في مسألتين‏:‏

إحداهما‏:‏ عبد مُسلم للتجارة، ففيه زكاة الفطر والتجارة معا‏.‏

والثانية‏:‏ رجل له نصاب من المال، وعليه مثله ديْن يستغرق ماله، فإن عليه الزكاة على أحد القولين، وعلى صاحبه فيه الزكاة، قولا واحدا‏.‏

باب المبادلة

والمبادلة توجب استئناف الحول، إلا في أربع مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ إذا بادل سلعة للتجارة بسلعة للتجارة‏.‏

والثانية‏:‏ إذا اشترى بأحد النقدين سلعة للتجارة، وكان ذلك نِصابا‏.‏

والثالثة‏:‏ إذا باع سلعة للتجارة بأحد النقدين، وكان ذلك نصابا‏.‏

والرابعة‏:‏ إذا بادل دراهم بدنانير، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ تجب فيه الزكاة‏.‏

والثاني‏:‏ لا تجب، قاله ابن سريج‏.‏

باب الخلطة

اعلم أنّ الخلطة نوعان‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يكون المال بينهما على الشركة‏.‏ فهذه خلطة توجد في الأموال كلها‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون المالان متميزين، وكانا مختلطين‏.‏ وهذا النوع يختص بالنّعم‏.‏

وتصحّ هذه الخلطة بسبعة شرائط‏:‏

أن تجتمع في المُراح، والمسرح، والمسقى، والفحل، والمِحْلَب في أحد الوجهين، وأن يكونا حُرّين، مسلمين‏.‏

فإذا وُجدت هذه الشرائط زكّيا زكاة الواحد، ويأخذ الساعي من مال أيهما شاء‏.‏ وهل الخليطان في الناض، والمستنبتات يزكيان زكاة الواحد‏؟‏، فيه قولان‏.‏ وإن ملك نصابا من الغنم، وباع نصفها في بعض الحول، فإذا تمّ الحول أخرج من نصيب الأول نصف شاة لحوله، ومن نصيب الثاني نصف شاة لحوله، فإن لم يَبِع ولكن خالط بنَعم مثلها، وحولاهما مختلفان، زكّيا زكاة الانفراد، كلّ لحوله، ثم في السنة القابلة زكيّا زكاة الخلطة، كل لحوله‏.‏

باب تعجيل الصدقة

ويجوز تعجيل الصدقة لسنة واحدة، وهل يجوز لأكثر من سنة‏؟‏، فيه قولان‏.‏

فإن حال الحول والمُعطي والمُعطى إليه على حالهما وقع موقع الإجزاء، وإن تغير حالهما أو حال أحدهما برِدَّة، أو فقر، أو غنى، أو كان المدفوع إليه مجهول النسب، فأقرّ بالرِّقّ لإنسان، أو ارتكب المعطي ديونٌ تستغرق ماله، وسقطت الزكاة عنه في أحد القولين؛ نُظِر‏:‏ فإن كان دفع ذلك لا بأمر السلطان، ولا بمطالبة الفقراء؛ لم يكن له أن يرجع به، وإن كان دفع ذلك بأمر السلطان، أو بمطالبة الفقراء؛ كان له الرجوع، إلا في مسألتين‏:‏

إحداهما‏:‏ رِدّة المعطي‏.‏

والثانية‏:‏ غنى المُعطى إليه بذلك المال‏.‏

باب حق الرِّكاز

ولا يحل الرِّكاز إلا بشرطين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يكون من دفين الجاهلية‏.‏

والثاني‏:‏ أن لا يكون في ملك أحد، ولا في طريق مسلوك، ولا في طريق بيت الله تعالى، ولا في قرية مسكونة، فيكون حينئذ لُقطة، إلا أن يكون وجده في ملك نفسه‏.‏

ثم هو نوعان‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يكون غير الذهب والفضة، فذلك له في أحد القولين، والقول الثاني‏:‏ يُخمِّس‏.‏

والنوع الثاني‏:‏ أن يكون ذلك ذهبا أو فضة، فيخمِّس‏.‏

وهل يعتبر فيه النصاب‏؟‏ على قولين‏.‏

باب ما يجب في المعدن

ولا شيء فيما يخرج من المعادن مثل الفيروزج، والحديد، والنحاس وغيرها، إلا الذهب والفضة، ثم فيها ثلاثة أقاويل‏:‏

أحدها‏:‏ يجب فيه الخمس‏.‏

والثاني‏:‏ يجب فيه ربع العشر‏.‏

والثالث‏:‏ إن كان يحصل بغير معالجة ففيه الخمس، وإن كان يحصل بمعالجة فربع العشر‏.‏

وهل يعتبر فيه النصاب‏؟‏ على قولين‏.‏

وإذا اعتبرنا النصاب، فهل يعتبر الحول‏؟‏ على قولين‏.‏

باب قسم الصّدقات‏.‏

ويُخرج صدقة أمواله الباطنة إلى أربابها‏.‏ وأما صدقة الأموال الظاهرة، فعلى قولين‏:‏

أحدهما‏:‏ يُخرجها بنفسه‏.‏

والثاني‏:‏ يُخرجها إلى السلطان، فيقسمها على الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا‏}‏ الآية‏.‏

ولا يجوز من كل صنف أقل من ثلاثة إلا العامل‏.‏

ولا يجوز نقل الصدقة من بلد إلى بلد آخر مع وجود مستحقيها، وفيه قول آخر‏:‏ أنه يجوز

باب قسم الغنيمة

والغنيمة‏:‏ كل مال يؤخذ من أعداء الله تعالى بإيجاف الخيل والرِّكاب‏.‏

ويُبدأ في الغنيمة بالسّلب للقاتل، ثم بالرّضْخ لمن رأى الإمام له ذلك‏.‏

ثم يخمِّس عليهم، فيقسم أربعة أخماس بين الغانمين الذين شهدوا الوقعة وسراياهم، دون من لحقهم بعد ذلك، للراجل سهم واحد، وللفارس ثلاثة أسهم، ويقسم خمسها على خمسة أسهم‏.‏

باب قسمة الفيء

والفيء‏:‏ كل ما يحصل في يد الإمام من أموال العدوّ بغير إيجاف الخيل ولا الرِّكاب، وفي معناه الجزية وأموال المرتدين‏.‏

فيُقسَم على خمسة أسهم، ثم يُقسَم خمسه مع خمس الغنيمة على خمسة أسهم‏:‏ سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يُصرف في مصالح المسلمين‏.‏

وفيه قول آخر‏:‏ أنه للمجاهدين‏.‏

وسهم لذوي القربى للذكر مثل حظ الأنثيين، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل‏.‏

وفي أربعة أخماس الفيء قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يُصرف إلى أرزاق المسلمين من الجند‏.‏

والثاني‏:‏ يُصرف إلى مصالح المسلمين مثل سهم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

باب الكفّارات

والكفّارات أربع‏:‏

كفّارة الظِّهار، وكفّارة القتل، وكفّارة الجماع في شهر رمضان عمدًا، وهي‏:‏ عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب التي تضر بالعمل الضرر البيِّن، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ولا ينقطع تتابعه الإفطار للحيض، والنفاس، والمرض، وينقطع بالإفطار للسفر، والحمل، والرضاع، وفي المرض قول آخر‏:‏ أنه ينقطع‏.‏

فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مُدٌّ من غالب قوت بلده، إلا القتل فإنه لا إطعام فيه على أظهر القولين‏.‏

والكفّارة الرابعة‏:‏ كفّارة اليمين، وهي‏:‏ إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وهل تجوز مفترقة‏؟‏ على قولين‏.‏

باب الفدية

والفدية على ثلاثة أنواع‏:‏ نوع منها مُدٌّ، ونوع منها مُدّان، ونوع دم‏.‏

فأما المُدّ فعشرة‏:‏ الإفطار للحمل، والرضاع، والكِبَر، وتأخير قضاء شهر رمضان لغير عذر إلى رمضان قابل، ونتف شعرة في الإحرام، وتقليم ظفره إذا كان في الإحرام، وترك بيتوتة ليلة من ليالي منى، وترك رمي حصاة، وقطع شيء من نبات الحرم وذلك لقيمته، وقتل شيء من صيد الحرم وذلك لقيمته‏.‏

وأما المدّان فثلاثة‏:‏

أحدها‏:‏ فدية حلق شعرتين من شعر الرأس، أو تقليم ظفرين‏.‏

والثاني‏:‏ إذا قتل صيدا قيمته مُدّان‏.‏

والثالث‏:‏ إذا قطع شجرا قيمته مُدّان‏.‏

وأما الدم فعشرون شيئا‏:‏

جزاء الصيد، وفدية الوطء، والحلق، والطِّيب، واللباس، وتقليم الأظفار، وترك الإحرام في الميقات، والدّفع من عرفة قبل الغروب، وترك البيتوتة في ليلة المزدلفة، وترك البيتوتة ليالي منى، وقطع شجرة من الحرم، وترك الرمي، وترك طواف القدوم، وترك طواف الوداع، وترك ركعتي الطواف الفرض في أحد القولين، ودم التمتع، والقِران، وفوْت الحج، والإحصار، وإفساد الحج‏.‏