فصل: باب في نبذة من المضحكات والملح

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحاضرات ***


باب في نبذة من المضحكات والملح

وهذه نبذة في المضحكات وكل ما تنبسط به النفس من الملح، واعلم أن هذا النوع هو للعقل فاكهة، كما أن الحكمة السابقة هي غذاؤه وقوامه، فلا بد من كل منهما في استصلاح العقول وإزالة جساوتها وتنمية ذكائها، غير أن الملح تكون بقدر الحاجة كالملح للطعام، وإلى ذلك أشار القائل‏:‏

أفسد طبعك المكدود بالجد راحة *** تفره وعلله بشيء من المزح

ولكن إذا أعطيته المزح فليكن *** بمقدار ما يعطى الطعام من الملح

وقال ابن عباس رضي الله عنه‏:‏ إذا مللتم فأحمضوا إي إذا مللتم من الجد فخذوا في شيء من الهزل، وقالوا‏:‏ الانبساط بين أهل المروءة يسقط الحشمة، ويؤكد الحرمة، ويفتق البديهة، ويشحذ الطبيعة، وقال آخر‏:‏ من كمال المرء مفاكهة إخوانه، إذ ممازحة الكريم تزيد في وده وتديم إخاءه، وقال الشاعر ‏"‏في ذلك‏"‏‏:‏

ممازحة الكريم تزيد ودًا *** إذا كانت تضاف إلى الملاحة

فمازح من تحب وتصطفيه *** فمزحك مع صديقك فيه راحة

ولا بد أن يكون ذلك على قدر، ومع أهله، وإلاّ كان سخفًا ومجلبة لكل سوء، ولذلك قال عمر رضي الله عنه‏:‏ من كثر ضحكه استخف ‏"‏به‏"‏ وذهب بهاؤه، وقال سعيد بن العاصي‏:‏ لا تمازح الشريف ‏"‏فيحقد‏"‏ ولا الدنيء فيجترئ، وقال جعفر بن محمد‏:‏ إياكم والمزاح فإنه يذهب بنور الوجه، وقال الشاعر‏:‏

الكبر ذل والتواضع رفعة *** والمزح والضحك الكثير سقوط

والحرص فقر والقناعة عزة *** واليأس من صنع الإله قنوط

غيره‏:‏

وإياك إياك المزاح فإنه *** يجري عليك الطفل والرجل النذلا

ويذهب ماء الوجه بعد بهائه *** ويورثه من بعد عزته ذلا

فهذا كله من الإفراط ومع ممازحة الأنذال أو مفاتحة النذل من فوقه من الأشراف بالمزاح، فإنه إنما يحسن بين الأكفاء والله الموفق‏.‏

قال عبد الرحمان بن ‏"‏أبي‏"‏ الزناد لأشعب الطامع‏:‏ أنت شيخ مسن، فهل تروي شيئًا من الحديث قال‏:‏ نعم، حدثني عكرمة عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ خصلتان من حافظ عليهما دخل الجنة قال‏:‏ قلت‏:‏ فما هما‏؟‏ قال‏:‏ نسي عكرمة إحداهما ونسيت أنا الأخرى‏.‏

وكان أشعب هذا يغشى سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم، فخرج سالم يومًا إلى حائط له بأهله ومعهم طعام، فتبعهم أشعب ودق الباب فلم يفتح له فتسور الحائط فأشرف على سالم فقال له سالم‏:‏ أما تستحيي‏؟‏ تطلع على بناتي‏؟‏ فقال أشعب‏:‏ ‏{‏لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا في بَنَاتِكَ منْ حَقٍّ وَإنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ‏}‏ فقال له‏:‏ اخرج وبعث إليه بطعام فأكله وانصرف‏.‏

وتداعى قوم من بني راسب وقوم من الطفاوة إلى زياد زياد في غلام وأقام كلّ بينةً، فأشكل الأمر على زياد، فقام سعد الرابية اليربوعي فقال‏:‏ أيها الأمير، قد تبين لي في هذا الكلام وجه الحكم فوَلِّنِيِه، فقال‏:‏ ما هو‏؟‏ فقال‏:‏ يطرح في النهر، فإن طفا فوق الماء فهو للطفاوة، وإن رسب في الماء فهو لبني راسب، فنهض زيد وذهب وقد علاه الضحك، ثم أرسل إلى سعد فقال‏:‏ ألم أنهك أن تمازح في مجلسي قال‏:‏ أصلحك الله حضرني أمر خفت ‏"‏أن أنساه‏"‏‏.‏

ودخل رجل على الشعبي وامرأته معه فقال‏:‏ أيكما الشعبي‏؟‏ فقال الشعبي‏:‏ هذه، وأشار إلى المرأة، فقال‏:‏ ما تقول في رجل شتمني في أول ‏"‏يوم من‏"‏ رمضان أيؤجر على ذلك أم لا‏؟‏ فقال الشعبي‏:‏ أما إن قال لك‏:‏ يا أحمق فأرجو أن يكون له في ذلك الأجر العظيم‏.‏

وأهدى رجل إلى الحجاج تينًا في غير إبانه فجلس على الباب ينتظر الجائزة، فإذا بقوم جلبوا ليقتلوا، فلما بلغوا الباب هرب واحد منهم، فخاف الموكل بهم على نفسه، فأخذ صاحب التين فيهم، فلما قدموا للقتل قال‏:‏ أيها الأمير، هؤلاء يذنبون وأنا لا ذنب لي، فقال له الحجاج‏:‏ ألست منهم‏؟‏ فقال‏:‏ لا، أنا ‏"‏الذي‏"‏ جئت بالتين، فبحث الحجاج على ذلك فوجده صادقًا فقال له‏:‏ أخفناك مع إحسانك إلينا، تمن عليّ، فقال له الرجل‏:‏ تعطيني ربع دينار، فقال‏:‏ ما تصنع به‏؟‏ قال‏:‏ أشتري به فأسًا فأقطع هذه الشجرة التي كانت سبب معرفتي بك، فضحك الحجاج وأمر له بصلة سنية‏.‏

ومات للحجاج بعض من يعز عليه فقال لمن بحضرته‏:‏ ليت إنسانًا يعزيني بما يسليني، فقال رجل من أهل الشام كان أرسله عبد الملك إليه‏:‏ أنا أسليك قال‏:‏ قل، فقال‏:‏ كل خليل سوف يفارق خليله بموت أو يقتل أو يصلب أو يقع من أعلى البيت أو يقع في بئر أو يكون شيء آخر لا نعرفه، فقال الحجاج‏:‏ قد سليتني والله عن مصيبتي بأعظم منها في توجيه أمير المؤمنين رسولًا مثلك‏.‏

ودخل إسماعيل بن يسار يومًا على الغمر بن يزيد بن عبد الملك بعد أن حجبه ساعة ثم أذن له، فجعل إسماعيل يبكي، فقال له الغمر‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ فقال‏:‏ وكيف لا أبكي وأنا على مروانيتي ومروانية أبوي أحجب عنك‏؟‏ وجعل الغمر يعتذر له وهو يبكي فما سكت حتى وصله بمال، فلما انصرف تبعه رجل فقال له‏:‏ أي مروانية كانت لك ولأبويك‏؟‏ فقال‏:‏ بغضنا إياهم، امرأته طالق إن لم تكن أمه تلعن مروان وآله كل يوم مكانَ التسبيح، وإن لم يكن أبوه حضره الموت فقيل له‏:‏ قل‏:‏ لا إله إلاّ الله فقال‏:‏ لعن الله مروان تقربًا بذلك إلى الله تعالى وإقامة له مقام التوحيد‏.‏

ودخل أبو دلامة على المهدي فقال له‏:‏

إني رأيتك في المنا *** م وأنت تعطيني خياره

مملوءة بدراهم *** وعليك تفسير العبارة

فقال له‏:‏ هات خيارة تملأ لك، فخرج وأتى بقرعة فقال له‏:‏ أنت رأيت الخيارة وهذه قرعة فقال‏:‏ أُم الدلامي طالق إن كنت رأيت إلاّ قرعة، ولكني نسيت فما ذكرتها حتى رأيتها في السوق، فضحك المهدي وأمر له بخمسة آلاف درهم‏.‏

وجلس بشار يومًا مع الناس على باب المهدي ينتظرون الإذن، فقال بعض موالي المهدي لمن حضر‏:‏ ما عندكم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأوْحَى رَبُّكَ إلى النَحْلِ‏}‏ ما المراد بالنحل‏؟‏ فقال بشار‏:‏ النحل التي يعرفها الناس، فقال‏:‏ هيهات يا أبا معاذ‏!‏ النحل هنا بنو هاشم، وقوله‏:‏ ‏{‏يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ للنّاسِ‏}‏ هي أنواع العلوم‏.‏ فقال له بشار‏:‏ جعل الله طعامك وشرابك وشفاءك ما يخرج من بطون بني هاشم، فغضب وشتم بشارًا‏.‏ وبلغ الخبر المهدي فدعاهما فسألهما عن القصة، فأخبره بشار بها فضحك حتى أمسك على بطنه‏.‏

وسأل أبو العيناء بعض الوزراء أن يكتب له كتابًا إلى عامل له في رجل يطلب تسريحه فكتب إليه، فلما خرج قال‏:‏ أخشى أن يكون كصحيفة المتلمس، ففتحه فإذا فيه‏:‏ أما بعد فقد سألنا من لا نوجب حقه في رجل لا نعرفه، فإن فعلت خيرًا لم نشكرك، وإن فعلت شرًا لم نلمك، فرجع به إلى الوزير وقال له‏:‏ ما هذا الذي كتبت أيها الوزير‏؟‏ فقال‏:‏ تلك علامة بيني وبين العامل إذا أراد قضاء حاجة إنسان، فإن السؤال كثير، فقال أبو العيناء‏:‏ لعن الله الوزير، وقطع يديه ورجليه، وأعمى عينيه، وأصم أذنيه، فقال الوزير‏:‏ ما هذا الدعاء‏؟‏ فقال‏:‏ هذه علامة بيني وبين ربّي إذا أردت أن يستجيب لي في قضاء حاجة إنسان‏.‏

وأتى رجل إلى النخاس فقال له‏:‏ اطلب لي حمارًا ليس بالصغير المحتقر، ولا الكبير المسرف، إن خلا لَهُ الطريقُ تدفق، وإن كثر الزحام ترفق، وإن قللت علفه صبر، وإن أكثرته شكر، وإن ركبته هام، وإن ركبه غيري نام، لا يصادم السواري، ولا يدخل تحت البواري فقال له النخاس‏:‏ يا عبد الله، اصبر، فإن مسخ الله القاضي حمارًا أصبت لك حاجتك إن شاء الله‏.‏

ومثل هذا ما روي أن رجلًا أراد شراء فرس فقال له النخاس‏:‏ صف لي بغيتك منه، فقال‏:‏ أريده حسن القميص، جيد الفصوص وثيق القصب نقي العصب، يشير بأذنيه، ويشرف برأسه ويخطر بيديه، ويدحو برجليه، كأنه مرج في لجة، أو سَيْلٌ في حَدُورٍ أو منحط من جبل، فقال له النخاس‏:‏ نعم كذلك كان صلوات الله عليه وسلامه فقال‏:‏ إنما وصفت لك فرسًا، ‏"‏فقال‏"‏‏:‏ والله ما كنت أحسب إلاّ أنك تذكر صفة نبي من الأنبياء‏.‏

وأُخِذ بعض الشطار فحُمل إلى الكاتب ليسجّل نعته، فأغلق عينه اليمنى فكتب الكاتب‏:‏ أعور العين اليمنى، فلما علم الشاطر أنه قد كتب ذلك فتح اليمنى وأغلق اليسرى، فلما نظر إليه الكاتب توهم أنه غلط فمحا اليمنى وكتب اليسرى، فأغلق الشاطر اليمنى وفتح اليسرى، فنظر الكاتب إليه ‏"‏فقال‏:‏ لعن الله الشيطان، أفسدت ما كان صحيحًا، فكتب اليمنى فأغلق الشاطر اليسرى، فتحير الكاتب‏"‏ ولم يدر ما يفعل فكتب‏:‏ أعور من أي عينيه شاء‏.‏

وأُخذ قوم محاربون فقدموا لتضرب أعناقهم فقال واحد منهم‏:‏ والله ما كنت إلاّ أغني لهم، فقيل له‏:‏ فغَنِّ إذن فلم يجرِ على لسانه غير قول القائل‏:‏

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن مقتد

فقيل له‏:‏ صدقت وضربت عنقه‏.‏

وذكرت الشيعة عند بعض شيوخ الإباضية قالوا‏:‏ مخالفونا من أهل القبلة كفار، ومرتكب الكبيرة موحد غير مؤمن بناء على أن الأعمال داخلة في الإيمان، وكفروا عليًا رضي الله عنه وأكثر الصحابة‏"‏‏.‏

في ح‏:‏ ‏"‏أول كلمة‏"‏ بالتنكير فأنكرهم وسبهم جدًا فقيل له في ذلك فقال‏:‏ إن الشين أول الكلمة إنما توجد في مسخوط مثل شؤم وشر وشيطان وشح وشغب وشرك وشتم وشَيْن وشوك وشوصة وشكوى وشنآن قلت‏:‏ وليس كما قال، بل هذا كثير، وضده وهو المحبوب أيضًا كثير، مثل شهد وشبع وشرب وشكر وشرف وشاب وشرع وشكد وشحم وشورى وشفاعة وشفقة وشغفر وشفاء، وفي أسمائه تعالى‏:‏ الشكور الشهيد‏.‏

وخطب عتاب بن ورقاء الرياحي يومًا فقال وهو على المنبر‏:‏ أقول لكم كما قال الله في كتابه‏:‏

ليس شيء على المنون بباق *** غير وجه المسبّح الخلاّق

فقيل له‏:‏ أيها الأمير هذا قول عدي بن زيد فقال‏:‏ ليقله من شاء فنعم القول هو‏.‏

وأتي يومًا بامرأة من الخوارج فقال لها‏:‏ يا عدوة الله ما حملك على الخروج أما سمعت الله يقول‏:‏

كتب القتل والقتال علينا *** وعلى الغانيات جر الذيول

فقالت‏:‏ جهلك بكتاب الله يا عدو الله حملني على الخروج عليك وعلى أئمتك‏.‏

ومثل هذا ما خطب علي بن زياد الأيادي فقال‏:‏ أقول لكم مثل قول الرجل الصالح‏:‏ ‏{‏مَا أُرِيكُمْ إلاّ مَا أرَى وَمَا أُهْدِيكُمْ إلاّ سَبيلَ الرَّشَادِ‏}‏ فقيل له‏:‏ إنما قاله فرعون، فقال‏:‏ يقوله من فاله فقد أحسن فيه‏.‏

وكان رجل يكثر مجالسة أبي يوسف ويطيل الصمت، فقال له يومًا ألا تسأل‏؟‏ قال‏:‏ بلى، متى يفطر الصائم‏؟‏ قال‏:‏ إذا غربت الشمس، قال فإن لم تغرب إلى نصف الليل‏؟‏ فضحك أبو يوسف وتمثل بقول الشاعر‏:‏

عجبت إزراء الغبيّ بنفسه *** وصمت الذي قد كان بالعلم أعلما

وفي الصمت ستر للغبي وإنما *** صحيفة لب المرء أن يتكلما

ومثل هذا ما روي أن شابًا كان يكثر مجالسة الأحنف ولا يتكلم، فأعجب الأحنف ذلك منه، ثم خلت الحلقة يومًا فقال له الأحنف‏:‏ يا ابن أخي مالك لا تتكلم‏؟‏ فقال‏:‏ يا عم أرأيت لو أن رجلًا سقط من شرفة هذا المسجد أيضره شيء‏؟‏ فقال الأحنف‏:‏ ليتنا تركناك يا ابن أخي مستورًا ثم أنشد متمثلًا‏:‏

وكائن ترى من صامت لك معجب *** زيادته أو نقصه في التكلم

لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده *** ولم يبق إلاّ صورة اللحم والدم

وروي عن الجاحظ قال‏:‏ عبرت على معلم كتّاب فدخلت إليه فرحب بي وأجلسني معه فذاكرته في القرآن فإذا هو ماهرٌ فيه، وكذا في العربية واللغة والشعر كما هو عارف، فقَوي عزمي على تمزيق ‏"‏دفتر المعلمين‏"‏ وجعلت أختلف إليه فأتيت يومًا فوجدت الكتاب مغلقًا، فسألت عنه فقيل‏:‏ مات له ميت، فذهبه لأعزيه، فدققت الباب وخرجت جارية فقال‏:‏ ما تريد‏؟‏ فقلت‏:‏ أريد مولاك، فقالت‏:‏ هو جالس وحده في العزاء ما يأذن لأحد فقلت‏:‏ قولي له‏:‏ صديقك فلان فدخلت فقالت‏:‏ ادخل فدخلت فقلت له‏:‏ أعظم الله أجرك ‏{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ‏}‏ وهذا سبيل لا بد منه، فعليك بالصبر، ثم قلت‏:‏ هذا الميت ولدك‏؟‏ فقال‏:‏ لا، قلت‏:‏ والدك‏؟‏ قال‏:‏ لا، قلت أخوك‏؟‏ قال‏:‏ لا، قلت‏:‏ فمن‏؟‏ قال‏:‏ حبيبتي، فقلت في نفسي‏:‏ هذا أوان المناحس، ثم قلت‏:‏ سبحان الله‏!‏ النساء كثير، وتجد أحسن منها، فقال‏:‏ وكأني رأيتها فقلت في نفسي‏:‏ وهذه منحسة ثانية، ثم قلت‏:‏ وكيف عشقت من لم تره‏؟‏ فقال‏:‏ كنت في الطارمة فسمعت مغنيًا يقول‏:‏

يا أم عمرو جزاك الله مغفرة *** ردي عليّ فؤادي أينما كانا

‏"‏لا تأخذين فؤادي تلعبين به *** فكيف يلعب بالإنسان إنسانا‏"‏

فقلت في نفسي‏:‏ أولًا أن أم عمرو ما في الدنيا مثلها ما قيل فيها هذا الشعر، فعلقها قلبي، ثم بعد أيام مرّ بي ذلك الرجل ‏"‏أو غيره‏"‏ وهو يقول‏:‏

إذا ذهب الحمار بأم عمرو *** فلا رجعت ولا رجع الحمار

فعلمت أنها ماتت فحزنت عليها، وجلست للعزاء منذ ثلاثة أيام، قال الجاحظ‏:‏ فعاد عزمي إلى إبقاء ‏"‏الدفتر‏"‏ بأم عمرو‏.‏

وعن بعضهم قال‏:‏ لقيت شيخًا من الأعراب فرجوت أن يكون يقول الشعر أو يرويه فسألته فقال‏:‏ أما الرواية فلم أسمع من أروي عنه، وأمّا القول فلم أقل قط إلاّ بيتًا واحدًا، فقلت‏:‏ وهذا خير، أروي عنك هذا البيت فتحصل به رواية شعرك فما هو‏؟‏ فقال‏:‏

سقيًا ورعيًا وزيتونًا ومغفرة *** قتلتم الشيخ عثمان بن عفان

قال الراوي‏:‏ فجعلت أتأمله، فقال الشيخ‏:‏ لعلك تتأمل في فهم معناه ‏"‏قلت‏:‏ نعم، قال‏:‏ أنا قلته منذ سبعين سنة وأنا أفكر في معناه‏"‏ فما فهمته، فكيف تطمع به أنت في ساعة واحدة‏.‏

‏"‏وقال أحمد بن عمار‏:‏ عملت شعرًا لا معنى له ولا قافية، وقلت لسعيد بن حميد‏:‏ رَوِّهِ فلانًا صديقًا لنا من الطالبيين، وكان جلدًا شهمًا، معه تغفيل، وقل له‏:‏ ينشده شجاع بن القاسم كاتب المستعين كأنه يمدحه به، وضل له على ذلك صلة وهو‏:‏

شجاع لجاع كاتب لاتب معا *** كجلمود صخر حطه السيل من عل

خبيص لبيص مستمر مقدم *** كثير أثير ذو شمال مهذب

فطين أطين آمر لك زاجرًا *** حصيف لصيف حين يجبر يعلم

بليغ لبيغ كلما شئت قلته *** لديه وإن تسكن من القول يسكن

أديب أبيب فيه عقل وحكمة *** عليم بشعري حين أنشد يشهد

كريم أريم قالص متباسل *** إذا جئته قدمًا إلى البذل يسمح

فحفظه الطالبي ولقي شجاعًا ونحن نسايره فقال‏:‏ أعزك الله، ليس الشعر من صناعتي، ولكنك أحسنت إليّ وإلى أهلي، فتكلفت أبياتًا مدحتك بها، فإن رأيت أن تسمعها مني، قال‏:‏ قد أغناك الله من ذلك بشرفك ومودتك، فقال‏:‏ بلى تتفضل بسماعها، وأنشده الأبيات، فلما فرغ شكره على ذلك، ودخل إلى المستعين فأخرج له عشرة آلاف درهم، وأجرى له ألف درهم في كل شهر، فجائنا الطالبي شاكرًا‏:‏ أنتما أوصلتما هذا‏.‏

وتزوج رجل امرأة حمقاء فغاب عنها مدة فلما قدم وضمها الفراش سألها عما حدث في غيبته فأنشأت تقول‏:‏

ما مسّني بعدك من إنسِّي *** غير غلام واحد قيسيِّ

ورجل آخر من بَلِيّ *** وثالث جا من بني عَدِيّ

ورابع أيضًا أتى من طَيّ *** وخمسة جاءوا مع العشيّ

وسبعة كانوا على الطويّ *** غر كرام من بني عليّ

وآخرين معملي المطيّ *** من بين كوفي ومن بصريّ

ومن تهاميّ ومن نجديّ *** ما فيهم من ليس بالمرضيّ

فقام بضربها فصاحت فأجتمع الناس فقال لهم‏:‏ لولا أني قمت أضربها لعدّتْ عليّ أهلَ عرفات ومنى‏.‏

وكان بشار إذا أعوزنه القافية أو المعنى يدخل في شعره أشياء لا حقيقة لها تكميلًا لشعره، فمن ذلك أنه أنشد شعرًا فقال فيه‏:‏

غنّي للغريض يا ابن قنان

فقيل له‏:‏ من ابن قنان هذا‏؟‏ فإنا لا نعرفه في المغنين، فقال‏:‏ وما عليكم منه‏؟‏ ألكم قِبّلهَ دَينٌ تطالبونه به‏؟‏ أو ثأر تريدون أن تدركوه منه‏؟‏ أو كفلت لكم به فإذا غاب طلبتموني‏؟‏ فقالوا‏:‏ ليس بيننا وبينه شيء من هذا، ولكنا أردنا أن نعرفه، فقال‏:‏ هذا رجل يغني لي ولا يخرج من بيتي، فقالوا له‏:‏ إلى متى‏؟‏ فقال من يوم ولد إلى يوم يموت، فتفرقوا عنه متضاحكين‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ شربنا يومًا عند عبد الصمد بن علي عم المنصور، وكان يغنينا الدارمي المكي، وكان حلو ظريفًا، فنعس عبد الصمد وعطس الدارمي عطسة هائلة فوثب عبد الصمد مرعوبًا وغضب غضبًا شديدًا وقال‏:‏ يا ابن الفاعلة، إنما أردت أن تفزعني، قال‏:‏ لا والله ولكن هذا عطاسي، فقال‏:‏ والله لأقبنك أو تأتيني ببيِّنة على ذلك، ووكل به غلمانه، فخرج ولا يدري أين يذهب، فلقيه رجل يعرفه من أهل مكة، فسأله عن أمره فأخبره فقال له‏:‏ أنا أشهد لك، ومضى معه حتى دخل على عبد الصمد فقال له‏:‏ بم تشهد لهذا‏؟‏ فقال‏:‏ رأيته عطس عطسة سقط منها ضرسه، وتطاير نصف لحيته، فضحك عبد الصمد وقال‏:‏ خلوا سبيله‏.‏

وقال الماوردي‏:‏ كنت بمجلس درسي بالبصرة فدخل عليّ شيخ مسنّ قد ناهز الثمانين أو جاوزها وقال لي‏:‏ قصدتك بمسألة اخترتك لها فقلت‏:‏ وما هي‏؟‏ وظننت أنه يسأل عن حادثة نزلت به، فقال‏:‏ أخبرني عن طالع إبليس وطالع آدم من النجوم ما هو، فان هذين لعظيم شأنهما لا يسأل عنها إلا علماء الدين، فعجبت وعجب من في مجلسي من سؤاله وبادر إليه واحد منهم بالإنكار والاستخفاف، فكففتهم، وقلت‏:‏ هذا لا يقتنع مع ما ظهر من حاله إلا بجواب مثله، فأقبلت عليه وقلت‏:‏ يا هذا إن النجمين يزعمون أن نجوم الناس لا تعرف إلاّ بمعرفة مواليدهم، فإن ظفرنا بمن يعرف وقت ميلادهما أخبرناك بالطالع، فقال جزاك الله خيرًا، وانصرف مسرورًا، فلما كان بعد أيام عاد إلي وقال‏:‏ ما وجدت إلى وقتي هذا من يعرف مولدهما‏.‏

وكان المأمون يومًا جالسًا مع ندمائه مشرفًا على دجلة يتذاكرون أخبار الناس، فقال المأمون‏:‏ ما طالت لحية إنسان إلاّ نقص من عقله بقدر ذلك، فلم يسلم له أصحابه ذلك، فبينما هم في ذلك رأوا رجلًا كبير اللحية حسن الهيئة والثياب، فقال المأمون‏:‏ عليّ به، فلما وقف بين يديه سلم، فأجلسه المأمون، وقال له‏:‏ ما أسمك‏؟‏ قال‏:‏ أبو حمدونة، فقال‏:‏ وما كنيتك‏؟‏ قال‏:‏ علوبة، فضحك المأمون وأقبل على جلسائه فغمزهم عليه، ثم قال‏:‏ ما صنعتك قال‏:‏ فقيه أجيد الشرح للمسائل، فقال‏:‏ نسأل عن مسألة، فقال‏:‏ سل عما بدا لك، قال‏:‏ فما تقول فيمن أشترى شاة فلما قبضها خرجت من أستها بعرة فقأت عين رجل، على من تجب دية العين‏؟‏ على البائع أم على المشتري‏؟‏ فنكت بإصبعه الأرض طويلًا ثم قال‏:‏ دية العين على البائع قال‏:‏ ولمَ‏؟‏ قال‏:‏ لأنه باع ولم يشترط أن في أستها منجنيقًا، فضحك المأمون ومن معه، ثم أنشأ يقول‏:‏

ما أحد طلت له لحية *** فزادت اللحية في هيئته

إلاّ وما نقص من عقله *** أكثر مما زاد في لحيته

ويؤيد هذا ما روي أن معاوية كان مع أصحابه فمرّ بهم رجل طويل اللحية فقال معاوية‏:‏ أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طول اللحية، فقال عمرو بن العاصي‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ «اعتبروا عقل الرجل في ثلاث‏:‏ طول لحيته، وكنيته، ونقش خاتمه»، فلما جاءهم الرجل قال معاوية‏:‏ ما نقش خاتمك‏:‏ ‏{‏وَتَفَقّدَ الطّيْرَ فَقَالَ مَالي لا أرَى الهُدْهُدَ‏}‏‏.‏ قال‏:‏ وما كنيتك‏؟‏ قال‏:‏ أبو الكوكب الدري، فقال معاوية‏:‏ كمل الرجل، ولهذا قال عليه السلام‏:‏ «من سعادة المرء خفة لحيته»‏.‏

وروي أن أعرابيين اختصما إلى شيخ حيهما، فقال أحدهما للآخر‏:‏ إنك والله ما تحفظ آية من كتاب الله، فقال الآخر‏:‏ والله إني لقارئ، فقال له الشيخ‏:‏ اقرأ علي، فقال كأنه يقرأ‏:‏

علق القلب ربابا *** بعدما شابت وشابا

إن دين الحبّ فرض *** لا ترى فيه ارتيابا

فقال الشيخ لخصمه‏:‏ والله لقد قرأها كما أنزلت، فقال خصمه‏:‏ والله يا سيدي ما تعلمها إلاّ البارحة‏.‏

ويشبه هذا ما ذكر أن رجلًا سمع رجلًا ينشد‏:‏

فلا تقبل لغانية يمينا *** ولو حلفت برب العالمينا

فقال‏:‏ أشكل علي موضعها في ‏{‏إنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا‏}‏‏.‏

وذكر أن أعرابيًا تقدم إلى القاضي سوار في أمر فلم يجد عنده ما يحب، فاجتهد فلم يظفر بحاجته، قال‏:‏ فقال الأعرابي وفي يده عصا‏:‏

رأيت رؤيا ثمَّ عبرتها *** وكنت للأحلام عبارا

بأنني أخبط في ليلتي *** كلبًا فكان الكلب سوارا

ثم انحنى على سوار بالعصا حتى منع منه قال‏:‏ فما عاقبة سوار‏.‏

ويروى أن ضيفًا نزل بالحطيئة وهو يرعى غنمًا له وفي يده عصا فقال له الضيف‏:‏ يا راعي الغنم، فأومأ الحطيئة بعصاه وقال‏:‏ عجراء من سلم، فقال الرجل‏:‏ إني ضيف فقال‏:‏ للضيفان أعددتها‏.‏

وروي أن ناسكًا من بني الهجيم بن عمرو بن تميم كان يقول في قصصه‏:‏ اللهم اغفر للعرب خاصة، وللموالي عامة، فأما العجم فهم عبيدك، والأمر إليك‏.‏

ونظر يزيد بن مَزْيد الشيباني إلى رجل ذي لحية عظيمة وقد تلففت على صدره، وإذا هو خاضب فقال‏:‏ إنك من لحيتك في مئونة فقال‏:‏ أجل، ولذلك أقول‏:‏

لها درهم للدهن في كلّ جمعة *** وآخر للحناء يبتدران

ولولا نوال من يريد بن مزيد *** لصوَّت في حافاتها الجَلّمان

ونظر أعرابي إلى رجل جيد الكِدْنة أي الشحم يعني سمينًا فقال‏:‏ يا هذا، إني لأرى عليك قطيفة محكمة من نسج أضراسك‏.‏

ويروى أن جارية لهمام بن مرة بن ذهل بن شيبان قالت له يومًا‏:‏

أهمام بن مرة حنّ قلبي *** إلى اللائي يكن مع الرجال

فقال‏:‏ يا فَساقِ، أردت صفيحة ماضية فقالت‏:‏

أهمام بن مرّة حنّ قلبي *** إلى صلعاء مشرفة القذال

فقال‏:‏ يا فَجارِ، أردت بيضة حضينة فقالت‏:‏

أهمّام بن مرّة حنّ قلبي *** إلى أير أسد به مبالي

وكان بشار يقول‏:‏ لم تقل امرأة شعر قط إلاّ تبين فيه الضعف، فقيل له‏:‏ أو كذلك الخنساء‏؟‏ قال‏:‏ تلك كان لها أربع خُصىً‏.‏

وقال المبرد‏:‏ حدّثني شيخ من الأزد عن رجل منهم أنه كان يطوف بالبيت وهو يدعو لأبيه فقيل له‏:‏ ألا تدعو لأمك فقال‏:‏ إنها تميمية‏.‏ وسُمع رجل يطوف بالبيت وهو يدعو لأمه ولا يذكر أباه، فعوتب فقال‏:‏ هذه ضعيفة وأبي يحتال لنفسه‏.‏

وقال بعض المحدثين‏:‏

ولا أكتم الأسرار لكن أنمها *** ولا أترك الأسرار تغلي على قلبي

وإن أحق الناس بالسخف لامرؤ *** تقلبه الأسرار جنبًا إلى جنب

وقال الآخر‏:‏

وأمنع جارتي من كلّ خير *** وأمشي بالنميمة بين صحبي‏"‏

ورأى طفيلي رجلًا اشترى سمكًا كثيرًا مطبوخًا، وحمله على رأس أمه له إلى داره، فتبعه، فلما رأى الرجل الطفيلي بادر فأدخل الأمة ودخل وأغلق الباب، فتسور الطفيلي فأشرف عليهم، فقال له الرجل‏:‏ أما تتقي الله تطلع على محارم الناس‏؟‏ فقال‏:‏ ‏{‏لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا في بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإنّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ‏}‏ فضحك الرجل وقال له‏:‏ انزل إلى الباب يفتح لك، فنزل، فعمد الرجل إلى كبار السمك فجعلها في زاوية البيت وترك الصغار، فلما دخل الطفيلي ورآها علم القصة، فأجال بصره في البيت فرأى الإناء في زاوية البيت مغطى، فعلم أن حاجته فيه، فجعل يأخذ من تلك الصغار السمكة فيقطع رأسها ‏"‏بعنف‏"‏ ويقربه من أذنه ويصغي إليه ثم يطرحه، فقال له الرجل‏:‏ ما هذا الذي تصنع‏؟‏ فقال له‏:‏ اعلم أن أبي كان يسافر في البحر، فغرق وأكلته الحيتان، فقلت‏:‏ اليوم أدرك ثأري، فإذا بهذه الحيتان تقول لي‏:‏ إنا عند غرق أبيك لم نكن خلقنا بعد، وإن التي أكلت لحم أبيك في الإناء الذي في زاوية البيت، فضحك الرجل واستظرفه، وآتاه بالإناء الذي فيه الكبار، فأكل حتى قضى حاجته‏.‏

‏"‏وأتى طفيلي وليمة فاقتحم وأخذ مجلسه مع الناس، فأنكر عليه صاحب الدار وقال‏:‏ لو صبرت حتى يؤذن لك لكان أحسن لأدبك فقال‏:‏ إنما اتخذت البيوت ليدخل فيها، والموائد ليؤكل عليها، والشحنة قطيعة، وإطراحها صلة، وجاء في الآثار‏:‏ صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، ثم اجمع فيها خلالًا، أحصل مجالسًا، وآكل موانسًا، وأبسط رب الدار وإن كان عابسًا، وأنشد‏:‏

***

كل يوم أدور في عرصة الدا *** ر أشم القتار شم الذباب

فإذا ما رأيت آثار عرس *** أو دخانا أو دعوة الأصحاب

لم أعرج دون التقحم لا أن هب شتمًا ولكزة البواب ***

مستهينًا بمن دخلت عليه *** غير مستأذن ولا هيّاب

فتراني ألف بالرغم منهم *** كلّ ما قدّموهُ لف العقاب

ذاك أهنا من التكلف والغر *** م وشتم البقال والقصاب

وعن آدم الطويل قال‏:‏ دخل حانوتي غريب يأكل شيئًا من طعام أتى به، فرآه طفيلي فجاء ليدخل فرددته وقلت له‏:‏ ما أكثر ما تتردد إلينا، فقال الغريب الذي في الحانوت‏:‏ لعله كما قال الشاعر‏:‏

لو طبخت قدر بمطمورة *** أو في ذرى قصر بأعلى الثغور

وكنت بالصين لوافيتها *** يا عالم الغيب بما في الصدور‏"‏

لله الأمر من قبل ومن بعد‏.‏

طفيل بن دلال الهلالي رأس الطفيليين

واعلم أن الطفيلي، وهو من يغشى الناس ابتغاء الأكل من غير استدعاء ولا سؤال، منسوب إلى طفيل بن دلال الهلالي، وكان بالكوفة، فكان إذا سمع بطعام أتاه من غير أن يدعى إليه، فما فاته عرس قط، فقيل له‏:‏ طفيل الأعراس، فكان كل من فعل فعله ينسب إليه فيقال‏:‏ طفيلي‏.‏

ويقال‏:‏ إنه لما حضرته الوفاة دعا ابنه عبد الحميد ليعهد إليه بهذه الحرفة فقال له‏:‏ يا بني إذا دخلت عرسًا فلا تلتفت التفات المريب، وتخير المجلس، فإن كان العرس كثير الزحام فمُرْ وانْه، وامض لشأنك، ولا تنظر في وجوه الناس ليظن أهل الرجل أنك من أهل المرأة ويظن أهل المرأة أنك من أهل الرجل، فإن كان البواب فظًا وقاحًا فابدأ به ومره وانهه من غير عنف ثم أنشد يقول‏:‏

لا تجزعن من القري *** ب ولا من الرجل البعيد

وادخل كأنّك طابخ *** بيديك مغرفة الثريد

متدليًا فوق الطعا *** م تدلّي البازي الصيود

لتلف ما فوق الموا *** ئد كلها لفّ الفهود

واطرح حياءك إنما *** وجه المطفل من حديد

وعليك بالفالوذجا *** ت فإنها بيت القصيد

حتى إذا أحرزتها *** ودعونهم هل من مزيد‏؟‏

والعرس لا يخلو من ال *** لوزينج الرطب العتيد

فإذا أتيت به حوي *** ت محاسن الجامّ الجديد

ثم أغمي عليه عند ذكر اللوزينج فأفاق بعد ساعة فقال‏:‏

وتنقلَنَّ على الموا *** ئد مثل شيطان مَرِيد

فإذا انتقلت عبثت بال *** كعك المجفف والقديد

واعلم بأنك إن قبل *** ت نعمت يا عبد الحميد

وقال بنان الطفيل‏:‏ دخلت البصرة فإذا فيها عريف للطفيليين يكسوهم ويرشدهم إلى الأعمال، ويقاسمهم، فجئته فكساني وصرفني معهم فأزللت شيئًا كثيرًا، والزلة عندهم ما يفضل في الولائم، فأخذ النصف وأعطاني النصف، ثم حضرت عرسًا جليلًا فأخذت زلة فلقيني رجل فاشتراها مني بدينار وكتمته، فلما جئت دعا العريف جماعة منهم فقال لهم‏:‏ إن هذا البغدادي قد خان، وظن أني لا أعلم ما فعل، فاصفعوه وعرفوه قال‏:‏ فصفعني الأول منهم وشم يدي فقال‏:‏ أكل مضيرة، وصفعني الثاني وشم يدي فقال‏:‏ أكل بقيلة، وهكذا حتى ذكروا كل ما أكلت ثم صفعني آخر فقال‏:‏ هاهو ذا، فدفعته إليهم، وجردني من الثياب التي أعطاني وقال‏:‏ اخرج، يا خائن، في غير حفظ الله، فخرجت متوجهًا إلى بغداد، وأقسمت أن لا أقيم ببلد طفَيْليَّتُهُ يعلمون الغيب‏.‏

وبنان هذا هو الذي قيل له‏:‏ ما تحفظ من القرآن فقال‏:‏ كنت حفظته ثم نسيته إلاّ آية واحدة، قيل‏:‏ وما هي‏؟‏ قال‏:‏ ‏{‏وَإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏آتِنَا غَدَاءَنَا‏}‏ فقيل له‏:‏ وهل تحفظ من الشعر شيئًا‏؟‏ فقال‏:‏ بيتًا واحدًا وهو‏:‏

تزوركم لا نكافيكم بجفوتكم *** إن الكريم إذا لم يستزر زارا

وقال الشاعر‏:‏

الماء في دار عثمان له ثمن *** والخبز أيضًا له شأن من الشان

عثمان يعلم أن الحمد ذو ثمن *** لكنه يشتهي حمدًا بمَجّان

والناس أكيس من أن يمدحوا رجلًا *** ما لم يروا عنده آثار إحسان

وقال آخر‏:‏

على الماء في داره زحمة *** وفيها على الخبز سفك الدما

أضاف أناسا إلى داره *** فنزههم في نجوم السّما

وبالجوع قطع أمعاءهم *** ‏{‏وإن يستغيثوا يغاثوا بما‏}‏

وقال غيره‏:‏

يا داخلًا في داره خارجا *** من غير ما معنى ولا فائده

قد جن أضيافك من جوعهم *** فاقرأ عليهم سورة المائده‏"‏

ومن الملح القديمة ما يحكى عن نبي الله سليمان عليه السلام أنه وعدته الهدهد وهو في ساحل البحر أن تضيفه هو وجنوده أجمعين، فلما كان الوقت جاءت بجرادة فرمت بها في البحر ثم قالت لهم‏:‏ دونكم، فمن فاته اللحم فليشرب المرق، فضحكوا من ذلك حولًا كاملًا‏.‏

لله الأمر من قبل ومن بعد‏.‏

باب في ذكر شيء من أخبار الثقلاء

اعلم أن الثقلاء أشد الخلق ضررًا على العقلاء، وأثقل من رواسي الجبال على قلوب النبلاء، قيل لجالينوس‏:‏ لم صار الرجل الثقيل أثقل من الحِمْل الثقيل‏؟‏ فقال‏:‏ لأن ثقله على القلب دون الجوارح، والحِمْل الثقيل يستعين القلب عليه بالجوارح، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- إذا استثقل رجلًا يقول‏:‏ اللهم اغفر لنا وأرحنا منه، وقال الأعمش‏:‏ من فاتته ركعتا الفجر فليلعن الثقلاء، ونقش على خاتمه‏:‏ يا مقيت أبرمت فقم، فإذا استثقل جليسًا ناوله إياه، وربما أنشد‏:‏

وما الفيل تحمله ميتا *** بأثقل من بعض جلاسنا

وقال له رجل‏:‏ مم عمشت عيناك‏؟‏ فقال‏:‏ من النظر إلى الثقلاء أمثالك، وقال جالينوس‏:‏ لكل شيء حمى وحمى الروح النظر إلى الثقيل‏.‏ وكان حماد بن زيد إذا استثقل جليسًا قال‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا اكْشِفْ عَنّا العَذَابَ إنّا مُؤْمِنُونَ‏}‏ وكان يجلس إلى معمر بن المثنى رجل ثقيل اسمه زنباع، فسأل رجل يومًا معمرًا عن معنى الزنبعة في كلام العرب فقال‏:‏ التثاقل، ولذلك سمي جليسنا هذا به‏.‏

وقال أبو العتاهية لابن له ثقيل‏:‏ يا بني أنت والله ثقيل الظل، مظلم الهوا، خامد النسيم، بارد حامض منتن‏.‏

وقال زياد بن عبد الله‏:‏ قيل للشافعي‏:‏ هل يمرض الروح قال‏:‏ نعم من ظل الثقلاء قال‏:‏ فمررت به يومًا وهو بين ثقيلين فقلت‏:‏ كيف الروح‏؟‏ فقال في النزع‏.‏ وقال سهل بن هارون‏:‏ من ثقل عليك بنفسه، وأغم عليك بحديثه، فأعره عينًا عمياء، وأذنًا صماء‏.‏ وكان بعض الظرفاء إذ رأى ثقيلًا يقول‏:‏ قد جاءكم الجبل، فإذا جلس قال‏:‏ قد وقع عليكم، وقيل لظريف له ثلاثة بنين ثقلاء‏:‏ أي بنيك أثقل‏؟‏ قال‏:‏ ليس بعد الكبير أثقل من الصغير إلاّ الأوسط‏.‏

وكان يلم ببشار ثقيل اسمه أبو سفيان، فسئل عنه فقال‏:‏ لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملته، ولا كيف احتاجت إلى الجبال بعدما أقلته، كأن قربه أيام المصائب، وليالي النوائب، وكأن عشرته فقد الحبائب، وسوء العواقب، ثم أنشد‏:‏

ربما يثقل الجليس وإن كا *** ن خفيفًا في كفة الميزان

ولقد قلت حين وتّد في البيْتِ *** ثقيل أربى على ثهلان

كيف لا تحمل الأمانة أرض‏؟‏ *** حملت فوقها أبا سفيان

وكان له صديق يستثقل، اسمه هلال، فقال لبشار يومًا يمازحه‏:‏ يا أبا معاذ، إن الله لم يذهب بصر أحد إلاّ عوضه منه شيئًا، فما عوضك‏؟‏ قال‏:‏ الطويل العريض، قال‏:‏ وما هو‏؟‏ قال‏:‏ أن لا أراك ولا أرى أمثالك من الثقلاء ثم قال‏:‏ يا هلال، تطيعني في نصيحة أخصك بها‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ إنك كنت تسرق الحمير زمانًا، ثم تبت وصرت رافضيًا، فعد، والله، إلى سرقة الحمير، فهي والله، خير لك من الرفض، وفي هلال هذا يقول بشار‏:‏

وكيف يخف لي بصري وسمعي *** وحولي عسكران من الثقال

قعودًا عند دسكرتي وداري *** كأن لهم عليَّ فضول مال

إذا ما شئت جالسني هلال *** وأي الناس أثقل من هلال‏؟‏

وقال الحمدويّ‏:‏ بعث إلي أحمد بن حرب المهلبي في غداة غيم فأتيته وعنده عجاب المغنية، فلما أكلنا أخذنا في الشراب والغناء، فمرت لنا أطيب ساعة فقال ابن حرب‏:‏ اللهم اكفنا ثقيلًا ينغص، فما تم قوله حتى دق الباب ففتح فدخل رجل آدم ضخم، فلم يدر كيف يسلم، ولا بم يتكلم، وخطا فعثر في قدح فكسره، فلما رأيت ما حل بنا أخذت القلم والقرطاس وكتبت‏:‏

كدّر الله عيش من كدّر العي *** ش وقد كان صافيًا مستطابا

جاءنا والسماء تهطل بالغي *** ث وقد طابق السماع الشرابا

كسر الكأس وهي كالكوكب الدر *** ي ضمت من المدام لعابا

قلت لما رُميت منه بما أكس *** ره والدهر ما أفاد أصابا

عجل الله نقمة لابن حرب *** تدع الدار بعد شهر خرابا

وألقيتها إلى ابن حرب فلما قرأها قال‏:‏ ويحك ألاّ نفست‏؟‏ فقلت‏:‏ بعد حول فقلت‏:‏ ما أردت أن أقول‏:‏ إلاّ بعد يوم، ولكني خفت أن تصيبني معكما الصيحة، ففطن الثقيل فنهض، فقال لي ابن حرب‏:‏ آذيته، فقلت‏:‏ هو آذاني أولًا، والبادي أظلم، ثم قال‏:‏ لعمري لئن أساء في قدومه وإقدامه، لقد أحسن في نهوضه وقيامه‏.‏

واستأذن بعض الثقلاء على ابن المبارك فلم يأذن له، فكتب إليه ذلك الثقيل‏:‏

هل لذي حاجة إليك سبيل‏؟‏ *** لا طويل قعوده بل قليل

فأجابه ابن المبارك‏:‏

أنت يا صاحب الكتاب ثقيل *** وقليل من الثقيل طويل

وذكر ثقيل عند بعض الأذكياء فقال‏:‏ هو ثقيل السكون، بغيض الحركة، كثير الشؤم، قليل البركة، كأنه ثقل الدين، ووجع العين، وما أحقه بقول القائل‏:‏

ثقيل يطالهنا من أمم *** إذا سرّه رغم أنفي ألم

لنظرته وخزة في القلوب *** كوخز المحاجم في الملتزم

أقول له إذ أتى لا أتى *** ولا حملته إلينا قدم‏:‏

عدمت خيالك لا من عمىً *** وسمع كلامك لا من صمم

ووصف آخر ثقيلًا فقال‏:‏ هو بين الجفن والعين قذاة، وبين القدم والنعل حَصاةٌ، ما أشبه طلعته إلاّ بوقت الفراق، أو كتاب الطلاق، أو طلعة الرقيب، أو موت الحبيب‏:‏

مشتملٌ بالبغض لا تنثني *** إليه طوعًا لحظة الرامق

يظلّ في مجلسنا قاعدًا *** أثقل من واش على عاشق

وذكر عند العباس بن الحسن العلوي ثقيل يسمى أبا عمار فقال‏:‏ ما الحمام على الأضرار، وحلول الدين على الإقتار، وشدة السقم في الأسفار، بأثقل على النفس من طلعة أبي عمار، وأنشد‏:‏

تحمل منه الأرض أضعاف ما *** يحمله الحوت من الأرض

وقال بعضهم في صفة ثقيل‏:‏ هو أثقل من داء بلا علة، وأبغض من خراج بلا غلة، قد خرج عن حد الاعتدال، وذهب من ذات اليمين إلى ذات الشمال، يحكي ثقل الحديث المعاد، على القلوب والأكباد، وإذا نظرت إلى مشيته أنشدت‏:‏

ثقيل براه الله أثقل من برا *** ففي كل قلب بغضة منه كامنه

مشى فدعا من ثقله الحوت ربه *** وقال‏:‏ إلهي، زيدت الحوت ثامنه

وقول أبي عمار بل عبد الله بن خلف في صفة ثقيل‏:‏

وثقيل أشد من ثقل المو *** ت ومن شدة العذاب الأليم

لو عصَت ربها الجحيمُ لما كا *** ن سواه عقوبة للجحيم

ولابن عطاء الصنهاجي‏:‏

ليس من الناس ولكنه *** يحسبه الناس من الناس

أثقل في أنفس أصحابه *** من جبل راس على راس

وقال آخر وبالغ‏:‏

يا رحمة الله على آدم *** رحمة من عمّ ومن خصصا

لو كان يدري أنه خارج *** مثلك من إحليله لاختصى

وقال آخر مثله‏:‏

لو كان آدم عالمًا غيبا بأن *** ستكون من أولاده فيما غبر

لأبان حقًا بالطلاق ثلاثة *** وأبى لأجلك أن يكون أبا البشر

وقول الآخر، ويقال‏:‏ إنها ما قرئت على ثقيل إلاّ ارتحل‏:‏

يا مبرمًا أهدى حمل *** خذ وارتجل ألف جمل

قال‏:‏ وما أحملها *** قلت‏:‏ زبيب وعسل

قال‏:‏ ومن يقودها‏؟‏ *** قلت له‏:‏ ألف بطل

قال‏:‏ وما سلاحهم‏؟‏ *** قلت‏:‏ سيوف وأسَل

قال‏:‏ وما لباسهم‏؟‏ *** قلت‏:‏ حليٌّ وحلل

فقال‏:‏ ملك لي إذن‏؟‏ *** قلت‏:‏ نعم إن ترتحل

قال‏:‏ فهل أبرمتكم‏؟‏ *** قلت له‏:‏ الأمر جلل

قال‏:‏ وهل أثقلتكم‏؟‏ *** قلت له‏:‏ فوق الثقل

وقال البهاء المهلبي‏:‏

وجاهل طال به عنائي *** لازمني وذاك من شقائي

كأنه الأشهر من أسمائي *** أخرق ذو بصيرة عمياء

لا يعرف المدح من الهجاء *** أفعاله الكل بلا استواء

أقبح من وعد بلا وفاء *** ومن زوال النعمة الحسناء

أبغض للعين من الأقذاء *** أثقل من شماتة الأعداء

فهو إذا رأته عين الرائي *** أبو معاذ وأخو الخنساء

ومطيع بن إياس قال‏:‏

قل لعباس أجبنا *** يا ثقيل الثقلاء

أنت في الصيف سَمُوم *** وجليد في الشتاء

وللصاحب بن عباد‏:‏

تزلزلت الأرض زلزالها *** وأخرجت الأرض أثقالها

مشى ذا الثقيل على ظهرها *** فماجت وقيل‏:‏ انظروا ما لها

وقال آخر‏:‏

إذا جلس الثقيل إليك يومًا *** أتتك عقوبة من كل باب

فهل لك يا ثقيل إلى خصال *** تنال ببعضها كرم المآب

إلى مالي فتأخذه جميعا *** أحل لديك من ماء السحاب

وتنثف لحيتي وتدق أنفي *** وما في فيَّ من ضرس وناب

على أن لا أراك ولا تراني *** على حال إلى شيب الغراب

وقال أبو نواس في الرقيب‏:‏

لسهم الجرح في فؤادي *** وذاك الجرح من عين الرقيب

يوكل ناظريه بنا ويحكي *** مكان الحافظين على الذنوب

ولو سقط الرقيب من الثريا *** لصب على محب أو حبيب

ولو عمي الرقيب بغير شك *** لأبصر قلبه ما في القلوب

وله‏:‏

لاحظته فبسما *** وخلا المكان فسلما

وبدا الرقيب فقلت‏:‏ لا *** سلم الرقيب من العمى

ولابن المعتز‏:‏

قد دنت الشمس للمغيب *** وحان شوقي إلى الحبيب

طوبى لمن عاش عشر يوم *** له حبيب بلا رقيب

قيل لأبي الحارث جميز‏:‏ ما تشتهي قال‏:‏ القضاء على أعين الرقباء وألسن الوشاة وأكباد الحساد‏.‏

وقال القاضي عمر بن الوردي‏:‏

لي شهوتان أحب جمعهما *** لو كانت الشهوات مضمونه

أعناق عدائي ‏"‏مدققة‏"‏ *** ومفاصل الرقباء ‏"‏مدفونه‏"‏

وقال غيره‏:‏

قال لي عُوَّدي غداة رأوني *** ما الذي تشتهيه واجتهدوا بي

قلت مِقْلىً فيه لسان وشاة *** قطعوه فيه بصنع عجيب

وأضيفت إليه كِبْدُ حسود *** فقئت فوقها عيون الرقيب

آخر‏:‏

عندي لكم يوم التواصل دعوة *** يا معشر الندماء والجلساء

أشوي قلوب الحاسدين بها وأل *** سنة الوشاة وأعين الرقباء

وقال جحظة‏:‏

يا لفظة النعي بموت الخليل *** يا وقفة التوديع بين الحمول

يا شربة اليارج يا أجرة ال *** منزل يا وجه العدو الثقيل

يا نهضة المحبوب عن غضبة *** يا نعمة قد أذنت بالرحيل

ويا طبيبًا قد أتى باكرًا *** على أخي السقيم بماء البقول

ويا كتابًا جاء من مخلف *** للوعد مملوءًا بعذر طويل

يا بكرة الثكلى إلى حفرة *** مستودع فيها عزيز الثكول

يا ردة الحاجب عن قسوة *** يا نكسة من بعد برء العليل

يا طلعة النّعش ويا منزلًا *** أقفر من بعد الأنيس الخليل

يا شوكة في قدم رخصة *** ليس إلى إخراجها من سبيل

وجحظة هذا من ولد يحيى بن خالد بن برمك، واسمه أحمد بن جعفر وسماه ابن المعتز جحظة لجحوظة في عينيه، وكان قبيح الوجه طيّب الغناء، وفيه يقول ابن الرومي‏:‏

نبئت جحظة يستعير جحوظهُ *** من فيل شطرنج ومن سرطان

يا رحمة لمنادميه تحملوا *** ألم العيون للذة الآذان ‏"‏

لله الأمر من قبل ومن بعد‏.‏

باب نبذة في الأوليات

وهذه نبذة في الأوليات مما علق بفكري في‏:‏ أول نبي ورسول آدم عليه السلام، وهو أول من بنى، وأول من الحرث والحياكة وأمور النساء والنسل مما يكثر عده، أول قاتل قابيل، أول مقتول هابيل، أول رسول إلى أهل الأرض أي كل من في الأرض من الناس المختلفين نوح عليه السلام، وبما ذكرنا يظهر الفرق بينه وبين آدم، فإن آدم أرسل إلى أولاده، وهم وإن كثروا بنو رجل واحد، وهو أول من عمل السفينة، وأول من هلك قومه بعصيانه‏.‏

أول من ظهر فيه سواد الخلقة الكوش بن حام، وهو جد السودان، وقيل إنهم إنما اسودوا من حرارة بلدهم‏.‏

أول ملك قام في الأرض كيومرث ‏"‏قيل‏"‏ وهو ابن آدم لصلبه‏.‏

أول من سخرت له الخيل إسماعيل بن إبراهيم -عليهما السلام- وقيل‏:‏ إنه أعطيها آدم قبل ذلك‏.‏

أول من بنى الكعبة إبراهيم -عليه السلام- وقيل‏:‏ أول من بناها شيت بن آدم‏.‏

أول من نطق بالعبرانية إسحاق بن إبراهيم -عليهما السلام-‏.‏

أول من بنى بالآجر فرعون -لعنه الله-‏.‏

أول من جمع العروبة وهي الجمعة كعب بن لؤي أحد أجداده صلى الله عليه وسلم‏.‏

أول من خضب بالسواد من العرب عبد المطلب بن هاشم‏.‏

أول من اتخذ العود للغناء لامك والد نوح -عليه السلام-‏.‏

أول امرأة ثقبت أذناها وخفضت وجرَّت ذيلها هاجر أم إسماعيل -عليه السلام-‏.‏

أول من قال القريض والرجز يعرب بن قحطان‏.‏

أول جزية وقعت في الأرض أخذها أولاد حام من أولاد يافث ثم أجلاهم أعني أولاد حام إلى بلاد المغرب يعرب المذكور‏.‏

أول من تتوج من ملوك العرب سبأ‏.‏

أول من سقف البيوت بالخشب المنشور أَمِيم وكان ملكًا أبا قبيلة‏.‏

قال المعري‏:‏

يراه بنو الدهر الأخير بحاله *** كما أبصرته جرهم وأمِيم

أول من كسا البيت الحرام بالديباج الحجاج، وقيل‏:‏ عبد الله بن الزبير، وقيل‏:‏ قتيلة بنت جناب أم العباس بن عبد المطلب‏.‏

أول ميت بعد الهجرة وأول من صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من دفن بالبقيع أسعد بن زرارة -رضي الله عنه- وقيل أول منه إلى الموت كلثوم بن الهِدْمِ‏.‏

أول من قال أما بعد قس بن ساعدة الإيادي، وقيل غيره وقال القائل‏:‏

‏"‏جرى الخلف ‏"‏أما بعد‏"‏ من كان بادئًا *** بها عد أقوام وداوود أقرب

ويعقوب أيوب الصبور ونافع *** وقس وسحبان وكعب ويعرب ‏"‏

أول سورة أنزلت‏:‏ ‏{‏اقْرَأ بِاسْمِ رَبّكَ‏}‏ وقيل‏:‏ ‏{‏يَا أيُّهَا المُدَّثِرُ‏}‏ وأولية الأولى بحسب النبوءة والثانية بحسب الرسالة‏.‏

أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال ‏"‏الصرحاء‏"‏ أبو بكر الصديق ولذلك سمي صديقًا -رضي الله عنه- ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان علي -رضي الله عنه وعن جميعهم-‏.‏

أول جمعة صليت في المدينة قبل الهجرة صلاها المصعب بن عمير وأصحابه -رضي الله عنهم-‏.‏

أول جمعة صليت في غير المدينة في جُواثَى‏:‏ قرية بالبحرين‏.‏

وأول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن أبي وقاص الزهري -رضي الله عنه-‏.‏

أول غنيمة حصلت عبر عمرو بن الحضرمي، وهو أول مقتول على الكفر‏.‏

أول متبارزين في الجهاد حمزة وعلي وعبيدة مع أقرانهم من المشركين، وهم عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، وقيل إنه فيهم نزلت‏:‏ ‏{‏هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ‏}‏‏.‏

أول مولود في الإسلام عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-‏.‏

أول الخلفاء في هذه الملة أبو بكر -رضي الله عنه-‏.‏

أول الملوك فيها معاوية -رضي الله عنه-‏.‏

أول من كتب بالعربية إسماعيل -عليه السلام-‏.‏

أول من أدخل الكتاب العربي على أرض الحجاز حرب بن أمية وقيل‏:‏ سفيان بن أمية‏.‏

أول من جمع القرآن في الصحف أبو بكر‏.‏

أول من جمعه في المصاحف عثمان -رضي الله عنه-‏.‏

أول من تكلم في فن الإعراب أمير المؤمنين علي‏.‏

أول من جمع الحديث إمامنا مالك -رضي الله عنه-‏.‏

أول من هذب علم أصول الدين وحصله أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري -رضي الله عنه-‏.‏

أول من اتخذ ركاب السرج من حديد المهلب بن أبي صفرة‏.‏

أول من أدخل علوم الأوائل في هذه الملة المأمون العباسي‏.‏

لله الأمر من قبل ومن بعد‏.‏

باب نبذة من المواعظ والوصايا

وهذه نبذة من المواعظ والوصايا، فمن ذلك ما يروى حديثًا نحو قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُؤْمِنُ مَنْ أمِنَهُ النّاسُ عَلى أمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَاجَرَ الخَطَايَا وَالذَنُوبَ وَالمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ في طَاعَةِ اللهِ تَعَالى»‏.‏

وقوله عليه السلام لعبد الله بن عمر‏:‏ «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ‏:‏ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»‏.‏

وقوله‏:‏ «مَا يَنْتَظِرُ أحَدُكُمْ إلاّ غِنىً مُطغِيًا، أوْ فَقْرًا مُنْسِيًا، أوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أوْ هَرَمًا مُنْفِدًا أوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أوْ الدَّجّالَ، وَالدَّجّالُ شَرٌّ غَائِبٍ ‏"‏يُنْتَظَرُ‏"‏ أوِ السّاعَةَ وَالسَاعَةُ أدْهَى وَأمَرُّ»‏.‏

وقوله‏:‏ «عِشْ مَا شِئْتَ فَإنّكَ مَيِّتٌ، وَأحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإنَّكَ مُفَارِقُهُ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ، فَإنّكَ مُلاقِيهِ»‏.‏

وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا في أيْدِي النّاسِ يُحِبُّكَ النّاسُ»‏.‏

وقوله‏:‏ «لَيْسَ لِلإنْسَانِ مِنْ مَالِهِ إلاّ مَا أكَلَ فَأفْنَى، أوْ لَبِسَ فَأبْلى، أوْ تَصَدَّقَ فَأمْضَى»‏.‏

ومن كلام الصديق رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏الموت أهون ما بعده وأشد ما قبله‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ثلاثة من كن فيه كن عليه‏:‏ البغي والنكث والمكر‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏إن الله تعالى قرن وعده بوعيده ليكون العبد راغبًا راهبًا‏"‏‏.‏

ومن كلام الفاروق رضي الله عنه يخاطب ابنه عبد الله‏:‏ ‏"‏أما بعد، فإن من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن شكر له زاده، ومن استقرضه جزاه، فاجعل التقوى عماد قلبك، وجلاء بصرك، فإنه لا عمل لمن لا نية له، ولا أجر لمن لا حِسْبَة له، ولا جديد لمن لا خلق له‏"‏‏.‏

وقوله في بعض خطبه‏:‏ ‏"‏أيها الناس، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا، فإنه أيسر لحسابكم، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتجهزوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية‏"‏‏.‏

ومن كلام علي كرم الله وجهه في بعض وصاياه‏:‏ ‏"‏لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل، ويقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل بعمل الراغبين، إن أعطي لم يشبع، وإن منع لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل معهم، ويبغض المسيئين وهو منهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت بسببه، إن مرض ظل نادمًا، وإن صح أمن لاهيًا، يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، تغلبه نفسه على ما يظن، و‏"‏لا‏"‏ يغلبها على ما يتيقن، ولا يثق بما ضمن له، ولا يعمل بما فرض عليه، إن استغنى بَطِر وفتن، وإن افتقر قنط وحزن، يخاف الموت، ولا يبادر الفوت، يطاع فيعصي، ويستوفي ولا يوفي‏"‏‏.‏

وقوله أيضًا يخاطب سلمان رضي الله عنهما‏:‏ ‏"‏إنما مثل الدنيا كمثل الحية، لَيّنٌ مَسُّها، قاتل سمها، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها، ودع عنك همومها لما أيقنت به من فراقها، وكن أَسرَّ ما تكون فيها أحذرَ ما تكون لها، فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور، أشخصه عنه مكروه، وإن ركن منها إلى إيناس، أزاله عنه إيحاش‏"‏‏.‏

طائفة من الحكم

‏"‏وجمع بعضهم حكمه رضي الله عنه على حروف المعجم‏.‏

حرف الألف

إيمان الرجل يعرف بإيمانه‏.‏

أخوك من واساك بالشدة‏.‏

إظهار الغنى من الشكر‏.‏

أداء الدَّيْنِ من الدِّين‏.‏

أدب المرء خير من مذهبه‏.‏

أدِّبْ عيالك تنتفع بهم‏.‏

إخوان هذا الزمان جواسيس العيوب‏.‏

أحسن إلى المسيء تَفْسُده‏.‏

إخفاء الشدائد من المروءة‏.‏

آفة الإنسان، من اللسان‏.‏

الإسراف مذموم إلاّ في البِرّ‏.‏

العلم يرفع الوضيع‏.‏

الإنسان، عبد الإحسان‏.‏

العاقل يترك ما يحبّ فيستغني عن علاج ما يكره‏.‏

الناس نيام فإذا ما ماتوا انتبهوا‏.‏

النصح بين الملأ تقريع‏.‏

إذا تم العقل نقص الكلام‏.‏

أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة‏.‏

الحرمان مع الحرص‏.‏

الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له‏.‏

السعيد من وعظ بغيره‏.‏

الإحسان، يقطع اللسان‏.‏

الشرف بالعقل والأدب، لا بالأصل والحسب‏.‏

إذا أفلستم فأقرضوا الله بالصدقة‏.‏

إذا حل القدر، بطل الحذر‏.‏

إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو شكرًا لقدرتك عليه‏.‏

الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم‏.‏

المرء مخبوء تحت طي لسانه، لا تحت طَيْلسانه‏.‏

الجزع عند البلاء تمام المحنة‏.‏

المرء عدو ما جَهِله‏.‏

إعادة الاعتذار تذكير للذنوب‏.‏

الشفيع جناح الطالب‏.‏

أحسن المكارم الجود‏.‏

أفضل المعرفة معرفة الإنسان نفسه‏.‏

أحسن العدل نصرة المظلوم‏.‏

أفضل الناس السخي المؤمن‏.‏

السامع للغيبة أحد المغتابين‏.‏

الأدب صورة العقل‏.‏

القلب إذا كره عمي‏.‏

العداوة شغل شاغل‏.‏

الراحة مع اليأس‏.‏

أكرم الأدب حسن الخلق‏.‏

أكبر الفقر الحمق‏.‏

أوحش الوحشة العُجْبُ‏.‏

أغنى الغنى العقل‏.‏

احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود‏.‏

أكثر مصارع العقول تحت بروق الأطماع‏.‏

الطامع في وثاق الذل‏.‏

إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تُنَفّروها أقصاها بقلة الشكر‏.‏

حرف الباء

الفقير مستسهل الفقر لنفسه، يعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء‏.‏

بشر مال البخيل بحادث أو وارث‏.‏

بشر نفسك بالظفر مع الصبر‏.‏

بالبر، يتعبد الحر‏.‏

بر الوالدين سلف‏.‏

بع الدنيا بالآخرة تربح‏.‏

بكاء المرء من خشية الله قرة عين‏.‏

باكر تسعد‏.‏

باكر السبت والخميس تغنم‏.‏

بركة العمر في حسن العمل‏.‏

بشاشة الوجه عطية ثانية‏.‏

بلاء الإنسان، من اللسان‏.‏

بِرَّكَ لا تبطله بالمنة‏.‏

حرف التاء

توكل على الله يكفك تأخير الإساءة من الإقبال‏.‏

تدارك في آخر عمرك ما فاتك في أوله‏.‏

تكاسل المرء في الصلاة من ضعف الإيمان‏.‏

تفاءلْ بالخير تَنَلْه‏.‏

تأكيد المودة في الحرمة‏.‏

تغافَلْ عن المكروه تظفر بترك الذنوب‏.‏

تزاحم الأيدي على الطعام بركة‏.‏

تواضع المرء بكرمه‏.‏

توقير الأكابر من الأدب‏.‏

حرف الثاء

ثلاث مهلكات‏:‏ بخل وهوى وعُجْبٌ‏.‏

ثلث الإيمان حياء، وثلثه عقل، وثلثه جودٌ‏.‏

ثلمة الدين موت العلماء‏.‏

ثلمة الحرص لا يسدها إلاّ التراب‏.‏

ثني ‏"‏كذا‏"‏ إحسانك بالاعتذار‏.‏

ثوب السلامة لا يبلى‏.‏

ثبات الملك في العدل‏.‏

ثواب الآخرة خير من نعيم الدنيا‏.‏

ثبات النفس بالعدل ‏"‏كذا‏"‏‏.‏

ثبات الروح بالغنى ‏"‏كذا‏"‏‏.‏

ثناء الرجل على معطيه مستزيد ‏"‏كذا‏"‏‏.‏

ثلاث خصال من لم تكن فيه لا خير فيه‏:‏ دين يرشده، أو حياء يردعه، أو خوف يمنعه‏.‏

ثلاث من السعادة‏:‏ سلامة الدين، وسلامة البدن، وسلامة الدنيا‏.‏

حرف الجيم

جد ما تجد‏.‏

جهد المقل كثير‏.‏

جمال المرء في الحلم‏.‏

جليس السوء شيطان‏.‏

جولة الباطل ساعة، وجولة الحق إلى الساعة‏.‏

جودة الكلام في الاختصار‏.‏

جليس الخير غنيمة‏.‏

جليس المرء مثله‏.‏

جالس الفقراء تزدد شكرًا‏.‏

جد بالكثير واقنع بالقليل‏.‏

حرف الحاء

حلم المرء عونه‏.‏

حسن الخلق غنيمة‏.‏

حلي الرجال الأدب، وحلي النساء الذهب‏.‏

حدة المرء تهلكه‏.‏

حرفة المرء كنزه‏.‏

حياء المرء ستره‏.‏

حرقة الأولاد، محرقة الأكباد‏.‏

حرم الوفاء على من لا أصل له‏.‏

حموضات الكلام، خير من حموضات الطعام‏.‏

حرف الخاء

خَفِ اللهَ تأمَنْ غيره‏.‏

خالف نفسك تسترح‏.‏

خير الأصحاب من يدللك على الخير‏.‏

خليل المرء دليل عقله‏.‏

خوف الله يجلي القلوب‏.‏

خلو القلب خير من إملاء ‏"‏كذا‏"‏ الكيس‏.‏

خلوص الود، من حسن العهد‏.‏

خير النساء الولود الودود‏.‏

خير المال ما أنفق في سبيل الله‏.‏

خابت صفقة من باع الدين بالدنيا‏.‏

حرف الدال

دوام السرور بر الإخوان‏.‏

دولة الأرذال، آفة الرجال‏.‏

دار من جفاك تخجله‏.‏

دواء القلب الرضا بالمقدور‏.‏

دار الظالمين خراب‏.‏

دينار البخيل حجر‏.‏

دولة الملوك العدل‏.‏

دم على كظم الغيظ تحمد عاقبتك‏.‏

حرف الذال

ذم الشيء من الاشتغال به‏.‏

ذنب واحد كثير وألف حسنة قليلة‏.‏

ذكر الأولياء ينزل الرحمات‏.‏

ذكر الظالمين في طغيانهم‏.‏

ذل المرء في الطمع‏.‏

ذليل الفقر عند الله عزيز‏.‏

ذكر الشباب حسرة‏.‏

ذكر الموت جلاء القلب‏.‏

ذكر الثناء خسارة‏"‏‏؟‏‏"‏‏.‏

حرف الراء

راع أباك يراعك ابنك‏.‏

رتبة العلم أعلى الرتب‏.‏

رزقك يطلبك فاسترح‏.‏

راع النفس عند غلبات الحمق‏.‏

رؤية الحبيب جلاء العين‏.‏

رفاهية العيش في الأمن‏.‏

رسول الموت الولادة‏.‏

رواية الحديث نسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

رفيق المرء دليل عقله‏.‏

راع الحق عند غلبات النفس‏.‏

رعونات النفس تتبعها ‏"‏كذا‏"‏‏.‏

حرف الزاي

زر المرء على قد إكرامه لك‏.‏

زيارة الضعفاء من التواضع‏.‏

زيارة الحبيب تطري المحبة ‏"‏كذا‏"‏‏.‏

زوايا الدنيا مشحونة بالرزايا‏.‏

زلة العالم كبيرة‏.‏

زينة الباطن خير من زينة الظاهر‏.‏

زهد الغامّيّ مضلة‏.‏

زن الرجال بموازينهم‏.‏

زحمة الصالحين رحمة‏.‏

زوال العلم بموت العلماء‏.‏

زكاة السلطان إغاثة الملهوف‏.‏

زيارة المحبوب تزيد المحبة‏.‏

حرف السين

سرورك بالدنيا غرور‏.‏

سيرة المرء تنبئ عن سريرته‏.‏

سلامة الإنسان، في حفظ اللسان‏.‏

سادة الأمة الفقهاء‏.‏

سوء الخلق وحشة لا خلاص منها‏.‏

سكرة الأحياء سوء الخلق‏.‏

سلاح الضعفاء الشكاية‏.‏

حرف الشين

شيبك ناعيك‏.‏

شرط الألفة، ترك الكلفة‏.‏

شفاء الجَنان، قراءة القرآن‏.‏

شر الناس من تتقيه الناس خوفًا من شره‏.‏

شحيح غني أفقر من فقير سخي‏.‏

شر الأمور أقربها من الشر‏.‏

شمر في طلب الجنة‏.‏

شح الغني عقوبة‏.‏

شمة ‏"‏كذا‏"‏ من المعرفة خير من كثير من العلم‏.‏

حرف الصاد

صدق المرء نجاته‏.‏

صحة البدن الصوم‏.‏

صاحب الأخيار تأمن من الأشرار‏.‏

صلاح الدين في الورع، وفساده في الطمع‏.‏

صبرك يورثك الظفر‏.‏

صلاح البدن في السكون‏.‏

صلاة الليل بهاء في النهار‏.‏

صلاح الإنسان، في حفظ اللسان‏.‏

صمت الجاهل يستره‏.‏

صل الأرحام يكثر حشمك‏.‏

صحبة الأحمق عذاب الروح‏.‏

صحبة الأشرار، توجب سوء الظن بالأخيار‏.‏

حرف الضاد

ضل من عاشر الأشرار‏.‏

ضل من باع الدين بالدنيا‏.‏

ضرب اللسان، أشد من ضرب السنان‏.‏

ضاقت الدنيا على المتباغضين‏.‏

ضمن الله رزق كل أحد‏.‏

ضرب الحبيب أوجع‏.‏

ضياء القلب من أكل الحلال‏.‏

ضيق القلب أشد من ضيق اليد‏.‏

ضاق صدر من ضاقت يده‏.‏

ضادوا الشر بالخير‏.‏

حرف الطاء

طاب وقت من وثق بالله تعالى‏.‏

طال عمر من قصر أمله‏.‏

طلب الأدب، خير من طلب الذهب‏.‏

طوبى لمن رزق العافية‏.‏

طول العمر مع العافية من خلع الأنبياء عليهم السلام‏.‏

طال عمر من قصر تعبه‏.‏

طوبى لمن لا أهل له‏.‏

طاعة العدو هلاك‏.‏

طاعة الله غنيمة‏.‏

طلاق الدنيا مَهْرُ الجنة‏.‏

حرف الظاء

ظلم الظالم يقوده إلى الهلاك‏.‏

ظمأ المال أشد من ظمأ الماء‏.‏

ظلم المرء يصرعه‏.‏

ظلامة المظلوم لا تضيع‏.‏

ظل الأعوج أعوج‏.‏

ظل السلطان كظل الله‏.‏

ظلمة الظالم تظلم الإيمان‏.‏

ظل الظالم قصير‏.‏

ظل الكريم فسيح‏.‏

ظل الملوك ‏"‏كذا‏"‏ أسهل من ذلال الرعية ‏"‏كذا‏"‏‏.‏

حرف العين

عش قانعًا تكن ملكًا‏.‏

عيب الكلام تطويله‏.‏

عاقبة الظلم وخيمة‏.‏

عدو عاقل خير من صديق أحمق‏.‏

علو الهمة من الإيمان‏.‏

عز من قنع‏.‏

عسر المرء مقدمة اليسر‏.‏

عليك بالحفظ دون الجمع من الكتب‏.‏

عقوبة الظالم سرعة الموت‏.‏