فصل: كتاب الرّضاع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اللباب في الفقه الشافعي ***


كتاب الرّضاع

لا يقع التحريم بالرضاع إلا بوجود خمسة شرائط‏:‏

أحدها‏:‏ أن يكون لبن المرأة‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون الرضاع أو الحلبات في حال حياة المرأة‏.‏

والثالث‏:‏ أن يكون دون الحولين‏.‏

والرابع‏:‏ أن يصل إلى الجوف‏.‏

والخامس‏:‏ أن يكون خمس رضعات؛ كل رضعة إلى الشبع‏.‏

وكل رضاع يحرم على قراباتها يحرم- أيضا- على قرابات الرجل إلا ثلاثة‏:‏ ولد الملاعنة، وولد الزنا، وولد لا يعرف له أب‏.‏

فإن كان له خمس بنات، أو زوجات، أو أمهات أولاد فأرضعت كل واحدة رضعة واحدةً صبيا واحدا؛ ففيه ثلاثة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ لا يقع به التحريم‏.‏

والثاني‏:‏ يصير ابنا له ولا يصير ابنا للمرضعات‏.‏

والثالث‏:‏ يصير ابنا له وللمرضعات‏.‏

فإن وصل اللبن إلى جوفه بالحقنة ففيه قولان‏.‏

وفي لبن النكاح الفاسد قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يحرم على المرأة دون الرجل‏.‏

والثاني‏:‏ يحرم عليهما جميعا‏.‏

وإن بتّ رجل طلاق امرأته، أو مات عنها، فانقطع لبنها، فتزوجت بعد انقضاء العدة فثار لها لبن؛ فاللبن من الأول‏.‏

فإن حدث بها لبن حمل في قرب ولادتها، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ أنه لبن الأول‏.‏

والثاني‏:‏ أنه لابن الآخر‏.‏

فإن تزوجت امرأة في العدة، وأتت بولد لأربع سنين فأقل من يوم فارق الأول، أو ستة أشهر فأكثر من يوم نكح الثاني فأرضعت صبيا، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ أنه ابنهما‏.‏

والثاني‏:‏ أنه تبع للمولود، ويكون الولد لمن ألحقت به القافة الولد‏.‏

كتاب النفقات

جامع ما تجب به النفقات شيئان‏:‏ نسب، وملك‏.‏

فيجب بالنسب خمس نفقات‏:‏ نفقة الأب وآبائه وأمهاته، ونفقة الأم وأمهاتها وآبائها، ونفقة الأولاد وأولادهم، ونفقة نساء الآباء، ونفقة نساء الأبناء‏.‏

وأما الملك فيجب به خمس نفقات‏:‏ نفقة الزوجة، ومملوكة الزوجة، والمعتدّة إذا كانت رجعيّة أو حاملا، والمملوك، والحيوانات كالدواب والطيور وغيرها‏.‏

فيجب للمرأة على الغني مدّان، ولخادمها مدّ وثلث، وإن كان متوسطا فلها مدّ ونصف، ولخادمها مدّ، وإن كان مُعسرا فلها مدّ من غالب قوت البلد‏.‏

وإذا اجتمع ابن وابنة، كان الابن أولى بالانفاق عليه‏.‏

ومن أوجبنا له النفقة أوجبنا له السكنى، وكل هذه النفقات تسقط بمضي الوقت إلا نفقة الزوجة‏.‏

كتاب الحضانة

الأم أولى بالحضانة من الأب ما لم يبلغ الولد سبع سنين إلا في ثماني مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن يقول كل واحد منهما‏:‏ أنا أمسك الولد فالأب أولى‏.‏

والثانية‏:‏ أن يكون الأب مأمونا دون الأم‏.‏

والثالثة‏:‏ أن لا تكمل الحرية في الأم ويكون الأب حرا‏.‏

والرابعة‏:‏ إذا افترق الدار بهما فالأب أولى‏.‏

والخامسة‏:‏ إذا تزوّجت الأم فالأب أولى‏.‏

والسادسة‏:‏ إذا كان الأب مسلما والأم ذميّة‏.‏

والسابعة‏:‏ إذا كان الأب مسلما والأم مرتدّة‏.‏

والثامنة‏:‏ أن تكون الأم مجهولة النسب فأقرّت بالرّق لإنسان‏.‏

وإذا اجتمعت القرابتان فنساء الأم أولى من نساء الأب إلا أن تكون أختا لأم مع أخت لأب وأم، كانت الأخت للأب والأم أولى‏.‏

ويقوم الجدّ مقام الأب في غيبته إلا في ثلاث مسائل‏:‏ الحضانة، وغسل الميت، والصلاة عليه‏.‏

ويتعلّق بالنسب اثنا عشر حكما‏:‏

أحدها‏:‏ توريث المال‏.‏

والثاني‏:‏ توريث الولاء‏.‏

والثالث‏:‏ تحريم الوصية‏.‏

والرابع‏:‏ تحمل الدية‏.‏

والخامس‏:‏ ولاية التزويج‏.‏

والسادس‏:‏ ولاية غسل الميت‏.‏

والسابع‏:‏ ولاية الصلاة عليه‏.‏

والثامن‏:‏ ولاية الحضانة‏.‏

والتاسع‏:‏ ولاية المال‏.‏

والعاشر‏:‏ طلب الحدّ‏.‏

والحادي عشر‏:‏ سقوط القصاص‏.‏

والثاني عشر‏:‏ تغليظ الديّة‏.‏

والثالث عشر‏:‏ تحريم النكاح‏.‏

والرابع عشر‏:‏ تحريم ردّ الشهادة‏.‏

كتاب الجنايات

جامع ما يجب فيه القصاص ثلاثة أشياء‏:‏ النفس، والطّرف، والجراح والكفاءة معتبرة في جميعها‏.‏

فأما الكفاءة في النفس فشيئان‏:‏ الإسلام، والحرية‏.‏

وأما الكفاءة في الطرف فأربعة أشياء‏:‏ الحرية، والإسلام، والاسم الأخصّ، وسلامة الخلقة، وهو شيئان‏:‏ المنفعة، والجمال‏.‏

وأما الكفاءة في الجراح فخمسة أشياء‏:‏ الإسلام، والحرية، وسلامة الخلقة، والاسم الأخصّ، والمساحة‏.‏

باب أنواع القتل

القتل أربعة أنواع‏:‏ واجب، ومباح، ومحظور، وقتل في معنى المباح‏.‏

فأما الواجب فخمسة‏:‏ قتل الحربي، والمرتد، وقاطع الطريق، والزاني المحصن، وتارك الصلاة‏.‏

وأما المباح فهو‏:‏ قتل القصاص‏.‏

وأما المحظور فهو‏:‏ قتل المسلم، والمعاهَد، والمستأمن بلا علّة‏.‏

وأما الذي هو في معنى المباح‏:‏ فالرجل تقطع يده في السرقة، أو في القصاص فيموت‏.‏

باب أنواع القتل المحظور

القتل المحظور ثلاثة‏:‏ عمد، وشبه عمد، وخطأ‏.‏

فأما الخطأ وشبه العمد، فلا قصاص فيه‏.‏

وأما العمد ففيه القصاص إلا في سبع عشرة مسألة‏:‏

أحدها‏:‏ قتل الوالد والوالدة، والجد والجدة الولَدَ وولَدَ الولدِ وإن سفلوا‏.‏

والثانية‏:‏ قتل السيد مملوكه‏.‏

والثالثة‏:‏ قتل السيد أمَّ ولدِه‏.‏

والرابعة‏:‏ قتل السيد مكاتبه‏.‏

والخامسة‏:‏ أن يقتل الحربي إنسانا فأسلم‏.‏

والسادسة‏:‏ قتل المسلم الكافر إلا في ثلاث مواضع‏:‏

أحدها‏:‏ أن يقتله في قطع الطريق على أحد القولين‏.‏

والثاني‏:‏ أو قتل كافرٌ كافرًا ثم أسلم القاتل‏.‏

والثالث‏:‏ أو قتل مرتد ذميا ثم أسلم القاتل، وفيه قول آخر‏.‏

والسابعة‏:‏ قتل الحر العبدَ إلا في ثلاث مسائل‏:‏

الأولى‏:‏ أن يقتله في قطع الطريق‏.‏

والثانية‏:‏ أن يقتل عبد عبدا ثم يعتق القاتل‏.‏

والثالثة‏:‏ إذا قتل مجهول النسب عبدا ثم أقرّ بالرّق لإنسان‏.‏

والثامنة‏:‏ أن يقتل مرتدا‏.‏

والتاسعة‏:‏ أن يقتل زانيا محصنا‏.‏

والعاشرة‏:‏ أن يقتل تارك الصلاة‏.‏

والحادية عشرة‏:‏ أن يقتل قاطع الطريق‏.‏

والثانية عشرة‏:‏ أن يرى مسلما بين الكفار على زيّهم فيقتله على أنه كافر‏.‏

والثالثة عشرة‏:‏ إذا ضرب ملفوفا فقدّه نصفين، وعنده أنه ليس هناك إنسان، وفيه قول آخر‏.‏

والرابعة عشرة‏:‏ إذا قتل المسلم مخلًى بعد الارتداد ولم يعلم بإسلامه على أحد القولين‏.‏

والخامسة عشرة‏:‏ إذا قتل من نصفه حرّ ونصغه عبد‏.‏

والسادسة عشرة‏:‏ أن يقتل إنسانا ويكون وليّ المقتول ولد القاتل، أو ولد ولده‏.‏

والسابعة عشرة‏:‏ إذا ورث بعض دم المقتول، مثل‏:‏ أن يقتل أحدُ الأخوين أباهما، والثاني قتل أمَّهما، قتل قاتل الأم دون قاتل الأب، ويسقط القصاص على قاتل الأب؛ لأنه قتل أولا وعلى قاتل الأم القود‏.‏

باب موجب القتل

القتل أربعة‏:‏

أحدها‏:‏ لا يوجب شيئا، مثل‏:‏ قتل الواجب والمباح‏.‏

والثاني‏:‏ يوجب الكفارة ولا يوجب شيئا آخر، مثل‏:‏ قتل الرجل نفسَه، أو عبده، أو قتْل المسلمِ المسلمَ في دار الحرب على تقدير أنه كافر‏.‏

والثالث‏:‏ قتل يوجب القصاص أو الدية- وهل الدية أصل أو بدل‏؟‏ على قولين- وهو القتل المحظور عمدا‏.‏

والرابع‏:‏ قتل يوجب الدية، وهو قتل الخطأ أو شبه العمد‏.‏

وكلّ من له حق في القصاص فهو مخيَّر بين العفو والقصاص والمال إلا في أربع مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ لأن يقطع الوليّ يدي القاتل ولم يمت القاتل، فهو بالخيار بين العفو والقصاص دون المال‏.‏

والثاني‏:‏ إذا جنى على عبد ثم أعتق ومات وأرش الجناية مثل الدية أو أكثر، فإن الوليّ بالخيار بين العفو أو القصاص أو المال، فإن اختار المال كان المال للسيد‏.‏

والثالث‏:‏ العبد المرهون إذا قُتِل فإن للسيد القصاص؛ فإن اختار المال لم يُدفع إليه المال بل يجعل رهنا مكانه‏.‏

والرابع‏:‏ أن يقتل عبدُه عبدَه فله الخيار إن شاء عفا وإن شاء قتل، فإن اختار المال لم يكن له ذلك‏.‏

باب من يلزمه القصاص ولم يباشر القتل

ومن يلزمه القصاص من غير مباشرة القتل اثنان‏:‏

أحدهما‏:‏ المُكرِه على القتل، وفي المُكرَه قولان‏.‏

والثاني‏:‏ شاهد الزور إذا قتل بشهادته ثم رجع‏.‏

باب الجناية على العبيد

والجناية على العبد مثل الجناية على الحرّ إلا في سبع مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن لا يُقتل به الحر‏.‏

والثانية‏:‏ لا يُقتل به من فيه حريّة‏.‏

والثالثة‏:‏ تجب فيه القيمة‏.‏

والرابعة‏:‏ تُعتبر أوصافه في ضمان نفسه‏.‏

والخامسة‏:‏ لا يختلف بين الذكر والأنثى‏.‏

والسادسة‏:‏ يجب في جنايته نقد البلد‏.‏

والسابعة‏:‏ لا تجب فيه القسامة‏.‏

باب الشركة في القتل

والشركة في القتل تتفرع على ثلاثة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ شركة لا تُسقط القصاص عن أحد من الشركاء فهو حرام، وهو القتل عمدا بلا شبهة‏.‏

والثاني‏:‏ يسقط القصاص عنهما، وهو‏:‏ ان يكون أحدهما قتل خطأً أو شبه خطأ‏.‏

والثالث‏:‏ يسقط القصاص عن أحدهما دون الآخر، وهو على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يكون سقوط القصاص عنه لاستحالة وجوب القصاص عليه‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون لمعنًى في القاتل‏.‏

فأما ما يسقط القصاص لاستحالة وجوب القصاص عليه، فهو‏:‏ أن يشاركه سبعٌ، أو حية، أو المقتول نفسه‏.‏

وأما الذي هو لمعنًى في القاتل، فهو مثل‏:‏ أن يكون أحد الشريكين أب المقتول، أو جدّه، أو أمه، أو جدّته وإن علا، أو يكون صبيا أو مجنونا‏.‏ وفي الصبي والمجنون قول آخر‏.‏

وفي مسألة الحية والسبع ترتيب طويل، ذكرناه في موضع آخر‏.‏

باب الجنايات على ما دون النفس

والجناية على ما دون النفس ضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ طرف يُقطع وفيه القصاص‏.‏

والثاني‏:‏ جرح يُشقّ، وهو على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ فيه القصاص، مثل الموضحة في الرأس والوجه، وهل الموضحة في سائر الأعضاء مثل الموضحة في الرأس والوجه‏؟‏ على وجهين‏.‏

والثاني‏:‏ ما سوى ذلك من الجراحات فلا قصاص فيه‏.‏

باب كيفية القصاص

والقصاص إلى الرجال من الورثة، يقتلون كما قُتِل صاحبهم إذا عرفوا كيفيّته إلا أن يكون قتل بالوطء فإنه تُدسّ فيه خشبة حتى يموت‏.‏

فإن قتله بالجائفة ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ يُقاد بمثلها‏.‏

والثاني‏:‏ تُضرب رقبته‏.‏

كتاب الديات

الدية نوعان‏:‏ مُغلّظة، ومُخفّفة‏.‏

فالمغلّظة أثلاث‏:‏ ثلاثون حِقّة، وثلاثون جَذَعَة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها‏.‏

والمخفّفة أخماس‏:‏ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حِقّة، وعشرون جذعة‏.‏

وتجب الدية في ثلاثة أشياء‏:‏ النفس، والطرف، والجراح‏.‏

ثم يختلف ذلك باختلاف المنافع، فمنها ما يجب فيه كل الدية، وهي عشرة أشياء‏:‏ النفس، والشّم، والمارِن، واللسان، والكلام، والحشفة، والإفضاء، والعقل، وكسر الصُّلب، وسلخ الجلد إذا لم ينبت جلد آخر‏.‏

ومنها ما يجب فيه نصف الدية، وهي خمسة عشر شيئا‏:‏ السمع، والأذن، والعين، والأنف، والمِنخر، والبصر، والشّفة، واللحيان، واليد، والرِّجل، وحلمة المرأة- وفي حلمة الرجل حكومة-، والخصية، والألية، الشُّفْر، ونصف اللسان، ونصف الكلام‏.‏

ومنها ما يجب فيه ثلث الدية، وهو‏:‏ المأمومة، والجائفة، وثلث اللسان، وثلث الكلام‏.‏

ومنها ما يجب فيه ربع الدية، وهو‏:‏ جفْن العين‏.‏

ومنها ما يجب فيه عشر الدية ونصف عشر الدية، وهو‏:‏ المنقِّلَة‏.‏

ومنها ما يجب فيه عشر الدية، وهو‏:‏ أصبع اليد، وأصبع الرِّجل‏.‏

ومنها ما يجب فيه نصف عشر الدية، وهو‏:‏ الموضحة، والسن، وأنملة الإبهام‏.‏

باب العواقل

والعواقل الذين يتحمّلون الدية هم‏:‏ العصبات إلا أربعة‏:‏ الأب، والجد وإن علا، والابن، وابن الابن وإن سفل‏.‏

ولا يتحمّلون الدية في عشر مسائل‏:‏ لا يتحمّلون عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، واعترافا، ولا عن عبد، ولا عن مرتدّ، ولا عن من انتقل من كفر إلى كفر، ولا عن من رمى وهو كافر فأصاب بعد الإسلام، ولا عن من أسلم واختلفت عاقلته في وقت القتل، ولا عن من يجرح ثم يرتدّ ثم يسلم، وفيه قول آخر‏.‏

باب تبعيض الدية

وتبعيض الدية في خمس مسائل‏:‏ بعضها يتحمل القاتل، وبعضها يتحمل غير القاتل‏.‏

أحدها‏:‏ من نصفه حر ونصفه عبد‏.‏

والثانية‏:‏ إذا جنى ثم ارتدّ ثم أسلم ثم مات في أحد القولين‏.‏

والثالثة‏:‏ إذا جنى نصراني أو يهودي موضحة ثم أسلم، ثم مات المجني عليه، فإن عاقلته يضمنون دية الموضحة، والباقي في مال الجاني‏.‏

والرابعة‏:‏ المسلم إذا قطع يدا ثم ارتد، ومات المجني عليه، ثم أسلم المرتد، فإن المرتد يضمن الدية وعاقلته بعضها، وفيه قول آخر‏:‏ أن جميعها للعاقلة‏.‏

والخامسة‏:‏ في مسألة الاصطدام‏.‏ وتذكر فيما بعد‏.‏

باب تغليظ الدية

وتغلّظ الدية في خمسة مواضع‏:‏ في العمد، وشبه العمد، وإذا قتل في البلد الحرام، وفي الشهر الحرام، وفي ذوي الأرحام‏.‏

وتفارق دية العمد دية الخطأ في ثلاث مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أنها مغلّظة‏.‏

والثانية‏:‏ لا تتحمّلها العاقلة‏.‏

والثالثة‏:‏ أنها معجَّلة‏.‏

ودية شبه العمد مثل دية العمد في أنها مغلّظة، ومثل دية الخطأ في أنها مؤجّلة على العواقل‏.‏

باب الاصطدام

والاصطدام على سبعة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ أن يصطدم الراكبان، فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه، ونصف قيمة دابته في مالهما‏.‏

والثاني‏:‏ أن تكون الدابتان غلبتاهما، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يجب الضمان كما ذكرنا‏.‏

والثاني‏:‏ لا يجب عليهما الضمان‏.‏

والثالث‏:‏ السفينتان إذا اصطدمتا فحكمهما ما ذكرنا‏.‏

والرابع‏:‏ الماشيان إذا اصطدما، فإن سقطا على القفا فعلى كل واحد منهما نصف دية صاحبه، وإن سقطا على الوجه بطل دمهما، وإن سقط أحدهما على الوجه والآخر على القفا انهدر دم من سقط على الوجه دون من سقط على القفا‏.‏

والخامس‏:‏ إذا اصطدم ماش وواقف، فإن دية الماشي هَدَر، ووجبت الدية على الواقف على عاقلة الماشي، ولا يختلف الحكم في ذلك بيت أن يقع على القفا أو على الوجه‏.‏

والسادس‏:‏ إذا اصطدم ماش جالسا على الطريق الجادّة كانت دية الجالس هَدَرا، وتجب دية السائر على عاقلة الجالس‏.‏

والسابع‏:‏ إذا رموا بالمنجنيق فرجع الحجر على جميعهم، فإنه يُهدرُ من دية كل واحد منهم بحصة جنايته، ويُقسَم باقيها على عاقلة الباقين‏.‏

باب دية الجنين

والجنين ثلاثة‏:‏

أحدها‏:‏ جنين الحرة، وفيه غُرّة‏:‏ عبدٌ أو أمةٌ، وقدّره العلماء بخمسين دينارا، ويُقسَم قسمة الميراث‏.‏

والثاني‏:‏ جنين الأمة، وقيمته عشر قيمة أمه ذكرا كان أو أنثى لسيده‏.‏

والثالث‏:‏ أن يكون معتقا بعضه، وقد ذكرناه في باب المعتضق بعضه‏.‏

وفي جميعها تجب الكفارة‏.‏

وهذا إذا ألقته ميتا، فإن ألقته حيا ثم مات ففيه الدية أو القيمة، فإن عاش مدة ثم مات فالقول قول الجاني أنه لم يمت من جنايته‏.‏

وأقل ما يكون جنينا أن يتبيّن فيه شيء من خلق الآدمي، وبه تنقضي العدة، ويتم الاستبراء، وتصير أم ولد له‏.‏

باب القسامة

وتجوز القسامة بخمسة شرائط‏:‏

أن يكون هناك لَوَث، وأن تكون الدعوى على معينين، وأن تكون الدعوى في النفس، وفي الأطراف قولان، وأن لا يكون المدَّعى عليهم مختلطين، وأن يحلف المدّعي خمسين يمينا، فإن كانوا عددا حلف كل واحد بقدر حصته من الميراث، وتجبر اليمين‏.‏

فإن لم يحلفوا رد اليمين على المدعى عليهم، وفيه ثلاثة أقاويل‏:‏

أحدها‏:‏ يحلف كل واحد منهم يمينا واحدة‏.‏

والثاني‏:‏ يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا‏.‏

والثالث‏:‏ يحلف كلهم خمسين يمينا‏.‏

ومتى حلف المدعي استحق الدية‏.‏

وهل يسقط الدم بالقسامة‏؟‏ على قولين‏.‏

ولا تزيد اليمين في القسامة على خمسين يمينا إلا في مسألتين‏:‏

إحداهما‏:‏ ما ذكرنا من جبر اليمين‏.‏

والثانية‏:‏ أن يحلف فيموت قبل تمام الأيمان، فقام وارثه مقامه، وابتدأ الأيمان‏.‏

باب أحكام الساحر

إذا قتل الساحر بسحره، سألناه عنه، فإن قال‏:‏ سحري لابد أن يقتل، أو قال‏:‏ قد يقتل، وقد لا يقتل، والغالب أنه يقتل، وعمدتُ‏:‏ فإنا نقتص منه، فإن قال‏:‏ أخطأت؛ لا يقتل أو قال‏:‏ قد يقتل، وقد لايقتل، والغالب أنه لا يقتل لا يقتص منه‏.‏ وتكون الدية في ماله؛ لأن من عمل بالسحر معتقدا له كان كافرا‏.‏

باب أحكام المرتد

وفي المرتد، وتارك الصلاة قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يقتلان في الوقت‏.‏

والثاني‏:‏ يُتأنّى بهما ثلاثة أيام‏.‏

ويفارق حكم الردة حكم كفر الأصل في اثنتي عشرة مسألة‏:‏ لا يقرّ على دينه، ويؤاخذ بأحكام المسلمين، ولا يصح نكاحه ابتداءً، وتبطل أنكحته إلا أن يسلم قبل انقضاء العدة، ولا تحل ذبيحته، ويُهدر دمه، ولا يستقر له ملك، ولا يُسبى، ولا يُفادى، ولا يُمن عليه، ولا يرث، ولا يورث‏.‏

وهل يضمن أهل الردة ما أتلفوا للمسلمين في القتال‏؟‏ على قولين‏.‏

باب أحكام السكران

وحدّ السكران ترك الحِشمة عن ما كان يحتشم منه قبل ذلك‏.‏

وكل ما يفعله من قتل، وقطع طريق، وجراح، وبيع، وطلاق، وعتاق، وهبة، ووصية، وإسلام، ورِدَّة، وعقد فإنها كلها نافذة فيما له وعليه‏.‏

وفيه قول آخر‏:‏ أنه لا ينفذ شيء من ذلك‏.‏

ولا يصلي في حال السكر حتى يفيق، فإذا أفاق قضاها‏.‏

ومتى حكمنا برِدَّته لم يُستتب حتى يفيق، وكذلك لا يقام عليه حدّ في حال السُّكر حتى يفيق‏.‏

باب الإكراه‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ‏}‏‏.‏

من أُكره على بيع، أو رهن، أو نكاح، أو خلع، أو عقد من العقود، أو طلاق، أو عتاق، أو يمين، أو إفطار، أو رِدّة وكان قلبه مطمئن بالإيمان لم ينفذ شيء‏.‏

ولا إكراه في الزنا؛ لأنه يحصل إلا بنشاط في الباطن‏.‏

فإن قتل غيرَه مكرها قتِل على أحد القولين، كما لو قتله ليأكله في مجاعة‏.‏

باب الجهاد

والقتال ضربان‏:‏ قتال المسلمين، وقتال المشركين‏.‏

فأما قتال المشركين فعلى ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ قتال أهل الحرب‏.‏

والثاني‏:‏ قتال أهل الرِّدّة‏.‏

ويُبدأ بقتالهم قبل قتال أهل الحرب فيُقاتلون مقبلين ومُدبرين، ولا يُرضى منهم إلا بالإسلام أو السيف‏.‏ وكذلك أهل الحرب، إلا أن يكونوا أهل كتاب فيبذلون الجزية‏.‏

وكل من أُسِر منهم فالإمام فيه بالخيار بين المنِّ، والفداء، والقتل، والاسترقاق إلا النساء والصبيان والمجانين فإنهم لا يقتلون، وفي الشيخ الفاني والرهبان- إذا لم يكن لهم رأي ولا تدبير- قولان‏.‏

والجهاد فرض على الكفاية، ويصير فرضا على الكافّة إذا أحاط بهم العدو‏.‏

ولا جهاد على من ذكرهم الله تعالى في كتابه، وهم‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى‏}‏ الآية‏.‏

وأما قتال المسلمين فعلى ثلاثة أضرب‏:‏

أحدها‏:‏ قتال أهل البغي‏.‏

والثاني‏:‏ قتال الخوارج‏.‏

والثالث‏:‏ قتال قطاع الطريق‏.‏

فأما قتال أهل البغي والخوارج فيُقاتلون مقبلين غير مدبرين، ولا يُتبع مُدبرهم ولا يُذفّف على جريحهم‏.‏

وأما قطاع الطريق فيتبعوا حتى يتفرقوا، أو يُنفَوا من الأرض، ولا يُذفّف على جريحهم، فإذا وضعت الحرب أوزارها رددنا عليهم ما في أيدينا من أموالهم، وأخذنا منهم ما في أيديهم من أموالنا‏.‏

وهل يتبع الخوارج وأهل البغي ما أتلفوا من نفس ومال‏؟‏ على قولين‏:‏

وإنما نحكم لهم بحكم أهل البغي إذا وجدت ثلاث شرائط‏:‏ لأن يكون لهم تأويل، وأن ينصبوا إماما، وأن تظهر لهم شوكة، فإن عدم بعض هذه الشرائط كان حكمهم حكم قاطع الطريق‏.‏

كتاب السيَر

وكل ما أحرزه الكفار من أموال المسلمين كان مالكها أحق بها قبل القسمة وبعدها، وكل ما أحرزه المسلمون من أموالهم بالقهر والغلبة فهو غنيمة يخمّس إلا السلب فإنه للقاتل في أحد القولين‏.‏

وأما ما أكلوه من طعامهم في ديارهم فإذا خرجوا ردّ باقيه إلى المغنم، ولا ينحرف مسلم عن كافر إلا متحرّفا لقتال، أو متحيِّزا إلى فئة، ويُقتل كل كافر إلا خمسة كما ذكرنا‏.‏

وللإمام له أن ينصب عليهم المنجنيق، ويستعمل فيهم الحَرَق، والغَرَق، ويعقر دوابهم في حال القتال، فإن كان فيهم مسلمون أو مستأمنون يكره له أن يستعمل فيهم التحريق، والتغريق، ونصب المنجنيق إلا أن يجد منه بُدّا، ولم يتترَّسوا بأطفالهم، فإن تترَّسوا ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يكف عنهم‏.‏

والثاني‏:‏ يقصدونهم دون أطفالهم‏.‏

ولو مات مستأمن في دار الإسلام رددنا ماله إلى ورثته، فإن لم يكن له وارث فهو فيء يوضع في بيت مال المسلمين، ويصرف إلى أهل الفيء‏.‏

باب الجزية

أقل الجزية دينار، وهل على الفقير جزية‏؟‏ فيه قولان‏.‏

وليس على غير الرجال البالغين العاقلين جزية، ولا تؤخذ إلا ممن كان له كتاب أو شبه كتاب، عربيّا كان أو عجميا ويشترط الإمام عليهم أن من ذَكَر كتاب الله عز وجل، أو محمدا صلى الله عليه وسلم، أو أحدا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو دين الله- عز وجل- بما لا ينبغي، أو زنا بمسلمة أو أصابها باسم نكاح، أو فتن مسلما عن دينه، أو قطع عليه الطريق، أو أعان أهل الحرب بدلالة على المسلمين، أو آوى عينا لهم فقد نقض عهدَه، وأحلّ دمَه، وبرئت منه ذمة الله عز وجل، وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

ويشترط عليهم أن لا يُسمعوا المسلمين كفرهم، وقولهم في عزير والمسيح، وأن لا يسمعوهم صوت ناقوس، فإن فعلوا عُزِّروا، ولا يحدثوا في أمصار المسلمين كنيسة، ولا مجمعا لصلواتهم، ولا يُظهروا فيه حمل خمر، ولا إدخال خنزير، ولا يُحدثوا بناء يتطاولون به بناء المسلمين، وأن يفرّقوا بين هيئاتهم- في الملبس والمركب- وبين هيئات المسلمين، وأن يعقدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يدخلوا مسجدا، ولا يسقوا مسلما خمرا، ولا يبيعوا الخمر على المسلم، ولا يطعموه لحم الخنزير‏.‏

ولا يجوز لكافر أن يسكن أرض الحجاز، ويجوز أن يمرّ فيها، ويقيم فيها مقام المسافر ثلاثة أيام، ولا يدفن كافر في حرم فإن دُفن نُبِش ما لم يتفتت‏.‏

باب الهدنة

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏.‏ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ‏}‏‏.‏

فالمستحب للإمام أن لا يهادنهم أكثر من أربعة أشهر، أو يهادنهم على أنه متى بدا له نقَضَ العهد، فإن نزلت بالمسلمين نازلة- وأرجوا أن لا تكون أبدا- هادنهم المدة الطويلة، ولا يجاوز مدة أهل الحديبية وهي عشر سنين، ولا يجوز أن يهادنهم على خراج من المسلمين‏.‏

ولا يجوز أن يدفع مسلم مالا إلى مشرك لحقن دمه إلا في ثلاث مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن يحيط به العدو‏.‏

والثاني‏:‏ أن يؤسَر‏.‏

والثالث‏:‏ إذا توجه عليه القصاص فيبذل الدية‏.‏

ومن هادنهم الإمام على ما لا يجوز كان ذلك الشرط الفاسد منقوضا‏.‏

فإن جاءتنا امرأة منهم، أو عبد مسلم ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يُعطى قيمة العبد، وما أنفق على المرأة‏.‏

والثاني‏:‏ لا يُعطى شيئا‏.‏

ومتى قلنا، يُعطى، فإن كان العبد صغيرا ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يُعطى حتى يبلغ فيُظهر الإسلام، أو يرد عليه‏.‏

والثاني‏:‏ يعطى أقل الأمرين من قيمته أو ثمنه‏.‏

ويجوز أمان كل مسلم، ولا تجوز الهدنة إلا من الإمام أو من رجل بأمره، ومتى نقضوا العهد بلغ بهم مأمنهم، ثم كانوا حربا للمسلمين‏.‏

باب الحكم بين المعاهدين

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ‏}‏‏.‏

وذلك لا يخلو من أحد أمرين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن تكون الخصومة بين مسلم وكافر فيلزم الإمام الحكم بينهما‏.‏

والثاني‏:‏ أن تقع بين كافرين، وفيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ يحكم بينهما‏.‏

والثاني‏:‏ هو بالخيار؛ إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم‏.‏

باب خراج الأراضي

الأراضي ضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ ما فتحت عَنوَة‏.‏

والثاني‏:‏ ما فتحت صلحا‏.‏

فأما ما فتحت عَنوة فهي غنيمة بين ال غانمين، فإن استطاب الإمام أنفسهم عنها، فوضع عليها خراجا وأوقفها فإن ذلك الخراج لازم أبدا في الحالين الكفر والإسلام‏.‏

وهل طريق ما يؤخذ من خراجه طريق الأجرة أو الثمن‏؟‏ على قولين‏.‏

وأما ما فتحت صلحا فهي على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يقع الصلح على أن تكون الأراضي للمسلمين، فحكمها حكم الأراضي التي فتحت عنوة‏.‏

والثاني‏:‏ أن يصالحوا على أن تكون الأراضي لهم على أن يؤدوا عنها خراجا في كل سنة، فإن حكمه حكم الجزية، ويسقط بالإسلام‏.‏

ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ إن بيع دور مكة جائز، لأنها فتحت صلحا‏.‏

كتاب السّبق والرمي

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لا سبق إلا في نصل، أو خفّ أو حافر‏.‏

قال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ الخف‏:‏ الإبل، والحافر‏:‏ الخيل، والنّصل‏:‏ كل ما نصل من سهم أو نُشَّابة‏.‏

قال‏:‏ والأسباق ثلاثة‏:‏

أحدها‏:‏ سبق يعطيه الوالي أو غير الوالي من ماله، وذلك‏:‏ أن يُسبق بين الخيل إلى غاية، فيجعل للسباق شيئا معلوما، وإن شاء جعل للمصلي، والثالث، والرابع شيئا، فهذا حلال لمن جعل له، ليست فيه علة‏.‏

والثاني‏:‏ رجلان يريدان أن يستبقا بفرسيهما ويريد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه، ويخرجا في سَبَقَين، فلا يجوز إلا بمحلّل، ولا يجوز حتى يكون فرسا كفؤا لفرسيهما ولا يأمنان أن يسبقهما إلى المجال‏.‏

والثالث‏:‏ أن يسبق أحدهما صاحبه، فإن سبقه صاحبه أخذ السبق، وإن سبق أحرز سبقه‏.‏

ولا يجوز السبق إلا بخمسة شرائط‏:‏ أن يكون المبدأ معلوما، والمنتهى معلوما، والجعل معلوما، فإن أخذ به رهنا أو ضمينا جاز، وأن يكون محللا، وأن يكون ذلك بين شخصين‏.‏

فإن قال‏:‏ ارم عشرة أرشاق فإن كان صوابك أكثر فلك كذا لم يجز؛ لأنه يناضل نفسه‏.‏

كتاب الحدود

الحدود ثلاثة‏:‏ قتل، وقطع، وضرب‏.‏

فالقتل أربعة‏:‏ الرّدّة، والزنا، وقطّاع الطريق، وترك الصلاة‏.‏

ولا يقتل في الزنا إلا أن يكون محصنا، وشرائط الإحصان أربعة‏:‏ الحرية، والبلوغ، والعقل، والإصابة في النكاح الصحيح‏.‏

والقطع اثنان‏:‏ السرقة، وقطع الطريق‏.‏

والضرب ثلاثة‏:‏ الشرب أربعون سوطا، والقذف ثمانون سوطا، والزنا قبل الإحصان مائة سوط‏.‏

والعبد في ذلك ومن نصفه حر ونصفه عبد على النصف من الحر، فإن مات من ذلك هُدِر دمه‏.‏

ولا يقام الحد على حامل حتى تضع الحمل، ولا مغمًى عليه حتى يفيق، ولا سكران حتى يفيق، ولا في البرد المفرط، ولا في حال المرض، إلا أن يخاف موته فيأخذ ضغثا بيده بعدد الضربات فيضربه بحيث يصيبه كله‏.‏

والنفي ثلاثة‏:‏

أحدها‏:‏ نفي المخنثين‏.‏

والثاني‏:‏ نفي قطاع الطريق‏.‏

والثالث‏:‏ البكر إذا زنا‏.‏

وفي نفي العبد ثلاثة أقوال‏:‏

أحدها‏:‏ ينفى سنة‏.‏

والثاني‏:‏ نصف سنة‏.‏

والثالث‏:‏ لا ينفى شيئا‏.‏

وفي اللواط وإتيان البهيمة ثلاثة أقاويل‏:‏

أحدها‏:‏ حكمها كحكم الزنا‏.‏

والثاني‏:‏ تضرب رقبته‏.‏

والثالث‏:‏ يعزَّر‏.‏

باب السرقة وقطاع الطريق

ولا قطع في السرقة إلا بثلاثة شرائط‏:‏

أحدها‏:‏ أن يسرق من حرز مثله‏.‏

والثاني‏:‏ أن تبلغ قيمته ربع دينار‏.‏

والثالث‏:‏ أن لا يكون فيه شبهة، والشبهة ثلاثة‏:‏ شبهة مِلك، وشبهة شركة، وشبهة ولادة‏.‏

وهل يُقطع أحد الزوجين في مال صاحبه‏؟‏ على قولين‏.‏

ويُبدَأ بيده اليمنى، ثم برجله اليسرى، ثم بيده اليسرى، ثم برجله اليمنى‏.‏

وإن قطع اليمنى بدل اليسرى، أو اليسرى بدل اليمنى، أو اليد بدل الرجل، أو الرجل بدل اليد سقط عنه حدّ السرقة‏.‏

وترد العين المسروقة إن كانت باقية، وقيمتها إن كانت تالفة‏.‏

وقطّاع الطريق أربعة‏:‏

أحدها‏:‏ من يهيِّب ولا يقتل ولا يأخذ المال فإنه يُعزّر‏.‏

والثاني‏:‏ من يقتل ولا يأخذ المال فإنه يُقتل‏.‏

والثالث‏:‏ من يأخذ ولا يقتل فإنه تقطع يده ورجله من خلاف‏.‏

والرابع‏:‏ من يقتل ويأخذ المال فإنه يُصلب‏.‏

قاله ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏

ومن أوجبنا عليه القتل فتاب قبل الظَّفَر به سقط عنه انحتام القتل، وصار الخيار إلى الولي بين العفو، والقود، والدية‏.‏

باب ضمان البهائم وصَوْل الفحل

وضمان البهائم على أربعة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ ما تفسد بالنهار من زرع وثمر فإن ضمانه على أربابه‏.‏

والثاني‏:‏ ما تتلفه بالليل فإن ضمانه على أرباب المواشي، وهذا إذا كان ببلدة لم يكن لبساتينها حيطان، فإن كان لها حيطان لم يضمن ربّ الماشية شيئا‏.‏

والثالث‏:‏ ما تتلفه بيدها، أو رجلها، أو فمها وكان صاحبها معها، فإنه يضمن ذلك سواء كان قائدها، أو سائقها، أو راكبها، أو كان في قطار أو قطيعة أو غيره‏.‏

والرابع‏:‏ أن تُوقف على طريق ليس له إيقافها فيه، فما أتلفت ضمن صاحبها‏.‏

وأما صوْل الفحل‏:‏ فإذا صال عليه، أو على ماله، أو على أهله إنسان أو فحل فلم يقدر على دفعه إلا بقتله فقتَلَه لم يغرم، وكذلك لو دخل بيته فأمره بالخروج فلن يخرج فله ضربه وإن أتى ذلك على نفسه، أو عضّ عضوا من أعضائه فانتزعه من فيه فانتثرت أضراسه لم يضمن، وكذلك لو اطّلع على بيت فطعن عينه بعود، أو رماه بحصاة فذهبت عينه لم يضمن‏.‏

باب الجدار المائل

وإذا مال الجدار‏:‏ فإن مال إلى ملك صاحبه وسقط فيه فأتلف مالا أو نفسا لم يضمن، وإن مال إلى ملك غيره من طريق وغيرها، فقدر على دفعه فلم يفعل حتى سقط فأتلف نفسا، أو مالا، أو صيدا في الحرم لزمه الغرامة، وكذلك إن أدخل ملكه سَبُعًا أو حية فقتل إنسانا لم يضمن‏.‏

فإن أتلف صيدا في الحرم ضمن الجزاء، وكذلك لو حفر بئرا في ملكه فسقط فيها حيوان لم يضمن، وإن سقط فيها صيد وكان في الحرم ضمن الجزاء‏.‏

كتاب الأشربة

الأشربة ضربان‏:‏ مسكر، وغير مسكر‏.‏

وغير المسكر ضربان‏:‏ طاهر ونجس‏.‏

فالنجس لا يحل تناوله، إلا الماء النجس والبول عند خوف العطش‏.‏

وقال في كتاب حرملة‏:‏ إذا وجد ماءً طاهرا ونجسا واحتاج إلى الطهارة توضأ بالطاهر وشرب النجس‏.‏

وأما الطاهر في الأشربة فضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ ما فيه ضرر؛ كالسم وما في معناه، فهو حرام‏.‏

والثاني‏:‏ ما لا ضرر فيه، وهو على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ ما يستقذره الإنسان في الغالب فإنه حرام قليله وكثيره إلا الماء الآجن‏.‏

والثاني‏:‏ ما لا يستقذره الإنسان فهو حلال‏.‏

فأما المسكر فسواء كان من عنب، أو رطب، أو تمر، أو زبيب، أو عسل، أو غيرها فحرام قليله وكثيره، مطبوخه ونَيِّئُه، لا يحل تناوله للتداوي وغيره، كما لا يجوز الزنا للتداوي‏.‏

كتاب الأطعمة

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ‏}‏ فخاطب بهذا العرب‏.‏

قال الشافعي رضي الله عنه‏:‏ وكانوا يتركون من خبيث المآكل ما لا يترك غيرهم‏.‏

فكل طاهر حلال يحل أكله إلا لحم الحيوان غير المأكول كالبغال والحمير وغيرهما والحشرات ولحم الآدمي، وما يستقذره الإنسان كالمني والمخاط وغير ذلك، وما فيه ضرر كالسم وغيره‏.‏

وتحل النّعم كلها، وتكره لحوم الجلاّلة، وتحل الطيور كلها إلا ذوات المخالب، وتحرم الدواب كلها إلا الخيل، ويحرم كل ذي ناب من السباع، ويحل الثعلب، والضبع، والضب، واليربوع، والقنفذ في أحد الوجهين‏.‏

والمحرمات ضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ منصوص عليه‏.‏

والثاني‏:‏ غير منصوص عليه‏.‏

فأما المنصوص عليه فعشرة أشياء‏:‏ الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، وما ذبح على النُّصُب، والإثم وهو الخمر؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْي‏}‏‏.‏

قال الشاعر‏:‏

شربت الإثم حتى زال عقلي *** كذاك الإثم يذهب بالعقول

باب كسب الحجَّام

وكسب الحجام حلال غير مكروه، وكذلك سائر أنواع الكسب، ويكره أن يأخذ على الرقية شيئا، فإن أخذ كرهنا له أن يأكل منه، فإن أخذ مالا على إقامة شهادة عنده لم يكن له ذلك إلا أن يكون بينه وبين الحاكم مسافة، فيأخذ أجرة ليقطع المسافة‏.‏

كتاب الصيد والذبائح

الصيود أربعة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ أن يأخذ بيده صيدا كالطيور والصغار من الصيود فذكاته في الحلق واللَّبَّة‏.‏

والثاني‏:‏ أن يأخذه بالسلاح كالرمي والسهم، فإن خرجت روحه قبل أن يقدر على ذبحه حلّ له‏.‏

والثالث‏:‏ أن يأخذه بالشبكة فذكاته أيضا في الحلق واللَّبِّة‏.‏

والرابع‏:‏ أن يأخذه بجوارح الطيور والسباع، فإن قدر على ذبحه فذكاته في الحلق واللَّبَّة، وإن لم يقدر على ذبحه حتى خرجت روحه حلّ أكله بستة شرائط‏:‏

الأول‏:‏ أن تكون الجارحة معلّمة، وعلامة التعليم خمسة أشياء‏:‏ أن يستشلي إذا استشلى، وينزجر إذا انزجر، ويجيب إذا دعي، لا يأكل إذا أخذ، ويتكرر ذلك منه مرة بعد أخرى‏.‏

والثاني‏:‏ أن يكون قد أدماه على أحد القولين، وفي الرمي قول واحد لا يجوز إلا أن يكون قد أدماه‏.‏

والثالث‏:‏ أن لا يكون قد غاب عن بصره، إلا أن يكون ضربه ضربة بحيث يعلم أنه لا تبقى الروح معها‏.‏

والرابع‏:‏ أن لا يتردى- بعد ذلك- من علو، ولا يقع في نار ولا ماء إلا أن يكون قد ضربه ضربة لا يعيش معها‏.‏

والخامس‏:‏ أن يكون الذي أرسل المعلَّم من يحل أكل ذبيحته، وكذلك الحكم في إرسال الصيد أن يكون أرسله على صيد أو شخص، فإن أرسله على غير شيء فأخذ وقتل لم يحل أكله، ومثله في الرمي‏.‏

والسادس‏:‏ أن يكون هو الذي أرسل الجارحة فإن ذهب بنفسه وقتل لم يحل أكله إلا أن يكون قد زجره فانزجر، ثم أشلاه فاستشلى، ولو قدّه نصفين أكلهما جميعا‏.‏

ويحل السمك كله طافيه وغير طافيه، ودواب الماء إلا الضفدع، والحيّات، وذوات السموم وما يستقذره الإنسان، وموتها كقتلها إلا ما يعيش في غير الماء‏.‏

فصل العقيقة

العقيقة سنَّة، للغلام شاتان، وللجارية شاة، ولا يكسِر العظم بل يفصِّل الأعضاء ويطبخها ويُطعِمها‏.‏

باب الأضحية

الدماء ضربان‏:‏ واجب، وسنَّة‏.‏

فأما الواجب فهو شيئان‏:‏

أحدهما‏:‏ الأضحية المنذورة، فإن عيّنها لم يجز بيعها‏.‏

والثاني‏:‏ الدماء التي ذكرناها في الحج‏.‏

والضرب الثاني من الدماء ما هو سنَّة، وهو ثلاثة‏:‏ الوليمة، والعقيقة، والأضحية‏.‏

فأما الأضحية فإنه يذبح الجذع من الضأن، والثنية من كل شيء، والشاة تجزئ عن واحد، والبقر والإبل عن سبعة، ولا يجوز فيها العوراء البيِّن عورها، ولا العرجاء البيِّن عرجها، ولا المريضة البيِّن مرضها، ولا العفجاء التي لا تنقي، ولا الجرباء البيِّن جربها، وتجوز مكسورة القرن‏.‏

ويستحب في الأضحية عشرة أشياء‏:‏ استسمانها؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ‏}‏ قيل‏:‏ استسمانها، وقيل‏:‏ استحسانها، وأن لا تكون مكسورة القرن، وأن لا يذبحها إلا بعد صلاة الإمام فإن ذبح قبلها وقد حلّت صلاة العيد ومضى من الوقت قدر ركعتين خفيفتين وخطبتين جاز، وأن لا يذبحها إلا مسلم، فإن ذبحا كتابي جاز، وذبح الحائض والصبي والمجنون أولى من ذبح الكافر، وأن يذبح نهارا فإن ذبح ليلا جاز، وأن يرتاد لها موضعا ليِّنا، وأن لا يأخذ من بدنه وشعره شيئا في العشر، وأن يوجه الذبح إلى القبلة، وأن يقول‏:‏ بسم الله، فإن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم أو قال‏:‏ اللهم منك وإليك فتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- فلا بأس، وأن لا يُبين رأسها، فإن ذبحها من قفاها وتحركت بعد قطع رأسها أكل منها، وإلا لم تؤكل‏.‏

وآخر وقت الأضحية مغيب الشمس آخر أيام التشريق‏.‏

ولو أن رجلين ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما ما بين القيمتين وتجزئ عن الأضحية‏.‏

وينحر الإبل والبقر، ويذبح الغنم، فإن نحر كلها أو ذبح كلها جاز‏.‏

وموضع النحر في السنَّة والاختيار‏:‏ اللَّبَّة، وموضع الذبح‏:‏ أسفل مجامع اللَّحْيين، وكمال الذبح بقطع الحلقوم، والمرئ، والوَدَجين، وأقل ما يجزئ من الذكاة أن يبيِّن الحلقوم والمرئ‏.‏

باب البحيرة والسائبة

البحيرة‏:‏ الناقة التي تنتج بطونها، قيل‏:‏ خمسة أبطن، وقيل‏:‏ كلها إناثا، يشق مالكها أذنها، ويخلي سبيلها، ويحلب لبنها في البطحاء، ولا يستجيز الانتفاع بلبنها‏.‏

والسائبة ضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ العبد يعتقه الرجل عند الحادثة فيقول‏:‏ قد أعتقتك سائبة، يعني سيِّبتُك فلا أنتفع بك ولا بولائك‏.‏

والثاني‏:‏ البعير ينجح عليه صاحبه الحاجة فيسبيه ولا يكون عليه سبيل‏.‏

والوصيلة ضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ أن تنتج الشاة الأبطن التي يوقت لها فإذا نتجت بعد ذلك واحدة قالوا‏:‏ أوصلت أخاها‏.‏

والثاني‏:‏ أن تنتج الناقة الخمسة الأبطن عناقين في كل بطن، فيقال‏:‏ هذه وصيلة تصل كل ذي بطن بأخ له معه‏.‏

وقيل‏:‏ إنهم كانوا يوصلونها في ثلاثة أبطن، وقيل‏:‏ خمسة، وقيل سبعة‏.‏

والحام‏:‏ الفحل يضرب في إبل الرجل عشر سنين فيخلّي سبيله، ويقال‏:‏ قد حمى ظهره، ولا ينتفعون من ظهره بشيء‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ أن يكون له من صلبه، أو مما يخرج من صلبه عشرة من الإبل‏.‏

والعرب كانت تتقرب إلى الله تعالى بهذه المعاني، فأبطلها الله تعالى بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ‏}‏ الآية‏.‏

كتاب الأيمان والنذور

والأيمان نوعان‏:‏ يمين تقع في خصومة، ويمين لا تقع في خصومة‏.‏

فاليمين التي تقع في الخصومة نوعان‏:‏ يمين دفع، وهي يمين المنكر، ويمين استحقاق، وهي خمسة‏:‏ اللعان، والقسامة، واليمين في الأموال الخاصة، والنكول وردّ اليمين في جميع الدعاوى، وهل طريقه طرق الإقرار أم البيِّنة‏؟‏ على قولين‏.‏

والخامس‏:‏ اليمين مع الشاهدين في سبع مسائل‏:‏ في الرّد بالعيب، ودعوى البكر الناشز العِنَّة، وفي الجراح على كل عضو باطن، ودعوى الإعسار، وعلى الغائب، وعلى الميّت، وأن يقول لامرأته‏:‏ أنت طالق أمس، ثم قال‏:‏ أردت أنها كانت مطلّقة من غيري فإنه يقيم الشهود في هذه المسائل ويحلف معها‏.‏

وأما اليمين في غير الخصومة فثلاث‏:‏

أحدها‏:‏ يمين لغو، وهو قول الرجل‏:‏ لا والله، وبلى والله، لا يقصد به اليمين‏.‏

والثانية‏:‏ يمين المُكرَه‏.‏

وهما لا ينعقدان‏.‏

والثالثة‏:‏ اليمين المعقودة، وهي نوعان‏:‏ على مستقبل، أو على ماض، فإن حلف على ماض فاجرا؛ فذلك اليمين الغموس‏.‏

والأيمان خمس‏:‏

أحدها‏:‏ أن يحلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته أو باسم من أسمائه‏.‏

والثانية‏:‏ الطلاق‏.‏

والثالثة‏:‏ العتاق‏.‏

والرابعة‏:‏ نذر العبادات، وفيه قول آخر‏:‏ أنه ليس بيمين‏.‏

والخامسة‏:‏ نذر إخراج الأموال‏.‏

وحروف القسم أربعة‏:‏ الألف، والباء، والتاء، والواو، فيقول‏:‏ آالله، وبالله، وتالله، ووالله‏.‏

وألفاظ اليمين ثلاثة، أن يقول‏:‏ أقسم بالله، وأشهد بالله، وأعزم بالله، فإن لم يذكر ‏(‏الله‏)‏ فليس بيمين‏.‏

وينقطع حكم اليمين بخمسة أشياء‏:‏ البر، والحِنث، والاستثناء المتصل، واستحالة البر مثل أن يقول‏:‏ والله لأشرب ماء هذا الكوز فانصب الماء، وانحلال اليمين‏.‏

ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ثم ليُكفّر، فإن قدّم الكفارة جاز إلا الصوم‏.‏

وإن حلف لا يتزوج على امرأته فتزوّج وهي في عدّة منه رجعية حنِث، وإن قال‏:‏ أتزوج عليها فتزوج وهي في عدة منه رجعية كان بارًّا‏.‏

ولو حلف أن لا يسكن، أو لا يركب، أو لا يلبس فإن خرج، أو ترك، أو نَزَعَ مكانه، وإلا حنث‏.‏

ولو قال‏:‏ لا آكل هذه التمرة، ولا أخرجها، ولا أمسكها أكل بعضها‏.‏

وإن قال‏:‏ لا آكل هذه التمرة فاختلطت بتمر كثير فأكله إلا تمرة لم يحنث حتى يتيقّن أنه أكلها، والورع أنه يحنث نفسه‏.‏

ولو حلف لا يأكل حنطة فأكل دقيقا أو سويقا، أو لا يأكل لحما فأكل ألْيَة، أو شحما، أو لحما غير لحم النّعم من الصيود والطيور، ولا يأكل رطبا فأكل تمرا، أو لا يأكل لبنا فأكل زبدا أو جبنا، أو لا يشرب سويقا فأكله، أو لا يأكل خبزا فشربه، أو لا يشرب شيئا فذاقه، أو لا يكلّم فلانا وسلَّم على قوم المحلوف عليه فيهم ولم يَنْوِه، أو كتب إليه كتابا، أو أرسل إليه رسولا، أو لا يأكل رأسا فأكل غير رأس النّعم لم يحنث في هذا كلّه‏.‏

باب النذور

النّذر‏:‏ ما يُقصَد به التقرّب إلى الله تعالى‏.‏

وهو على ثلاثة أنواع‏:‏ محظور، ومباح، ومستحب‏.‏

فإن نذر محظورا لم يلزم، مثل أن يقول‏:‏ أصلي وأنا مُحدِث، أو أصوم وأنا حائض، أو أنحر ابني، أو أحرق مالي وما شابه ذلك‏.‏

وأما المباح فهو في معنى المحظور، وهو أن يقول‏:‏ ألبس ثوبا حسنا، أو آكل طعاما طيّبا وما شابه ذلك‏.‏

وأما المستحب فلازم، مثل أن يقول‏:‏ أحج، أو أعتمر، أو أصوم، أو أصلي‏.‏

فإن نذر الحجّ في سنة بعينها فحصره العدو فلا قضاء عليه، فإن كان ذلك من مرض أو إضلال طريق، أو نسيان، أو توانٍ؛ قضاه‏.‏

ولو نذر صوم سنة بعينها صامها إلا رمضان، والأيام المنهي عن صيامها، ولا قضاء عليه‏.‏

وإن قال‏:‏ أصوم يوم يقدم فلان، ففيه قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يصح نذره؛ لأنه لا يمكنه الوفاء به‏.‏

والثاني‏:‏ يصح نذره، فإن قدم ليلا؛ انحل نذره، وإن قدم نهارا؛ قضاه‏.‏

فإن قال‏:‏ أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا، فقدم يوم الإثنين، صام كل يوم اثنين يستقبله إلا ما ذكرنا، وفي قضائه قولان‏.‏

باب أدب القاضي

والمستحب للقاضي أن لا يقعد في المسجد، وأن لا يكون له حجابا، ويقعد ساكن الجأش من كل شيء، ولا يمتنع من شهود الجنائز، وعيادة المرضى، ويأتي مَقْدَمَ الغائب، ويحضر الولائم كلها أو يتأخر عن جميعها، ولا بأس أن يقول للخصمين‏:‏ تكلّما، أو يسكت حتى يبتدئ أحدهما، ولا يُقدِّم رجلا جاء قبل رجل، ولا يستمع في مجلس إلا في حكم واحد، وإن بان له من أحد الخصمين لَدَدًا نهاه، فإن عاد زَبَرَه وعزَّرَه، ويشاور العلماء الأمناء ولا يقلِّد غيره‏.‏

وهل يحكم بعلمه‏؟‏ على قولين‏:‏

فإن بان له خطأ نقض حكمه، وإن أدى اجتهاده إلى شيء، ثم أدى اجتهاده إلى شيء آخر حكم بالاجتهاد الثاني ولا ينقض الأول‏.‏

ولا يقبل الجرح، والتعديل، والترجمة، والتزكية إلا من عدلين، وإن ارتاب بالشهود سألهم متفرقين، ولا يقبل التعديل حتى يقول‏:‏ عدل عليَّ ولي وأن تكون المعرفة باطنة متقادمة‏.‏

وينبغي أن يكون كاتب القاضي، وصاحب مشورته عالما فقيها، ويختم كيس الرِّقاع ولا يفتحها حتى ينظر إلى ختمها‏.‏

ولا يقبل كتاب قاض إليه إلا بشهادة عدلين‏.‏

باب القسمة

وتُعطى أجرة القسَّام من بيت المال، فإن لم يعطوه فمن مال تقع له القسمة، وإن أبى القسم سائر الشركاء إلا واحدا وكان بعضهم ينتفع به بعد القسمة يقسم وإن لم ينتفع الباقون، ويقسمه بالقرعة على أقل السهام، ولا يجوز أن يجعل السفل لواحد والعلو لواحد، وإن ادعى بعضهم غلطا قبل قوله مع البينة، فإن استحق بعض المقسوم، أو لحق الميت ديْنٌ نقض القسمة، ولا يقسم صنف المال مع غيره‏.‏

وهل تكون أجرة القسَّام على الرءوس أو السهام‏؟‏ فيه قولان‏.‏

كتاب الشهادات

الشهادات على سبعة أوجه‏:‏

أحدها‏:‏ يقبل شاهد واحد، وهو في رؤية هلال رمضان دون سائر الشهور‏.‏

وفيه قول آخر‏:‏ أنه لا يقبل إلا من عدلين‏.‏

والثاني‏:‏ شاهد ويمين، يحكم به في الأموال خاصة‏.‏

والثالث‏:‏ رجل وامرأتان، يحكم به في الأموال وعيوب النساء دون غيرهما‏.‏

والرابع‏:‏ شاهدان، يحكم بهما في الحدود، والنكاح، والقصاص، والحقوق‏.‏

والخامس‏:‏ شاهدان ويمين، يحكم بهما في سبع مسائل قد ذكرناها في كتاب الأيمان‏.‏

والسادس‏:‏ أربع نسوة يحكم بهن في أمور النساء خاصة كالولادة، والرضاع وغيرهما‏.‏

والسابع‏:‏ أربعة من الشهود يحكم بهم في الزنا خاصة‏.‏

وإن رجعوا في الشهادة غرموا في العتاق، والطلاق، والقتل، والقطع، والوقف وغيرها، إلا في الأموال خاصة على أحد القولين‏.‏

وشرائط الشهود سبعة‏:‏ الإسلام، والحرية، والعقل، والبلوغ، والصيانة، والبصر، وأن لا يكون مغفّلا‏.‏

وتجوز الشهادة على الشهادة، ويشهد على كل واحد من شاهدي الأصل شاهدان‏.‏

وهل تجوز الشهادة على الشهادة في الحدود‏؟‏ على قولين‏.‏

ولا تقبل شهادة ستة لستة‏:‏ شهادة العبد لسيده، والسيد لعبده، والوالد لولده، والولد لوالده، والوالدة لولدها، والوالد لوالدته‏.‏

وتجوز شهادة الأخ لأخيه، وأحد الزوجين لصاحبه‏.‏

ومن رُدّت شهادته لمعنى فيه فإذا ارتفع ذلك المعنى قُبلت شهادته فيه، إلا الفاسق إذا ارتفع فسقه‏.‏

وفي تعارض البيِّنتَين قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ تُلغيان‏.‏

والثاني‏:‏ تُستعملان‏.‏

وفي كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال‏:‏

أحدها‏:‏ توقف‏.‏

والثاني‏:‏ تُقسم‏.‏

والثالث‏:‏ تُقرع‏.‏

كتاب الدعاوى والبينات

الدعاوى ضربان‏:‏ فاسد، وصحيح‏.‏

فالفاسد ثلاثة أنواع‏:‏

أحدها‏:‏ أن يدّعي مُحالاً، مثل‏:‏ أن يدّعي مثل جبل أحد ذهبا أو فضة أو ما شابههما‏.‏

والثاني‏:‏ أن يدّعي دعوى أبطلها الشرع، مثل‏:‏ أن يدّعي ثمن خمر، أو خنزير، أو حرّ وما شابههما‏.‏

والثالث‏:‏ أن يدّعي من لا قول له؛ كالصبي، والمجنون ومن في معناهما؛ كالمحجور عليه بالسفه‏.‏

والدعوى الصحيحة مسموعة، فإن أقرّ المدّعى عليه وإلا حلف إن لم تكن عليه بيّنة إلا في خمس مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن يدّعي على صبي أنه بالغ فأنكر‏.‏

والثانية‏:‏ أن يدّعي على إنسان مالاً فقال‏:‏ هو لولدي الطفل‏.‏

وفيه قول آخر‏:‏ أنه يحلف‏.‏

والثالثة‏:‏ أن يدّعي عليه عقدين في عين واحدة من نكاح وخلع، أو بيع وإجارة أو غيرهما، فأقر لأحدهما وأنكر الآخر، وفيه قول ثان‏:‏ أن يحلف للآخر‏.‏

والرابعة‏:‏ أن يدّعي على حاكم أنه جائر في حكمه‏.‏

والخامسة‏:‏ أن يدّعي على شاهدين أنهما شهدا بالزور، فأتلف ما أوجبت شهادتهما، فعليه الغرامة‏.‏

ولا يمين في شيء من الحدود إلا في موضعين‏:‏ اللعان، وحدّ القذف‏.‏

والأيمان ضربان‏:‏

أحدهما‏:‏ على البتِّ، وهو‏:‏ أن يحلف على أمر يرجع إلى ذاته‏.‏

والثاني‏:‏ يرجع على العلم، وهو في ثلاث مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ أن يدّعي على أمر علمه مثل نكاح الوليين وغيره‏.‏

والثانية‏:‏ أن تكون الدعوى على ميت فيحلف الوارث على علمه‏.‏

والثالثة‏:‏ أن يبيع الحيوان على البراءة فوجد به عيبا، يحلف على العلم‏.‏

فإن منعه إنسان حقّه ولا يتوصل إلى أخذه، ثم قدر على مال من أمواله كان له أخذه عن حقّه سواء كان من جنسه أو من غير جنسه‏.‏

باب النكول

ولا يحكم بالنكول في شيء من الأحكام إلا في خمس مسائل يشبه الحكم فيها بالنكول، وليس ذلك حكم بالنكول‏:‏

أحدها‏:‏ إذا قال رب المال للساعي‏:‏ أديت مال زكاتي في بلد آخر فإن اتهم يحلف، وإن نكل حكم عليه بالزكاة للوجوب السابق‏.‏

والثانية‏:‏ أن يكون بدل الزكاة جزية‏.‏

والثالثة‏:‏ أن يكون بدل الجزية خراجا‏.‏

والرابعة‏:‏ أن يدّعي رب الحائط خطأ الخارص، فإن حلف وإلا حكمنا عليه بخرصه‏.‏

والخامسة‏:‏ لو طلب سهم المقاتِلة وقال‏:‏ أنا بالغ، فإن اتهم حلف، وإن نكل لم يعط شيئا‏.‏

ومن أصحابنا من زاد فيها مسألة سادسة، فقال‏:‏ لو وجد في دار الحرب من قد أنبت، فقال‏:‏ مسحتُ به دواءً حتى نبتَ؛ قُبل قوله مع يمينه، فإن أبى أن يحلف قُتل‏.‏

وهذا خطأ؛ لأن إحلافنا إياه حكم عليه بالبلوغ‏.‏

كتاب العتق

العتق نوعان‏:‏ عتق إجبار، وعتق اختيار‏.‏

فأما عتق الإجبار فثمانية أنواع‏:‏ يعتق عليه بالملك نفسه، وأبوه، وجدّه وإن علا، وأمه، وجدّته وإن علت، وولده، وولد ولده وإن سفل، وإن شهد بعتق عبد فردت شهادته ثم ملَكَه‏.‏

وأما عتق الاختيار فيقع بصريحٍ، وكناية، فالصريح لفظان‏:‏ العتق، والتحرير‏.‏

والكناية ما سوى ذلك من الألفاظ التي تشبه العتق‏.‏

فإن عتق في حال الصحة كان من رأس ماله، وإن عتق في مرض الموت كان من ثلثه إلا في مسألتين‏:‏ عتق أم الولد، وأن يموت العبد المعتَق قبله ولا مال له غيره على أحد القولين لابن سريج‏.‏

وإن عتق نصفه عتق كلَّه إلا في مسألتين‏:‏

إحداهما‏:‏ أن يعتق أحد الشريكين نصيبه من العبد وهو مُعسِر‏.‏

والثانية‏:‏ أن يعتق نصفه بعد موته‏.‏

ومتى ضاق الثلث مُيِّز العتق بالقرعة‏.‏

باب التدبير

اختلف قوله في التدبير، هل هو وصية، أو عتق بصفة‏؟‏ على قولين‏.‏

فإذا قلنا‏:‏ هو عتق بصفة لم يجز الرجوع فيه إلا بأن يخرجه من ملكه‏.‏

وهل يتبعها أولادها في التدبير‏؟‏ فيه قولان‏.‏

وصفة التدبير أن يقول‏:‏ أنت حر، أو عتيقٌ دبر موتي‏.‏

فإن قال‏:‏ دبر موت فلان فهو عتق بصفة‏.‏

ويجوز تدبير الصبي، ووصيته في أحد القولين‏.‏

فإن دبّر ثم كاتب، أو كاتب ثم دبّر جاز‏.‏

باب عتق أمهات الأولاد

واختلف قوله في الأمة، بماذا تصير أمَّ ولد‏؟‏ على قولين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن يقع العلوق بحر‏.‏

والثاني‏:‏ أن يقع الوطء في ملكه‏.‏

وأقل ما تصير به أمَّ ولد له أن يتبيّن فيه شيء من خلق الآدمي، وبه تنقضي العدّة‏.‏

وفي نكاح أم الولد ثلاثة أقاويل‏:‏

أحدها‏:‏ يجبرها على النكاح‏.‏

والثاني‏:‏ يزوّجها باختيارها‏.‏

والثالث‏:‏ لا يزوّجها‏.‏

وتفارق أم الولد المدبرَ في ثماني مسائل‏:‏

لا تُباع، ولا توهب، ولا تُنكح على أحد القولين، ولا تُرهن، وعتقها من رأس المال، ويضمن سيدها جنايتها الثانية في أحد القولين، ويتبعها ولدها، قولا واحدا، ولا تجوز فيها الوصايا، إن كاتبها ثم استولدها لم تبطل الكتابة وإن استولدها ثم كاتبها جاز‏.‏

وإن أسلمت أم الولد النصراني أُخذ بنفقتها، وحيل بينهما حتى يعتقها أو يموت، أو يُسْلم‏.‏

ويجوز بيع أمّ الولد في ثلاث مسائل‏:‏

أحدها‏:‏ المرهونة‏.‏

والثانية‏:‏ الجانية‏.‏

والثالثة‏:‏ أمّ ولد المُكاتب‏.‏

فإن تزوج بأمة فولدت منه ثم أوصى بها له فيجوز بيعها؛ لأنه علق بحكم النكاح‏.‏

كتاب القرعة

القرعة نوعان‏:‏

أحدها‏:‏ في الأموال‏.‏

والثاني‏:‏ في غير الأموال‏.‏

فأما القرعة في الأموال فهي في ثلاث مسائل‏:‏ تعارض البيِّنتَين، وتمييز العتق من الملك، والقسمة‏.‏

وأما في غير الأموال ففي عدّة مسائل منها‏:‏ البداءة في القسم بين النساء، وإخراج واحدة منهن إلى السفر، واجتماع الأولياء في النكاح، والقصاص، واجتماع عدد في مواتٍ أو معدنٍ ظاهر، وعند الحاكم للخصومة‏.‏

والقرعة تقع على ضربين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن تُكتب الأسماء فتُخرَج على السهام‏.‏

والثاني‏:‏ أن تُكتب السهام فتُخرَج على الأسماء‏.‏

باب أحكام العبيد والإماء

ويفارق العبد الحر في عدّة أحكام‏:‏ لا تلزمه الجمعة، ولا تنعقد به، ولا يلزمه حج أو عمرة إلا بنذر، وعورة الأمة مثل عورة الرجل، ويجوز النظر إلى وجهها لغير محرم، ولا يكون شاهدا، ولا ترجمانا، ولا قائفا، ولا قاسما، ولا خارصا، ولا مقوِّما، ولا كاتبا في حكم، ولا أمين الحاكم، ولا إماما، ولا قاضيا، ولا يُقلَّد أمرا عامًّا، ولا يملك، ولا يطأ بالتسري، ولا تلزمه الزكاة إلا زكاة الفطر، ولا يُعطى في الحج والكفارات مالا، ولا يأخذ من الزكوات والكفارات شيئا إلا سهم المكاتبين، ولا يصوم غير الفرض إذا أضرّ ذلك به إلا بإذن سيده، ولا يلزمه إقرار في المال في الحال، ولا يُسهَم له من الغنيمة، ولا يأخذ اللقطة إلا على حكم غيره، ولا يكون وليا في نكاح ولا قصاص ولا حدّ، ولا يرث، ولا يورث، ولا يكون وصيّا، ولا يُرجم في الزنا، ولا يتحمّل الدية، ولا تُحمَل عنه، ولا تتحمّل العاقلة ثمنه على أحد القولين، ولا تصح كفالته دون إذن سيده، ويجب في قتله قيمته، وفي أطرافه ما نقص من قيمته على أحد القولين، وحدّه على النصف، ويتزوّج بأمتين، ولا يتزوج بأكثر من امرأتين، وطلاقه اثنتان، وعدّتها قَرآن، أو شهران في أحد الأقاويل، ولا لعان بينها وبين سيّدها، ولا يُنفى في الزنا على أحد القولين، وإن نُفي فنصف سنة، ويتزوج بحرة وأمة في عقد واحد، وصداقها لسيدها، ولو زنت استحقت الصداق في أحد القولين، ولا يلحق ولدها بسيّدها حتى يقرّ بالوطء، ولا يُقتل به الحر، ولا يُقتل به من نصفه حر ونصفه عبد، وتُؤدى به فرض الكفارة، ولا يزوّج نفسه، ويصوم في الكفارة، ويُكرَه على النكاح، وقسم الأمة على النصف، ولا يُحدّ قاذفه، ويجوز رهنها، ولا خيار لها تحت عبد، ولا تجب نفقة الأقارب‏.‏

باب المعتَق نصفه

أحكام المعتق نصفه على ثلاث مراتب‏:‏

أحدها‏:‏ حكمه مثل حكم الأحرار‏.‏

والثانية‏:‏ مثل حكم العبيد‏.‏

والثالثة‏:‏ بعضه مثل حكم الأحرار وبعضه مثل حكم العبيد‏.‏

فأما الذي حكمه حكم العبيد‏:‏ ففي النكاح، والطلاق، والعدة، والحدود، والشهادة، ووجوب الجمعة وانعقادها، والقصاص، ونفقة الأقارب، ولا يُحدّ قاذفه، ولا خيار لها تحت عبد، ولا يرث ولا يورث‏.‏

وأما الذي أحكامه أحكام الأحرار فهو‏:‏ أنه لا يُقتل بعبد، وكفارته بالمال إن كان موسرا وغيرهما من الأحكام‏.‏

وأما ما بعضه حكم الأحرار وبعضه حكم العبيد فهو‏:‏ الملك وغيره من الأحكام‏.‏

كتاب أحكام الأعمى

والأعمى كالبصير في جميع الأحكام إلا في سبع مسائل‏:‏ لا جهاد عليه، وتُكرَه إمامته في أحد القولين، وتُستحبّ في القول الثاني‏.‏

ولا يجتهد في القبلة، ولا يصح بيعه، ولا شراؤه، وفي ولايته وجهان، ولا دية في عينيه‏.‏

ولا تُقبل شهادته إلا في أربعة مواضع‏:‏ الترجمة، والنسب، وما تحمّل وهو بصير، وأن يقبضَ على المقرّ حتى يشهد عند القاضي‏.‏

كتاب أحكام الأولاد

ولد الحرّة حر، وولد المملوكة مملوك، وولد أم الولد تبع لها‏.‏

وفي ولد المدبّرة، والمعتقَة بصفة، والمكاتبة قولان‏.‏

وولد الأضحية أضحية، وولد الهدي هدي، وولد المبيعة تبع لها، وهل يؤخذ بجزء من الثمن‏؟‏ على قولين‏.‏

وولد المرهونة، والجانية، والمؤجّرة، والمعارَة، والموصى بها إذا ولدت قبل موت السيد، والموطوءة بالشبهة، والموهوبة إذا ولدت قبل القبض لا يكون تبعا لها‏.‏

وولد المغصوبة، والمأخوذة على البيع الفاسد، وعلى السَّوم تبع لها كما سبق في باب الضمان‏.‏

تمّ كتاب اللُّباب بحمد الله، وعونه وتوفيقه، وبمنِّه، وصلى الله على سيدنا محمد نبيِّه وآله، وسلّم تسليما كثيرا‏.‏

وكان الفراغ من نسخه في اليوم الأحد من شهر صفر سنة ثلاث وأربعين وستمائة‏.‏